Quote: لقد كنتُ فَرحاً مثل سيدتي تماماً ، كأن محبتها متوافقة مع تكوينها الهرموني . أيكون لقاؤنا الحميم منفذاً لمشيئة هيئتنا لحِراك الكون فينا لنُنبت في مزرعة المُستقبل : خلية فاثنتان فأربع فثمانية فستة عشر خلية ثم تتابع ...؟. صدق من كتب : الكون ذاك المجهول !.
05-09-2008, 10:14 AM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
Quote: كنا لا ندري ماذا حل بنا ، أهي لسعة الكون أنستنا أنفسنا أم أن الرغبات الباطنة انتصرت على قيمنا وما نعتقد من خير ومن شر ومن نُظم آمنا بتطبيقها علينا أو ارتضيناها دون تفكير عميق ؟.
05-22-2008, 07:31 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
للعزيز سرندر محبة عظيمة بعِظم الشراكة في الفكر وفي الرؤى ... وسأعود هديتك الثمينة ... ونتقصى مزاوجتها بما أسلفنا من قص فنحن على تنضيد النص متفقان ، وعلى مقاربة الشِعر بما يدور أكثر من أفق ... سنعود لنختار شريطة الوثوق من مفردات النص . لك من الشكر أجزله
06-13-2008, 02:19 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
خفّ الضجيج من بعد وجبة العشاء و مسامرة الأصدقاء ذلك اليوم الحافل . من تحت الأغطية ودفئها استسلمت لنوم الحالمين من البطر . تسللت الأحلام تُومِضُ كليلة من قصص ألف ليلة وليلة :
(أبرق الليل بقمره. أميرٌ في مُقتبل العُمر وفُتوة الشباب وزهوه . خلد إلى النوم مساءً على سريره وفي غرفته أعلى أبراج قصر والده .
هنالك على الصفحة الأخرى من الكون وفي مكان قصي تنام أميرة في غرفتها المُخصصة في قصر والدها . فريدة هي في الزمان وهي وحيدته . ساحرة بديعة الداخل . بزينة العلم والآداب خُلقها . آية من جمال الرسم والوسم . منحوتة من وصف حور الجنان . رأها عفريت من الجن وأعجبه الحُسن أخضراً والجمال آية مُبدعة .فقال لنفسه :
ـ سأبحث لها عن أليف يُكافئها رسماً وصورة ، علماً وأدباً وأخلاقاً ومكانة .
تجوّل ليله كله يزرع الكون جيئة وذهاباً حتى أعياه التسفار ، يفلتُ من الشهُب بجسده البلوري الشفاف المَرِن . جلس على ربوة من بعد جُهد يتفكر ، فأبصر نوراً خافتاً أعلى ربوة بعيدة . نفض أجنحته وطار إلى النافذة حيث الغرفة أعلى البُرج فأبصر مُنيتهُ .
طار فرِحاً إلى الطرف الآخر من الكون واقترب من رواق يُطل على غرفة الأميرة حيث تنام . دخل مرقدها خلسة ونفث فيها من سحره فغرقت في نوم عميق . حملها العفريت وطار بها إلى طرف الكون الآخر حيث غرفة الأمير النائم . فتح باب غرفته على استحياء وأرقد الأميرة بجوار الأمير وتخفى هو من خلف أستار النوافذ يرقب ويشهد لقاء الغريبين .
فتح الأمير عينيه ولمح الأميرة بجواره نائمة نظرها أول مرة وتأملها في عجب . طرق قلبه طارق العشق أول مرة فارتجف . تأملها وهمس في أُذنها وفتحت عينيها وأشرقت الفاتنة بنضارها وهي تتأمل الأمير الوسيم كأنها في حُلم . هبت من مرقدها ونظرت المكان وقالت :
ـ إني في حُلم دون شك !
نظرت الأمير فرجف قلبها أول مرة في العُمر وانتابتها موجة فرح . قضيا الليل كله يتناجيان : هي " سُلافة " وهو " قمر الزمان ". سألها الأمير عن موطنها و وصفت له الأمكنة والأنهُر والغابات والجبال فلم يعرف .عوالمها لا تمت لدُنياه بصلة . مضى الليل سريعاً وهما في محراب العشق بين الحُلم والحقيقة .
بعدها نفث العفريت سحره وتثاقلت جفونهم إلى النوم . تحسسهما العفريت وتأكد من نومهما العميق وحمل الأميرة " سُلافة " وطار بها لقصر أبيها حيث غرفتها وسرير مرقدها في الساعات الأولى قبل بذوق الفجر . صحا الأمير " قمر الزمان " صُبحاً ولم يجد الأميرة بجواره ، لكنه تبين آثارها على فراشه وروائحها تملأ المكان فجنّ جنونه إذ تأكد أنه لم يكن حالماً أمسه . بحث عنها في كل غرف القصر وسأل عنها ولم يعثر على أثر فانقلبت حياته غماً وحُزنا... )
أين أنا من كل تلك العجائب وأقاصيص الأحلام ؟ كنتُ أحيا حياتي وسيرتي مثل أقراني إلى أن جاء موعد عفريت الصدفة أول مرة فخفق قلبي وتشتت ذهني والخاطر . مددتُ يدي لتحيتها أول مرة فخفق حرير يدها ندياً في يدي . نظرت البؤبؤ في عينها اليُسرى و وجدته زورقه عسلي اللون يتجول بألحان مُدهشة . توترت السيدة الضحوك برهةً وارتعشت يدها وغالبت المفاجأة وتبسمتْ ، تُخفي في نفسها ماكان الله مُبديه .
Quote: فتح الأمير عينيه ولمح الأميرة بجواره نائمة نظرها أول مرة وتأملها في عجب . طرق قلبه طارق العشق أول مرة فارتجف . تأملها وهمس في أُذنها وفتحت عينيها وأشرقت الفاتنة بنضارها وهي تتأمل الأمير الوسيم كأنها في حُلم . هبت من مرقدها ونظرت المكان وقالت :
ـ إني في حُلم دون شك !
06-26-2008, 10:54 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
تذكرتها أول الصحو . عند خيوط الفجر الأولى وكأني أتحدث إليها: ساحرة أنتِ تأسرين الجالس من حولكِ . حلاوة الطباع بدعابة هنا وطُرفة هناك وضحكة يهتز لها الصدر الطامِح . جسد بجاذبية تميد القلوب التي في الصدور وتهوي الأنفس في قيعان بلا قرار. كنتُ أحس جاذبيتكِ سيدتي من لمحة أو نظرة أو اتكاءه تُغطين وجهَكِ بثوب يشف ما تحته برهة لنوم قصير على رتابة حِراك القطار حين يُهدهد المستغرقين في ساعة راحة . كنتِ سيدتي نفس تُشِع وجسد أخضر العود طري يأتمران ضدي فتتخيرين أنتِ منطقة رخوة ، تبدئين تحييد مشاعري ساعة اندهاشها ثم يفعل السحر فعله . تنثرين الطيب المدفون في رغوة الأنوثة الطافحة فتنهار القلاع وتعدو المقاومة لحظات ثم استسلام مُبين . لشخصك سحرٌ رمادي اللون ، هلامي لا يعرف المرء كيف نشأ وكيف صار مُتعملقاً بتوهجه . أهو الجسد المختبئ الذي نُكمل تفاصيله نحن بخيالنا الجامح أم ملامح الوجه الأرستقراطية التي تكشف عن سيرة ملكة من ملوك الزمان لبست ثوب عصرنا وتَخَفت لتنهض أمامنا ذات زمان وننعَم من جنان الكون عندما ينتشي سعادة ويمنحنا فسحة في جنانه ؟ أنتِ ندية العاطفة . تنمحي الفجوة بينكِ وبين الجميع منذ أول اللقاء . تغرز المحبة أنيابها ويحسبها المرء سكرة المقابلة الأولى ولكنها كاريزما عصية الفهم . الروح الساحرة التي تلتف من حولكِ ، تخرج من جسدك فواحة : كأننا نعرف بعضنا منذ النشأة الأولى... قبل دهور من مولدنا . دقائق نفسٍ لا تُرى . أحسها وكأني غاطس في خمر الحضور . ما بين الحكاوي التي كنا نطوف عليها أحس أن لكِ سيدتي رأي عميق متوهج ، تقفين بعيداً عند الخلاف تنثرين رؤاكِ وتقولين :
ـ هذا ما أرى .. و " انتو مَخيرين "
فتنهزَم الغلظة ويتفتت صخرها . وتخامرني الشكوك في موضع اليقين . كل سطح لمَّاع يسترعي الانتباه يُلقي أطيافه فترتج رهافة الوجدان وتنطفئ ملكة التمييز ، وحين بلغت من التأثير مُنتهاه " افتُتِنتُ " ، وتلك يقولون عنها ساعة خمود المناطق العليا في الحياة النفسية وإذعان الإرادة والذكاء لما يُمليه الشعور ، ومناطقه الخيال والميول وقابلية الانفعال والتأثر والحساسية وجيوش الذكريات عندما تغزو . حدقة العين مِنكِ سيدتي : سطح لماع ، تمد الحياة النفسية الحارة بلمعانها، فكلما اشتدت حرارة العواطف وقوة الأفكار ومتانة العزم ، ازداد لمعان الحدقة بكُحلها الطبيعي . يتموج زورق ألحان العين بألوانه القُزحية فلا يعرف العاشق مني أي لون هو .
ونواصل
**
07-04-2008, 05:35 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
هو الجسد المختبئ الذي نُكمل تفاصيله نحن بخيالنا الجامح أم ملامح الوجه الأرستقراطية التي تكشف عن سيرة ملكة من ملوك الزمان لبست ثوب عصرنا وتَخَفت لتنهض أمامنا ذات زمان وننعَم من جنان الكون عندما ينتشي سعادة ويمنحنا فسحة في جنانه ؟
01-30-2009, 06:10 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
ضوء شمس الصباح خافتٌ . لونه بلا حرارة من شدة البرد . تجمعنا من بعد الصحو نستدفئ من نار موقد شاي الصباح . علمنا في العاشرة أن اليوم عطلة . وعلمنا صدفة أن سيدتنا الضحوك قد أثقل عليها غطاء الشتاء فقد خرجت برفقة زوجها مساء للتنـزه في سوق كريمة . ضامرٌ هو ذلك السوق . بضاعة مصنع كريمة لتعليب الطماطم لا غير . وبضائع أخرى كما هي عندنا في العاصمة ولكن مضى عليها الزمان فهي تحيى في أسواق الأرياف . لا أحد يشتغل بالعُمر الافتراضي للبضائع .
أُصيبت سيدتنا البهية بزكام حاد والتزمت السرير بغرفتها . قُام بعضنا بزيارتها خلسة من وراء الباقين . أنا و يوسف وبكري والسراج . استأذنا الأستاذ المشرف للزيارة . شكرنا بتكلُف وقال إنها لم تتعود مثل هذا البرد وليس من حمى وذلك من علامات الخير. رشحٌ وانطلاق صنبور الأنف . فُوجئت هي بنا نتحلَّق على سريرها . خفف عنها السراج بقوله :
ـ نسوان الشوايقة الظاهر عينهُم حارة ..
ضحكت بصوت مبحوح تُخفي قبضة ألمٍ في الصدر . فخفق القلب من وجعٍ وأشفقتُ عليها . تلعثمتُ حين التقت العيون ببعضها وكستني الرفقة ورداً من خجلٍ ، ورِقَّة لم أعهدها كثيراً في طبعي . جلست على حافة السرير ، أسألها عن احتياطات السلامة بصوتٍ حانٍ . عيونها مُحمرَّة و وجنتاها حمراوان . تحركت مشاعر أليفة من أمومة مسروقة من الماضي البعيد . تفقدنا حاجياتها ، وذهب يوسف لإحضار الورق الصحي . الشاي الأحمر و قطرات من عصير الليمون ، " فيتامين سي" الفوار و"البانادول " تُخفف وتعتني . سألتنا بلسان الجمع عن أحوالنا ، فقلت أنني والجميع بخير . صدرونا قد تعودت لفحات برد هذا البلد ، ولدينا للشتاء عُدته !. قالت : ـ وما عُدته ؟ قلت : ـ أغطية كثيفة و" شربات " أهل البلد . ضحكتْ
لم يهزم الرشح حلاوتها أو يُطفئ نضارها . ولم تستطع اللفائف الثقيلة أن تقيها عيني الإشعاعيتين ، فرأت عيناي الجسد المجدول من تحت عباءات الأستار . ولا عينُ أخرى رأت ولا خطر لأحدهم ذلك الفعل النوراني العاشق وقد تلبستني أقدار الأساطير أن أنبو من غلظة كل الحواس وألامس إشراق الأرواح التي ترى ولا يراها أحد . تغشاني نورها المخبوء عن الجميع . واستدفأت منه . خففنا الزيارة وبثثنا السرور في روحها من كدر الرشح واكتئاب الوحدة القسرية . غادرنا غرفتها ، والتفتُ على عجل وقد انشغل زوجها بردود أضيافه فأرسلتُ قبلةً على الهواء فانفتحت حدقتاها من الدهشة والفرح .
ونواصل
*
02-01-2009, 04:33 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
Quote: ضوء شمس الصباح خافتٌ . لونه بلا حرارة من شدة البرد . تجمعنا من بعد الصحو نستدفئ من نار موقد شاي الصباح . علمنا في العاشرة أن اليوم عطلة . وعلمنا صدفة أن سيدتنا الضحوك قد أثقل عليها غطاء الشتاء فقد خرجت برفقة زوجها مساء للتنـزه في سوق كريمة .
02-01-2009, 05:57 PM
ياسر الامير ابوجكة
ياسر الامير ابوجكة
تاريخ التسجيل: 08-06-2007
مجموع المشاركات: 9
لو كنتُ شققت الغيب آنئذ ، راقبت الرحباني الصغير ينمو في قلعة أبيه لعلمتُ أن ( كيفكَ إنتَ ) تتنزل من سماوات المُستقبل قطرة لأُراضيها وأنزع بسمة تشُق طريقاً وعراً من وعكة و ددتُ أن لو تخيرت من كل الذين قضوا معي نزهة عُمرٍ ليتحملوا عنها هذا العفريت الذي نشب أظافره في صدرها الحاني ، بالقُرب من الخافق الذي أحسُ به في كل شهقة عذاب . لو لم أكن قد زرتها لفقدتُ صوابي ، فزهو الشباب يرتج بعنفوان لا يسمح بالحلول الوسط ، ولا يرضى بالتقاسيم البطيئة للحياة . كُنا نضارها وبلسم شفائها بسمة تشق طريقها من نور القلب إلى عين يقين العافية فتبلغ الجبال طولا . كنتُ مأزوماً بخاطر . غيرت ألوان الهرمون وجهي و بِنيتي . وكنتُ مخموراً بحبٍ جارف لم أدرِ لِمَ لم يلحظه غريمي " زوجها " . أتترُك النشأة التقليدية تلك اللفافة الخشنة من المشاعر التي لم تعرف طريقها لوجدانه . تبسمتُ أني بخير . هو حاذق مهنته ، وأنا حاذق ألملم ورد العشق وأقصف به مزهرية فاتنتي الضحوك النضرة الباهية ، لتتورد من بعد بالعافية وتعود أيامي الجميلة تتبختر في ، وأنا بجانبها نتجاذب غناء يشبه الهمس ونحن في طريقنا لنرى فلتات الأجداد في ماضيهم الناصع كيف أقاموا من الجزوع البشرية رافعات ، ومن الأيادي قبضة حديد لتهب الأثر روحاً . ظلت تلك الروح تُنادينا عند كل لمحة ونفسٍ ونحن نُبصر ملياً فالبصيرة تحتاج زماناً لتقوم أضلعها ويستبين حفرها . كنتُ فرِحاً أتقافز من نشوة أنها بخير . ستنام ما سيتيسر لها من نوم العافية من بعد " الكودايين " المغموس في الشراب المُضاد للسُعال . ستسكر من خمرٍ مَشروع ، وستسترخي في راحة وتفعل .
Quote: لو كنتُ شققت الغيب آنئذ ، راقبت الرحباني الصغير ينمو في قلعة أبيه لعلمتُ أن ( كيفكَ إنتَ ) تتنزل من سماوات المُستقبل قطرة لأُراضيها وأنزع بسمة تشُق طريقاً وعراً من وعكة و ددتُ أن لو تخيرت من كل الذين قضوا معي نزهة عُمرٍ ليتحملوا عنها هذا العفريت الذي نشب أظافره في صدرها الحاني ، بالقُرب من الخافق الذي أحسُ به في كل شهقة عذاب .
04-20-2009, 01:22 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
لو لم أكن قد زرتها لفقدتُ صوابي ، فزهو الشباب يرتج بعنفوان لا يسمح بالحلول الوسط ، ولا يرضى بالتقاسيم البطيئة للحياة . كُنا نضارها وبلسم شفائها بسمة تشق طريقها من نور القلب إلى عين يقين العافية فتبلغ الجبال طولا .
04-22-2009, 04:25 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
Quote: كنتُ مأزوماً بخاطر . غيرت ألوان الهرمون وجهي و بِنيتي . وكنتُ مخموراً بحبٍ جارف لم أدرِ لِمَ لم يلحظه غريمي " زوجها " . أتترُك النشأة التقليدية تلك اللفافة الخشنة من المشاعر التي لم تعرف طريقها لوجدانه .
04-22-2009, 03:41 AM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
في بُستان الرواية هنالك ضيف رفيق على الزهر يشتمّ ولا ينـزع . سيدتنا في رفيق حديث الشعر و النثر : ألأستاذة / سمية الحسن طلحة
نقطُف من لغة الدكتور مبارك بشير سليمان الشعرية كيف تسير الريح في جوف العتامير ؟ هكذا تبدأ المحبة دون إذن من أحد و دون ميقات ودون ترتيب أشياء . القمرُ عندها ليس بقرصٍ مُضيء ، بل مصدر إيحاء . ففي بطن الذكرى تتداخل كل تجاربنا الإنسانية . نستعيدها ، ونُعيد ترتيب السرد من زوايا أُخر . الزمان والمكان وعاء . العاطفة عندما تعصُف ، تهُز أشجار النفس وتُحرك أشجانها . كم عاشق قرأ أوراده بتفكُر فتزلزلت نفسه من عميق غور المعاني . يُفسح الترداد مكاناً في جسم الذاكرة ويتغير البدن . لن تُنال الجوائز إلا بالصبر . قُل الخير كله فاللسان يُرطبه القول الحَسن .
قال قائل : ( إذا كنتِ تحبينني فإني أملك كل ما أريد .) وحدها الأنفاس تتحدث لغتها ، لا الصورة تمتلك الحدث ولا الزمان والمكان يُسجلان العبور . إن العشق يرحل من بعد سرعة الشُعاع . القلب يحس ويرتجف وبصائره تحسُ وتنفعل . الشِعرُ يملُك زمام المُبادرة ، يضرب الكون بإشعاعاته ويتجول الأمكنة البعيدة السحيقة . يكتُب أننا كُنا نشترك اللحظة الهاربة ، وقد أمسكنا بها . كنا نتفق أن الأنجُم في المجرّات تتحدث عنا . وأن الفجر الدامي يُحاكي المياه الحمراء التي تجري حُرة في شراييننا . بدأ اليوم الجديد بنيل سيدتي عافيتها . عاد الضحك مُجلجلاً والغمازتين تلهِبان مواجع الغرام . عادت السيدة مُتربعة في ملكوت المحبة . خرجنا للنُزهة ثلة من الرفاق ورفيقات الدراسة والعُمر . كانت هي بيننا . نتعرف إلى السوق . سوق الأرياف وملامح البائعين . خطوط على خدود الكبار وشم القبيلة . طيبة تغمر كل من تلقاه . بالبِشر يلتقون بنا . حزمة أسئلة في العيون . لا تقوى الألسُن أن تتفوه بها .
وقفنا أمام سيدة تجلس في مقعدها ومن حولها مجموعة من الأغطية والأطباق مصنوعة من سعف النخيل . ملونة مُزخرفة . متنوعة الأحجام . تذكرت كيف اتصل الوطن الواحد شماله بأرجائه . أذكر سعف النخيل في أغنيات أم درمان القديمة التي تزف العروسين . وأذكر جدة لنا كنا ندعوها في طفولتنا : ( حبوبة النخيل ) . امرأة بشوشة صديقة تُحب الصغار ، وتحمينا دوماً من غلظة أهلنا في التقويم والتربية . كانت حميمة رءوفة كعمّتنا النخلة كما في الأثر المنقول .
إن النخل يضرب بجذوره في الوجدان . التمر بأنواعه . حفيف السعف مع الريح ، صوت من أصوات الرزق الممدود . التففنا حولها نتسامر . و كُنا مشدودين لطعم الإمالة في لغة الشايقية التي تُميز أصحابها . مسحة حنين لا تغيب عن الأسماع .
ونواصل
*
05-08-2009, 07:38 AM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
قلتُ أصف محاسن الزمان الذي أعادني للحياة فأحببتها : أخذتني الدُنيا إليها دون أن أحسب أن الوصال قد هبط من طيف أحلامي لكف يدي ولمستُ يديها ونحن في انشغال حديث الرفاق ولم يدر أحد . ذهبنا بعيداً عن الجميع وتعللنا بما يمنع السؤال عن غيبتنا أنّا تطول . صحبتُها . نبدو في صورتنا ونحن نسير معاً قالباً من كريستال مُزخرف بألوان الشباب . نصفٌ يُكمل نصفه الآخر . لا يستغرب من يرانا سائرين . اليد تُمسِك بالأخرى . كأن اليد تعرفني منذ ميلادي . ارتجفتْ وأجفلتْ اليد بتهيُبٍ تخاف هي النظرات الشاردة و هيبة هذا التلاقي المُربِك . لذةٌ ولسعات نحل العسل . ولم تزل نظرات الذين ينظروننا كسائحي المُدن ، لا نستحي ولا نحفل بنسر التقاليد يتطاير من العُيون . دخلنا محلاً للحلي الذهبية . استقبلنا القائم على الأمر على عجل واستفتح بالترحيب . ثم السؤال : ( من أي مكان أنتم ) حتى يتخير سكين الذبح التجارية التي تُناسب . تركتها تلتف معه في حديثٍ مُلتوٍ لم يفهم منه كثير شيء . وأخرج عُلب الحلي ، وصار يُعرِض عليها واحداً واحدا . جلست في مقعدٍ وهي عادة الذين يحضرون : الأنثى تختار و تُفاصل ، والرجل يلُف الجلباب الأكبر إلى آخر ناعمة خيوطه حيث المحفظة لدفع الأثمان . جلستُ وتمهلتُ ثم استفتحت أنظر ألبوم الصورة الضوئية المُتألقة من ورقها اللامع الثقيل كانت أحضرته سيدتي معها ذلك اليوم . كانت قد وعدتني من قبل أن تُحضر شيئاً يُدهِشني . هاهي في زينتها الطبيعية طفلةٌ بإطلالة مُدهشة كأنها تنظر الكاميرا ككائن خُرافي تراه أول مرة . ـ أين هي يا ربي من حزمة الصغار الذين أراهم في الصورة التي أمامي ؟ أنظر إليها وأنا جالس فيرتسم جسدها من الخلف تمثال مرمر يتلوى ، فتركتُ ألبوم والصور وتأملتُ هذا الكفل الليّن ينفلتُ من وقاره فتستبين استدارة أهوائه وغرائبه . لغة أخرى يُحادثني بها هذا الجسد الصقيل الذي تتقاذفه سهام المُحبين والمُريدين وأنا .سيدته في شغلٍ شاغل مع الحُلي والنقش والمُسميات المُستحدثة التي تردُ من معاجم المهاجرين عند قدمهم الوطن بجمر الاستهلاك ومسمياته الغريبة وفتحوا الأذهان على نمط استهلاك لا قبل على العامة به ، فكسروا سُلم الأولويات !. التفتت السيدة من مقامها ذاك تنظرني التفاف الدُمية المطاطية اللّدنة الناعمة . كأنها أحست بنظراتي تغرز سكاكين الرغبات الدفينة في اللحم المجدول . لا الثياب الرحبة تُخفيه ولا خيالي الوثاب نائم عن الصور المُبهجة : كيف يرى المرء من خلال الحُجُب . بنصف ضحكة نظرتني وهي تقول : ـ إحنا في شنو وإتَ في شنو !
ونواصل
05-26-2009, 10:14 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
بضحكاتها المُختبئة حيناً ، عرفت أني قد تخيرت أفضل مكمنٍ لأستريح دون رقيب. تبدأ والمُجلجلة بالبشر حين تمتد ثم تتكسر . تحكي لنا كيف كانت في طفولتها وشقاوة تلك الطفولة بين أقرانها وإخوتها . نحن نمرَح وغريمي تُربكه أريحيتها . ندى الحديث ودفء العواطف المختبئة تُشغل باله ، فينتـزعها من قلب بُستان الأنس مُتعللاً بألف سببٍ وسبب . لم أشعر يوماً إلا بأخلاط العواطف نحوه : أراه عنكبوتاً يمشي في رقبة أو ظل شاحنة نقل ضخمة تُلقي بظلالها وأنت تعبر الطريق . خوف وتردُد وأخلاط مشاعر أشدها قسوة على نفسي أن أراه رفيقاً في لُحمة الجسد كوباء أو حمى أو سياط تُكفّر عن ذنوب أُمة أوغرت صدر الإله .
أخفيت مشاعري في بئر نفسي وفي وحدتي حين أصفو لنفسي ، وأطرد كل الشوارد تلثمتُ أن ربما نلتقي من وراء الدروب الوعرة من خلف نسر المجتمع المُحافظ ، تطلُ مخالبه في وجهك كلما رفرفت الروح بالبشائر . ورمى النرد رامٍ يعرفُ أن للشوق أن يُبحر من ضفاف الشعر والنثر وتفتحت نفسي لأن فيها توق إلى الهمساتٍ وإلى اللمسات الوريقة والكُتب .
علمت من رفقتها أنها تحب من دون كتاب العربية اللبنانيون . قالت لي أن أباها كان يقضي عطلاته في بيروت وتذكر فسحة الخُضرة التي تكسوها وتُفتِح القرائح للعقول أن تُزهر .تقرأ هي لجُبران خليل جبران و أمين الريحاني و عيسى اسكندر معلوف وأحمد فارس الشدياق و فواز طرابلسي و سعيد عقل و وضاح شرارة وبطرس البُستاني وقطوف في بساتين متنوعة اللغة ، شعراً ولفائف مكنوزة بحليب الحياة في اللغة المكتوبة . غاصت في تاريخٍ ناصع الدروب . وعرفتني بكُتاب رقيقي الحال . قالت نسيت حُزمة كانت تقرأها في أوقات الفراغ وجاءت الرحلة بزكائب الطعام المُجفف ، والبهار . وأنا أتلصص الأوراق القديمة حين أحيتْ زهرتي مياسمها لتُغري الفراش لنقُل حبوب اللقاح أو الرياح .
ونواصل
07-25-2009, 06:22 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
لن يمر العُمر كما يمرُ هادئاً أو عاصفاً أو هازئا أو مُدهشاً كما تم في تلك الأيام المُخضرة المورقة . كانت الدُنيا غير الدُنيا التي نحيا . خروجنا عن المألوف حينها صار اليوم مُعتاداً . وكسْرَنا رتابة الحياة صار اليوم تهشيماً لتلك الحياة . العواطف الرحيمة كانت تُطل من الأعيُن ، وطلاقة الهوى كان مُتسربلاً بكساء مُجتمعٍ مهما فررنا من قلائده فهو شاخصٌ ينظرنا ، يُلبس الجياد رداء الجمال في نظره ، وكنا كأننا نسخر . يُمسك هو خيوط ألاعيبنا ويهادن حيناً ، ويراوغ أحياناً . السيدة الضحوك هيَّ بؤرة كل هذا الكون الذي تبدى لنا ونحن نتشكل أجساداً وعواطف . رطبة الحديث إن كنت في صحراء نَفسِكَ . تُثلجُ الصدر إن كنت في لفحة الحرِّ اللاهث . تنثر رياحين الحديث وطيب المعاشرة وود البراءة فتعرف أن الدنيا لم تزل بالخير الذي استوطن النفوس . كانت نوازعنا الشريرة بمقاييس اليوم شقاوة البراءة . بمثل ما خط الشاعر عالم عباس محمد نور أسطُراً من شعره ، بمثل ما أحسست :
لعلّ الحريق الذي شَبَّ في جسدي ، لم يكُن جذوة من فؤادي ، وليس الرماد الذي قد تبقى ، رمادي ، ....... لعل الجياد الشَموسة ، والتي تركُضُ الآن في الأفق ، حقاً جيادي ، وأن البلاد بلادي !
*
07-26-2009, 11:09 PM
مامون أحمد إبراهيم
مامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380
Quote: بمثل ما خط الشاعر عالم عباس محمد نور أسطُراً من شعره ، بمثل ما أحسست :
لعلّ الحريق الذي شَبَّ في جسدي ، لم يكُن جذوة من فؤادي ، وليس الرماد الذي قد تبقى ، رمادي ، ....... لعل الجياد الشَموسة ، والتي تركُضُ الآن في الأفق ، حقاً جيادي ، وأن البلاد بلادي !
08-26-2009, 07:46 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
Quote: لن يمر العُمر كما يمرُ هادئاً أو عاصفاً أو هازئا أو مُدهشاً كما تم في تلك الأيام المُخضرة المورقة . كانت الدُنيا غير الدُنيا التي نحيا . خروجنا عن المألوف حينها صار اليوم مُعتاداً . وكسْرَنا رتابة الحياة صار اليوم تهشيماً لتلك الحياة .
شقليني يا لتداعي الزكريات ويا لهذه الضحوك ؛ لقد شغتنا حبا يا صديقي بهذا الحكي المتسربل برداء الزكريات .. لم اكمل ولكن حتما متابعة هذا الرفيف الدافئ ... اصلا تعجبني عباراتك الانيقة ولكنها الان تاخذ ابعادا اعمق وحوارات الانوثة والذكورة الغير عادلة استمر يا صديقنا القديم ...
10-03-2009, 08:35 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
Quote: شقليني يا لتداعي الذكريات ويا لهذه الضحوك ؛ لقد شغتنا حبا يا صديقي بهذا الحكي المتسربل برداء الذكريات .. لم اكمل ولكن حتما متابعة هذا الرفيف الدافئ ... اصلا تعجبني عباراتك الانيقة ولكنها الان تاخذ ابعادا اعمق وحوارات الانوثة والذكورة الغير عادلة استمر يا صديقنا القديم ...
السيدة النبيلة التي طرقت كل الينابيع ، واختارت الفن الصراح : تتدحرج من ألفة السنين :
كثيرون يرون أن الغوص في حبائل النفوس في واقعها الذي تعيش ، ومن أحلامها التي تتأمل ... يبقى الكثير الذي ينبغي أن نعرفه . إن الحياة عالم قص مُضيَّع ، كما هي الحياة عندكم : مسرحية تتكثف عُقدها وتنحل لتتكثف مرة أخرى وتنشر في غسيلها الأعاجيب ....
لك الشكر أن كنتِ بيننا . لتقرئي بتمهل ، فقد رتبت ترقيم الحكاية ليكن الأمر سهلاً .. ولم يزل في الكأس باقٍ .
كم عاشق قرأ أوراده بتفكُر فتزلزلت نفسه من عميق غور المعاني
إلى شاعرة البطانة: الأستاذة / سمية الحسن طلحة
تحية موفورة ومكنوزة بالود ، وأن تُصبِح أيامَكِ ناضرة بهية ، كلها آمال لتتحقق ، .. اليوم أنتِ بيننا هنا . إن القص قد تخير حيوات منثورة في الطين ، مُشتتة على الرمال ، مسكوبة في الماء الذي يجري به النهر . إن الحياة التي نحياها هي كما يقول أصحاب القص : ( قص مُضَيَّع ) ..نقطف منه ما نشاء ونُلملِم أشتاته و نُجري على شخوصه أقوالنا وأعمالنا ، نصعد قمم القص ، ونتدحرج إلى سفوحه المُنخفضة حيث الينابيع ...شكراً لكِ أن كنتِ معنا
*
10-10-2009, 08:42 AM
عشة بت فاطنة
عشة بت فاطنة
تاريخ التسجيل: 01-06-2003
مجموع المشاركات: 4572
Quote: إن الحياة التي نحياها هي كما يقول أصحاب القص : ( قص مُضَيَّع ) ..نقطف منه ما نشاء ونُلملِم أشتاته و نُجري على شخوصه أقوالنا وأعمالنا
أستاذي عبدالله الشقليتي يهدينا دنياوات قص نقتطف منها مايروق لدنيانا ولشدة سخاء المضيف ، كأننا نحن أرباب المنزل وهو الضيف ... بيد أن عادة أهل البادية لايقدمون للضيف الطعام الذي أحضره معه إلا إذا لم يجدو أحسن منه ، ففي هذه الحالة يقدمون له ماجاء به على إستحياء مقدمين بين يديه المقولة : ( خيرك ما يتبالى بيهو غيرك )
لك التحية والإحترام .
10-14-2009, 05:58 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
Quote: أستاذي عبدالله الشقليني يهدينا دنياوات قص نقتطف منها مايروق لدنيانا ولشدة سخاء المضيف ، كأننا نحن أرباب المنزل وهو الضيف ... بيد أن عادة أهل البادية لايقدمون للضيف الطعام الذي أحضره معه إلا إذا لم يجدو أحسن منه ، ففي هذه الحالة يقدمون له ماجاء به على إستحياء مقدمين بين يديه المقولة : ( خيرك ما يتبالى بيهو غيرك )
لك التحية والإحترام .
الأستاذة / الشاعرة / سمية الحسن طلحة ،
لا يقدر النثير وإن تلألأ أن يصعد مراتب الشِعر ومرابع الشعراء . أهلاً بكِ : السماط ممدود ، والذبائح لا تنتظر .
*
10-14-2009, 08:23 PM
بله محمد الفاضل
بله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617
لسنا أنبياء زماننا ولم نكن إلا مثل كل الذين نهضوا يمشون برجلين . تتجاذبنا المشاعر المنطلقة . فينا نبتت أشجار الخطيئة ، وفينا مدت أشجار السماح جذورها ، نتقاسم الطعام مع الملائكة حيناً ، ومع صغار الشياطين أحياناً . كُنا في زهو الشباب ، وعنفوان خميرته . سألت نفسي كثيراً :
أ أنا على الصراط بيدي شمس وفي الثانية القمر ، ومن يسألني أن أترُك هذا الأمر ؟ وإني لستُ بتاركه . ولا الكرز المسور بالنار يُبعدني عنها ولا " القسمة " تُعجزني . كانت سيدتي هي الأفق الأعلى والنُجيمة الواحدة ، تتربع في كوني . أعلم أني أشقيها ، فهي متنازعة بين أكثر من هم . فلستُ في باطن نفسها نزوة ، ولستُ قديساً تزفر بالدمعات تاريخها طلباً للمغفرة . فأنا عاشق رمى نرده أمام الأقدار وطرق أي الدروب أقصر لروما ، وجاءتني في الرمية الثالثة . صورتها كأنها عاشت معي طفولتي كلها ، ترقب كدري وشقاوتي ونزواتي وهي جالسة تتأمل . كأن في راحة يديَّ تقرأ تاريخي . تعرف خطرات جنوني عندما نتلقف الخُطوب ، ونزدري البلايا ، ونلعق العسل في مضارب النحل ، أتحمل اللسعات بصبر.
هذا الموعد العاشق في مدار العُمر ، لن ينتهي بطلاق المكان أو الزمان . فجرثومة الحياة قد عبرت كل تاريخنا القديم وأقبلت ، وركبت معنا قاطرة العُمر . التقينا ، وكان أمام نرد الحياة ألف سبب لكي لا نلتقي . وها أنا التقيتها . أعرف أن موعدي ليس في الجولة الأولى ، فقد قبلت الرهان وأنا شبه خاسر . سأقيم الدُنيا ، لأن دبيب العُمر لا يرحم من يترجل عن موعد الأمل . ونواصل .
**
10-15-2009, 05:14 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
خرجت عصر يوم من تلك الأيام الباهية . وفي عينيّ مصلوبة قلادة نظرتها في جيدها فتوَهْجتُ بحنين دافق . قلتُ لنفسي أني أريد النهر ، أعانق أشواقي بمياه النهر ، وأمسح جسدي بطمي هذا الوطن الذي تمدد بطول النهر في عبوره التاريخي القديم . الزبدُ يحمل عرائسه الخشبية في موسم الخريف إلى الشواطئ . الطمي الأسود الداكن يُسمِّد الأطراف . ينحت من شاطئ ويرمي بأحماله على الشاطئ الآخر . للزراع أن يختلفوا أو يتفقوا ، ولكن غواية النهر ليس لها آخر .
سرتُ هذا اليوم وحدي . خرجت عن الطوع ، وزرعت دربي بالأشواك حتى لا تتبعني أرجلٌ حافية . شققتُ طريقي بين الطرق الوعرة إلى النهر . في أقرب يابسة حللتُ عُقدة من لساني . صرخت بملء صوتي ، وتتبعت الصدى يرنُّ هنا وهناك . علمتُ أني وحدي ، أنا والشمس تنكسر في قرصها البرتقالي إلى المغيب . نزعت كل ملابسي وبقيت بأقلها . ومشيتُ حافياً ومسحت الطين الأسود الرطب البارد على اليدين والرجلين والصدر والوجه . إنها الأيام الأولى تعود إليَّ بطفولتي عندما طفح الجُدري الكاذب يملء جسدي . بقيتُ أسبوعاً مصبوغاً بالطمي الأسود ، لم يكن في ذلك الزمان أطيب من الشفاء بالطين الأسود . نزلت إلى الماء البارد وسبحتُ وصرتُ إلى نصف الصدر . خفيفاً صار الجسد على الماء . واغتسلت من كل ما بي من عتمة ، وتوهجتْ صورتها أمامي وتوسطت قُرص الشمس البُرتقالي ، وضحِكتْ . ورنَّ صوت يجلجلُ في ذاكرتي السنارية بصوت الشاعر محمد عبد الحي : اليوم أقبل فيكِ أيامي بما فيها منَ الرُعبِ المُخمِّرِ في شراييني وما فيها من الفرح العَميق . اليوم أُقبلُ فيك كلَّ الوحلِ واللَّهبِ المُقدسِ في دمائِكِ ، في دمائي أحنو على الرملِ اليبيسِ كما حنوتُ على مواسمكِ الثريةِ بالتدفُق والنماءِ وأقولُ ، يا شمسَ القَبول توهَّجي في القلبِ ، صفيني ، وصفي من غبارِ داكنٍ : لُغتي غِنائي ....
*
12-30-2009, 09:02 AM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
ها نحن في برزخ ممدود نرجو قيامتك وبعث الأمل وكل الأمل يصبح حياة وكل الحياة تصبح سعيدة و كل عام وأنتم بخير
سيدة الحرف الشعري البهي : الأستاذة / سمية الحسن طلحة تحية طيبة وود كثير لم يكن صباحَكِ إلا مشرقاًتحت شمسٍ مُقمرة ، هينة الضوء . هذا يوم الفأل الحسن ، ومرامي الرغبات .
كتب الشاعر : الهادي آدم :
و غداً تأتلق الجنة أنهاراً و ظـــلا و غداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولى وغداً نزهوا فلا نعرف للغيب محــلا و غداً للحاضر الساجد نحيا ليس...إلا قد يكون الغيب حُلواًإنما الحاضر أحــلى
كم هو طويل الباع مبوء بالأمل .
*
02-13-2010, 11:32 AM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
لن يقدر الورق الندي إلا أن يلتف من حول أغصان الزمان . يتنفس أكسيد الحياة . متقلبةٌ هي بين الأفراح وبين أحزان تُجرجر أرجلها حاسرة ، خاسرة .... الرائع : محمد كرم الله ،،، وللأغنية قصة ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة