|
Re: لـوحة عـلى النـافِـذة .. ! (Re: هشام الطيب)
|
[2] آه تذكرت ساعتي لازال وقتها مُتَقدماً بدقيقتين أو ثلاث ، ستأتي إذاً يا صاحبة الظِل الليلي الجميل تَحملين الضوء في عينيك ، وتدهشين القمر الحـزين. تأتي كما الشمس في الصباحيات الشتوية تغمرُ الأرض بالدفء يأتي ظِلها تغمره النشوة ليلاً ، يأتي في موعده دائماً ، التاسعة مساءً ، كانت تُشرع أبواب النافذة قبل أن تفتح أضواء غرفتها كأنها تعلم بوجودنا ، أنـا و أمنياتي تقفُ بجواري والقمر الحزين الذي لم يكُن في حضرة ظلها سوى قطعة رمزية تزيِّن اللوحة خارج إطار النافذة . أراقب ظِلها المنعكس على ستارةِ النافذة ناصعة البياض ، أراه بوضوح. الآن يَرتمي ظِلها مستقيماً يهمسُ للأشياء من حوله ، الطاولة ، أوراق الدراسة ، الكُرسِّي ، إكليل الورد على حافة العين حيثُ تكتمل تفاصيل لـوحَتي الظلِّية . يَتعرجُ ظِلها عند وصوله لستار النافذة يَبدوا جميلاً مشهده وهو يقاوم حِدة الأضواء المُنبعثة بقوة . كانت عند كل مساء تفتح نافذة غرفتها ، لكنها لم تُسدل ستارها الأبيض أبدا ؛ هذا الستار لم يُسدل إلا في فصل الصيف مرةً وفي أحلامي السعيدة قديماً مرةً أو مرتين تقريباً . تكون الساعة التاسعة وسبع دقائق على حسب توقيت ساعتي حينما يبدأ مُقدم برنامج (العُشَاقْ هـذا المَسـاء) في النعيق على مذياع حُجرتها ، يأتيني نعيقه عبر نافذتها صاخباً ليبدد نشوتي وتأملي .. فأتذمر .. - تباً ؛ هذا الصوت يُفسد "لوحتي" دائماً ! تبدأ اللوحة في النعاس أمـام عيني كلّما ظَل ذلك الوغد يُثرثر بصوته الكئيب على سماعة المذياع ، يَكون ظِلها قد ملّ حديث العشق بسبب الصوت النشاز . يَتحرك ظلها يَجول حـول غرفتها ، يفصحُ عن كآبة عشاق المذياع في هذا المساء ، أراها تُحركُ يَدها ، يَدها تحدِثُ فمها الآن ، يدُور بينهما حديث قصير ، يبدوا أنها تتثاءب ، لا لم يحن وقت النوم بعـد ، أقول باستياء .. يذبل أكليل الورد بجوارها إذ لم يزل ذلك الوغد على المذياع يثرثر ، تَجلس هَي على الكرسيِّ ، تتأرجح ، يتدلى شعرهـا ، ينساب خطوطاً سوداء على سطح ستارتها البيضاء ، ثم ظلها يتحرك .. ببطء .. ببطء جميل ..
|
|
|
|
|
|
|
|
|