الأخ كوفي تحياتي أشكرك جدا على تطرقك لموضوع غاية في الأهمية..كنت قد تطرقت له أنا قبل فترة بسلسلة مقالات نشرت في جريدة الزمان اللندنية وفي منتدي النيل و مجلة مشاعل واودعتها جريدة الصحافة سلة مهملاتها لسبب لا أعلمه أسمح لي بأن اوردها هنا علها تضيف شيئا من أجل حوار هادف هادئ وبناء _____________________________
هذه أضغاث أحـــلام
1-4السودان في قناعات النخب المصرية
الزاكي عبد الله الزاكي
لم يكن السودان في يوم من الأيام مستعمرة مصرية إذ كانت مصر نفسها ولاية من ولايات الباب العالي ترزح تحت قهر السلطة الخديوية التركية الأصل وكان لهذه السلطة دورا مرسوما ومناطا بها للإشتراك في إدارة السودان وتحت أمرة المستعمر البريطاني إذ تم إحتلال مصر في 14 سبتمبر 1882م عقب هزيمة قوات عرابي في معركة التل الكبير وكلا القطرين كانا يرزحان تحت وطأة الإستعمار التركي البريطاني المشترك ولقلة إنتشار التعليم في السودان آنذاك إستخدم البريطانيون المتعلمون المصريون في الوظائف الكتابية والإدارية فيما سمي مجازا بإتفاقية الحكم الثنائي لإرضاء أطماع السلطة الخديوية في التوسع جنوبا والسيطرة على السودان وشرقا حتى أرتريا ومصوع وعصب علما بأنه ما أن بدأ التعليم ينتشر في السودان حتي بدأ الإنجليز في إحلال المتعلمين السودانيين محل المصريين وفي هذا دلالة علي أن الوجود المصري ثانوي الدور أملته ضرورة ملء الوظائف بمتعلمين ناطقين بالعربية ..ويجب أن لا ننسي أن المصريين لم يحكموا أنفسهم إلا بقيام ثورة الضباط الأحرار في يوليو 1953 وهي الفترة التي بدأت فيها للمصريين سلطة فعلية لحكم بلادهم.
في الفترة ما بين الأعوام 1898 و 1924 إشتعل الصراع على السودان بين السلطة الخديوية والمستعمر البريطاني فبدأ قادة التيارات السياسية المصرية وكان جلهم من ابناء الباشوات أو من الذين أنعم عليهم الباب العالي بلقب الباشاوية نظير إخلاصه للباب العالي، بداؤا في الإفصاح عن أفكارهم وقناعاتهم تجاه سيادة السودان إذ يقول مصطفي كامل باشا في خطاب له في يناير 1899م ( السودان مستعمرة مصرية وعلى المصريين أن لا ينسوا حقوقهم فيه وما أريق فيه من دماء وما صرف فيه من أموال أثناء حملة الإسترداد) ..قال ذلك وهو يعلم جيدا أن الدماء التي سالت من الطرفين لم تكن من أجل مصر ولا السودان إذ أنها سالت بأمر الأتراك والإنجليز وكانت من أجل الحفاظ علي مصالحهم وأطماعهم التوسعية ولسبب آخر هو أن الخديوي توفيق لخوفه من حكومة الثورة العرابية برئاسة البارودي إستنجد بالإنجليز لحمايته منها فقرروا إرسال قواتها إلي السودان لمواجهة قوات الثورة المهدية التي كان بينها وبين الثورة العرابية توافق كبير في الأفكار والرؤى لوقف المد الإستعماري في أفريقيا وبذلك يتخلصون من كلا الثورتين معا أو هكذا ظنوا .. أما حزب (مصر الفتاة) او الذي أصبح فيما بعد (بحزب مصر الإشتراكي) فكان ينادي بفكرة مصر الكبري والتي كان يعرفها بأنها ( تمتد من البحيرات الإستوائية جنوبا إلي البحر المتوسط شمالا ومن أعالي الحبشة والبحر الأحمر وحدود سيناء شرقا ومن الحدود الغربية لمصر والسودان غربا بما في ذلك البحيرات الإستوائية) ويقول أحمد حسين رئيس هذا الحزب (إن السودان جزء من مصر والشعب المصري هو الشعب السوداني وهم من نفس الجنس) والمؤسف أن النخب المثقفة المصرية وعلي إختلاف الحقب راقت لها هذه الأطماع المفتراة فتبنت نفس النهج وصدقته وأصبحت تتشدق به وتدافع عنه بل وتغذي به أفكا ر من لا يعلمون شيئا عن تاريخ الدولتين من إخوتنا العرب..وإذا سلمنا جدلا بأن السودان كان مستعمرة مصرية في يوم من الأيام فهل يعطيها ذلك الحق في أن تؤول الي ملكيتها متى ما أرادت؟؟ومتي كان لمستعمر غاصب حق في أرض أغتصبها؟؟ إن كان الأمــر كذلك لوجب أن تقتسم كل من بريطانيا وفرنسا مصر في أي وقت ولوجب أن تستعيد بريطانيا العراق والأردن وأمريكا وكل مستعمراتها السابقة وإن تستعيد فرنسا الجزائر التي بذل مليون من أبناءها أرواحهم مهرا لإستقلالها ولوجب أن نقول للشعب الفلسطيني المناضل أن يوقف إنتفاضته لأن إسرائيل صاحبة حق في الأرض..إتقوا الله وقولوا قولا يصدقه ويحترمكم من أجله العقلاء..قولوا قولا يشي عن إحترامكم أولا لآدميتنا وثانيا لخصوصية العلاقة بين الشعبين إن أردتم الحفاظ على علاقة سوية معافاة.أما إن كنتم تحلمون بعلاقة على نمط علاقة السيد بالتابع فهذه أضغاث أحلام قد تخطاها الزمن ..ولنا عودة نتعرض فيها للأفكار التي كانت سائدة إبان عهد الخديوية والباشاوية والتي تلقفها للأسف بعض من جعلوا القولة المشهورة السخيفة (أنا ومن بعدي الطوفان) شعارا لهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة