|
الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة
|
الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة
ظلت المملكة و ما جاورها من أقانيم الخليج ، هدفا و محطا اثيرا لأحلامنا منذ ان بدأت الآبار فى دفق النفط ، توسلنا اليها بالتمنى المحض و شتى الوسائل و السبل، طرقنا سبيل (الحجة و الزوغة) ، غيرنا الأسم و المهنة فى الجواز ، و استنفدنا كل فرص الغفران فى العمرة و شتى انواع العبادات تقربا و زلفى لرب البيت الذى بناه ابراهيم و البيت الذى بنته ارامكو ، ذهبنا لطلب المال ، ان زجرنا مطوع عن مدح النبى ، ضربنا الدف فى مدح صاحب السمو ، تلخصت لدينا ضرورة الحج لمن استطاع اليه سبيلا و لمن لم يستطع ، فى قول من ناءت عليه الفاقة بكلكل ( و الله االبوصل بهناك.. كسبان دنيا و اخرة..) فكأنما مجرد التواجد فى ارض الحجاز ضمان لدخول الجنة ، حتى لو كنت تتاجر بالبنقو فى حوارى جدة .
فى سبعينات القرن الماضى ، كان ظفرك بعبور المالح محسوب فى خانة و قامة الوظيفة، اخوك شغال شنو؟؟ اخوى فى المملكة و كفى – اما كونه ساكن فى كرتونة تليفيزيون ( ناشونال) فارغة فذلك لا ينتقص درهما واحدا من جمال واقعه الذى رسمته عبقرية الفقر و الفاقة . و قد تحايلنا على الدخول بشتى السبل و الطرائق ، نولد و نحن فى حالة الحلم بالدخول ، تتغير المرئيات من حولنا و عيوننا لا تتذوق غير متعة الصحراء البصرية ، ثم دخلت مرابع الخليج فى بؤرة الشوف ، لا سبيل اليها بحج و عمرة و لا سبيل اليها بسنن صحيحة و فرائض ، فطرقنا على ابوابها فى صبر و الحاح ، ، سرينا اليها بتقنية ( السلاكى) ، سرينا كالخفافيش على الأقدام ، من حدود البصرة و حتى بزوغ صباح اليوم الثالث و نحن داخل مدينة الكويت، النهار نقطعه حذر حرس الحدود بمناورات انى ارى شجرا لا يمشى ، توادعنا فى صهد ليل البصرة ، و تبادلنا العفو و العافية ،فيض من هاربى الخدمة العسكرية ، و الخدمة المدنية ، الحداحيد ، المحولجية ، و قدامى افندية ، و رهط مكوجية و بين كل هؤلاء و اؤلئك ،جموع الذين سئموا ( الأسد و الجمل) معا ، يتبعهم الذين رسموا بالدمع و الأسى طريقا يائسا يفضى الى الحبيبة التى سكنت اغنيات البنات او أخلدت الى هزيم رعد الموت فى قيظ الصحارى!!
عبرنا الحدود فى ظلمة ( خلاط الخرسانة) التى يقودها بنغلاديشى ، قبعنا فى داخلها حذر العثور علينا أحياء أو جثث مقطعة ، مثل قول الحبشى فى وصف صفاء الويسكى ( سندوق جوة سندوق ) .ثم هبطنا على شعاب( ببكة) ، و غيرها شعب متعددة، عالقون على سجيل الطير الأبابيل ،و هتافنا ( فى الليلة ديك) وملء اكفنا لون الخضاب ، كلما غير الحرس التكتيك غيرنا لون الجلباب ، حملنا معنا القبب و الديالكتيك و كرة القدم و الجوكر و نشرة وفيات الثامنة مساء ..تماما.
انتقلنا الى الخرطوم من كل بقاع القارة السودانية ، نقرب الشقة بيننا و الحلم ، عل و عسى ، فمادت الأرض تحتها و انصب عليها التراب من فوقها ،يبست خضرة الأرض و مات الزرع من حلفا الى نمولى ، و حفظت سلة الغذاء فى شقوق الحائط ، اتى دولاب الساقية الى صرير العدم ، فسكت الغناء و بطل الشعر ، و نشبت الحرب ، تقاتلنا فيها بالوكالة و حين ادركنا الرهق من النزال اسميناه السلام ، و عيوننا على ( عبس) و ( ذبيان) ، و الدجاج استطعمناه ان سمى ( الكويتى) ، ما مللنا التحايل على الدخول ، حتى عضدنا ضعف اهاب عنترة ( النابى كالسبة) ، بالباسبورت الأمريكى و البريطانى و الفرنسى ( سودانيون فى شكل مقلب) ، دخلنا تظللنا رايات و أناشيد وبيارق ، و ( مارسليز) و ( ستارز سبرانقلد بانر) و مارينز ، و حتى المزامير و نشيد الأنشاد.
شوق البرعى الى الرسول ، و اشواقنا الى رفات الأوس و الخزرج الذى حار زيتا و قار ، حاربنا فى سبيل قطعة من الدنيا و قصعة فى الآخرة فى صفوف الجيوش و الجيوش التى تعاديها ، رابضنا فى الموصل و فى خرم شهر ، فى المناطق الخضراء ، و فى المناطق التى لا لون لها و التى لا تتلون ، و عيوننا على الصحراء..نقلنا ما تبقى من الجيش و فرق كرة القدم و العديل و الزين ، عطبرة ، و المريسة و العناقريب، فى مركبة من القهر و العنت و العذاب ، فوق ملوحة البحر و جفاف الهواء كل ما نملك من تجربة و ما لانملك ، ما نعلم و ما لا نعلم ، سباكة ، حدادة ، خراطة ، نجارة ، تجارة ، شعوذة ، طب ، هندسة ، كتابة حجبات ، قيادة ، بيادة ، عبادة ،سيادة ، هوادة ،كرتلة ، منفلة ، طوطحانية ، رطانة ، بطانة ، و بت قضيم.
ولدنا و نشأنا ،عبرنا الصحراء ، تقاعدنا فى ذهولنا و طيبتنا ..جلسنا فى صمت ننتظر دورنا فى نشرة الساعة الثامنة مساء بتوقيت ام درمان!!!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-11-07, 04:59 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | محمد على طه الملك | 08-11-07, 09:15 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-12-07, 02:16 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Adil Al Badawi | 08-12-07, 03:07 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-12-07, 10:55 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | fadlabi | 08-12-07, 10:04 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-13-07, 01:33 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-14-07, 02:03 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Mamoun Ahmed | 08-14-07, 02:41 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-15-07, 01:30 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Hussein Mallasi | 08-15-07, 01:44 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-15-07, 11:31 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | محمد أبوالعزائم أبوالريش | 08-15-07, 01:56 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-16-07, 01:00 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | خدر | 08-16-07, 01:43 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-17-07, 01:07 AM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | نجوان | 08-20-07, 10:54 AM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | badr alkalika | 08-20-07, 11:10 AM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-20-07, 03:59 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-20-07, 01:40 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | بكري الصايغ | 08-20-07, 02:07 PM |
Re: الثامنة مساء ..بالتمام قاتمة | Tagelsir Elmelik | 08-21-07, 01:17 PM |
|
|
|