للذين يدعون للإنفصال وأذيالهم وأبواقهم!!

Quote: الإخوة كرام الأعضاء بالمنتدى، السلام عليكم.. ما نتحدث عنه اليوم هو لمن أهم المواضيع والأطروحات على الساحة الجيو- بوليتيكية السودانية والقارية والإقليمية، وذلك لما يمكن ان يمسه كلا الخيارين (الوحدة أو الإنفصال) ويؤثر نتيجته تأثيرا مباشرا على الوضع السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي بالمنطقة ككل، وليس في السودان فحسب. أرجو من الجميع أن يلتزموا النقاش الجاد والعلمي والهادف، والتحاور العقلاني من أجل الإثراء والإفادة و الإستفادة.. عموما، لا بد من التذكير بأن بلاد السودان ومنذ نشأتها بالملامح الجيوغرافية والإدارية والجيولوجية الحديثة كانت مهبط تنوع ثقافي وعرقي وديني وقبلي.. ولعل لم يتم استغلال هذا التنوع بشكل إستثماري صحيح. ولطالما كان هذا التنوع البكر مصدر إلهام للإنتفاضة الوطنية على كافة المجالات، أن الحلم بسودان عالمي صاحب مكونات دولة عظمى سيتم افتقادها بداء ءالإنفصالات التي ستفتك بالجسد السوداني. تأريخيا، لطالما شكل الجنوب عمق أمني واستراتيجي للشمال منذ حملات مملكة إكسوم المتكررة على مملكة كوش.. مرورا بفترة الحملات الإستكشافية والطلائع الإستعمارية الفرنسية والإيطالية والبلجيكية.. مرورا بالتضحيات والبطولات من أبناء السودان الجنوبي في دعم وإعانة الثورة المهدية بالسلاح والرجال والدعم اللوجستي.. بل وحتى في معركة التحرر الوطني الحديث كان أعظم شهدائه إثنان من أبناء السودان الجنوبي (الملازم أول/ عبد الفضيل ألماظ) والضابط (علي عبد اللطيف) –زعيم تنظيم "جمعية اللواء الأبيض"، وهو للعلم أول من نادى عبر تنظيم بالقومية السودانية الموحدة. اقتصاديا، يظل مناخ الغابات السودانية الجنوبية مصدر تنوع زراعي وحيواني وصناعي كبير يضمن التطور الإقتصادي والصناعي والزراعي المستمر للدولاب الإقتصادي الوطني. كما لا يفوتنا أن نذكر مجال السياحة والتصنيع الخشبي والثروة الحيوانية الغذائية والسياحية والسياحة المائية والتغذية المطرية المدارية لنهر النيل (خاصة النيل الأبيض) سيسبب فراغا كبير واختلالا رهيبا في الموازنة الوطنية المالية والإقتصادية. واستراتيجيا، انفصال الجنوب قد يعيد النظر في العديد من الإتفاقيات المائية بين دول حوض النيل، والتي قد تؤثر سلبا على حصة الشمال السوداني من مياه النيل، كما وإنه سيكون من حق الجنوب بناء السدود والخزانات على أراضيه إن تم إختيار الإنفصال، وهذه لعمري وبجهد من التحليل والتبصر ستؤدي إلى بؤر من الخلافات المستمرة بين الشمال والجنوب، وبين مختلف دول حوض النيل. كان الخيار المطروح من قبل أبناء الجنوب منذ قبل الإستقلال هو الخيار الكونفيدرالي، وهذه نتيجة طبيعية ورد فعل متوقع لسياسة المناطق المغلقة (Restricted areas policy) الإستعمارية البريطانية الخبيثة التي مورست على أبناء الجنوب لهدف إستراتيجي خبيث. وكان من الأجدى أن يتم معالجة الأسباب التي دفعت للمناداة بهذا الخيار من القادة المتعاقبين على البلاد. كما وأذكر بأنه لم يتم طرح (فكرة الإنفصال أو الحكم الذاتي) أبدا في مسلسلات مفاوضات السلام منذ عام 1955 وحتى قبل ظهور دبابات الجبهة الإسلامية للحصول على السلطة بالقوة، والتي كان آخرها إتفاقية السلام السودانية الشاملة (والمعروفة بإتفاقية الميرغني – قرنق)، والتي اشتملت على 4 بنود أساسية فقط، لم تذكر فكرة الإنفصال نهائيا، وكانت ستكون هذه الإتفاقية نهاية لأطول الحروب الأهلية بالقارة الإفريقية، ولكن لم تكتب لها النجاة من المكايدات الحزبية من جانب (السيد/ الصادق المهدي)، التي رفضها (الترابي) لأنها تنص على تجميد "قوانين سبتمبر 1983- أو قوانين الشريعة الإسلامية" التي شرعها الترابي في فترة (جعفر نميري).. وكان من المفترض تجميد هذه القوانين لحين طرحها لإستفتاء شعبي في الشمال والجنوب، ليحدد الشعب السوداني بقائها أو إلغائها. كما قطع الطريق على نجاح هذه الإتفاقية الإنقلاب العسكري الإسلامي قبل أيام من طرح الإتفاقية في البرلمان السوداني. ومن حق الإخوة الجنوبيين أن ينادوا بالإنفصال كرد فعل طبيعي للإستفزازات التي تنشرها ما يعرف بـ (منبر السلام العادل)، الذي خرج من رحم الأفكار السياسية المتأسلمة والجبهة الإسلامية.. فهؤلاء يظنون ألَا أمل لإنتشار ما يدعون له سوى فصل الجنوب عن الشمال ليستأثروا بمناطق الشمال والأبيض والشمالية.. وهذه هي نظرية (مثلث عبد الرحيم حمدي) المعروفة!! ومن ناحية أخرى فإن إنفصال الجنوب سيمهد الطريق لإنفصال وتفكك مناطق كثيرة من الوطن السوداني الأم.. والذين يقولون بأنه لا يوجد توافق ديني وعرقي وثقافي وقبلي بين الجنوب والشمال، فأطلب منه أن يفكر ثم يدبر ليوضح لنا التوافق العرقي واللغوي بين قبائل البجا (هدندوة، بني عامر، أمرأر، إلخ...) والشمال، وقبائل النوبة (الدناقلة، السكوت، المحس، الحلفاويين، إلخ...) والشمال. وما هو التوافق العرقي والديني بين قبائل جبال النوبة والشمال؟؟ إن الإنفصال بالتأكيد سيؤدي إلى تفكك الدولة السودانية إلى دويلات ضعيفة.. فستسعى مناطق دارفور، وجبال النوبة، والأنقسنا، والشرق، والنوبة للإنفصال كذلك. ســـلام