عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 01:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة حيدر حسن ميرغني(حيدر حسن ميرغني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-01-2006, 01:43 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20435

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء (Re: osama elkhawad)

    ادوارد سعيد واحد من الذين شكلوا الجهاز المفهومي لنادر كاظم في كتابه الذي اشرنا اليه، وخاصة في ما يتعلق بالتمثيل ،ومفهوم الآخر ، والقراءة الطباقية ، وما نحته نادر كاظم في كلامه عن خطاب المخيلة العربية حول السودان والزنج،وهو ما اسماه:
    Quote: الاستفراق

    و قد تبنى مفهوم ادوارد سعيد حول الاستشراق المضمر والظاهر، وهو اي نادر تحدث عن الاستفراق المضمر والظاهر،
    المقالة ادنا ه هي بقلم نادر كاظم في الاحتفاء بادوارد سعيد:

    إدوارد سعيد و"الاستشراق" والتلقي العربي
    د. نادر كاظم
    مدير تحرير مجلة (أوان)
    [email protected]
    يعد إدوارد سعيد واحداً من أهم المنظرين في حقل "الدراسات ما بعد الكولونيالية"، ويقف كتابه المؤثر على نطاق واسع، أي "الاستشراق" 1978، علامة على بداية هذا الحقل في صورته الأكاديمية والتنظيرية، كما يمثل الكتاب، من منظور بعض النقاد، الكتاب الجوهري والمصدري الخطير في نظرية ما بعد الكولونيالية، أي حالة دراسة الخطاب، وهو هنا خطاب الاستشراق، بوصفه شكلاً من أشكال الهيمنة. وهو الكتاب الذي "غيّر الطريقة التي نفكّر بها حول العلاقات الثقافية والسياسية. لم يعد مرتبطاً فقط بدراسة الشرق، لقد أصبح ينظر إليه على أنه مصطلح شامل حول الأسلوب الذي تعامل فيه الثقافات "الأخرى" وتصوّر" . وأطروحة إدوارد سعيد تتلخّص في أن صعود الإمبريالية قد تزامن مع صعود الاستشراق، وهذا التزامن قد شبك بين الحركتين، المعرفية من جهة، والعسكرية السياسية الاقتصادية من جهة أخرى. وهذا التشابك هو الذي حمل إدوارد سعيد على القول بأن هناك جانب مهم من المعرفة لم يصمّم كـ"معرفة خالصة" Pure Knowledge ، فهناك معرفة أريد بها التحكم في الآخرين والسيطرة عليهم وقيادتهم. ويبدو أن هذا الجانب الملوّث من المعرفة هو الذي كان يعني إدوارد سعيد في "الاستشراق"؛ وذلك لأن هذا الضرب من ضروب المعرفة لا يلعب دوراً هاماً وخطيراً في تشويه صورة الآخر المدروس والمعاين فحسب، بل إنه ينقلب، في لحظة من اللحظات التاريخية، إلى أداة من أدوات التحكّم بهذا الآخر، ووسيلة من وسائل تجييش المتخيّل ضده، إنها باختصار أداة من أدوات "المراقبة والمعاقبة" بحسب تعبيرات ميشيل فوكو. وبحسب أطروحة إدوارد سعيد، فإن الاستشراق كان هو "المؤسسة المشتركة للتعامل مع الشرق - التعامل معه بإصدار تقريرات حوله، وإجازة الآراء فيه وإقرارها، وبوصفه، وتدريسه، والاستقرار فيه، وحكمه، وبإيجاز، الاستشراق كأسلوب غربي للسيطرة على الشرق، واستبنائه، وامتلاك السيادة عليه" . إنه ببساطة أداة الإخضاع الغربي للمنطقة الجغرافية المعروفة بالشرق.

    إن "الاستشراق" هو الكتاب الأول من بين أربعة كتب كُرّست لاستكشاف العلاقة والتفاعلات بين عالم الإسلام، والشرق الأوسط، والشرق، والعالم ما بعد الكولونيالي من جهة، وبين الإمبريالية الأوربية والأمريكية من جهة أخرى. ففي الوقت الذي يركّز فيه "الاستشراق" على فعل الإمبريالية الفرنسية والبريطانية في القرن التاسع عشر، فإن الكتب اللاحقة في هذه الرباعية "مسألة فلسطين" 1979، و"تغطية الإسلام" 1981، و" الثقافة والإمبريالية " 1993، قد انصبّت على الإمبريالية الظاهرة أو المستترة التي تطبع العلاقة بين الصهيونية والفلسطينيين، والولايات المتحدة والعالم الإسلامي، والغرب الحواضري الحديث وأصقاعه الواقعة فيما وراء البحار. وبمجموع هذه الكتب تبوّأ إدوارد سعيد موقعاً محورياً في النظرية ما بعد الكولونيالية، وهو الحقل الذي كثيراً ما يؤرخ له منذ السبعينات بصدور كتاب "الاستشراق" 1978.

    بشكل أولي، يمكننا القول مع ليلا جاندي بأن "الاستشراق" يعتبر بمثابة الفهم الموسّع والفريد للإمبريالية/الاستعمار بوصفهما "تياراً ثقافياً وإبستمولوجياً" ترافق مع تصاعد نزعة الفضول والهيمنة والتحكّم في مساحات واسعة من أصقاع العالم البعيدة. فما يريده سعيد في "الاستشراق"، وهو الفريد والجوهري في الكتاب، أن يكشف عن أهمية التشكيلات الثقافية والأنساق الأيديولوجية والمعرفية في صعود حركة الاستعمار والإمبريالية .
    إن الجديد في "الاستشراق" هو هذا السعي الحثيث والمحموم من أجل كشف التنكّرات الأيديولوجية والثقافية والمعرفية لعملية مادية ثقيلة كالاستعمار. إنه الكشف عن تعقّد عملية كانت تشخّص ببساطة تحت مقولات اقتصادية أو سياسية. ما حاول "الاستشراق" أن يستكشفه هو أن الإمبريالية والاستعمار ليسا "مجرد فعل بسيط من أفعال التراكم والاكتساب، فكل منهما مدعّم ومعزّز، بل ربما كان أيضاً مفروضاً، من قبل تشكيلات عقائدية مهيبة تشمل مفاهيم فحواها أن بعض البقاع والشعوب تتطلب وتتضرّع أن تخضع تحت السيطرة، إضافة إلى أشكال من المعرفة متواشجة مع السيطرة" . وعلى هذا، فإن الجديد في كتاب "الاستشراق" هو هذا الوعي الكثيف بخطورة التشكيلات الثقافية التي تدعم وتعزّز عملية الهيمنة والسيطرة الماديتين. وبتعبير آخر، يتمثل الجديد في "الاستشراق" في كشفه الجاد عن العلاقة الوثيقة والمتبادلة بين المعرفة الاستعمارية والقوة الاستعمارية.
    غير أننا حين نقترب من التلقي العربي لهذا الكتاب سيدهشنا حجم التزييف والقراءات المغلوطة التي تعرّض لها هذا الكتاب. ومما يثير الاستغراب حقاً أن لا يجد هذا الكتاب استقبالاً جيداً في العالم العربي. إن المقارنة بين التلقي العربي لـ"الاستشراق" والتلقيات الأخرى له تكشف عن هشاشة التلقي العربي، وعن ضحالته وبؤسه، وعن انحصاره في الجزئيات التي كانت تزيّف مشروع إدوارد سعيد أكثر مما تقرأه. وهذا النهج في التلقي هو الذي حشر "الاستشراق" في زوايا ضيقة ولا تمت إلى مشروع سعيد بصلة. لقد استقبل الكتاب بوصفه دفاعاً عن الإسلام وهجوماً على الغرب، والبعض كان يجرّم حتى هذا الدفاع والهجوم معاً (انظر حازم صاغية في "ثقافات الخمينية" مثلاً). إن انتقال "الاستشراق" من سياقه الغربي وما بعد الكولونيالي إلى السياق العربي، قد مهّد السبيل لظهور كثير من القراءات الاستعمالية (القراءات الإسلاموية والقومية على وجه الخصوص)، أو القراءات المعيارية (القراءة الماركسية)، وأغلب هذه القراءات كان يتحرّك بانتقائية وتجزيئية، ويتعامل مع الكتاب بغائية لا تحترم كثيراً "قصدية النص" ولا خلفيته الثقافية ما بعد الكولونيالية. وهو ما أدّى إلى تعويم مضمون الكتاب الأصلي إلى الحد الذي ينقلب فيه مؤسس حقل "الدراسات ما بعد الكولونيالية" إلى ما يوحي بأنه "عميل للمخابرات الأمريكية"، أو ينقلب هذا المثقّف العلماني ذي الميول اليسارية وأشرس المعادين للتشرنقات الدينية والقومية، إلى نصير للفكر القومي أو للأصولية الدينية وداعية إلى "خمينية ثقافية تلوح بالأصول والمآلات" . إن هذا التأويل المغلوط بالمعنى السلبي للمفهوم هو الذي كان يتحدث عنه إدوارد سعيد بحسرة وأسى في "الثقافة والإمبريالية" ، و"تعقيبات على الاستشراق" .
    إذا استثنينا بعض القراءات العربية التي حاولت أن تتواصل مع الكتاب بقراءة تأويلية أو دفاعية انتصارية، كقراءة مترجم الكتاب كمال أبوديب وفخري صالح وصبحي حديدي وآخرين، فإن المشهد يكاد يخلو لقراءتين تتفرّدان بمساحة التلقي العربي لكتاب "الاستشراق". الأولى هي القراءة "الإسلاموية" و"القومية" التي وجدت في الكتاب سنداً قوياً وبرهاناً من الوزن الثقيل، وبالإمكان استثماره في فضح تجنيات الغرب على الثقافة العربية والإسلامية، وهو ما يفسّر هذا الإعجاب والاحتفاء اللذين حظي بهما كتاب سعيد لدى كل من الاسلامويين والقوميين ممن جوّز لأنفسهم أن يستعملوا ويستخدموا هذا الكتاب بطريقتهم الخاصة التي تخدم أغراضهم ومقاصدهم التي تؤكّد على رفعة الإسلام وعظمته، وتعزّز من تحصين الذات القومية ضد تجنيات الخطاب الاستشراقي والإعلامي الغربيين.
    يبدو أن كتاب سعيد قد قدّم للإسلامويين والقوميين تفسيراً موثّراً وجذّاباً ومدعّماً بأدلة وبراهين تضرب في عمق التحويرات والتزييفات الغربية للإسلام والعرب. لقد وجد هؤلاء بغيتهم في "الاستشراق" الذي أثبت لهم بـ"أن الشرق من إنتاج الغرب وخلقه"، بمعنى أن الشرق الذي كان يتعامل معه الغرب لم يكن شرقنا الحقيقي، بل هو شرق متخيّل ومزيّف لا يمت إلينا بصلة. وهذا يوصل إلى نتيجة بأن كل ما كتبه المستشرقون تزييف وباطل وإتباع للظن والتوهم. وبهذا نرمي عن كاهلنا عبء تلك النظرة الدونية التبخيسية التي شكّلها الغرب عنا. كانت فضيلة الكتاب في هذه القراءة هي "توضيح أخطار المستشرقين الخبيثة، وإنقاذ الإسلام من براثنهم" . في دراسة عن "منهج مونتغمري واط في دراسة نبوة محمد (ص)" 1985 وجد جعفر شيخ إدريس أن هذا المستشرق كان يدّعي استخدام منهج علمي في دراسة "نبوة محمد" وقضية "الوحي"، في حين أنه يتبع في دراساته منهجاً آخر، يقوم أساساً على العلمانية والمادية وإتباع الظن وعدم الثقة في علماء المسلمين وعامتهم والتعصّب ضد العرب والمسلمين. ولكي يعزّز المؤلف رؤيته اضطر إلى استحضار "استشراق" إدوارد سعيد؛ ليكون خاتمة القول والكلمة الفصل في تحويرات المستشرقيين وتجنياتهم. فينبغي "أن نتذكر نحن أن هذا الشرق الذي يتحدث عنه واط ورفاقه المستشرقون ليس شيئاً واقعياً يشار إليه بالبنان - وإنما هو - كما قال الدكتور إدوارد سعيد - شيء من نسج خيالهم، ينشأ عليه صغارهم ويشيب عليه الكبار" . وفي دراسة أخرى عن "منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي" استحضر محمد بن عبّود إدوارد سعيد و"الاستشراق" في سياق مناقشته مسألة الموضوعية والتحيّز بالنسبة للمؤرخين المستشرقين. وفي هذا الشأن يرى المؤلف أن هناك عوامل أثّرت في مناهج المستشرقين ومن ثم أثّرت في تصوراتهم للتاريخ الإسلامي. وهذا الرأي يجعل حضور إدوارد سعيد ضربة لازب، وأمر لا مهرب منه؛ فكتاب إدوارد سعيد "الاستشراق" "هو أحدث وأعمق تحليل للقوى التاريخية التي تقف وراء تطور فكرة الشرق، مقدمة إياها في صورة حديثة، متناقضة مع الشرق الحقيقي، عن طريق بحث تفصيلي لكتابات أصدق المستشرقين تمثيلاً. ونجد أن هذا العمل المهم الذي خطّه قلم عالم مستشرق[؟!]، قد حظي باستحسان عظيم وتعليق كثير في جميع أنحاء العالم، بيد أنه أثار كذلك غضب وسخط مستشرقين بعينهم يمضون في غيّهم متصورين الشرق صورة ثابتة من نتاج خيالهم يقصدون بها المستهلك الغربي" .
    ليس ما يلفت في ما سبق من استشهادات هو وصف إدوارد سعيد في دراسة محمد بن عبود بأنه "مستشرق"، بل اللافت أن هذه القراءات لم تستطع استثمار قراءة سعيد للاستشراق في مقاربتها للمنهجيات الاستشراقية، بل بقي "الاستشراق" سلاحاً يشهر في كل مرة ضد الغرب والمستشرقين. إن سعيد يحضر في هذه القراءة حضوراً عرضياً ليؤدي وظيفة محددة له، وهي تعزيز الرؤية التي يتبناه القارئ. فالقارئ يبحث عن أدلة تعزز موقفه من الغرب والاستشراق، وقد وجد بغيته في "الاستشراق" لإدوارد سعيد. ولا يهم بعد ذلك ما اشتمل عليه هذا الكتاب من عمق التحليل والسبر الدؤوب والتقصي المتبحّر، المهم هو أنه أثبت أن "الشرق من اختراع الغرب". إن هذه النتيجة التي انتهت إليها هذه القراءات نتيجة متوقعة، فالقراءة الاستعمالية قراءة برغماتية متجوّزة إلى أبعد الحدود؛ لأن الذي يعنيها هو ما يخدم رؤيتها ويدعم موقفها. ولهذا فإنها تتعامل مع النص بحرية لا تحدها حدود، ولهذا تجد في هذا النوع من القراءات كثيراً من الانتقائية، وكثيراً من الاختزال، وكثيراً من تقطيع أوصال النص، وكثيراً من عزله عن سياقه.
    إن هذا التفارق بين "استشراق" إدوارد سعيد وهذا النوع من القراءات في كل من الأهداف والمنطلقات هو الذي جعل هذه القراءات لا تلجأ إلى إدوارد سعيد إلا من أجل خدمة أغراضها وتعزيز مقاصدها. وهذه الوضعية هي التي كانت تدفع بهذه القراءات إلى مزيد من "القراءات المغلوطة"، وإلى مزيد من سوء التأويل. إن التباين بين مشروع إدوارد سعيد وبين القراءات الإسلامية تباين شاسع لدرجة لا يمكن رتقه بسهولة، بل إن قراءة "الاستشراق" على "أنه دفاع عن العرب والإسلام" واحدة من المظاهر الساخرة. فهذه القراءات تصدر في قراءتها للاستشراق والغرب من تصوّر يذهب جهة القطيعة الحادة بين العرب والغرب، أو بين الإسلام والغرب، أو بيننا وبينهم. إننا إذن أمام تشكيلات حضارية متمايزة، بل متعارضة وليس بالإمكان الوصول إلى نقاط التقاء بينهما. في حين أن رؤية سعيد تصدر عن أفق إنساني رحب، جعله من أشرس المهاجمين لمفاهيم "الهوية" و"النقاء" و"الصفاء" و"القومية"، بل إنه ليذهب إلى حد القول بأن "جذور القومية ترتبط كثيراً بجذور العنصرية"، حيث يفكّر الناس بأنهم جزء من جماعة متميزة ومن ثم متفوقة. إننا نعيش، بحسب إدوارد سعيد، في "أقاليم متقاطعة وتواريخ متواشجة" وثقافات هجينة، وبمقدار هجنتها Hybridity يكون ثراؤها.
    وإذا قاد هذا التفارق بين منطلقات إدوارد سعيد وبين منطلقات القراءات الإسلاموية والقومية إلى التعامل مع نص سعيد بطريقة برغماتية تقوم على الاختزال والانتقاء، فإن التفارق بين منطلقات سعيد ورؤيته، وبين منطلقات القراءة العربية الماركسية قد قاد إلى عملية معايرة حادة لنص "الاستشراق". إن قراءة كل من صادق جلال العظم في "الاستشراق والاستشراق معكوساً" 1981، وقراءة مهدي عامل في "هل القلب للشرق والعقل للغرب؟ أو ماركس في استشراق إدوارد سعيد" 1985، إنما كانت تعاين الكتاب من منظور أيديولوجي راسخ ومكين ومجروح في الوقت ذاته، وهذه الوضعية تمهّد لقراءة من نوع محدد، قراءة تتكئ على معايرة الكتاب بمقاييس تجدها القراءة بدهية، وتؤهلها لأن تقيس قيمة الكتاب بدرجة انحراف الكتاب عن هذه المعايير أو وفائه لها. كما أن قراءة الكتاب بذات قرائية مجروحة في الصميم، سوف يحكم هذه القراءة بانفعالية متسرّعة، وبتشكيلة عاطفية عدائية. فهذه القراءة لم تكن لترضى عن حشر ماركس في خانة الاستشراق، أو اعتباره هو والاشتراكية، بعبارة فرانز فانون "جزءاً من المغامرة الضخمة للروح الأوربية" الاستعمارية. وقد قادت هذه الوضعية القراءة إلى قراءة مفرطة في اتهاماتها وتجنياتها ومحاكماتها، لدرجة أن يتهم إدوارد سعيد بأنه قد رجع إلى حظيرة الفكر اليميني، وإلى كنف المواقف السياسية العربية اليمينية، أو ارتدّ إلى مواقع المستشرقين الكلاسيكيين .
    إن علاقة إدوارد سعيد بالماركسية علاقة متوترة، ومع ذلك فإن نقده لماركس والماركسية في "الاستشراق" نقد عَرَضي ورد في بضع فقرات، إلا أن الاختلاف الحاد والجذري بين أطروحة سعيد في "الاستشراق" وبين الطرح الماركسي بماديته التاريخية، يتمثل في اختلاف الطرحين في المنطلق والمهاد التأسيسي لتفسير تطوّر الظواهر والمؤسسات. فالطرح الماركسي يتأسس على رؤية مادية تاريخية للظواهر والمؤسسات. فالبشر، كما يقول ماركس، يصنعون تاريخهم، لكنهم لا يصنعونه كما يريدون، بل في ظل ظروف وأوضاع معطاة مباشرة ومتسامية عليهم، وتثقل كاهلهم، وتتمثّل في علاقات الإنتاج المادية التي تشكّل البنية التحتية التي تقوم عليها البنية الفوقية المتمثلة في القانون والسياسة والدين والأدب والوعي الاجتماعي. وعلى الرغم من أن إدوارد سعيد في مشروعه لا يعرض عن هذا الطرح إعراضاً تاماً، إلا أن أولويات مشروعه تفرض عليه أن يقلب هذا النموذج لعلاقة البنية التحتية بالفوقية. فسعيد، كما أشرنا سابقا، يريد أن يتفحّص الكيفية التي حدثت بها العملية الإمبريالية، لكن ليس على مستوى القوانين الاقتصادية والسياسية كما هو مسعى الماركسية، بل على مستوى التشكيلات الأيديولوجية، والتصورات الثقافية التي تمتلكها بعض الشعوب عن نفسها أو عن الشعوب الأخرى.
    لقد مثّل هذا الاختلاف الجذري بين المنطلقين تحدياً كبيراً أمام القراءة الماركسية العربية. وهو تحدٍ لم يكن ليقود إلى محاولة التوفيق بين المنطلقين من خلال رؤية تؤكد العلاقة المتبادلة بين المستوى الاقتصادي والسياسي والمؤسساتي للعملية الإمبريالية وبين المستوى الثقافي والأيديولوجي، بل انصرف هم القراءات إلى تعزيز هذا الاختلاف إلى الحد الذي لم يعد ممكناً أي حل وسط بين المنطلقين.
    يبدأ صادق جلال العظم قراءته لـ"الاستشراق" بعرض موجز لأطروحة الكتاب الأولية، ثم يعقبه مباشرة بانتقاد مبدئي يتأسس على خيبة أمل فيما كان ينتظره القارئ من كتاب يؤلّف لنقد مؤسسة الاستشراق. كان صادق العظم ينتظر من كتاب سعيد أن يفي بتوقعاته، إلا أن الكتاب قد كسر "أفق انتظاره" الذي ينطوي على رؤية مادية تاريخية لتطور المؤسسات والظواهر. يرى العظم أن سعيد بدأ تحليله للاستشراق بداية سليمة، ثم ثنّى على هذه البداية بتحليل مغلوط ومتراجع. فبداية تحليل سعيد حملت القارئ على أن يستنتج بأن الاستشراق "يشكّل ظاهرة ما كان يمكن أن توجد، بالمعنى الدقيق للعبارة، قبل صعود أوروبا البورجوازية وتثبيت سلطانها وتوسيع حدودها" ، وقد عزّز هذا الاستشراق أن سعيد، كما يقول العظم، يحدد بدايات الاستشراق عند عصر النهضة. غير أن "أفق الانتظار" هذا لم يلبث أن كُسِر، وذلك حين يتخلّى إدوارد سعيد عن كل هذه الوعود. فبدل أن يستخلص النتائج التاريخية والمنطقية المترتبة على هذه الأطروحة استخلاصاً صارماً ودقيقاً ومنتظماً كما يأمل القارئ، نجده "بفضّل اللجوء إلى الصياغات اللغوية البارعة والتوسطات الأدبية اللامعة لتبديد مظاهر الإحراج والتشويش والارتباك الفكرية التي يمكن أن تصيب تحليلاته نتيجة هذا النوع من القصور" . ولا يتمثّل هذا القصور، من هذا المنظور، في خلل في الرؤية والطرح، بل في تخلي إدوارد سعيد السريع عن الاتجاه الذي أوهم به في تفسير نشأة الاستشراق وتطوره، وتمسّكه باتجاه آخر يتعارض مع هذا الاتجاه، ويظهر "عبر إسقاط تاريخي هائل إلى الخلف، إلى هوميروس واسكيلوس ويوريبديس ودانتي، بدلاً من عصر النهضة" الذي كانت تحليلاته الأولى توهم بذلك.
    لا يمكن لقارئ ماركسي عتيد كصادق جلال العظم أن يقبل بهذا "الإسقاط التاريخي الهائل" في تأويل ظاهرة حديثة كالاستشراق. ذلك أن هذا الإسقاط يتعارض مع تطور الظاهرة تاريخياً ومادياً وجدلياً من جهة، ومن جهة أخرى يقود إلى إلغاء أثر التاريخ والتطور، بحيث لا يعود الاستشراق، عندئذٍ، وليد ظروف تاريخية أو استجابة لمصالح وحاجات حيوية ناشئة وصاعدة. فالقول بأن الاستشراق هو عملية تشويه وتحقير لصورة الشرق، وأن هذا التشويه قديم قدم الحضارة الغربية والشرقية، يقود، من منظور العظم، إلى نتيجة منطقية بعيدة، وهي القول بـ"أسطورة الطبائع الثابتة" والجوهرية للثقافات وعلاقاتها. وهي الأسطورة التي كان سعيد يريد تدميرها وتفكيكها.
    إن خيبة الأمل وكسر "أفق الانتظار" اللذين مني بهما صادق جلال العظم في "استشراق" إدوارد سعيد، قد قاداه إلى إساءة تأويل خطيرة لرؤية إدوارد سعيد ومشروعه. فإدوارد سعيد، ناقد "ميتافيزيقا الاستشراق" كما يسميها العظم، ينتهي إلى التسليم الصامت بـ"أسطورة الطبائع الثابتة"، وإلى تعزيز هذه الأسطورة التي يلخّصها العظم في مقولتيها المطلقتين: الشرق شرق، والغرب غرب، ولكل منهما طبيعته الجوهرية المختلفة وخصائصه المميزة. إن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف انتهى إدوارد سعيد من مقوّض لميتافيزيقا الاستشراق و"أسطورة الطبائع الثابتة" والجوهرانية إلى مسلم بهذه الميتافيزيقا وهذه الأسطورة، بل إنه يعطيهما المصداقية والجدارة؟ ما الذي جعل ناقد الإمبريالية الشرس ينتهي إلى مسلم ومعزّز لأساطيرها وتصوراتها؟
    إن هذا التعارض بين ما ينتظره القارئ من النص وبين ما يتحقق في النص، يقود إلى التباس وسوء فهم خطير للنص، وإلى مجموعة من الاختلافات الجذرية بين رؤية القارئ ورؤية المؤلف. فالقارئ يفهم "الاستشراق" بوصفه تلك القوة المؤسساتية الغربية التي كانت أداة التوسّع الأوربي نحو الشرق، في حين أن الذي يعني إدوارد سعيد في هذا السياق هو "الاستشراق" بوصفه نظاماً من المعتقدات والتصورات التي كانت تحرّك الغرب المادي إلى الشرق الواقعي أو المتخيّل. إن "الاستشراق"، بهذا المعنى، أشبه بتشكيلة خطابية تبريرية، من حيث إنها تبّرر وتسوّغ وتشرّع لحركة مادية تجاه الشرق أو رؤية تخيّلية عن الشرق، وتعزيزية من حيث هي أداة لتدعيم هذه الرؤية أو هذه الحركة. وبتعبيرات إدوارد سعيد، فإن الاستشراق يساعد في كشف الكيفية التي حدثت بها عملية الإمبريالية على مستوى القوانين الثقافية والتصورية، لا الاقتصادية والسياسية والعسكرية كما ينتظر صادق جلال العظم من "الاستشراق".
    إن النزعة المعيارية واضحة في هذه القراءة؛ فقراءة العظم تنطوي على تفسير لظاهرة الاستعمار والإمبريالية، وهو تفسير تراه القراءة "التفسير الصحيح"، وهو ما كان القارئ ينتظر من كتاب سعيد أن يبني عليه استنتاجاته وتحليلاته، غير أن سعيد يصدمه بخلاف ذلك، بل يقلب له العلاقة رأساً على عقب. وإذا كان تفسير صادق العظم "صحيحاً"، فإن هذا يستتبع بالضرورة أن يكون تفسير إدوارد سعيد خاطئاً. وعلى أساس من هذه المعيارية الصارمة، راح صادق العظم يؤاخذ سعيد على اهتمامه غير المبرّر بكل ما هو خيالي وذهني ومثالي وانفعالي وتصوري. يرى العظم أن سعيد يغالي في هذا الاتجاه حتى ليبدو له وكأن عوالم الخطاب والصور والانطباعات والحساسيات والمتخيلات قد حلّت محل الواقع الخام بفظاظته وكثافته وعينيته، وهو الأمر الذي لا يمكن لماركسي من حجم صادق العظم أن يتقبله أو يستسيغه. إن العامل الاقتصادي يمثّل، من المنظور الماركسي، الأساس التحتي لكل أشكال الوعي الاجتماعي. في حين أن أطروحة سعيد تذهب إلى مغادرة مستوى التفسير الأحادي للتاريخ والظواهر والمؤسسات، وهو ما كان يقرّب بين إدوارد سعيد وبين ماكس فيبر، أكبر ناقد للرؤية الماركسية المادية الأحادية، الذي كان يرى أن التاريخ لا يمكن تفسيره على أساس العامل الاقتصادي وحده، بل يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عامل آخر مهم، وهو ما يسميه فيبر بـ"روح الحياة الاقتصادية". فحيوية القوى المحركة للرأسمالية لا تعود إلى رؤوس الأموال فحسب، بل إلى نمو "روح الرأسمالية". إن "الرغبة في الكسب" و"البحث عن الربح" و"النهم إلى الذهب"، كل ذلك، من منظور فيبر، لا علاقة له بحد ذاته بالرأسمالية. فكل هذا، على الرغم من أهميته، لا ينطوي "أبداً على مقوّمات الرأسمالية ولا حتى على "روحها" التي تمثّلت كظاهرة جماعية في "أخلاق العقلانية البروتستانتية النسكية". وبتدعيم هذا التصور المثالي لماكس فيبر بتصور ميشيل فوكو عن المعرفة والقوة والتشكيلات الخطابية، استطاع إدوارد سعيد أن يقدّم أهم عمل في نقد الاستشراق والاستعمار والإمبريالية في العصر الحديث.
    إذا كان التعارض بين القارئ والمؤلف على مستوى الرؤية والتصور قد قاد إلى إنتاج قراءة مغلوطة تعاير النص بمقاييس الخطأ والصواب، فإن موقف إدوارد سعيد من ماركس قد قاد إلى محاكمة النص ومؤلفه محاكمة انفعالية متسرّعة؛ فرمي ماركس بتهمة الاستشراق سابقة لم يقدم عليها، كما يقول صادق العظم، "دارس جاد" قبل إدوارد سعيد. هل معنى هذا أن ما أتى به إدوارد سعيد عن ماركس وتحليله للوجود الإنجليزي الإمبريالي في الهند، يمثّل دراسة جادة بحسب ما يوهم به وصف صادق جلال العظم؟ إن إجابة العظم عن هذا السؤال حاسمة في النفي؛ فهو يعتقد "أن الصورة التي رسمها إدوارد سعيد لوجهات نظر ماركس حول الشرق ولمحاولاته تفسير الصيرورات التاريخية المعقدة التي أخذت مجتمعاته وثقافاته تخضع لها، لا تشكّل أكثر من رسم كاريكاتوري ليس إلا" .
    إذا كان صادق جلال العظم قد ختم مقالته عن "الاستشراق والاستشراق معكوساً" برصد نقاط التقاطع العرضية بين "استشراق" إدوارد سعيد وبين "الاستشراق المعكوس" والذي يتمثل في الفكر القومي العربي التقليدي وحركة الإحياء الإسلامي، إذا كان ذلك قد ورد عرضياً ومن دون أن يصرّح المؤلف بعمق الأواصر بين فكر سعيد وهذه الحركات القومية والإسلامية، فإن كاتبين آخرين لم يترددا أبداً في رمي إدوارد سعيد بتهمة "القومية الشوفينية" (مهدي عامل)، أو "الأصولية الإسلاموية الخمينية" (حازم صاغية).
    ومن حيث المنطلق، فإن قراءة مهدي عامل لا تختلف كثيراً عن قراءة صادق جلال العظم؛ فكما بدأ هذا الأخير قراءته بـ"أفق انتظار" يتشكّل من التصور "الصحيح" للتاريخ وتطور الظواهر والمؤسسات، كذلك كان مهدي عامل يشدّد، في مفتتح قراءته، على ضرورة "أن يكون الفكر الناظر في التاريخ فكراً مادياً، حتى يتمكن من أن يكون علمياً" . أما الفكر الذي لا ينطلق من هذا التصور المادي والصراعي والتناقضي للتاريخ، فأقل ما يقال عنه "إنه مثالي"، وممثّل هذا الفكر المتهم، من منظور مهدي عامل، هو إدوارد سعيد. وهي ذات التهمة التي سبق لصادق جلال العظم أن وجهها إلى "أيديولوجيا" إدوارد سعيد. وليست هذه التهمة إلا بداية الخيط في سلسلة لا تنتهي من التهم التي كالها مهدي عامل لإدوارد سعيد وفكره. وهو ما جعل هذه القراءة قراءة اتهامية، ومغرقة في نزعتها الاتهامية بصورة أكبر مما وجدت لدى صادق جلال العظم. ففكر إدوارد سعيد هنا مثالي، ويحكمه منطق التماثل لا التناقض كما تفترض القراءة أو "الفكر العلمي الصحيح"، وهو فكر وضعي، ولاعقلاني، وهو يمثّل فكر الطبقة البورجوازية الذي يرفض الاختلاف والتناقض، ويقع في قبضة منطق الفكر الاستشراقي، كما أنه فكر عدمي يضرب بجذوره عند نيتشه وحفيده ميشيل فوكو. وهو فكر بنيوي يقول بأولوية الصراع المعرفي على الصراع الاجتماعي الطبقي، وفكر إمبريالي بحسب المضي بعبارات مهدي عامل إلى أقصى مدى تأويلي تحتمله، فإدوارد سعيد بنيوي، والبنيوية، كما ينقل مهدي عامل عن سارتر، هي آخر "شكل من أشكال الأيديولوجية البرجوازية الإمبريالية" ، وعلى هذا فنقد سعيد البنيوي للاستشراق شكل من أشكال الأيديولوجية البرجوازية الإمبريالية!!. وغريب حقاً هذا التأويل الذي قاد أشرس ناقد للإمبريالية إلى حظيرة "الأيديولوجية الإمبريالية"!!، بعد أن قاده قبل ذلك إلى حظيرة "الفكر القومي" المغلق .
    وعبر استراتيجية التأويل ذاتها، كان حازم صاغية يربط فكر سعيد وأطروحته بالفكر الإسلاموي في العصر الحديث. فمعاداة الاستشراق، كما في حالة سعيد مثلاً، أقرب ما تكون، من منظور صاغية، إلى "خمينية ثقافية تلوّح بالأصول والمآلات، وفيما بينها تعتمد على الحذف والتبديد" . ومن هذا المنظور، فإن العداء الأكاديمي للاستشراق يلتقي مع الأصولية الدينية في عدائهما السافر للغرب، وفي نزعتهما النسبية الثقافية المتطرفة. لهذا لم يدهش المؤلف من كون "كتاب الاستشراق لسعيد هو أحد عدة الشغل عند أكثر "المثقفين" الأصوليين حذلقة، ولمّا كانت الخمينية السياسية "ثقافية" أكثر منها سياسي، بدا الأمر أقرب إلى التكامل منه إلى التوازي" . وبمنطق التكامل هذا، أمكن للمؤلف أن يشبك فكر سعيد بالأصولية الدينية، وأن يبحث عن دلالة تتسق مع تأويله هذا في كل الملابسات التي أحاطت بكتاب"الاستشراق"؛ فمن منظور صاغية، هناك دلالة ما ومغزى موضوعي في تزامن صدور هذا الكتاب وبين الثورة الإسلامية في إيران. وعلى هذا، لم يكن مستغرباً، من منظور المؤلف، كما قلنا للتوّ أن يكون هذا الكتاب أحد عدة الشغل الأساسية لدى المثقفين الإسلامويين، كما "لم يكن عديم الدلالة، والحال على ما هي عليه، أن يسقط هذا الكتاب على المنطقة كأنه جزء من الحدث الثوري الإسلامي [أي اندلاع الثورة الإيرانية]، في زمن أيلولة القومية العربية الناصرية والبعثية، إلى التفسّخ. فهو، من ضمن حقله الخاص وجهوده الأكاديمية البارزة، يشاطر ثورة الخميني ردّ كل شيء إلى الغير" . وردّ كل العيوب والأخطاء والمآزق إلى هذا الغير، أي الغرب، إنما يجد مشروعيته من تصوّر مخصوص للمعرفة وعلاقة العارف بموضوع المعرفة. وعلى أساس هذا التأويل المغلوط راح المؤلف يكشف عن التقاطعات بين برنامج "العداء الأكاديمي للاستشراق"، ممثّلاً في إدوارد سعيد، وبين برنامج "الخمينية السياسية". فبناءً على فهم المؤلف، فإن البرنامجين يشتركان في نظرة مفرطة النسبية للمعرفة، بحيث "يصير السوري هو وحده الذي يكتب عن سورية لأنه "أعرف" بها (أي ألصق بها) من غيرها، وكذلك يفعل الإيراني والصيني والفرنسي حيال بلدانهم. فكل امرئ أولى بدراسة بلده" . وهذا في الوقت الذي يذهب فيه سعيد إلى تأكيد تاريخية التجربة الإنسانية ودنيويتها ، والدنيوية، لدى سعيد، هي أساس التأويل وهي الشرط الضروري له؛ فكل ما يقع في الدنيا والتاريخ إنما يكون قابلاً للتأويل، وهو يكتسب هذه القابلية للتأويل من كونه "حدثاً دنيوياً". يتعارض هذا التأويل الدنيوي مع نظريات الجوهرانية التي كان العظم ومهدي عامل وحازم صاغية يأخذونها على كتاب "الاستشراق". إن القول بأن السوري أعرف بسوريته، والإيراني أعرف بإيرانيته وهكذا، إنما يفترض، من حيث الأصل، جوهرانية التجربة السورية والإيرانية وغيرها، أي أنه ينفي عنها سمة "الدنيوية" المتغيّرة. وهذا افتراض في غير محلّه بما أنه افتراض لجوهرانية ما هو، من منظور سعيد، مخلوق تاريخياً، ونتاج للتأويل الدنيوي. وفي الوقت الذي لا ينفي فيه إدوارد سعيد خصوصية أية تجربة إنسانية، سورية أو إيرانية أو يهودية أو نسوية أو غير ذلك، فإنه لا يتهاون في التشديد على المحافظة على قدر من الإحساس بالروح الإنسانية الجمعية. وهذه الروح هي التي جعلت إدوارد سعيد، وهو واحد من أشد المدافعين عن الحقوق الفلسطينية، يبدي تفهّماً، قد لا يكون مقبولاً لا لدى القوميين العرب ولا لدى الإسلاميين، تجاه تجربة المعاناة اليهودية ، ليس بوصفها تجربة حقيقية بالضرورة، بل بوصفها "سردية" راسخة في المتخيّل اليهودي الحديث. كيف يمكن التوفيق إذن بين كل هذا وبين تأويل حازم صاغية لـ"الاستشراق"؟ كيف يمكن أن يقول المؤلف شيئاً، ويفهم القارئ منه شيئاً آخر، بل نقيضاً لما أراد المؤلف قوله؟
    لقد أراد إدوارد سعيد من "الاستشراق" شيئاً، وفهم القراء منه شيئاً آخر نقيضاً لما أراده. لقد أراد سعيد، في "الاستشراق"، أن يعرّي ويفضح ذاك الانشباك الآثم بين المعرفة والقوة الإمبريالية، أو بين الحماس والفضول المعرفي من جهة وبين الرغبة في الغزو والهيمنة من جهة أخرى. غير أن حازم صاغية، كما كان صادق جلال العظم ومهدي عامل من قبل، قد وجد فيه ارتماء في أحضان "القومية" و"الأصولية الدينية"، بل إن البعض اعتبر إدوارد سعيد "كبطل من أبطال العروبة" .
    لقد ظهر نص "الاستشراق" في سياق أنجلوأمريكي(*)، ثم راح يتفاعل مع سياقات مختلفة تشمل الهند، واليابان، وباكستان، وإيران، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية وغيرها. وبعد هذه الهجرة والتفاعلات لم يعد في مقدور صاحب النص، إدوارد سعيد، أن يوقف اندياح التأويلات، وانزلاق الدلالات المتفجّرة من داخل نصه. لقد حاول سعيد مرة أن يفعل ذلك ومني بالفشل. فبعد نشر صادق جلال العظم مقالته السابقة، وجّه إدوارد سعيد إليه "رسالة شخصية غاضبة جداً ومليئة بالشتائم غير الأكاديمية، بعثها من جامعة كولومبيا، بعد قراءته لمخطوط النسخة الإنكليزية" من نقد العظم لكتابه. غير أن هذا التدخّل الأبوي من قبل سعيد لحماية قصدية نصه لم يثنِ هذا القارئ عن قراءته، كما لم يمنع ظهور قراءة نارية كقراءة مهدي عامل، ولا قراءة "ملتبسة" ولا تخلو من تحامل كقراءة حازم صاغية. وهو ما يؤكّد أن ما يملكه المؤلف من حقوق نصه أقل بأضعاف مضاعفة مما هو ملك مشاع لأي قارئ، بحيث لم يعد في مقدور المؤلف، أي مؤلف، أن يتدخّل لإيقاف اندياح التأويلات المتحرّكة حول نصه الذي يهاجر من سياق إلى آخر. فالنص ينتج في سياق تاريخي محدد وداخل وضع اجتماعي مخصوص، وهو حين ينتقل إنما ينتقل مقطوعاً من سياقه ووضعه "الأصليين"، وهذا الانتقال هو الذي يجعل النص محكوماً عليه بتقبّل تأويلات عديدة، وهو ما ذهب إليه سعيد في "هجرة النظرية" .
    هوامش :
    • بيل أشكروفت وبال أهلواليا، إدوارد سعيد: مفارقة الهوية، تر: سهيل نجم، (دمشق/القاهرة: دار الكتاب العربي، ط:1، 2002)، ص195-196.
    • إدوارد سعيد، الاستشراق: المعرفة، السلطة، الإنشاء، تر: كمال أبو ديب، بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، ط:2، 1984، ص39.
    • Leela, Gandhi, Postcolonial Theory: A Critical Introduction, Australia; Allen & Unwin, 1998, in this site: http://www.allen-unwin.com.au/academic/Slpostcol.htm
    • انظر توضيح سعيد لذلك في:الثقافة والإمبريالية، تر: كمال أبو ديب، بيروت: دار الآداب، ط:1، 1997، ص 83.
    • المرجع السابق، ص80.
    • يميّز إمبرتو إيكو في كثير من كتبه، "حدود التأويل" و"القارئ في الحكاية" مثلاً، بين نوعين من القراءة، فهناك قراءة يكون القصد منها استعمال النص واستخدامه لخدمة أغراض ومقاصد في نفس القارئ، وهي "القراءة الاستعمالية"، وهناك قراءة يكون هدف القارئ فيها هو تأويل النص واستثمار كل الإمكانيات لتفعيل النص وإثرائه دلالياً، وهي "القراءة التأويلية". وبالإمكان الاستفادة من هذا التمييز في قراءة أنماط التلقي لـ"الاستشراق" في الثقافة العربية الحديثة. انظر: إمبرتو إيكو، القارئ في الحكاية: التعاضد التأويلي في النصوص الحكائية، تر: أنطوان أبو زيد، بيروت/الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، ط:1، 1996، ص137، 140، 141.
    • حازم صاغية، ثقافات الخمينية: موقف من الاستشراق أم حرب على طيف، بيروت: دار الجديد، ط:1، 1995، ص33.
    • "الثقافة والإمبريالية"، ص9.
    • إدوارد سعيد، تعقيبات على الاستشراق، تر: صبحي حديدي، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط:1، 1996، ص112.
    • ومن مظاهر هذا الاحتفاء إقدام "دار الكتاب الإسلامي" بـ"قم" في إيران على طباعة كتاب "الاستشراق" طبعة مصوّرة وغير مرخّصة من الطبعة العربية بترجمة كمال أبو ديب.
    • تعقيبات على الاستشراق، ص104.
    • جعفر شيخ إدريس، منهج مونتغمري واط في دراسة نبوة محمد (ص)، في: مناهج المستشرقين في الدراسات العربية الإسلامية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ط:1، 1986، ج:1، ص240.
    • محمد بن عبود، منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي، في: مناهج المستشرقين، مرجع سابق، ج:1، ص363.
    • إدوارد سعيد: مفارقة الهوية، ص200.
    • انظر: صادق جلال العظم، ذهنية التحريم، لندن: دار رياض الريس، ط:1، 1992، ص59، 69 على التوالي.
    • المرجع السابق، ص20.
    • المرجع السابق، ص21.
    • المرجع السابق، الصفحة ذاتها.
    • ماكس فيبر، الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية، تر: محمد علي مقلد، بيروت: مركز الإنماء القومي، د.ت، ص7.
    • المرجع السابق، ص42.
    • مهدي عامل، ماركس في استشراق إدوارد سعيد، ضمن أعماله الكاملة، بيروت: دار الفارابي، ط:3، 1990، ص98.
    • المرجع السابق، ص159.
    • المرجع السابق، ص100.
    • ثقافات الخمينية، مرجع سابق، ص33.
    • المرجع السابق، ص34، هامش رقم (6).
    • المرجع السابق، ص67.
    • المرجع السابق، ص35.
    • الثقافة والإمبريالية، ص100-101.
    • يرى إدوارد سعيد في آخر كتاباته وحواراته أن الحل الوارد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني إنما يتأتى، لا بحل يقوم على قيام دولتين، بل بحل يتمثّل في دولة واحدة تجمع الإسرائيليين والفلسطينيين معاً. وهذا لن يكون إلا بمواجهة كل جماعة لتجربتها في ضوء تجربة الآخر. فليس هناك أمل في السلام إلا إذا اعترفت الجماعة الأقوى، اليهود الإسرائيليون، بذاكرة المعاناة الفلسطينية، كما أن على الطرف الأضعف، الفلسطينيين، أن يواجهوا بجرأة ذاكرة اليهود في المعاناة والنجاة من "الهولوكوست". انظر: إدوارد سعيد: الاختلاق، الذاكرة والمكان، تر: رشاد عبد القادر، مجلة "الآداب الأجنبية"،ع: 104، 2000، ص36. وانظر الحوار الذي أجراه Harvey Blume for "Atlantic Unbound", 22 September 1999.
    • تعقيبات على الاستشراق، ص107.
    (*) للمقارنة بين التلقي العربي والتلقي الغربي للكتاب، يمكن مراجعة مقالة مصطفى ماروتش، السرد المضاد، في كتاب "الحق يخاطب القوة: إدوارد سعيد وعمل الناقد"، تحرير: بول بوفيه، تر: فاطمة نصر، (القاهرة: سلسلة كتاب سطور، ط:1، 2001)، ص248.
    • ذهنية التحريم، مرجع سابق، ص88.
    • إدوارد سعيد، هجرة النظرية، ضمن "العالم، والنص، والناقد"، ترجمة: عبد الكريم محفوض، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2000، ص289
    http://www.jehat.com/Jehaat/ar/AlBahrain/events/IdwardS...در%20كاظم[/B][/GREEN]
                  

العنوان الكاتب Date
عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء حيدر حسن ميرغني09-08-06, 02:46 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالكريم الامين احمد09-08-06, 03:04 PM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء حيدر حسن ميرغني09-08-06, 03:55 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء معتصم الطاهر09-08-06, 05:16 PM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-08-06, 08:24 PM
      الاستعارات الثقافية osama elkhawad09-08-06, 11:30 PM
        Re: الاستعارات الثقافية osama elkhawad09-09-06, 01:32 AM
  حوار mohmmed said ahmed09-09-06, 01:40 AM
    Re: حوار osama elkhawad09-09-06, 01:46 AM
  حوار mohmmed said ahmed09-09-06, 01:59 AM
    Re: حوار osama elkhawad09-09-06, 02:05 AM
      عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية" osama elkhawad09-09-06, 03:09 AM
        Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية" osama elkhawad09-09-06, 04:37 AM
          Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية" osama elkhawad09-10-06, 02:44 AM
            Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية" osama elkhawad09-14-06, 01:17 AM
              Re: عن خرافة الغابة و الصحراء باعتبارها "ناظما للثقافة السودانية" osama elkhawad09-14-06, 01:38 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-14-06, 02:46 AM
    البوتقة الثقافية لا تعبِّر عن كل الثقافات السودانية،وانما عن "الجماعة المستعربة" osama elkhawad09-14-06, 10:14 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-15-06, 03:33 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-15-06, 09:35 AM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء حيدر حسن ميرغني09-15-06, 01:37 PM
      Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء abdalla elshaikh09-15-06, 06:04 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء محمد شرف الدين عبد البارئ09-15-06, 06:29 PM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-15-06, 09:08 PM
  Re:الغابة والصحراء كناظم جمالي للثقافة السودانية Agab Alfaya09-15-06, 11:00 PM
  Re: الآفروعربية أو تحالف الهاربين Agab Alfaya09-15-06, 11:05 PM
    Re: الآفروعربية أو تحالف الهاربين osama elkhawad09-16-06, 00:41 AM
  Re: التوق والترميز او الدولة الدينية والدستور الاسلامي !! Agab Alfaya09-16-06, 01:49 AM
  Re: واسلاماه : صيحة لمفكر يساري كبير Agab Alfaya09-16-06, 01:53 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-16-06, 02:26 AM
  Re: الا اذا قلنا ان الانسان السوداني انسان مستعار ! Agab Alfaya09-16-06, 05:01 AM
  Re: ما رأيكم في هذه الاستعارة الثقافية ؟ Agab Alfaya09-16-06, 05:12 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-16-06, 05:19 AM
  Re: هل هو تراجع و رد اعتبار واعتذار ؟ Agab Alfaya09-16-06, 10:03 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبد الله عقيد09-16-06, 11:04 AM
    كناية ثقافية وليس استعارة ثقافية-تصويب مهم osama elkhawad09-16-06, 05:16 PM
      Re: كناية ثقافية وليس استعارة ثقافية-تصويب مهم osama elkhawad09-17-06, 01:35 AM
  Re: ويعتذر ايضا انابة عن تلاميذه ! Agab Alfaya09-17-06, 11:36 AM
  Re: الاستاذ/ كمال الجزولي يرد على الدكتور عبدالله Agab Alfaya09-17-06, 08:07 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-18-06, 02:44 AM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء حيدر حسن ميرغني09-18-06, 02:13 PM
      Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء حيدر حسن ميرغني09-18-06, 04:10 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-18-06, 04:57 PM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-19-06, 00:37 AM
      Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء حيدر حسن ميرغني09-19-06, 11:24 AM
      Re:بيدي عمرو ، لا بيدي ! Agab Alfaya09-19-06, 12:01 PM
  Re: خطوة الى الامام Agab Alfaya09-19-06, 12:11 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-19-06, 12:24 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبد الله عقيد09-19-06, 01:12 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-19-06, 01:25 PM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-19-06, 01:45 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-19-06, 01:59 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-19-06, 02:10 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-19-06, 06:54 PM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-19-06, 09:12 PM
      Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-19-06, 11:04 PM
  Re: تسوي بيدك يغلب اجاويدك ! Agab Alfaya09-19-06, 11:30 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-19-06, 11:33 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-20-06, 01:15 AM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-20-06, 04:27 AM
  Re: سنار الرمز ، وليس سنار الدولة الدينية ، Agab Alfaya09-20-06, 04:06 AM
    Re: سنار الرمز ، وليس سنار الدولة الدينية ، osama elkhawad09-20-06, 05:00 AM
      الشفرات الثقافية osama elkhawad09-20-06, 05:09 AM
        Re: الشفرات الثقافية حيدر حسن ميرغني09-20-06, 05:43 AM
        Re: وهل هذه هي الشفرة الثقافية للسودان ؟ Agab Alfaya09-20-06, 07:38 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-20-06, 05:21 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-20-06, 05:25 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-20-06, 11:04 AM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-21-06, 00:00 AM
  Re: أول محاولة جادة في التأسيس للتعدد الثقافي Agab Alfaya09-21-06, 03:45 AM
  Re: محمد جلال هاشم يصف مشروع الدكتور بالاسلاموعروبية ! Agab Alfaya09-21-06, 04:23 AM
  Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ، Agab Alfaya09-21-06, 12:58 PM
    Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ، حيدر حسن ميرغني09-21-06, 02:08 PM
      Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ، حيدر حسن ميرغني09-21-06, 02:50 PM
        Re: الدكتور عبد الله على ابراهيم ، والسودانوية ، osama elkhawad09-22-06, 01:49 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-22-06, 03:35 AM
  Re: لا توجد تعددية خارج ثنائية الغابة والصحراء ! Agab Alfaya09-22-06, 10:49 PM
  Re: الاغنية السودانية الحديثة نتاج للبوتقة الثقافية Agab Alfaya09-23-06, 00:40 AM
    في نقد البوتقة ككناية ثقافية: نماذج متعددة أو البوتقة في مقابل التعدد الثقافي osama elkhawad09-23-06, 03:22 AM
  Re: عندما أقر الدكتور بالهجنة الثقافية ! Agab Alfaya09-23-06, 04:15 AM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء عبدالله الشقليني09-23-06, 11:22 AM
    Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء osama elkhawad09-23-06, 01:44 PM
      Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء munswor almophtah09-23-06, 04:54 PM
  Re: عيسى الحلو يستدرج الدكتور عبد الله علي إبراهيم .... في الغابة والصحراء Agab Alfaya09-23-06, 09:10 PM
  Re: ديالتيك ثقافي Agab Alfaya09-23-06, 09:26 PM
  Re: محمد المكي يرد Agab Alfaya09-23-06, 09:44 PM
    Re: محمد المكي يرد عبدالله الشقليني09-23-06, 10:16 PM
      اختزالية وتبسيطية و خفة ثنائية "الثقافة العربية والافريقية" osama elkhawad09-23-06, 11:49 PM
        يتبنى "ود المكي" كناية البوتقة، و يتفق مع نقد الخطاب الثقافي الامريكي لها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ osama elkhawad09-24-06, 00:54 AM
        Re: الرمز ابدا اختزالي ! Agab Alfaya09-24-06, 02:21 AM
          الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟؟؟؟؟ osama elkhawad09-24-06, 04:20 AM
            Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟ osama elkhawad09-24-06, 01:39 PM
              Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟ osama elkhawad09-24-06, 11:48 PM
                Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟ osama elkhawad09-25-06, 01:36 AM
                  Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟ osama elkhawad09-25-06, 02:31 AM
                    Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟ حيدر حسن ميرغني09-25-06, 01:22 PM
                      Re: الغابة والصحراء ليست واحدة: كيف لود المكي ان يتنقد البوتقة الامريكية،وهو احد دعاة البوتقة؟؟ osama elkhawad09-25-06, 11:30 PM
  Re: بين البوتقة والباقة Agab Alfaya09-26-06, 00:33 AM
    Re: بين البوتقة والباقة munswor almophtah09-26-06, 01:05 AM
      Re: بين البوتقة والباقة Agab Alfaya09-26-06, 01:34 AM
      في نقد كناية البوتقة:م.أ. ابراهيم نموذجا osama elkhawad09-27-06, 00:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de