والله يا ابا محمود غناء عثمان حسين فيهو سر غريب جدا فقد توطن في وجدان اي سوداني في الحضر والريف والبوادى و الغريب يا محمد إلتقاءالنخب الصفوية مع الاميين في مستوع ترانيم الراحل عثمان حسين وانا شخصيا اعرف الكثيرين الذي لم يستطيعوا ادراك معاني الكلمات ولكن يسكرهم اللحن وينسحب هذا كله على اغاني ابراهيم عوض وغيره من عمالقة الفن السوداني.
في تقديري ثمة ارث وجدانى متواصل داخل كل اسرة سودانية خلّفه غناء هذين العملاقين . فانا شخصيا لا انسى الجلسة الصباحية امام دكان عمى على شيقوق عندما كان الراديو بالاريال المعلق فوق بالقناية ونسمع من الصباح اغنية شجن او لا وحبك او من قساك للراحل ابراهيم عوض او زاد ويلي لابي داؤود او الابيض ضميرك والسنين للطيب عبد الله او بعد ايه لمحمد وردى . آآآآآآآآآآآآآه يا المرتضى من ذلك الزمن الجميل .
(عدل بواسطة الطيب شيقوق on 06-10-2008, 11:02 AM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 06-29-2008, 07:00 PM)
06-10-2008, 09:54 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
رحم الله شهداء احترقوا حتى التفحم في لحظة الفرح بالوصول إلى أرض الوطن. اللهم ارحمهم واغفر لهم واسكنهم فردوسك الأعلى . إنا لله وإنا إليه راجعون. إنا لله وإنا إليه راجعون.
06-16-2008, 08:31 PM
Moawia Mohammed
Moawia Mohammed
تاريخ التسجيل: 10-24-2006
مجموع المشاركات: 3777
الهادي نصرالدين ، الذي اشتهر ب (الهادي الضلالي) هو أشهر شخصية أمدرمانية بل أشهر شخصية في العاصمة المثلثة خارج أطر و (مسببات) الشهرة العادية كالغناء وكرة القدم والمسرح وما شابهها ، هو الشخصية التي يعرفها الناس خارج وسائط الإعلام ، من قاطني حي ودنوباوي المعروف وهو من أطرف الشخصيات التي اشتهرت بسرعة البديهة والتعليق على الشخوص والأحداث بكلمات يحفظها أهل أمدرمان في أحيائها العريقة. هو أمدرماني متطرف ولايجامل أو يداهن في هذا الإتجاه. من غرائب الصدف أن شاركه في الحي علم في الملح والطرف هو (سَينَا) كمال عبدالجليل. الهادي لم يستحوذ على الشعبية العريضة والقبول الإجتماعي بسبب الطرف والمفارقات والسخرية التي لاتفارقه ، لكنه رجل نسَّابة يعرف كل بيوت أحياء أمدرمان القديمة (حين كان اسمها امدرمان) ويعرف ساكنيها وصلة القربى والرحم بين أهلها، لاتجد مناسبة فرح أو ترح أمدرمانية أصيلة إلا كان الهادي فيها، بل هو الذي يبلغ الكثيرين بهذه المناسبات حاضا الناس على القيام بالواجب ويقول ليك بتمتمة محببة للنفس (ههه الناس ديل لازم تصلهم يا محمد لأنو يا خوي اللوم بجي بالغفله). لن أردد هنا طُرف الهادي الشهيرة فكل من يعرف الهادي أو من سمع به يحفظها عن ظهر قلب. الله يديك العافيه حبيبنا الهادي.
06-17-2008, 04:59 AM
أحمد طراوه
أحمد طراوه
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4206
Quote: مكانة إسبانيا في قلب لوركا " .. جيب لينا صورة لوركا يا ود حامد ..
أحمد زولي المتمم كيفي في زمن الوفاء وفي زمن الخذلان ايضا، فدريكو غارسيا لوركا إنسان من زمن الأسطورة الأندلسية ينشر شعرا غجريا وينثر تبرا يرسم ويموسق موسيقى تسكر زرياب وتنصب مصارعة للثيران والبطولة والثورة، يأخذك إلى حيث ( لاأمنيات تخيب ولا كائنات تمر) لتصبح قصائده تجسير لما بين أشبيلية وفيها يتوضأ ابن زيدون بحب ولاّدة بنت المستكفي إلى كتالونيا والحرب الإسبانيه كما أوردها بيكاسو في الجرنيكا لينتهي بقصائده عند الشهيد الليندي في سانتياقو شيلي عاشقا للوركا نفسه، ما غريبه يا أحمد أن يغتال لوركا من أسموا أنفسهم ثوارا ، ما أكثر الثوار الكذبة، وتغتال الليندي إدارة البيت الأسود وما يتبعها من شركات نصّبت بينوشيه وكيلا في سحق كل الورود واسس الجمال في عصر الدولار المقيت.
لوركا؟ أنقل لك ما قاله عنه علي المك:
(هو شاعر العصر المقدم ، أنه الاندلس وهو أسبانيا ، وهو النيلوفر ومصارعو الثيران والأزهار والفجعية ، قرطبة وغرناطة ، وأشبيليه مدن تتلألأ في الشمس وفي الظل ، والريح والدخان ، وهو الفلامنجو ، وشعر الطبيعة 00 ولهذا كرهه الفاشيون لأنه يقود الناس إلى مواطن الجمال ، وإلى الحقيقة ، ولم يسمحوا له بأكثر من ثمان وثلاثين سنة ، ولد عام 1898 ، ثم أعدموه في غرناطة في يوليو 1936 . وكانت تلك فاجعة الفواجع). شفت علي المك بينظِّم النَضَمي كيفن؟
لوركا؟ يا أحمد سلامي أرسله وقد غاب الصحاب وأخفق الشعاع.
ملحوظه: ناس مسقط ذاتم ما نزلت من لسانم. يا سيد المعزَّه.
06-20-2008, 11:00 AM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
(الشخصية) أعلاه ، من أهم ناسنا، لأنها ارتبطت لنا ، مع "الرتينه" ، يا سلام على الرتينه بت سالم ، ارتبطت لنا بكل أيام الجمال في ربوع السودان المختلفة ، بقي "الفانوس"* في ذاكرتنا متصلا بكثير من الأحداث والذكريات. عرفه أهل العاصمة وعاد إلى الواجهة في (عصر) النميري بسبب الإنقطاع المتكرر، بل شبه المستدام ، للتيار الكهربائي ، وقصة انقطاع التيار الكهربائي في العاصمه وقتها كانت من مظاهر تحقيق حبيبنا نميري للعدل والمساواة وفقا لمفهوم العدل والمساواة عند بعض السودانيين ، بالطبع الآن نحتاج الفانوس أكثر من أي وقت مضى سيما أن (الجاز) متوفر أكثر من ذي قبل لأنو قصة توفُر الكهرباء دي أصبحت كالعنقاء والخِل الوفي ، وأمبارح واحد قال لي سد مروي ويوم القيامه ديل بنسمع بيهم مما ولدونا ولي هسه ما اتحققو. القيطان وجاز الغزاله في القزازه وماتكسر القزازه عند النضافه قبل المغارب، أما لو قام يبَقبِق فتلك البقبقة أسبابها كثيرة منها احتباس غاز في تنك الجاز ، وهنا لازم تطلِّع غطاء التنك لعملية التنفيث عن الزعل, ممكن رداءة نوعية الجاز تزيد البقبقه والقيطان الغلط (الشريط) له أثره بالذات القيطان الصيني الخفيف ، ونظافة الفوانيس عملية محببة إلى النفس وبالذات غسل الجزء الزجاجي بالماء والصابون لإزالة السكن العشوائي والمنظَّم ، وتنظيف الفوانيس غالبا ما يكون مسئولية شخص محدد في البيت ( وزير النور والإضاءه ، يعني شخص مستنير ، وعملية الإطفاء من مهام الظلاميين لكنهم كثيرا ما يتبادلون الأدوار، قال مستنير قال)، وبعد النظافة يكون الضوء حاجه مريحه تدعو للتأمل ، يا سلام. طبعا عملية الإطفاء تتم برفع الذراع الحديدي لرفع الزجاج ثم نفخه حنينه في اللهبه فالنومه العميقه. رأيت بعض السودانيين في الخارج يعلِّقون الفانوس في المنزل ، في الصالون تحديدا، من قبيل التحف (نظام فولكلور) أوربما تعبيرا عن الشوق للوطن ( نوستالجيا بالجاز) وكلو ما (نافع).
____
* لعله من المعروف أن أهل الشَراب والخمر والقعدات ( وعندهم ام فتفت ) يطلقون لقب (فانوس) على الشخص الذي يعتمد على غيره في نصيبه من السَكَر، يعني ما بيشارك في الشيرينق ولا بجيب قزازتو معاهو ورفاق الشربه بيكونوا مكجننو mikachininno adeel kida، كلام قعدات وكده، وكان لِحِق وقطّع في الكلام ممكن يقولوا عليهو (فانوس ببقبق) ، مع اعتذاري للفانوس؟
06-21-2008, 08:16 AM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
تعرف يا مرتضى كان العرب فى بادية السودان يشبهون الفتاة الجميلة باللمبة تغنى الفنان عبدالرحمن عبدالله فى اغنيى شقيش...
يا ضئ اللمبة ... خلونى نصنقر جنبه خلونى نصنقر جنبه ..او فى ضل البرنده
واليك اخى مرتضى هذه الابيات هدية من العزيز حسين محمودعبدالرحيم وهو من المهتمين بهذا البوست ...
اللمبه قزازه جديد عيد معراج عقب الويحيد خلقة الله الما تقليد شالت فكرى وخلتنى بليد
والويحيد هو احد الشهور العربية عند السودانيين واظنه شهر صفر ( الويحيد والكرامه وتانى الكرامه وسايق ورجب وقصير ورمضان والفطر والفطرين والضحية والضحيتين )
عابرون في كلام عابر، محمود درويش ومعين بسيسو وسميح القاسم حديث لكل الفصول، ياسلام على ناسنا، يا سلام على (انصرفوا) ومن قال: كلما آخيت عاصمة ... رمتني بالحقيبة.
لننصت
06-21-2008, 09:29 PM
Osman Musa
Osman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082
Quote: تعرف يا مرتضى كان العرب فى بادية السودان يشبهون الفتاة الجميلة باللمبة تغنى الفنان عبدالرحمن عبدالله فى اغنيى شقيش...
يا ضئ اللمبة ... خلونى نصنقر جنبه خلونى نصنقر جنبه ..او فى ضل البرنده
واليك اخى مرتضى هذه الابيات هدية من العزيز حسين محمودعبدالرحيم وهو من المهتمين بهذا البوست ...
اللمبه قزازه جديد عيد معراج عقب الويحيد خلقة الله الما تقليد شالت فكرى وخلتنى بليد
والويحيد هو احد الشهور العربية عند السودانيين واظنه شهر صفر ( الويحيد والكرامه وتانى الكرامه وسايق ورجب وقصير ورمضان والفطر والفطرين والضحية والضحيتين )
و برضو لو اللمبة قالت بق تبقى اللمبة دايره الدق...
سلاااام لود المرتضى...و ليكم كلكم
06-22-2008, 10:39 AM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
Quote: اللمبه قزازه جديد عيد معراج عقب الويحيد خلقة الله الما تقليد شالت فكرى وخلتنى بليد
يا قرشي ، أخونا حسين يبدو عليه أنه من البكايين برتبة موريتاني ، مثل حسين يُفتقد في بوست ك (الحب في المنبر) حيث جرت عمليات تغزل بين المسارح شاركت في فعالياتها كل قوى الإستنارة وجمعت بين العاشق الصريح وقلب الدفاع. تهانينا الحارة للحسين بن محمود بن عبدالرحيم على ترقيته لرتبة متغزل إنشال فكرو وخلوهو بليد ، أصلو نحن يا أحمد لو الواحد ما إتخبل بالريده ما بيكون من ناسنا. تسلم.
شكرا يا الهيثم، الطيب مدثر أجاد في أغنية عبدالرحمن الريح التي غناها إبراهيم عبدالجليل ، أرجو أن يتحفنا ودالقرشي بالكلمات وهي لاشك في خزائنه. شكرا يا حامل المسك.
06-23-2008, 11:20 AM
Ahmed al Qurashi
Ahmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263
أغنية أحاسيس أو حديث الحب هي من كلمات الشاعر عبدالرحمن الريح ولقد تغنى بها أولا إبراهيم عبدالجليل ثم إبراهيم إدريس ود المقرن ولقد اعجبنى كثيرا أداء الفنان الطيب مدثر لهذه الأغنية ....
بى حبي فيك اصرّح.....والتصريح يكون بعض أحيان مجرّح حديث واحد يبكى ...وحديث واحــــــد يفرح ************** حديث الحب ملوّن .....واحد منه ظاهر والآخر مدون في صفحة فؤادي ...... من الآمــال مــكـــون حبيب يوم سعدي يطلع بقربك منّى اســــمع أشوفك ولى يرجع .........عقلي الدوام مسرّح ********* حديث الحب جواهر .......وباقات من أزاهر تغنى به الطبيعة ...... على لحن المزاهر تفهم منّه كلمه ........ بمعنى الحب تجاهر تسمع منه نغمه .........مع الأفلاك تساهر تعلّم كيف تهوى حبيب للحب يسوى بعيد عن كل دعوه ......كلامه وشكله مفرح ******** كلام الناس دعوه .......خداع لا تسمعوه يحسدوك في حبيبك ..... ومنك يمنعوه إذا حاولت وده نحوك يبدى صدّه يخالك انت ضده يحب بعدك قريبك ........ ويتغير حــــبيبك يكون في الحب نصيبك ..... وحيد تمسى وتصبح
06-24-2008, 05:16 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
أحبه الجميع، شاهدته لأول مرة في حلقات كان يبثها التلفزيون يوميا في رمضان بعنوان (رمضانيات) وكانت تُبَث بعد الإفطار مباشرة وكانت تسعدنا كثيرا حين كان في الحياة ما يُسعِد ، بعدها شهدناه في المسرح القومي بأمدرمان في أكل عيش ومدير ليوم واحد وأخريات. شاركه الفذ عبدالوهاب الجعفري وعدد آخر من الموهوبين منهم ، إن أسعفتني الذاكرة الخؤون ، فتحي بركيه (السميح) ، كنا نضحك لكوميديا الموقف في شرخ الصبا الجميل ، ايام توتو كوره وسانتوس وشواطين وبسكويت كوكو أو ساتي وحلويات سعد وقزازة الحريه المشتهيينا لي يوم الليله. عاصر العم كرتوب وبت قضيم والعجب كل من محمود سراج (أبقبوره) وعثمان تورالجر وآخرين و( عشمانه) وأظن كان اسمه الفاتح. تلك ايام نديه بطعم النعناع أو الليمون البارد أو أم جِنقِر أو عصيدة دخن بلبن دافئ وعسل نحل في مساء من شتاءات التبون والمجلد في ضوء الفانوس. الفاضل سعيد ، بذات الهدوء رحل عنا وهو يبتسم في ثغر السودان. رحمك الله يامن اسعدت وكفيت ، يا ناسنا يا الفاضل السعيد بحق.
06-24-2008, 06:23 PM
أحمد طراوه
أحمد طراوه
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4206
القطيه يا طراوه من أهم ناسنا لأنني ما استمتعت بنوم مثل الذي كان في القطاطي، في السنين التي قضيتها في غرب السودان كانت القطيه تضاف أحيانا إلى بيوت الحجر ، وهي غالب بيوت الموظفين ، ولكننا لم نكن من محبي بيوت الحجر المسقوفه بالزنك ، تتذكر طيري يا قمريه ورِكِّي فوق الزنكي (ثاني أكسيد الخارصين)، ولم نكن نحب النملي وكنا نفرح كثيرا عندما نجد بيتا فيه قطيه لأنو القطيه يا عزيزي بارده في الصيف بحيث لاتحتاج معها حتى رش الرمله ، وهي دافئة في الشتاء ، ولايأتيها الإزعاج من سقفها أثناء المطر بالذات المطر الليلي المصحوب بالرعد الذي يخلع قلبك من بين الضلوع بعد البرق البيشلع بكل الألوان (ابو حرقوص) أبمطرتن ساريه ، البرق اللي كنا بعدما نشوفو بنسد الإضنين ونغمض العينين لأننا عارفين ماذا سيصيبنا بعده ، أها يا أحمد ، القطيه دي بيبنوها بأسلوب هندسي راق ، غالبا أهل القرية أو البلده أو الحي في عمل بلشفي ( نفره صغرى ) ، تحفر الحفر في الشكل الدائري وتخت الشِعَب وتظبط السقف في شكل القمع الكبير وترص القصب مدرجا وفي القمة تضع بيضة نعامه ، هسه في إحتمال يكون محلها دِش، وأحيانا توضع زجاجه مقلوبه ، ولو أن هذا لاينصح به لأنه في تمركز الشمس في السماء قد يؤدي تركيز الأشعة إلى حرارة ربما تفضي إلى حريق ( تتذكر العدسه في الشمش ايام الثانوي العام)، هكذا سمعنا ، القطيه الراقيه بيغطوا سقفها من جوّه بقماش دموريه أو قماش ساكوبيس فيصبح السقف من الداخل كقرطاس من ورق ابيض ( رطل سُكّر) يبدو رائعا كبلانتيريوم قبل تشغيله وأنت تحدق فيه مستلقيا على عنقريب كرّاب ما حلمت به IKEA وبقربك الراديو الفيلبس بالبطاريه من ماركة Berec ، وهذا القماش (بطانة السقف) يحول دون تساقط القش السغار و الحشرات و الهوام والأوهام من السقف إلى الفِراش، هذه القطاطي تكون أرضيتها رملة بيضاء من غير سوء ممكن تقعد فيها بجلابية بوبلين جديده وكأنك كنت قاعد في موكيت ، بس الرمله الدقاقه أجمل، تقعد فيها وتقوم تِتنَفَّض مَحَنَّه وتحِس بجنَّه لما العين تقابلك صدفه زي ما قال كابلي. مرات بيعملوا للقطيه إكستينشن خارجي راكوبه للونسه والشاي والشمار الحار والشمّام التمام زي البيعملوهو ناسكم في كاليفورنيا ، قاصد الإكستينشن ، ويسموهو conservatory ، شايف ناس الشقق في الجارقون بتاعم بيقولوا ليها سولاريوم ، يعني مطله على الشمس وكده. لكن العيب الوحيد للقطيه يا أحمد ، سرعة انتقال الحريق والكلام ، سر مافي ، يعني لوذررت في سمع الحبيبة شيئا يلذُ لها، كما قال العباسي ، باكر يشيلوا حِسَّك في سودانيزأونلاين. ودمجذوب ، عفوا ، ودشيقوق ، قال لي عندنا في البطانه لما الواحد يتزوج جديد لنج ، يعني من الورقه ، يعني كرت كرتونه ، يعني عدَّموهو التعريفه ، بيعملوا ليهو قطيه براهو ملحقه في بيت نسابتو وبيركِّبوا فيها قزازه خضراء فوق يراها الأعشى في الليل البهيم ، وسألته إن كانت الزجاجة توضع درءا للعين أو الحاجب أو كده فرد علي بحزم : يازول ، دي علامة ممنوع الإقتراب أو التصوير. كتيبة الهجانه.
06-25-2008, 08:46 AM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
تسلم للمرتضى بحديثك الرائع والممتع حقا عن اعز الناس (القطية) وجاييك انا عشان اوريك بيضة النعام والقزازة دى مرات لما تكون غالية ومستحيلة بنخت في محلها قلب السعف الناصع البياض والشامخ عندما تتم تلبيستو في راس القطية حديثا والبنتكي عامل شكل Global من المطر وحر الشمس .
جاييك لحبيبتي القطية وحبيبتي الكنجة وجاييك للقدلة ، في التلت الاخير من الليل ، بين القطية والكنجة بعد العريس هيييييييييييييع
وجاييك بالكتير اصبر لى بس .
06-25-2008, 12:24 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
نعم يا أحمد، استاذنا مأمون الرجل الأنيق في أي اتجاه يُفجِع رحيله بشدة لأنه لا يعَّوض، مأمون كان من أولئك الناس الذين تجالسهم لألف عام ولاتمل. تتعلم منهم الوطنية والتسامح ووعي شيدته التجارب الحقيقية. يا أحمد ولّى زمن الموسوعيين النظيفين شكلا ومضمونا. ياخ قلب لنا الدهر ظهر المجن ، استغفر الله. رحمك المولى يا مأمون. إنا لله وإنا إليه راجعون. إنا لله وإنا إليه راجعون.
06-27-2008, 10:18 AM
Ahmed al Qurashi
Ahmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263
فى برنامج الحقيبة الذى بثّ اليوم 27/3 .. قدم الاستاذ عوض بابكر تسجيلا قديما لبرنامج اذاعى اسمه من رواد الاغنية كان يقدمه الدكتور عزالدين هلالى ولقد استضاف فى هذه الحلقة الشاعر عبدالرحمن الريح ولقد كانت الحلقة قبل اسبوع من وفاته وفيها تغنى عبدالرحمن الريح بجزء من اغنية مارأيت فى الكون ولقد قال ان اول من تغنى بها ميرغنى المامون وزميله عبدالله الونق ثم بعد ذلك تغنى بها الفاضل احمد ... وما يهمنى فى هذا البوست المعلومة التى صححها لنا عبدالرحمن الريح حيث قال ان اغنية حديث الحب تغنى بها ابراهيم ادريس ودالمقرن قبل ابراهيم عبدالجليل ولقد استمع لها ابراهيم عبدالجليل من ودالمقرن فى حفلة واعجبته فحضر الى عبدالرحمن الريح وطلب منه نص القصيدة وبالفعل تغنى بها ابراهيم عبدالجليل بعد ذلك وهذا تصحيح للمعلومة التى ذكرتها سابقا بان ابراهيم قد سبق ودالمقرن فى غناء حديث الحب .. ونحن فى انتظارك هيثم لبيب لنسمع حديث الحب بصوت ابراهيم ادريس ودالمقرن
06-27-2008, 06:09 PM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
القطية والصريف معالم تراثية من ناسنا الحقيقيين يا المرتضى اخوى . بساطة في العناصر المكونة لهما :
قش من نوع النال او الانيس ينمو في الارض البادوبة ايام الخريف . من الاول (النال) تفوح اجمل انواع العطور لا سيما عندما تاتيها عكس مهب الرياح . كنا عندما نقلعه من جزورة نلحس الطينة المتشبسة بالجزور وتسمى هذه الطينة المباركة بالنور مذاقها حلو وطعمها يميل للحموضة . نعم هي درابة يابسة فقط تتميز بالبركة عند ناسنا . تغني الخليل في النال عندما قال ( يا جمال النال في ثراكن ويا حلاة البرعن اراكن في قفاهن تور قرنو ماكن لا غشن لا شافن مساكن في الخزام والشيح والبراح )
اما المكون الثاني للقطية والبديل للنال فهو البوص ايضا من ناسنا يا المرتضى . غالبا ينمو في المرانع ( محلات تجمع مياه الامطار ) ليس له تيراب وانما يفتق ساقه عندما يحين موسم الامطار . عكس النال تحبه الانعام واول النباتات التي تعجل ببرها لتلك الانعامفي بدايات الخريف . من البوص كانت تصنع السويبا( بضم السين وتشديد الياء ) وهذه ايضا من ناسنا وهى عبارة عن بهو في شكل دائري يساج بالفلكاب او القنا سياجة محكمة بمسافات متقاربة وتمسح من الخارج بالذبالة ( مخلفات البقر وغيرها ) وتعتبر السويبا صومعة اهل الريف ايام زمان فلا يتلف محصول الذرة او الدخن بداخلها مهما طالت مسافات الزمن .
القادم من اهل البندر في مواسم الدرتية ( ايام الحصاد) يشاهد تنوع لوني في مباني القرية حيث تنتشر القطاطي الجديدة وسط القطاطي التي بللتها امطار الخريف وتغير لونها لتكون دباسية المظهر ( الدباس هو طائر القمري ) . كثرة القطاطي الجديدة عند ناسنا قرينة على خريف طيب قد مضى وانتاج وفير قد حصد ومن ثم انخفاض في عدد العزارى بالقرية لكثرة المتزوجين من الشباب .
صحيح يا المرتضى جمع القش للقطاطى وبنيان القطاطي يعكسان لوحة رائعة لتكافل اهل الريف . فقبل العربات كان الاهالي يذهبون في شكل نفير كل بدابته لقطع النال والتبرع بحزمة ليكون له شرف المساهمةفي لتاسيس بداية حياة جديدة لاحد شباب القرية . اما النساء فتسمع زغاريدهن كلما اتي واحد وتااااااااااااح رمى حزمة وسردبتو مليانة حتحات قش واخد تكية على الهباب المعد لاستقبال اصحاب الحزم . وبعد ان يتجمع كل هولاء يبدو مظهر اخر من التكافل ولكن هذه المرة من النساء فتاتي اى واحدة منهن حاملة الصينية الفيها الصحن الوهيط والمغطاة باجمل انواع الطباقة وبجنبة الصحن الملاحة البيضاء(ملح - شطة كل فارز عيشتو من التاني)
فاصل ونواصل
(عدل بواسطة الطيب شيقوق on 06-27-2008, 06:15 PM) (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 06-28-2008, 05:46 AM)
06-27-2008, 11:09 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
حولية الشيخ قريب الله موعدها الخميس الأخير من كل رمضان، تشارك في تلك الحولية كل الطرق الصوفية من خلال (وفد) يرفع راياته الملونة عند قدومه إلى منطقة الجامع مع صوت عال للنحاس والطبل وحركات جماعية يقوم بها الدراويش تصعب على العامة من غير أهل الدربة والدراية والمعرفة، كان الواحد فيهم يدور على محور ارتكاز هو كعب القدم بسرعة وكأنه خذروف حتى تصاب أنت المشاهد بالدوار وهو ثابت كأنه يصافحك. شي عجيب والله في شأن أولئك المجاذيب ، لا بيدوشوا لانَفَسُم بيقوم ، أي والله . تتصاعد رائحة الفتّة الرهيبة رغم أن الجميع قدموا من تراويح من مساجد مختلفة متوزعة بين أحياء أمدرمان القديمة. كان الشباب من الجنسين يلتقون في ذلك الحفل الديني الذي لايضاهيه في حجمه إلا الإحتفال بالمولد الكبير في ميدان الخليفة. تلتقي زملاء الدراسة والأصحاب في تلك الليلة حتى لو غبت عنهم سنينا. تتسع حلقات الذِكر ويزيد الإنفعال والتوهج تدريجيا ويعلو صوت الطبول والنحاس واهتزاز الأجسام العنيف حي حي حي قيوم. الكتاتيح في السما ، النفوس طيبة والإبتسامات مرسلة لمن يهمه او لايهمه الأمر والكرم في اتساع وتصاعد ، الروحانيات وأجواء رمضان الرائعة تهذب النفوس واللقيا ، أيا كان من تلتقيه ، لها طعم وكل يغني على ليلاه، يا ليلى ليلك جنَّ. بالطبع لايخلو الحدث من شقاوة ( المتاوقه) من بعض الذين يضربون موعدا هناك لي شوفتن تبل الشوق وردّا يطمِّن أو للشوفتن بتريِّح وهن (مبلَّمات)، باختصار هناك بتلاقي كل ناسنا. لم يصف هذا الطقس في أدبياتنا مثلما وصف الراحل محمد المهدي مجذوب في قصيدة المولد. يا سلام على أمدرمان، حولية الشيخ قريب الله يلتقي فيها أهل الدين والفن والرياضه والحب والأصدقاء من جهة وأيضا بعض الساسة و النشالين من جهة أخرى. عند منتصف الليل يبلغ الإحتفال مداه ثم يبدأ بالتناقص متجها نحو الهدوء حتى يسكن الجميع ويبدأ الدراويش في البحث عن (البكاسي) والحافلات التي أتت بهم من بعيد بل من كل فج عميق ومن خارج العاصمة أحيانا, يهمهم بعضهم في البوكس ، تعب خيالي، نجيضين من الذِكِر والفتَّه وبعضهم ينادي : يا العوض دحين قول لناس فضل الله نحن اتأخرنا خلاس، قولّهم أمرقوا، إنهم يخلصون لما يعتقدون ومعظمهم من الصادقين حقا. نمشي نحصِّل السحور ونهابش في الأواني المغتغته أو الرُقاق المعطون في اللبن ، والرقاق دا ناس شيقوق في البطانه بيسموه كورن فليكس. في ناس لو الآذان صادفهم في الشارع وما لحقوا السحور الإحتمال وارد إنو اليوم التاني (دَك)، المريح في توقيت الإحتفال أن اليوم الذي يليه هو الجمعة لأن التعب الجسدي الذي يتلبسك بعد تلك الليلة لايعادله إلا التعب الذي تحسه بعد العودة من (رحله). لكن الفَتَّه مبالغه. استغفر الله لي ولكم.
06-28-2008, 05:26 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
ممتاز يا الطيب، النال ده ما سمعت بيهو إلا منك، لكن بحق فاتني أن أعرض للقطاطي القديمة والتي تميل إلى اللون الداكن وربما تصلها أعمال الترقيع بالقش الجديد فتصبح زي تسريحة بعض بنات اليومين ديل ـ خصلات بيج وسط الشعر الأسود لا؟ فالقديمة بالفعل لونها يصبح كما وصفت ، لون القمري، أما الجديد من القطاطي فيكون ذهبي اللون. المهم يا سيدي لوحة القطاطي لاتكتمل إلا بالدجاجة التي تبيض بقربها والسواسيو ( أقصد البيبيز بتاع الدجاج مش الفتايل) ، ولايفوتني أن الصريف الرهيف منجاة في بعض الأحيان ويقال في حال الهروب الكبير عند الزنقات المصيرية (قَدِّ الصريف).
هيثم عزيزنا، بالطبع لم يشأ عبدالرحمن الريح حتى ترديد اللحن الذي غناه إبراهيم عبدالجليل رغم أنه من تأليفه، لم يشأ أن يردد عملا غير متكامل رغم إلحاح مضيِّفه ، عبدالرحمن ما عندو حاجه ناقصه ، هو نفسه يمتلك حنجرة ذهبية وقصائد هي أروع ما كتب وألحان لاتُدانى ، لكن لاغرابة فهو ابن حي العرب وكفى. حديث واحد يجرِّح وحديث واحد يفرِّح.
06-28-2008, 02:33 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
Quote: وهذا تصحيح للمعلومة التى ذكرتها سابقا بان ابراهيم قد سبق ودالمقرن فى غناء حديث الحب ..
بالطبع يا أحمد إنت كان قلت لينا قصيدة حديث الحب أو أي قصيدة حقيبه غيرها كاتبها هو سئ الذكر جورج بوش أو صنوه أولمرت برضو لصدقناك على الرغم إنو سيئي الذكر المشار إليهما لاعلاقة لهما بالحب أو أحاديثه. لكن نحن بنصدقك على سند من مبدأ لا يفتى غير أحمد في الحقيبه.
06-28-2008, 02:34 PM
dalihabboub
dalihabboub
تاريخ التسجيل: 10-03-2002
مجموع المشاركات: 237
رغم أنني أكتفي بالإطلاع علي المواضيع المنشورة في هذا البورد دون التوقيع إلا أن هذا البوست جعلني أترك عادة الخمول لإحييك عليه والسؤال الذي اريد أن أطرحه من وحي ما ذكرته عن روعة القطية وقدرتها العجيبة على إسباغ السكينة على الواحد بما يجعله ينام قرير العين هانيهاهو:
هل فعلا القطية من ناسنا الذين نود تخليدهم في هذه الحياة أم هي طقس نحن إليه الآن بدافع الترف؟
السؤال لا ينطلق من عداوة لي مع القطية فأنا كما تعرف ولدت وترعرعت في قرية ولم أر الخرطوم إلا عند قبولي بجامعتها.
شكرا محمد والمتداخلين على هذا البوست الرائع.
دالـــي
06-28-2008, 07:00 PM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
Quote: وربما تصلها أعمال الترقيع بالقش الجديد فتصبح زي تسريحة بعض بنات اليومين ديل ـ خصلات بيج وسط الشعر الأسود لا؟
ات جنيت آ اللخو؟
Quote: المهم يا سيدي لوحة القطاطي لاتكتمل إلا بالدجاجة التي تبيض بقربها والسواسيو ( أقصد البيبيز بتاع الدجاج مش الفتايل) ، ولايفوتني أن الصريف الرهيف منجاة في بعض الأحيان ويقال في حال الهروب الكبير عند الزنقات المصيرية (قَدِّ الصريف).
كلامك صاح مية المية بس بيزيد اللوحة نضارة البلل الهناااااااااااااااك في ناصية الصريف . ناسنا لما يجوا البندر ما بكشنو الا كلمتين عند ناس البندر ( منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب والتصوير) و( ممنوع التبول )
Quote: انت صورتك وديتا وين انت منطقه عسكريه والا شنو
دايرة ليها كلام ؟
Quote: والتانيه ما بكتبوها كده حاول اتذكر وهي من تلات كلمات وحرف نداء
اكتبها انت ما تخجل واتذكر انو الطيب صالح ما صار روائيا عالميا الا بحديثه عن بت الريس وبت مجذوب والعنقريب الطق تتطق . وما كانت لمحمد شكري امجاد الا بالخبز الحافي وهكذا جان جاك روسو . حتى البويلة دى غالباك يا سجم الرماد .
بعض البوستات في هذا المنبر بمثابة الروض ، نفيء إلى ظلالها كلما صلتنا حر السفر وهدت كواهلنا ثقيلات المصائب والأنواء. نقرأ ما يكتبه أناس هم موسوعات متحركة في الذي يكتبون ، فنثري الوجدان وننعش الذاكرة ونروح عن القلوب التي حسبتها عميت من كثرة الهذر والهتر وقبيح المقال الذي ابتلينا به من البعض هنا- سامحهم الله. نعم.. بعض البوستات نعمة علينا - مثلما بعضها نقمة وعكننة مزاج.. وشتان بين المورد العذب والماء الأجاج (بضم الألف وهو المر salty or bitter water). بعض رافعي هذه البوستات الغنية بالمعلومة الجالبة للراحة ( هل تراني دخلت خطأ في جلب يجلب فهو جلاب أو هو جلابي؟؟ ساتر تستر !!!) لا علينا. قلت إن بعض هذه البوستات مدعاة لراحة البال وتطييب الخاطر. لذا وجب علينا بين الفينة والفينة الوقوف بالباب من قبيل التحية وتسجيل الحضور. لكم تمنيت المداخلة في مثل هذه البوستات لكني في كل لحظة أقرأ وأنصرف ، مثل زائر ثقيل الظل يملأ كرشه من لذيذ الطعام ثم يتجشأ ويمسح شواربه دون أن يدعو بالخير والبركة لأهل الحفل. هذه المرة قلت لنفسي: عيب ياخي..قول أي حاجة لصاحب البوست دا. ولأن صلة ود حميمة تربطني بالرجل الخلوق..المستشار محمدالمرتضى حامد صاحب هذا البوست فقد رأيت أن تكون تحيتي بمثابة هذا التبرير المطول دون فائدة ، واثقا أنه سيغفر لي هذا النوع من الهذيان. وقبل الختام أود أن أقول إن (ناسنا) لمحمد المرتضى حامد و(الحزن في الأغنية السودانية) للدكتور (الموسوعة في أغنية الحقيبة)أحمد القرشي وكتابات الطبيب الأديب احمد طراوة وآخرين تستفزني للكتابة كلما أغشاها. فليغفروا لي إن لم أفعل...أصلو اليومين ديل يا أبو أكرم الجلد بقي تخين لزوم يستحمل اللبع من البسوا والما بسوا !! واصل أيهاالصديق..ففي استدعائك للزمن الجميل محاولة طيبة للحلم بمستقبل أكثر نقاء وعافية.
06-29-2008, 12:52 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
Quote: هل فعلا القطية من ناسنا الذين نود تخليدهم في هذه الحياة أم هي طقس نحن إليه الآن بدافع الترف؟
صديقنا وأحد أعمدة ناسنا من الزمن السمح دالي الحبوب، ترف؟ طبعا اللي يسمع التعبير دا يقول السودان فيهو باكنجهام بالاس أو الأليزيه وأرستقراطية متوارثة لعدة قرون، يادالي ، نحن في السودان كلنا بروليتاريا، أغنى أغنياء السودان ، وحتى وقت قريب ، كانوا يركبون الحمير فورويل ، شايف ال SUV دا كيف ؟ والباركنق كان حبلا يربط به الفورويل في حلقه مغروزه في حيطة الجالوص ، والبرسيم الخالي من الرصاص كان وقود الجميع ، ياولد بالله أدي الحمار دا كُليقة قش unleaded ، الجميع يعشق الشرموط بالكسرة ولا بديل للعصيدة بالنعيميه او بالكَوَل غض النظر عن الوضع الإجتماعي الذي مازال في مرحلة شبه الإقطاع وفقا لتصنيف المناشفه في اليسار والنشَّفوها في اليمين حتى لورأيت إطارات البي إم دبليو جارية في أحد الشوارع أو برج الفاتح بالجهتين. هذا هو تاريخنا الإقتصادي الذي يشترك فيه القدامى والجدد، والذين يملكون بيوتا في مايسمى ب ( الأحياء الراقية) حاليا، والتي لاعلاقة لها بالرقي وفقا للمعايير المتعارف عليها ، مجاري طافحه ، شوارع بهجه تفك الزهجه وكباري تغني فيها القماري معطونه في الخريف ، تكسر ركبه وتنده يا شيخي المتعافي الشريف الشفيف، بعوض من طراز أباتشي لايستثني بوصة مربعة من جسد الساكنين وياعيني وين تلقي المنام أحبابك جفوك، مويه وكهربا قاطعين العلاقات وقاعدين يغنّوا ما بنمشي لناس ما بيجونا، حراميه يتلِّبوا ليل ونهار ولايلتزمون بمواعيد الزيارة ولا أغنية فيروز زوروني في السنه مره أو بلاّل زورني مره أنا يا السرَّاق زورني مره، صرف صحي ماكو بلهجة العراق ، علاج ومستشفيات عامه وخاصه كلو واحد في الهوا والكتاحه سوا إلخ.. أها، أحسن ده ولا القطاطي؟ ترف شنو يا دالي بالله عليك. ياخ خليني أنا ، إنت كنت بتنوم أحسن في القطيه ولا تحت مكيفات جنرال وأسِرَّة (Devine) الحاليه؟ عليك الله كنت بتستمتع بروايات الهلال ودومة ودحامد وشارلوت برونتي ولا باللاب توب والساتيلايتس الحرقت دمنا دي؟ ياخ الحراميه اللي بينطوا بالليل ذاتم من ناسنا ، مساكين فاكرين روحم حراميه ، ماشافوا الحراميه الماخمج ، ، المستوى دولي يا دالي تقول لي ترف ومزيج النيل وشنو ماعارف. يا رمز القطيه. بالله ما تناغِمنا قشه قشه.
06-29-2008, 01:11 PM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
لكن يا محمد يا خوي أنا كان قصدي هل كنا نحس حلاوة القطية في ذلك الزمن الذي مضى ولهذا نحن إليها الآن أم أن ما يدفعنا إلى استرجاعها هو ما نعيشه الآن من قرف بسبب تهشم أحلامنا الكبيرة.
بمناسبة الإنتخابات دعني أحكي لك هذه القصة التي كان بطلها واحد من ناسنا في الدويم الجميلة يسمى أبو رزقة اسأل الله أن يكون لا يزال على قيد الحياة لأن الدويم بدونه والله تفقد بعض لونها وطعمها ورائحتها.
بعد وفاة المرحوم خليل عثمان الذي كان ممثلا للدويم في الجمعية التاسيسية تقرر إجراء إنتخابات تكميلية لملء مقعد الدائرة الشاغر وكان أن ترشح لذلك المقعد واحد شليق كدا زي الطيب شيقوق يسمى جبدان وكان جبدان هذا واثقا من الفوز تماما كما كان الطيب شيقوق ومبعث ثقة جبدان في الفوز هو أنه كان واحدا من سكان روتو وهو حي اشتهر في ذلك الزمان بصناعة العرقي النضيف وغيره من الخمور البلدية ولما كان هو واحدا من زبائن أنادي ذلك الحي العريق فقد كان جازمابأنه بهذه الصفة مؤهل لنيل جميع اصوات مرتادي الأنادي وهم كثر في ذلك الزمان.
ولما كان ضمان الفوز يتطلب عملا دعائيا فمن غير أبو رزقة يمكن اللجوء إليه وبالفعل حدث ذلك وتم تكليفه بالمهمة فكان على قدرها فأستأجر تكسي فولجا ومايكرفون وطفق يجوب شوارع المدينة الصغيرة صارخا في الناخبين وهو يحمل جركانة (رمز المرشح في خيال أبو رزقة):
عبي جركانك وأدي جبدانك جبدان اسسا وناوي يرخسا
ورغم أن كل سكارى المدينة الحالمين بترخيص المريسة وما في مستواها (دا تعبير عماني زي ما عارف يا محمد)بعد فوز جبدان قد صوتوا له إلا أن الرجل سقط سقوطا شنيعا لم يكن أشنع منه سوى سقوط ود شيقوق في سنجة ولا وين ما عارف.
لكم الود كله يا محمد وطراوة وطيوبة وكل من نسيت اسمه.
دالــي
06-30-2008, 11:19 AM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
نعم يا عزيزة ، وسألت عن كل الذي ضاع منا أو أضعناه، وإن شئتِِ ، عملية جرد لمعرفة ما ضاع من مخزن الذاكرة وما هو موجود لكنه بحاجة إلى نفض الغبار عنه ليعود ألِقا. تعرفي ياروز ، مرات هذا التذكر فيه تسرية للنفس لاتُعَادَل ، رغم مقولة أن الحقيقة دائماً تؤلم من تعوّد على الأوهام، ما نكتبه هنا ليس وهما بل حقيقة. بمناسبة 30 يونيو اليتجه نحو المساء أدعو الله ما تقع طيّاره قبل ما تقري كلامي ده فالسقوط يتوالى.
تسلمي.
06-29-2008, 05:11 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
ياسر طيفور، كيفك يا زعيم، والله يا ياسر القدم ليهو رافع، ياخ أعد سيفك إلى غمده أو أعمل صيانه للكلاشن أو ال M 60 في استراحة محارب وتعال لينا بالدرب الأخضر. جاييك قريب جدا، محبتي
07-01-2008, 09:06 AM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
وادعوا لهم يا ( كبير النفس و المقصد ) ، و اعفوا عنهم و اهجرهم هجرا جميلا ، ثم توجه نحو دوحة الشعب و الشعر وارفة الظلال
.. و نقل البوست واجب وطني يا ود حامد !
.. و قبال قصة داموك ، و اللبخ ( الهيج شاعرية العبادي بترويعه للحسان ) و كمان اب دربين ، و كبس الجبة ، قبال ديل كلهم حنرسل ليك في البوست الجديد صورة ناسكم آل كابوني في لحظات تعميد (كادي) سائقا مجازا لعربة الزعيم الكادلاك ..
.. و والله يا ود حامد اسهل التحضير لماجستير الفلك من إجراءت و طقوس التعميد سائقا في عوالم عصابات المافيا ماركة شيكاغو
06-30-2008, 06:05 AM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
أستاذي فضيلي، يا سيدي يشرفني أن يكون استدعاء الماضي عندي بمثابة واحة تفئ إليها ، طالما تمنيت ان تستدرجك هذه المساحة التي شرفتها بعدة مداخلات سابقة فكتاباتك لاتتوقف عند لغة السهل الممتنع لكنها تحمل المضامين ثقيلة العيار مما يبقى في العقل والعاطفة ، بالطبع أطمع في المزيد فالذكريات صادقة وجميلة خلافا لما قال عنها إيلي ويزل زول جائزة نوبل ، قرأت أنه قال إن التذكر يصيب بالإحباط لهذا فإن الخيار الأمثل في معظم الأوقات أن نتذكر أننا لانتذكر حتى لانتذكر ومن ثم نتمتع بحاضر رائق خال من المنغصات ، لكن نحن مع ودحلتنا سيف الدسوقي دائما نغني نحن في ماضينا قوه تتحدى الصعاب، ونحن مع القال ( إن الله تعالى منحنا الذاكرة لنستمتع بزهور الربيع في فصل الشتاء وبالحب في زمن الكراهية)
Quote: أصلو اليومين ديل يا أبو أكرم الجلد بقي تخين لزوم يستحمل اللبع من البسوا والما بسوا
'طبعا يا فضيلي ، لأنك تقول الحقيقة وهي كما قيل (مثل النحلة تحمل في جوفها العسل وفي ذنبها الإبرة) . في هذا المنبر ، كما في كل مكان ، لابد أن تتحمل ما يصيبك من خلفاء دونكيشوت، إنت مش كتبت قصيدة عن دونكيشوت وعارف سيرتو؟ أها أمثالو هنا كتار وحسنا فعلت أنك لم ترد عليهم وأدري أنك لم تشأ تحقيرهم لأنه ، كما يقال ، إذا أساء إليك شخص فاسكت لان السكوت ابلغ آيات الاحتقار ، هؤلاء يسعون إلى شهرة فارغة المحتوى وللوصول إليها ينتهجون الميكيافيلية و يا سيدي قيل (من لا يمارس الفضيلة لاكتساب الشهرة فهو قريب من الرذيلة) .
Quote: ( هل تراني دخلت خطأ في جلب يجلب فهو جلاب أو هو جلابي؟؟ ساتر تستر !!!)
هذه أضحكتني يا فضيلي، ليس أبلغ من ( ساتر تستر) شر البلية ما يُضحِك..
Quote: طبعا يا شيقوق المجنون ما بسألوهو سؤالك ده لأنو شايف روحو صاح.
اخي المرتضى حديثك فيه تحريض للبحث لانى لما اطلقت الكلمة كنت مستصحبامقولة شائعة مفادها هنالك شعرة رقيقة تفصل بين العبقرية والجنون .
وجدت موضوعا شيقا للغاية ارجوك والاخوة المتداخلين الاطلاع عليه
Quote: هناك شعرة رقيقة جدا تفصل بين العبقرية والجنون) مجهول (مثلما أن المرض يحيط بالصحة من كل الجهات فان الجنون يحيط بالعقل من كل الجهات) لودفيغ فتجنشتاين... منذ قديم الأزمان كان الناس يعتقدون بأن هناك علاقة بين العبقرية والجنون. وكانوا دائما يتحدثون عن العبقري بشيء من التهيب والوجل، فهو شخص غريب الأطوار معقد الشخصية يختلف عن جميع البشر، والواقع أننا إذا ما استعرضنا أسماء كبارا لكتاب وجدنا أن معظمهم _ان لم يكن كلهم.كانوا يتميزون بتركيبة نفسية خاصة وغير طبيعية بل إن بعضهم دخل في مرحلة الجنون الكامل. نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر: هولدرلين ونيتشه، وجير ار دونيرفال، وانطو نين ارتو، وفان جوخ، وغي أو دو موباسان، وفيرجينيا وولف، وشومان، والتوسير،(1) الخ.. وقد طرح أحدهم على الكاتب الفرنسي اندريه موروا هذا السؤال: هل جميع الروائيين مجانين أو عصابيون؟ فأجاب الكاتب الكبير: لا الأصح أن نقول أنهم كانوا سيصيرون جميعهم عصابيين لولا أنهم أصبحوا روائيين.. فالقصاب يا سيدي، هو الذي يصنع الفنان، والفن هو الذي يشفيه(2). وكان جوابا مقنعا ورائعا. فالواقع انه لولا العصاب لما كرس أشخاص من أمثال بلزاك أو ديستويفسكي أو فلوبير أنفسهم لفن الكتابة. ولولا أنهم نجحوا في هذا الفن وقدموا لنا روايات خالدة لما نجوا هم أنفسهم من مرض العصاب. هذه هي الدائرة المغلقة التي تجمع بين الابداع والمرض أو بين العبقرية والجنون. ولكن السؤال المطروح هو: لماذا يسقط في ليل الجنون حتى أولئك الذين أبدعوا ابداعا كبيرا؟ لماذا لم يحمهم الابداع _ أو الانتاج الابداعي _ من الجنون؟ فلا أحد يشك في أن نيتشه من كبار الفلاسفة، ومع ذلك فقد جن بشكل كامل في أواخر حياته وظل مجنونا لمدة أحد عشر عاما حتى مات سنة 0 190، ولا أحد يشك في أن هولدرلين هو واحد من أهم الشعراء في العالم، ومع ذلك فقد أمضى نصف عمره تقريبا في بحر الجنون... والواقع انه تصعب الاجابة عن هذا السؤال، ولكن ربما التقينا به في مرحلة لاحقة، مهما يكن من أمر فإننا نظل متفقين مع اندريه موروا على القول بأن الفن يشفي من العصاب بشكل عام، ولولاه لجن معظم أولئك الكبار الذين سجلت أسماؤهم على صفحات التاريخ، ويكفي أن نستعرض سير حياتهم التي كتبت بعد وفاتهم لكي نتأكد من ذلك، وتكمن عظمتهم بالضبط في أنهم تجاوزوا عصابهم أو عقدتهم النفسية المتأصلة عن طريق الابداع. فلا ريب في أن الابداع يحرر من العقد ويعطي الشخصية ثقة بنفسها. لماذا أتحدث عن هذا الموضوع الآن؟ ولماذا اخترته للكتابة في هذه الدراسة المطولة، وكان لهذا عدة أسباب: أولها أنه كان يعتمل في نفسي منذ زمن طويل. وثانيها انه يمثل نوعا من"التابو" أو المحرمات فيما يخص الثقافة العربية. فلا أحد من الكتاب العرب يجرؤ على الاعتراف بأنه مصاب بعقدة نفسية معينة أو بعصاب معين. نقول ذلك على الرغم من أن هذا الأمر أصبح شائعا ومعترفا به لدى الكتاب الغربيين ولم يعد يثير أية حساسية، ولذلك فإني سأقصر دراساتي هنا على تاريخ الثقافة الغربية لكيلا أحرج أحدا. وثالثها، وربما أهمها، من أجل تبديد ذلك الوهم الشائع والمخيف الذي يحيط بكلمة عصاب، أو عقدة نفسية، أو جنون. فعادمنا لا نتجرأ على فتح هذا الملف والتحدث عنه، فإنه سيظل محاطا بالغموض والأسرار والمخاوف. والواقع أن الجنون بالمعنى الذي نقصده، أي الجنون الابداعي، ليس مخيفا الى مثل هذا الحد بل ربما كان محببا وقريبا الى النفس. وهو على أي حال لا يؤذي أحدا، اللهم الا صاحبه... وكان يمكن أن استخدم محله كلمة التوتر الداخلي أو المعاناة أو الاضطراب النفسي الذي يدفع الى الابداع ويحل عن طريق الابداع. فالشخص المتوازن كيا، أي التافه والغبي لا يمكنه أن يشعر بأي حاجة للابداع.. من أجل الاستئناس بهذا الموضوع يستحسن بنا أن نعود الى الماضي لكتابة مقدمته التاريخية. يبدو أن افلاطون كان أول من انتبه الى هذه النقطة عندما قال بأن العباقرة يغضبون بسهولة ويخرجون عن طورهم. انهم يعيشون وكأنهم خارج الزمن والوجود، وذلك على عكس الناس العاديين. ولكن أرسطو_ تلميذ افلاطون _ هو الذي نظر لهذه العلاقة بشكل فلسفي محكم. وقد طرح هذا السؤال: لماذا يبدو جميع الرجال الاستثنائيين من فلاسفة وعلماء وشعراء وفنانين أشخاصا سوداويين؟ نلاحظ أن أرسطو يستخدم كلمة الرجل الاستثنائي بدل العبقري، والسوداوي بدل المجنون. والواقع انه أقرب بذلك الى تصورنا الحديث. فنحن لم نعد نقبل بكلمة العبقري أو العبقرية بسهولة، وانما نفضل عليه تعبيرا أقل ضخامة أو أسطورية. ولم نعد نستخدم كلمة الجنون المرعبة وانما كلمات حديثة أخرى من اختراع الطب النفسي كالاضطراب الذي يصيب المزاج ويجعله حساسا جدا أو متحفزا جدا. ويقول أرسطو بأن السويداء تبتديء بميل الانسان الى الوحدة والعزلة والتأمل ثم تنتهي أحيانا بالصرع أو الجنون أو حتى الانتحار. ولكنها لدى المبدعين الكبار تتوقف عموما عند حد معين لأن الابداع يلجمها أو يوقفها عند حدها. ثم جاءت الثقافة الرومانية -اللاتينية بعد أرسطو واليونان وأخذت منه هذه الفكرة. ولذلك شاع المثل الذي يقول: لا يوجد شخص عظيم بدون حبة جنون ! واذا ما انتقلنا بعدئذ الى القرن الثامن عشر، أي الى عصر التنوير، وجدنا ان ديارو هو الذي بلور هذه الفكرة الشائعة التي تربط بين العبقرية والجنون. يقول هذا الفيلسوف الفرنسي:"آه: ما أكبر العلاقة بين العبقري والمجنون. فكلاهما يتميز بميزات خارقة للعادة إما باتجاه الخير واما باتجاه الشر. فالمجنون يسجن في المصح العقلي والعبقري نرفع له التماثيل !..(3) ثم جاء القرن التاسع عشر وتأسس علم الطب النفسي لأول مرة على أسس حديثة. وأكد على وجود هذه العلاقة الوثيقة بين العبقرية والجنون. فالشخص العبقري لا يمكن أن يكون طبيعيا على طريقة الناس العاديين. يقول عالم الطب النفسي الكبير ايسكيورول بأن الشخصيات الكبرى في التاريخ هي شخصيات"مرضية" ويضرب على ذلك مثلا لوثي وباسكال، وجان جاك روسو، الخ... وقد استعاد هذه الفكرة بعده طبيب نفسي أقل شهرة هو"لولوت" الذي كتب السيرة الذاتية المرضية لشخصيتين كبيرتين هما: سقراط وباسكال وكان عنوان الأولى:"شيطان سقراط" والثانية"تعويذة باسكال" فالعبقري في رأيه شخص ممسوس أو مسكون من الداخل من قبل شيطان العبقرية. وقد عرفت العرب هذه الفكرة في الماضي عندما تحدثوا عن"وادي عبقر"،والالهام وشيطان الشعر... وقد أراد هذا الطبيب النفساني أن يستخدم حالة سقراط وحالة باسكال من أجل كتابة تاريخ الهلوسات. فالشخصيات الاستثنائية مهووسة بشي ء ما لا تدري _ حتى هي _ كنها بالضبط. وهذا هو سر عبقريتها. وفي عام 1859 كتب"مورو دوتور" _ وهو طبيب نفساني. دراسة تحليلية لشخصية الشاعر جيرار دونرفال الذي كان قد انتحر قبل وقت قريب. وأثبت فيها أنه كان مصابا بتهيج هومي دوري، هو السبب في ابداعه. فحالة الابداع هي حالة هوسية يبلغ فيها التهيج حده الأقصى. ولو أن الشعراء والكتاب العرب تحدثوا لنا عن حالتهم النفسية أثناء عملية الابداع لقدموا لنا اضاءات مهمة عن العلاقة بين التوتر والابداع. ولكنهم لا يتجرأ ون على ذلك خشية أن ينعتوا بالجنون !.. نقول ذلك على الرغم من أن بعضهم قد انتحر بسبب هذه المعاناة المتوترة جدا، ونضرب عليهم مثلا الشاعر الكبير خليل حاوي. لكن الشعراء والمفكرين الأوروبيين لم يعودوا يخشون من ذلك بعد أن أزال التحليل النفسي تلك الهالة المرعبة التي كانت تحيط بالجنون والأمراض النفسية والعقد. بل إن بعضهم يفتخر بها للدلالة على مدى ابداعه وعبقريته ثم من أجل التمايز والخصوصية. والواقع ان مفكري أوروبا وشعراءها وفنانيها قد دفعوا ثمن تشكل الحداثة باهظا. فمن نيتشا الى بودلير الى رامبو الى هولدرلين الى انطو نين أرتو الى ميشيل فوكو الى لويس التو سير الى اد غار ألان بو الى فيرجينيا وولف الى كافكا الى لوتريا مون، نجد أن القائمة طويلة، طويلة من أولئك الذين جنوا أو عانوا أو انتحروا.. نعم أن هناك علاقة بين التوتر النفسي والابداع، ولكن ليس كل عبقري مجنونا، وليس كل مجنون عبقريا، فالعلاقة بينهما أكثر تعقيدا مما نظن. وهذا ما سنتعرض له تفصيلا فيما يلي: يقول بعضهم بأن هناك نوعين من العبقريات. فهناك العبقرية الصاعقة، أي التي تنفجر انفجارا عفويا كالشلالات والينابيع، أو حتى كالزلازل والبراكين (وهذه هي حالة رامبو مثلا أو هولدرلين أو حتى نيتشه بل وخصوصا نيتشه ). وهناك العبقرية الهادئة، المتدرجة التي تصنع نفسها عن طريق الصبر والمثابرة والعمل المتواصل (وهذه هي حالة فلوبير مثلا). ولكن العبقري في جميع حالاته يكون عادة كائنا لا اجتماعيا، يميل ال العزلة والوحدة والهامشية. لنضرب على ذلك مثلا محسوسا حالة الشاعر الفرنسي الكبير: آرثر رامبو. يقول بول كلوديل عنه: كان رأمبو صوفيا في الحالة المتوحشة، أي في الحالة القسوى. كان نبعا ضائعا يتفجر من أرض ريانة. واما جان كوكتو فيقول عنه هذه الكلمات الصائبة: لقد سرق رامبو جواهره من مكان ما. ولكن من أين؟ لا أحد يعرف. هذا هو السر (بالطبع فإنه يقصد بجواهره قصائد»). لقد تحول رامبو الى أسطورة تستقمي على التفسير. فلم يعرف التاريخ عبقرية مبكرة مثل عبقريته انه كالشهاب الذي ما إن اشتعل حتى احترق ! من المعلوم ان اشعاره كلها كتبت خلال أربع سنوات: أي من سن السادسة عشرة الى سن التاسعة عشرة !.. هل يعقل أن يولد عبقري في مثل هذه السن المبكرة؟ ولذا رأي بعضهم أن القدرة الالهية هي التي ألهمته وفجرت في جوانحه العبقرية الشعرية التي تتجاوز كل عبقرية في اللغة الفرنسية، اذا ما استثنينا بودلير. راح رامبو يمثل في تاريخ الشعر الفرنسي الطهارة البكر، أو البراءة الأصلية التي لا تشوبها شائبة. لقد اخترق رامبو سماء الشعر الأوروبي كالنيزك المارق: أي بسرعة البرق. ثم هجر بيته وقويته وشعره، بل وتنكر حتى لشعره وراح يعيش حياة مغامرته المعروفة، في بلاد العرب _ في عدن واليمن. هذه هي العبقرية المتوحشة أو المتفجرة: بداية مبكرة إبداع خاطف، نهاية قبل الأوان. أما الروائي مارسيل بروسة صاحب"بحثا عن الزمن الضائع" فكان يرى أن العبقرية تجيء بشكل مفاجيء، أي في اللحظة التي لا نتوقعها. انها تنفجر كالأشراق المباغت، أو هالالهام الصاعق. وعندما يقول ذلك فإنه يعرف عما يتحدث لأنه شهد تلك اللحظة وعاشرها فبقية المبدعين الكبار. أما الشاعر سان جون بيرس فيصف تلك اللحظة بأنها"الصاعقة العذراء للعبقرية"، ويعترف كبار الكتاب بأنهم ليسوا هم الذين يكتبون أفكارهم، وانما أفكارهم هي التي تكتب نفسها من تلقاء ذاتها، أو من خلالهم. وأتذكر بهذه المناسبة الحكاية التالية التي حصلت لي في جامعة دمشق. كنا في عام 1974- 1975 طلابا في قسم الدراسات الأدبية العليا. وحان الناقد احسان عباس يأتينا من بيروت مرة أو مرتين في الشهر لكي يلقي علينا دروسا نقدية حول الشعر الحديث. ولكن قبل التوصل اليه راح يتحدث عن الشعر الكلاسيكي السابق له، شعر بدوي الجبل وجيله. وقال لنا بأنه سمع مرة بدوي الجبل يقول بأنه ليس هو الذي يكتب أشعاره، وانما هي التي تكتب نفسها بنفسها، فهي تجيئه وهو ماش أو نائم أو صاح وتنزل عليه كالالهام. ويجد نفسه عندئذ وهو"يدندن" بها كما هو على غير علم منه. وما عليه عندئذ الا أن يسجلها بسرعة على الورق قبل أن تتبخر وتضيع.. وأتذكر أن احسان عباس قد أبدى بعض الشكوك فيما يخص هذه النقطة واعتبرها أحدى مبالغات الشعراء. ولكني الآن، وبعد مرور أكثر من عشرين سنة على هذه الحكاية، أميل ال تصديق بدوي الجبل أكثر من ذي قبل، دون أن يعني ذلك إنكار دور الصنعة والجهد في انتاج القصيدة. فالمبدعون الكبار ينفجرون بالابداع انفجارا. ربما لحان يعتمل في داخلهم ويختمر لفترة طويلة، ثم تجيء فجأة لحظة الحسم التي لا يختارونها هم، وانما تختار هي نفسها بنفسها رغما عنهم. مهما يكن من أمر فإن انفجار اللحظة الابداعية قد يجيء بعد مرور الكاتب بأزمة، أو مباشرة بعد الصحو والخروج من الحلم: أي في حالات التنويم المغناطيسي تقريبا، والهلوسة، أو احلام اليقظة. ولكن هذه الحالات الابداعية نادرة، ولذلك يحاول بعض الكتاب اثارتها في أنفسهم عن طريق تناول المخدرات أو شرب الكحول.. نضرب عليهم مثلا نيتشه أو بودلير أو سارتر في عصونا الحاضر. فقد عرف عنهم تناول هذه"المنبهات" من أجل إيقاظ وعيهم الابداعي وتحريكه. ولكن العملية خطرة وقد تؤدي الى نتائج مزعجة. ولذلك يمكن القول بأن أفضل اللحظات الابداعية هي تلك التي تجيء بشكل طبيعي لا مصطنع. وهي لحظات قصيرة وخارقة، ولكن تأثيرها يتجاوز الدهور، يكفي أن نفكر هنا ببعض هذه اللحظات الاستثنائية التي غيرت وجه التاريخ: ليلة 10 نوفمبر 1619، حيث نزل الالهام على ديكارت وتوصل الى الحقيقة. ثم يوم 13مايو1797، أي قبل ما يزيد على 200 سنة حيث نزل الالهام على الشاعر الألماني الكبير نوفاليس. ثم صيف 1831 حيث يشهد جوته فترة الهام مكثفة.. ولكن انفجار هذه اللحظات العبقرية في وعي أصحابها لا يمر عادة بسلام. وانما يدفع ثمنه غاليا أحيانا. صحيح أنه يحرر الشخصية من عقدها واوجاعها، صحيح انه يحلق بها في الأعالي، أو أعلى الأعالي ولكنه يسقط الى الحضيض بعدئذ. ثم تظل دائما متأثرة به، حتى لكأنها تثن تحت وطأته. فليس كل الناس يستطيعون تحمل الالهام، خصوصا إذا ما كان منفجرا كالحمم من أفواه البراكين، خصوصا اذا ما نزل كالصاعقة. ولكن عدد الأشخاص الذين يشهدون مثل هذه اللحظات الاستثنائية قليل في التاريخ. لنتوقف هنا قليلا عند لحظة ديكارت من أجل تشريحها من الداخل ومحاولة فهم أبعادها. من المعروف أن الفيلسوف الفرنسي كان في بداية شبابه شخصا ضائعا لا يعرف ماذا يفعل بحياته. كان مغامرا يذهب من بلد أوروبي الى آخر لكي يطلع على"كتاب العالم" كما يحب أن يقول: أي لكي يقرأ العالم ويطلع عليه كما تقلب صفحات كتاب، وقد انخرط في جيش أحد الأمراء في هولندا. وعندما اختلى بنفسه في غرفته في المعسكر جاءته الاحلام الثلاثة المرعبة التي هزته هزا وكادت تودي به (4). ولكن العناية الالهية شاءت أن تكون هداية له نحو الحقيقة التي يبحث عنها دون علم منه. لقد كانت ليلة ميلاد تلك التي عاشها وينيه ديكارت في العاشر من نوفمبر، ولولا حلم الله وعفوه لقضت عليه. وهكذا ولدت فلسفة ديكارت بعد مخاض شديد البأس. ونتجت عن تلك الليلة المنهجية العقلانية التي حكمت كل أوروبا طيلة ثلاثة قرون (أي حتى اليوم بشكل من الأشكال. انظر المنهجية الديكارتية. أو العقلانية الديكارتية ). وأما نوفاليس فقصته مختلفة. فقد شهد لحظة الالهام الشفري في 13 مايو 1797، وشعر بفرح لا يوصف وحماسة خاطفة دامت عدة ثوان فقط. ولكنها أضاءته من الداخل بشكل لم يسبق له مثيل. وابتدأ عندئذ يكتب أشعاره الخالدة. هكذا نجد أن الالهام جاء بعد لحظة غير طبيعية، لحظة تفوق كل اللحظات. ومن يعشها أو يذق طعمها لا يعود ينسدها. والواقع أن هذه اللحظة جاءت بعد فاجعة حقيقية أصابته. فقد ماتت خطيبته وحبيبة عمره"صوفي" بمرض السل وعمرها لا يتجاوز الخمسة عشر ربيعا. ثم مات أخوه بعدها مباشرة. وقد اعتملت الأشياء في داخله واختلجت وتفاعلت حتى انفجرت أخيرا في لحظة الهام مدوية وهكذا يدفع ثمن العبقرية باهظا. يقول نوفاليس في تفجعه على حبيبته التي ماتت في عمر الزهور"رحت أنحني" وراح نفسي يبدد القبر وتراب القبر. وأصبحت القرون ثواني وشعرت بحضورها، كدت ألمسها، شعرت بأن القبر سوف ينشق عنها فتخرج منه حية معافاة كما كانت، كما كنت أعرفها.."(5)، وقد كتب كل أعماله الشعرية في الأعوام الثلاثة التي تلت تلك اللحظة لحظة انفجار الالهام والعبقرية في داخله. وما لبث أن مات هو أيضا بمرض السل عام 1801 وعمره لا يتجاوز الثلاثين عاما. وأما عن جوته فحدث ولا حرج. فهذا الرجل الذي يعتبر مفخرة ألمانيا كلها لم يعش قرير العين. ولم يخل من الأزمات والهزات النفسية المؤلمة على عكس ما نتوهم. هو أيضا دفع ثمن ابداعه، أو ثمن عبقريته، باهظا. وقد واتته الجرأة لكي يعترف في بعفى اللحظات بأنه مريض نفسيا، وبأنه يعاني معاناة هائلة لا يعرف كنهها ولا سببها. ولذلك استنتج أن هناك علاقة بين العبقرية وبين المرض النفسي أو العقد النفسية التي تصيب الشخصية. وربما لولا هذه العقد ومحاولة التغلب عليها لما كان الابداع. فالشخصية المريضة لا تستطيع أن تتوازن الا من خلال الابداع. فالتناقض بين المبدع والعالم يكون حادا جدا الى درجة أنه ينكد عيش الفنان ولا يدعه يستمتع بالحياة الا في لحظات قليلة. ولذا يمكن أن نقول في ختام هذه الدراسة ينبغي الا نحسد العباقرة كثيرا على شهرتهم، ففي بعض اللحظات يتمنون لو أنهم لم يولدوا. تحدثنا عن العبقريات السريعة التي تلمع فجأة ثم تنطفيء كعبقرية رامبو مثلا. لكن هناك عبقريات من نوع آخر، عبقريات بطينة تتطلب وقتا طويلا وصبرا قبل أن تنضج وتتفتح. والواقع أن معظم العباقرة يتميزون بهذه الخاصية: الرغبة الكبيرة في العطر والمثابرة عل نفس الخط لفترة طويلة من الزمن. انهم لا ييأسون بسهولة ولا يتراجعون عن الهدف الذي وضعوه نصب أعينهم. يقول الفريد دوموسيه بهذا الصدد ما يلي: لا توجد عبقرية حقيقية بدون صبر. وبالتالي فإن العبقرية لاتتشكل بين عشية وضحاها، وانما هي خاتمة لمسار طويل عريض. ويرى بودلير أن الالهام لا ينزل علينا فجأة من السماء وانما هو بالاحري نتيجة للتدريب اليومي المستمر والمتواصل والدؤوب. نقول ذلك ونحن نعلم مدى القلق الذي يشعر به الكاتب أمام الصفحة البيضاء فهو لايستطيع أن يملأها الا بشق الأنفس، وأحيانا لا يستطيع أن يكتب جملة واحدة. وقد عرف أحد الكتاب الانجليز العبقرية قائلا بأنها نتيجة التعب والجهد بنسبة 99% ونتيجة الالهام بنسبة 1% فقط ! وهذا دليل على أن الجهد هو الأساس، وأما ما تبقى فيجيء بعد بذل الجهد لا قبله. مهما يكن من أمر فيبدو أن العناد هو أحدى الصفات الأساسية التي يتميز بها العباقرة. فالناس العاديون سرعان ما يملون بعد فترة من الزمن إذا لم يصلوا الى نتيجة. وأما العباقرة فيظلون ممرين على نفس الخط رغم كل الخيبات والعقبات حتى يصلوا الى نتيجة في نهاية المطاف. وطالما تحدث الناس عن أسطورة بلزاك وقدرته الرهيبة على العمل خصوصا ليلا. فقد كان يغلق النوافذ عليه بدءا من الساعة العاشرة مساء ثم يحضر"طنجرة" كاملة من القهوة ويبتديء الكتابة حتى الصباح دون توقف. وهكذا كان يشتغل خمس عشرة ساعة يوميا، بعد أن يبتلع عشرات الفناجين من القهوة. ولولا ذلك لما استطاع كتابة كل هذا الانتاج الضخم المتمثل بالكوميديا البشرية، وهو لم يعش أكثر من خمسين عاما ! نعم إن العبقرية بحاجة الى جهد جهيد، ولا تنزل علينا كهدية من السماء. يقول بلز ان في أحدى رسائله ال حبيبة عمره مدام فانسكا: ان حياتي تتلخص بخمس عشرة ساعة من العمل، وبالمحن والعذاب، وهموم المؤلف، وصقل العبارات وتصحيحها(6). ولكن هذا التدريب اليومي المستمر والدؤوب لا يفسر لنا وحده سبب العبقرية. فهناك دارسون أكاديميون يشتغلون ساعات وساعات يوميا دون أن يتوصلوا الى أكثر هن مرتبة دارس جيد أو جامع مفيد للمعلومات، واذن فهناك سبب آخر للعبقرية غير الجهد والتعب: انه الموهبة أو شرارة الابداع. فهناك كتاب يمتلكونها، وآخرون لا يمتلكونها. ولذلك نسمعهم يقولون: هذا الكاتب موهوب،وهذا الكاتب عنده شيء، الخ... اذن فالعبقرية هي نتاج الموهبة والجهد في آن معا، وقد لا يكون حظ الموهبة فقط 1% كما قال الكاتب الانجليزي، وانما 50%. بحان فلوبير يجسد في مجال الأدب، المثال الأعلى للمثابرة والمواظبة وبذل الجهد والتعب،. وكان يجلس وراء طاولته من عشر الى اثنتي عشرة ساعة يوميا لكي يستطيع أن يكتب رواية واحدد كل أربع أو خمس سنوات. ولذلك لم يكتب كثيرا: خمس أو ست روايات طيلة حياته كلها ما عدا"مدام بوقاري" رائعته الخالدة. انه يشبه المقلين في الشعر العربي القديم الذين اشتهروا بقصيدة واحدة أو عدة قصائد فقط. انه يشبه عبيد الشعر الذين لا ينفكون يصقلونه ويعيدون النظر فيه أياما وشهورا وربما سنوات. وطالما تحدث فلوبير عن عذاب الكتابة وكيف أنه يقني الساعات الطويلة. وأحيانا بضعة أيام، لكي يجد الجملة المناسبة أو حتى الكلمة المناسبة. وكم يلعن نفسه أثناء ذلك ويلمن الكتابة والأدب وكل شيء... وأذكر أني عندما زرت بيته الواقع في ضواحي مدينة"روان" على شواطيء نهر السين قبل بضع سنوات فوجئت بمدى التشطيب الذي بحان يمارسه على كل صفحة يكتبها. فلا تكاد تقرأ فيها شيئا واضحا من كثرة الحذف والتشطيب والاضافة والتصحيح أو التعديل، الخ.. وقد تحول منزله الى متحف يزوره الزائر متى يشاء كي يستمتع بالجو الذي كان يعيشه صاحب"مدام بوقاري" في القرن التاسع عشر. وعندئذ تستطيع أن تملأ عينيك بجمال الغابة المحيطة أو أن تراقب من النافذة مرور المراكب والسفن كما كان يراقبها فلوبير نفسه قبل قرن وهو جالس وراء مكتبه يسطر"مدام بوفاري".. نعم ان فلوبير لم يكتب أكثر من خمس أو ست روايات في حين أن كتابنا العباقرة يتحفوننا كل عام أو حتى كار شهر برواية أو ديوان شعري أو كتاب فكري، الخ.. لماذا كل هذا الاستعجال يا اخوان؟ لماذا تحرقون الطبخة قبل أن تنضج؟ فلوبير كان حريصا على الا يصدر شيئا قبل أن يستنفد طاقته كلها فيه. يقول في أحدى رسائله الى عشيقته لويز كوليه:"لقد داخت رأسي وجف حلقي من كثرة ما بحثت عن جملة واحدة. لقد قلبتها على عشرات الوجود ونجرتها وحفرتها، ثم فوخت وندبت وشتمت حتى توصلت أخيرا اليها... انها رائعة، أعترف بذلك. ولكنها لم تولد دون مخاض وعذاب". هناك خاصية أخرى يتميز بها العباقرة هي: حب الوحدة والعزلة والاستقلالية الشخصية. يكتب أحدهم: لقد قالوا عن العبقري بأنه يشبه المجنون. بمعنى أنه يولد ويموت وحيدا. انه شخص بارد، فاقد الحساسية لا علاقة له بالعواطف العائلية والتقاليد الاجتماعية. ولكن هذه مبالغة بالطبع. والواقع ان العباقرة يحبون العزلة من أجل التفرغ لابداعهم وانتاجهم، فلا تستطيع أن تبدع وأنت في زحمة الشارع أو في وسط البشر، ومن المعروف أن العلاقات العامة والاستقبالات والحفلات تأخذ وقتا كثيرا ولا تسمح للمفكر بأن يتفرغ لنفسه وأفكاره وتأملاته. ولذلك اشتهر المفكرون بحب الوحدة والحرص عليها. نضرب عليهم مثلا شهيرا ديكارت الذي غادر بلاده فرنسا هربا من المتطفلين والثرثارين الذين كانوا يلاحقونه باستمرار. وكان يشعر بسعادة كبيرة إذ يسكن في حي لا أحد يعرفه فيه، ويمشي في الشارع ولا أحد ينتبه اليه. فالشهرة أيضا مزعجة وينبغي أن يحمي الانسان نفسه منها. إن العبقري يتميز بالهامشية والعصيان وعدم الخضوع للتقاليد والأعراف السائدة مثله في ذلك مثل المجنون، ولكن الفرق الوحيد بينه وبين المجنون هو انه لا ينتهكها بشكل مجاني أو مبتذل أو غير واع. يضاف الى ذلك أن للعبا قرة عاداتهم التي يلتزمون بها وتصبح جزءا لا يتجزأ منهم. قلنا سابقا بأن بلزاك كان يسهر في الليل وينام في النهار. وهكذا كتب معظم مؤلفاته ان لم يكن كلها. وهذه الطريقة في الحياة تعتبر جنونا بالنسبة للانسان العادي. فالطبيعي أن تفعل العكس أي أن تنام في الليل وتشتغل في النهار. ولكن العبقري ليس انسانا ط يعيا. انه مهووس بمشروعه الى درجة المرض ومستعد لأن يضحي بكل شيء من أجله. وقد لاحظنا من خلال قراءة سير العباقرة أن معظمهم لا ينجبون الأطفال ولا يكرسون وقتهم لتربية عائلة. فمؤلفاتهم هي أطفالهم، وهم حريصون عليها مثل حرص الرجل العادي على طفله. فديكارت لم يتزوج، وكذلك الأمر بالنسبة لكانط، وسبينوزا، ونيتشه، وسارقو، وميشيل فوكو،الخ.. بالطبع فهناك استثناءات (هيجل مثلا). ولكن عموما فإن العبقري يكرس حياته لشي ء واحد فقط: هو انتاجه وابداعه. يضاف الى ذلك أن عادات العباقرة عجيبة وغريبة وتختلف عن عادات البشر. فمثلا ينسون أحيانا أن يأكلوا ويشربوا في في فترات الابداع، وينسحبوا من الحياة اليومية كليا لكي يضعوا انتاجهم مثلما تنسحب المرأة الحامل لكي تضع طفلها. وهكذا عاش مارسيل بروسة ومات عام 1922 ضمن ظروف بائسة في غرفة حقيرة لا تحتوي الا على سرير وكرسي وثلاث طاولات ! واما"فرانز كافكا" فكان أكثر شذوذا وغرابة أطوار. كان يفرض على نفسه عادات صحية عجيبة خوفا من المرض. وكان هوسه اليومي هذا ذد علاقة بهوسه الابداعي. كان يفرض على نفسه مثلا الاستحمام بالماء البارد جدا والمثلج، ويمتنع عن تناول الكثير من الأطعمة اللذيذة ويعاقب جسده معاقبة صارمة. وكل ذلك بسبب العصاب الهوسي الذي يلاحقه والذي أدى الى تفتح عبقريته على الرغم من كل شي ء. وهنا نلمس لمس اليد نقطة التواصل بين العصاب النفسي، وبين العبقرية. يضاف ال ذلك أن العباقرة متطرفون في عاداتهم على عكس الناس العاديين أو المتوازنين. فمثلا كان فولتير يشرب خمسين فنجان قهوة في اليوم ! وقل الأمر ذاته عن فلوبير وبلزاك. وذلك لأن القهوة تنبه الأعصاب وتجعلها متحفزة للابداع. وأما بودلير فقد تجاوزها الى ما هو أخطر: شرب الكحول بشكل مسرف وتعاطي المخدرات. وقد دفعت صحتهم ثمن ذلك غاليا... ولكن في سبيل الابداع _ كل شيء رخيص. والآن ماذا عن القلق؟ في الواقع أن العباقرة شخصيات قلقة حساسة الى درجة المرض والتطرف الأقصى. ولو سمعنا كل حكاياتهم وقصصهم العجيبة الغريبة لحمدنا امته على أننا لسنا عباقرة ! لنضرب على ذلك مثلا شوبنهاور. فقد كان مصابا بجنون العظمة وعقدة الاضطهاد في آن معا. وكان يعتقد بأنه ملاحق باستمرار دون أن يلاحقه أحد.. ولم يكن أحد يستطيع أن ينزع من رأسه تلك الفكرة التي تقول بأن هناك مؤامرة كونية تحاك ضده من أجل خنق عبقريته أو القضاء على ابداعه الفلسفي. الا يقترب ذلك من الجنون؟ أين تقع الحدود الفاصلة بين العقل والجنون؟ فمنذ عام ( 1814) أي عندما كان في السادسة والعشرين من عمره راح يقارن نفسه بالمسيح ويعتبر أنه مبعوث لهداية البشر على طريق الحقيقة. يقول:"يحصل لي ما حصل ليسوع الناصري عندما أيقظ حوارييه أو أتباعه النائمين. أنا رجل الحقيقة الوحيد في هذا في هذا العالم". ولكن جنون العظمه هذا تحول فيما بعد الى عكسه، اي الى عقدة الاضطهاد ثم أصبح مسكونا بهاجس القلق الأقصى والمرعب الى درجة أنه كان يرفض أن يسكن في الطابق الثاني أو الثالث من البناية خشية أن يحصل حريق فيها فلا يستطيع القفز أو الهرب قبل فوات الأوان ! فكان يحمل مسدسا معه باستمرار ويضع يده عليه مستنفرا ما إن يسمع ضجة خفيفة أو هبة ريح في الخارج باعتبار أن هناك دائما اشخاصا قادمين لاغتياله.. يضاف الى ذلك أنه كان يكتب أفكاره للوهلة الأولى باللفات الاغريقية واللاتينية بل وحتى السنسكريتية ويخبئها بين صفحات كتبه لكيلا يقع عليها أحدهم ويسرقها منه ! فقد كان يعتقد كما قلنا أنهم سيسرقونها منه وينسبونها الى أنفسهم. وكان يحقد على معاصره هيجل حقدا شديدا لأنه نجح ولمع، في حين أنه هو بقي مجهولا طيلة حياته كلها تقريبا. وكل هذا لم يمنعا من أن يكون أحد كبار فلاسفة العصور الحديثة. واذن فينبغي أن ننزع من اذهاننا تلك الصورة المثالية والأسطورية عن العبقري. فهو رجل عادي، بل وأقل من عادي في بعض تصرفاته انه تافه جدا أحيانا. وربما كان هدف العبقري الدائم هو أن يصبح رجلا عاديا كبقية البشر. ولكن بما أنه لايستطيع التوصل الى ذلك فإنه يلجأ الى الخلق والابداع من أجل الحفاظ على توازنه. فاذا ما نجح في ذلك قال الناس عنه بأنا عبقري، واذا ما فشل قالوا إنه مجنون. وهنا يكمن الفرق بين العبقرية والجنون. لنتحدث الآن عن جان جاك روسو الذي يعتبر في الغرب نبي العصور الحديثة. أليس هو القائل: لو أردت أن أكون نبيا من كان سيمنعني؟! فقد كان مصابا بعقدة الاضطهاد أيضا. وكان يعتقد أن هناك مؤامرة جهنمية تحاك ضده في كل مكان، وخصوصا في الفترة الثانية هن حياته. وكان يشك حتى بأصدقائه من أمثال ديارو وهيوم وفولتير.. بل ويقال بأنه غير سكنه أكثر من مرة خوفا من ملاحقة وهمية. وعندما سمع أحد الجيران بأن روسو هو الذي يسن في الخرفة المجاورة له لم يكن يصدق. وقال: سأتعرف الآن على أكبر شخص في العالم ولكن روسو صده مباشرة متوهما بأنه جاسوس ! فانكسر الرجل وحزن حزنا شديدا لأنه كان فقط يريد السلام طيا.. بالطبع فإن روسو لم يكن فقط ذلك، وانما كان أيضا انسانا رحيما شفوقا يمتلي ء بالعاطفة والحنان والمحبة للجنس البشري كله. ولكنه كان معقدا نفسيا لأسباب خاصة بحياته والمصاعب التي لاقاها والحسد الكبير الذي أثاره حوله بسبب عبقريته وشهرته الأسطورية. فالشهرة ليست خيرا كلها، وانما تسبب متاعب كبيرة، بل ومخاطر جسيمة لأصحابها، وويل لمن يشتهر بدون اذن الناس ! لكأنه يسرق منهم شيئا أو يعتدي عليهم.. ولكن قلق العباقرة يمكن أن يصل أحيانا الى درجة الانهيار الكامل: أي الجنون الحقيقي. وهذا ما حصل للموسيقار روبيرت شومان الذي قال لأصدقائه عام 1854:"أريد أن أدخل المصح المقلي. لقد انتهيت. أنا لم أعد مسؤولا عن تصرفاتي أرجوكم اسجنوني...". وأما الشاعر جيرار دونرفال فقال لهم: د«أخشى أن يضعوني في بيت العقلاء (أي في المصح العقلي ) والناس في الخارج كلهم مجانين !..." وأما اندريه بريتون الذي لم يكن مجنونا إلا على الطريقة السوريالية فقد احتج على سجن العباقرة في المصحات العقلية وقال: ان كل هذا السجن تعسفي. لا أفهم كيف يحرمون شخصا ما من حريته. لقد سجنوا ساد وسجنوا نيتشا، وسجنوا بودلير.." وكان يمكن أن يضيف: كونراد، وموباسان، وهولدرلين، وهمنجواي، وفان جوخ، والتوسير، والقائمة طويلة.. هذا القلق النفسي الرهيب الذي كان يعاني منه معظم الكتاب يتجل أيضا لدى بيير كامر. فقد صرح لأحد أصدقائه المقربين أكثر من مرة بأنه يشعر بأن الخواء الداخلي يكتسحا كليا، وأنه ملي ء باليأس القاتل ولا يستبعد أن يلجأ للانتحار لحمل لمشكلته.. والواقع أنه مات في حادث سيارة على طريق"ليون _ باريس"، فهل كان ذلك انتحارا واعيا el لا؟ على أي حال لقد أنقذه الحادث من الانتحار. ونلاحظ أن الاحباط واليأس الكامل يتجليان في كتابه المعروف"اسطورة سيزيف". وهو كتاب جميل ويستحق أن يقرأ من أجل تبيان فراغ الحداثة وهشاشة الوجود. (لا أعرف فيما اذا كان قد ترجم الى العربية أم لا). لنتحدث الآن عن بودلير.فقد مات أبوه وهو صفير. وكان متعلقا بأمه الى درجة المرض. ولكن الكارثة حصلت عندما تزوجت أمه هن الجنرال"أوبيك" بعد فترة قصيرة فقط من موت والده وهذا ما سبب له حزنا عميقا لم يقم منه طيلة حياته كلها. فقد اعتبر أنهم سرقوا امه منه، وانها خانته، ولم يعد يستطيع أن يتخيل أنها مع رجل آخر… يا للخيانة ! ويا للغدر! في الواقع أن بودلير كان يعاني من عقدة أوديب التي اكتشفها فرويد، وبلورها لأول مرة. وقد فكر بالانتحار أكثر من مرة، بل وقام بمحاولة انتحار فاشلة عندما ضرب صدره بالسيف. يقول لأحدهم معبرا عن يأسا الداخلي وتقززه من الحياة:،أسوف أقتل نفسي غير آسف عل الحياة. سوف انتحر لأني لم أعد قادرا على الحياة. لقد تعبت من النوم والاستيقاظ كل يوم. يا لها من عادة مملة رتيبة. أريد أن أنام مرة واحدة والى الأبد. سوف انتحر لأني أصبحت عالة على الأخوين، لأنى أشكل خطرا حتى على نفس. سوف انتحر لأني أعتقد بدأني خالد ومليء بالا أمل"(9) الواقع ان الاكتئاب النفعي شائع كثيرا لدى كبار المبدعين. نضرب على ذلك مثلا بيتهوفن. فهو أحد كبار الموسيقيين على مر العصور. ولكنه لم يحش حياة مريحة أو هنيئة كلنا يعرف أنه بحان أطرش لا يسمع. وقد سبب له ذلك عقدة نفسية حقيقية. وربما كانت هي الدافع الى تفجر عبقريته. فالعبقرية تجيء كتعويض عن نقص ما أو خلل ما كما يقول التحليل النفسي. كان بيتهوفن بحسب ما يروي لنا معاصره يتميز بالسوداوية والحزن العميق الذي لا شفاء منه. وحتى عندما كان يضحك فإن ضحكته كانت بشعة. عنيفة، ناشزة غير طبيعية. كانت ضحكة رجل لم يتعود على الفرح أبدا في حياته. وعندما كانت تجيشه لحظة الالهام، فإنه كان يخرج عن طوره ويصبح وكأنه أصيب بمس من جنون يصبح غائبا، سارحا، شاردا والناس يضجون من حوله، ولكنه لا يعبأ بهم عل الاطلاق. وكان يصرخ بأعلى صوته، ويتمتم، ويدندن، ويمسح غرفته، ذهابا وايابا. وهو في حالة من التوتر الأقصى، حتى تحصل الولادة السعيدة، أو القطعة الموسيقية المنشودة. وبالتالي فهناك علاقة واضحة بين التوتر النفسي. ان لم نقل المرض النفسي _ وبين الابداع. نضرب على ذلك مثلا آخر وأخيرا الرسام الفرنسي الشهير كلود مونيه، أحد مؤسسي المدرسة الانطباعية في الفن. فقد كان على حافة الانهيار النفسي، وكان يشهد حالة الاحباط التي تسبق وتتلو كل عملية ابداع: أي كلما رسم لوحة فنية.، وكان ماز وشيا زاهدا في نفسه، مستصغرا لقدراته ولا ينفك يقول: كل شيء ضاع، لن أنجح في حياتي أبدا، سوف تخسر كل أعمالي، سوف أضطر لبيع البيت والفرش والأدوات الخ.. ومع ذلك فقد سجله التاريخ كأحد كبار الفنانين في العصر الحديث.. قلنا إذن بأن العبقري يشترك مع المجنون (أو مع المريض العقلي ) بصفة أساسية واحدة: هي التأزم الداخلي، ولكن الفرق بينهما هو أن أزمة العبقري تنحل عن طريق الابداع، في حين أن أزمة المجنون تبدو مجانية ولا تؤدي الا الى الهذيان الفارغ. هذا يعني أنه لولا ابداعه الخارق لكان العبقري قد أصبح مجنونا. فالأبداع هو الذي يحرر الشخصية من أزمتها الداخلية أو من تناقضها الحاد الذي يبدو عصيا على التجاوز في الحالات العادية. بهذا المعنى فإن الابداع هو انفجار خارج من الأعماق. انه ولادة تجيء بعد مخاض عنيف وخطر. وهكذا يستعيد المبدع توازنه لفترة من الزمن، وذلك قبل أن يدخل في دورة تأزمية جديدة تنحل أيضا عن طريق ابداع جديد وهكذا دواليك.. نقول ذلك وبخاصة إذا ما لقي الابداع ترحيبا في وقته من قبل شريحة واسعة من الناس. وهكذا يتوازن العبقري على اعتراف الناس واعجابهم به.، ولولا هذا الاعتراف لربما فقد توازنه وغطس في بحر الجنون. فاعتراف الآخرين بك يعطيك ثقة بالنفس ويثبت أقدامك ويزيل الكابوس النفسي عن صدرك. والواقع أن تعريف العبقرية هو هذا: اعتراف العدد الأحبر من الناس بالمبدع، وديمومة هذا الاعتراف على مدار الزمن والقرون. هذا هو الشي ء الذي يعطي قيمة لا تقدر بثمن للوحات فيكيل انجيلو،أو فان جوخ، أو لمسرحيات شكسبير، أو لروايات بلزاك وديستويفسكي، أو لكتب ديكارت، وكانط وهيجل في مجال الفلسفة، الخ.. ولكن المشكلة هي أن بعض العباقرة لم يتوازنوا نفسيا حتى بعد أن أبدعوا، كما حصل لفان جوخ وشومان وفيرجينيا وولف ونيتشه. وربما كان السبب الأساسي يعود الى أنهم لم يحظوا بالاعتراف الكامل بهم أثناء حياتهم، وانما بعد مماتهم، فقد جاء الاعتراف متأخرا، جاء بعد فوات الأوان. وينطبق ذلك أكثر ما ينطبق على فان جوخ الذي تباع لوحاته الآن بعشرات الملايين من الدولارات، في حين انه كان جائعا وفقيرا في حياته. لم يتح له القدر أن ينعم بشهرته ونتاج عبقريته. وقل الأمر نفسه عن نيتشه الذي لم يعترف به إلا نفر قليل في حياته، ثم انفجرت شهرته كالقنبلة الموقوتة بعد جنونه أو موته بوقت قصير. وكان قد تنبأ بذلك عندما قال جملته الشهيرة: البعض يولدون بعد موتهم ! سوف يجيء يومي، ولكن لن أكون هنا. وقد تنعمت أخته"اليزابيث" بهذه الشهرة والمال العريض الناتج عن بيع أعمال أخيها بملايين النسخ، في حين أنه لم يبع منها إلا بضع عشرات في حياته كلها.. ولكن يمكن القول بأن هناك نفوسا عطشى لا تشبع حتى بعد أن ترتوي. انها أرواح حائرة لا يعرف كنهها أو سرها. وأكبر مثل على ذلك الكاتبة الانجليزية فيرجينيا وولف التي انتحرت حتى بعد أن نجحت وذاقت طعم الشهرة في حياتها.. في يوم الاثنين بتاريخ 27 فبراير 1854 لحان الموسيقار الالماني الشهير روبيرت شومان جالسا مع أصدقائه في جلسة سمر في بيته. وفجأة يترك الزوار ويخرج بثيابه العادية. واعتقد أصدقاؤه عندئذ أنه خرج لحاجة ما وأنه سيود بعد قليل. ولكنه في الواقع توجه مباشرة الى نهر الراين وألقى بنفسه فيه بعد أن وصل تأزمه الى حده الأقصى. ولحسن حظه (أو لسوء حظه، لم نعد نعرف ) كان هناك صيادون بالقرب منه فانتشلوه وأنقذ وه من الفرق.. وفي عام 1880 كان عمر نيتشه 36 سنة. عندئذ ترك الجامعة بعد أن قدم استقالته وذهب لكي يعيش حياة التشرد والضياع على الطرقات والدروب. وهكذا ابتدأ يصبح فيلسوفا حقيقيا. ولكن مزاجه كان دائما متقلبا وفكرة الانتحار تلاحقه باستمرار. وقد اشتد تأزمه بعد أن فشل حبه الكبير للغادة الحسناء: لو اندريا سالومي. ويبدو أنه et بثلاث محاولات انتحار فاشلة عن طريق تجرع كميات ضخمة من سائل الكلورال. ولكنه لم يمت. والغريب العجيب أنه على اثر تلك الفترة بالذات راح يكتب رائعته الشهيرة: هكذا تكلم زرادشت وهكذا أنقذ من الجنون ولو الى حين.. أما فيرجينيا وولف فقصتها مختلفة. فقد كانت مهددة بالانتحار طيلة حياتها كلها. وكانت تفطس في حزن عميق لا قرار له. وترفض أن تأكل، وترفض أن تعترف بأنها مريضة. وكانت تقول بأن حالتها تعود الى شعورها بالذنب. ولكن أي ذنب؟ لا أحد يعرف. وعندما وصل تأزمها الى ذررته حاولت أن تنتحر مرة أولى عام 1895 عن طريق القاء نفسها من النافذة. ثم حاولت مرة ثانية عام 1913 عن طريق تناول السم. ثم حاولت مرة ثالثة عام 1941 (ونجحت ) عن طريق إلقاء نفسها في النهر والموت غرقا.. أما الكاتب الفرنسي الشهير نمي دومو باسان فقد حاول الانتحار عام 1892 عندما أطبقت عليه الأفكار السوداء ووصل تأزمه الى ذررته. ولكنه لم ينجح. فاقتاد وه الى المصح العقلي حيث مات بعد سنة من ذلك التاريخ. وهكذا دفع ثمن شهرته وابداعه غاليا. فللشهرة ضريبة ينبغي أن تدفع بشكل أو بآخر. والآن من يصدق ان الفيلسوف الفرنسي الكبير أوجست كونت، مؤسس الفلسفة الوضعية، كان على حافة الجنون أكثر من مرة، وانه حاول الانتحار عن طريق رمي نفسه في نهر السين !.. فيما ان الوضعية تمثل قمة العقلانية في الغرب، فإن أحدا لا يتوقع ان يكون مؤسسها قد أصيب بالجنون، أو بالانهيار السبي، في بعض مراحل حياته. وهز دليل على أن العبقرية يمكن أن تخرج من رحم الجنون، بل وتنتصر على الجنون. ولولا أن أوجست كونت استطاع التوصل الى بلورة فلسفته الوضعية وحظي بالاعجاب والتقدير من قبل معاصريه لكان قد انهار وغاص كيا في ليل الجنون... اذن ينبغي ان نفير تلك الصورة السائدة في أذهاننا عن العباقرة والتي تعتبرهم أنهم فوق البشر وان الضعف لا يأتيهم من بين أيديهم ولا من خلفهم.. فهذه صورة مثالية أو أسطورية لا علاقة لها بالواقع. انها صورة تتشكل عادة عن العباقرة بعد موتهم،. صورة تبجيلية يساهم في صنعها الاتباع والانصار والمعجبون هذا لا يعني بالطبع أن العبقري ليس عظيما، إذ يكفيه عظمة أنه استطاع الانتصار على انهياره الداخلي وتحويله ال شي ء ايجابي، الى عمل عبقري. هنا تكمن عظمة العباقرة بالضبط. فهم يبذلون جهودا جبارة للتغلب على أنفسهم، لقهر العقد النفسية المتجذرة في أعماقهم. وهكذا يحولون السلب الى ايجاب والتحت الى فوق، والجنون الى عبقريات. أو قل ان الجنون والعبقرية يتجاوران لديهم جنبا الى جنب. فأوجست كونت الذي كان يهذي والذي حاول الانتحار مرة هو نفسه أوجست كونت الذي أسس الفلسفة العلمية التي رافقت صعود العصر الصناعي في الغرب. وبالتالي فانه يمثل قمة العقلانية وقمة الجنون في آن معا! وبالتالي فإن العبقرية والجنون هما من مصدر واحد: أي يصدران عن اللاوعي السحيق للفرد، ذلك اللاوعي الذي يمثل قارة مظلمة ومجهولة في آن معا. انها تشبه البركان العميق الذي يختلج تحت طبقات الأرض الجيولوجية. فأحيانا تقذف بالعبقرية الى السطح، وأحيانا تقذف بالهذيان والجنون. وأما جوته فعلى الرغم من الجنون الدوري الثقيل الذي كان يصيبه من حين الى آخر، إلا أنه لم يقدم على الانتحار. وانما اكتفى بأن جعل بطل روايته الأولى"آلام الشاب ووتر" هو الذي ينتحر وهكذا وفر على نفسه هذه المهمة، ويقال بأن الكتاب الذين يمارسون الانتحار في كتاباتهم، أو يتحدثون عنه كثيرا، لا ينتحرون فعلا. وأما أولئك الذين يسكتون عنه كليا فهم الذين ينتحرون حقا. وهكذا يفاجئون الناس بأنهم أقاموا على شي ء بدون مقدمات ودون أن يرهصوا به. وقد جرت احصائيات في فرنسا عن نسبة المنتحرين بين المبدعين وتبين انها عالية في أوساط الأدباء والشعراء وضعيفة في أوساط الرسامين والموسيقيين. نقول ذلك على الرغم من انتحار فان جوخ وجو جان وشومان وتشايكوفسكي. ولكن عددهم لا يقاس بأسماء الشعراء والروائيين الذ يبن انتحروا من أمثال: جيرار دونيرفال، مايكوفسكي، بودلير، همنجواي، مونترلان، جي دوموباسان، فيرجينيا وولف، نيتشه، ادجار ألان بو، والقائمة طويلة.. أخيرا سوف يكون هن الحمق والغباء أن ندعي هنا بأننا قادرون على اكتشاف سر العبقرية. فالعبقرية، تحديدا، هي سر الأسرار انها تستقمي على كل تفسير. ولكن يمكن فهم بعض الجوانب المحيطة بها من خلال تجلياتها في أشخاص معينين ندعوهم بالعباقرة، أو بالأشخاص الاستثنائيين أو بالمبدعين الكبار كما نحب أن نقول في لفتنا المعاصرة، وذلك لأن كلمة"عبقري" أو"عبقرية" أصبحت عتيقة أو بالية في الوقت الراهن. نقول ذلك على الرغم من أن المعنى هو ذاته. فلا أحد يعرف سر مسرحيات شكسبير الرائعة، أو سبب نجاح لوحات فان جوخ، أو قصائد رامبو، الخ.. صحيح أنه يمكن لمناهج النقد الأدبي والفني أن تشرح لنا الكثير من جوانب هذه الأعمال الابداعية، بل وتنفذ الى أعماقها في بعض الأحيان. ولكن يبقى هناك لغز ما يصعب الوصول اليه واستنفاده كليا عن طريق التحليل. وهذا اللغز هو ما يدعى بالعبقرية. فرامبو كان يستخدم اللفة الفرنسية مثله في ذلك مثل بقية شعراء جيله. ولكنه هو الوحيد الذي استطاع أن يكتب تلك القصائد التي لا تضاهى والتي لا تزال تسحرنا حتى الآن. يمكن أن نقول الشي ء ذاته عن المتنبي في اللفة العربية، أيضا أو حتى عن شعراء كبار أخوين. واذن فهناك كيمياء سحرية أو سرية للابداع لا نعرف كنهها، ولا يتوصل اليها الا المبدع الكبير (أو العبقري). انه يركب الكلمات بطريقة ما وينفخ فيها الروح ثم يسطرها قصائد خالدة على صفحات التاريخ. وتطل تعجبنا وتأخذ بقلوبنا حتى بعد مرور مشات السنين. هنا يكمن سر العبقرية أو لغزها المحير. لقد حاول علم الطب النفسي والتحليل النفسي أن يكتشف سر العبقرية وتوصلا الى نتائج لا يستهان بها، ولكن يبقى هناك شي ء ما في العبقرية يستقمي على كل تفسير. يقول جاستون باشلار، أحد كبار العلماء والنقاد الأدبيين في آن معا:"في أعماق الطبيعة ينبت عشب غريب. في ظلام المادة تنبثق أزهار سوداء. ان لها قطائفها الرائعة وعطرها الفراح".. هكذا تولد العبقرية: انها كالنور الذي ينبثق من رحم الظلام، أو كالعقل الذي ينهض عل أنقاض الجنون. والعلامة الأساسية التي لا تخطي، على العبقرية هو الاعتراف الكامل والكوني والدائم بها. فلا أحد يشك في عبقرية شكسبير، أو المتنبي أو المعري أو بودلير أو نيتشه أو هيجل.. وكلما مرت الأزمان على انتاجهم عتق ونضج كالخمرة المعتقة وأصبح أكثر أهمية وامتلاء بالمعاني والدلالات. لقد أثبت الطب النفسي الحديث بعد أن أجرى دراسات تجريبية عديدة أن العبقري لايتميز بتركيبة نفسية خاصة بقدر ما يتميز بتشغيل خاص لهذه التركيبة النفسية. فهو انسان مثله مثل بقية البشر. ولكن استعداده النفسي مختلف،. فهو يتميز مثلا بطاقة هائلة عل الحركة والابداع قياسا ال الانسان العادي. كما أنه يتميز بالاختلاف وحب الخروج على المألوف. فالامتشالي الخاضع للعادات والتقاليد السائدة في المجتمع لا يمكن أن يكون عبقريا. لأن أول سمة من سمات العبقرية هي الشذوذ عن المألوف. ولذلك فإن العباقرة يصدمون الناس في البداية ويلاقون صعوبات جمة من قبل وسطهم والمحيط السائد. ثم يمني وقت طويل قبل أن يتم الاعتراف بهم، واحيانا لا يعترف بهم الا بعد موتهم. وحده العبقري يعرف قيمته منذ البداية، ولكنه لا يستطيع اقناع الآخرين بها فورا بمن فيهم أسرته الشخصية. ولذلك يعاني معاناة جمة ويصاب بالاحباط في لحظات كثيرة، ويحاول التراجع عن الأمر أو الاستسلام، ولكن هناك قوة داخلية فيه أي قوة سرية، تدفعه لأن يستمر، لأن يواظب عل فسيرته. ولذلك قلنا بأن من صفات العبقري الصبر والمواظبة لفترة طويلة من الزمن. انه عنيد فعلا، ولا يتراجع قبل أن يتواصل الى تنفيذ المهمة التي خلق من أجلها. لذلك انه ينبغي أن نعتقد بأن العبقري يعتبر نفسه محملا برسالة أو مسؤولا عن تنفيذ مهمة عليا تتجاوزه وهو مستعد لأنه يضحي بحياته من أجلها، ومن أجلها وحدها. من هنا تجيء سر قوته ومقدرته على تجاوز العقبات والحواجز التي يصطدم بها في طريقه، والتي يضعها الآخرون في طريقه، فالعبقري ما إن يكتشف الآخرون نواياه الحقيقية حتى يتألبوا عليه ويحاولوا منعه من تحقيق مهمته. العبقري مهدد باستمرار خصوصا في مراحله الأول، والعبقرية خطر على صاحبها. ويصل هذا الخطر أحيانا الى مرحلة التهديد بالتصفية الجسدية. لماذا كل هذا الخطر على العبقري؟ لأنه ليس من الطبيعي أن تكون عبقريا، وإنما الطبيعي أن تكون عاديا مثلك مثل بقية البشر. ولذا فما إن يشعر الناس بأنك عبقري، أو تحمل بذرة العبقرية في داخلك، حتى يعترضوا طريقك ويحاولوا الايقاع بك بشتى الأسباب. فالحسا قاتل أحيانا. وأحيانا يجيء من قبل عباقرة سابقين لا يريدون أن تتفتح أي موهبة بعدهم. وتروي الأسطورة أن أم كلثوم قد ساهمت في القضاء على أسمهان لأنها غارت منها وخافت أن تنافسها بعد أن سمعت صوتها وعرفت أنها عبقرية. وسواء كانت هذه الحكاية صحيحة أم لا فإنها تدل على شي ء ما. وتروي الروايات أن شعراء كبارا حاولوا القضاء على بعض المواهب الجديدة أو الصاعدة لأنهم أحسوا بأنها تشكل خطرا على امجادهم.. نعم ان العبقري يدخل في الدائرة الحمراء للخطر ما إن يشعر بعضهم بأنه قد يصبح عبقريا ويحل محلهم. ولكن هناك خطرا أخر يهدد العبقري كما ألمحنا الى ذلك أكثر من مرة الا وهو: الجنون أو التوتر العقلي الشديد الهيجان. وقد أثبتت أخر دراسة احصائية أجريت مؤخرا على هذا الموضوع انه نادرا ما يخلو عبقري ما من امارات الجنون أو التوتر النفسي الحاد. وقد قام بهذه الدراسة الباحث فيليكس بوست عام 1994، أي انها حديثة العهد جدا، وشملت 291 شخصية تنتمي الى عالم السياسة والفلسفة والعلم والفن والموسيقى والشعر والأدب.. وهي شخصيات عبقرية ظهرت في أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين. وتبين بعد إجراء هذه الدراسة أن هؤلاء العباقرة يتميزون بصفات غير طبيعية. فهناك نسبة 50% منهم يتميزون باضطرابات نفسية حادة جدا، بل وتشلهم عن الابداع في بعض فترات العمر. وترتفع هذه النببة لدى الفلاسفة فتصل ال 60%، ولكنها أرفع ما تكون لدى الأدبا، والشعراء خصوصا حيث تصل الى 70%. ثم تنخفض لدى الرسامين والموسيقيين ورجال السياسة (حوالي الـ 30%) ولا نستطيع أن نحصي عدد الشعراء والروائيين الذين أصيبوا بالجنون أو المرض العقلي بشكل جزئي أو كلي، مؤقت أو دائم، ولكن هذا لا يلفي ابداعهم أو عظمتهم و عبقريتهم. فلا أحد يستطيع أن ينكر عظمة شعر جيرار دونرفال لمجرد أنه جن أو انتحر، ولا أحد يشك بعبقرية نمي دوموباسان لأنه مات في المصح العقلي بعد أن انهارت قواه النفسية. ولا أحد يستطيع أن يقول بأن نيتشه ليس فيلسوفا كبيرا لمجرد أنه أمضى سنواته العشر الأخيرة في غيبوبة الجنون. ولا يوجد روائي في التاريخ أعظم من ديستويفسكي على الرغم من أنه كان مصابا بالصرع.. ويرى فرويد أن الابداع هو تعويض عن نقص ما في الشخصية. وانه لولا هذا النقص لما أصبح المبدع مبدعا. فالانسان المتصالح مع نفسه ومع الواقع الخارجي ليس بحاجة لأن يكون عبقريا… وأكبر دليل على ذلك فرويد نفسه الذي كان مصابا بالعصاب ولم يشف منه الا بعد أن اكتشف تلك القارة المظلمة والمعتمة والهائلة: أي اللاوعي. فلا ريب في أن الاكتشاف أو الابداع ينقذ العبقري أو يعيد اليه توازنه. يقول الفيلسوف كير كغارد الذي كان معقدا جدا من الناحية النفسية: أدان المرض هو السبب الأساسي لكل اندفاعة ابداعية. وبالابداع أشفي نفسي من اوجاعي وهمومي. بالابداع أسترد الصحة والعافية". والواقع أن هذه الكلمات هي للشاعر"هيني" ولكن كير كفارد استشهد بها، وكذلك فرويد. وكان ويلكه يعترف بأنه لم يكتب قصيدة واحدة الا من خلال العذاب النفسي والقلق. ومن المعلوم أن العقد النفسية الموروثة عن طفولته كانت تلاحقه كالأخطبوط ولا يستطيع منها فكاكا الا عن طريق الابداع. ثم سرعان ما تعود بعد انتهاء عملية الابداع. وهكذا كان يتوازن باستمرار من خلال اللاتوازن. أو قل كان دائما يشعر بأنه على شفا حفرة من الانهيار وانه مهدد بالسقوط في كل لحظة. وكان مضطرا لتأجيل لحظة الجنون الكامل في كل مرة. ومن المعلوم أن رامبو كان يكتب وهو على حافة الجنون، وكان يتقصدا الجنون تقصدا. كان مهووسا بتلك النقطة الغائرة في الأعماق والأقاصي، تلك النقطة التي لا يستطيع أن يصل اليها أي شاعر الا اذا غامر بنفسه واقترب من منطقة الخطر الأعظم. عندئذ كانت تخرج القصائد العبقرية. واعترف سارتر نفسه بأنه لم يتخلص من مرض العصاب الذي كان يلاحقه الا عن طريق الكتابة. فالكتابة تمتص الجنون الداخلي وتساعد على التخلص منه أو تحجيمه على الأقل. نقول ذلك وبخاصة اذا نجحت وأدت الى ابداع حقيقي. والواقع انه لا يوجد فنان حقيقي إلا ويعاني من مرض ما. أو مشكلة معينة. الإبرة التي توخز الكاتب وتدفعه دفعا الى عملية الابداع. وبالتالي فلا ينبغي أن يخاف الكاتب ان" ما كان يعاني من عقدة نفسية معينة أو من جرح داخلي حتى لو استغله الآخرون ضده. فربما كان هذا الجرح كنز" الوحيد. وهو على أي حال يشكل مصدر عبقريته وسر ابداعه. الهوامش: 1- من المعلوم أن ميشيل فوكو ختم كتابه الشهير "تاريخ الجنون في العمر الكلاسيكي" برفع ثناء حار الى الجنون. وطلب من العقل أن يمثل أمام محكمة الجنون لا آلكس. فجنون هولدرلين وانطو نين أرتو ونيتنه هو الذي ينبغي أن يحاكم العقل الغربي، ولا يحق لهذا العقل اطلاقا أن يحاكم جنونهم، وأن يرتفع الى مستواه. انظر: Michel Faucault: Histoire de la folie à p âge classique (الصفحات الأخيرة) Gallimard 2972. 2- اعتمدت كثيرا في تحضير هذه الدراسة على المرجع التالي الصادر حديثا في العاصمة الفرنسية: فيليب بر ينو: العبقرية والجنون، منشورات بلون، باريس 1997 Philippe Brenot: Le et lfolie, pion, Paris 2791. وكلام اندريه مورو وارد في مقدمة الكتاب، الصفحة (9). 3- المصدر السابق ب، ص 13. 4 - للمزيد من التوسع حول أحلام ديكارت الثلاثة رتلك الليلة الشهيرة انني: جننييف رود يسر _لويس: ديكارت. سيرة ذاتية، منشورات كالمان ليفي، باريس 1995. ص 63 وما بعدها. Geneviéve Rodis - Lewis: Descartes. Biographie. Almann - Lévy. Paris 1995. 5- انظر كتاب فيليب برينو عن العبقرية والجنون، ص 45. 6- نحيل القاريء هنا الى السيرة الذاتية التالية لبلزان: هنري ترويا. بلزاك. منشورات فلاماريون، باريس، 1995. Henri Troyat: Balzac. Flam marion. Paris. 1995. 7- انظر كتاب فيليب برينو السالف الذكر، ص 52. 8- المصدر السابق، ص 120. 9- المصدر السابق، ص 121.
هيثم، والله جيتني في قلب ناسنا ذاتم ،هاشم ميرغني وغيب وتعال. هاشم دا ، رحمه المولى وأسكنه فردوسه ، كان ومازال من أحب الأصوات التي استمعت واستمع لها. سنأتي عليه بتفصيل نرجو أن ترفدنا فيه بروائع ذلك الفنان الشامل. محبتي.
07-01-2008, 11:25 PM
Moawia Mohammed
Moawia Mohammed
تاريخ التسجيل: 10-24-2006
مجموع المشاركات: 3777
مدينة العيون ، كما تعلم يا خالد المامنسي ، هي عاصمة الصحراء الغربية وأهلها و (عيونم) بيشبهوا عيون ناسنا التياب ذاتا تياب ناسنا.. بس ناسم بيلبسوها بالشمال أكتر. غايتو ناس البوليساريو ديل.
07-02-2008, 09:37 PM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
معاويه وطراوه هديتكم مقبولة، آل كابوني وجميع (آلات) المافيا القادمة من صقلية إلى أمريكا أو (أمريكيا) زي ما بتتكتب في إعلانات بكري ، إشتهروا بالعنف المسرف والتصفيات السهلة الفادحة والثأرات والمؤامرات وحسم المسائل بحيث لا يكون هناك (جرام) أو ملليمول أو نانو عاطفة، لأنهم يعتقدون أن العاطفة تفسد البزنيس وتقود للإرتخاءات والثغرات وأن الإلتزام الصارم بقانون المنظمة و الأسرة أهم من اي التزام آخر وإلا بتلحق أمات طه ، إنت والأسرة والبزنيس. بالطبع لم يترك فيلم العراب The Godfather لفرانسيس كوبولا شاردة أو واردة عن حياة أسر المافيا إلا أحصاها، وأدى مارلون براندو وألباتشينو دورا لن يتكرر في ذلك العمل الأسطوري الخالد. آل كابوني الفونس إسم في عالم يحتشد بتهريب الخمور والسيطرة على أندية القمار والقتل وهو أشهر مجرم في التاريخ الحديث بلا منازع حيث كانت شرطة شيكاغو ترتعد فرائصها لمجرد ذكر اسمه ويكفي أن تعرف أنه بسبب قتل الشرطة لأخيه فرانك قام بتصفية خمسمائة شخص ( 500) ( شايف التار الماخمج كيف؟) . بالطبع نسجت حول الرجل روايات كثيرة وأنتجت أفلام عدة، لكن المعروف عنه أنه كان من المحسنين الكرماء وكان من المناصرين للمساكين والفقراء وكانت له مطاعم تقدم الطعام مجانا للمحتاجين. غايتو الراجل دا كان ظهر هسه سيعتبر نبيا مقارنة بمجرمي هذا الزمن ، كدي شوف ليك نشرة أخبار فيها ساسة، لكن آل كابوني يتفوق على معظم الساسة بالوسامة والقلب الرحيم أحيانا.
انت الانعام دى بتلقاها شرسة كلها ايام الولادة - بس الغريبة زمان البقرة الوالدة جديد نطاااااااااااحة وكمان تسكك تجري وراك لحدى ترميك على وشك - الان تلقى البقرة والدة جديد تاكل وتقش ايدك في طرفها ولا همها .
كتب الشاعر كامل عبدالماجد عن حياته في حنتوب ما يلي :-
في عام 1963 هطلت أمطار غزيرة بالمناقل وما حولها من قرى، ولم يكن من سبيل وأنا بقريتنا (ود الزين) في شمال المناقل، للعودة إلى حنتوب وقد انتهت الإجازة وذلك من جراء تلك الأمطار الغزيرة.. فرتب والدي عليه الرحمة أمر سفري على ظهر جمل خلف أحد أبناء عمومتي.. وبعد رحلة يومين في وحل ومياه، برك الجمل قرب البنطون بود مدني وقفزت متأبطاً شنطتي أنظر لزملائي في البنطون بزهوٍ عجيب.. فتأمل بالله عليك أبناءنا اليوم وما يعيشون فيه من دعة وترف عيش. تعهدتنا بالمشرب والمأكل والمأوى حكومة جمهورية السودان القديمة جزاها الله عنا كل الجزاء.. 12 عاماً في الداخليات وغيرنا 16 عاماً (أي كل المراحل) غير أني ولجت الداخلية من الوسطى ثم الثانوي والجامعة.. ورحلة طلب العلم كانت في ما مضى هي التي تشكل ذات الإنسان في بلادنا وحياة الداخليات هي التي عجمت عودنا وصقلت أنفسنا وعلمتنا الاعتماد على النفس وأتاحت لنا معرفة أبناء كافة فجاج السودان.. أما حنتوب فقد كانت الذروة في فترتنا الدراسية وكانت المحطة الأكثر ألقاً في سكة قطار رحلتنا التعليمية.. أذكر وأنا أحدق اليوم عبر ضباب الذكرى أذكر العشب المبلل بالندى في المساحة بين داخلية النجومي وقرية حنتوب وجلوسنا فوقه وأنسنا ومراحنا.. (قال لي فوق ندى العشب الخريفي والثعابين لها نحو الصديقين التفات يا صلاح.. ما حياتي إن أنا قضيتها دون أن ابني بناءً للغد". نعم جلس على ذات العشب الناعم الشاعر الفذ صلاح احمد إبراهيم وصديقه شيبون وغيرهم.. وأصبحت جلساتنا البريئة وأنسنا الغرير ذكرى لا تبارحنا.. أذكر للآن تلك الزهرة البرية البيضاء التي تطبق على معظم مساحة العشب وأذكر أسراب الفراشات التي توسع المكان جيئة وذهاباً.. وكان أستاذنا الطود الراسخ هاشم ضيف الله يمنع السير داخل ميادين النجيلة.. ولكن حنتوب كانت كلها عشباً ندياً.. وعشب الطبيعة البري الأخضر الناعم كان الأغلب. تنهال صوبي المهاتفات والرسائل الإلكترونية والنصية (الصوفت والهارد) كما يقولون بلغة اليوم.. ووصلتني رسالة من زميلي بحنتوب وجامعة برمنجهام د. عبدالرحمن محمد عبدالرحمن يقول فيها: "كنت أود لو ذكرت شيئاً عن فترة الشهر والنصف التي قضيناها في التدريب العسكري أثناء الإجازة (من ثالثة إلى رابعة) وذلك الطاقم العسكري والرجال الأشداء وكان يقودهم العميد (م) الكاتب والأديب عبد الرحمن حسن عبدالحفيظ).. ويتحدث صديقنا د. عبد الرحمن عن القيم والأخلاق التي غرسها فينا (الكديت) ويذكرنا زميلنا المهندس عدلان وحماسه الدافق للتدريب العسكري حتى ظننا جميعاً أنه سيتجه صوب المؤسسة العسكرية وليس كلية الهندسة.. كما يذكر الزبال وسرداب وعبد الرحمن عابدين ومنصور يوسف العجب.. وكنت ألتقى منصور كثيراً في تسفاري للندن ولكنه انقطع الآن.. للصديق عبدالرحمن تحياتي وسلامي وعرفاني وسنتواصل بإذن الله. زارني صديقنا وزميل الدراسة المتوسطة مصطفى الماحي الخبير الاقتصادي والمصرفي ولكنني لم أحظ بمقابلته لعدم وجودي بالمنزل ساعة زيارته، له مني الشكر والعرفان وأعد بوصل حبل الوصل فقد تذكرني في ما تذكر وجاءني بمكرمة وفيض مشاعر. اتساءل.. هل مستر براون البريطاني هو أول ناظر لحنتوب هو الذي أطلق الأسماء على داخليات حنتوب.. وهل يشارك براون إن كانت الإجابة بنعم في تخليد وتمجيد رموز أهل السودان مثل المك نمر وأبو عنجة والنجومي وغيرهم.. وسؤال آخر.. لماذا أطلقت أسماء الفصول على رموز الأوروبيين: شكسبير، أبوقراط وغيرهم والداخليات على الرموز الوطنية. يتصل بي منذ بدأت هذه الذكريات الحنتوبية أستاذنا السلاوي من أمريكا وقد زعم وهو يحادثني مؤخراً أن الرواية الغالبة لمعنى اسم حنتوب.. أن شخصاً يدعى حنا.. كان ينصحه الآخرون بأن يتوب وقد سكن بتلك الناحية وأسسها.. ورواية أخرى ان الاسم هو اسم عشب بري كثير النمو بتلك الناحية.. والأستاذ الشلاوي الذي درس ثم درس بتشديد الدال بحنتوب ثم تولى منصب وكيل وزارة التربية والتعليم أكثر من اتصل بي حنيناً لحنتوب وقد أرسل لي رثاءً مؤثراً للريس عبده سائق عبارة المدرسة الذي رحل إلى ربه في الأشهر القليلة الماضية وبرحيله يغيب الثرى ركناً من أركان تلك المدرسة العتيدة وهاتفني شقيقه الإداري الراحل عابدين بدر ملتمساً أن أضيف في ذكرياتي عن حنتوب أن أربعة من نابهي طلاب حنتوب جلسوا للشهادة وتفوقوا من السنة الثالثة وهم حسن الترابي وإبراهيم منعم منصور وشقيقه عابدين بدر ورابع نسيت اسمه.. وعابدين بدر ارتاد سلك الحكومات المحلية وتذكره أجيالنا التي التحقت بالسلك الإداري بعد أن تقاعد جيل بدر بسنين عددا. في أوائل الستينيات احتفل خريجو حنتوب من كل صوب وحدب بالعيد الفضي لحنتوب ولبى الدعوة مستر براون وامتلأت ردهات المدرسة بطلابها القدامى يتقدمهم الرئيس نميري في عهد زعامته على السودان وجاء محمد إبراهيم نقد من مخبئه الاختياري مشاركاً في الاحتفال وفاض الحنين القديم بالناس في ذلك اليوم الخالد.. ووقف الشاعر العبقري صلاح احمد إبراهيم يلقي قصيدة عصماء قال فيها: "هدهد حط على كتفك يا حنتوب كالحلم نبيلاً أنبت الشعر له تاجاً من العزة كالحلم جميلاً ساحباً ذيلاً من الريش على مرج قوافيه طويلاً وانطوى ساهماً في النجمة القصوى يناجيها ويدني المستحيلا بترانيم الجوى ثم أصغى لمنادٍ في الدجى: حي على خير فلاح فسرت فيه انتفاضة وطوى ذلك الماضي حيال الطور من وادي طوى إذ تجلى الشعب في نور الكفاح نافخاً في خافق الشاعر ناراً ورياح وقوى". ويتحدث في القصيدة عن صديقه شيبون وعن ثوريته ونضاله الوطني "خالص في مذريات لم يدنس جمرة من غضب الحق المقدس فارساً منا ولكن كان في الميدان أفرس" ثم يخاطب الرئيس نميري: "يا رئيس الشعب أوليناك والشعب الثقة قمت للثورة والثورة نار محرقة إنما الثورة تدبير وفكر وإرادة وهي إلهام وحشد وقيادة تخلق الأمة لا الحكم وشورى لا سيادة ومبادئ شعبك الجائع يرجوك ومن حولك في الخرطوم يرجون استفادة عقموا جهلاً وعادة طردونا.. فصبرنا النيل للمجهول أبناء سبيل ترقب البرج على بعد وموج النيل والشط الجميل كشموس وجمت عند أصيل نتعزى بأمانينا وبالشعر فنشدو ونطيل" غريب ونبيل أمر وفاء صلاح لصديقه شيبون.. أهدى له ديوانه (نحن والردى) بكلمات باذخة: "عرفته أول ما عرفته في ساحة العمل الثوري.. كنا آنذاك دون العشرين يحلم هو مثلما كنت احلم بيوم خلاص الشعب من المستعبد الأجنبي.. إليك أيها الذي قدم إلينا من كردفان ذات يوم بالحب الثوري العظيم والموهبة الواعدة ليتمدد مسجى بعرض الوطن وطوله".. وقبل صلاح لم نكن لنعرف شيئاً عن صديقه شيبون ولم يتح لأحد منا حتى اليوم الوقوف على شعره وإبداعه، هذا عن أمر صلاح الشاعر العبقري الذي تناوشته سهام رفاقه وسهام السياسة فهجر بلاده اضطراراً ورحل وحيداً غريباً. استطالت مقالتي عن حنتوب.. وكان المؤمل أن اكتفى بمقال وأحد أعرف فيه أبناءنا وأجيالهم اللاحقة المدارس الثانوية في ذلك الزمان.. غير أن المقال الأول حرك أشجان خريجي حنتوب فأردفته بمقال ثان وثالث.. وكلما أزمعت التوقف والفكاك هاتفني أو صادفني صديق يضيف ويعلق ويستحسن.. وعبر الهاتف اتصل الأستاذ الصديق أبو عصاية يخبرني أنه يحتفظ بديباجة المدرسة ودبوس الهدهد وبصورة لمستر براون يقرع الجرس ثم صورة أخرى يتحدث في الاجتماع المدرسي الدوري.. ويتصل بي من يخبرني أنني لم اشمل خاله محمد موسى بالذكر وهو من رموز المدرسة والمدرسة التي بدأت مسيرتها عام 1946 ومضت في المسيرة حتى زمان التسعينيات خرجت جحافل من الطلاب.. ومن العسير أن تحيط بذكرهم وأخبارهم مثل هذه المقالات الصحفية.. غير أني أفرغت في مقالاتي كل ما توفر لي من معلومات ولا أقول ذكريات عن حنتوب.. واختم بهذا المقال بعد أمسية حنتوب الجميلة (أمسية للحنين والذكرى) التي نزمع إقامتها بمسرح كلية قاردن سيتي أمسية الثلاثاء القادم بإذن الله، والدعوة موجهة لخريجي حنتوب من كافة الأجيال للمشاركة. إلى كافة أحبابي وزملائي في رحلة التعليم أزجي شكري وعرفاني.. الى كل من هاتفني وأرسل لي وقابلني شخصياً شكري وامتناني، لقد ضمخ روحي وعطرها بعبير الإخاء والوداد ما وجدت خلال مقالاتي هذه من قبول وارتياح وأخص بالذكر الذين كتبوا معي مؤازرين، اللواء الشيخ مصطفى والدكتور كامل إبراهيم حسن والعميد عيسى الحاج إبراهيم وأزجى تحياتي لمجموعات أبناء حنتوب مجموعة اللواء باب الله ومجموعة ناس اللواء شرف الدين علي مالك ومجموعة بلة احمد العبد وقبلهم جميعاً مجموعة أستاذنا أبو كشوة. ولكم الوداد
07-03-2008, 10:17 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
نورنا الهادي، حمدالله على السلامة والبركه في الشوفه. القهوه (مرقت عصُر) وجنب القطيه ببقى الطعم تاني. عارف يا نور قدرما قلنا نتعود على الهيل الخليجي أو الناسكافي ما قدرنا، قلية البن والطوه والشرقرق والليفه والجبنه أمسكسك والوقايه والفناجين وقعر الفنجان بباقي سكر شبه دايب ولسه باقي المستكه وريحتا ، بيسلموا عليك. ياخ ماتغيب ، الحياة دي أقصر مما يتوقع المرء. تسلم يا فنان.
07-03-2008, 11:06 AM
mamkouna
mamkouna
تاريخ التسجيل: 12-05-2004
مجموع المشاركات: 2246
Quote: مدينة العيون ، كما تعلم يا خالد المامنسي ، هي عاصمة الصحراء الغربية وأهلها و (عيونم) بيشبهوا عيون ناسنا التياب ذاتا تياب ناسنا.. بس ناسم بيلبسوها بالشمال أكتر. غايتو ناس البوليساريو ديل.
ودالمرتضى الشفيف الراقي سلامي مطبوق لي أهلنا وجميع خِلانا في مسقط التحت والفوق ومن العيون الكحلاء .. العسلية .. الخمرية .. الزرقاء .. الشهلاء .. والخضراء .. البنية .. وخاتف لونين ومنها الجامدة الساكنة والمتحركة النشطة ومنها العاتبة اللائمة ومنها الغريرة الراضية منها البريئة
التحايا والود والتهنئة بالربع الجديد بعد الأرشفة.. والذي نأمل أن يكون عامراً .
أهدي لكم هذا الاقتباس من بوست الدكتور عبد القادر الرفاعي ، ( والذي هو من ناسنا) : ملف الفنان التاج مصطفى محبتي عبد المنعم خليفة
Quote: كنت في السابعة من العمر تحركت من بيتنا في حي الملازمين بأم درمان شرقاً متجهاً غرباً في خط مستقيم حتى بلغت جامع الضرير ومن هناك واصلت المشي ... هطل المطر مدراراً فأفزعني صوت الرعد فجريت ... دخلت المنزل المجاور لمخبز العطا شمال مدرسة الهداية الأولية (1912 ـ 1962م). كان في البيت أناس كثيرون ... من غرفة الديوان إنساب صوت الفنان عثمان الشفيع "في الضواحي وطرف المدائن " و "الشادن الفتان أحييت خيالي" و "الشال منام عيني وفؤادي جارحو" ... طربت أيما طرب. ثم انساب صوت التاج مصطفى "يا بهجة حياتي" و "يا غايب عن العين" و "أحبابي يا عيني أنا" وبادله الغناء (كورس) عثمان الشفيع، علمت لاحقاً أن ذلك اليوم يوم صبحية عرس ابنة عابدين عوض (ترزي الجيش) ... وقفت مبهوراً استمع للغناء الجميل حتى توقف المطر فمضيت في طريقي مخترقاً حارة المنعمية لشراء الكسرة من حبوبة سكات ثم عدت أدراجي. والآن أين ذهب كل هذا؟ ويردد الصدى ذهب يا ابن الدهشة في الماضي السحيق.
07-04-2008, 09:26 PM
خالد علي محجوب المنسي
خالد علي محجوب المنسي
تاريخ التسجيل: 04-10-2006
مجموع المشاركات: 15968
Quote: وقفت مبهوراً استمع للغناء الجميل حتى توقف المطر فمضيت في طريقي مخترقاً حارة المنعمية لشراء الكسرة من حبوبة سكات ثم عدت أدراجي. والآن أين ذهب كل هذا؟ ويردد الصدى ذهب يا ابن الدهشة في الماضي السحيق.
أستاذنا عبدالمنعم، المنطقة التي عناها د. الرفاعي وبكى فيها على الطلول قضينا فيها سنينا إستثنائية هي السنين التي احتضنتنا فيها مدرسة الأهلية الثانوية العامة المواجهة لمنزل الزعيم الأزهري ، وهي منطقة يحدها غربا محطة عبدالله خليل ومنزله وشمالا صينية ودارو وجنوبا معهد القرش أو حي السور بالملازمين وشرقا مركز شرطة بيت المال. تلك المنطقة تاريخ قائم بذاته كنا نجوبها صباح مساء حيث أن ارتباطنا بالمدرسة لم يكن ينتهي بنهاية اليوم الدراسي فهناك (المنازل) والجمعية الأدبية وغير ذلك من مناشط تربوية ، المدرسة كانت كل شيئ في حياتنا تقريبا والأساتذة هم أهلنا وناس طراوه وهجّام أشقاء لم تلدهم أمهاتنا، لا أريد أن أحكي هنا لأنني لن أتوقف. محبتي.
07-04-2008, 09:23 PM
أحمد طراوه
أحمد طراوه
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4206
.. و اصلا امريكا هي صناعة العصابات ! بالله شوفو فيلم دي كابريو اللي اسمو ( عصابات نيويورك ) البقول :
( امريكا إتولدت في الشوارع ) .. دا the motto بتاع الفيلم
منذ فجر التراكم - الراسمالي الشرس الاول التم فيهو إنتزاع اراضي المواطنين الاصلين بالقوة و البطش و الدماء ، و تحويل الاراضى لمناجم دهب و لاتفونديات كبيرة لزراعة القطن ( الاقطاع و الراسمالية بطريقة الكابوي )
.. وكانت المناجم الخرِبة بتنهار فوق راس تلك العمالة الرخيصة و بتتحول لمقابر جماعية ، الراسمالية الامريكية كان لازم تجيب آل كابوني في تلك الثلاثينيات لانها كانت شاقا المقابر زي داموك و اللبخ و كبس الجبة و اب دربين .. ماشة عبر النهب و القتل و الموت
.. ويا ود حامد : حرامية ليل امدرمان الاربعة .. ناسنا .. كلمنا عنهم ، مع حقيقة إنهم ما كانو بقتلو ، و براعوا الاصول .. و اب دربين قال لشوقي بدري ، حرم لو ما امك الطيبة الاصيلة حاجة أمينة كان ضبحتك هنا في الرفيرا دي
.. 1930 : الصورة آل كابوني بيعمد في كادي كسائق خاص للزعيم ، للعربة الكاديلاك الطالعة موضة ذاك الحين لونا لون شيكاغو - العصابات ( اخدر نحاسي ) .. اخدر لونو زرعي .. و ما بخلي يا ود حامد
.. و اللساتك محصنة ضد الرصاص .. و الكادلاك bulletproof و ناس غرقانة في الخمور و الجنس و لحم الخنزير عالي الكولسترول .. و يا جمال كسرة حاجة (السُكات) ماركة الفتريتة الخالية من الجذور الحُرة ، و المواد المُسرطنة و باقي السموم .. ونحنا مالنا و مال الراب و الهب هوب و موات الليرك .. جملة التاج مصطفى اللحنية ياها محكرة جوانا .. سر الامان و التوازن و مساعي العودة لارض النيل .. و لسودان العقل و الرحمة بديلا لاقتصاد العصابات و جماعات الملوص الجديد
07-04-2008, 09:46 PM
ibrahim kojan
ibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457
بعث لي الابن الدكتور / أبي عبد الوهاب خليفة مشكوراً مجموعة صور عن لقاءات الشاعر المبدع عاطف خيري بهولندة .. ولأن ناسنا بحبوا المشاركة في الجمال والإبداع ، انقل لكم هنا بعض أبيات من شعره الذي يدعو للتأمل ..
والمطرة زي شفع العيد، تدخل غرف كل البيوت
حكمة الجوع الشرح للأرضة
كيف تقرأ المرق
وقبال يقع فوقك سقف
يتنحنح الجالوص
امرق على مهلك
مروق الحنة من ضفر العروس
واصعد على مهلك
صعود البذرة والروح والشموس
محبتي عبد المنعم خليفة
07-06-2008, 03:06 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
يا طراوه، قالوا الوصيه بالمهله، شوف لي صاحبي محمد الفاتح مالو، هسه أستاذنا عبدالمنعم خليفه رجّعني للأهليه العامه وما عارف ألقى الوكت وين عشان أجر النم مع ودالكبّو في الدوباي، الله يدي العافيه لكل من مر بالأهلية العامة والعليا ومحمد حسين وعشان خاطر الصحاب سلام على الأميرية عملاء المؤتمر. كَبَس الجِبَّه سيبقى إسما في عالم المشاكل وسوابق القضاء السوداني ولازم نورِّي القراء قصة كَبَس الجِبَّة بالرواقه.
07-06-2008, 08:49 PM
الطيب شيقوق
الطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804
القرشي ود أبونا الناظر منعم، ناسنا من الزمن السمح، لا تتصور مدى سعادتي بمجيئك إلى هنا والنقله التي أخرجتني من عالم إلى كون آخر, الأهل كلهم بخير ظاهري يا قرشي وأتمنى أن يكون حال أهلنا في النهود وعموم دار حمر وأمدرمان أطيب، والله يا قرشي من محاسن هذا المنبر أنه لم شمل نفر عزيز من (ناسنا) وحوش بكري دا رغم مصايبو لكن يبقى زي الدنيا فهي تعطي بقدرما تأخذ وتأخذ بقدرما تعطي، سعدت منذ أيام بقراءة مقال للأستاذ حامد منعم عن مدينة النهود بموقع http://www.elnahoud.net/news1.htm وبالطبع استعدت زمنا لن يتكرر، راجع المسنجر. المحبه شديده يا قرشي.
07-07-2008, 04:31 PM
محمد المرتضى حامد
محمد المرتضى حامد
تاريخ التسجيل: 08-14-2006
مجموع المشاركات: 10832
ارتبط اسمه بالشاعر والمسرحي الراحل محمد الماغوط حيث قام بتأدية كثير من الأدوار في مسرحيات الراحل، دريد لحام يبقى أشهر الأسماء في سماء المسرح العربي الناقد للأوضاع السياسية في العالم العربي كاشفا لعورات الأنظمة ساحبا لورقة التوت عنها سيما تلك الأنظمة التي تبنت شعارات تقدمية شرق المتوسط كما يشير إليها الأديب الراحل عبدالرحمن منيف. كأسك يا وطن ستظل الأشهر من بين مسرحياته الكوميدية الساخرة التي عالج فيها أوضاعا مأساوية بمشرط لايرحم فلاقت تلك الأعمال رواجا وشهرة منقطعة النظير وعلى منوالها نُسِجت شقائق النعمان وضيعة تشرين وفيلم الحدود والتقرير إلخ.. رحم الله الماغوط وأطال عمر دريد فقد أمتعنا وآلمنا ونحن نضحك باسى على نكساتنا شاخصة أمامنا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة