|
الإنـــــســـــــــــان المهـــــــــــــــدور (Re: عبدالغفار محمد سعيد)
|
الكتاب: الإنسان المهدور
المؤلف : د. مصطفى حجازى الناشر: المركز الثقافي العربي بيروت 2005 الصفحات: 350 صفحة من القطع المتوسط عرض سليمان فاروق درويش
Quote: مصطفى حجازي مؤلف هذا الكتاب كاتب لبناني وأستاذ جامعي من مؤلفاته السابقة (التخلف الاجتماعي 2001) (حماية الرأس هي الأساس 1990) و(شباب الظل هو وقود العنف 1987). أشار الكاتب في بداية هذا الكتاب (الإنسان المهدور) إلى الاعتراف بحق الإنسان وصيانة حرمة هذا الإنسان وتأمينه من الحاجة والخوف كشرط مسبق لبناء الاقتدار الإنساني الذي يشكل نواة أي انجاز أو إنتاج أو تقدم أو تنمية الإنسان أولا في الأساس والاعتراف بإنسانيته كمنطلق أساسي وكل ما عدا ذلك جهد مهدور وأمل ضائع.
كما أوضح الكاتب الربط بين التنمية والتقدم بالديمقراطية وحضورها ، وتم ربط التخلف والتقهقر بغيابها تماما كما اعتبر تقرير التنمية الإنسانية الأول (2002) بأن الحرية هي الشرط اللازم لتحقيق التنمية. يشير حجازي إلى تنوع أشكال الهدر واختلافها فهناك الهدر المالي أو الهدر المادي ويأخذ الهدر شكل الحروب التي تخاض من أجل الغلبة وفرض السيطرة إلا إن الموضوع الذي يعني الكاتب هو الإنسان تحديداً بمعنى التنكر لإنسانيته وعدم الاعتراف بقيمته وخصائصه وكيانه وحقوقه.
وعن الهدر الإنساني ألمح الكاتب على انها حالة ليست نادرة تتفاوت من إباحة إراقة الدم في فعل القتل أو التصفيات كحد أقصى إلى سحب القيمة والتنكر لها مما يجعل الكيان الإنساني يفقد مكانته أو منعته وحرمته. وقد يتخذ الهدر شكل عدم الاعتراف بالطاقات والكفاءات أو الحق في تقرير المصير والإرادة الحرة حتى الحق بالوعي بالذات والوجود مما يفتح السبيل أمام مختلف ألوان التسخير والتحقير وإساءة الاستخدام. كما يتجلى الهدر الإنساني باعتباره حالة منقطعة الصلة بمسألة الديمقراطية وغيابها. إننا هنا بصدد الهدر الإنساني فيما هو دون الديمقراطية (حسب رأي المؤلف) ولا عبور إلى الديمقراطية دون استرداد لحقه في إنسانيته ومكانته لا ديمقراطية ممكنة إذاً دون هذا الشرط المسبق المتمثل في القضاء على الهدر الوجودي ، واستعادة قيمة الكيان الإنساني وحرمته وأحقيته. وهنا أشار الكاتب إلى تعدد ألوان الهدر مركزا الحديث عن هدر عام وعن هدر خاص.
الهدر العام هو ذاك الذي يطال شرائح كبرى من الناس أو حتى مجتمعات بأكملها يدخل ضمن هذه الفئة حالات الطغيان والاستبداد )وحكم المخابرات والعصبيات على اختلافها) والأصوليات المتطرفة. وقد يصيب الهدر العام الوعي الإنساني عند المحرومين مادياً كما عند الميسورين أو حتى المترفين. ذلك ما تحاوله العولمة تحديداً من خلال إغراق جيل الشباب في عالم الإثارة والمتع الحسية ومظاهر الاستهلاك الآني مزينة إياها على أنها غاية المنى في تحقيق الوجود وامتلاء الكيان ودلالته. وأضاف أن ألوان الهدر العام هذه تفرض الموت الكياني فكيف يمكن عندها الحديث عن التنمية والإنماء والتحرير وصناعة المصير والمكانة بين الأمم.
وهناك ألوان من الهدر النوعي ألمح لها الكاتب بتعبير الهدر الخاص وأشار إلى الهدر الذي يصيب المرأة والشباب والطفولة لأنها من أكثر الشرائح السكانية تعرضاً للهدر سواء على المستوى الكياني أو على مستوى الطاقات والوعي. ويمكن القول هنا بأن هناك مرضاً كيانياً يسمى الإنساني بما هو التنكر لإنسانية الإنسان أو تجاهلها أو التلاعب بها أو الحرب عليها ، هذا المرض يتجاوز طروحات الديمقراطية والحرية وما لم يتم تشخيصه والوعي به ومحاربته وصولاً إلى شفاء المجتمع والفرد فلا مجال لحرية أو ديمقراطية أو بناء مؤسسات أو إنماء اقتصادي وما لم يتم التصدي لهذا المرض الكياني الذي يفقد المجتمع وأبناءه مناعتهم هناك خطر في تحول الطروحات والجهود إلى أدوات تمويه وتعمية. ثم ينتقل تكلم الكاتب للحديث عن الاستبداد أو الطغيان في هدر الإنسان فالاستبداد «هو غرور المرء برأيه والأنفة من قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة» و«المستبد على الصعيد السياسي يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا ارادتهم ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم». أما الطاغية هو ذاك الذي يمارس السلطة بشكل مطلق وقمعي في حالة فرض الإرادة وسوء استخدامها من موقع امتلاكه للسلطة العليا. أشار أيضاً إلى آليات التحكم والسيطرة والسحب من الرصيد الديني والموروث الثقافي كما أوضح الكاتب عمليات الاعتقال والتعذيب وآلياتها المباشرة والخفية والتي تؤدي إلى تدمير الكيان النفسي الإنساني أو هي تهدف إلى ذلك.
فهذه العمليات قد تكون صريحة مباشرة تتوسل مختلف أشكال الأذى الجسدي الذي يصل أحياناً إلى أقصى درجات الاحتمال أي مرحلة ما قبل الموت مباشرة. يبدأ هدر الكيان خلال التعذيب ويتمثل في عدم الاعتراف بإنسانية المعتقل أساساً ومنذ البدء فالمعتقل الذي سيعذب يجرد من إنسانيته بشكل كامل وأبرز وأشهر مثال راهن على ذلك كما حدده الكاتب معتقلو حرب أميركا على أفغانستان في غوانتنامو وكذلك في سجن أبو غريب وسواه من السجون في العراق وخارجه وبالتالي فليس لهم قانون يحميهم كما هو شأن أسرى الحرب.
وقد أشار الكاتب هنا إلى بعض أنواع التعذيب مثل التعذيب الجسدي العنيف ويتضمن أبعادا جسدية وأخرى نفسية تتضامن فيما بينها كي تؤدي الهدف المطلوب وهو إما تدمير الضحية وإيصالها إلى وضعية (الحية ـ الميتة) أو كسر إرادتها ومناعتها وكثافتها الذاتية. الضرب والعنف على الجسد التعذيب من خلال الإجهاد الجسدي والعصبي التعذيب من خلال التحكم بحاجات الجسد والتعذيب النفسي.
وقد أشار الكاتب إلى العصبيات والهدر وهو ما جعل الإدارة العربية تعيش حالة من الازدواجية الفعلية ما بين الظاهر الرسمي والخفي الفعلي. ما يحرك هذه الإدارة هو النظام العصبية على اختلافها منها : قبلية ـ عشائرية ـ عائلية ـ طائفية ـ اثنية ـ جهوية. وليست الإدارة وحدها هي التي تسير بشكل خفي بهذه النظم بل كل مؤسسات المجتمع
يتساوى في ذلك الأحزاب والجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية. حتى الأحزاب العلمانية وتلك التي تدعي التحرير والاشتراكية تقدم على الأسس العصبية نفسها ولا تفلت المؤسسات المالية والاقتصادية من سلطة هذه العصبيات وكما حدد الكاتب يشكل لبنان الذي ينهل من مظاهر الحداثة على اختلافها ويعرف حالة مميزة من الانفتاح على العالم وعلى الحداثة حالة بليغة الدلالة على تحكم العصبيات بتسيير أموره السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعن العصبيات والهدر الداخلي تحدث الكاتب عن أوائل ألوان الهدر القبول المشروط ويذهب القبول المشروط حداً يفرض معه العصبية وتمجيدها وتمجيد أصحاب الشوكة والنفوذ فيها لا يقبل منها إلا المديح ولا يجوز له أن يرى الأِشياء على حقيقتها الواقعة. بل عليه مثلية وضع العصبية وتصويرها على أنها «الجفة المرتجاة».
تقوم علاقات السلطة في العصبية على «أخلاق الطاعة» توفر الحماية والحصانة والعزوة والمغانم مقابل الولاء غير المشروط والتبعية. كما ألمح الكاتب إلى العصبيات والهدر الخارجي، وهي هدر الوطن وهدر المؤسسات وحروب الهوية والتصفيات ومن هذه الحروب كما حددها الكاتب، الحرب الكونية التي تشنها أميركا راهناً على الإرهاب التي تمثل حالة نموذجية لعملية الأسطرة المزدوجة هذه أسطورة الخير والحرية والإنسانية النبيلة التي تدعيها الإدارة الأميركية لذاتها مقابل أسطورة الإرهاب الذي يحاول تدمير الحضارة البشرية.
وهكذا فالأسطرة المزدوجة هي هدر محض الإنسانية لإنسان ومن الطرفين معاً وفي فصله الخامس فقد أشار الكاتب أيضاً إلى أن هدر الفكر هو أهم ركن في ثلاثية الهدر الأخطر أي هدر الفكر والوعي والطاقات. لأنها تصيب حيوية المجتمع ونمائه في الصميم إذ هي تتركه في حالة الانكشاف وفقدان المناعة تجاه الضغوط الخارجية المتنامية.
هدر الفكر هو اخطر بما لا يقاس من مجرد الرقابة والحجز والمنع إننا بصدد قضية حيوية بل مصيرية: هل سيكون لنا امتداد ذهني معرفي وسيطرة عقلية على الحياة وإدارتها أم سندخل في فئة المستغنى عنهم: التابعين والمستباحين؟ وعن ألوان هدر الفكر أوضح الكاتب إلى انه تتحالف ثلاثية (الاستبداد، والعصبيات، والأصوليات) فيما بينها ممارسة ألوانا من الهدر على الفكر وصولا إلى خلق مناخ مؤات بفرض سطوتها واستدامتها من خلال تجريم الفكر وتحريمه، والحجر على العقول والأفئدة.
من نتائج هدر الفكر قصور التفكير التحليلي النقدي وهو ما يؤدي إلى فقدان سيطرة العقل على قضايا الواقع وإحلال الكم والتفكير المجن على التفكير الذي يتمكن من التعامل مع القضايا تحليلاً ونقداً وتغيراً. وأوضح الكاتب أن الهدر الوجودي في الحياة اليومية يتخذ دلالة الفشل في أن تكون أو تصير هنا تبرز حالات الوجود المعوق أو الوجود المفرغ من كثافته على شكل حياة مضيعة واجترار خيباتها وهو ما يولد أزمات نفسية متفاوتة الشدة، أو هو مفهوم الذات ويجعله غير قابل للاحتمال والاعتراف به.
هدر الرغبة إعاقة أو منعاً. يؤدي مباشرة على إعاقة نزوات الحياة مثل إعاقة وتحريم الرغبة العاطفية أو الجنسية. وخلص إلى انه لا يمكن للإنسان المهدور أن يتحمل بسهولة ولمدة طويلة واقعة الوجود الذي يعصف به وقد يزلزل كيانه كما لا يمكنه أن يتعايش مع هذه الصورة بشكل مستمر ومن هذه الآليات آلية الاحتماء في الماضي بالقدر المكتوب والذي يشكل دفاعاً جماعياً آخر في مواجهة الهدر، ومن آليات الدفاع التي ما زالت تنتشر في المجتمعات الصناعية المتقدمة كما المتخلفة ظواهر الفاشية والتطرف الأصولي. وفي نهاية كتابه أكد الكاتب أن ينهض الإنسان المهدور من محنته ويجابه كل التحديات والأخطار ودخول عالم الأقوياء ، والعمل على التفكير الإيجابي وتجنب الانفعالات والعواطف ومحاولة الاستمرار في حياته اليومية والتأقلم مع مجتمعه الداخلي والعالم.
|
نواصل
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 11-16-06, 08:29 AM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | JOK BIONG | 11-16-06, 08:42 AM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 11-16-06, 09:06 AM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 11-16-06, 11:21 AM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 11-16-06, 09:11 AM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | JOK BIONG | 11-16-06, 09:19 AM |
الشعب الاسرائيلى وتنفيذ الفكرة ببناء الدولة الصهيونية | عبدالغفار محمد سعيد | 11-16-06, 06:13 PM |
لماذ الدفاع عن الشعب الفلسطينى؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 11-17-06, 11:44 AM |
فوارق : بين ردة الفعل ...والموقف المبدئى | عبدالغفار محمد سعيد | 11-17-06, 12:13 PM |
Re: فوارق : بين ردة الفعل ...والموقف المبدئى | JOK BIONG | 11-17-06, 02:35 PM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 11-18-06, 08:24 AM |
الـتقــــــاء المـــتــنــاقضــات | عبدالغفار محمد سعيد | 11-18-06, 08:56 AM |
امنحوا شارون (( نوبل القتل )) _ غابرييل غارسيا مركيز | عبدالغفار محمد سعيد | 11-18-06, 10:40 AM |
مظاهرة في جنوب أفريقيا تندد بموقف واشنطن من العنصرية | عبدالغفار محمد سعيد | 11-19-06, 10:25 AM |
المؤتمر الدولي ضد العنصرية بمدينة ديربن بجنوب أفريقيا | عبدالغفار محمد سعيد | 11-19-06, 09:39 AM |
بدء أعمال المنتدى غير الحكومي لمؤتمر مناهضة العنصرية | عبدالغفار محمد سعيد | 11-20-06, 08:17 AM |
المضطهدون يصرخون عشية قمة ديربن | عبدالغفار محمد سعيد | 11-20-06, 09:22 AM |
التطرف هو المشكلة | عبدالغفار محمد سعيد | 11-22-06, 01:09 PM |
المنظمات غير الحكومية في ديربان تدين عنصرية إسرائيل | عبدالغفار محمد سعيد | 11-22-06, 01:17 PM |
بــــــــــنـــــية الـــــعــــقل الجمـــــعى وحـــقوق الانـــسان | عبدالغفار محمد سعيد | 11-23-06, 08:52 AM |
[B]دولة يهودية... وديموقراطية! [/B] | عبدالغفار محمد سعيد | 11-24-06, 10:28 AM |
الثـــــــــقافة الاصــــــــولية | عبدالغفار محمد سعيد | 11-25-06, 01:23 PM |
الإنـــــســـــــــــان المهـــــــــــــــدور | عبدالغفار محمد سعيد | 11-27-06, 11:34 AM |
الاميركيون في سجن ابو غريب يبدون هواة بالنسبة لما يستخدمه الاسرائيليونة | عبدالغفار محمد سعيد | 11-28-06, 10:45 AM |
تاريخ المجازر الصهيونية من عام 1956 حتى 2006 | عبدالغفار محمد سعيد | 11-29-06, 11:59 AM |
Re: تاريخ المجازر الصهيونية من عام 1956 حتى 2006 | حسين يوسف احمد | 11-29-06, 01:27 PM |
Re: تاريخ المجازر الصهيونية من عام 1956 حتى 2006 | عبدالغفار محمد سعيد | 11-30-06, 10:38 AM |
تـــاريــــخ المــــجــازر الصــهــيــونــيــة | عبدالغفار محمد سعيد | 12-01-06, 10:00 AM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 12-02-06, 10:08 AM |
Re: بين التضامن الانسانى مع الفلسطينيين.. والصداقة مع الاسرائيليين؟ | عبدالغفار محمد سعيد | 12-03-06, 09:47 AM |
تـــاريـــخ المـــجـــازر الصــهــيونية | عبدالغفار محمد سعيد | 12-04-06, 10:43 AM |
تــــــاريخ المــجــازر الصـــهيـــونـــيـــة | عبدالغفار محمد سعيد | 12-05-06, 10:52 AM |
|
|
|