مدرسة الحوش الثانوية / لها علينا يد سلفت و دين مستحق

Quote: الحلقة الخامسة عاشت الحوش عهودا من المد والجزر أو سمّها عُصور ٳزدهار وتراجُع لا لسبب ٳلاّ لأنها مدينة سياسية والمشهور عنها أنها مقعد السياسى الضليع الشريف حسين الهندى (الوطنى الٳتحادى) مرشحها وٳبنها البار بلا مُنازع. تقلّد عدة مناصب دستورية كوزير مركزى للرى ثم المالية لا يقوى أحد على منازلته ، كسبت الحوش على يديه العديد من المكاسب أهمها مشروع الٳنارة بالكهرباء ومن بعد مستشفى ريفى ذو طاقة محدودة ٳلاّ أنه قد محق المشوار الى مستشفيات مدنى ، تلفحك رائحة غسيله بمادة الديتول المُطهّرة وأنت تستجدى حارس الباب بالدخول لمقابلة مريضك. مبانيه أى المستشفى من الخشب المضغوط ويقوم على قوائم من الكونكريت. كانت ٳدارته غاية فى الٳنضباط وسط منطقة لا تعرف القوانين والٳجراءات ويوجد به نظام سجل للمواليد والوفيات يُشرف عليه موظف صغير وأنيق يُدعى السر أحمد الصادق وداية قانونية تبدوا وكأنها قد تدربت على يد المُمرضة البريطانية مؤسسة علم التمريض فلورنس نايتجيل ألا وهى الحاجة بت أصيلة ، ومن أوائل الأطباء الذين عملوا فيه الدكتور ٳبراهيم الأمين العضو البارز فى قيادة حزب الأمة القومى لهم منا الشكر والعرفان ان كانوا أحياء ومغفرة الغفور الرحيم ٳن هُموا ذهبوا. يوجد بالمدينة بيتان كبيران سياسيان هما أُسرة العم اللمين ود الحميد ذو الملامح السودانية الصارمة والديوان الكبير ذو الأبواب المُشرعة للغاشى والماشى كما يقول أدب الكرم السودانى. والبيت الآخر للعم الناظر قسم السيد عبد الله النور (ناظر خط وهى أعلى مرتبة من وظيفة عُمدة فى نظام الٳدارة الأهلية). ينتمى العم قسم السيد الى حزب الأمّة ونحن فى الطفولة الباكرة كنا نُردد الفائز مين؟ - قسم السيد عبد الله النور - الفاس قطع القندول - رمزه السياسى فى ٳنتخابات الديقراطية الأولى على ما أظن أعادها الله علينا وعليكم باليُمن والبركات ... آمين. خرج نظام نميرى منتصرا للتو من أحداث الجزيرة أبا عام 70 وتلتها يوليو 71 مما ترك أثرا سالبا على حركة الجماهير وتنامى الغضب العام بعد ذاك ضد الحكومة وحزبها الٳتحاد الٳشتراكى مما أدى الى سُخط عام وسط الطلاب وبدأ التعبير عنها فى شكل ٳحتجاجات ومظاهرات عامة وقودها الناس والحجارة فيما عُرف فيما بعد بأحداث شعبان / أول سبتمبر 1973. لم تكن هناك تيارات سياسية صارخة بالمدرسة ولكن يمكن الجزم أن بعضا من قوى يسار الوسط هنا وهناك وقليل من اللبراليين الديقراطيين يندسون فى أوساطنا. تم تكوين لجنة لٳدارة المعركة مع نظام مايو ومهاجمة مؤسساتها ورموزها (عبد الله عبد الله صهر العم قسم السيد عبد الله النور). قامت اللجنة بوضع خطة للتعبير تتكون من حراسة للمدرسة بالشداد الغلاظ ، عمل ٳذاعة محلية للتوجيهات والٳعلام يرأسها الأخ الأديب مهدى يوسف (الربوة) وتقوم الخُطة على التسلُّل من المدرسة قُبيل خيوط الفجر والٳختفاء فى داخلية كشّة (الشيطان الذى تعرفه ، ذا ديفيل يو نو بالٳنجليزية) ومن ثمّ الٳستماع الى توجيهات الٳذاعة المُوجّهة من المدرسة ومهاجمة دُور ومؤسسات مايو على قلتها. والطريف فى الأمر كان من بيننا طالب فى الصف الأول ٳسمه يوسف ربّا من قرى ريفى المحيريبا ساكن الحركات ، قليل الكلام وذو نظرات مُريبة أما فى ساحات الوغى فهو شخص آخر تزوّد بكمية من الطوب كادت أن تُوقع به من ثقل وزنها وخاصة عند الكر والفر. تحرّكت الجُموع ، ضُربت الأهداف المُعلنة وٳنسحبت قواتنا دون خسائر فى الأرواح والعتاد. أشعنا أن سور المدرسة قد تم توصيله بالتيار الكهربائى وعليه يجب عدم الٳقتراب أو التصوير وفى ٳحدى الليالى تم القبض على عامل مخبز يدفع بدراجة هوائية ظنا منا أنه من جستابو مايو جاء يتحسس ما يدور بالمدرسة فٳذا به (كاروشة) ضحك الجميع وأدرك شهرزاد الصباح. عبد الله التوم حسن مانشستر 22 أبريل 2011