إنجمامة طيبة بِحب الناس ... وللكلمة الطيبة فيها دور وأساس

Quote: فى القولد التقيت بالصديق ! بخت الرضا وانشودة الزمن الجميل الفاضل حسن عوض الله fadilview @ yahoo .Com كتب عبد الرحمن على طه مع آخرين فى بخت الرضا كتاباً عن الجغرافيا ليدرس فى السنة الثالثة سمي ( سبل كسب العيش فى السودان ) وموضوعه زيارات حقيقية قام بها نفر من أساتذة بخت الرضا الى مناطق شملت شمال وجنوب وشرق وغرب البلاد . وقد قام بهذه الرحلات الاستاتذة : مكى عباس والنور ابراهيم والشيخ مصطفى وعبد العزيز عمر الأمين وعبد الحليم جميل واحمد ابراهيم فزع وعبد الرحمن على طه وعثمان محجوب ومستر و مسز سمث وسر الختم الخليفة . وكان اسهام عبد الرحمن على طه الإضافى الى الكتاب أنشودة حلوه لخصت الرحلات التى تمت وظل التلاميذ فى المدارس يرددونها لعقود من الزمان . يعلق الأستاذ المرحوم الفكى عبد الرحمن على هذه الأنشودة بقوله ( إن عبد الرحمن على طه ممثل وكاتب مسرحي أدخل الجغرافيا باب الأدب) . وقد كنت وما زلت مولعاً بالأنشودة مما جعلنى فى حالة بحث دائم عن نصها الأصلى الى أن قيض الله لي الصديق الباحث النشط الاستاذ/ محمد الفاتح العالم فأمدنى بنص القصيدة من كتاب ( سبل كسب العيش فى السودان) . ومن بعده اعارنى المعلم الدوؤب الأستاذ خيري بمدارس الميرغنية كتاب ( استاذ الإجيال عبد الرحمن على طه ) للدكتورة فدوى عبد الرحمن على طه والمتضمن نص القصيدة ، وكل المعلومات الواردة فى صدر هذا المقال منقولة حرفياً من هذا الكتاب القيم . لعل سبب ولعي بهذه القصيدة هو أفتتان بها شأن كل قديم نفيس ، ونحن السودانيون مولعون بالافتتان بالماضى ولسنا وحدنا فكل شعوب العالم تحن الى ماضيها ، حتى الامريكان الذين أتخمتهم نشوة التفرد الحالية مازالت فى مفرداتهم جملة (THE GOOD OLD DAYS) وتعنى ( كم هى جميلة تلك الايام التى مضت ) . مضيت أقرا الأنشودة وأعيد قرآتها المرة تلو المرة بل ظللت أنشدها مع اطفالى بلحنها المميز بعد ان رويتها لهم فى شكل زيارات ، وتوطدت أواصر المودة بينهم وبين صديق عبد الرحيم فى القولد ، محمد القرشى فى ريره وسليمان فى الجفيل ، محمد الفضل فى بابنوسة ، ومنقو زمبيرى فى يامبيو ، وحاج طاهر فى محمد قول ، احمد فى ود سلفاب ، إدريس فى ام درمان ، وعبد الحميد فى عطبره . ووجدتني اسرح أحياناً بعيداً عن اسطر القصيدة لتتقافز التساؤلات ... أما زال أحفاد صديق عبد الرحيم يعملون وينتجون فى الحقول أم تخطفتهم شطئان النفط البعيدة تاركين إقليمهم يتشهي ضربة معول حاذقة تخرج الثمر الطيب ؟ أمازال ابناء ريره يسقون جموع الأبل أم باعو الأبل ومعها اليفع من الأطفال لتجرى فى سباقات الهجن ؟ أمازال الهشاب النضر الجميل يكسو بوادي الجفيل ام سحقه التصحر وهُرب الى الدول المجاورة ليصدر الى دول العالم المختلفة ؟ و أهل ابن الفضل أما زالوا يتنقلون بين كيلك وبابنوسة أم أنهم فى منتصف الطريق يحاجون قوات الاتحاد الافريقى بأنهم ليسو جنجويداً او زرقة ؟ وأحفاد صديقنا منقو ، أتراهم أحياء يرزقون ويأكلون البفره .. أم افترستهم حرب ضروس ؟ وحاج طاهر وأهله فى محمد قول امازالو يمارسون حرفة صيد السمك ام تراهم فى شوارع اسمرا يتحدثون عن جبهة الشرق و مؤتمر البجا والأسود الحرة والمناطق المهمشة ؟ وأهالى ود سلفاب أما زال قطنهم فى الحقل نضر أم ساقتهم إدارة مشروع الجزيرة الى السجون ؟ وعمنا إدريس فى ام درمان اتراه ما زال يشكو أن أم درمان لم تعد أم درمان التى عرفها ؟ وأحفاد عمنا عبد الحميد فى عطبره أتراهم بين ضجيج الورش والقاطرات أم هم مشردون بدعوى الصالح العام والتمكين ؟ لعل الإجابة الواقعية الوحيدة لبعض هذه التساؤلات هى بعض اسطر كتبها الاستاذ / محمد سعيد مكي يقول فيها ( علمت بحزن عميق وأسف بالغ وفاة العم صديق عبد الرحيم صديقنا فى القولد الذى اكلنا معه الكابيده وأسمعنا كلمات طيبه من رطانه اهله والذى توفى بالولايات المتحدة عام 1998 بعد ان هجر السودان وأستقر هناك ) . فى خاتمة هذا المقال لا أجد ما أقدم به أنشودة الزمن الجميل سوى كلمات الاستاذ مكي أبو قرجه التى يقول فيها :- ظلت حناجر الأطفال الغضة لأكثر من خمسين عاماً تردد نشيداً شجياً فى كل المدن والقرى والبوادى السودانية بحماس وغبطة وحبور فى آخر كل حصة للجغرافيا فى السنة الثالثة الابتدائية ... كان هذا النشيد الذى شد نياط القلوب بأوتار لا ترتخي بكل بقاع الوطن من القولد حتى يامبيو ومن محمد قول حتى بابنوسة وفعل فى النفوس فعل السحر . ولا يزال يتوهج فينا نحن الكبار بعد مرور عشرات السنين ويبعث حنيناً وروحاً وطنية متأججة فى كل الأجيال . فى القولد التقيت بالصديـق أنعم به من فاضل ، صديقى خرجت أمشى معه للساقية ويا لها من ذكريات باقيــة فكم أكلت معــه الكابيدا وكــم سمعت اورو والودا *** ودعته والأهل والعشيرة ثم قصدت من هناك ريره نزلتها والقرشى مضيفى وكان ذاك فى أوان الصيف وجدته يسقى جموع الإبل من ماء بئر جره بالعجـل *** ومن هناك قمت للجفيـل ذات الهشاب النضر الجميل وكان سفري وقت الحصاد فســرت مع رفيقى للبــلاد ومر بي فيها سليمان على مختلف المحصول بالحب إمتلا ومرةً بارحت دار اهـلى لكي أزور صاحبى ابن الفضل ألفيته وأهله قد رحلـوا من كيلك وفى الفضـاء نزلوا فى بقعة تسمى بابنوسـة حيث اتقوا ذبابة تعيســــة *** ما زلت فى رحلاتى السعيدة حتى وصلت يا مبيو البعيدة منطقة غزيرة الاشجــار لما بها من كثرة الأمطــار قدم لى منقو طعــم البفره وهو لذيذ كطعام الكســـره *** وبعدها استمــر بى رحيلى حتى نزلت فى محمد قـــول وجدت فيها صاحبي حاج طاهر وهو فتى بفن الصيد ماهـــر ذهبت معه مرةً للبحـــــر وذقت ماء لا كماء النهــــر **** رحلــت من قول لودْ سلفاب لألتقى بسابع الأصحــــاب وصلته والقطن فى الحقل نضر يروى من الخزان لا من المطر أعجبنى من أحمد التفكيـــر فى كــــل ما يقوله الخبيرُ *** ولست أنسى بلدة أم درمــان وما بها من كثرة السكـــان إذا مرّ بي إدريس فى المدينة ويا لها من فرصـــة ثمينة شاهدت أكداساً من البضائــع وزمراً من مشتر وبــــائعْ *** وآخر الرحلات كانت أتبره حيث ركبت من هناك القاطره سرت بها فى سفر سعيد وكان سائقى عبد الحميـــد أُعجبت من تنفيذه الأوامر بدقة ليسلم المســـــافر *** كل له فى عيشه طريقـة ما كنت عنها أعرف الحقيقـة ولا أشك أن فى بــلادى ما يستحق الدرس باجتهـــاد فإبشر إذن يا وطني المفدي بالسعي مني كــي تنال المجدا --------------------------------------------------------------------------------