|
Re: شمس المشارق - غير أنهم لا يكذبون ونحن نتنفس الكذب شهيقاً وزفيراً.. مؤمن الغالي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)
|
طعم الهزائم (1-2) 04/04/2009
الهزيمة .. راجعوا في كل بحور اللغة - قلِّبوا المنجد والمعجم ولن تجدوا حروفاً أكثر بشاعة ورعباً من الهزيمة .. والهزيمة أنواع وأشكال ومراسم.. هزيمة بطعم الحنظل وأخرى بطعم الدموع المالحة.. وثالثة أكثر دموية ورعباً وبشاعة تلك التي هي بطعم الدم. ولو أراد ربُّك بك عذاباً .. ونكالاً .. و«بشتنة) وألواناً من الخوف .. هو أن يبتليك .. بالهزيمة المزدوجة .. تلك التي بذات الطعمين طعم الحنظل ممزوجاً سائلها المر.. بطعم الدم..
وأتجول مذعوراً في أدغال الهزائم .. أمشي على الشوك ويدمي جسدي .. في أحراش وغابات الهزيمة بطعم الحنظل.. وتلك أخف وأيسر الهزائم خطراً .. بالإرادة والصلابة واستدعاء مخزون القدرات البشرية الهائلة.. تجتاز حقلها المشتعل بالجحيم.. تقف بل تنهض من وسط ركامها الهائل المخيف الفاجع.. تنفض ما علق بك من رماد وغبار.. تنتصب مرة أخرى واقفاً.. لتبدأ المسيرة من جديد.. بروح جديدة،، مستلهماً من دروس وعبر .. المسالك التي قادتك إلى هذا الأتون المخيف.. وهذه أيضاً .. معاهد ومدارس وعبر .. منها هزيمة الجيوش النظامية في معركة أسطورية ووحشية.. وتفتح صفحات التاريخ لنجده يروي في تفصيل .. ملاحم ومواقع .. انهزم الإنجليز هزيمة بشعة في (رانلرك) أمام جحافل النازي .. فكان الحنظل هو الذي احتل ألسنة وحلوق الإنجليز .. ولكنه كان دافعاً وحافزاً للانتصار الكاسح على الريخ الثالث».. وهزيمة أخرى بطعم الحنظل .. كانت في (بيرل هاربور) واليابانيون يشعلون النار الهائلة في الأسطول الأمريكي ليصبح كتلاً من اللهب.. وكانت هزيمة بطعم الحنظل.. ابتلعها أبناء اليانكي .. رغم مرارة العلقم .. ثم صار (علكة) فتحت الطريق .. إلى (برلين) وهزيمة الفاشي.. و«شنق» موسليني.. واستسلام الإمبراطور .. الذي أطاحت بعقله .. هول قيامة (هيرشيما) وأهوال نجازاكي.. وشهدت عيوننا .. بل عشنا المأساة مع (ناصر) في يونيو .. وكان قدر الرجل أن يتجرع الهزيمة .. ذات الطعمين.. طعم الحنظل وبشاعة نكسة يونيو.. وفي غمضة عين .. صار سلاحه الجوي أثراً بعد عين.. تشتت عساكره في سيناء بين أسير وقتيل وتائه وجريح.. فتجرع (ناصر) حنظل الهزيمة.. ممزوجاً بطعم الدم .. نهض مرة أخرى واجتاز حقل الهزيمة بطعم الحنظل وهي هزيمته في الميدان .. ولكنه .. مطلقاً .. لم يتعاف من جرحه النازف الراعف .. وهو الهزيمة بطعم الدم.. هزيمته في صديقه ورفيقه وساعده ومعقل آماله .. ومحور أفكاره وسنده وعضده عبد الحكيم عامر .. وتلك كانت الهزيمة التي لم يبرأ منها ناصر ،، حتى وهو في قبره.. وما أفدح الهزيمة بطعم الدم ،، وتلك سنحكي وسنفرد لها سطوراً وصحائف..
ونأتي إلى النوع الثاني من الهزائم وهي الهزيمة بطعم الدموع المالحة.. وهذه يمكن أن تكون مناحاً وعويلاً .. ويمكن لها أن تكون أفراحاً ودهشة وبشاشة.. هزائم العاشقين في دروب الحب الوعرة الشائكة المزهرة الممطرة .. تضحك وأنت تبكي .. تبتسم وجرحك ينزف .. تعفو وقاتلك يلهو .. تسامح ، وقاتلك مخضوبة كفاه .. بدم جرحك الدامي .. تبدع وتبتدع .. أشكالاً وألواناً من الحزن والمراثي ودوزنة الفجيعة .. تهب الناس من روحك ،، من عصبك .. سحباً من الشجن .. تتفتح.. وتتفجر كوامن الإبداع فيك.. لتنثر أزهاراً رائعة وملونة على الضفاف تعزي نفسك .. حتى وأنت ترثيها.
أنت عارف .. لما اخترتك حبيبي
كان في قلبي جرح يندي بالهزيمة
ألم أقل لكم أن طعم الدموع المالحة لا يصادر ولا يغتال الحياة .. ها هو الذي انتاشته سهام الحبيب .. ينطق روعة ها هو يجتاز بحور طوفان الدموع.. ها هو يأمل .. يتمنى يحلم ثم ينهض لمواصلة الحياة..
وتذهب إلى ميدان المعركة مشتعلة الأوار .. هيجاء مظلمة .. يتجندل فيها الفارس.. نازفاً مترجلاً عن صهوة الجواد.. و ....
جيوش اشتياقي .. هزمتني زادت أنتي
لو كنت بقربي لأسرها إجعل لحاظك أسنتي
ومعركة هائلة غير متكافئة .. المنتصر فيها مهزوم .. والمهزوم فيها سعيد
وتبقى أحلى الهزائم .. هي تلك الهزائم بطعم الدموع المالحة .. وكم من مهزوم
مكسور مفجوع يستحلي .. بل يتلمظ طعم الدموع المالحة.. يستعذب
مشاهد حبيباتها البلورية .. وكأنها حبات كرستال..
ولكن تبقى .. أفدح وأبشع أنواع الهزائم .. تلك التي هي بطعم الدم..
هي السكون .. والموت الذي ليس بعده حياة.. وتلك التي أخوض في بحيرة دمها غداً..
|
|
|
|
|
|