|
|
 سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان
|
سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان
مدخل:
1..
ضرب الطيران الإسرائيلي لأهداف داخل السودان هو امر مرفوض..و يعتبر انتهاك لسيادة السودان..و أن حكومة السودان مسئولة مباشرة في حدوثه و التكتم عليه..و صمت القوى السياسية السودانية على هذا الأمر هو نوع من التواطوء و الإذعان لألاعيب النظام..و فوق ذلك هو تعديل لكثير من المفاهيم العامة.. حيث اصبح السودان و سيادته هو فقط ما يطابق عمر البشير و سلامته الشخصية..
2.
اخبار الغارة التي قام بها سلاح الجو الإسرائيلي و ضرب اهداف داخل السودان ، مرت مرور الكرام و لم يتم تناولها من وسائل الإعلام العربية و الأفريقية و السودانية بالقدر الذي يقابل حجمها و خطورتها و هو انتهاك سيادة دولة انتهاكا عسكريا بينا..
الحكومة السودانية من جانبها كانت تتكتم على خبر الغارة ..و كانت تحسب حساباتها لتوقيت اعلان الأخبار..و ذلك بغرض استغلالها و توظيفها بصورة تخدم موقفها تجاه موقف المحكمة الجنائية الدولية و اصدرا مذكرة اعتقال في حق الرئيس عمر البشير و اخرين من افراد نظامه..
و مهما يكن من امر تكتم نظام البشير على خبر الغارة الإسرائيلية.. الإ ان الأمر في حقيقته يبدو كانما هناك صفقة تمت و هناك بعض الشواهد تؤكد ذلك..منها علم حكومة البشير بامر الغارة و دور المخابرات السودانية في ذلك..و توقيت الغارة..واعلان قرار المحكمة الجنائية الدولية بخصوص اعتقال البشير..و ما ترتب بعد صدور القرار..
قرينة الجهل مرفوضة:
حدثت الغارة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع في داخل السودان في يناير 2009 ..و كان المبرر الإسرائيلي هو ضرب قافلة اسلحة مهربة كانت تتجه الى قطاع غزة..و أن الأسلحة ايرانية ..و اسرائيل ترى ان من حقها حماية امنها بصورة استراتيجية حتى لو ادى ذلك الى انتهاك سيادة دول و حتى لو كانت ليست من دول الطوق و ليست لها حدود مباشرة مع اسرائيل..
مثل هذه الغارة لا تتم بصورة تلقائية و انما هو امر مخطط بدقة و محسوب.. لأنه يحتاج عدة اطراف منها ايران نفسها..و مصر و ارتريا و اثيوبيا..و السودان..
الحكومة السودانية من جانبها.. في البدء اعلنت جهلها بما حدث و انه لم يكن بعلمها..و في التأخير عن الإخبار بالغارة.. ذكرت الحكومة السودانية أنها كانت تجمع الأدلة و تصور اثار الغارة.. لتتأكد بالضبط مما حدث..تسربت اخبار الغارة في توقيت مدروس ..و ذلك بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بخصوص مذكرة اعتقال عمر البشير..
بالرغم من أن وسائل الإعلام العربية و السودانية دأبت على تجييش الشعوب على اساس العاطفة و العداء المعلن بصورة واضحة تجاه اسرائيل.. الإ هذا لا يعكس جوهر الواقع.. خصوصا على مستوى التنسيق بين المخابرات و الأمن.. فاسرائيل لها علاقة جيدة بكثير من اجهزة المخابرات العربية بما فيها السودان..و ان هذه الأجهزة قدمت خدمات كثيرة و جليلة ساهمت في بقاء اسرائيل للحد الذي جعلها في مرحلة التعنت و التكبر..
اجهزة المخابرات و الأمن السودانية لها تواصل مع الموساد..و هو امر يتم عبر مبدأ العملاء المزدوجين ..و تبادل المصلحة في اطار محدود و معلوم من قبل الطرفين..اضافة لذلك.. فاجهزة المخابرات السودانية سبق و أن قدمت خدمة جليلة لإسرائيل ابان عهد حكومة جعفر نميري و المتمثلة في نقل اليهود الفلاشا و ايضا عبر شرق السودان..
في هذه العملية.. هناك دور من داخل ايران قدم معلومة اولية حول أن هناك اسلحة سوف تهرب الى قطاع غزة..و لأن الأسلحة من ايران و لغاية السودان لا تأتي عبر معجزة سماوية.. فكان لابد لها أن تمر عبر حدود عدد من الدول حتى تصل الى السودان ثم تمضى الى قطاع غزة..
دول الطوق (الدول التي لها حدود مباشرة مع اسرائيل) هي مكشوفة..و بالتالي لا يمكن عمليا أن تمر الأسلحة من عبر حدودها.. اضافة الى أن امر النقل عن طريق البحر مباشرة ما عاد مجدي بعد قبض الأجهزة الإسرائيلية لسفينة و مصادرة اسلحتها..
التنسيق تم بين الموساد و الدول التي تقع على اطراف البحر الأحمر..و ذلك عبر مبدأ العملاء المزدوجين الذي ذكرناه آنفا..
الحكومة السودانية و عبر اجهزة مخابراتها .. هي التي تولت عملية تفريغ شحنة الأسلحة..و اعادة شحنها و تغيير طريق مسارها عبر الطرق البرية في السودان..و ذلك بغرض استمرار الأمر عبر الحدود المصرية لغاية غزة..و الجميع كان يعرف سلفا أن هذه الأسلحة لن تصل الى قطاع غزة.. الجهة الوحيدة التي كانت لا تعلم ذلك هو حركة حماس..
اختيار السودان في هذه المرحلة بالتحديد لم يكن اعتباطيا.. لأنه يساهم في خدمة السودان سياسيا و كذا خدمة اسرائيل سياسيا.. بالنسبة لإسرائيل فرئيس وزرائها كان في ازمة سياسية اثارت التذمر وسط مواطنية..لذلك كان يسعى لتحقيق هدف باي صورة كانت و بأي ثمن.. حتى يحفظ بعض التوازن..و قد نجح تماما في ذلك..
الحكومة السودانية و اجهزة مخابراتها كانت تهدف الى تحقيق هدف سياسي محدد و هو الغاء امر القبض في مواجهة البشير أو تأجيله أو حتى تعديله..و لأن الحكومة مشهورة بأنها قدمت تنازلات كثيرة من التخلى عن مواقع جغرافية لدول الجوار مثل مثلث حلايب..مرورا بعرضها اكثر من مرة من تسليم اسامة بن لادن..و حادثة محاولة اغتيال حسنى مبارك في اديس ابابا 1996..و تسليم كارلوس للمخابرات الفرنسية..كل هذه احداث لعبت فيها المخابرات السودانية ادوار كبيرة و كلها كانت بغرض تحقيق اهداف بعينها..و معروف مثل تلك الأهداف لا يعلن عنها في وسائل الإعلام و هو امر مشروع..
اذن قرينة أن الحكومة السودانية و اجهزة مخابراتها كانت تجهل حدوث انتهاك سيادة السودان و الغارة الإسرائيلية على اهداف داخل السودان.. فهذا امر لا يقبله العقل ولا قرائن الأحوال و الواقع..
توقيت الغارة و اعلان المحكمة الجنائية الدولية:
في سبيل تكالبها على حماية سلامة البشير ، كانت اجهزة الحكومة السودانية و مخابراتها على استعداد لتقديم أي ثمن كان.. دون أن تسمح لنفسها بدراسة الأمر و احتمال تهرب الطرف الأخر (و هو الموساد و دولة اسرائيل) من دفع مستحقاته..وفقا لهذه الظروف قبلت الحكومة السودانية و اجهزة مخابراتها بالسماح للطيران الأسرائيلي بضرب اهداف داخل السودان دون اعتراضه أو مقاومته..و لو ان اهل الحكومة اذكياء قليلا.. كان من الممكن أن يقوموا بترتيب اعتراض صوري للغارة.. كان يضربوا بعد هروب الطيران الإسرائيلي ثم يستغلون ذلك بأنهم و رغم المحن التي يعاني منها السودان هم اقدر على حماية سيادة السودان ..و كنا سنصدقهم في ذلك..
فكرة الحكومة السودانية من هذه الصفقة كانت تأمل في ان يحدث استحقاق مقابل في التأثير على قرار المحكمة الجنائية الدولية..فالحكومة تكتمت على خبر الغارة الإسرائيلية بصورة مقصودة..و هي تتنظر ما يحدث في المحكمة الجنائية الدولية..فما الذي حدث؟
الوقائع المباشرة بعد صدور القرار:
مثلما رئيس الوزراء الإسرائيلي كان يبحث عن هدف تكتيكي لإصلاح صورته امام المتذمرين من اهل شعبه و ذلك بضرب اهداف داخل السودان و التأكيد على قدرة حكومته لحماية الأمن الإستراتيجي لإسرائيل ، كان صديقه الرئيس السوداني عمر البشير يحتاج أيضا لهدف يجعله يبدو في وسط بعض من اهل شعبه بالبطل و الرمز..
المظاهرات و الزيارات المكوكية التي نشط الرئيس عمر البشير فيها .. كلها امور محسوبة و لها علاقة بالغارة الإسرائيلية و قبض ثمنها..
اهم المستحقات التي قبضها عمر البشير و نظامه.. هي الموقف الأمريكي (ولا يخفى علينا تأثير اللوبي اليهودي و جماعات الضغط الصهونية في قرارات الإدارة الأمريكية)..و الذي تم في تكرار الإعلان بأن الولايات المتحدة غير معنية تماما بأمر القبض على الرئيس السوداني ..و أنها لن تشارك بقواتها في قرصنة جوية لتحقيق امر القبض..و في هذا الوقت .. حينما ترضى عنك امريكا.. فيمكن لك الحق بأن تزعم انك اله صغير محمي بأرادة كبرى..
و لأن الضوء الأخضر جاء مباشرة من أمريكا.. فكان البشير و نظامه يسعى للتأكد من صدق الأطراف الأخرى..و يمارس حقه في قبض ثمن صفقة الغارة الإسرائيلية على السودان..و من مظاهر هذا التمتع.. أن قام الرئيس السوداني بزيارة خمس دول في اسبوع واحد..و هو ما لم يفعله طيلة وجوده في الحكم لأنه كان قليل السفر الى خارج السودان ،و لم يفعله رئيس سوداني من قبل..
زيارة البشير استفادت منها اطراف اخرى بصورة غير مباشرة..و نقصد اطراف المحيط الإقليمي .. خصوصا الجامعة العربية و دول الإتحاد الأفريقي..و هما مجموعتان اعلنتا رفضهما لأمر اعتقال البشير..الجامعة العربية تعاني ازماتها الخاصة مثلها و مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي..و كانت تحتاج هدف لتحقيق مصداقيتها المتآكلة.. و الصورة التي تريد أن تعكسها الجامعة العربية هو القدرة على التأثير على مؤسسات المجتمع الدولي و ذلك بالتمرد عليها عبر السماح للرئيس البشير بزيارة بعض من الدول الأعضاء في الجامعة..و هذا موقف مؤقت الهدف منه تحقيق هدف مرحلي..
الإتحاد الأفريقي من جانبه .. هدد بأن بعض اعضائه من الدول الأفريقية ستقوم بانسحاب جماعي من معاهدة نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية..و زيارة البشير لأثيوبيا و ارتريا و ليبيا.. كانت تهدف الى عكس صورة ما تفيد بأن الإتحاد الأفريقي قادر على تحقيق مزاعمه..
محمد النور كبر
كاتب سوداني
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 03-29-09, 08:29 PM |
 Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Mohamed Yassin Khalifa | 03-30-09, 03:37 AM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | هاشم نوريت | 03-30-09, 05:22 AM |
| شكرا | Kabar | 03-30-09, 06:49 AM |
| Re: شكرا | Kabar | 03-30-09, 07:00 AM |
| Re: شكرا | Kabar | 03-30-09, 08:58 AM |
| Re: شكرا | Kabar | 03-30-09, 09:01 AM |
| Re: شكرا | Kabar | 03-30-09, 09:08 AM |
| Re: شكرا | البحيراوي | 03-30-09, 10:21 AM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | إسماعيل حسن | 03-30-09, 11:15 AM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | البحيراوي | 03-30-09, 03:01 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | طه القرشي | 03-30-09, 03:39 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 03-30-09, 08:06 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 03-30-09, 08:08 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 03-30-09, 08:14 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 03-30-09, 08:19 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 03-30-09, 08:51 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | إسماعيل حسن | 03-31-09, 05:24 AM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | طه القرشي | 03-31-09, 03:00 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 04-01-09, 06:21 AM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 04-01-09, 06:22 AM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 04-01-09, 07:58 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | كمال عباس | 04-01-09, 08:11 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | emad altaib | 04-01-09, 08:49 PM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 04-02-09, 05:42 AM |
| Re: سلامة البشير مقابل السماح للطيران الإسرائيلي بانتهاك سيادة السودان | Kabar | 04-02-09, 05:44 AM |
|
| |
Kabar
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست