عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 08:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الممثلة تماضر شيخ الدين جبريل(Tumadir)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-10-2004, 10:47 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى

    نوافذ مفتوحة
    ـــــــــــــ
    يحيي فضل الله
    ـــــــــــــ
    الفنان المسرحي المتميز ـ الرشيد احمد عيسي
    بين حرفة تخزين التفاصيل وبين التوهج الدرامي ـ 1 -
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هأنذا استطيع
    الان ان اعلن وفي تبرج ظلال هذه الظهيرة انه بالامكان هزيمة البعد ، بالامكان جدا ان نتواصل لاسيما وانا ارمز خسراني و خساراتي بعد ابتعادي عن السودان ببعدي عن اصدقاء حميميين الي درجة الذهاب بعيدا في البوح والمناجاة وارمز حميم الاصدقاء بالكائن الهميم الشفافية والشفيف الهمة بالصديق الرشيد احمد عيسي ، شريكي الحميم جدا في المشروع المسرحي و الاحلام ، في التداعي والهذيان ، في ما يتسع لنا من خطوات متسكعة علي الدروب التي مشيناها سويا والتي سوف نمشيها سويا ، في مغالبتنا حد الجدل العنيف لاخطبوط القبح الذي اجهض عدد من المشاريع الجميلة التي تخصنا .
    كنت في هذه الظهيرة من ضجر بي اتأمل وانا اجلس علي صخرة خلف البيت و امامي خور ـ صوميل ـ Swmill creek
    اتأمل هذا الخور الذي ينفلت وبدربة من حالة جموده الشتوي فهاهو الربيع قد انصرمت منه ايام و هاهي ظهيرة في مايو 2003 تمنحي و علي صندوق بريدي المعنون ب
    1564 FEATHER LANE GLOUCESTER K1T 1V4
    OTTAWA - CANADA YAHYA ELAWAD
    مظروف اصفر كبير عبر الاطلنطي ، مرسل من الصديق الرشيد احمد عيسي الذي كان وقتها يعمل كأمين مستودع بالخبر بالسعودي ، يا لها من مسافة و يا له من زمن ، كنت قد تركت الصخرة كي اعود اليهاو بي رغبة في كوب من القهوة ، وفجأني مظروف الرشيد و هو يطل من صندوق البريد ، بلهفة لا توصف ، فتحت الظرف بعد وجدت اسم الراسل مكتوب بقلم شيني ازرق و حين دلفت الي الداخل كنت قد فتحت الظرف و بدأت اقرأ الرسالة ــ ،،
    صديقي و شريكي الحميم ، الاخ العزيز الغالي والفنان المتفرد ود العوض ، كل الود و الحب و الشوق الدفين ، وكل خلاصة ما تعلمنا من الحياة والمسرح و الصحبة ولك ايضا السبق في التوثيق لهذا الشتات والتجارب الثرة ولك الادب و الشعر ولك كل صفات الانسان القديم كما جاء ذكره في الايدلوجيا الالمانية ـ القدم و الطيبة ـ وكل الاتكيت ، و كنت اسما علي مسمي ـ يا يحيي خذ الكتاب بقوة ، صدق الله العظيم ـ ولك الضجيج والسكون و الحياة بكل تجلياتها و اخيرا وليس آخرا لك السودان الحلم القادم بقوة ,, ـ
    واعلنت دموعي وجودها الخاسر وانا التهم اجابات الرشيد علي اسئلة حواري معه عبر حواراتي الموسومة ب ـ نوافذ مفتوحة ـ ، كنت قد ارسلت له الاسئلة عبر البريد الالكتروني وكانت مدينة اتاوا OTTAWAـ ـ تشهر كرنفالها الابيض و ها قد وصلني هذا المظروف الحنين و OTTAWA ـ تتهيأ لصيف سطوتها العارية .
    ها هي النوافذ مفتوحة علي عوالم الفنان المسرحي الكثيف التميز الرشيد احمد عيسي ، هي نوافذ مشرعة و لا تعترف بالبعد و الابتعاد و مستثمرة ثورة الاتصالات ، هي نوافذ لحوار يهزم المسافات و يطوع الازمنة ، نوافذ تخصب مفردات النوستولجيا لتثمر عافية في شجرة الحاضر متشابكة الاغصان ، نوافذ تجادل هذيان المنفي ، ويملك الرشيد احمد عيسي ان يسرب نسمات طيبات عبر هذه النوافذ معلنا عن كثافته الدرامية عبر هذا البرولوج الذي اختاره كمدخل لهذه الحوارية الحميمة
    برولوج
    ــــــــ
    من يمنحنا خلاصة الحكمة ويعلمنا كيف نعيش وجودنا الحق
    عندئذ يكون الفعل التمثيلي بحق طقسا من طقوس العبور من حال الي حال ، من حالة الجهالة الي المعرفة ، من ظلمة الي النور ، من الطفولة الي البلوغ والنضج .
    ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ
    ـ الرشيد احمد عيسي ، التمثيل فن يعول كثيرا علي الذاكرة ، ذاكرة الطفولة المحتشدة بتفاصيل حميمة في المكان والزمان ، حدثني عن ذلك . ـ
    ــ ،، لم يكن مستر ـ كوستا ـ يدري بان هنالك مكانا ما في هذا العالم المترامي سيكون لاسمه مدينة تنمو وتكبر و تصبح منفذا لانهار الكرة الارضية ، كما انها ستكون تماسا لثقافات متعددة وثرية ، كأن القدر كان يضعني في مدينة هذا الاغريقي الذي جاء من اعظم حضارة قدمت للانسانية هوميروس والالياذة والاوديسه وارسطو وسقراط وعشرات الفلاسفةو قدمت للانسانية اعظم اختراع انساني مبدع هو المسرح .
    ولدت في هذه المدينة ـ كوستي ـ من أب اصوله النوبية تجعله شديدالحذر من العرب رغم الدم العربي الذي يجري فيه ولكنه شديد الاعتزاز بنوبيته رغم ثقافته العربية الواسعة آنذاك ، اذ انه من عشاق الشعر العربي و كان يحتفظ بديوان شعري وحيد من الشعر السوداني هو ديوان ـ اشراقة ـ للتجاني يوسف بشير ، كما كان مشتركا في كل الجرائد اليومية و المجلات الشهرية والنصف شهرية ، انه نموذج كذلك للموظف الذي تعلم في كنف الاستعمار ، كان صارما ، منضبطا في عمله و مواعيده ، اكتسب من الانجليز كل الخصائص العملية ولكن بقيت العاطفة السودانية كما هي .
    يبكي عندما يستقبل اهله خاصة اخوانه وامه ويحن كثيرا لقريته في الشمالية لذلك كان يحرص علي قضاء اجازته السنوية هناك ، كان يكره المدن رغم انه تربي فيها ، كان فيه شئ من ـ مصطفي سعيد ـ ، كانت له طقوسه الخاصة في كل شئ ، مواعيد القهوة ، الاكل ، اللبس ،حتي التدخين والسكر ، كانت له تفاصيله الخاصة ، كان انيقا و انجليزيا في لبسه ، يحب الصوف الانجليزي و الكوردرايت والشامواه وكان يحب حلاوة الماكنتوش الانجليزية ، كانت الثقافة الانجليزية تسيطر عليه في كل شئ ، كما كان ليبراليا في تفكيره و سلوكه .
    اما امي ، تلك النوبية الاصلية ذات الشلوخ المطارق التي لا زالت تذكر المؤنت و تأنث المذكر ، كانت لها قطيعة ازلية مع اللغة العربية ، كانت تشدني كثيرا الي جذورها النوبية و تحتفي كثيرا باصولها ، لكنها كانت امية وتعجز عن التعبير عن نفسها ، انها احد نساء القهرالتاريخي ، اعتقد انني قد اخذت الكثير من امي ، الكثير ، واشعر انني الوحيد من ابنائها الذي اشبهها في كل شئ ، و كانت تنعتني ب ـ ابو الحياة ـ ، كان فيها الكثير من القدم والطيبة ، نعم ، ورثت منها كل شئ حتي الغدة الدرقية.
    ولدت من هذا التقاطع السوداني الفريد يؤرث خصائص غالبا ما تكون في الاتجاه السلبي ولكن تنتقل الخواص الوراثية للاضعف الذي لهو قابلية لذلك فكان ان انتقل مرض ـ ضعف الاعصاب ـ لاخي الاصغر عيسي ، لعلك يا يحيي تعرف تفاصيله ، عموما هذا المرض هو الخاصية الوراثية في العائلة اذ اصاب الكثير من ابناء عمومتي ، ويتطور هذا المرض لينتهي في انفصام الشخصية او الهوس الدوري ،عموما هو ـ ذهان وظيفي ـ وليس عضوي ، لان العضو يكون مع الولادة في المخ ، هذه تفاصيل لا اريد ان اخوض فيها وستأتي لاحقا في اهتماماتي بعلم النفس و اعتقد انه السبب المباشر في كوني ممثلا وهناك تفاصيل دقيقة تحليلية عن علاقة الفصام بالتمثيل ،وقع في يدي كتاب خطير و جميل عن التمثيل اسمه ـ الانا ، الآخر ، ازدواجية الفن التمثيلي ـ .
    ولدت في مدينة ـ كوستي ـ التي تقع علي النيل الابيض و هي ميناء تربط جنوب السودان بشماله ، هي مدينة تجمع قبائل من جنوب السودان و غربه ووسطه وشماله ، امتزجت فيها ثقافات عديدة و تداخلت فيها قبائل ، و لكن لضعف السياسي السوداني و ضيق أفقه لم يستطع ان يوظف هذه لدور اجتماعي تكويني في بناء الامة السودانية ، انني عندما اتذكر مدينة كوستي ، اتصور ان بالامكان تحويل هذه المدينة لنموذج تاريخي في تألف وتعايش السودانيين ولكن ضعف الفكر البنائي و التاريخي وراء كل الازمات السودانية .
    مدينة كوستي ذات الخضرة الدائمة وفصل الخريف الطويل ، انها قريبة من المناخ الاستوائي او بدايته ، اول مشاهد طفولتي كانت رؤيتي لهجرات كثير من القبائل من جنوب السودان ، نحن كنا نسكن بالقرب من الميناء ، المشهد الاساسي هو وصول البواخر التي تحمل الكثير من ثقافات الجنوب المادية ، من اشياء يدوية الصنع ، منحوتات و اشياء اخري ، عدد كبير من الاخوة الجنوبيين النازحين بفعل الحرب منظر مألوف نشهده و نشاهده مرتين في الاسبوع ، بائعات اللبن العربيات اللائي يأتين من ضواحي مدينة كوستي ، قوافل من النساء يركبن الحمير ، منظر فريد ، نساء بجمال آخاذ ، السكة الحديد ، هذا الخط الحديدي الذي انتقلت و تنقلت به كثيرا و ركبت قاطرة البخار التي صنعهاـ استيفن صن ـ السكة حديد التي قربت المسافات و كثيرا ، لن اكن افضل من ـ عبدالله علي ابراهيم ـ في وصفه للسكة حديد .
    نشأت في مدينة اعتقد انها كانت جميلة وثرية ، مدينة علي تخوم ريف آخاذ وبداوة و حركة انتقال قبائل و بضائع و تداخل وامتزاج ، كنت القب ب ـ حاج ابكر ـ لانني كنت اهوي في طفولتي الرعي و كنت امتلك عدد غير قليل من الماعز ، اقوم برعي الاغنام في منطقة ـ النبارو ـ وهي منطقة محاذية للنيل تزرع فيها الخضروات والبطيخ ، شخصية ـ حاج ابكر ـ هذي اصبحت تلازمني حتي عندما اتأمل وجهي في المرآة اجدني اقرب للفلاته و انا اعتز جدا بافريقيتي و باهلي الفلاته .
    مدينةكوستي تزدهر بحركتها التجارية وان كانت محدودة ، بها نشاط اجتماعي و رياضي و ثقافي لا بأس به ، درست فيها فقط اولي ابتدائي ولكن لابد من الاشارة هنا لاول عرض مسرحي اشاهده وانا ابلغ من العمر ستة سنوات ، في نادي السكة حديد كوستي ، عندما جاء الفنان المبدع الفاضل سعيد ـ ابو المسرح السوداني ،شاهدت اول مرة مسرحا مكتملا
    و دهشت لهذا الممثل المبدع الذي ينتقل بين الشخصيات ، لم تفارقني هذه الدهشة التي كانت سببا في تفكيري الدائم في هذا الفن وتلك القدرة الانسانية الهائلة في التحول في المشاعر والانتقال من موقف الي موقف ومن حال الي حال ، ان الدهشة الاولي الحقيقية هي التي تفجر الاسئلة ـ التي هي بلا اجابات ـ ،اولي اشارات المبدع هو انه يسأل اسئلة المعرفة ، اسئلة الادراك ، اسئلة وجهة النظر والرؤية ، كان هذا السؤال المحير ، كيف يفعل الفاضل سعيد كل هذه الاشياء ؟ ،كيف يؤدي كل هذه الشخصيات ؟ ، كيف ينتقل من حال الي حال ومن احساس الي اخر نقيض ؟ ، ثم ان الممثل الكوميدي يبذل مجهود جبار لانه ينتقل بين الاحاسيس المتناقضة بسرعة هائلة بينما الممثل التراجيدي ـ اذا صح هذا الكلام ـ يبني أداء الشخصية في خطوط متنامية ، كانت هذه الاشارة الاولي والدهشة اللانهائية التي استمرت حتي كتابة هذه السطور ، نحن غذاءنا في هذا الكون هو هذه الدهشة . ،، ــ
    الوذ الان بصيف كان مثمرا ، حقا ، كان صيفا جميلا ، كنا نستعد فيه بالفة في التفاصيل كي نقدم مسرحية ـ التحدي ـ من كتابات الصديق خطاب حسن احمد ، علي خشبة المسرح القومي كأول تجربة اخراج لي علي هذا المسرح ، صيف 1987 م ، كنا نسكن في حي ـ بانت ـ بامدرمان ، علي مقربة من داخلية طلاب المعهد العالي للموسيقي والمسرح ـ عمارة الجزلي ـ كان الرشيد احمد عيسي يجمل و بحرفة مسرحية مختبرنا المسرحي في شكل سهرات دافئة و حميمة ، فيها يؤدي الرشيد منلوج ـ هطيل ـ كتمرن تلقائي و تتداعي التمارين المسرحية بينا حتي ان عبد العزيز العميري كان دائما ما يقايض الرشيد كي يؤدي مشهد ل ـ بت قضيم ـ متقمصا الفاضل سعيد ،كان عميري يقايض ذلك المشهد باغنية و يمتد بنا ليل من الضحكات والاغنيات ونخرج في الصبح راجلين الي المسرح القومي حيث تشتعل الطاقات في البروفات ، كان الرشيد احمد عيسي يمتعنا بامتصاصه الاليف لشخصيات الفاضل سعيد تلك لتي جادلت طفولته .
    ـ،، السكة حديد هذه الوسيلة الرائعة في المواصلات ، دائمة الانتقال ، في سفر متواصل كنا نحن كذلك ،دائمي الانتقال مع هذا الخط الحديدي ، انتقلنا الي مدينة عطبرة ، عاصمة الحديد والنار والثورة ، القاعدة العمالية الاولي اذ ان السكة حديد بها 45000 مستخدم ، اكبر مؤسسة في السودان آنذاك ، عطبرة ، هذه المدينة التي يتساوي فيها الناس ، انها يوتوبيا السودان ، كانت مكانا خصبا للفكر الاشتراكي فوجد الحزب الشيوعي ضآلته فيها ، العمال ملح الثورة و وقودها و دينامكيتها و صيرورتها ، الاشياء تتشابه ، الناس في ملامحهم ، في ازياءهم ، في حركتهم ، في لغتهم ، انسان عطبرة معروفا بخصائص واحدة ،كان مجتمعا نموذجيا في كل شئ ، كل المدينة تركب الدراجة ، كل بيت به اكثر من دراجة ،كانت شنغهاي السودان ، هكذا يسمونها ، مدينة تصحو بصافرة ورش العمال وتنام بصافرةالقطارات ، صنع الانجليز هذه المدينة كما يقول اهلها لتكون بيرنغهام السودان ، النواة لمدينة صناعية ضخمة في المستقبل ولكن هيهات ، ان الافق السوداني محدود قصير النظر ، ينظر تحت قدميه و لاينظر ابعد من انفه ، الطموح محدود ، اننا نعاني من امراض اجتماعية وتربوية تجعلنا شعب غير مبدع وخلاق وكل هذ لاننا لانقبل النقدوالتغير ، لذلك نجد ان مفهوم الثورة هو مجرد ان نثور علي الاوضاع ،هنالك فقدان هدف و ضعف في الفكر الاجتماعي والسياسي والتربوي ،كنت اعتقد ان افضل ما يمكن ان يلعبه المسرح هو العمل علي توظيف هذا النقص في الفكر والاستعاضة بمسرحيات او تيار مسرحي يساهم في ازالة هذه الامية الثقافية و التربوية ، تربية الناس علي قيم العمل والبناء والتسامح و حب الطن والتخلص من العادات الضارة كما فعل فناني امريكا اللاتينية في مسرح المقهورين و غيره من التجارب المسرحيةالرائدة .
    عطبرة مدينة علمتني كل شئ ، تلقيت فيها مبادئ الماركسية قولا وفعلا ، تعلمت فيها مبادئ العمل السياسي ، وانا صغير كنا نحضر اجتماعات و لقاءات العمال وندوات غاية في الاهمية ، اشياء نفهمها واخري فهمناها لاحقا عندما حان فهمها .
    لم يغب الفاضل سعيدوالاسئلة الاولي ، بدأت وانا في المدرسة بالمحاكاة ،كانت لي قدرة علي تخزين التفاصيل ، قدرة خرافية هائلة ، كنت اخزن تفاصيل الشخوص واعيد محاكاتها بطريقة فريدة ، بدأت في امبكول الابتدائية في الجمعيات الادبية التي كانت في نهاية الاسبوع ، اصبحت لدي فقرة اساسية للمحاكة ، كما كانت لدي فقرة لقراءة قصة قصيرة او قصص اطفال ، فانا كنت من المحظوظين فوالدي كان مشتركا في مجلة العربي و كان ملحق العربي الصغير من نصيبي ، كما كان لدي في المدرسة مع زميل اخر مجلة حائطية لا اذكر اسمها ،كانت اصدارة غنية ينتظرها التلاميذ عطبرة فجرت عندي طاقات خلاقة وانا طفل اول عرض نقدمه في المدرسة وانا في الصف الخامس الابتدائي ، مسرحة ـ محاكمة ودحبوبه ـ ،المسرحية كانت في كتاب المطالعة كنت انا صاحب الاقتراح والمخرج ، كانت المناسبة وداع الصف السادس و كان في ذاكرتي الفاضل سعيد
    وزعت الادوار و كنت انا عبدالقادر ودحبوبه وبدأنا في البروفات وحان وقت العرض سرقت من ابي سروال ، المهم صنعنا ازياء كل شخصية ، استطعنا ان نقوم ببروفة اخيرة رائعة ، ويوم العرض والكل يترقب هذه المسرحية ، جلس الاساتذة في الصف الاول ،كان لدينا مسرحا صغيرا ، استفدنا من شباك في الخلفية كمدخل للشخصيات ، قمنا باخراج كان رائعا ، وظفنا فيه المكان الصغير توظيفا مثاليا ، بدأ العرض ، جلس القضاة و نادوا ـ ادخلوا عبدالقادر ودحبوبه ـ انا استعد للدخول من الشباك بينما يمسك بي الجنود انخلع سروالي الكبير ، اضطربت و لكن سرعان ما تداركت وانتابني خوف ساعد كثيرا في الاداء ، هناك تفاصل واخطاء تحدث في العروض تكون احيانا مفيدة للغاية ، كلا الاخطاء في هذا العرض استفدنا منها ، قدمنا عرضا جميلا رائعا ، صفق لنا الحضور كثيرا ، كنا اطفال ولكن نشوة العرض والنجاح لا تعترف بالسن .
    من هنا بدأت الاجابات علي الاسئلة الكبيرة و كانت دهشة تفضي الي دهشة ، الي اسئلة اخري ، بدأ تعلقي بهذا الفن العظيم ،هذا الاختراع الانساني المذهل ،كنت اسأل نفسي اسئلة الشخصية كيفية الاداء ، كيف واين و متي و لماذا ؟ ، انها مفاتيح الخيال ، كان هذا منهج استانسلافسكي الضخم الجبار ، كنا صغارا ، لم نكن نعرف استانسلافسكي او ادني ثقافة مسرحية ،كان يقودنا خيالنا الصغير وحب الاستطلاع ، كنا فقط اذكياء ، اطفالاذكياء ونريد اللعب و فن المسرح يا صديقي هو فن اللعب لذا نجده عند الصغار مدهشا و تلقائيا .
    لم اتوقف بعد ذلك عن المسرح ، كان كل همي وتفكيري في البحث عن مزيد من المعرفة عن هذا الفن ، مرة اخري الفاضل سعيد في عطبرة في العام 1972م بالقرب من منزلنا فينادي بوليس السكة حديد ، كنت اول الحضور ، في الصف الامامي علي الارض ، تملؤني دهشة مشبعة صاحبتها تجربة تمثيل في مسرحية وتجربة اخراج صغيرة ، ـ بت قضيم ـ تدخل الخشبة ، الجمهور كان يضحك لهذا الممثل الرائع قبل ان ينطق كلمة ، كل شئ في ـ بت قضيم ـ كان مدهشا ، المشية الايماءة ، حركة الايادي ، ان ما قدمه الفاضل سعيد لجمهور المسرح في السودان يحتاج لمجلدات حتي ننصف هذا العبقري ، ان الفاضل سعيد هو ابوالمسرح السوداني الحقيقي الذي استطاع ان ينشر الفن المسرحي في السودان واستطاع ان يغطي مساحة ضخمة في السودان تعاني من الفاقد الثقافي والمعرفي ،قدم مسرحا تعليميا و تربويا و ترفيهيا عالج الكثير من القضايا الاجتماعية من عادات ضارة و خدمة مدنية متهالكة ،كما قدم نقدا لاذعا لاجهزة الدولة الرسمية من شرطة و غيرها ،ان مسرح الفاضل سعيد الذي يتناوله بعض النقاد الصبية لم يغوصوا في اعماقه ولم تكن هناك امانة في طرح رؤاهم ، اذا كانت لهم رؤي نقدية ، ولكن جبلنا علي ان ننال من هولاء الرواد الاباء الافذاذ الذين قدموا فنا في ظروف استثنائية ولم ننصفهم ، ان الفاضل سعيد افضل من نجيب الريحاني و عبدالسلام النابلسي واسماعيل ياسين ولكننا لا نملك الالة الاعلامية الضخمة التي تصنع الفنان و تمجده وتلمعه و اذكر لك حادثة طريفة ، عندما ناقشني احد السودانين عن السرح وشتم المسرح السوداني و عظم المسرح المصري خاصة عادل امام فما كان مني الاانبريت له وقلت له انني افضل من عادل امام الف مرة وان عادل امام ممثل نمطي و بدأت اعدد له ايماءات عادل امام حركة جسده حتي تكنيك صوته وان مسرحيات عادل امام لا تتجاوز السبعة مسرحيات بينما قدمت انا اكثر من عشرين مسرحية ،كل مسرحية بشخصية متميزة واداءمنهجي متميز فما كان منه الا ان قال لي انني حاقد و انني لن اطول قامة اتفه ممثل مصري ، هل تذكر يا يحيي تجربة مآساة يرول في القاهرة ؟ ،،ـ
    كيف لا اذكر تلك التجربة يا صديقي ؟
    الثاني من مايو 1990 ، العرض الثاني لمسرحية ـ مآساة يرول ـ تاليف الخاتم عبدالله واخراج السماني لوال علي المسرح القومي بالقاهرة من ضمن برنامج العروض المتميزة في الوطن العربي بتنظيم من اتحاد الفنانين العرب ، العرض الثاني تحديدا،حين كنا نتهيآ لبداية العرض داهمت الرشيد احمدعيسي رجفة مفاجئة ، كان يرتعش من البرد ، ارتبكنا خوفا من مداهمة ملاريا محتملة و حين قررنا الغاء العرض والجمهور في الصالة ، رفض الرشيد ذلك الالغاء و كان يعلن رفضه بصوت مرتعش واسنانه تصطك و كان يرتدي ملابس شخصية ـ دينق ـ و تحامل علي نفسه حتي وقف في نقطة دخوله في الكالوس ، كان يرتجف وبدأت المسرحية وكنت اقف بجانبه اسنده و احس بارتعاش جسده وحين لحظة دخوله ، اقتحم المسرح وكنا مرتبكين و نخاف عليه ان يسقط من الارتعاش داخل الخشبة ، و لكن تلك المفأجاة الغريبة و هي ان الرشيد حين دخل خشبة المسرح بشخصية ـ دينق ـ اختفي ارتعاش الرشيد وتوهج ـ دينق ـ علي الخشبة بتماسكه واصراره علي قيادة القبيلة حتي تنجو من الجفاف ، اذن اختفي ارتعاش الرشيد احمد عيسي ليتحول الي ثبات ـ دينق ـ وحين انتهي الفصل الاول ودخلنا الغرف للاستراحة بين الفصلين كان الرشيد قد نزع عنه ذلك الارتعاش و جلجلت ضحكته الصخابة بين غرف الممثلين.
    و لا تزال النوافذ مفتوحة علي عوالم الفنان المسرحي المتميز الرشيد احمد عيسي .

                  

العنوان الكاتب Date
عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-10-04, 10:47 AM
  Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-10-04, 10:50 AM
    Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-10-04, 10:52 AM
      Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-10-04, 10:53 AM
        Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-10-04, 10:55 AM
          Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-10-04, 10:58 AM
  Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى samo11-10-04, 10:59 AM
    Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Abo Amna11-10-04, 11:06 AM
    Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-10-04, 11:06 AM
      Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى omer almahi11-11-04, 12:10 PM
        Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-14-04, 05:06 AM
          Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Yahya Fadlalla11-14-04, 11:48 AM
            Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى omer almahi11-14-04, 11:58 AM
              Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-16-04, 03:03 AM
                Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى omer almahi11-16-04, 04:11 AM
                  Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-16-04, 04:42 AM
                    Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى nazar hussien11-16-04, 06:40 AM
                      Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى omer almahi11-16-04, 11:21 AM
                        Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى معتصم ود الجمام11-17-04, 02:15 PM
                          Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Abdel Aati11-20-04, 03:39 PM
                            Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى ود شندي11-20-04, 11:11 PM
  Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى samwal ebrahiem11-21-04, 02:37 AM
    Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-21-04, 03:46 AM
      Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Yahya Fadlalla11-23-04, 11:15 AM
  Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Walid Safwat11-23-04, 02:32 PM
    Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir11-24-04, 00:13 AM
      Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى منعمشوف11-26-04, 09:35 AM
        Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى منعمشوف11-26-04, 09:48 AM
          Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى عشة بت فاطنة11-27-04, 12:44 PM
          Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى تراث11-27-04, 01:50 PM
            Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Tumadir12-07-04, 01:40 PM
  Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Salah Yousif12-07-04, 07:35 PM
    Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى munswor almophtah12-08-04, 08:00 PM
  Re: عيدية مسرح: يحى فضل الله يحاور الرشيد احمد عيسى Yasir Elsharif12-09-04, 01:32 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de