|
Re: نداء اللحظات الأخيرة (Re: أبو ساندرا)
|
يؤسفني يا ودقاسم أنك لا ترى جذور المشكلات الراهنة كما أراها. ولكن مثلك من المحترمين يجبرنا على ممارسة أدب الإختلاف معه في جو صحي معافي. كما يؤسفني أنك لم تتطرق للدماء التي سفكتها القوى الطائفية وقوى الهوس من أجل الوصول إلى السلطة في أيام مايو، وكأنها لم تكن جزءاً من تاريخنا القبيح. قتل في تلك المنافسة على السلطة من قتل، ثم جاء القادة الطائفيون، ومنهم الصادق المهدي، وبايعوا النميري وأصبحوا أعضاء في الاتحاد الاشتراكي، دون أي تفاوض لإستعادة الديمقراطية، كما تفعل الحركة الشعبية الآن. وهذا لا يدل إلا على عدم مبدئية هؤلاء، وبالأخص السيد الصادق والدكتور حسن الترابي. وليست هناك عبرة بهروب السيد الصادق حين لم تتحقق له مطامحه في السلطة بعد ذلك، حيث لم يترك له صهره "الترابي" موطئ قدم فيها! أما النميري فإنك تجافي الحقائق حين تقول بأن الذين أسقطوه هم الطائفيون. في يوم 18يناير 1985 اجتمعت النقابات والاتحادات ومجاميع من نسميهم بالقوى الحديثة، وبغياب واضح من القوى التقليدية، وقررت أن تسقط النظام استناداً على وقفة الأستاذ محمود محمد طه "السلمية" الصامدة ضد قوى الهوس. نظام مايو لم يسقط بالقهر العسكري، وإنما سقط بإرادة شعبية صارمة، قوية، جبارة نتجت من نوع الطاقة التي تحتشد الآن في داخلك وداخلي وداخل كل سوداني صادق، أصيل، مبرأ من الغرض. جذور العنف الماضي تكمن في تخلف بيئتنا الاجتماعية والسياسية. في حالة إستشهاد الأستاذ محمود مثلاً فإن جذر العنف الذي أدي إليه هو محكمة الردة في العام 1968، حيث كانت الأحزاب الطائفية متواطئة في هذا الأمر. وفي نفس تلك الفترة كانت تلك الأحزاب تسعى لتمرير ما سمي وقتها بالدستور الإسلامي، الذي كان الجمهوريون يزيلونه بكلمة "المزيف." وقبلها بفترة كان قد تم طرد أعضاء منتخبين من البرلمان، لأنهم شيوعيين! في هذا الجو المشحون بالهوس جاءت مايو، فأغضت مضاجع الطائفيين والمهووسيين، إلى أن احتووها في نهاية المطاف، فبرز الهوس مرة أخرى. ولم يبرز الهوس إلا لأن مايو لم تكن مهيأة للمواجهة الفكرية لخصومها. وبإعلان قوانين سبتمبر، فقدت مايو تأييد الجمهوريين، التأييد الوحيد الذي لم يكن بسبب غرض أو مطمع سياسي، وبذلك فقدت فكر المقاومة للهوس، الذي لا يجيده غير الجمهوريين. وهذا يفسر لك التآمر الواسع الذي تم للتخلص من الجمهوريين. كما يفسر لك التبريرات المخزية التي برر بها الترابي والصادق المهدي، على حد سواء، قتل الأستاذ محمود. أي حرٍ وأي ديمقراطي يتآمر لقتل خصومه السياسيين؟ وأي حرٍ وأي ديمقراطي يبرر القتل؟ لا يجب أن تصب كل هذا في خانة الإنفعالات. هذه ليست إنفعالات. هذه أراء عتيدة مبنية على وقائع ماثلة في تاريخنا الحديث. وليكن واضحاً بأن هذا لا يعني أننا نريد تجريم الآخر وإبعاده من الساحة، بل نريد من هذا الآخر أن يعرف حجمه، وألا يستمر في إزاحتنا من المسرح بترسيخ الهوس والطائفية. من حسن التوفيق الإلهي أن الأفكار العظيمة والمواقف التاريخية الصادمة لا تزاح، حتى في ظل الهوس والطائفية، ولهذا صمدت مواقف الجمهوريين وصمدت أفكارهم. الحق لايزاح، وإن ظن الباطل، إلى حين، أنه قد أزاحه. الحق يصنع الثورات. ودونك موقف الأستاذ محمود الفرد، الذي حفز قيادات الشعب السوداني الوطنية لإعلان سقوط مايو قبل 76يوما من سقوطه، في يوم 18 يناير 1985، يوم استشهاده، هذا الهمام، إبن ووالد هذا الشعب الهمام. من من القادة "الطائفيين" الذين تعنيهم كان هناك، يوم حمي الوطيس؟
هؤلاء لم يكونوا بعيدين فحسب عن ساحة النضال، بل قد برروا، وبصورة مخزية، قتل "المناضل" الأوحد وقتها، الذي أستمد منه المناضلون طاقة الحق، طاقة النضال، التي أسقطت مايو!
أردت بهذا أن أسوق لك مثال واحد لجذور العنف السياسي التي ملأت ساحتنا حتى الآن. ولا يغيب عن بالك بأن الحرب في الجنوب لم تبدأ في عهد الانقاذ، وإن كانت بلغت أشدها فيه. هل احتاج لأن أخبرك بأن للطائفية، ولنكوص قادتها عن العهود، دور أساسي في بداية الحرب الأهلية في بلادنا؟ وهل أحتاج لأن أقول لمثلك بأن لأخطاء القادة الطائفيين اللاحقين الفادحة، وبالأخص تلك التي ارتكبها الصادق المهدي، دور أساسي في استمرار الحرب الأهلية؟ إن كنت تحتاج للمزيد عن كل ذلك فإني أحيلك إلى كتاب "جنوب السودان: المشكلة والحل" وكتابين عن السيد الصادق المهدي في موقع الفكرة الجمهورية WWW.ALFIKRA.ORG.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نداء اللحظات الأخيرة | BAKTASH | 09-17-03, 06:27 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | BAKTASH | 09-17-03, 07:43 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | Haydar Badawi Sadig | 09-17-03, 07:53 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | BAKTASH | 09-18-03, 05:53 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | بهاء بكري | 09-19-03, 01:33 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | Haydar Badawi Sadig | 09-19-03, 06:28 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | بهاء بكري | 09-21-03, 09:42 AM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | ودقاسم | 09-21-03, 10:09 AM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | Haydar Badawi Sadig | 09-21-03, 11:12 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | مارد | 09-21-03, 11:47 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | ودقاسم | 09-22-03, 08:38 AM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | أبو ساندرا | 09-22-03, 10:49 AM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | Haydar Badawi Sadig | 09-22-03, 07:12 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | BAKTASH | 09-22-03, 06:58 PM |
Re: نداء اللحظات الأخيرة | Haydar Badawi Sadig | 09-22-03, 07:49 PM |
|
|
|