|
Re: الثقافة السودانية بين التشويه المقصود والتحول الأرادي ـ موضوع لنقاش (Re: Abu Suzan)
|
من أميز المؤسسات الثقافية السودانية العرس الذي لا نجد مثيلا له في الثقافة العربية أو الثقافات الأفريقية المعاصرة . فالعرس السوداني التقليدي ذو نكهة خاصة ودور متميز في الثقافة السودانية لأهل الشمال. وبإستثاء المهر والعقد الشرعي اللذان هما من سمات الثقافة الأسلامية العربية نجد ملامح العرس السوداني يغلب عليها الطابع النوبي الأفريقي. فالبوش وما يحفل به من خمور بلدية يتعاطاها الكبير والفقير وحتى النساء، ورقصة العروسة وما يسبقها من تحضير لمتطلبات العرس من عطور بلدية تفتقت فيها عبقرية المرأة السودانية، وقطع الرحت وتأدية الرقصة وسط حشد من الرجال من غير المحارم وجمهور النساء بمختلف أعمارهن، ثم حفة الحنة للعريس ومجاملة النسوة لقريبات العريس بالرقص والشبال. تلي ذلك السيرة من بيت العريس لأهل العروس وأخيرا الدخلة. لا أريد الأفاضة في ذكر طقوس العرس السوداني التقليدي لقناعتي بأن أهل المنتدى الكريم أعلم بها مني، وقصدي من هذا السرد المؤجز تبين غلبة الطابع النوبي على نظيره العربي في واحدة من أهم مؤسسات الثقافة السودانية. المعروف عند العرب كمجتمع أبوي زف العروس إلى عريسها والدخول عليها في بيت أهله، وما نراه من زف العريس إلى عروسته والدخول عليها في بيت أهلها هو من ملامح المجتمع الأموي الذي هو من سمات المجتمع النوبي القديم. وكان الزوج في السابق يبقى عند أهل زوجته حتى تضع مولودها الأول. وما يعزز تأثير الأنتماء الأموي ـ نسبة إلى الأم ـ في الثقافة السودانية المعاصرة القول الشائع " الجنى خال" . كما أن الحناء لرجال ليست من خصوصيات الثقافة العربية لقولهم " إن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء" والظاهر أن حنةالرجال في حفلات العرس والختان إنما هو رمز من رموز الثقافة الأمية النوبية التي لعبت المرأة فيها وبخاصة الأم دورا مؤثرا وفعالا. وقد تميزت العلاقة بين الجنسين في المجتمع النوبي بالرأفة والمحبة والأحترام المتبادل الذي لا زال حتى يومنا هذا يميز تلك العلاقة. أما رقصة العروسة فهي نوع من التنفيس والترغيب في ذات الوقت قصد منها تشجيع الصبيان القدوم على الزواج حيث تشدو الفتيات العازبات مخاطبات متحديات: وين وين تلقو زي دا عريسنا شحد الله والله أداه" أما كونها تنفيس تعكسه المواقف الثقافية الأخرى التي لا تقر الخلط بين الجنسين بحكم تأثيرات العقيدة الأسلامية. وبدون التنفيس المتلائم مع جزيئيات الثقافة الأخرى فلا شك أن الأنفجار نتيجة حتمية
|
|
|
|
|
|
|
|
|