وطبقا للنظام السائد حاليا في المعتقل، تظل غالبية المعتقلين داخل الزنزانات ولكن يسمح لهم مرتين خلال الاسبوع بالمشي حول الزنزانة والاستحمام. يضاف الى ذلك ان الأذان بات يسمع خمس مرات يوميا من خلال مكبرات الصوت، حسبما اكد الكابتن يوسف يي، الإمام المسؤول عن الإشراف على الاحتياجات الدينية للمعتقلين.
وقال شاه ان ظروف الاعتقال تحسنت بعض الشيء بعد الشهور الاولى اثر نقل المعتقلين الى زنزانات جديدة بها مياه وسرير. وأضاف ان الاستجواب كان يحدث بصورة متقطعة ويتفاوت في طوله وحدته ايضا، ففي بعض الاحيان يجري استجواب المعتقلين بعد عشرة ايام او عشرين يوما وفي احيان اخرى لا يستدعى المعتقل الى الاستجواب مرة اخرى إلا بعد مرور عدة اشهر.
ويقول المعتقلون الذين اطلق سراحهم ان المصير المجهول والخوف من البقاء في الحبس الى الابد هو الذي دفع الكثير من المعتقلين الى اليأس. وقال شاه ان كل المعتقلين كانوا يشعرون بالقلق ازاء احتمال بقائهم في الحبس الى اجل غير مسمى. وأضاف ان المعتقلين احتجوا على هذا الوضع وطالبوا بتقديمهم أمام محكمة، وسبق ان اضربوا عن الطعام احتجاجا على هذا الوضع.
وقال مقاتل سابق في طالبان يتحدر من محافظة هلمند الجنوبية يدعى رستم انه حاول شنق نفسه لأنه كان محبوسا في واحدة من مجموعة زنازين كان معتقلا فيها عدد من العرب والاوزبك الذين وصفهم بـ«الجنون». وتحدث رستم حول اشخاص غريبين، على عد تعبيره، كانوا يضربون رؤوسهم بالجدران ويشتمون حراس المعتقل، وقال ان هذا هو السبب الذي دفعه الى الشعور بالضيق من اوضاع الاعتقال. واضاف رستم، الذي كان يتحدث خلال مقابلة اجريت معه من داخل سجن افغاني حيث يخضع للحبس، ان هؤلاء الاشخاص كانوا غاية في الغرابة، مؤكدا ان هذا كان السبب في الطلب من سلطات المعتقل بصورة مستمرة اقتياده الى الاستجواب.
وأوضح رستم ان حراس المعتقل اكتشفوا محاولة انتحاره بسرعة وفكوا الملاءة التي ربطها على السقف وحول عنقه، ثم اخذ الى المستشفى للعلاج ونقل في وقت لاحق الى مكان آخر.
وقال محمد، وهو واحد من ثلاثة باكستانيين اطلق سراحهم من غوانتانامو نهاية ابريل (نيسان) الماضي، انه حاول شنق نفسه لأول مرة لأنه كان محاطا على مدى عدة اشهر بمعتقلين عرب وهو لا يتحدث اللغة العربية. وأضاف انه من الصعب ان يظل الشخص متوقفا عن الحديث لفترة طويلة، فضلا عن ان سلطات المعسكر لا تسمح لهم إلا بفترة قصيرة للمشي خارج الزنزانة، اذ تسبب كل ذلك في إصابة محمد باليأس والاكتئاب.
وكان محمد قد أقدم على الانتحار بعد ان قضى 11 شهرا في الحبس واستخدم ملاءة سريره كحبل وربطها في سقف الزنزانة وحول عنقه حوالي الساعة الرابعة عصرا، إلا ان الحراس اكتشفوا محاولته وأخذوه على وجه السرعة الى المستشفى حيث ظل فاقدا الوعي لمدة يومين. وعقب محاولة الانتحار فقط ابلغ محمد من قبل سلطات المعتقل بأنه معتقل على ذمة التحقيق فقط وانه سيطلق سراحه في احد الايام. بدأ محمد في تناول المهدئات التي قررها له الطبيب، لكنه توقف عن مواصلة العلاج وحاول الانتحار مرة اخرى. وعقب المحاولة الثانية قرر الاطباء حقنه بمادة ذات مفعول قوي قال انها افقدته السيطرة على رأسه وفمه ولم يعد قادرا لمدة اسابيع على الأكل بالصورة المطلوبة. وكان محمد قد رفض الحقنة في البداية، لكنها ارغم على اخذها بالقوة. وقال حول محاولتين أخريين للانتحار انهما كانتا للاحتجاج على الاوضاع وخصوصاً البطاطين، إلا ان سلطات المعسكر لم تعر الامر اهتماما، طبقا لحديث محمد الذي اضاف انه طالب بنقله الى قسم آخر من المعسكر ووضعه مع باكستانيين او افغان يتحدثون لغته. وهدد محمد مرة اخرى بالانتحار اذا جرى حقنه مرة اخرى بالمادة المهدئة القوية، وظل يتناول الحبوب الى حين إطلاق سراحه.
تجدر الاشارة الى ان مسؤولين اميركيين كانوا قد اكدوا ان معتقلا واحدا حاول الانتحار ولا يزال في المستشفى تحت العلاج اثر تعرضه لضرر حاد في المخ بفعل محاولة الانتحار. وقال الدكتور النعيمي ان هذا السجين هو المدرس السعودي مشعل الحربي، الذي بدأ يشعر باليأس والاحباط والاكتئاب ازاء الغموض الذي يلف مصيره مما دفعه الى محاولة شنق نفسه. واضاف المحامي ان حراس المعسكر انقذوا الحربي لكن من غير المرجح معافاته من النزيف الحاد.
اثر عودتهم الى اوطانهم يعتزم المعتقلون السابقون مطالبة الولايات المتحدة بدفع تعويضات. ويقول المعتقل الباكستاني السابق محمد ان الولايات المتحدة سبق ان تعهدت بدفع تعويض لكل من تثبت براءته. وأضاف انه بريء وان الاميركيين اطلقوا سراحه لكنهم لم يعتذروا له.
من جانبه قال برايان غرادي، الطبيب النفسي في الوحدة العلاجية التابعة للمعسكر، خلال لقاء اجري معه، ان غالبية المعتقلين الذين يعانون من الاكتئاب اتوا بأعراضه معهم الى كوبا. وأضاف انه لا يعرف أي آثار ناجمة عن ظروف الحبس على صحة المعتقلين النفسية، كما ان مسؤولي المعسكر ينفون بصورة عامة ان تكون ظروف الاعتقال او عدم وضوح مصير المعتقلين وراء حالات الاكتئاب التي يعاني منها كثيرون. وأشار غرادي الى ان هذه الظروف ربما تشكل عاملا في انتشار حالات الاكتئاب بين المعتقلين، وهو ما وصفته جيمي فيلنر، مديرة منظمة «هيومن رايتس ووتش» التي تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان، بأنه حديث غير قابل للتصديق. واكدت فيلنر ان ظروف الاعتقال في معسكر غوانتانامو على مدى فترة طويلة تسبب ضغطا نفسيا مباشرا على المعتقلين، فضلا عن شعورهم بعدم وضوح مصيرهم.
وأضافت جيمي فيلنر ان «هيومن رايتس ووتش» لم تجد أي تقارير تؤكد حدوث اعتداءات جسدية على المعتقلين، مؤكدة ان المنظمة اجرت تحقيقا حول ادعاءات بالضرب لكنها لم تجد ما يثبت هذه الادعاءات. وقال مسؤولو الوحدة الطبية بالمعسكر ان حوالي 5 في المائة من المعتقلين يعانون من حالات اكتئاب وانهم يتلقون حبوبا مهدئة لعلاج الاكتئاب.
*خدمة «نيويورك تايمز»