كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
عبد الواحد نور ، الشروط الأربعة أو سيف العقوبات
|
عبد الواحد نور ، الشروط الأربعة أو سيف العقوبات
شاء الله أن لا يجمعني بالمناضل عبد الواحد محمد نور في أيام الدراسة بجامعة الخرطوم ، لكنني سمعت عنه الكثير بعد تخرجي من هذه المؤسسة ،وغير أنه شجاع وجرئ ، فهو أيضاً من النوع الذي يعتد برأيه ويؤمن به لدرجة أنه يمكن أن يخسر الكثير مقابل صمود هذا الرأي ، والدليل على ذلك الضغط الهائل الذي يتعرض إليه في هذه الأيام مقابل الذهاب إلي طرابلس ، لكن عبد الواحد حدد مطالبه قبل المراوحة ، وهي مطالب يصعب تحقيقها إذا نظرنا إلي تجارب الإنقاذ في الإيفاء بالوعود السابقة ، وقد قدم لهم الأخ عبد الواحد هذه السلة من المطالب : أولاً نزع سلاح الجنجويد :- هذا الطلب غير قابل للتحقق ، فنظام الخرطوم ينكر دوره في توفير الدعم للجنجويد ، كما أن قوات الجنجويد تم دمجها في الأجهزة الرسمية السودانية من جيش وشرطة وأمن ، فقد ذابوا في مؤسسات الدولة السودانية ، وقد أصبحوا يمتلكون سلاحاً مرخصاً ورتباً رفيعة ، وهم أشبه بالبركان الخامد ، في يومٍ ما سوف تخرج الحمم من فوهته وتحرق دارفور من جديد ، فالحل هنا لا يكمن في نزع سلاح مليشيا الجنجويد وكفى ، لكن الحل يكمن في رحيل هذا الجيش الفيدرالي برمته من أرض دارفور ، فما الفائدة منه ؟؟ إن كان غير مرجواً منه حماية شرف العذارى اللائي يتعرضن للإغتصاب ، وما الفائدة منه إذا كان جل هذا الشعب يرزح في المعسكرات وينتظر حلماً بعيد المنال اسمه القوات الدولية . ثانياً طرد المستوطنين الجدد :- وهذه قبائل عربية نزحت من النيجر وتشاد على خلفية صراعات عرقية دارت في هذه الدول ، وأستغلت هذه القبائل الوضع الديمغرافي في دارفور ، فوجدت دعماً ومساندة من بعض القبائل العربية في دارفور ، فعوضاً عن معاملة هذه القبائل كقبائل نازحة ، حيث من المفترض أن تُستضاف في معسكرات لجوء خاصة بها ، نجد أن نظام الإنقاذ قام بتوريثها الأرض التي كان يملكها سكان المنطقة الأصليين والذين فروا منها بسبب الحملات العسكرية الحكومية ، هؤلاء المستوطنون الجدد قد استولوا على هذه الأراضي وباتوا يفلحون الأرض ويرجون منها الحصاد المثمر ، بينما يتفرج المُلاك الحقيقيين على هذا الإحلال وهم خلف اسوار المخيمات ، هذه الظاهرة يجب أن نقف عند حدها ، فاللعب على وتر الإثنيات جرّ كل أبناء دارفور إلي هذه الحرب اللعينة التي لا يموت فيها سوى مواطن دارفور ، ولذلك ليس من المقبول أن يُستوفد لنا ( لعيبة ) من خارج السودان حتى يشعلوا هذه النار من جديد . ثالثاً دخول القوات الأممية :- هذا الدخول مشترطٌ بتوفر الأمن ، لكن قائد هذه القوات طلب من المجتمع الدولي بأن لا يرفع سقف توقعاته ، فهو محق وواقعي ، والسبب بسيط إذا علمنا أن هذه القوات يتشكل قوامها من الدول الافريقية ، وتعاني هذه القوات نقصاً في المعدات والتدريب ، وجنودها يتعاملون مع المسألة الإنسانية في دارفور على أساس أنها سبيل لكسب الرزق ، فإن إنقطع التمويل الدولي أو تأخر صرف المرتبات ، فسوف نجد أن هذه القوات أول من يركب زورق النجاة وهو ينشد الآمان من سفينة ( تايتنك ) دارفور الغارقة ، فقد كشفت السنوات الماضية أن هذه القوات كانت تقف في طابور المتفرجين على الماسآة ، والإعتماد على القوات الافريقية هو حل سياسي في المقام الأول قبل أن يكون حلاً أمنياً ، ونظام الخرطوم يتمسك بهذه القوات لأنه يعلم بأنها عاجزة ، وبأنها لن تقف في طريقه وهو يشن هجماته الجوية على القرى الأمنة . رابعاً عودة النازحين وبحث مسألة التعويضات :-
وهذا هو بيت القصيد ، فهناك 4.50 مليون يعتبرون الآن من المشردين ، وهو رقم مهوّل إذا تمسكنا بنظرية النسبية لنعرف كم يمثل هذا الرقم من إجمالي سكان دارفور ، ربما يصل إلي أكثر من 70 % ، وهناك قرى دٌمرت وأُحرقت بالكامل ، ولا توجد مدارس أو مستشفيات ، وبالنسبة للصحة فقد تكفلت بها المنظمات الغربية ، فحكومة الإنقاذ معفية من فاتورة خدمات مواطن دارفور ، وإن كسبت سعةً من المال فهي سوف تدخره من أجل تطوير المقاتلات الحربية لتصل إلي أبعد نقطةٍ في السموات ليمكنها من هناك قتل كل مظهر من مظاهر الحياة في دارفور ، وقد أخفق إتفاق أبوجا في التجاوب مع هذا المطلب ، وقد زاد عدد النازحين بعد توقيع هذا الإتفاق الذي تم تحت حراب الضغط والتهديد بالعقوبات . هذه الشروط الأربعة هي مشروع سياسي كبير ، وقد وضع الأخ عبد الواحد محمد نور المجتمع الدولي في وضع حرج ، فهو لايأبه للعقوبات الدولية ، فهو يقول أن العقوبات قد فُرضت بالفعل على شعبه بالكامل ولذلك لا يخاف أن ينتقل سوط العقوبات إلي ظهره ، وقد شعر وزير الخارجية الفرنسي بالحرج حيال طرح العقوبات وقد قال وهو يقصد عبد الواحد : نعم يمكنني ترحيله ولكنني لن أفعل ذلك . فالعقوبات تخيف نظام الإنقاذ لأنه يملك الصروح الإقتصادية ودور المال والحسابات البنكية ، أما بالنسبة للمناضلين من أمثال عبد الواحد فهي أشبه بمن يهدد السمكة بالماء ، فهو كما قال يعتمد على إرادة شعبه ونبل قضيته ، وقضية دارفور في أوروبا هي من هواجس هذا المواطن المتحضر الذي يصنع الحكومات التي تصدر هذه القرارات . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|
|
|
|