|
الغوصُ في الأغوارِ - Patch Adams
|
1/
النفسُ البشريةِ لا يحد تناقضاتها حد، لا يدرك كنهها أو يغص لأقصى أغوارها الموجبة أو السالبة أحد، وتستجيب تلك النفس للمؤثرات الخارجية بدرجات متفاوتة، إلا أنها جميعها رغم اختلاف سرعة استجابتها أجمعت على التأثر بكلمة طيبة وابتسامة حانية.
باتش آدمز فيلم أمريكي مدهش وعظيم يستفز أعماقك بحبكته الإنسانية فائقة البراعة والجاً إلى دهاليز أهم وأنبل المهن الإنسانية قاطبة، فأنت تلتقط نظريات طبية صميمة غاية في الصرامة والتجهم تلقاها في واقعك إن اشتكى منك عضو وتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وأن لوهلة استدعى الأمر زيارة طبيب فإنك نادراً ما تلقى أحدهم يتعامل معك على أنك ليس سوى قطعة أثاث مُهملة في ركن قصي، أو حشرة فتاكة تقضم الأخضر واليابس، أو بال جاء ليعكر صفو حياته، هذا إن لم يكن في الأصل ينظر إليك من طرف خفي ككنزٍ هبط إليه من كوكب الأرزاء وينبغي له أن يغتنم تلك الفرصة ويعتصرك حتى أخر مليم تملك أو استدنت أو سيجيء إليك كهبة من أحد ما..
ولا تستغرب أن أستخدم لذلك وسائل غاية في براعة الالتواء والشيطنة، كأن يوحي إليك بأن كل أرزاء الكون قد هبطت من كوكبها بجسدك وتعث فيه الآن إفسادا، فقم بتحليل كذا وكذا وقم بعمل صور الأشعة كذا وكذا ولا تنسى في غدوك ورواحك المرور الدائم بالحسابات، ومن ثم خذ من صيدلية كذا دون سواها (لوجود خصم خاص لحامله) القائمة كذا وكذا من الدواء النافع الناجع، ودون استخدامك لقطرة سائل أو حبة من الدواء الذي قد تعجز عن حمله فإنك حالما تخلد لغفوة مقدارها نصف ساعة من الزمان بعد استهلاك طاقتك المضاف صعوداً وهبوطاً في المستشفى حتى تنهض كما كنت عليه في السابق وأكثر لتعي تماماً أن ليس بك داء وإنما قليل إرهاق وقد أوقعك حظك العاثر بطريق تاجر جشع نال بكيفية لن تعرفها شهادة أعظم مهنة إنسانية دون أن تعمر دواخله ذرة إنسانية..
|
|
|
|
|
|
|
|
|