|
Re: الأرض الخراب ومعلقة لبيد (Re: Agab Alfaya)
|
معلقة لبيد والارض الخراب :
تتكون قصيدة ( الارض الخراب ) The wastelandمن اربعمائة وثلاثة واربعين سطرا وقسمت الي خمسة اجزاء كل جزء يحمل عنوانا . وهي بالترتيب التالي : دفن الموتي – لعبة شطرنج – موعظة النار – الموت بالماء – ماذا يقول الرعد . يستهل اليوت القصيدة بقوله في الجزء الاول : The burial of The Dead (دفن الموتي ) :
April is the crullest month, breeding lilacs out of the dead land, mixing Memory and desire, stirring Dull roots with spring rain Winter kept us warm, covering Earth in forget full snow, feeding A little life with dried tubers Summer surprised us,
أبريل أقسي الشهور، منبتاً الليلاك من الأرض الموات، مازجاً الذكري بالرغبة، مثيراً خامل الجذور بأمطار الربيع الشتاء أدفأنا، مغطياً الأرض بثلوج النسيان، مغذياً حياة قليلة بعروق يابسة الصيف فاجأنا ..
الفرضية التي ينطلق منها الدكتور عبدالله الطيب ، هي ان اليوت قد حذا في صياغة قصيدة الارض الخراب : " .. علي شكل معلقة القصيدة العربية بوجه عام ، وعلي أول معلقة لبيد بوجه خاص وكذلك حذا علي نماذج من معلقة امرىء القيس .." وذلك ان : " شعراء العرب تبدأ في باب الاطلال بذكر تعفية الديار ثم ذكر ان الرياح دفنتها بما أهالته عليها من غبار ثم جاءت رياح أخري فأزالت هذا الغبار فبدت معالم الدار ظاهرة فيعرفها الشاعر بعد تامل .." . ويدلل الدكتور علي ذلك بامثلة من الشعر العربي القديم ثم يورد مفتتح معلقة لبيد بن ربيعة العامري :
عفت الديار محلها ومقامها * بمني تأبد غولها ورجامها
يقول : " وضعنا خطا تحت (عفت الديار ) اذ لفتنا شدة الشبه بين هذا التعبير وبين عنوان اليوت لمنظومته The waste land اي الارض التي جعلت عافية فاقوت وأقفرت وعفت وعفتها السنون " . ثم يورد قول لبيد :
فمدافع الريان عري رسمها * خلقا كما ضمن الوحي سلامها رزقت مرابع النجوم وصابها * ودق الرواعد جودها فرهامها فعلا فروع الايهقان وأطفلت * بالجهلتين ظباؤها ونعامها وجلا السيول عن الطلول كأنها * زبر تجد متونها أقلامها
ويقول : " وموضع استشهادنا هو البيت الأول ، الدال علي ان مدافع الريان التي دفنتها الرياح ، قد عريت فبدت ملساء عليها الآثار كالنقوش ..والجود : المطر الغزير ، والرهام : الأمطار الخفيفة اللطيفة .." . و" مجمل كلام لبيد أن امطار نجوم الربيع هطلت علي هذا المكان المقفر فزادته توحيشا لتعفيتها كل أثر من ألاحبة ولحلول النعام والبقر الوحشية وما أشبه فيه بعد عهدهم . هذه قساوة لا تخفي ." ولكن ما علاقة كل ذلك باليوت وبارضه الخراب ؟! العلاقة كما يقول عبد الله الطيب ، ان اليوت اخذ عنوان قصيدته ، وعنوان الجزء الاول منها ومطلعها ، من معلقة لبيد ، ويقابل بين كل ذلك كالآتي :
" (1) تعفية الديار
The wasteland (2) اندفان الرسوم ثم تعريتها حتى وضحت معالمها The burial of the dead (3) هطول أمطار الربيع وما نشأ عنها من زيادة التعفية April is the cruelest month
ولكن اذا كان معني قول لبيد – كما يقول عبدالله الطيب - ان آثار ديار الأحبة التي كانت قد دفنتها الرياح ، عرتها سيول امطار الربيع علي جبل الريان ، فبدت واضحة كالنقش أو الكتابة على الحجر ، فهل هذا هو ذات المعني الذي يرمي اليه اليوت في عنوان الجزء الاول (دفن الموتي ) ؟؟،
المطلع علي قصيدة الارض يجد ان عنوان الجزء الاول The Burial of The Dead قد انبثق من الوحدة العضوية والموضوعية للقصيدة حيث تشيع صور ومشاهد الموت الحسي والمعنوي ، لا في تفاصيل الجزء الاول وحسب ، بل في مجمل التفاصيل العامة للقصيدة . ويربط الموت ربطا عضويا ومعنويا كافة الاجزاء ويوحد بينها ، للحد الذي يمكن معه اعتبار ثيمة الموت هي الفكرة المحورية التي تدور حولها الدلالة العامة للقصيدة .
بنظرة سريعة ، نجد جزء كامل بالقصيدة يسمي: ( الموت بالماء ) حيث " فيلباس الفتي الفارع الوسيم ، ميت منذ اسبوعين " وهذه الصورة تكرار للصورة الواردة بالجزء الاول من القصيدة ، في قوله :" الملاح الفينيقي الغريق ، انظر! لؤلؤتان كانتا من قبل عينيه " . وهو ما حذرته منه قارئة الطالع في قولها : "لا اري الرجل المشنوق ، اذن احذر الموت بالماء ". وفي مشهد آخر هنالك العظام المبعثرة والجثث العارية ملقاة على قارعة الطريق في انتظار من يدفنها :
جثث بيضاء عارية على الأرض الوطيئة الرطبة وعظام ملقاة على سطح الغرفة الصغيرة الجافة تخشخشها أقدام الجرذان من سنة لسنة
في الجزء الثاني من القصيدة المعنون : ( لعبة شطرنج )نجد ان الشاعر صار مسكونا بهاجس الموت ، وصارت صور الموت تطارده ، في كل مكان ، حتي عندما تسأله محبوبته : فيما يفكر ؟! يجبيها :
أفكر إناّ في ممر الجرذان حيث فقد الموتى عظامهم
I think we in the rat's alley Where the dead men lost their bonesو
يتكرر ذكر الموت بالجزء الخامس والاخير من القصيدة في قوله :
من كان يحيا فقد مات ونحن الاحياء نموت الآن بقليل من الصبر
ولعل أكثر المقاطع التي تشي بفكرة العنوان (دفن الموتى) المقطع الأخير من الجزء الأول. حيث يبصر الشاعر وسط الجموع المنحدرة على جسر لندن ، بشخص يعرفه فيستفسره صائحاً عن مصير تلك الجثة التي غرسها في حديقته العام الماضي : هل بدأت تنبت ؟؟ وذلك في محاولة يائسة لبعث الحياة في الموتى الذين حصدت الحرب أرواحهم:
There I saw someone I knew, and stopped him crying: stetson! You who were with me in the ships at Mylae ! That corpse you planted last year in your garden, Has it begun to sprout ? will it bloom this year?
هنالك رأيت شخصا عرفته فاستوقفته صائحا : يا من كنت معي علي السفن بميلاي ! هل بدأت تنبت الجثة التي زرعتها في حديقتك العام الماضي؟ أتراها ستزهر هذا العام؟
أم تري أن الصقيع المفاجئ أقضّ مضجعها ألا فلتطرد الكلب - صديق البشر - بعيداً عنها وإلا نبش بأظافره فأخرج الجثة من جديد ! ؟
و"ميلاي" في قوله : " يا من كنت معي بميلاي " ، كما يقول ساوثام في مرشده ، معركة حربية بحرية وقعت بين روما وقرطاجة في عام 260 قبل الميلاد . ولعل اليوت يتخذ من ميلاى هنا رمزاً لكل الحروب المدمرة التي وقعت في التاريخ . لاسيما الحرب العالمية الأولي التي فقد فيها صديقه جان فردينال (سيأتي ذكره ). وقد اخطأ الدكتور عبد الله في قراءة مفردة "ميلاى" حين قال : " عني اليوت بمايليس هنا المكتشف الدنماركى مايليس لودج ، الذي غامر باكتشافه سواحل جرينادا..استعمل اليوت صيغة المضاف اليه اللاتينية مايلاي من (ماليس ) ". وهذا غير صحيح فميلاي هنا ليست ماليس . فهي ليست إسم علم كما ظن الدكتور عبد الله الطيب ، وإنما إسم مكان . فواضح من سياق القول : " يا من كنت معي بميلاي " ان الشاعر يخاطب شخصا عاقلا كان معه بمكان ما يدعي ميلاي . بدليل دخول ظرف المكان at علي ميلاي وبدليل أن هذا الشخص الذي يخاطبه الشاعر ويستفسره عن مصير الجثة التي زرعها في حديقته العام الماضي ، يدعي ستيتسون stetson.
ولعل إليوت يقصد باستفساره عن مصير تلك الجثة التي زرعها ذلك الشخص في حديقته ، التعبير عن سخريته المريرة من جدوى الحرب التي لم تخلف عبر التاريخ الطويل سوي الدمار والخراب . اذا بينما يتحدث لبيد عن دفن وتعرية آثار ديار الاحبة بفعل الرياح والامطار ، يتحدث إليوت عن (دفن) موتي حقيقيين ، وهم ضحايا الحرب الذين انتشرت عظامهم في كل مكان.
عبد المنعم عجب الفيا
يتواصل
المصادر :[/B]
1- الفتنة باليوت خطر علي الادب العربي - عبدالله الطيب - الدوحة - فبراير ،مارس ، ابريل 1982 2-A Students Guide to the selected Poems of T.S.Eliot, southam, Faber and Faber, London ,Six Edition 1994 . 3-The Waste Land and other Poems. T.S.Eliot, Faber and Febar, London 3 rd ed.1995
* استعنا في ترجمة الشواهد الشعرية بترجمات سابقة اهمها ترجمة الدكتور لويس عوض اضافة الي ترجمة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة .وما ورد في بحث الدكتور عبد الله الطيب .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الأرض الخراب والشعر العربي - في الرد علي الدكتور عبد الله الطيب | Agab Alfaya | 02-20-06, 04:48 AM |
Re: الأرض الخراب ومعلقة لبيد | Agab Alfaya | 02-20-06, 07:53 AM |
Re: الأرض الخراب وطقوس الخصوبة : | Agab Alfaya | 02-20-06, 08:38 AM |
Re: زهور الليلاك ووحشة الربيع : | Agab Alfaya | 02-20-06, 10:14 AM |
Re: الأرض الخراب والشعر العربي - في الرد علي الدكتور عبد الله الطيب | Agab Alfaya | 02-20-06, 01:29 PM |
Re: الاضراب عن ذكر العرب | Agab Alfaya | 02-20-06, 01:41 PM |
Re: اليوت والقران الكريم | Agab Alfaya | 02-20-06, 01:48 PM |
Re: الأرض الخراب والشعر العربي - في الرد علي الدكتور عبد الله الطيب | محمد أبوجودة | 02-25-06, 03:33 PM |
Re: الأرض الخراب والشعر العربي - في الرد علي الدكتور عبد الله الطيب | Agab Alfaya | 02-26-06, 04:54 AM |
Re: الأرض الخراب والشعر العربي - في الرد علي الدكتور عبد الله الطيب | محمد أبوجودة | 02-27-06, 09:04 AM |
Re: هذه الشهادة تكفيني | Agab Alfaya | 03-01-06, 04:45 AM |
|
|
|