كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" (Re: هشام آدم)
|
نجحت الرواية في عرض بروتايب لشريحتين عرقيتين وثقافيتين بكل مكوناتهما الحسّية وغير الحسّية، وكان من المفيد توفير قدر أكبر من المقاربة بين هاتين الشريحتين، ما كان ليعطي للرواية ثراءً وحيوية؛ إلا أن الكاتب استعجل كثيراً في ختم الرواية بتلك الطريقة السحرية المفاجئة؛ إذ كان بالإمكان استغلال وجود فركة في شندي وفي بيت المك لخلق مفارقات مدهشة وخلاقة، يلفت بها الكاتب أنظارنا إلى نقاط اختلاف والتقاء بين هاتين الشريحتين، ومكامن قوة أو ضعف كلٍ من هاتين الثقافتين. لقد كانت فرصة جيّدة ومواتية له للاستفادة من المنحى السحري المتوفرة في الرواية لخلق أجواء أكثر إثارة فقط لو أنه أطال أمد الرواية ولم يتسرّع في ختمها بتلك الطريقة الصادمة. فمن المفارقات الغريبة والمُثيرة للتساؤل أن ست الفضيل (كبرى وصيفات "ستنا" زوجة المك الأولى) قضت أعواماً في تجهيز فركة للمك، وهو ما لا يُمكن اعتباره أمراً منطقياً ثم إن المك ظل طوال هذه السنوات مالكاً لإربه منها رغم إعجابه بها منذ أن رآها في سوق العبيد حتى |أنه دفع قيمتها ألف دولار إسباني مُزايداً بذلك على السعر الذي اقترحه ود الشايقي، كما جاء على لسان الراوي: "قال المك: "السداسية م رحط، تلك الطويلة، كم سعرها؟" وكان يقصد فركة. رد الزاكي: "بكم تريدها؟" قال المك: "بمائتين" هنا قال ود الشايقي: "أنا سآخذها بخمس مئات" المك لم يُرد أن يُطيل في مماحكة غير منتجة مع ود الشايقي، فقال: "أنا بدفع فيها عشر مئات" سأل الزاكي بين مصدق ومكذب قائلاً: "ألف يا سيدي؟" ردّ المك بإيجاز: "بألف" ناول أحد عبيد المك أكياس الدولار الإسباني أبو عمود إلى الزاكي"[الرواية: ص74]
وإذا عرفنا مكانة المك في شندي ومقدار ما دفعه ثمناً لفركة والاستمتاع بها، نجد أن ما فعله معها بعد سنوات من التجهيز والإعداد لم يكن متوافقاً مع هذه المعطيات، وهو ما يجعلنا نتساءل عن سر إقحام شخصية المك في هذه القصة إذا لم يكن سوف يُغيّر من مجريات الأحداث، أو يُحدث انقلاباً في مسار السرد والحكي، إذ نجده يتصرّف بنبل غير متوقع من أمثاله تجاه رفض فركة لمعاشرته، فنجد الراوي يقول: "هنا أدركت فركة أن المك يُريدها كما أرادها أولئك الأرذال. كان جالساً قبالتها، في ملامحه حزم مترقق تحفه الرغبات من كل جانب. هذا الإدراك دفع فركة إلى ضم فخذيها وحزم عجيزتها واستقرارها في الجلوس. قال المك: "تعالي يا البنية!" علمت فركة أن تحركها عن مكانها سيحل رباط عزم عجيزتها، وأدركت أن خطواتها تجاه المك ستحرك فخذيها، فتتبدى عبر سيور الرحط الذي بالكاد يستر عريّها، فأحجمت عن التحرك واستقرت في جلوسها منتظرة ما سيتم. أحس المك برفض فركة للتحرك، خاف عليها من غضبه. انصرف المك إلى نفح هواء من المنخارين والفم، انداحت معه رائحة المريسة والعسلية وأريج الشواء، تاهت حول المك دوائر من الشك، وانعقدت بالقرب من رأسه عمامة ريبة، وكساه شال التردد. شرع يحدث نفسه ويُمنيها ويزجرها؛ الفتاة جميلة، وجسدها ساحر وأنيق، وتفوح من جنبات جسدها عطور وعطور من اختلاط روائح الدخان وطبقات الدلكة المكشوطة بقشة النال الناعمة التي غيّرت ليونة الدهن لونها، تذكر المك فتيات كثيرات مررن بفراشه، وجمّلن مساءاته الراغبة، وتذكر زوجاته وكل النساء اللائي أعجبنه واشتهاهن سراً أو في العلن ، لم يجد بينهن من تشبه فركة أو تقارب بأفراح جمالها غضب نظرات فركة الرافضة الآن للمجيء للجلوس بجواره. مقام المك لا يسمح له بتكرار الطلب فأحجم!"[الرواية: ص147-148]
وإن نحن أخذنا إدراك فركة برغبة المك فيها بعين الاعتبار، وكذلك مشاعر المك التي عبّر عنها الراوي بقوله: "خاف عليها من غضبه" وما يُمكن استخلاصه من قصة ست فضيل التي تم اغتصابها قبل بلوغها وإرغامها على شرب المريسة لتحمّل آلام المُعاشرة في مثل تلك السن؛ فإننا سوف نجد إحجامه عنها غير مبرراً على الإطلاق، بل إننا سوف نزداد دهشة إذا عرفنا أن فركة أمضت سنوات طويلة في بيت المك فقط من أجل هذه اللحظة التي انتهت بنبل غير متوقع، وغير منطقي. لتجعلنا نتساءل عن مُراد الكاتب من الإشارة إلى نبل المك، وكذلك نبل ستنا (زوجته الأولى) والتي تعاملت مع فركة منذ اللحظات الأولى بأمومية واضحة لا تشوبها شائبة الرق والعبودية، وموقفها النبيل من قصة تعرّض فركة للتحرّش الجسدي من قبل ولدها (حسّان)، وعلى أية حال فإن "فركة" تظل رواية مُدهشة الأجواء والتفاصيل، وتستحق القراءة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:07 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:09 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:11 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:15 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:18 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:21 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:25 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-09-11, 10:28 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | الخير محمد عوض | 04-09-11, 10:26 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | صلاح عباس فقير | 04-10-11, 05:36 AM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:35 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:36 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:37 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:38 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:38 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:39 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:40 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:41 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-10-11, 03:42 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | طه جعفر | 04-11-11, 09:03 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | معتز تروتسكى | 04-11-11, 09:38 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-19-11, 05:40 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-20-11, 08:46 PM |
Re: قراءة نقدية في رواية "فركة" | هشام آدم | 04-20-11, 08:50 PM |
|
|
|