إعادة قراءة: أيــامي (رواية)

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 00:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-11-2007, 02:24 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إعادة قراءة: أيــامي (رواية)

    _________________

    أيـــامي

    - روايـة -















    .
                  

03-11-2007, 02:28 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________

    الفصل الأول:


    من أرتكاتا إلى كوينكا


    - جدري وملامح شاحبة -
                  

03-11-2007, 02:30 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    __________________

    كنا على وشك الرحيل عندما قبّلتني سوليداد فيدل جدتي لأبي وهي تضع في يدي بطريقة سريّة عملة ورقية بائسة. ورغم أنني لم أكن وقتها أعرف قيمتها على وجه التحديد، كما أنني لم أتوقع منها أن تفعل ذلك إلاّ أنني غضبت لأنها لم تجد غير تلك العملة المهلهلة لتعبّر بها عن مدى حبها لي، واكتفيت بالسماح لها بتقبيلي، بشفتيها الرطبتين، دون أن أبادلها القبلات تعبيراً مني عن استيائي البالغ للإهانة التي وجهتها لي. أذكر أنها بكت ذلك اليوم لسبب لا أعرفه، فلم أكن لأصدق أنها تحبني لدرجة البكاء عند توديعي. غير أنني اكتشفت عكس ذلك عندما وصلنا إلى "كوينكا" بعد رحلة طويلة ومتعبة أصبت فيها بالجدري، وربما كانت أمي أكثر المتضررين من هذه الرحلة، إذ كان عليها أن ترعى طفلاً مريضاً، وفتاة مزاجية مشاغبة هي جوانيتا سارجينيو أختي التي تكبرني بعامين. والدي الذي ظلّ في أرتكاتا حيث يعمل في منجم للألماس، كان قد أوصى والدتي في إحدى مكالماتهما الهاتفية السريعة، التي لم تكن تتخللها كلمات عاطفية قط، أوصاها أن تأخذنا إلى حيث مسقط رأسه لنتعرف إلى أقاربنا هناك. كان تصرفه هذا الذي بدافع صلة الرحم يحوي في حقيقته مغزىً بالغ الأهمية بالنسبة له لا يخلو من زهوٍ ذكوري طالما رغب أن يشعر به منذ أن تزوج بأمي في العام 1971م. شعرت بسعادة غامرة وأنا أسمع صافرة القطار وهو يغادر توليدو ملوحاً بيدي لولئك الذين اصطفوا على امتداد الرصيف الميناء البري حتى دون أن أعرفهم.
                  

03-11-2007, 02:44 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________

    في الفترات القصيرة والمتباعدة التي كنت أفيق فيها من الإعياء كنت لا أرى عبر نافذة القطار غير أرضٍ صخرية مجدبة،متلائمة تماماً مع الحمى التي كانت تتناوشني طوال الرحلة، الأمر الذي كان يوحي لي دائماً بأنني قد أموت من العطش. وما كان يزعجني أكثر من تلك الحمى الجدرية هو صوت صفائح عربات القطار التي توحي لك بأنها سوف تنفصل عن بعضها في أية لحظة، وأصوات عجلاتها الحديدية التي كانت تشبه نبضات قلب مارد عملاق. كانت هذه الأصوات مثيرة للاكتئاب والخمول لا سيما مع الجو الحزائني الذي كان يكتنف القمرة. الشيء الوحيد الذي علق بذهني بقوة من تلك الرحلة هو رائحة جلد المقاعد التي كانت تشبه رائحة وبر القطط إلى حدٍ بعيد. كنت في تلك الفترة محاطاً باهتمام النساء العجائز الأمر الذي جعلني مبكراً أشعر بالتقزز من رائحة كبار السن ومنظر تجاعيد جلودهم وعاداتهم الغذائية التي كانت تبعث في نفسي الرغبة في التقيؤ. ورغم ذلك فقد كنّ أكثر الناس اهتماماً بي. وعلى صعيدٍ آخر فإن ثمة ضغينة أسرية قديمة سبّبها سلوك والدي الاستقلالي المبكّر والذي اعتبره جدي عقوقاً من النوع السافر، عندما رفض أبي أن يسميني على اسمه، وأرسل برقية من سطر واحد "نهنئكم بولادة كاسبر سارجينيو" كان ذلك عام 1974م. ولم يحقق له أحد أبنائه حلم أن يحمل أحد أحفاده اسمه الذي لا يوجد إلاّ في الفرنسية القديمة. وكان ذلك سبباً وراء تخفيف غضب جدي على والدي بعد مرور أكثر من خمسة أعوام على ولادتي. غير أن شظايا من ذلك الغضب الأبوي القديم انتقل بطريقة ما إلى أخوته الذين شهدوا النوبة القلبية التي أصابته عندما قرأ برقية أبي المستفزّة. غير أن الحقيقة هي أنهم لم يكونوا ليطيقوا نجاح أبي في الفرار من جحيم أورفل بودن المتسلط ليعمل في منجم الألماس الأشهر آنذاك، تاركاً إياهم بين قبضة والدٍ صعب المراس، وطبيعة اجتماعية قاسية يصعب معها الطموح. وربما كانت إحدى المآثر النادرة التي أذكرها لوالدي هو رفضه تسميتي بأورفل، إذ كان ليبدو كاسم مهرّج غير معتد النسب "أورفل سارجينيو أورفل."
                  

03-11-2007, 03:02 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    كانت هي المرّة الأولى التي اكتشف فيها ميل أهلي من القبائل النوركية للعلاجات الشعبية وتصديقها أكثر من العلاجات الطبية الحديثة. كانت نظرتهم للطب وللتكنولوجيا عموماً أقل احتراماً، لذا فإن أقرب مشفى كان على بعد مسيرة يوم كامل من كوينكا. من خلال النافذة كنت استمتع بمشاهدة الباعة المتجولين في المحطات التي يقف فيها القطار لمدة لا تتجاوز الربع ساعة على الأكثر. كان منظر المحطات بائساً لدرجة أنها توحي لك بالنعاس، ولولا مرور بعض الوجوه النمطية لخيّل إليك أنها مهجورة. كما أنها لم تكن تحتوي على لافتات تحمل أسماء تلك المحطات، عرفت ذلك من أسئلة السيدة كوربن التي كانت تتدلى من النافذة لتسأل المارة "أية محطة هذه؟" وما زلت أذكر تلك الفتاة النحيلة التي كانت تبيع في سطل تقليدي قديم عصائر بلون أحمر معلّبة في أكياس شفافة، عندما أشرتُ لأمي لشرائها، فتقدمت السيدة الفضولية لتنصحها بألا تفعل لما قد تسببه المشروبات الباردة عليّ وعلى حالتي الصحية، ورغم اقتناع أمي بكلامها إلاّ أنني كنتُ قد وصلتُ في كراهيتي لهذه السيدة إلى مراحل متقدمة جداً يصعب معها أن أتقبل منها نصيحة، أو أن أهزم أمامها وأمام نصائحها الفضولية، واعتبرتُ أن مسألة شراء المشروب المثلّج مسألة عائلية خاصة، ولم يكن أمامي سوى أن ألجأ إلى البكاء معتمداً على كوني مريضاً، ودائماً ما تنجح هذه الخطّة، فالمرضى لهم معاملة خاصة، وهم أكثر دلالاً من الأصحاء. ولكنني لم أكن لأعرف طعم ذلك العصير بسبب مرارة لساني. لا يهم فقد أحسست بنشوة الانتصار على أية حال.
                  

03-11-2007, 03:54 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    لا أدري لماذا كان يخيّل إليّ أن السيدة كوربن كانت ترمقني بنظرات تبادلني فيه الكراهية من تحت نظاراتها الخفيفة. ظلت الحرب غير المعلنة بيني وبينها مستمرة حتى وصل القطار في ظهيرة يوم قائض إلى "كاتوشيا" حيث تجمع عشرات الرجال والنساء الذين قدموا للاستقبال. وكان ذلك آخر عهدي بالدفء الأمومي. كنت أشعر بحزنٍ ووحشة غير منطقيين وأنا أراقب تلك المشاهد الميلودرامية لأُسر حكم عليها الحرب بالانفصال والتشريد.
                  

03-11-2007, 07:51 AM

معتصم الطاهر
<aمعتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)



    الحبيب

    أيامنا معك
    دهشة

    وادراك ...


                  

03-12-2007, 00:46 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: معتصم الطاهر)

    _______________________

    العزيز معتصم الطاهر

    أدرك الآن سر دعوة سيدنا موسى لربه
    بأن يحلل عقدةً من لسانه يفقهوا قوله

    فمن يحلل عقدةً من لساني أنا الآن

    لك الله أيها الرجل الجميل
    لقد أبهرتني بهذه اللفتة البارعة
    فعلاً .. ولو أردت أن أصمم غلافاً لهذه
    الرواية لما وجدت أجمل من هذا الذي
    صممته أنت ..

    لقد أفرحتني كثيراً هذه المداخلة
    وهذه المبادرة الطيبة .. وأعلم
    أنك بذلت فيه ما يبذله كل محب
    في ما يحبه ولمن يحبه .. ولا أملك
    إلا أن أبادلك الحب بالحب ..
    فالحب بالحب .. والبادئ أكرم

    لك الشكر وخوالص التحية يا حبيب
                  

03-12-2007, 01:49 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    كانت لتلك الكلمات المحلية الحزينة، التي كانت أمي والنساء يتبادلنها وقعها المؤثر في نفسي رغم أني لم أكن أجيد اللهجة المحلية بشكل احترافي، حتى أنني كنت أكتفي بالإيماء ولغة الإشارة في كثير من الأحيان لدرجةٍ ظنّ فيها الكثيرون أنني أبكم. أعجبتني الطريقة التي يتحوّل بها الناس من حالة البكاء إلى الضحك ثم إلى القهقهة بدون تدرّجات تمهيدية. ولكنني عرفت فيما بعد أن ذلك يسهل التدرّب عليه. كان عمري حينها لا يتجاوز الثمان سنوات، وكانت ملامح الثراء التقليدية بادية عليّ كما على أمي التي لم تكن تجرؤ على خلع أسوارها الذهبية التي ينوء بها معصمها كأنها حارسة لمعبد بوذي، وكأن ذلك هو البرهان الوحيد الذي يثبت أنها قادمة من أرتكاتا بلد الألماس. ورغم أنني لم أكن أعرف سبباً واضحاً لضرورة أن تبرهن على ذلك، إلاّ أنني بالمزيد من الاحتكاك بالقبائل النوركية عرفت أنهم يهتمون بهذه التفاصيل إلى درجة بعيدة.
                  

03-12-2007, 07:40 AM

معتصم الطاهر
<aمعتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    الأخ هشام

    محول الشكر للأخ كمال كمال

    وهو من صمم الغلاف

    ولى عليه ملاحظات
    الخط الكبير للغلاف الخلفى
    ويمكنك تعديل التصميم

    المهم

    نحن فرحنا بالتصميم عشانك وعشانو

    وتعلم حبنا ...

    اهو أجر المناولة ..
                  

03-13-2007, 00:26 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: معتصم الطاهر)

    ____________________

    الحبيب معتصم الطاهر

    أترى لو أن إنساناً .. شخصاً
    كان يحمل دلولاً من الماء
    فسقطت قطرة
    سقت بذرةً
    أنبتت نباتاً طيباً
    عنباً
    هل له من ذلك من خير؟

    إذن .. لك كل الود والتحية والشكر

    والشكر أجزله للأستاذ الرائع كمال كمال
    وأنا لا أكاد أجد الكلمات المناسبات لما
    قدمه لي هدية في هذا البوست .. ولكن يعلم
    الله أنني فرحت بها أشد الفرح .. وإن لها
    لمعانٍ تجعلني لا أتجرأ على إبداء أية
    ملاحظات حولها ... فهو عمل بالجد رائع
    ويكفي أن يحمل لك شخص ما لا تعرفه شعوراً
    نبيلاً ويهديك في مناسبة ما "وردة" كهذه
    الوردة الغلاف

    فله عظيم الشكر والامتنان
    ولك أجر المناولة بالتأكيد يا معتصم



    .

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-13-2007, 00:28 AM)

                  

03-12-2007, 02:06 AM

Mohammed Elhaj
<aMohammed Elhaj
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1670

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)


    سلامات هشام،
    تقريباً والعنوان ممكن يأكد زعمي (اعادة قراءة)، النص دا كتبتو بي صورة مختلفة واتنشر في س اونلاين؟
    am I right?
    التساؤل لأنو التجربة غريبة جداً كاتب بيكتب عن بيئة ما انتمى ليها و ممكن ما يقدر ينتمي ليها كونها من بنات افكارو ممزوجة (بلمسات سحرية من الواقع)، كتابة بتشبة (الواقعية السحرية) بتاعة ماركيز والليندي وقيل الطيب صالح؟
    منتظر ردك
    وآسف على مقاطعة السرد
                  

03-12-2007, 02:27 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: Mohammed Elhaj)

    _______________

    مساؤك عاطر يا محمد الحاج

    لقد صدق حدسك تماماً .. إن هذا البوست هو امتداد
    طبيعي لبوست
    ( أيـــــامي) الذي تم ترحيله إلى المكتبة
    في آخر حملات الأرشفة البكرية

    أما عن سؤالك حول التجربة، فيجدر بك أن توجه
    سؤالك إلى تولستوي الذي كان يسخر من الكاتب
    الذي يزور سيباستوبول ليكتب عنها وكان بإمكانه
    أن يفعل دون أن يفعل!!

    ألم يقل أن الكتابة فعل ساحر أو ممثل بارع يجيد
    تقمص الأدوار؟

    إذن ماذا يعني أن أرتدي زي الماتادور وأغمض
    عيني لأفرغ الغرفة من محتواها وأضيف إلى خلدي
    كل ما يتعلق بمصارعة الثيران حتى أنجح في سماع
    صيحات الجمهور وأنفاس الثور الغاضب .. وأكتب
    "بكل بساطة" عن مشاعر الماتادور تلك اللحظات

    هذا ما فعلته لأصف "بورتسودان" في "بين حجرين"
    ولم أكن رأيتها من قبل إلا في زيارة عاجلة لا
    أتذكر تفاصيلها ..

    لدي صديقة أردنية ناقدية ، قالت لي: "أتعجب
    كيف أنك تصف الأماكن التي لم ترها" والمسألة
    ببساطة أن الرؤية تقييد للوصف لأنه عندها يلزمك
    بالموجود في حدود المعروف. أما عدم الرؤية فإنه
    يتيح لك مساحة أوسع لوصف الموجود في حدود المتخيّل


    أشكرك يا عزيزي على المتابعة للمرة الثانية
    وأتمنى أن تظل قريباً فهذه النسخة كاملة

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-12-2007, 02:30 AM)
    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-12-2007, 02:33 AM)

                  

03-12-2007, 02:47 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    __________________

    كان اللون الأصفر الشاحب هو اللون الأساسي في كل ما رأيته وما أتذكره من تلك المدينة التي تنتشر منازلها على مسافات متباعدة من بعضها تاركة مساحات واسعة كميادين يستغلها الأهالي للمناسبات. كنت وقتها قد تماثلت للشفاء بما يسمح لي بالسير بمفردي. "يا إلهي .. إنه ابن سارجينيو" كانت هي الجملة التي يقولها الجميع عندما تسقط أعينهم عليّ. عندها فقط تكشّفت لي خيوط المؤامرة الذكورية التي مارسها والدي عندما أصر على أمي بأن تأخذنا إلى أرتكاتا. لم أشأ أبداً أن يعاملني الآخرون على أنني "ابن سارجينيو" ولكنهم كانوا يفعلون ذلك بغبطة أهلنا البسطاء. وتحملت عشرات القبلات من نساء ورجال لا أعرفهم بأريحية غريبة. ورغم أن كل واحدٍ منهم كان يعرّفني بنفسه إلاّ أنني لم أكن مهتماً بذلك كثيراً. فقط كنت أقرأ في وجوههم سعادة لم تكن متكلّفة، وحياتهم البسيطة كانت سبباً في أن أترك خجلي جانباً وأسأل "أين الحمام هنا؟" دون أن أخبر أمي سراً برغبتي في التبوّل كما كنت أفعل دائماً عندما أشعر بالخجل من الآخرين. لم تكن ذكرياتي عن "كاتوشيا" ذكريات مثالية، ربما لأنني لم أمكث فيها غير يومين فقط كنا خلالهما في انتظار عربة تقلنا إلى "كوينكا" حيث نهاية المطاف.
                  

03-12-2007, 02:56 AM

الشفيع عوض شوشتا

تاريخ التسجيل: 10-24-2006
مجموع المشاركات: 1655

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    هشام ..

    ما زلت اقرأ ..
    واعيد القراءة مرات ومرات ..
                  

03-12-2007, 03:13 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: الشفيع عوض شوشتا)

    _________________

    شوشتا يا صديقي

    القراءة هي هاجس لو تدري
    حتى أنا أقرأ مرات ومرات

    القراءة تجعلنا نبصر ونتذوق
    ونشتم ونحس ونسمع .. القراءة
    ككودو إشباع لحواسنا الخمس

    أشكرك على القراءة يا جميل
                  

03-12-2007, 03:15 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    كانت الرحلة أشبه برحلات الهجرة غير الشرعية التي كان يقوم بها البعض سراً إلى "لاميمبون" عبر الحدود الغربية، مستخدمين في ذلك وسائل النقل المختلفة. في إحدى جلساتهم المسائية على ضوء القمر، حضرت سيدة ما تزال تحافظ على ملامح أرستقراطية تركها اغتراب قديم لم ينتهي إلا منذ سنوات قليلة خلت، بينما كانت تمسك في يدها لفّة قماشية وضعت داخله بعض الهدايا التقليدية. قدمته لأمي التي حملتها بأريحيتها ووعدت بتسليم الهدية لصاحبها في "كوينكا".
                  

03-12-2007, 03:17 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    تحدّث الجالسون عن قضايا لم تكن ذات أهمية لدي، كانت أغلبها تدور حول موتى فارقوا الحياة فترة غياب أمي عن كاتوشيا ورحيلها مع زوجها إلى أرتكاتا، وأناس هاجروا إلى بلاد بعيدة وانقطع ذكرهم بعدها، وأخبار الزيجات الحديثة التي وقعت مؤخراً، ونتاج بعضها الذي أسفر عن مواليد جدد. بينما كنت منهمكاً في مراقبة ورل ضخم كان يحفر لنفسه بكل همّة حفرة في منطقة رملية قريبة. ظننته تمساحاً في بادئ الأمر، غير أنّ أحدهم ربّت على كتفي مطمئناً وهو يقول "إنها المرة الأولى التي ترى فيها حيواناً كهذا .. أليس كذلك؟" وابتسم ابتسامةً جعلتني أخشاه. في اليوم التالي كان جورجينيو أمادو قد وصل في الصباح الباكر بعربته الأشهر على الإطلاق في المنطقة مطلقاً أبواقاً موسيقية لا أزل أتذكرها حتى اليوم. كان أهل القرية يعرفون كل سائق من صوت بوق سيارته، بل وإن الأطفال كانوا يتبارون في محاكاة تلك الأصوات الموسيقية بأفواههم. وكسيدة أرستقراطية تقدمت أمي لتركب في المقعد الأمامي بجانب السائق حيث لا يسمح لغير الوجهاء بالجلوس، بينما أخذ الجميع يفرشون حصائرهم في حوض العربة الخلفي. كانت السيدة كوربن بينهم، الأمر الذي جعلني أشعر بشيء من الشماتة تجاهها. كانت البادرة الأولى واليتيمة التي تحسب لها، أنها عرضت على أمي أن تأخذ أختي جوانيتا وتجلسها معها في الحوض. في مرحلة عمرية متقدّمة عرفت أنّ ما قامت به السيدة كوربن لم تكن إلاّ تقنية تربوية محترفة، فيمكن للبالغين معاقبة الأطفال بتجاهلهم والاهتمام بطفلٍ آخر. وما هي إلا دقائق حتى امتلأت الساحة بالمودعين، وامتلئ الحوض بالركّاب رجالاً ونساء وكأنهم نازحون أفارقة. هذا المشهد الاحتفالي يتكرر كل يوم أربعاء بذات التفاصيل تقريباً دون أن يقلل ذلك من أهمية طقوس الترحيب والتوديع لدى أهالي كاتوشيا.
                  

03-12-2007, 03:38 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    غرقت قبعات الرجال ومناديل النسوة المودعات مع عليّات البيوت وهي تغيب عن الأنظار وتتلاشى تحت خيط شفقي أحمر، بينما اتجهنا شمالاً إلى كوينكا عبر وادي غوادا لاخارى الحجري الذي كان الأسلاف يعبرون خلاله بقطعان خرافهم إلى مراعي السافانا الخصيبة بينما يستحيل الوادي إلى مجرى نهري جارف خلال المواسم المطرية التي تستمر في بعض الأحيان لأكثر من ثلاثة أشهر. لم تكن بي رغبة فضولية لمراقبة الطريق ومعرفة معالمها ، لذا فإنني لم أر بيوت قبائل البتشو المنحدرة من أصول قوقازية، ولا جبل "عين الشمس" الذي تنفذ الشمس فيه من خلال ثقب هائل في قمته، بل قرأت عنها من رحلات بياتوس ودمنغو فيما بعد.
                  

03-12-2007, 04:33 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    كنت أتعجّب لمقدرة أمي الغريبة على النوم مع حركة العربة المزعجة التي تسببها وعورة الطريق. كان يخيّل إليّ في كثيرٍ من الأحيان أننا في هودج على ظهر جمل عربي، يزيد من هذا الشعور قماشة حمراء منتهية بضفائر مخملية مطرّزة تتدلى من سقف كابينة القيادة يستخدمها أمادوا كزينة لعربته. واستيقظت أمي مذعورة لترسم بيديها علامة الصليب في ميكانيكية تعبّدية خاشعة عندما صاح أمادو فجأةً " لورِد*" كنت لا أعرف سر الخشوع الذي هبط فجأة على الاثنين وهما يطلان بنظراتهما على مكانٍ ما في الخارج. أخرجت رأسي من النافذة لأرى، وأنا ابتسم للعدوى الفضولية التي يبدو أنها انتقلت إليّ من السيدة كوربن. لم أجدى سوى صرح شبه هرمي عليه علامة الصليب، كان يبدو لي كدير لم يوفق بانيها في اختيار المكان المناسب. التفت إلى أمي لأجدها ما تزال في خشوعها الكاثوليكي فسألتها " ما هذا المكان؟ " فأشارت لي بيدها بأن أصمت. ابتسم أمادو وجذبني من ذراعي إليه، وجعلني إلى جواره:

    - سوف أحكي لك يا بني .. يقال أن مراهقة كاثوليكية تدعى بيرنيدت سوبيروس أتت إلى غار ماسيبيل* - الذي تراه أمامك هناك – معتزلةً الناس والحياة، وطالبت السيدة العذراء بالمثول أمامها إن كانت تستطيع أن تفعل ذلك.
    - وهل ظهرت لها السيدة العذراء حقاً؟
    - أظن ذلك؟

    ورغم أنني كنت أعشق القصص من ذلك النوع الذي يتناول سيرة الغابرين والأسلاف، إلاّ أن رواية أمادو هذه كانت محبطة وتنقصها الكثير من التفاصيل، فلجأت إلى خيالي الطفولي لإضافة المزيد من المؤثرات لقصة أمادو المبتورة.






    ________
    * Lourdes صرح مخصص للحج إلى السيدة مريم العذراء أنشأ في عام 1858م
    * Grotto of Massabielle

    .

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-12-2007, 04:37 AM)

                  

03-12-2007, 05:04 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    رغم خصوصية الجلوس في كابينة القيادة الأمامية، ودلالاتها البرجوازية؛ إلاّ أنني لم أكن مرتاحاً لذلك، فلم يكن بوسعي أن أتمدد أو أن أتحرّك أية حركة دون أن ترمقني أمي بنظراتها المتشددة، إذ كانت حريصة كل الحرص على أن نبدو في شكل مهذب أمام الآخرين لا سيما الكبار، وكنت أجاهد كثيراً لأحقق لها هذه الرغبة، غير أنها لم تكن تلاحظ إلاّ الهفوات النادرة.
                  

03-12-2007, 06:05 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22494

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    هشام

    عفوا للمقاطعة ...
    أحببت أن أقول أننا خلفك ... نقرأ هذه ( الأيام ) ..
    واصل الحكي
    بنجيك في النهاية
                  

03-13-2007, 00:34 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: ابو جهينة)

    __________________

    القاص النوبي المبدع: أبو جهينة

    سعيد بهذه المتابعة، وإنه لفخر لي أن يبذل
    شخص بقامتك جزءً من وقته لقراءة ما أكتب ..
    أتمنى أن أوفق في تقديم الشيء المتوقع لديك
    ولك مني جزيل الشكر وخوالص التحية

    دم بخير دائماً
                  

03-12-2007, 07:07 PM

فيصل نوبي
<aفيصل نوبي
تاريخ التسجيل: 09-16-2005
مجموع المشاركات: 14194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)
                  

03-13-2007, 04:27 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: فيصل نوبي)

    ___________________

    في مكان ما توقف أمادو وأطفأ محرك سيارته، وأعلن استراحة لنصف ساعة. ترجلنا وبدأ البعض بمطّ جسمه المنكمش بفعل الزحام، بينما جثا البعض على ركبهم غير بعيد للتبوّل. كان البرد قارصاً لدرجة أن الرجال كانوا ينفثون من أفواههم أبخرة كأبخرة التنانين الأسطورية، بينما لفّت النساء وجوههن بمحارم قطنية. كانت تعجبني فكرة خروج الأبخرة من الأفواه فولّدت لدي رغبة انحرافية، فكنت أضم سبابتي والوسطى كما يفعل المدخنون المحترفون وأتظاهر بالتدخين. أشد ما أعجبني أنني لم أكن أخاف من أمي وأنا أفعل هذه الحركات. كانت جوانيتا تتوسل لأمي بأن تأخذها معها إلى كابينة القيادة، ليس لنزعة برجوازية، ولكنها – على ما يبدو – ضجرت من مرافقة السيدة كوربن. وأعجبني موقف أمي الصارم، رغم أنني كنت أشفق على جوانيتا أيّما إشفاق. تجمّع البعض في حلقات وبدأوا يتسامرون ويطلقون ضحكات كانت تهتك سكون المنطقة الموحشة. راح أمادو في كل ذلك يرتشف قهوته المسائية من حافظة كان يخبأها معه. كنت استغرب إدمان البالغين على القهوة والشاي وهذه المنبهات التي لم استسغ طعمها يوماً. كان يخيّل إليّ أنها مخصصة للكبار فقط، وأن تناول كوبٍ من الشاي الساخن هي إحدى دلالات البلوغ الأساسية. نحن – الصغار – كانت أمهاتنا يبرّدن لنا الشاي بعملية تكرير مضجرة وأحياناً بإضافة بعض الماء البارد عليه.على أي حال فأنا لم أشرب كوب شاي في حياتي؛ كنت أؤجل هذه المهمة لحين أكبر.
                  

03-13-2007, 05:19 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    من جهةٍ ما سمعنا صوت فتاة عشرينية وهي تكيل لأحدهم الشتائم، عرفنا فيما بعد أنه حاول التحرّش بها بينما كانت تتبول. خيّم - عندها - سكون متوتر على المكان فيما كان البعض يتندّرون بهذه الحادثة ويتغامزون فيما بينهم. أحسست بشفقة ساذجة تجاه الفتاة عندما عاقبتها أمها بصفعة قوية وحكمت عليها بملازمتها طوال الرحلة. لم أعرف سر هذه العقوبة التي أوقعتها الأم على ابنتها الضحية، في حين اكتفى الجميع بتقطيب جباههم للجاني، واستيائهم الذي زال بعد دقائق معدودة. هذه الحادثة جعلت بقية النساء يطبّقن ذات العقوبة على بناتهن. شعرت بأنهن كقطعان ضأنٍ لا حيلة لها غير مصادقة الذئاب التي تمارس دوراً مزدوجاً: حمايتها والتهامها في آنٍ معاً !!
                  

03-13-2007, 06:06 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    الفصل الثاني :



    كوينكا .. الحرية في حقل حلم

    - مدينة الأرواح الشريرة والأيول -
                  

03-13-2007, 07:09 PM

حبيب نورة
<aحبيب نورة
تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 18581

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    جميل
    ومحرض علي الشجن
                  

03-13-2007, 07:22 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: حبيب نورة)

    ___________________

    حبيب نورة يا حبيبنا

    Quote: جميل
    ومحرض علي الشجن


    شكراً لأنه لا يحرّض على "الخستكة" يا مخستك
                  

03-13-2007, 07:43 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    بمزاجية متعالية نهض أمادو وهو ينفض عن بنطاله ما تعلّق به من تراب وهو يقول بطريقة آمرة "انقضت النصف ساعة .. فليستعد الجميع" ربما لم تنقضِ النصف ساعة تماماً، فقد كان حساب الزمن بالنسبة إليه مسألة تقديرية. أخذ الجميع مواضعهم مرّة أخرى، ثم انطلقنا بذات الهدوء القاتل والبرودة التي كانت تتسلل داخل ملابسنا الداخلية دون خجل. ظللت مستيقظاً طوال الطريق،ولم استطع النوم، منعني من ذلك أمادو الذي كان يغني بصوته القبيح أغنية شعبية لم تطربني كثيراً، واهتزاز العربة الذي لم يكف حتى وصلنا إلى كوينكا فجر اليوم التالي.
                  

03-13-2007, 08:00 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    أول ما رأيته كنّ نساء يحملن دلاء الماء الصفيحية فوق رؤوسهن وهن يراقبن مرورنا من على البعد. وبطريقة احتفالية بدأ أمادو يطلق أبواقه الموسيقية في إشارة إلى وصولنا. استيقظ الجميع على صوت الأبواق، وأخذوا ينظرون من حولهم كأنهم يبحثون عن شخص ما بعينه. كنت أرى في عيني أمي حنيناً مهذباً وهي تلتفت يميناً وشمالاً، جعلني ذلك أحس بأنني أنتمي لهذا المكان بطريقةٍ ما.

    ما إن سمعوا صوت الأبواق حتى بدأ الناس يخرجون من البيوت. وبطريقة لا تخلو من تعالي أيضاً ظلّ أمادوا يدور بعربته في شكل دائرة كبيرة، قبل أن يتوقف تماماً في ساحةٍ رملية.
                  

03-13-2007, 08:18 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________

    ذات المشاهد الاحتفالية في كاتوشيا تكررت مرّة أخرى في كوينكا. كنت قد بدأت أشعر بحنين منقطع النظير لأرتكاتا، وتمنيت أن يكون ما أراه حولي مجرد حلم عابر. تفاصيل الاستقبال والكلمات المتكررة والقبلات والنظرات الفضولية والتعليقات الساذجة كانت مرهقة إلى حد الضجر. أخذت جوانيتا تبكي عندما أهملتها أمي وتركتها محاصرة بين فتيات ذوات منظر بشع، بينما كنت محاصراً بفتيان لا يرتدون غير شورتات وفنايل داخلية متسخة. عرفت فيما بعد أن أكبرهم سناً كان خالي سانتياغو إميليو الذي أراه للمرة الأولى. لم أشعر تجاهه بغير ما شعرت به تجاه البقية.
                  

03-13-2007, 09:47 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    كان الواجب الأكثر قداسة هو إلقاء التحية على كبار السن لا سيما أورفل بودن الذي كنت أخشى مواجهته حاملاً جرم والدي في حروف اسمي، غير أنه كان لطيفاً على عكس ما توقعت. كان قاصاً مغموراً، أو معروفاً على نطاق أرتكاتا فقط. وسمعت أنه ألّف رواية "ما وراء النهر" التي لم أكن قرأتها بعد آنذاك. بالإضافة إلى كونه قسيساً في كنيسة الأب خوليو. فوجئت عندما عرفت أنه متزوج من امرأة أخرى تدعى يواماريز روجيليو، أصغر سناً وأجمل قليلاً من سوليداد فيدل. كانت تلك أول مواجهة لي مع جذوري العرقية، وعرفت فيما بعد أن أورفل بودن بتعدديته قد استعدى شريحة واسعة من النوركيين الذين لم يقروا يوماً مسألة تعدد الزوجات هذه، لذا فإن سوليداد جهزت حقائبها وأخذت ابنتها الصغرى دايمتا أورفل، وغادرت كوينكا إلى توليدو حيث تقيم بناتها مع أزوجهن.
                  

03-14-2007, 01:07 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________

    كانت توليدو مستعمرة للنازحين من جحيم الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1936م واستمرت لثلاث سنوات، عانت فيها قبائل النورك أشد حالات الجوع إذ كانوا يأكلون ثمرة البرتقال للغداء بينما يتعشوّن بقشره ليلاً. فيما بعد أصبحت توليدو ذائعة الصيت، كما أنها كانت مقراً لأبناء وبنات أورفل بودن المتزوجين منهم وغير المتزوجين، فلم يكن أحد ليطيق مزاجيته وعصبيته.
                  

03-14-2007, 01:09 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    بعض أفراد الأسرة الأورفلية المنادين بالوحدة الأسرية وجهوا انتقاداتهم لسوليداد فيدل التي قسمت الأسرة - برحيلها - إلى شقين بينما أوعزوا ما فعلته إلى أنها محض غيرة نسائية غير واعية. وكان أورفل القسيس قد أنجب من سوليداد وحدها سبعة أبناء. كان أبي أكبرهم ثم تيرا أورفل المتزوجة من ابن عمها فاردون رسل والتي تعيش في توليدو منذ أيام زواجها الأولى. ثم كيوريدا أورفل العشوائية التي تزوجت رجلاً قصير القامة من خارج نطاق العائلة، وأقامت معه في توليدو أيضاً حتى قبل سنوات الحرب الثلاث.
                  

03-14-2007, 03:14 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    كانت العمة كيوريدا الوحيدة التي مارست التوتمية* في عائلة أورفل. واعتبرتها العائلة أول مارقة على النظام الأورفلي الصارم. ثم دوليسينيا أورفل الوحيدة التي بقيت في كوينكا بجانب والدها، ليس محبة له، بل طاعة لزوجها الذي كان يعمل في النقل النهري هناك. ثم سلفادور أورفل عازف الأورغن والمولع بالموسيقى وحياة الترف. ثم سانتوس أورفل الأكثر شعبية بين أبناء أورفل. كان صاحب نكتة، ومرحاً إلى الحد الذي يجعلك لا تصدق أنه أورفلي على الإطلاق. وقيل أنه توفي مسموماً بنبيذٍ فاسد في العام 1989م وهو أول من توفي من أبناء أورفل بودن. وأذكر أن وفاته كانت أكبر فاجعة تلقاها الأورفليون على الإطلاق. وأخيراً دايمتا أورفل التي سوف تكون لي معها قصة عدائية طويلة فيما بعد. ومن يواماريز روجيليو أنجب أورفل أربعة أبناء هم: الدكتور زينون أورفل الذكر الوحيد بين ثلاثة إناث هن: أدونيسا التي أصيبت بسرطان وتوفيت به عام 1999م، وإيميرالد وإسبرانزا وهيرمينيا.





    ________
    *التوتم Totem هو في الغالب حيوان أو نبات يوجد اعتقاد جازم لدى القبائل البدائية أنها من نسله. والتوتمية نظام أسري للقبائل البدائية، يعتقد أنها كانت البذرة الأولى لتحريم الزواج من المحارم. إذ يحرّم النظام التوتمي لقبيلة توتمية معينة الزواج من نفس قبيلة التوتم.
                  

03-14-2007, 03:37 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    هؤلاء كانوا مجرد أسماء أقرأها على شجرة العائلة، ولم أكن أعرف أحداً منهم قبل زيارتي التاريخية لكوينكا فيما عدا العم سلفادور الذي كان يعيش معنا في أرتكاتا حتى وفاة سانتوس أورفل.
                  

03-14-2007, 03:49 PM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)
                  

03-14-2007, 03:56 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: Mohamed E. Seliaman)

    ____________________

    كانت مهمتي الصعبة تكمن في التعرف على أفراد العائلة، بل وأن استشعر تجاههم بالعاطفة الأسرية التي لم يكن لها وجود يذكر. كان الفتيان الذين ما زالوا محيطين بي يرمقونني بنظرات لم أستطع تفسيرها على نحو منطقي، وكأنني كائن فضائي ذو ملامح بشرية. ولم يبعدهم عني غير صوت الجد أورفل بودن وهو يتقدم إليّ بعرجة خفيفة سببها له داء النقرس، متأملاً في تفاصيل وجهي الذي يراه للمرة الأولى. وبميكانيكية أبوية قبّلني قبلة واحدة وهو يتساءل:
    * أهذا هو كاسبر؟

    ثم تقدمت يواماريز روجيليو التي بدت لي أطيب بكثير من سوليداد، فلم تكن عيناها تحملان نظرات المكر التي كانت تحملها عينا سوليداد. لم أعرف حينها الدافع الحقيقي وراء احتفائها بي. لم أستطع أن أحدد ما إذا كانت أحبتني فعلاً، أم أنها ادعت ذلك لإرضاء أورفل. هل كانت فعلاً فرحة لرؤيتي، أم كانت تريد فقط أن تظهر لأورفل أن باستطاعتها أن تحب أبناء أورفل من زوجته الأخرى. فيما بعد اكتشفت أن شفتيها لم تكونا رطبتين كما شفتي سوليداد، غير أن لها ذات الرائحة.

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-14-2007, 03:57 PM)

                  

03-14-2007, 04:08 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    دخلت منزل العائلة الكبير، وأنا أحس أنني أعبر من خلال بوابة زمنية إلى عالم قديم، كرّس ذلك الشعور الغبار المتواجد بكثرة على كل شيء. كنت أبحث عن أمي بين الجموع ومن عيني تتقافز نظرات وجلة ومترقبة، عندما فاجأني أحدهم بجملة ناصحة اعتبرتها أمراً "اذهب والعب مع الأطفال بالخارج" كان الصبية يجمعون بعض النقود لدخول المسرح المتنقل الذي يقام كل صبيحة عيد الفصح. فوقفت متفرجاً دون أن أبدي أية رغبة في المشاركة. تقدّم إليّ سانتياغو إميليو وخاطبني بنبرة أكثر جدية "هل تملك نقوداً" عندها تذكرت تلك العملة المهلهلة التي خبأتها جدتي سوليداد في جيبي بسرية، شعرت بالخجل من الإنكار ومن الاعتراف في آنٍ واحد. غير أن الاعتراف بحمل عملة بائسة كان أخف وطأة من الإنكار الذي يعني فلس الثري، وكان ذلك طعنة لكبريائي الأرستقراطي المفترض، فأخرجت العملة الورقية على مضض وناولتها إياه. فاكتشفت على الفور أن ما كنت أحمله في جيبي بإهمال ما كان إلا عملة بالغة القيمة لدرجة أن الجميع أعادوا نقودهم إلى جيوبهم. كانت العملة التي أحملها كافية لدخولنا جميعاً للمسرح المتنقل ولشراء مرطبات باردة أيضاً. عندها أحسست بالفخر تجاه سوليداد، وعندها فقط عرفت مقدار محبتها الحقيقية لي.
                  

03-14-2007, 05:29 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    أطفال كوينكا يتمتعون ببراعة حرفية عالية، إذ يصنعون عربات صغيرة من صفائح الزيت الفارغة، بينما يبحثون في مكب النفايات عن أحذية قديمة يصنعون منها الإطارات. ثم يضعون عصا طويلة منتهية بحلقة دائرية كبيرة مثبتة على العربة تتحكم بتوجيهها. كانت تروق لي كثيراً تلك العربات التي يصنعونها بأنفسهم، وقد بدا ذلك عليّ لدرجة أنّ أحدهم أهدى لي واحدة منها، كانت هي البداية الحقيقية لكسب علاقات ذات طابع حميمي مع البعض.
                  

03-14-2007, 05:37 PM

حبيب نورة
<aحبيب نورة
تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 18581

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    يا هشام
    وانا قاعد معاك في عصرية طاعمة
    كباية شاي حمراء
    و سجارة
    بين قوسين لايهم لونها!!
    ح نعمل الخستكان الكريم !!
    عارف!
    كلمتك وانا بشيل من خاطر الزمن هم بكرة
    وجيتك ملان أحزان!
    يا أخوي واصل مسير
    تعال يا فرتكان القعدات المدنكلة فوضوياً!
    عشم
    حلم
    وهم
    ألم
    عزااااااااب حرفين طلعوا من رحم الزمان ناقصين
    الدايات نفر
    و الشوق طلع ود سبعة
    لكن بعيش
    أنشاء الله في الأنابيب
    و للخستكة
    أمتدادات أخري
    في كل الشوارع الخلفية

    نورة
                  

03-17-2007, 05:13 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: حبيب نورة)

    ____________________

    المخستك اللذيذ حبيب نورة

    أيدلوجية قرفصة الكلام المطاول
    بتر العضو المدعو "إصبع" بدلاً عن
    إيجاد المشار إليه .. درءاً لفعل
    الإشارة والبهتان !!!

    دعني فقط أمارس الفعل الحصري
    للحبوبات " الحكي "
    بعد عزوف حبوبات الجيل 2007
    عن الحياكة وسف التمباك الأصلي

    معرفة اليقين ألم يا صديقي
    والهذيان ردة فعل ..
    وبعض الجهل نعمة .. أكيد

    على مشارف الردمية المؤدية
    إلى بحر الجلوس المستطاب
    "ود العقلي .. نهاية الزقاق"
    حيث شاي الونسات الدقاق

    الحياة بكرة مفلوتة، والزول
    طويل البال اللي يلم البكرة
    ويفك عقدة الخيط أو التيب لاين
    بمزاجية لا يفعلها إلا أصحاب
    السيجارات الملونة "بالأخضر"

    برجوازية اللون والمعرفة
    راديكالية الشهوة للكتابة أو القراءة
    أو كليهما "مثلية" لا تعتريها الشبهة
    قالوا : "الحفيان زهد المشي قدر الإمكان"
    والطاعة في ارتداء الحذاء بأي قدم
    لا يهم !!
    للذين يلوون عنق الكلام ، فينكسر
    ربطة عنق قواعد الأبجدية
    وأنا أتابع مك خستكات المثقفاتية
    فلفلة الشَعر .. وعلاقته بالثقافة
    أو بكافتيريا الصخور أو حزب
    "دندن المشاكس"

    أو كما قال شاعرهم المجيد:
    المكوجي ..
    بي توبو البنفسجي
    بخّ فيك .. توتر عام !!!

    يا سلام .. يا سلام




    .

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-17-2007, 05:17 PM)

                  

03-17-2007, 05:46 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    وقت الظهيرة بينما ينام البالغون، كان يتجمع الصبية في ساحة قريبة وبيد كل واحدٍ منهم عصا عربته، ثم ينطلقون إلى ضفة نهر كويربو . كان منظر النهر بمياهه الصافية مغرياً إلى حد يجعل الصبية يقررون في كل مرّة السباحة بعيداً عن رقابة الكبار الذي كانوا يحظرون السباحة على الأطفال. ولأنني لم أكن أجيد السباحة فقد كنت أكتفي باللعب بالماء في المنطقة الضحلة من النهر قرب الضفة التي تنتشر عليها حصوات كبيرة ملساء وكأنها بيوض طائر خرافي. كنت وما أزال أخاف من السباحة في الماء. يخيّل إليّ أنني كقطعة الإسفنج، ولم أتعلم بعد تقنية الطفو أو الإبصار تحت الماء. حتى أنه ما تزال تتملكني مخاوف غير مبررة من المخلوقات المائية.
                  

03-17-2007, 06:00 PM

nabta


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    الصديق العزيز هشام آدم
    سلام وتحايا

    إستمتعت جدآ بقراءة هذه المقاطع الشيقه من روايتك وأسعدنى أن أعرف من هذا البوست أنك قد نشرت عدة روايات ساسعى للحصول عليها
    أتمنى لك التوفيق
    محمد على الحسين
                  

03-17-2007, 06:36 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: nabta)

    ___________________

    العزيز: محمد علي الحسين

    يسعدني مرورك على دمي الذي سفكته هنا
    وأتمنى أن تعجبك القصة حتى نهايتها ..

    ولكن لدي سؤال يتيم:
    هل أنت "الحسين" الذي أعرف؟
    المهاجر إلى فرنسا منذ دهور
    صورتك الشخصية تشابه صورة
    الذي في ذاكرتي ولكن مع قليل
    من التغيير..

    أرجو الإفادة
                  

03-17-2007, 06:44 PM

Wathig Makki
<aWathig Makki
تاريخ التسجيل: 05-15-2006
مجموع المشاركات: 394

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    عزيزي هشام

    اتابعك بصمت ولهفة
    تجدني دائما اغوص في مكتبتك وارتوي من كلماتك
                  

03-17-2007, 07:13 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: Wathig Makki)

    __________________

    العزيز : الواثق مكي

    أعتبر هذه الرواية شديدة الخصوصية
    لأنها جاءت بتكنيك مختلف قليلاً عما هو
    متعارف عليه. سحب الواقع بالثقافة
    ومجمل المعطيات الأساسية على واقع آخر
    لهو أمر في غاية الصعوبة، ساعدني على
    ذلك اهتمامي الشخصي بالتاريخ والأدب
    الإسباني وبعض المعلومات العامة عنها
    هذه الرواية لا تحتوي على "عقدة" بالمعنى
    الأدبي للعقدة، ومن ثم البحث لها عن حل
    أومخرج. والحبكة الأدبية تعتمد على مجمل
    التصورات للمواقف الحياتية للأبطال


    أتمنى أن أكون - حتى اللحظة - موفقاً
    في طرح الفكرة الأساسية بدون أي إخلال

    ولك فائق شكري وتقديري على هذا الاهتمام
    وهذه المتابعة
                  

03-17-2007, 07:26 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    حكى لي بعضهم قصصاً - كان يتناقلها الكبار ليخيفوا بها الصغار لمنعهم من السباحة في النهر - عن تماسيح أهلكت آلاف الرجال والنساء من أهل القرية، وتسببت في انقلاب العديد من القوارب التي كان يستخدمها البعض لعبور النهر إلى الضفة الأخرى لجلب عشبة "السارجيا" الطبية لمداواة الرمد. ورغم أنني لم أتقدم غير عشر خطوات داخل المياه، إلا أنني كنت أشعر بأن إحدى هذه التماسيح سوف يبتلعني أنا تحديداً تاركاً كل هؤلاء الصبية. كنت – بطريقةٍ ما – أحس بأن تلك التماسيح اللعينة تشعر بخوفي وتهيبي، فكنت أضرب الماء برجلي بقوة. فيما بعد أخبرني سانتياغو أن التماسيح ما هي إلا فصائل نادرة من الديناصورات التي لجأت ذات حقبة إلى المياه، هرباً من الحريق الهائل الذي شبّ في إحدى الغابات وتسبب في مصرع العديد من الكائنات. وكيف أنها استطاعت بعد ذلك أن تتعايش مع محيطها الجديد. ورغم أنه ضحك بعد أن تمكن من إخافتي، إلا أنني ما زلت مقتنعاً بتلك الأسطورة بشكل يقيني لا يقبل الجدال.
                  

03-17-2007, 07:45 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _____________________________

    في المساء، حين يحل الظلام، كنا نقضي الوقت في ساحة رملية واسعة أمام منزل الجد مانويل إميليو (جدي لأمي) المستقر في أرتكاتا. يعيش في هذا المنزل خالاتي: يومايريس وإلدورا إميليو إضافة إلى جدتي لأمي ماريابيلا تانكريدو. لا أذكر أن لي مع إحداهن ذكريات حميمة، وهكذا كان الحال مع أقربائي من جهة أمي. كان الخال سانتياغو إميليو يشرح لنا قواعد لعبة "عيون النمر" إذ يأخذ عظمة حيوانية قديمة ويرمي بها بشكل عشوائي بينما ندير ظهورنا إلى الناحية الشمالية، ثم نبدأ البحث عن العظمة الضائعة معتمدين على ضوء القمر فقط.
                  

03-17-2007, 07:55 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    __________________

    كوينكا هذه المدينة الجبلية المسكونة بالأرواح الشريرة كما تروي ماريابيلا تانكريدو، لم تكن تبدو مخيفة إطلاقاً إذا استثنينا الأصوات الغريبة التي تسمع ليلاً من وادي لاس توركاس. وفي حين تتفق روايات نساء كوينكا على أنها أصوات الأرواح الشريرة المحبوسة في مكانٍ ما من الوادي، فإن قلّة من الناس توعز هذه الأصوات إلى مرور الرياح على الوادي الذي على شكل مخروط مقلوب. تقول ماريابيلا أن أرواح شهداء الحرب الأهلية المدفونة في "وادي الشهداء" القريب من الأسكوريال تنتقل ليلاً عبر وادي الريسكو دي لانابا والأودية الأخرى المترابطة كأنها حلقات سلسلة عملاقة، في ثورة غاضبة لا سيما أولئك الذين فصلت رؤوسهم عن أجسادهم. وتقول أن كاهناً - أو مدعياً للكهانة - قد حاصرهم وحبسهم في وادي لاس توركاس حيث مصدر الصوت بعد أن رفضت أن تسكن في تمثال ضخم نُصب خصيصاً لهم – حسب رواية الجدة تانكريدو – وكانت هذه الرواية متداولة بكثرة لا سيما بين أطفال كوينكا الذين لم يكن يسمح لهم بالخروج ليلاً لأي سبب كان.

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-17-2007, 07:57 PM)

                  

03-17-2007, 08:15 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _____________________

    ما زلت أذكر ملامح العم سانتوس الذي لم أشهد أيام شقاوته التي كان والدي يتندر بها دائماً. كانت ملامحه توحي بدفء محبب كأنه شخص تعرفه منذ زمن بعيد. يومها عندما ذهبت أمي مع العمة كيوريدا أورفل إلى عزاء أسري تركتني ومورس لونيل في عهدته. وبينما كان منهمكاً في عزف مقطوعة موسيقية شعبية على جهاز البيانو الضخم الذي يحتفظ به في غرفته، وسوس لي مورس لونيل أن نقتفي أثر أمهاتنا، ليس لشيء سوى كسر الأوامر وخلق مغامرة من نوعٍ ما. كان مورس لونيل القادم مع والدته – العمة كيوريدا أورفل - من توليدو قد سبق له زيارة كوينكا من قبل، الأمر الذي جعلني مطمئناً إلى أنه يعرف المنطقة بشكل جيد. في طريقنا إلى أبيلا مررنا بحرش أوسيكبو الذي يعتبر محمية الغزلان الأكثر شهرة على الإطلاق في المنطقة. وبعد مسيرة نصف ساعة على الأقدام وصلنا إلى مقبرة في أطراف أبيلا. كانت شواهد القبور الحجرية المنتهية بعلامات الصليب توحي لي بأن الموتى يخرجون لنا ألسنتهم الخشبية من باطن الأرض. كانت المقبرة موحشة وتدعو للقشعريرة. أحسست بشعر رأسي يقف كأشواك قنفذ متحفّز لقتال. كانت ثمة رائحة غريبة تنبعث من المكان. خيّل لي أنها رائحة الموتى أو ربما كانت رائحة الموت نفسه. وفي جانبٍ ما من المقبرة وقف عشرات الرجال والنساء المتشحون بالسواد وهم يستمعون إلى تلاوات قسيس جاد الملامح ذو لحية بيضاء جعلتني أشعر تجاهه برهبة غريبة. وأمام الجميع تابوت خشبي مكشوف الغطاء، يرقد بداخله في سلام رجل لم نتمكن من رؤيته، لا يزعجه صوت القسيس المحشرج، ولا أشعة الشمس التي تسقط عامودية عليه. كانت ثمة تفاصيل جنائزية حريّة بالمشاهدة،لذا وقفت أنا ومورس لونيل خلف شجرة بلّوط نراقب مراسم الدفن بكل انتباه، حتى اكتشفتنا عينا امرأة لم تكن منتبه لتلاوات القسيس على ما يبدو.
                  

03-17-2007, 10:52 PM

nabta


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    يانى أنا زاتى الحسين البتعرفو بس كبرت وعجزت عشان كده ودرتنى

    لك خالص التحايا
                  

03-18-2007, 04:00 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: nabta)

    __________________

    ياااااااااه يا الحسين ... Long time

    ياخي الدنيا ضيقة بشكل !!!

    منذ أن سمعنا بخبر هجرتك إلى فرنسا .. وأخبارك
    شحيحة وشبه منعدمة لدرجة أنني أوشكت أن أنسى
    ملامح وجهك .. هذه الصورة التي في البروفايل لا
    تشبهك إلا فيما خلا عينيك الماكرتين يا راجل يا FOX
    زمن جميل يا الحسين وأصدقاء وذكريات ... أتذكر
    ليالي تحرير "ميسو" والمانشتات العريضة ؟؟

    ما زلت أذكر ما قاله عنك "خالد عبد الله" :
    " الحمد لله إنو الحسين ده ما طلع كوز .. لو كان
    كوز كان حيجهجهنا !!! " أتذكر هذه الجملة؟

    عني ، فأنا كما أنا لم أزد إلا عمراً ووزناً

    أرجو مراسلتي على بريدي الإلكتروني :
    [email protected]
    هناك الكثير لنقوله يا صديقي ... والحمد لله
    إنه شفناك تاني يا FOX
                  

03-18-2007, 04:29 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    عادت بنا أمهاتنا متوعدتين إيانا بعقوبة بالغة القسوة. كانت فكرة الضرب في حد ذاتها ليست مخيفة بالنسبة لي، إذ كنت معتاداً عليه من أبي، ولكنني خشيت أن يفقدني الضرب هيبة واحترام الزائر الجديد لذا فقد كنت أحاول طوال الطريق أن أوجد مخرجاً من هذا المأزق. ولم تخطر ببالي أية فكرة منقذة إلا أمام العم سانتوس الذي تلقى إهانات بالغة من أمي ومن العمة كيوريدا لإهماله في رعايتنا أثناء غيابهما. وبطريقة حازمة اقتادنا إلى غرفته وجلس على سريره وأمرنا بالجلوس أمامه. كان كالقاضي الذي يستمع إلى المتهمين قبل إصدار الحكم. سألنا بغضب "ألم أحذركما من الخروج؟" كانت نظراته لي تحمل - بالإضافة إلى الغضب – عتباً من النوع الذي يعني خيبة الأمل. فنطق عفريتٌ ما على لساني:

    "لقد غرر بي مورس. كان يصر على الذهاب بينما كنت أمنعه من ذلك، فغافلني وخرج. وعندما خرجت ورائه لأثنيه عن ذلك لم يستمع لي. وبينما أسير ورائه رأيت أيلاً في حرش أوسيكبو تضع مولودها. شدني المشهد الذي كنت أراه للمرّة الأولى. ولأن عملية ولادة الأيل استغرقت وقتاً طويلاً فإنني نسيت ما كنت بصدده. وهذا ما حدث بالضبط. والرب يشهد على ذلك."
                  

03-20-2007, 03:44 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________________

    كانت هذه أول كذبة أتذكر تفاصيلها. ورغم أنها كانت ساذجة وسيئة الحبكة إلاّ أنها راقت للعم سانتوس كثيراً، واعتبرها كذبة خلاّقة مقارنة لطفلٍ في مثل سني. وكان مورس لونيل ضحية هذه الألمعية إذ تحمّل العقوبة وحده. بالنسبة لي كانت كذبة شديدة الحبكة، ومترابطة لدرجة أنني شعرت بالفخر، وربما كانت تلك البذرة الأولى لموهبة التأليف والسرد القصصي لدي، غير أني لم أعتبرها كذلك حينها، فقد كان الغرض منها هو التملّص من عقوبة وشيكة ليس إلاّ.
                  

03-20-2007, 03:55 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    إحدى الشخصيات التي أثارت نزعتي الأدبية منذ الطفولة، زنجي يدعى إكسمن دو ريجيلو الذي يعامله الجميع بازدراء واضح. في البدء انتقلت إلي هذه الازدرائية قبل أن أسمعه خلسةً وهو يقول "لن يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك إلا إذا انحنيت!" وعندما فاجأتني التفاتته المباغتة هربت وأنا أشك بأنه يمتلك عيناً ثالثة خلف رأسه. لا أعرف ما إذا كان قد تمكن من التعرّف عليّ، ولكنني أذكر أنني بقيت خائفاً بقية اليوم، وظلت كلماته تلك ترن في أذني حتى اليوم. كنت أرى في عينيه حزناً من النوع الذي لا يموت. وشعرت تجاهه بفضول غريب، لدرجة أنني قاطعت أمي وهي تتحدث إلى بعض النسوة وسألتها عنه، وعرفت منها أنه من سلالة رقيق مجلوبة من غينيا كان تاجر نخاسة شهير قد أتى بهم في موسم حصاد القطن. لا أحد يعرف قصته على وجه التحديد ولكن الجميع كانوا يستخدمونه لأغراض مختلفة حتى دون أن يدفعوا له ثمن ما يقوم به.
                  

03-20-2007, 04:48 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    كانت النساء أكثر من يستخدمنه، فقد عرفت أنهن يستخدمنه في جلب الماء من النهر في مواسم الزراعة، وفي تعليف البهائم، وحمل الأمتعة ورفع أعمدة السقوف الخشبية، والحفر للمواقد. وقد قام بعض الرجال بخصيه بعدما اشتدت حاجة النسوة إليه داخل المنازل. العديد من الرقيق الأسود المستخدمين داخل المنازل يتم إخصاؤهم أو بتر أعضائهم الذكرية. بعض النسوة ذكرن أن الجنرال فرانكو هو من أمر بجلبهم لاستخدامهم كدروع بشرية في حربه التي كان يخوضها إبان فترة حكمه. مات العديد من العبيد في تلك الحرب، ونجا دو رويجليو الزنجي الذي فقد إحدى ذراعيه وفر مع زوجته يفييت وابنهما، ويقال أن دو رويجليو هو الاسم الإسباني لدينيس والد إكسمن العننين الأسود.
                  

03-20-2007, 04:50 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    حكى لي العم سانتوس ببرود عن كيف كان الجنرال فرانكو يتخلص من الجرحى من العبيد الذين لا يصلحون للعمل بعد أن انتهت الحرب. مما لا شك فيه أن العم سانتوس كان عنصرياً كغيره من النوركيين الفخورين بأصولهم العرقية. ومما حكاه لي سانتوس عن طرق التخلص من الجرحى السود، أنهم كانوا يتركون الجرح دون معالجة، ويجرّدونهم من ملابسهم، ويغلون أيديهم إلى ظهورهم ويعصبون أعينهم. ثم يصلبونهم أحياء في أعمدة أسطوانية ضخمة في مكانٍ ما في وادي غوادا لاخارى ويتركون شأنهم للنسور التي تسكن أعلى القمم الجبلية.
                  

03-20-2007, 05:46 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    كان دو ريجيلو قليل الكلام، لدرجة ألا أحد يعرف صوته، ولم يره أحد يضحك قط. كان الغموض الذي يكتنف هذا الشخص مثيراً لي لدرجة أنني كنت في كثير من الأحيان أبحث عنه رغم خوفي البالغ منه. فكان يخيّل إليّ أنه سيقتلني لفضولي وتطفلي عليه. ولكنني أحببته بعد جملته التي قالها لي عندما فزعت لرؤيته فجأة وتعللت بأنني لم أتوقع أن أراه هنا "إن من لا يرى إلا ما تظهره الأنوار، ولا يسمع إلا ما تصدره الأصوات، ليس إلا أصم أعمى!" قالها بلكنة إسبانية ركيكة، ولم أفهم ما إذا كان ينعتني بذلك، أم أراد أن يلقنني الحكمة على عجل. كان، رغم بشاعة شكله، حكيماً كثير التهذيب، غير أنه لم يكن يضحك أبداً. قلت في نفسي "من يملك الحكمة لا يضحك."


    في ذلك اليوم الذي أنقذني فيه الزنجي من الغرق، عندما انزلقت قدمي على جرفٍ لم أكن أعرف مدى عمق هاويته، رأيته عن كثب. كان وجهه مليئاً بالنتوءات وشفتاه الغليظتان شديدتا الحمرة، وعلى خديه ثمة شعرات صغيرة لا ترى إلا من تلك المسافة القريبة جداً. كنت خائفاً منه رغم أنه أنقذ حياتي، ولم يتركني حتى اطمئن أنني بخير. قال لي بلكنته الإسبانية الركيكة "لا تخف مما لا تعرف، يجدر بك أن تخاف مما تعرف!" كانت نظراته رغم عمقهما المخيف، تحملان حنواً لن أنساه. ومن تلك الحادثة أصبحت لا أفارقه أبداً.
                  

03-20-2007, 06:23 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    كنت أذهب إليه سراً حيث يتخذ مسكنه في منطقة شبه معزولة. بدأ يخبرني عن قصص أهله وأصدقائه الذين قضوا نحبهم إما على أعمدة غوادا لاخارى الاسطوانية أو تحت سنابك خيل الجنود أو بأيدي التجار. كنت أسمع في صدره أزيزاً مؤلماً وهو يتنفس بصعوبة بالغة حتى رأيت دمعة منتحرة تسقط من عينيه على خده المليء بالنتوءات. وحكى لي عن بلاده التي جاء منها. لم أفكر بالمفارقات الغريبة في قصته وقصة والديه، غير أن تعاطفي مع وضع الزنوج في تلك الحقبة جعلني لا أسأله عن تلك المفارقات أو الاهتمام بها.
                  

03-20-2007, 06:26 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    كان إكسمن دو ريجيلو يملك في غرفته الخشبية البائسة كرتوناً مليئاً بالكتب بعضها بالإسبانية وبعضها بلغات لم أتعرّف عليها. عندما شدني تصميم إحدى الكتب قرأته عنوانه الذي كان بالإسبانية "الطوفان" ابتسمت وأنا أسأله "هل تعرف الإسبانية؟" فأجابني دون أن يلتفت إليّ: "لا أحد يولد عارفاً .. لقد أمضيت أكثر من نصف عمري هنا" شعرت بالخجل وحاولت أن أخرج من هذا المأزق بسؤال آخر "من أين تتحصل على هذه الكتب؟" فقال لي وعلى وجهه ابتسامة هذه المرة "لم اشترها بالتأكيد"
                  

03-20-2007, 06:54 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    تعجبت كثيراً عندما غضبت أمي لمعرفتها بمرافقتي للعبد الزنجي، وتعجبت أكثر أنها أخبرت جدي ليتولى معاقبتي نيابةً عنها. واكتشفت أن العزلة التي كان يعيشها إكسمن ما هي إلا عزلة اجتماعية مفروضة عليه من قبل الأهالي بسبب لونه الأسود. قلت لها بأنه شخص طيب القلب، على غير ما يبدو عليه، فشدني جدي من أذني بقوة وأسرّ لي "لن ترتاح حتى يلوط بك هذا العبد الحقير، وتعود إلينا بعارٍ لا يمحى" كانت جملته تلك مؤلمة لي أكثر إيلاماً من قرصته تلك. لم أعرف على وجه التحديد ما إذا كان جدي جاداً فيما قاله، أم أنه أراد أن يخيفني منه وحسب. عرفت فيما بعد أن مرافقة الصغار للأكبر منهم سناً أمر مثير للشبهات في كوينكا . ولكنني ظللت على تواصل معه في السر.
                  

03-20-2007, 07:08 PM

نوسة
<aنوسة
تاريخ التسجيل: 09-30-2002
مجموع المشاركات: 825

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    أخى هشام

    أولاً أعذر لى جهلى فلم أكن أعرف أنك كاتب و مؤلف بهذه الروعة و الفتنة؟؟

    لله درك

    و ثانياً أعجبتنى الرواية و لو إنى لم أقرأها كلها لأنو شكل الصفحة غير مكتمل ، يعنى لازم أعمل scroll from right to left and so ، عشان كدة عايزة أعرف إذا تم توزيع نسخ من هذه الرواية و الأخريات هنا فى البحرين؟؟؟

    تسلم و يسلم قلمك
                  

03-21-2007, 02:12 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: نوسة)

    ______________________


    الأخت : نوسة

    زيارة غير متوقعة فعلاً .. وأجمل الأشياء
    تلك التي تأتي على خلاف المتوقع. فلك الشكر
    فقط أحببت أن أشكرك على المجاملة الرقيقة
    فلست كاتباً ولا مؤلفاً إنما أنا - كما قلتُ
    للمخستك "حبيب نورة":
    Quote: أمارس الفعل الحصري
    للحبوبات " الحكي "
    بعد عزوف حبوبات الجيل 2007
    عن الحياكة وسف التمباك الأصلي


    سعيد بمرورك هذا يا عزيزتي وأتمنى
    أن تعجبك الحكاية حتى نهايتها، وطبعاً
    سأكون في انتظارك مع اكتمال القصة لأسمع
    رأيك فرأيك يهمني جداً .. وأكرر لك الشكر

    لك خوالص التحايا
                  

03-21-2007, 02:37 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _____________________

    أمسيات كوينكا هادئة في الغالب ما عدا تلك الأمسية التي سمعنا فيها صراخاً أنثوياً قادماً من ناحية غربية. للوهلة الأولى اعتقدت أنها سيدة لربما تعرضت لهجوم من إحدى الأرواح الشريرة، لا سيما وأننا كنا نتحدث عن الأرواح الشريرة تلك الأمسية، وبدا لي هذا الاعتقاد راسخاً لدرجة لم أشأ فيها الخروج لمعرفة الحقيقة. ما دفعني للخروج هو عزم الجميع على معرفة مصدر الصوت. فخرجت معهم لأنني خشيت أن أمكث وحدي. كان الصوت ما زال مسموعاً من ناحية ما. سرنا بموازاة نهر كويربو. كنت خائفاً من رؤية هذه المرأة المصابة بالمس، بل كنت أشعر أن الروح الشريرة التي دخلتها سوف تتركها وتدخلني لمجرد رؤيتي. في حالات الخوف لا يكون هناك إحساس جمعي. الخوف إحساس فردي وحالة ذاتية جداً. كانت صرخاتها تتعالى كلما اقتربنا من مصدر الصوت. وبينما كنت بالكاد أحرّك قدمي، كان الجميع يحثون الخطى. تملكني الخوف بصورة مفزعة. وأخذت أركض حتى لحقت بهم، فلم أشأ أن أتخلف عنهم بمسافة طويلة.
                  

03-21-2007, 02:48 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    عندما وصلنا إلى مصدر الصوت، كنت أتحاشى رؤية المرأة الممسوسة رغم فضولي الشديد لرؤية ما يجري. وعندما صاح أحدهم "لقد غرق فرانكلين" تبخرت مخاوفي فجأة، وانقلبت دون تدرج إلى شعور بالشفقة. عندها تجاسرت ورفعت بصري إلى المرأة التي كانت تقف على حافة النهر. كانت تحمل الماء بكفّيها وتسكبه على رأسها بهستيريا مخيفة وهي تقول "فرانكلين يا حبيبي لا تمت .. ساعديه أيتها العذراء أرجوكِ" ولكن فرانكلين لم يسمع نداءاتها تلك. ولم تستجب العذراء لها كذلك! كانت تعلّق بصرها بنقطة ما في نهر كويربو الهادئ وقتها. خمّنت أنها النقطة التي رأت فيها فرانكلين آخر مرة. شعرت بغضب شديد تجاه النهر، وكرهت السيولة التي تبتلع أجساد البشر هكذا دون أن ترحم أحداً. كان هدوء النهر مستفزاً . لقد ابتلع النهر جثة طفلٍ لم يكمل عامه التاسع بعد. ربما كان أحد الصبية الذين التفوا حولي عند قدومي الأول لكوينكا. تفرّدت في وضع سيناريو لما حدث دون أن أستوعب ما كانت تقصه المرأة على مسامع الرجال بفزع وبلا ترتيب. قررت أن إحدى تماسيح العصر الحجري كان جائعاً ذلك اليوم.

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-21-2007, 02:52 PM)

                  

03-21-2007, 02:50 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    الرجال الذين خلعوا ملابسهم على إحدى الصخور العملاقة، عادوا جميعاً بعد أن قلبوا النهر رأساً على عقب بحثاً عن جثة فرانكلين. قال أحدهم بصوتٍ لاهث "ربما جرفه التيار إلى مكانٍ بعيد." تلك المرأة المفجوعة لم تكن تهتم كثيراً لتحليلاتهم طالما أن وليدها ما زال مفقوداً في هذا النهر الراقد في خبث أمامها. كانت تضرب بكفيها الماء بهستيريا شغوفة. كنت أتساءل : ماذا لو كان النهر بذلةً جميلةً لوحشٍ بشع لا يتغذى إلاّ على لحوم البشر؟! هذه الحادثة جعلتني أكره المسطحات المائية بشكل نهائي وجذري، وأتخذ منها موقفاً مبدئياً. كما كانت تفعل السيدة ، فقد علّقت بصري بتلك البقعة الساكنة من النهر، أترقب أن يخرج أحدهم منها رأسه. سواء أكان فرانكلين أو فرس النهر أو النهر نفسه.
                  

03-21-2007, 03:22 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _____________________

    وفي يأس مقيت ردد البعض عبارة مشيئية "لقد غرق الصبي وانتهى الأمر" كانت هي قاصمة الظهر بالنسبة للسيدة النائحة. وبينما بدأ الجمع بالعودة إلى منازلهم، قلّة منا فقط وقفوا لإقناع السيدة بنسيان الأمر. كنت أتساءل "ترى أين زوجها؟" ولماذا خبت نار الحماسة فيهم فجأة؟ وكأن الأمر لا يعنيهم. ترى ماذا سيكون مصير هذه السيدة؟ لم أنتبه إلاّ عندما أمسك كروسفينو إميليو بيدي معلناً خاتمة لتراجيديا كانت قد بدأت للتو "هيا بنا إلى البيت" وبطريقة لا شعورية تملصت من يديه وأنا أقول ببراءة "ولكن القصة لم تنته بعد" فصرخ في وجهي بتعالٍ "ليست فرجة لتقول ذلك" وربما كان ذلك أول مرة أكتشف فيها غباء خالي وعجرفته. قلت له: "ولكن السيدة ما تزال تبكي" كان يخيّل إليّ أنها لن تبرح مكانها طالما أن ابنها لم يخرج بعد.
                  

03-21-2007, 03:39 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    كانت تلك أول تجربة موت أخوضها عن قرب. كان النيل بهدوئه المستفز يبدو كقاتل أجير يعيد ارتداء سترته المطرية ويغسل يديه بلا مبالاة. تمنيت أن لو فقأوا عيني المرأة المفجوعة حتى لا ترى قاتل ابنها حراً طليقاً أمامها دون أن يستطيع أحد أن يثأر لها منه.
                  

03-21-2007, 03:39 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    ذلك اليوم لم أستطع النوم. كانت ذاكرتي تعيد عليّ شريط الحادثة المأساوية باستمرار. وكانت صرخات تلك السيدة ما تزال تسبح في فراغات مسامعي كأنها ذرات غبار عالقة في متاهة فضائية خارج نطاق الجاذبية. كنت أبكي، بينما كان البعض قد أخرجوا قوارير النبيذ، لا سيما العم سانتوس الذي كان يعشق احتساء النبيذ ومات به. لذا فقد كانت النسوة لا يسمحن لنا بالجلوس معهم، ونضطر إما لمرافقتهن وسماع أحاديثهن المملة، أو نلعب في فناء المنزل المليء بالحشرات، ألعاب سرعان ما كنت أضجر منها.


    كانت أمي والجدة ماريابيلا تانكريدو تتسامران عندما دخل أحدهم دون أن يطرق الباب لاهثاً ليفتح الباب على مصراعيه سامحاً بدخول آخرين يحملون على أكتافهم شاباً مصاباً. كان هذا الشاب هو جرسفندور رسل ابن العمة تيرا أورفل. قيل أنه لدغته أفعى سامة. قررت أن هذا اليوم يوم نحس!

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-21-2007, 03:40 PM)

                  

03-21-2007, 03:51 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    أسرعت النسوة وجلبن بعض القطع القماشية وربطوا بها فخذ جرسفندور الذي كان يتصبب عرقاً غزيراً. بينما راح أحدهم يفتح جرحين غائرين بمحاذاة اللدغة. كنت أشاهد بصعوبة بالغة إجراءات عملية استخراج السم من قدم جرسفندور القادم إلى كوينكا لقضاء العطلة السنوية. وضع المعالج مادة بيضاء على الجرح فما كان إلى أن أوشك جرسفندور أن يقفز من مكانه لولا أن أمسك به الشباب بقوة، وما هي إلا دقائق حتى خرجت مادة صفراء مسودة كأنها سكر محروق وهي تفور محدثة فقاعات هوائية على جلده. ثم غطّ جرسفندور بعدها في إغماءة عميقة.
                  

03-21-2007, 04:33 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    كانت أفاعي أحراش أوسيكبو المرقطة تثير خوف النوركيين في قرية كوينكا إذ كانت تهدد حياة أبنائهم بالخطر كلما اضطروا لعبور الحرش إلى القرى المطلة على جبال السييرا نيفادا المغطاة بثلج لا يذوب على مدار السنة. وكان هو المنفذ الوحيد لكوينكا للعالم الخارجي، حيث أنها محصورة بين نهر كويربو غرباً وسلسلة جبال الرملة شرقاً. وما أثار دهشتي أنني كنت المذعور الأوحد في تلك الأثناء، إذ أن البقية كانوا قد اعتادوا على حوادث اللدغ تلك. كانت ثمة سيدة شاركت الشبان في تطبيب جرسفندور، وكانت تمسك بإحدى ذراعيه، بينما كانت جاثية على قدميها بطريقة قرفصائية، الأمر الذي جعل أطراف فستانها تتدلى دون أن تشعر هي بذلك سامحة لملابسها الداخلية بالبروز بوضوح لا يتكرر دائماً. كنت أظن أن الجميع منشغلون بلدغة جرسفندور، غير أن العم سانتوس أورفل كان قد لاحظ ذلك.
                  

03-21-2007, 04:35 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    إيزابيل نيرون سيدة متزوجة وصغيرة السن، وربما كانت جميلة بحسب معايير النوركيين الكوينكيين. وهي نسخة مكررة من عشرات السيدات المتزوجات من رجال اضطرتهم ظروف المعيشة القاسية لهجرة كوينكا إلى أرتكاتا أو سيجوبيا أو ماربيا أو حتى إلى لاميمبون غرباً. تاركين زوجاتهم في كوينكا بعد أشهر قليلة من زواجهم. غالبيتهم لا يعودون إلا بعد ثلاث أو أربع سنوات، ليتكشف أنه أصبح أباً لطفلٍ ذو عامين. وبعضهم يكتشف أنه أصبح أباً لأطفال غير شرعيين. لذا فقد كان الزنا ثاني أكثر ظاهرة متفشية في كوينكا بعد السُكر، وتعاطي النبيذ الذي يصنعونه محلياً بأيديهم. وكان صنع النبيذ من اختصاص رجال كوينكا، في حين تقوم النساء بالأعمال الأكثر أهمية ونفعاً.
                  

03-21-2007, 05:54 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ___________________

    لم يكن تقييم النوركيين للزنا بمفهومه الديني جريمة أو خطيئة تجرمها الكنيسة، بل كانوا ينظرون إليه على أنه أمر أبشع قليلاً من الطبيعي. ولذا فإنهم لم يكونوا يمارسونه في الطرقات. كان عليهم أن يخفوا ذلك، ولكنهم لم يتوجب عليهم أن ينكروه أبداً. وكما قد تجد أحدهم مرمياً بقرب المذبح بعد أن أسرف في الشراب. كذلك لم يكن الجنس لدى النوركيين خطيئة إلا عندما تكتشف. هذا الاكتشاف الاجتماعي ما جعلني أفهم سر عدم اكتراث الرجال بما فعله ذلك الوغد بالفتاة العشرينية أثناء رحلتنا إلى كوينكا. كانت ثمة مشاعية من نوع غريب وحصري منتشرة في كوينكا، إذ أن أي امرأة هي بطريقةٍ ما لأي رجل فقط إذا وُفّق في اغتنام الفرصة في المكان والوقت الملائمين. والمرأة التي ترفض أو تستغيث كانت تعد امرأة غبية لأنها تفضح نفسها بنفسها.

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-21-2007, 05:56 PM)

                  

03-21-2007, 06:42 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    ذكرياتي عن كوينكا منحصرة في إطار اكتشافي للعناصر الأساسية المؤثرة في الهيكلة الاجتماعية للنوركيين الذين ظلوا فيها ولم ينزحوا كغيرهم إلى أماكن أخرى. كذلك اكتشافي لموهبة الكذب التي أماط اللثام عنها العم سانتوس أورفل وباركها. في تلك المرحلة لم تكن لدي أي نزعة أدبية ، بل كانت مجرد مرحلة اكتشاف وتخزين لا شعورية. على المستوى الشخصي جداً كان الاكتشاف في حدّ ذاته لا يأتي إلا عبر مغامرة تتطلب الخروج قليلاً عن بعض التعليمات الأسرية الصارمة التي كان يفرضها علينا الكبار. ولم تكن نزعتي لحب المغامرة عملة صعبة، بل كان أطفال كيونكا جميعاً يشتهرون بحبهم للمغامرة وكسر التعاليم. ولا أنسى تأثير الزنجي دو ريجيلو فيما بعد على تشكيل الجانب الأدبي لدي.
                  

03-21-2007, 06:57 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    كان أورفل بودن - الأديب المترهبن - يحاول خرق قوانين الطبيعة البشرية بجعلنا نسخة متكررة عنه، متغاضياً عن الفوارق الجوهرية بين حقبتين متباعدتين زمانياً وثقافياً. لم تكن لدي نزعة إيمانية قوية عندما أصر علينا الذهاب إلى كنيسة العذراء، ورغم ما تثيره الكنيسة من رهبة في قلوبنا نحن الصغار، إلاّ أننا لم نستشعر يوماً جودة التراتيل التي كانت تتلى بصوتٍ كورالي شجي. فقط في لحظات الملل الحركي كنت أطيل النظر إلى اللوحات الجدارية الضخمة التي كانت تتوسط الكنيسة. كانت تعجبني الرسومات المتقنة لذلك الرجل الوسيم ذو اللحية السوداء والشعر الطويل المصلوب بكبرياء على صليب ذهبي فاخر ولم يغب على الرسّام أن يترك بعض التفاصيل الدرامية على النسوة والأطفال من حوله، وهم يبكون بقداسة.
                  

03-21-2007, 08:01 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________________

    لم أكن مواظباً على الذهاب إلى قدّاس الأحد الذي كان جدي يحاول أن يرغمنا على الذهاب إليه. ورغم ذلك فإن جدي لم يفتأ يقص علينا في كل مرة قصة أحد الأسلاف الذين سخّر له الرب ذئباً يمتطيه ويستخدمه في رحلاته القصيرة بين القرى الصخرية. كما حدثتني يواماريز روجيليو – زوجة أورفل الثانية – في جلسة ودودة عن الأورفليين الذين عرفوا منذ قرون طويلة بأن أطفالهم الأكثر سذاجة وجرأة في خوض المغامرات بين أطفال النوركيين، يظلون كذلك إلى أن يبلغوا سن الأربعين أو أقل قليلاً ليصبحوا قساوسة ورهباناً بعدها. ورغم أن هذا الكلام لم يكن علمياً إلا أنها أكدت لي بنماذج كثيرة جداً على ما تقوله. وكان والدي إحدى هذه النماذج المصادقة لهذا الخط الأسري القديم.
                  

03-21-2007, 08:16 PM

وضاح
<aوضاح
تاريخ التسجيل: 10-03-2002
مجموع المشاركات: 81

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    منتهى الروعه ياهشام ....اها تابع وأنا متابع.
                  

03-21-2007, 08:32 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: وضاح)

    _______________________

    العزيز : وضـاح

    أشكرك على المتابعة وعلى التعليق
    أتمنى فعلاً أن أكون ناجحاً "حتى الآن"
    في إحالة المعنى إلى حالة شعورية
    تنسجم تماماً مع ما تصبو إليه وبقية
    القراء الكرام.

    لا فرق عندي عندها إن كانت المحاولة
    بها خروقات من النوع التكنيكي أو
    حتى أكون قد فقدت زمام المراحل الزمنية
    القصة مرهقة من ناحية الحبكة ولكن
    الأهم هو توصيل "قليل" من الأفكار من
    خلال هذه الفصول.

    وعلى ذكر الفصول فالرواية مكوّنة من
    خمسة فصول لا غير .. أتمنى أن تعجبك
    حتى نهايتها.


    أكرر لك شكري وامتناني
                  

03-21-2007, 08:49 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    بحسب رواية الجدة سوليداد فيدل فإن والدي لم يعرف درب الكنيسة إلا بعد أن أنجب زوريكا أختي التي تصغرني بأربعة أعوام. وسمعت من الجدة يواماريز والعمة التوتمية كيوريدا عن والدي قصصاً ومغامرات لم أكن لأصدقها لولا أنهن أقسمن بالرب وروح القدس على صدقهن. كما أن ثمة نسوة سردن عليّ ذات القصص فيما بعد. ما جعل صورة والدي المتدين تنكسر في نظري وتجعلني أؤمن بأن هنالك عهداً قادماً يتوجب عليّ أنا الآخر أن انتظره. حتى ماريو لوبيز اللقيط الذي عاش في كنف الجد أورفل بودن قارعاً لأجراس الكنيسة، الذي كان يظنه الجميع الأكثر ورعاً وتقوى، لم يكن ذا صلة وثيقة بالكنيسة وطقوسها، حتى ليحكى أنه ذات ليلة تعلق بحبال الأجراس، فجلجلت الأجراس في غير موعدها. وأكتشف العامة أنه ثمل عندما أحاطوا به تلك الليلة، وجلده أورفل بسوط مصنوع من جلد البقر وأمر بحلق شعر رأسه. ومن يومها لم ينبت شعره ثانية. وصار ماريو حليق الرأس قارع أجراس الكنيسة نهاراً، وعربيداً بذيء اللسان ليلاً، إلى أن تجاوز عمره الأربعين وظهرت بعض الشعرات البيضاء على شاربه. ولم يتزوج حتى شاهده البعض يمارس العادة السرية خلف أريكة خشبية طويلة داخل الكنيسة، عندها قام أورفل بودن بتزويجه من أرملة لا تنجب. "بأمرٍ من الرب" هكذا قال أورفل للجميع.

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-21-2007, 08:51 PM)

                  

03-21-2007, 09:01 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    كانت رحلتي تلك إلى كوينكا - والتي صادفت موسم حصاد التوت – ليست بذي بال على الصعيد الأسري، إذ أنني كنت في الثامنة من عمري، وما أن عدت إلى أرتكاتا حتى نسيت كل شيء، ما عدا ما اتسعت الذاكرة لحفظه إلى اليوم. كانت رحلتي تلك أشبه برحلة إلى عالم الموتى والعودة من جديد. إذ لم تكن كوينكا كأرتكاتا زاخرة بالسيارات والدراجات النارية والمباني الزجاجية وشوارع الأسفلت القاتمة. كان ريف كوينكا ساحراً ومخيفاً لكنه لم يستطع أن يحل محل أرتكاتا لدي. ولم تحل القيوط والراكونات الضخمة في كوينكا محل القطط الأليفة التي كنت أعشقها وأهوى تربيتها في المنزل، رغم اعتراض والدي على ذلك. لذا فقد كنت أشتاق إلى منزلنا في أرتكاتا وإلى سريري المصنوع من خشب الماهوجني المحروق بعناية. رغم أنني كنت سعيداً بابتعادي عن والدي الذي لم يأخذ من أورفل بودن غير عنفه وعصبيته المفرطة، بالإضافة إلى أنفه الكبير الذي كان علامة الأورفليين المميزة.
                  

03-21-2007, 09:15 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    ذلك الصباح الذي أيقظني فيه ذباب لحوح قليل التهذيب، وصوت سقوط رفوف المطبخ الخشبية على قدم جوانيتا، لم يكن صباحاً اعتيادياً على الإطلاق، فقد كان آخر يوم لنا في كوينكا. كنت أشعر بسعادة غامرة وأنا أراقب أمي وهي تعد الحقائب لرحلة العودة إلى توليدو، بعد أن لفت قدم جوانيتا بشاشٍ طبي واستطاعت جدتي لأمي كفّها عن البكاء بصعوبة. كانت جوانيتا تخاف من منظر الدماء ورائحته، وكانت تبكي لرؤية الدم حتى وإن لم تستشعر الألم فعلياً. بينما لم أعر كل ذلك اهتماماً، وأنا أودع سانتياغو إميليو وبقية الرفاق الذين لم يكفوا عن مناداتي ب"القط الأرستقراطي". ونسيت أن أودع أورفل بودن عندما سمعت صوت أبواق عربة أمادو وهو يدور دورته الاحتفالية في الساحة العامة. وغادرنا كوينكا عصر ذلك اليوم، وحملت معي في جيبي خلسة بعض ثمار التوت التي لم أتذكرها بعد ذلك إلاّ عندما ساحت وتركت بقعة حمراء كبيرة حسبتها أمي جرحاً.
                  

03-21-2007, 09:23 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    أول ما فعلته عندما وصلنا إلى توليدو أن ذهبت إلى سوليداد فيدل وقبلتها تقديراً وعرفاناً مني بما عرفته من محبتها لي بدليل العملة القيّمة التي اكتشفتها فيما بعد، وكانت سعيدةً بذلك أيما سعادة. كانت سوليداد تكره الأورفليين من غيرما سبب واضح عدا غضبها من أورفل بودن الذي تزوج عليها مخالفاً بذلك عرف الكنيسة الذي هو قسيسها الأكبر. وكانت ترجو من الرب ألا يجعلني نسخة مكررة من أحدهم، لذا فقد كانت دائماً تكرر جملتها المشهورة "إذا كنت تريد أن يرضى عنك الرب؛ فلا تكن أورفلياً صرفاً" كان ثمة سؤال يدور في ذهني ولم أجرؤ أن أطرحه على أحد: كيف وازن أورفل بودن بين حبه للرب وحبه للنساء؟





    نهاية الفصل الثاني
                  

03-22-2007, 06:23 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    __________________


    الفصل الثالث :


    العودة إلى أرتكاتا
    - ألماس وقضبان حديد -
                  

03-22-2007, 06:40 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________________

    بعد عودتنا إلى توليدو، بدأ مانويل أوليوس - صديق والدي وزوج السيدة شارلوت كوربن، الفضولية التي رافقتنا في رحلتنا إلى كوينكا - بعمل الإجراءات الضرورية لسفرنا إلى أرتكاتا حيث ينتظرنا والدي هناك. وكان إخلاص أوليوس لوالدي سبباً في أن يحرص على أن يجد لنا حجزاً على متن طائرة ستقلع في اليوم التالي مباشرةً، في حين تحدث الآخرون عن امتلاء المقاعد على الرحلات الجوية تلك الأيام بسبب عودة الآلاف بعد انقضاء الإجازة والاستعداد لموسم المدارس. لا أستطيع أن أحدد علاقتي بالطيران بشكل قاطع، فأنا لا أخاف الصعود إلى الطائرة، ولكنني أشعر بالتوتر لحظة الإقلاع. كما أنّ هنالك سبباً آخر يجعلني لا أملك الجرأة الكافية لأعلن خوفي من الطيران صراحة، وهو أنني أخاف من الشعور بالعجز. لن يتبقى لي غير المشي على الأرض إذا أضفت على رهبتي من الماء والسباحة، رهبةً أخرى هي رهبة الطيران. على أي حال، فأنا لا أركب الطائرات كثيراً. ولكنني أستطيع أن أحدد علاقتي بأوليوس الذي لم يعجبني إخلاصه بتلك الطريقة المتعجلة، فقد كانت لي رغبة بالمكوث في توليدو لفترة أطول.
                  

03-22-2007, 06:49 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________________

    يناسبني الجو الملاحي العامر بالفخامة: الإشارات والرسومات الضوئية، وأصوات الرنين التحذيرية، وأقمشة المقاعد الوثيرة، وأرضيات الطائرة المكسوة بسجاد أحمر لم تلمسه الأقدام العارية. يخيّل إليّ أن ملاحي الطائرة يجدون متعة في المشي على تلك السجاجيد حفاة بعد انتهاء كل رحلة. ما لا يعجبني في الطائرة: الوجبات التي يقدمونها لا سيما على متن الرحلات القصيرة. تذكرني بالوجبات التي تقدمها المستشفيات أو تلك التي تتناولها جوانيتا عندما تتبع الحمية، كلما أحست بسمنة مفرطة. وكانت لا تحس بذلك إلا عندما تضيق عليها ملابسها.
                  

03-22-2007, 07:07 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________________

    في تلك الليلة، ودعتني توليدو بطريقة احتفالية خاصة جداً جعلتني أضيف إلى قائمة الأشياء التي أخشاها اسماً جديداً عندما طلبت مني أمي باعتمادية كبيرة أن أشتري لها عسلاً من إحدى المتاجر القريبة. كانت تخطط لأن تحمله هديةً لوالدي الذي يعشق العسل كالدببة الأسترالية. ولأنها كانت على قناعة كاملة بأن عسل أرتكاتا مغشوش ومزيد بالماء فإنها كانت ترى أن خير هدية تحمله لأبي من توليدو هي رطلين من العسل الطبيعي. كنت أتساءل دائماً ما الذي يعجبها في والدي!
                  

03-22-2007, 07:21 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _____________________________

    بخطوات مسئولة ومعتدة خرجت من البيت حاملاً معي وعاءً ذو غطاء خاص. وفي طريق العودة بعد أن اشتريت العسل الذي وضع لي فيه البائع بكرمٍ جم خلية شمعية من النوع النادر بعد أن أخبرته بأن هذا العسل سوف يذهب إلى أرتكاتا خصيصاً، وفي إحدى التقاطعات رأيت كلباً يقف بشموخ على صخرة هائلة بينما كان يرمقني بنظرات مريبة، وكأنه يحاول أن يقرأ ملامحي غير المألوفة لديه. وعلى طريقة الألمان بادر بهجومٍ غير مبرر، الأمر الذي جعلني أركض بهستيريا كمن يحاول الهرب من صاعقة سماوية من النوع المباغت. لم تكن أرض توليدو صالحة للجري المستقيم، فكانت الحفر والتعرجات التي تثخن الشارع تحول دون أن أفلت من بين أنياب ذلك الكلب النازي.
                  

03-22-2007, 07:32 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    عندما بدأت أسمع صوت زفيره خلفي مباشرة بوضوح تام، كأنه تنين همجي جائع، عندها بدأ الأدرينالين يرتفع لدي، وأدركت بفطنة الخائف أن وعاء العسل الذي أحمله يثقلني بطريقةٍ ما، فرميته أرضاً لأنجو بنفسي. غير أني سقطت غير بعيد من وعاء العسل الذي كان قد تكسر وجرى بتثاقل كأنه جدول من الحمم البركانية. ما جعلني أشعر بالاستفزاز ، أن الكلب أقفل راجعاً عندما سقطت أرضاً دون أن يبدي أدنى مشاعر متأسية أو حتى دون أن يعض قدمي. لم أعرف عندها سبباً منطقياً لمطاردته لي طالما لم يكن العض في نيته! الأمر الذي كان أكثر واقعية هو أنني نجوت من عضة الكلب، لأقع ببلاهة بين يدي أمي التي لم تغفر لي سكبي للعسل أرضاً وكسري للوعاء الثمين، كأنها لم تكن لتبالي لو أن ذلك الكلب الهمجي التهم جزءاً من قدمي في مقابل أن أعود إليها بوعاء العسل. لم يعجبني أسلوبها البراجماتي أبداً، واكتفيت بنظرة معاتبة لها وأنا أقول "المهم أنني عدت إليك سليماً"
                  

03-22-2007, 07:49 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    أمي بسذاجة نساء عصر النهضة، تعتقد أن الأبناء مجرد مظهر اجتماعي. لذا فقد كانت تفعل ما بوسعها لتثبت للجميع بأن أبنائها هم الأكثر تهذيباً والأقل مشاغبة. لم يكن ذلك سلوكاً فردياً، بل كانت تعاليم والدي الصارمة هي في الحقيقية الجانب النظري الذي تعتمد عليه في كل ما تقوم به دائماً. وهي "أي التعاليم الأبوية" بدورها مستقاة من نهج أسري قديم جداً يجعل الأبناء سلعاً للعرض وليس للاستهلاك.

    والدي الذي استقام مؤخراً، أحس برغبة ملحة في إنشاء أسرة محافظة، فكان له ذلك. ولكم كانت تعجبني دقة والدي في عمله. حتى على المستوى التناسلي؛ فقد أنجب من أمي ستة أبناء، حرص على أن يجعل بين كل اثنين سنتين، وبين كل أربعة أربع سنوات. ولا أعلم كيف استطاع أن يحدد ذلك بكل دقة! غير أن هذه المزاجية التناسلية العالية والمنظمة لدى والدي كانت تروق لي كثيراً.
                  

03-23-2007, 06:37 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ____________________

    لم تحظ أمي بكفاية من التعليم. عندما أبلغها الجد مانويل إميليو هاتفياً بخاطب يطرق بابها، بينما كانت تقضي عطلتها المدرسية في الريف الفرنسي لدى خالتها الجدة تريسا بيلي. وربما كانت جذور أمي الفرنسية سبباً في احتفاظها باللون الأبيض المائل إلى الصفرة، بينما كان والدي كبقية النوركيين ذو بشرة حنطية مشوبة بالحمرة الهادئة. كانت أمي لا تعرف والدي جيداً عندما تقدم لخطبتها، غير أنها – كما تقول دائماً – كانت تثق بأن جمالها الفرنسي الآخذ كفيل بأن يجذب إليها قلوب الرجال على اختلاف مشاربهم.


    وفي إحدى غرف بيت العائلة الصغير بتوليدو كانت ثمة صورة قديمة لوالدي ووالدتي في يوم زفافهما معلقة بعناية على الحائط. يقف فيها والدي وقفة عسكرية ونظرات قروية ساذجة تدل على أنه لم يعتد التصوير الفوتوغرافي، بينما جلست أمي كسيدة بارونية نبيلة بابتسامة دافئة فوق عادية. وبخط يدوي أسفل الصورة على شريط أبيض لاصق كتبت جملة: "حفل زفاف سارجينيو أورفل بودن/ كارول مانويل إميليو – شتاء عام 1971م."

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-23-2007, 06:38 PM)

                  

03-23-2007, 06:44 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________________

    أمي التي أخيراً توقفت عن البكاء على "العسل" المسكوب، كانت قد بدأت في وقتٍ متأخرٍ من الليل في إعداد حقائب السفر، وبأسلوبٍ توددي كنت أساعدها في ذلك، ربما كان ذلك نابعاً من إحساسي العميق بالذنب لما اقترفته ذلك الصباح. بينما نامت جوانيتا في حضن سوليداد فيدل التي ظلت تراقبنا من فوق سريرها النيكلي دون أن تنبس ببنت شفة. تلك الليلة لم أستطع النوم. تناوشتني مشاعر متضاربة ما بين الحنين إلى غرفتي وقطتي التي صنعت لها تحت سريري سريراً من الكرتون وفرشت عليه لحافاً قديماً استأذنت أمي في استخدامه. كان والدي يكره القطط وما تخلفه من روث وروائح. كان دلالها يثير فيه حنقاً غريباً لم أستطع أن أفهمه. قلت "من لا يحب القطط لا يملك قلباً بشرياً!"
                  

03-23-2007, 06:58 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________________

    لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي بلغ به ضجره من القطة أن أمسكها ووضعها في شوالٍ من ذلك الذي المخصص لتخزين الفحم الحجري، وأفلتها في مكانٍ بعيد. وكم كانت دهشتي عندما رأيتها بعد ثلاثة أيام تقف على شباك غرفتي الأرضية وهي تمارس المواء المتعب بطريقة معاتبة. كان يبدو عليها الإرهاق والجوع، منظرها ذلك جعلني أشعر بكثيرٍ من الأسى تجاهها وبمثله من الغضب على والدي. كنت أشعر بشفقة عظيمة على تلك القطة التي لم تكن تجيد الإفلات حتى من الظرابين التي كانت دائماً ما تنفخ عليها، ما جعل إحساسي بالمسئولية تجاهها يتعاظم أكثر فأكثر.
                  

03-23-2007, 07:13 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ______________________

    كانت أمي تقول لي دائماً أن أرواح الموتى من الأطفال تتلبس أجساد القطط وتتمثل بهم. وأذكر أنها قصت عليّ ذات ليلة قصة ارتدعت منها فرائصي خوفاً. كانت تقول القصة:

    "أن أماً فقدت ابنها ذو الأربع سنوات في إحدى الطواعين التي كانت قد انتشرت وقتها. وظلت حزينة عليه حتى أصيبت باكتئاب حادٍ أصبحت بعده قليلة الخروج من البيت، بينما كانت بدأت اهتمامها بتربية قطة صغيرة عثرت عليها في مطبخها دون أن تعرف من أين أو كيف دخلت إلى هناك. كان يبدو عليها الجوع، فأطعمتها الحليب وظلت ترعاها وتسلي نفسها بملاعبتها. كانت مشاغبة القطة تشعرها بالمرح الذي افتقدت طعمه منذ رحيل طفلها قبل ما يربو على العام.

    ذات ليلة أغلقت السيدة باب مطبخها دون أن تعلم بوجود القطة داخله. وظلت تبحث عنها في كل مكان في أرجاء المنزل. خمّنت أنها قد تكون في مكانٍ ما، وأنها لا بد أن تعود. خلدت السيدة للنوم بعد أن طمأنت نفسها بعودة القطة في ذات الليلة. غير أن حلماً مزعجاً جعلها تستيقظ فزعة وهي تحاول أن تستدرك واقعية ما رأته من عدمه، إذ رأت في منامها أن ابنها يهمس في أذنها وفي نظراته خوف طفولي طازج "أخرجيني من المطبخ يا أمي، أنا محبوس هناك" وبارتياب وقلق باديين، نهضت السيدة بهمة وتوجهت مباشرة إلى المطبخ، وما أن فتحت الباب، حتى فلتت القطة من بين أقدامها مسرعة." ولم تذكر القصة ما فعلته السيدة بالقطة بعد ذلك.
                  

03-24-2007, 03:32 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    ________________________

    في مطار أرتكاتا المسقوف بالزجاج العازل للحرارة والصوت، والأرضيات الرخامية المغرية للتزحلق. كانت أمي تحاول جاهدة تجفيف ما تبقى من دموعها التي ذرفتها في توديع الأهل بتوليدو. كنت أنا وجوانيتا منشغلين بمتابعة النافورة الموسيقية الموضوعة بأناقة في منتصف صالة الانتظار، بينما كانت أمي تقف جوار الناقل المتحرك في انتظار الحقائب. وبطريقة متحفظة جداً استقبلنا والدي خلف السياج المصنوع من معدن الكروم والمخصص لانتظار المستقبلين. كان يرتدي قبعته المافياوية والتي كانت موضة ذلك الوقت، بينما كان لا يزال يدخن السيجار الكوبي كثيف الدخان كمظهر أرستقراطي عديم الجدوى والذي لا يتوافق مع توجهه الديني. قبّل أمي في جبينها بدون عاطفة جادة، واكتفى بالمسح على شعورنا أنا وأختي، كأننا أشابين، وهو يمسك بالعربة المتحركة - التي كانت تحمل الحقائب - من يد أمي. وكالعادة فإننا نكتفي بأن نرى السوق الحرة من بعيد، دون أن نتسكع فيها لبعض الوقت كما يفعل الآخرون.
                  

03-24-2007, 04:00 PM

omer almahi
<aomer almahi
تاريخ التسجيل: 03-25-2004
مجموع المشاركات: 1507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    اها يا هشام...!
                  

03-24-2007, 04:27 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: omer almahi)

    _________________________

    Quote: اها يا هشام...!


    معليش يا عمر ...

    انشغلت مع عماد عبد الله بي هناك
                  

03-24-2007, 04:29 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _________________________

    في البيت، وبينما كانت أمي تعيد ترتيب الأشياء. اكتشفت أنني أحن بطريقةٍ ما إلى كوينكا. ربما لأن رطوبة الجدران الأسمنتية كانت تحول دون أن نتنفس هواء نقياً كذلك الذي كان يمنحه لنا الرب في كوينكا. تلك النسمات الدافئة القادمة من أحراش أوسيكبو ووادي غوادا لاخارى ولاس توركاس الآهلة بالأيول والغزلان البرية. كما أنني لم أعثر في البيت على أيٍ من القطط التي كنت أربيها تحت سقيفة الدرج المؤدي إلى الخارج. ولم أجرؤ على سؤال أبي عن مصير القطط الثلاث. لا بد أن الشوق عاطفة سالبة وإلزامية، إذ عندما كنت في كوينكا كنت أشتاق إلى أرتكاتا والآن أشتاق إلى كوينكا. ولم أفهم ما إذا كان ذلك شعوراً معمماً أم يخصني وحدي!
                  

03-24-2007, 04:41 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إعادة قراءة: أيــامي (رواية) (Re: هشام آدم)

    _______________________

    ما زاد إحساسي بخيبة الأمل هو أنه كان يتوجب علينا الإعداد للمدرسة مباشرة، الأمر الذي جعلني لا أطمئن لكوني سأعود للمقاعد الدراسية بعد ثلاثين يوماً من الحرية. لم أكن كبقية أطفال أرتكاتا الذين يعشقون الجو المدرسي لما يجدون فيه من متعة الالتقاء بالأصدقاء والشغب الطلابي البريء. كنت على يقين بأن المدرسة أمر ضد الرب وضد البشرية، وهي – بطريقة ما – إصلاحية في شكل أكاديمي تقريباً. فكان مجرد فكرة الاستيقاظ من النوم في الصباح الباكر في شهر أيلول يبدو كالتعذيب الذي يتلقاه السجناء السياسيون في سجن باتورن باي ذو الأسوار العالية الصماء. وما كان يزيد الأمر سوءً هو ربط والدي الدراسة بالإيمان! فلم يكن والدي يحرص على تذكيري بشيء بقدر إنهاء الواجبات المدرسية والذهاب إلى الكنيسة بانتظام وحفظ التراتيل التي كانت تدرّس لنا فعلاً في المدرسة. هذه المرة، كان إحساسي بوالدي مغايراً بعد معرفتي لتاريخه المراهق الذي لم يكن ناصع البياض كما كان يحاول أن يقنعنا به.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de