الدم الذي تكلّم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 06:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-10-2006, 09:02 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الدم الذي تكلّم (Re: Ibrahim Algrefwi)

    _____________

    تسمّر شريف في مكانه وهو يرى سيدة ملقاة على الأرض. شعر بأن قلبه سوف يقفز من مكانه. شعر بأن ثمة شيء ما بداخله خرج وطار إليها. شعر بالخوف .. خاف أن يراها وهي ميتة ، خاف أن يصدق أن صديق عمره وطفولته قتل أمه فعلاً من أجل المال. بدأ يرتجف وهو واقف مكانه وصرخ بكل ما أوتي من قوة: ( لااااااا )


    ركض نحوها ، رفع رأسها ووضعها بين ذراعيه .. إنها أمه فعلاً .. أحس بها قبل أن يراها ، شعر بقلبها الدافئ وهو يعتصر نفسه ، فيعتصر قلبه معه. بكى ، وبكى ولم يستطع أن ينطق بحرف واحد. بكى فبللت دموعه خدودها المتسخة بغبار الأرض الجيرية. أمسك شريف برأسها ووضعه على صدرها ويهزها بعنف: لا يمكن أن تموتي الآن يا أم شريف .. لا يمكن أن تموتي الآن. سوف أصبح طبيباً كما كنتِ تحلمين دائماً ، سوف أتزوج وأملئ البيت بأطفال جميلين يلعبون من حولك وينادون عليك ( تيته .. تيته ) كيف تموتين قبل أن تريهم يا حبيبتي ؟



    في هذه اللحظة توقف منير الذي كان قد لحق بشريف بسيارته. نزل منها دون أن يطفأ المحرك ، وترك الباب مفتوحاً ، هرع إليه. مدّ يده وضعه على عنقها:

    * الحمد لله ، ما تزال على قيد الحياة .. يجب أن ننقلها إلى المستشفى حالاً .. هيّا يا بني ..

    حملها بين ذراعيه وانطلق بها إلى السيارة وشريف يركض ورائه. وانطلاقا إلى أقرب مستشفى ، حيث أدخلت غرفة العمليات. وخارج غرفة العمليات. كان شريف جاثياً على ركبتيه واضعاً رأسه بين يديه ، بينما ظل منير يروح ويجيء في الممر. رفع شريف رأسه ، ليجد منير كالأسد المجروح. فنهض واندفع نحوه:

    * سوف أقتلك هنا أيها الوغد.
    - اهدأ يا شريف .. اهدأ يا بني نحن في مستشفى
    * لماذا حاولت قتل أمي .. لماذا ؟ ماذا فعلت لك ؟
    - يا بني أنا لا ......
    * لا تقل بني هذه .. أنتم – الأغنياء – ترخص لديكم أرواح الفقراء بهذه السهولة. تروننا كالحشرات ، تدوسون علينا بأحذيتكم الإيطالية دون رحمة ، دون شفقة. إن ماتت أمي فسوف أقتلك بدون ثمن .. سوف أقتلك .. سوف أقتلك .. أتفهم.


    وراح شريف في نوبة بكاء عارمة .. بينما حاول منير تهدئته. فوضع رأسه على صدره ، ويربت على شعره بكفيّه الراجفتين:

    - لا تقلق يا حبيبي .. سوف تعيش أمك .. ستعيش من أجلك من أجل أن تراك بروب التخرج. لقد كانت تحلم بذلك دائماً .. سوف تعيش يا حبيبي .. فلا تخف. أنا من يستحق الموت. أنا حقير ، ولا أستحق إلا الموت. أنا الذي عشت عمري كله كالحمار ، كالأبله. كنت أفكر في نفسي وحسب. لقد خسرت كل شيء ، ولكني لن أسمح أبداً أن أخسرها .. أتفهم؟


    عندها رفع شريف رأسه وأطلّ عليه بنظرات حزينة ومندهشة. وضع منير كفيه برفق على خد شريف وهو يمسح عنه دموعه: سوف أعوّضك عن كل شيء .. وسوف تعيش أمك يا حبيبي ، وتطمئن عليها حتماً.


    * من أنت؟ أريد أن أعرف من أنت؟ ومن أين تعرف أمي؟ ولماذا حاولت قتلها ، ولماذا تتمنى أن تعيش الآن؟



    وتقاطعت عينا شريف المندهشتين بعيني منير المتحسّر. أراد منير أن يقول له الحقيقة .. أن يقولها له بصوتٍ عالٍ .. ولكنه لم يستطع. خانته العبرة .. وتوقف الكلام في حنجرته .. كما تتوقف الشهادتان في حنجرة محتضر لا يواظب على أداء الصلوات الخمس. ولأول مرة يشعر شريف بشيء غريب تجاه هذا الرجل الثري .. يحس بأن ثمة شبه ما بينهما .. وكما أحس بصدقه لأول مرة ، أحس بصدقه هذه المرة أيضاً.


    وفجأة يخرج الطبيب من غرفة العمليات وهو ينزع عن يديه قفازه الأبيض الشفاف. وعن فمه الكمّامة الطبية ، فاندفع إليه شريف ومنير:


    (الدكتور): لا تقلقا .. الحمد لقد كانت الطلقة بعيدة عن الأعضاء الحيوية. لو انخفضت الطلقة سنتميترين فقط لكانت حالتها أكثر خطورة.
    (شريف): أريد أن أراها يا دكتور.
    (الدكتور): ليس الآن .. هي الآن تحت تأثير المخدر. وسوف تظل كذلك حتى صباح الغد. هي الآن بحاجة للهدوء والراحة أكثر من أي شيء آخر. لقد كانت محظوظة فعلاً.
    (منير) : نريد أن نعرف وضعها الصحي بشكل دقيق يا دكتور.
    (الدكتور) : هل أنت زوجها؟
    (منير) : أأأ .. في الحقيقة لا .. ولكن فقط نريد أن نطمئن عليها وحسب.
    (الدكتور): جسمها ضعيف .. وتغذيتها سيئة. لقد فقدت دماً كثيراً ، ولكن بقليل من المغذيات سوف تستعيد صحتها فوراً .. لا تقلق.


    عندها اتكأ منير على الجدار الذي خلفه ، وكان بارداً ورفع رأسه وهو يقول: الحمممممد لله

    وما أن كاد منير يضع رأسه على الجدار ، حتى انتفض كالملدوغ وهو يقول: عليش !!!

    التفت شريف إلى منير :

    * سوف أنتقم منه هذا الحيوان. لا بد أن أقتله جزاء فعلته.
    - دع لي الموضوع .. سأتركك الآن مع أمك هنا ، وسوف أعود بعد حوالي ساعة من الآن. كل ما أريدك أن تهتم به هي أمك .. إنها بحاجة إليك.


    ربّت منير على كتف شريف وغادر المكان مسرعاً .. كان منير يعرف أن عليش سوف يذهب إلى جسر اللمبي عند الفجر ، حسب اتفاقهما. فركب سيارته وانطلق بها إلى بيته أولاً .. ليجد زوجته وقد عادت ، وما أن دخل الغرفة حتى استيقظت ، وهي تغالب عينيها:

    * منير حبيبي . أين كنت حتى هذا الوقت؟ وكم الساعة الآن؟
    - إنها توشك على الخامسة صباحاً .. كيف كانت جلستك مع الطبيب النفساني ؟
    * أوووووف أصبح الأمر مملاً حبيبي .. ولكن الدكتور قال لي بأن عدد الجلسات سوف يقل عن ذي قبل.
    - جميل ..
    * ألن تأتي لتنام ؟
    - لا .. أنا على عجلة من أمري يا عزيزتي .. نامي أنتِ الآن.
    * على عجلة من أمرك؟ تأتي في وقت كهذا ، وتخرج ؟ ماذا هناك؟
    - لا شيء .. فقط دهست شخص بسيارتي .. ونسيت أوراق السيارة في جيب البدلة الرمادية. سوف أعود بعد أن يقفل الشاويش المحضر.


    وبحركة ميكانيكية تعود أنعام إلى وضعيتها الأولى. بينما يأخذ منير بعض الأوراق من الدولاب ويخرج مسرعاً. ذهب مباشرة إلى الجسر حيث وجد عليش هناك في انتظاره. وما أن رأى عليش أنوار السيارة حتى وقف في منتصف الشارع ، فهو يعلم أن لا أحد يمكنه أن يمر في هذا الوقت غير منير. وما أن توقفت السيارة حتى قفز إليها عليش ، وهو يفرك يديه وينفخ فيهما بفمه:

    * الجو بارد جداً هذا الصباح.
    - ماذا فعلت؟
    * تمام التمام .. لقد أنجزت المهمة.
    - هل قتلت السيدة؟
    * أجل .. كانت مهمة سهلة للغاية.
    - هل أنت متأكد أن أحداً لم يرك؟
    * لا .. لا .. اطمأن لم يرني أحد.
    - جيد جداً ..
    * والآن ، وبعد أن وفيت بوعدي .. عليك أن توفي بوعدك.
    - بالتأكيد .. أين الظرف الذي به الصورة والعنوان ؟
    * لا تخف .. لقد تخلّصت منه.
    - هذا ممتاز. افتح الطبلون لتجد ظرفاً به بقية أتعابك.

    فتح عليش الطبلون ليجد ظرفاً ، به رزمة من النقود. فتحها وهو يرمقها بنظرات متعطشة. ابتسم في وجه منير وفتح باب السيارة ونزل. وانطلق منير بسيارته.




    يتبع.....

    (عدل بواسطة هشام آدم on 07-10-2006, 09:09 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
الدم الذي تكلّم هشام آدم07-09-06, 01:01 PM
  Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-09-06, 01:44 PM
    Re: الدم الذي تكلّم غادة عبدالعزيز خالد07-09-06, 02:07 PM
      Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 02:01 PM
    Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-09-06, 02:08 PM
      Re: الدم الذي تكلّم معتز تروتسكى07-09-06, 02:17 PM
        Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 02:02 PM
      Re: الدم الذي تكلّم نادية عثمان07-09-06, 02:17 PM
        Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 00:27 AM
          Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 03:56 AM
        Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 02:04 PM
  Re: الدم الذي تكلّم Ibrahim Algrefwi07-10-06, 07:53 AM
    Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 09:02 AM
      Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 09:16 AM
        Re: الدم الذي تكلّم هشام آدم07-10-06, 11:22 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de