|
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. (Re: Mannan)
|
Quote: أنتهت "مراسم" الإستعداد، لإعدام (مجدي)، وسار دؤ يتبعه حرسه، وتشيعه نظرات مدير السجن، (عادل) وبقية الموظفين الذين كانت دموعهم تسبق إجراءام إلى زنزانته، وفي الطريق إليها عبر القسم (ج)، حيث كانت أنظار كل المعتقلين السياسيين تتابعه، وبعضهم أجهش بالبكاء، وانسابت دموع البعض .. دؤ وهم يهدؤن زملائهم .. ابتسم لهم (مجدي)، وأقترب من أحدهم، وهو (محامي) مشهور طالبًا منه بأدبه الجم، أن يرسل إليه كوبًا من الشاي.. أرسله إليه في زنزانته مع حارس عابر في الممر والعبرات تكاد تخنقه من الحزن على هذا الشاب الوضئ .. الخلوق.. المهذب والهادئ حتى في أحلك الظروف.. وفي المساء ُأضيئت الأنوار الكاشفة، بعد المغرب مباشرة، داخل السجن وخارجه، وانعدم الهمس والكلام بين الناس بداخله، حتى موظفي السجن كانوا يقومون بأعمالهم، وهي أشياء تعودوها بالممارسة.. كانوا يقومون بذلك في صمت، ونظرات زائغة، كأا شعور بالذنب.. والظلم.
***** إتصل (عادل) بممدوح في القاهرة، وأخبره بتسارع الأحداث والمستجدات. هرول الشقيق وسط زحام القاهرة المعروف إلى مترل الرئيس الأسبق (نميري)، طالبًا تدخله.. إتصل الأخير بالرئيس المصري (حسني مبارك)، الذي بادر فور تلقيه النبأ بالإتصال بقائد (الثورة) الجديد في السودان، الذي أفاده أن ضرورة إستمرار الثورة تقتضي قرارات حاسمة!.. عادت كل هذه الإتصالات (لممدوح) بفقدان الأمل وأخبر (عادل) في الخرطوم بذلك.. كانت الساعة تقترب من التاسعة مساءً (في) ذلك اليوم، و(عادل) مرابط داخل مباني السجن. أتاه ضابط سجون وأخبره أن التنفيذ.. بعد قليل وأنه سيذهب إلى (مجدي) في زنزانته ليقرأ معه بعض آيات من القرآن الكريم. نعم.. لقد أحب هذا الشاب كل من رآه. خرج (عادل) وجهز تصاريح المرور اللازمة لمرور جثمان (مجدي) إلى أهله عبر نقاط التفتيش العسكرية، لوجود حالة الطوارئ وحظر التجوال أيامها.. وفع ً لا، ج هز أوراقًا لأكثر من ثلاثين عربة كانت تخص الأهل والأصدقاء والمعارف، المتجمعين خارج أسوار السجن.. وعند عودته في منتصف تلك الليلة، قابله (ملازم) سجون خارجًا من غرفة الإعدام وهو يبكي بألم، وقال: "ياسيد (عادل).. أخوكم مات.. راجل؟!!. أستلم أحد الأقارب حاجيات (مجدي): النظارة، وبعض الملابس، بينما تطايرت أوراق تصاريح المرور من يد (عادل)، الذي كان مذهو ً لا وقتها، حتى جمعها أحد الجنود من الأرض ووضعها في يده. أصطفت سيارات الأهل والأصدقاء والمعارف، بعد منتصف الليل بقليل، خارج أسوار السجن، وجاء (عادل) واشقاء (مجدي) يحملون جثمانه من الداخل عبر البوابة الرئيسية، ووضعوه في سيارة صديقه (مرتضى واتجهت السيارات عبر (جسر) القوات المسلحة متجهة حنوبًا إلى مترل ، Murtadah Hassona ( حسونه الأسرة بالخرطوم ( 2).. سمحت نقاط التفتيش وقتها بمرورهم السريع، لأن على جانبي الطرق كانت تتحرك سيارات أخرى تراقب.. وتتابع هذا الموكب.. بداخلها (الزبير محمد صالح)، (فيصل أبو صالح) وكان وزيرًا للداخلية، و (صلاح الدين كرار).. و(إبراهيم شمس الدين).. أعضاء مجلس الثورة (الحاكم)، ولكن لعبة (الروليت).. ما زالت مستمرة.. ولابد لها من أهداف أخرى. وصل الموكب إلى المترل، حيث كانت كل الأنوار مضاءة.. والزحام رهيب، ولا يوجد موضع لقدم أو مكان لسيارة.. كل الأهل هناك في الخرطوم ( 2).. وكل أصدقاء الأسرة.. وحتى ُأناس لا يعرفوم أتوا.. والأقارب الذين أتوا من ( سرة) وبعض قرى حلفا القديمة، وحلفا الجديدة، وسفراء وقناصل بعض الدول يتقدمهم صديق الأسرة.. وكل السودانيين، سفير دولة الكويت المرحوم (عبدالله السريع)، وبعض رجال المال والأعمال والإقتصاد من أصدقاء والده المرحوم (محجوب)، وبعض الدبلوماسيين من أصدقاء المرحوم (جمال محمد أحمد).. ذلك الدبلوماسي والأديب الرائع الذائع الصيت، في حياته.. وبعد مماته، وكل أبناء وبنات الأهل.. وكل كهولهم.. بإختصار كل من كان يعرف تلك الليلة.. بالخرطوم وما يدور فيها، خاصة سكان الأحياء القريبة من الخرطوم ( 2)، والذين تح دوا حظر التجوال، وهي شهامة عرف ا أهل هذا البلد.. وفع ً لا، وكما قال الأديب (الطيب صالح) " من أين أتى هؤلاء القوم؟".. هل يعرف الحكام الجدد مثل هذه الروح السودانية.. التي أزهقوا واحدة منها هذه الليلة؟!!.. كانت مخابرام ورجالها، حركام وتحركام ظاهرة للعيان.. في كل الشوارع ااورة، وأجهزم الصوتية واللاسلكية يتردد صوت وشوشتها أحيانًا، لأن كل المنطقة في ذلك الوقت.. وكل الناس، كانوا في حالة من الصمت الرهيب لا يسمع خلالها إلأّ بعض هنات وآهات حرى، يكاد زفيرها يحرق حتى الأشجار ااورة، لأن القهر يحجر حتى الدموع في العيون ويمنعها من التساقط.. (ولذلك.. ورغم مرور كل هذه السنوات مازال الجرح.. نديًا.. طريًا في قلوب الكثيرين.. والكثيرين جدا..). تم إدخال (الجثمان) إلى غرفته، وحاولت والدته إلقاء نظره أخيره على وجهه هي وبناا، ولكن تم منعهن بحزم من بعض كبار رجال الأسرة، لأن للشخص بعد إعدامه منظرًا لا يمكن أن يمحى من الذاكرة، وذلك بتغير شكله الطبيعي.. خاصة منطقة العنق.. وه ن، وكل الأهل لم يروا (مجدي) في حياته إلأّ جمي ً لا في شكله.. وقبل ذلك في أخلاقه.. جلس كل الناس الحاضرين، حول المترل وداخل الأسوار وفي ممرات طوابقه، يعلوهم حزن هائل.. ومخيف، في إنتظار إنبلاج الفجر وظهور الضياء لكي يتحرك موكب التشييع إلى مقبرة (فاروق)، حيث المدافن العامة، حيث والده واعمامه، وبقية المتوفين من العائلة.. ليرقد بجوارهم.. وتحت التراب، ليحكي لهم ما يدور على سطح الأرض.. أرض السودان.. ونظام حكمه.. الجديد. تحرك الموكب في حوالي الساعة السابعة والنصف صباحًا، والزحام الرهيب يغطي الطرقات، والشارع الرئيسي في سوق الخرطوم ( 2) ،والمتجه جنوبًا، توقفت حركة السير فيه ونزل بعض المواطنين من المواصلات العامة وأنضموا للموكب بدافع سوداني (فطري)، هو الشهامة والشعور بأن هناك ظلمًا أحاق بصاحب الجثمان.. وانتشر رجال الأمن يراقبون الموقف..(إبراهيم شمس الدين) بسيارته الكريسيدا البيضاء، يقودها من على البعد ويد على المقود، والأخرى قابضة على جهازه اللاسلكي يعطي الأوامر.. وانتشرت سيارات الشرطة حول المقبرة، وخارج أسوارها.. ولأول مرة تقدم الموكب فتيات الأسرة ونسائها، عندما صمت بعض الرجال.. هتفن ضد الظلم، لاعنات هؤلاء الجلادين من رجال النظام وعلى رأسهم (إبراهيم شمس الدين) والسيد (رئيس القضاء)؟! .. وأنطلقت حناجر الجميع.. وكان بركانًا. و.. (إبراهيم شمس الدين) كان هناك في الناحية الغربية لسور المقبرة.. من الخارج.. يراقب الموقف حتى إنتهت مراسم الدفن، وطلب البعض الهدؤ، عند العودة للمترل، حتى لا يتشفى ذلك (الرابض) خلف السور في جمهرة الناس ويأمر بإطلاق النار.. حتى داخل المقبرة، وهم الذين فعلوا ما فعلوه (بمجدي).. دون أن تطرف لهم عين، أو 33 تأخذهم شفقة. أستجابت الجموع على مضض لهذا النداء وعادوا صامتين. وبقي (مجدي) جوار أبيه (محجوب).. ولكنه هذه المره كان هادئًا فع ً لا.. ذلك الهدؤ المثير والأبدي. ***** كانت أيام العزاء لهذا (الشاب) ملحمة وطنية. يعتري الغضب النفوس بصمت، ويظهر في العيون المحمرة من الإنفعال والسهر. ورغم ثراء الأسرة ومحاولاا إكرام ضيوفها المعزين من طعام وشراب، كعادة السودانيين في مآتمهم، إ ّ لا أن أحدًا لم يذق طعمًا لشراب أو يجد لذة في أكل.. الكل في حالة ذهول. وطيف (مجدي) يحوم حولهم بإبتسامته الدائمة.. ويغمرهم بدفء أخلاقه الحميدة. وأيامها، حتى بعض العسكريين من الأصدقاء والمعارف، لم يترددوا ولو للحظة من حضور مراسم الدفن وأيام العزاء.. وكانت أعين الأجهزة الأمنية تراقبهم، لكنهم لم يجبنوا.. ولم يستطع الأهل أو (عادل) أن ينفذوا وصية (المرحوم) بشأن العزاء، لأن سيل القادمين إليهم كان بالكثرة التي لا يستطيعون منعها.. كان هؤلاء تحملهم عواطفهم، وتعاطفهم وهي وحدها تقود السودانيين عندما يشعرون بأن هناك ظلمًا قد حاق بأحدهم. |
من كتاب "عبر الجسر ... إلى شرق النيل"(( حكايات من زمن الخوف والهوان .. في السودان)) يكتبها: صلاح الدين أحمد عبد الله بابكر
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | Mannan | 12-18-06, 06:08 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | Mannan | 12-18-06, 08:29 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | abubakr | 12-18-06, 11:18 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | Mohamed Elgadi | 12-18-06, 11:57 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | Yasir Elsharif | 12-19-06, 01:04 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | ترهاقا | 12-19-06, 05:31 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | حمزاوي | 12-19-06, 07:13 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 09:21 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 09:43 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 10:13 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 11:16 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 11:29 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 11:37 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 11:41 AM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | فيصل محمد خليل | 12-19-06, 12:16 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | بكري الصايغ | 12-19-06, 12:49 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | الشفيع عوض شوشتا | 12-19-06, 04:28 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | Elmosley | 12-19-06, 05:14 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | نادر السوداني | 12-19-06, 05:46 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | Mannan | 12-20-06, 04:49 PM |
Re: المناحة الكوشية.. لمجدى وشهداء السودان.. قصيدة لن تكتمل..إلا بعد ان تسكت العنقاء.. | Mannan | 12-21-06, 07:50 AM |
|
|
|