الغيبوبة والاستيقاظ على صوت عائشة-من مواضيع مجلة حق الاخيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 02:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.امجد إبراهيم سلمان(Amjad ibrahim)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-12-2003, 03:33 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الغيبوبة والاستيقاظ على صوت عائشة-من مواضيع مجلة حق الاخيرة


    سلام جميعا
    2003 هذه قصة قصير من مجلة حق العدد الرابع فبراير
    ساحاول ان ارسل موضوع اخر من الباب الادبي للمجلة في هذا البوست
    تحية

    الغيبوبة والاستيقاظ على صوت عائشة
    د. عبدالله عابدين بشير

    فجأة لمحت صديقي يسرع الخطى كعادته ، إنه قادم من منزله الكائن وسط أشجار شمبات الزراعة . هاهو ذا في الطريق التي تقع على جانبها البحري مزارع خضراء ، وحظائر أبقار وعلى جانبها الآخر منازل حي شمبات .
    لابد أنه يحمل معه محاولاته الشعرية الجديدة ، وقد قضى ليلته في منزل إبن عمه خبير الطب البيطري. ومنزل (البروف) ، كما كنا نسميه بمثابة متحف للأزهار ، والأعشاب التي تلثم الأرض في تواضع جم . منزل (البروف) منتدانا الكائن وسط حشد الأشجار الشامخة التي تحاور فراغاً عريضاً أزرق وهو سماء شمبات .
    ذاب مشهد صديقي المسرع وتلى مشهد آخر فيه ذات الصديق ينشدنا شعره تحت ظلال أشجار السرو ، على شرف زنابق الأزهار المتوحدة في أنسها ، وقد ضمت الجلسة الشاعر الزبير ، والدشين أستاذ اللغة ، ورهطاً من جيلنا ، والقديسة عائشة . ومضت الجلسة ، لا أذكر ما تلي فيها من شعر ، ولا كيف تفرقنا . أحاول الآن ، على إيقاع المشهدين القضاء على الغطاء الذي يريم على ذاكرتي ، وأحاول رفع الستار عن مسرح أحداث الأمس ..
    كأننا لم نتفرق ، بل تجمعنا أكثر وأكثر ، ولكن أين وكيف ؟!
    يتواصل المشهد الأول ضبابياً أكثر ، سيتخطى صديقي مكاني بالمزرعة ظاناً بأنه سيجدني بمنزل أختي، ألم يكن هذا اتفاقنا بالأمس ؟ سأناديه ، فلا بد أنه يظن أنني هناك أقضي الوقت مع فيلم تلفزيوني كتبه عادل كاتب الدراما . وكان الأخير قد أبلغنا بأن الفيلم سيعرض في هذه الساعات التي أقضيها مستلقياً ألتهم رواية جورج أمادو (البحار الأعظم). كم هي سريعة خطوات صديقي ، لا بد أنه مبتهج لأننا سنكمل مشاهدة الفيلم معاً ، ونتحاور على هامشه في عدة أشياء . صديقي يحب رشف الشاي المسائي وسنطلب من أختي أن تخصنا بكوبين دافئين منه . ولا بد أنه سيرشف أكثر من كوب، حتماً سيفعل ، بينما أكتفي بكوب يتيم ، ونحن نعلق على سيناريو فيلم الزمن المعجزة ، باكورة الأفلام التلفزيونية التي سيقدمها عادل تباعاً هذا الموسم . سنثني على الموسيقى التصويرية التي أبدعها السراج الصيدلي .. الذي قلت له يوماً بمنزل عادل : إن العلاقة بين الموسيقى والصيدلة تكمن في الإيقاع ، فكلاهما يعيد ترتيب إيقاع الجسد والعقل . اندهش وقتها وأشرق بابتسامته الطفولية المميزة وقال : هذه علاقة رائعة لم أكتشفها من قبل !
    تداعى بي المشهد المستطرد إلى مشهد آخر للسراج ، وهو على خشبة المسرح الأهلي بأمبدة في تلك الليلة يعزف (زمبارته) ويعبر لزوجته عن رغبته في الرحيل . شعرت مجدداً بإيقاع الزمبارة والرحيل الدئم الذي يطل من وجه السراج كلما التقيته ، وخفت عليه هذه المرة رغم أن ما كان يفعله ليلتها هو مجرد قيامه على أكمل وجه بدوره في مسرحية جديدة لعادل كاتب الدراما .
    استفقت من مشهد السراج وزمبارته ، لتغمر وعي لوحة هناك في البعيد ، فوق جبهة المساء الذي يطارد الأصيل كي يرحل . هناك خلف الغبار الذي أثارته أقدام الناس والدواب والسيارات ، منزل مكون من طابقين وسطح ، فيلا توحي بدفء الشتاء وقراءة ماركيز وأمادو ومعالجة القوافي المستعصية . تنطوي اللوحة كطي السجل للكتب ، وتنجلي عن بهاء مزارع مترامية ، وحظائر ماشية. مرة أخرى مهوماً في سريان الداخل ، دون أن أغادر موقعي الأول . إنه ذلك الأصيل الذي كان يغزو خاطري منذ كنت صغيراً ، أصيل ما ، سيحدث فيه شيء غريب ، شيء بهيج وكوني، وسيشهده الجميع !
    احتشدت بعالمي الذي يقع تحت سطح اللغة ، وغبت في صلاة في محيط المساء والوداع . ليس عالم تلك الفيلا المشرئبة وسط الريح والضباب ، ولكن عالم المزارع وحظائر الماشية وأنا أنظر إليها من هنا، من سطح الفيلا !!
    كيف ، كيف بالله يحدث هذا الانقلاب إن لم أك في حلم أو أهذي ؟!
    الآن أرى صديقي وهو قادم نحوي مسرعاً ، لا داعي ، إذن ، لمناداته لأنه قادم لموعدنا ! . سأطلب من أختي إعداد الشاي لنا ، وأقوم أنا بتجهيز المكان ! . لا بل سأنادي على صديقي بملء صوتي قبل أن يمضي مسرعاً ! .. ثم إنه سوف لن يجدني هناك .. فكيف لا أناديه ؟! الفيلا تتمطى ، وصديقي يسرع ، والمسافة تذوب ، وغبار الطريق يستحيل ذهباً وهو يشيِّع الشمس الغاربة خلف لوحة الأفق، انقلاب آخر يؤكد الحلم أو الهذيان .
    تختفي ملامح صديقي ويصير نقطة سوداء صغيرة ، ثم تدلف تلك النقطة يميناً لتختفي ! هذا ما توقعته تماماً .. لماذا ؟ لماذا لم أناديه ؟ تباً لي ! .
    قطعاً سوف لن يجدني هناك ! . هكذا وجدتني محاولاً المناداة ، بكل ما أًوتيت من قوة صوت ، أحاول دون جدوى لأن صوتي محتبس ، وكأن بحباله داء عضال ، ولساني أخرس كأن قوة غاشمة قد صادرت كل إرث الكلام الذي حبيته ، ولهاتي كأنها نائمة في أغوار بئر !!
    لا يجدي هذا سوف أجري ملء ما حملتني الريح ، أجري كي أختصر المسافة ، وأنزل منزل أختي قبل أن يعتذر صديقي عن قبول دعوة الشاي منها ، ويترك لي مذكرة . سأركض ، أقصى ما وسعني الركض ! .. ولكن .. أين رجلي ؟! لا أجد لهما أثراً ! وكأني بتلك القوة الغاشمة قد صادرتهما أيضاً!. أستعين بذاكرتي الذابلة وأتساءل أين فقدت لهاتي ؟ ومتى صرت بلا أرجل ؟!. بصيص ضوء يتسرب إلى كوي روحي المجهدة ، وكأنها خيوط ضوء خافتة تتسلل من شمعة أخيرة !. أتلمس بيدي حافة صلبة ، حمداً لله أن يدي موجودتان ، أتشبث بتلك الحافة ، لأنها الشيء الوحيد الذي اهتدت إليه أصابعي . أشعر باختناق شديد ! إدراكي الضبابي لا يسعفني بشيء . من سرق ذاكرتي وأعضائي؟! أغمغم ، قد وجدت بعضاً كن صوتي على قارعة الحافة ، وسط هذيان وعي . وغيوم سماء فكري . صورة ضبابية جداً لانتفاضة الأمس ، وحشدنا بميدان الشهداء في مركز المدينة تطل من ثقب في ستار المسرح . رصاص غادر . مسيل دموع ، وسرب طائرات عمودية يحلق فوق رؤوسنا ، ثم يسدل الستار ، وأغور في صحراء الهذيان مرة أخرى بعيداً عن المشهد !.
    تنقلت عدة مرات بين ثلاثة مشاهد ضبابية : جلسة الشعر في متحف الأزهار ، مشهد صديقي وهو يسرع ، ومشهد الأمس المهيب ، والأكتاف المتدافعة والحناجر الهاتفة : بالدم بالروح نفديك يا حرية .. ثم أحسست بيد حانية تمر على جبيني ، و
    أخرى تمسك بيدي اليمنى لتحيل بينها وبين الحافة الباردة للسرير . رفعت جفني المثقلين بالهذيان ، من خلف غمامة الوعي ، لأحط على مساحة من الطيبة المتناهية في وجه الملاك الأسمر عائشة وهي تقول : انجلى كل شيء ، انجلى زمن التقهقر والردى !!. وهناك على يميني لمحت وجوهاً لفتية ثلاث هم أصدقائي : معتصم والزبير والدشين ، وقرأت على لوحة معلقة على الحائط المقابل عبارة : مجمع حوادث مستشفى أمدرمان التعليمي !.

    ● طبيب وكاتب سوداني مقيم بالمملكة المتحدة

                  

العنوان الكاتب Date
الغيبوبة والاستيقاظ على صوت عائشة-من مواضيع مجلة حق الاخيرة Amjad ibrahim03-12-03, 03:33 PM
  Re: الغيبوبة والاستيقاظ على صوت عائشة-من مواضيع مجلة حق الاخيرة Amjad ibrahim03-12-03, 03:56 PM
  Re: الغيبوبة والاستيقاظ على صوت عائشة-من مواضيع مجلة حق الاخيرة Amjad ibrahim03-14-03, 01:44 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de