يا طلاب وخريجي جامعة جوبا وثقوا تجاربكم هنا..

Quote: جامعة جوبا هل يطل عهد جديد؟ خالد فضل * بحسب صحيفة «The Citizen» الانجليزية التي تصدر في الخرطوم 7/12/2006م وتأكيدات من مصادري الخاصة بجامعة جوبا، فان البروفيسور سابرينو فرج الله قد اصبح اول مدير جنوبي لجامعة جوبا - كما ورد في تعليق الصحيفة المار ذكرها». فمنذ البدء في تأسيس الجامعة العام 1975م، تعاقب على ادارة الجامعة مديرون شماليون هم المرحوم البروفيسور عبد الله الطيب، والمرحوم البروفيسور السماني عبد الله يعقوب الذي يعتبر المؤسس الفعلي للجامعة، والبروفيسور عبد الرحمن ابو زيد، وعبد العال عبد الله عثمان، ومحمود موسى محمود، ومحمد احمد علي الشيخ، وزكريا بشير امام، وبابكر احمد محمد، وفتحي محمد خليفة.* وفي الواقع فان الجامعة قد مرت بحقبتين اثنتين لكل منهما ملامحها ومميزاتها وسلبياتها وايجابياتها.. فمنذ بدء التأسيس 1975م، وحتى يونيو 1989م اوللدقة اكثر ديسمبر 1988م، ظلت الجامعة تمارس دورها، وتخرج الكوادر من مقرها الدائم بمدينة جوبا، ملتزمة بصورة كبيرة بالتقاليد الاكاديمية المعروفة عالمياً، وحريصة بشكل واضح على التقيد بتقويم دراسي صارم يبدأ عادة في مطلع مارس وينتهي يوم 19 ديسمبر من كل عام. وضمت الجامعة طيلة حقبتها الاولى اعداداً متساوية تقريباً من الطلبة الشماليين والجنوبيين، حيث كانت ميزة القبول الخاص تمنح ابناء الجنوب حوالي نصف المقاعد الدراسية في كل دفعة ليتم التنافس عليها اقليمياً، بينما تم تخصيص كلية تعليم الكبار لتدريب «الناضجين» من الموظفين الحكوميين في الاقليم الجنوبي ومنحهم درجة الدبلوم في التخصصات المختلفة. ورغم تعثر الاحوال المعيشية والاوضاع الامنية في الاقليم الجنوبي خاصة بعد اندلاع ثورة «الجيش الشعبي، الحركة الشعبية لتحرير السودان» في مايو 1983م، بيد ان الجامعة ظلت طيلة فترة وجودها بجوبا تمثل بؤرة حقيقية للتمازج الوطني بين السودانيين المختلفين عرقياً ودينياً وثقافياً، وظلت السمة الغالبة في الجامعة هي روح «الوحدة» على قاعدة الحقوق المتساوية والواجبات المتساوية.. ولم يكن وجود مدير شمالي على قيادة الجامعة دوماً يشكل عنصر خلاف كبير، ذلك ان الوظائف الادارية القيادية في الجامعة كان يتم شغلها بما يحفظ قدراً من التوازن في ادارة الجامعة بين العناصر الجنوبية والشمالية، واعتقد ان هذه «الوزنة» قد شكلت احد عناصر استقرار الجامعة اكاديمياً وتفوقها علمياً وتميزها فعلياً مع انتمائها الاقليمي. كما يقول شعارها «الانتماء والتميز العلمي».. وقد ظلت اللغة الرسمية للتدريس والمكاتبات الادارية هي اللغة الانجليزية مما مكن خريجي الجامعة في مختلف كلياتها وتخصصاتها من الالمام -على الاقل- بقدر كافٍ من هذه اللغة الاوسع انتشاراً في العالم. * أما الحقبة الثانية، والتي بدأت فعلياً بنهاية العام الدراسي 1988م.. فقد شهدت نزوح الجامعة من مقرها الدائم بجوبا وحلولها بصفة «نازحة» في الخرطوم.. وبدأ العام الدراسي التالي في اكتوبر 1989م، في اوضاع مزرية للغاية، فقد تم استغلال «المقر الدائم للمعسكرات بسوبا» كمقر مؤقت للجامعة، وتأجير بناية بحي الرميلة -الخرطوم- كقمر لكلية «الطب»، وعلى ارض المعسكرات نصبت «صيوانات» مستأجرة لاستعمالها كقاعات دراسية، بينما تبعثرت المكتبة ما بين «كراتين» مصفوفة بمقر ادارة الجامعة بالخرطوم «2» وحجرات ضيقة في طرف الخرطوم الجنوبي، وبقية الكتب والمراجع والدوريات ظلت قابعة بمقر المكتبة الرئيسي في «جوبا».. وتوزعت لاحقاً كليات الجامعة ما بين ام درمان وبحري، والخرطوم، قبل ان ينشأ مجمع الكدرو قبل عامين تقريباً ليضم معظم كليات الجامعة. * وما بين ارض المعسكرات بسوبا، ومجمع الكدرو بالخرطوم بحري مرت سنوات كبيسة، وشهدت الجامعة تطورات كبيرة بعضها ايجابي وبعضها سلبي، فقد توسعت كليات الجامعة وازدادت اعدادها حتى بلغت الآن اكثر من عشر كليات بما فيها كلية للدراسات العليا، وتضاعفت اعداد منسوبي الجامعة من الطلاب لدرجتي البكالريوس والدبلوم والدراسات العليا حوالي عشرين مرة تقريباً، وزادت اعداد الاساتذة والموظفين والعمال اضعافاً مضاعفة.. كما لا يخفى ازدياد المسافة بين «تقاليد الجامعة» وحالتها الراهنة، فقد غاب اتحاد الطلاب المنتخب بطريقة شرعية وديمقراطية ونزيهة منذ العام 1987م حتى عاد مطلع هذا العام 2006م، واصبحت لغة التدريس هي اللغة العربية مع وجود قسم «انجليزي» وفقدت الجامعة ميزة انتمائها للمجتمع الجنوبي بشكل عام، وتأثرت تبعاً لذلك الدراسات العلمية والبحوث التطبيقية في مجالات الاجتماع والدراسات الانسانية والمجالات الطبيعية كالحياة البرية وغيرها... ومع خضوع الجامعة كلياً لسياسات «ثورة التعليم العالي» انعكس ذلك على مسارها العام الذي اصبح ذو طابع آيديولوجي بائن تمثله هيمنة عناصر «الحركة الاسلامية» على مفاصل القيادة في الجامعة وما تبع ذلك من تجيير واضح لكل مقدرات الجامعة لصالح التنظيم وما يتفق مع سياساته وخططه لادارة التنوع والتعدد في البلاد عن طريق الاقصاء للآخر.. ولعل الجامعة قد فقدت عنصر «الموازنة» بين الشماليين والجنوبيين لجهة اعداد الطلبة والاساتذة والاداريين بل حتى في نوع التخصصات العلمية والبرامج الاكاديمية التي تقدمها الجامعة.. الخ.. الخ. * ظلت الصراعات الطلابية مع ادارة الجامعة لسنوات طويلة خلال حقبتها الثانية بشكل خاص، تدور حول الحقوق الاساسية مثل تكوين اتحاد الطلاب، والرحلات العلمية، والبرامج الاكاديمية، وارجاع المفصولين تعسفياً، والرسوم الباهظة، وتوفير بيئة مناسبة للتحصيل وغيرها من اشكالات ظلت تعاني منها الجامعة، وقد اتسمت المعالجات الادارية في معظم الاحوال بالتعسف، واستدعاء الشرطة وتدخل قوات الامن واغلاق الجامعة، ورغم هذه الظروف والمعاناة والاحباطات، حققت الجامعة تفوقاً ملحوظاً حيث احرزت المرتبة الاولى على الجامعات السودانية والـ «39» على مستوى افريقيا في احدث ترتيب صدر أخيراً.. كما عاد اتحاد الطلاب بعد غيبة كنتيجة «لاتفاقية نيفاشا»، وتمكنت لجنة وساطة كريمة من نزع فتيل ازمة نشبت أخيراً بين ادارة الجامعة واتحاد الطلاب، وتم اعادة فتح الجامعة يوم امس السبت 9/12/2006م، بعد فترة اغلاق قصيرة نتيجة لاتفاق بين الطرفين ولجهود حثيثة بذلها الاساتذة زين العابدين حسن ومنى سلامة وجون صمويل وبول دينق وعبد القادر محمد الحسن وابو العلا مصطفى ووالي الدين النور، وبدرية حسن، وعادل شريف، ودينق دانيال، واتيم وانتوني، والآخرون من المسؤولين عن التعليم العالي في حكومة الجنوب. * وها هو البروفيسور سابرينو، أستاذ الادارة التربوية المميز يتولى قيادة دفة الجامعة في وقت حاسم ومفصلي، ليس على مستوى الجامعة ومستقبلها فحسب بل على مستوى الوطن وامكانية بقائه موحداً او -لا قدر الله- انقسامه الى بلدين، ومع ثقتنا الكبيرة في استاذنا البروف فرج الله نرجو ان يشهد عهده الجديد، عهداً جديداً فعلاً في جامعة جوبا.. اذ ما زلت اردد واصر على انها -اي الجامعة- هي معمل التمازج والانصهار القومي الأول في البلاد.. مع دعواتنا له وللجامعة بالتوفيق.