نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
|
 بول بريمر جنوب السودان
|
الطيب مصطفي
بول بريمر جنوب السودان!
لعلكم تذكرون بول بريمر الأمريكي الذي تولى حكم العراق عقب سقوط صدام حسين.. بريمر هذا عاد من جديد لكن هذه المرة إلى جنوب السودان تحت اسم جديد هو روجر ونتر!
لا أظن القراء نسوا كيف كان رجل المخابرات الأمريكي روجر ونتر يدير جنوب السودان والحركة الشعبية بالريموت كونترول ويحضر جميع مناسباتها ومؤتمراتها وكيف حضر اجتماع المكتب السياسي الذي انعقد في جوبا في يونيو الماضي والذي كان قد جمَّد مشاركة الحركة الشعبية فيما سُمي بحكومة الوحدة الوطنية.. ذلك القرار الذي أعلنه باقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية وأكثر أولاد قرنق تطرفاً والذي أُعيد انتخابه في المؤتمر العام المنعقد في جوبا... اقول ذلك القرار الذي أعلنه باقان من واشنطن قبل انعقاد اجتماع المكتب السياسي بأسبوع واحد فقط ثم عاد باقان إلى جوبا في تزامن عجيب مع روجر ونتر ليضع ما أعلن عنه في واشنطن موضع التنفيذ ومنذ ذلك الاجتماع تزايدت قوة باقان وأصبح الآمر الناهي في الحركة وقد رأينا كيف تمكَّن من إقصاء مناوئيه من الحركة بل وإبعاد بعض الرموز السياسية الكبيرة مثل لام أكول من الحكومة وكيف تسنَّم زعامة الحركة الشعبية كما سأُبين.
روجر ونتر لم يحضر هذه المرة ليجلس خارج قاعة الاجتماعات ويصدر توجيهاته وإنما جاء ليحضر المؤتمر العام شخصياً وبالأصالة بصفته مستشاراً لحكومة الجنوب وهو اسم »الدلع« للحاكم العام وذلك حتى يصدر تعليماته من داخل قاعة المؤتمر كما كان يفعل قديماً من خلف الأبواب المغلقة ولذلك كان من الطبيعي أن يتمخَّض جبل المؤتمر فيلد فأراً وأن تعيد الحركة نفس الوجوه القديمة وتنصِّبها في قيادة الحركة بعد جدل كثيف وخلافات استُخدمت فيها كل »أسلحة الدمار الشامل« من محاولات للاغتيال وطائرات تحترق في السماء وتختفي على اثرها وجوه كبيرة قبل أيام من انعقاد المؤتمر وقيادات تُعفى بطريقة مريبة وتنافر وتدابر ومواجهات قبلية مسلحة وموت ودمار... انتهى كل ذلك بمجرد أن حطَّت قدما الحاكم الأمريكي الجديد القديم.
بربكم هل من قوة عين وجرأة وغطرسة أكبر ومن خزي وعمالة أشد من ذلك ومن تناقض أعظم أن يحكم أمريكي جزءاً من دولة السودان »الواحدة« وهو ذات الرجل الذي ظل يكيد للجزء الآخر من دولة السودان »الشمال«؟!
السبب أو المناسبة التي اقتضت أن ينكشف المستور ويحضر روجر ونتر المؤتمر بشحمه ولحمه ودمه بل وعظمه ويشارك في انعقاد المؤتمر العام للحركة الشعبية بعد14 عاماً من اجتماعه الأول الذي انعقد في »شقدم« أيام الحرب وهو أول مؤتمر عام بعد توقيع نيفاشا وتولي الحركة الشعبية إدارة الجنوب ومشاركتها الكبيرة في إدارة الشمال ولذلك اقتضت الأجندة الخطيرة والكبيرة التي ستحدد مسار الحركة خلال الفترة القادمة المليئة بالتحديات بما في ذلك إجراء الانتخابات ثم الاستفتاء أن يُعلن عن منصب روجر ونتر رسمياً حتى يكون حاضراً ومشاركاً وآمراً ناهياً وهذا يفسر لنا سر اختفاء جميع التناقضات وانصياع الجميع لإرادة ونتر الذي جاء محمَّلاً بالقرارات من واشنطن تماماً كما جاء محمَّلاً في المرة الماضية إبان انعقاد اجتماعات المكتب السياسي والتي علّقت الشراكة في الحكومة ولذلك نستطيع أن نفهم الأثر الكبير لحضور الرجل الذي تمكَّن من احتواء الخلافات الكبيرة التي أوشكت أن تعصف بوحدة الحركة الشعبية خاصة وأن الجنوب الآن يشهد تمردات كبيرة على سلطة الحركة وتنازعاً قبلياً وحرباً أهلية مات من جرائها الآلاف.
لعل القراء يذكرون جانباً من محتوى الأوراق التي أعدها روجر ونتر وآخرون ونشرنا تلخيصاً لها قبل أشهر تلك الأوراق التي تنضح بعداء سافر للشمال وأهله وتكشف عن جانب من السيناريوهات التي وضعتها الادارة الأمريكية خاصة الربط بين مشكلتي دارفور ومشكلة جنوب السودان وهو أمر معلوم لمن تابع ذلك التحالف المبرم بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحركتين المنشقتين عن حركة تحرير السودان »عبد الواحد ومناوي« التي انشأها قرنق والتي جاءت امتداداً لتمرد داؤود بولاد وعبد العزيز الحلو المسؤول عن ملف دارفور في الحركة الشعبية حالياً..
معلوم أن ذلك التحالف يمثل جزءاً من القوى المنضوية في تحالف مشروع السودان الجديد الذي مللنا من ذكر انه مشروع أمريكي في الأساس أُنتدب له قرنق منذ أيام اختياره للدراسة في أمريكا بعد أن كان يدرس في جامعة دار السلام بتنزانيا حيث حضر مذابح زنجبار التي شهدت احدى أكبر عمليات التطهير العرقي للعرب وصارت حلماً يعشعش في مخيلة قرنق والنخب الجنوبية وقد كتبتُ عن ذلك كثيراً.
الآن الكلام »دخل الحوش« كما يقولون وانكشف مقدار التناقض بين الشمال والجنوب.. ذلك التناقض الذي يجعل الشمال يصطلي بنار الكيد والعقوبات الأمريكية بينما يجعل الجنوب أشبه ما يكون بالمستعمرة الأمريكية.
الآن فقط ينبغي أن يقتنع من في أذنيه وقر ومن في عينيه غشاوة بحقيقة الدور الأمريكي الذي جعل أمريكا تحشر أنفها في الشأن السوداني منذ فترة طويلة خاصة خلال الفترة السابقة لإبرام اتفاقية نيفاشا.
الآن فقط يفهم الغافلون لماذا تُفرض العقوبات على الشمال ويُضيَّق عليه بينما تُرفع عن الجنوب؟!
الآن فقط يتعين علينا جميعاً أن نفهم طبيعة الدور الذي سينهض به روجر ونتر الذي سيقود مخطط انفاذ مشروع السودان الجديد بنفسه بعد أن أخذ موقعاً رسمياً في هيكل الحركة الشعبية بتنسيق وتعاون وإذعان مطلق من رجل أمريكا القوي داخل الحركة الشعبية باقان أموم الذي أثبت أنه ممثل بارع حيث أنه كان الوحيد من القيادات الذي أعلن وعلى رؤوس الأشهاد عن عدم رغبته أو قل زهده في أي منصب وذلك بعد أن تمكن بدهاء من تصعيد جميع أو معظم مسانديه إلى المؤتمر العام حتى يُحمل على الأعناق ويؤتى به بتظاهرة وبزخم لم ينله غيره وبالتالي فإن الرجل يكون هو الوحيد الذي حصل على الإجماع تقريباً دون الآخرين ممن خضعت عودتهم لمقايضات وتنازلات صاغها الحاكم الجديد ونتر.. لذلك على الجميع أن يتوقعوا دوراً متعاظماً لباقان أموم المسنود من روجر ونتر أما الرئيس »التشريفي« فالله يكون في عونه!
ألم يلحظ القراء اقتطاع روجر ونتر ساعات من وقته للذهاب إلى أبيي اثناء انعقاد المؤتمر ثم ألم يلحظوا كيف اشتعلت أبيي بعد مغادرة طائر الشؤم أبيي وكيف فعل ادوارد لينو الذي شبَّهه الأستاذ عبد الرسول النور بنيرون الذي أحرق روما قديماً.. كيف فعل بالمنطقة التي نصَّب نفسه حاكماً عليها!!
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
بشير أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست