رويترز : البشير يرفض (استدعاء) من مجلس الأمن !!!

Quote: السودان: الصحافيون ما بين القلم الاحمر وتكنيس الارض أميرة الطحاوي أيام قليلة هي التي فصلت بين لقاء كمال عبيد وزير الدولة بوزارة الإعلام السودانية ومسؤولين نافذين بالنظام، لتبدأ بعدها أكبر حملة مصادرة ورقابة متعسفة على الصحف الحزبية والمستقلة بالبلاد. بعد أن نشرت بعض هذه الصحف اتهامات لنظام الخرطوم بدعم انقلاب (لم يصمد) في دولة تشاد المجاورة، بدأت الملاحقات تتوالى بصور مختلفة؛ رفض أوحذف لمواد من النسخة المطبوعة أومصادرة عدد بكامله أو حبس واستجواب للعاملين بهذه الصحف وحتى إجبار بعضهم على تنظيف زنزانة ألقي فيها بلا محاكمة. وعن الطريقة المتبعة في الرقابة على الصحف يقول الصحافي السوداني المقيم بالإمارات خالد عويس أن جهاز الأمن السياسي يبعث بعناصره لتقليب الصحف قبل النشر، وتقوم هذه العناصر بحذف كلّ ما تراه غير مناسب. ولعل ذلك ما دعا رئيس تحرير "صوت الأمة" صلاح الدين عووضة، لحجب عموده اليومي لفترة. وتعرضت صحف عدة، من بينها "صوت الأمة" المقربة من حزب الأمة القومي -بقيادة الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق-، و"الميدان" الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني، و"الأحداث" المستقلة، إلى انتزاع موضوعات صحافية وأعمدة منها قبيل نشرها، بواسطة عناصر جهاز الأمن السياسي. ومنعت السلطات صحيفة "رأي الشعب" المعارضة من الصدور يوم 14 فبراير شباط لمحاولتها نشر عمود يتهم الحكومة بدعم متمردي تشاد. عويس، الذي يعمل في قناة العربية قادما من موقعها الاليكتروني، يرى أن الإنترنت مفيد في الرد على هذا القمع وكشفه. لكن القارىء داخل السودان تبقى لديه النسخة الورقية، وهي غالبا المفضلة لديه، حيث ان استخدام الانترنت ليس واسع الانتشار ، إلا في أوساط الشباب بالمدن الكبرى. وخفف السودان الرقابة على الصحف بعد بدء تنفيذ الدستور الجديد عام 2005 ، نهاية الحرب الأهلية التي استمرت عشرين عاما بين الشمال والجنوب في وفي بيان لصحيفة "الميدان" والذي حصل "منصات" على نسخة منه، حذرت الصحيفة من عودة الرقابة القبلية (أي المسبقة قبل الطبع)على كل الصحف منذ أكثر من أسبوعين، حيث صودرت مواد من صحف الأيام والصحافة والسوداني والميدان، واعتبرت هذا دليلا على "تراجع الحكومة عن واجبات التحول الديمقراطي وانتهاك صريح لحرية التعبير وحقوق الانسان". فتحي الضو، الصحفي السوداني المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، لم ينل مقاله الأسبوعي الأخير بصحيفة الأحداث "بشرى والعودة"، رضا جهاز الأمن. فمنع من النشر. الطريف أن هذا المقال الذي أطلعنا عليه لم يخل من نقد حتى لبعض أطراف المعارضة سابقا لنظام الخرطوم. وفي حوار خاص لـ"منصات" يقول الضو أنه لا فرق كبير بين ما يسمونه"الرقابة القبيلة والبعدية"..." فهؤلاء القوم بارعون في التسميات والرقابة مهمة يقوم بها أفراد من جهاز الأمن يأتون للصحيفة في أي مرحلة من مراحل تجهيزها ويقولون لك هذا الموضوع ما عايزينه، من غير ليه طبعا". الضو اشار الى طريقة أخرى في إرباك الصحف . يقوم جهاز الأمن بالتقاضي في محكمة الصحافة بفتح بلاغات ضد صحف معينة بهدف "تكسيحها ماديا بغرامات ". وتبعته في الطريقة نفسها إدارات الدولة الأخرى بما في ذلك مجلس الوزراء الذي رفع نيابة عنه كمال عبد اللطيف وزير الدولة لشؤون الرئاسة، شكوى ضد جريدة "الرأي العام"، بالرغم من أن الجريدة تصنف أساسا بأنها حكومية وذلك "للإيحاء بالعدل في الظلم". وحول نفس النقطة علق الدكتور مختار عجوبة عضو لجنة الحريات الصحفية بأن فوضى العمل الصحفي هي من فوضى الحياة العامة بالبلاد، آملا ألا تكون ساحات فض نزاعات الصحافة هي القضاء وحده. وقد اعتبر أن اتحاد الصحفيين هو المنوط به فض هذه المنازعات قبل أن تصل إلى ساحات القضاء أو حراسات نيابات أمن الدولة أو الأجهزة الأمنية الأخرى. تعدّدت الطرق...والضغط واحد في تحليله للطرق التي يتبعها نظام الخرطوم في التضييق على الحريات الصحافية، يقول فتحي الضو أن الحكومة تستخدم الكثير. وقد اعطى امثلة ليذكر: آلية الترغيب بإعلانات الدولة (التي تدر دخلا كبيرا(، أو الترهيب بعدم إجازة العديد من القوانين التي تكفل ما يسمى بالتحول الديمقراطي ومنها قانون الصحافة والمطبوعات. "إنهم يدركون مدى ضعف ردود الفعل لأن مجلس الصحافة والمطبوعات كيان مدجن على رأسه علي شمو ودكتور هاشم الجاز وكذلك النقابة المعينة وعلى رأسها محي الدين تيتاوي.. لذلك هم مطمئنون بأن لا إجراء سيوازي الفعل، رغم أن هناك كيانات معارضة تحت التأسيس، مثل نقابة أو"اتحاد" الصحفيين الديمقراطيين. ولكن جوبه برفض تسجيله شرعيا وما زالوا يقاتلون من أجل أثبات وجودهم" افادنا الضو. ويقلل الضو من قدرة الحركة الشعبية لتحرير السودان (المعارض السابق والشريك الحالي في الحكم) على منع هذه الموجة من الانتهاكات. وقد اعتبر أن نظام عمر البشير- رئيس الجمهورية والمؤتمر الوطني الحاكم بالشمال- استغل ضعف الشريك. فمسالة الصحافة والتحول الديمقراطي برمته ليس من أولوياته في شيء، وضعف القوى السياسية الشمالية المعارضة عامة. أحيانا ما تحذف مواد من صحف رغم نشرها في صحف أخرى، أو تحذف مقالات تشير لتدهور الأوضاع الاقتصادية العامة والاجتماعية بالبلاد. وفي ظل سياسة الإفقار الشديدة التي تتبعها الحكومة حيال الشعب وبالذات كموجات الغلاء المتتالية فإن "الحريات الصحافية لا تشكل أولوية في هموم الناس على الأقل السواد الأعظم وإن شكلت بعض الشيء في هموم قليل من الانتلجنسيا"، بحسب المراقبين. الانترنت كآلية دفاع عن الصحف المطبوعة وردا على تساؤل إذا ما كانت المواقع الالكترونية قد تساعد في فضح أو منع الهجمة المنظمة ضد الصحافة ككل، يقول الضو ان " السلبية الوحيدة في هذه الفرضية هو ان النقد يطير في الهواء ولا يتأثر منه النظام في شيء". يشرح الضو أنه يجب الأخذ في الاعتبار وجود قطاعات واسعة من الشعب السوداني هاجرت وشردت خلال العقدين الماضيين. كثير من هؤلاء هم من الطبقة المستنيرة. وبالتالي هذه الطبقات أصبحت تتفاعل في محيطها بفاعلية وشكلت وجودا ضخما في المواقع والمنتديات الاليكترونية. فغالبية موادهم يمكن إدراجها ضمن المواد المعارضة للنظام، لأن الموالين هم من ظل في الداخل ويقدم ولاءه مقابل الانتفاع بما يغدقه عليه أهل النظام. ولكن الذين يتابعون هذه المواقع داخل السودان قلة قليلة. ويضاف الى ذلك عدم توفر القدرة المالية التي تجعل المرء يمتلك جهاز كمبيوتر خاص به واشتراك في النت أو الذهاب لمقهى انترنت لصرف بضع جنيهات. ويعول الضو أيضا على الحراك السوداني المعروف لمواطنين يسافرون من الخارج للداخل والعكس أو يتواصلون بالهاتف ويرى بالتالي أن المواقع الخارجية يمكن أن تزيد من درجات الوعي التراكمي بمرور الزمن . فالنظام يستعيض عن عدم تواجده في هذه المواقع الاكترونية، بالاعتماد على الفضائية السودانية التي تضخ الأكاذيب صباح مساء. بالتالي لم يعرف القطاع الخاص طريق الفضائيات الخاصة حتى الآن. وقد استغل أهل النظام ذلك وهم الآن يتسترون وراء عدة فضائيات ظهرت مؤخرا من المنطقة الحرة في دبي وتبدو لغير المتابع أنها مستقلة. الاحمر للمواد المحذوفة! ومنعت سلطات الأمن صحيفة "الميدان" الشهر الماضي من الصدور، وذلك بسبب بعض المواد الهامة في الصفحة الأولى. هذه المواد كانت "إعلان محكمة الخرطوم -شمال القاضي- ببراءة رئيس التحرير الأستاذ التيجاني الطيب، في قضية كان رفعها ضده جهاز الأمن، على خلفية نشر خبر يشير لوجود معسكرات إرهابيين بالسودان وقد تحققت المحكمة من صحة الخبر". وكانت محكمة جنايات الخرطوم شمال قد برأت رئيس تحرير الصحيفة الطيب بابكر في القضية المرفوعة ضده من جهاز الأمن لنشره خبراً في ابريل الماضي عن تدريبات تابعة لمنظمة إرهابية معروفة. ولم تجد المحكمة ما يؤيد ذلك لأن الخبر كان صحيحاً. وأشارت المحكمة إلى عدم وجود صلة بين ما النشر والقوات المسلحة أو أي قوات نظامية أخرى. وفي السادس من مارس الماضي ورد من هيئة تحرير الميدان أن جهازي الأمن الوطني و المخابرات واصلوا حذف المواد من أعداد الجريدة التي أرسلت بدورها المواد المحذوفة مكللة "باللون الأحمر" للقراء، عبر موقعها الاليكتروني والبريد. رؤساء التحرير يكنسون أرض الزنزانة العارية خرجت صحف الخرطوم المستقلة في العشرين من فبراير الماضي وهي تنشر صورا فوتوغرافية لكل من عادل الباز رئيس تحرير (الأحداث)، وهو يجلس متعبا علي أرض زنزانة، فيما يقوم سيد أحمد خليفة، رئيس تحرير (الوطن) بمهمة كنس و تنظيف المكان. وكان الاثنان قد استدعيا للمثول أمام جهاز الأمن هاتفيا بعد العاشرة مساء الثامن عشر من فبراير، بسبب نشر خبر نقلا عن مصادر في الشرطة السودانية، عن إحالة بعض كبار الضباط إلى المعاش وترقية البعض الآخر. ثم تم نقل رئيسي التحرير ومعهما كمال حسن بخيت، رئيس تحرير صحيفة(الرأي العام)، إلى نيابة الصحافة ببحري. وأضيف للاتهام صحافيين آخرين هما رئيس تحرير (آخر لحظة) مصطفى أبو العزائم و مدير الإعلام في صحيفة (الوفاق) محمد سيد التايب، لفتح بلاغ ضد الخمسة معا في نفس الوقت، بموجب قانون الصحافة والمطبوعات. وتم التحقيق مع 3 صحافيين آخرين على ذمة نفس القضية لمدة وصلت لـ 9 ساعات. وتظاهر في اليوم التالي أكثر من 50 صحفيا بشوارع العاصمة ،ثم توجهوا في مسيرة إلى مكاتب المجلس القومي للصحافة -الجهة المنظمة لعمل الصحف في السودان- لتقديم عريضة احتجاج. وقرر الصحافيون مقاطعة أخبار جهاز الشرطة. مصادرات كما صادر الأمن صحيفة (صوت الأمة) بعد الطبع لأنها نشرت خبر المؤتمر الصحفي الذي نظمته قبيلة الحلاوين بدار الأمة لمبايعة القبيلة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم. فاشتكى وجهاء من القبيلة قائلين بأن من فعلوا ذلك أفراداً قليلي العدد و ليس القبيلة التي ظلت على "ثباتها و مواقفها المبدئية من الديكتاتوريات". ومن (الصحافة) صودر مقال للدكتور عبدالوهاب الأفندي بعنوان "دروس من إسلام أباد ومواعظ من بكين وواشنطون للحكومة السودانية: اتق شر من أسأت إليه" يقارن فيه بين التجارب السياسية للسودان والباكستان. كذلك حذف خبر آخر عن مطالبة هولندا بإرسال قوات إلى السودان ودول أفريقية لحماية المدنيين. كما هددت السلطات الأمنية صحيفة (الصحافة) لإيرادها خبر عن المتأثرين بسـد مروى حيث يطالبون الحكومة بتعويضات عن مساكنهم وأراضيهم التي انتزعت لبناء السد.