كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
شكرا إفريقيا
|
شكرا إفريقيا بقلم / خالد عويس
غض النظر عن الهنات والسلبيات التي تحفل بها البروتوكولات الموقعة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية والتي توجت أخيرا بتوقيع نهائي في كينيا، فإن الأفارقة الذين أشرفوا على المفاوضات السودانية وواصلوا جهودهم الحثيثة من أجل الوصول إلى هذه النقطة المفصلية المهمة في تاريخ السودان يستحقون الثناء من قبل السودانيين. ولابد لذاكرة السودان الجمعية أن تكون خازنة وفية لكينيا على وجه الخصوص ونيجيريا التي شهدت جولات ابتدائية ولا زالت تواظب على دورها في الوساطة بشأن دارفور بالاضافة لإثيوبيا. وفي هذا السياق لابد للسودانيين أن يذكروا بالخير دائما وسطاء إيقاد ورؤساء هذه الدول التي نذرت امكاناتها الدبلوماسية والمادية والسياسية لازالة العقبات كافة التي هددت في كل مرة بنسف ما تم التوصل إليه. وبدلا من تلك الصورة القديمة التي لطالما لوّنت نظرة غالبية السودانيين لنظرائهم الأفارقة، لابد أن يحفز سلام الجنوب والاتفاق الذي كفل وضع حد لواحدة من أسوأ الحروب وأكثرها بشاعة ودموية، رؤية جديدة تجاه إفريقيا القارة والانسان والثقافة. وصحيح أن شركاء إيقاد الأوروبيين والولايات المتحدة قاموا بدور مقدر أيضا، إلا أن تلك المثابرة الإفريقية الواضحة في رسم طريق جديد للسودان، شكلت أرضية صلبة للسلام. ولا يغيب هنا بطبيعة الحال جانب المصالح والاستحقاقات الاقتصادية والسياسية التي يتوقعها الأفارقة وجيران السودان بخاصة من استقرار الأوضاع في هذا البلد الذي يؤمل أن ينهض من بين رماد حروبه ليستشرف مستقبلا زاهرا وديمقراطيا قائما على المساواة والعدل والحرية. وينبغي على المخططين الاستراتيجيين السودانيين أن يضعوا بعين الاعتبار مستوى الافادة الاقتصادية والتجارية المتبادلة بين السودان وهذه الدول. ولابد أن تسود نظرة جديدة في أروقة صناعة القرار السودانية تولي إفريقيا من جنوبها التي أسهمت بفاعلية في انجاح خطوات السلام، وسافر رئيسها ثامبو مبيكي أكثر من مرة لدفع جهود التسوية، مرورا بوسطها "نيجيريا" التي لعبت ولا زالت تلعب دورا مقدرا في احلال السلام ختما بكينيا وأوغندا، نظرة خاصة. ولابد أن تحتل إثيوبيا التي رعت اتفاق السلام في 1972 ولم تأل جهدا مع نظرائها في "إيقاد" لانجاح المفاوضات الأخيرة، موقعا متقدما من صناعة القرار السوداني فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية. كما ينبغي أن تعاين العلاقات السودانية الإريترية في فضاء جديد، يزيل أسباب التوتر كافة، ويحل نوعا جديدا من العلاقة مع هذه الدولة. وليت الخرطوم في ثوبها الجديد –وعلى الرغم من السلبيات التي لا زالت قائمة ومناخاتها المقيدة للحريات- تقدم على خطوة في غاية الأهمية بتكريم الرموز الإفريقية التي ناضلت من أجل السلام في السودان. وواجب على الخرطوم أن تسعى لوضع أكاليل الغار على رؤوس وسطاء إيقاد وقادة دولها على أن ينال الجنرال لازاراس سيمبويا ومن سبقوه تكريما خاصا أيضا. على أن دور السودان في الحقب المقبلة لا يقتصر على ذلك فقط، خصوصا إذا تم تضميد جرح دارفور، وتغلب حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية على رغبتهما في الاستئثار بهذا الاتفاق في نسخته الثنائية لتنصب الجهود على تعزيز هذا الاتفاق بصيغة قومية تكفل مشاركة القوى السياسية كافة من خلال مؤتمر جامع يتواضع فيه السودانيون على صوغ رؤية سياسية جديدة لجهة الديمقراطية والحرية وكفالة حقوق الانسان ومعالجة المشكلات المتفجرة في دارفور وشرق السودان ومنطقة الحماداب، وتوسع الحوار ليشمل الأطراف المستثناة في الجنوب من هذا الاتفاق، ليلعب السودان دورا مطلوبا في اخماد الحرائق القائمة في الصومال ويوغندا وغيرها من الدول الإفريقية التي تتطلع فعلا لسودان ناهض يسهم في علاج أزماتها
منقول من "سودانايل"
|
|
|
|
|
|
|
|
|