فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 07:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-15-2008, 04:47 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)

    هذا الشيخ .. ألا يستحي ؟!

    د. عمر القراي

    (فقالوا ياليتنا نُردّ ولا نُكذّب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون) صدق الله العظيم

    في لقاءه مع تلفزيون الجزيرة ، بتاريخ 19 أكتوبر 5200 ، حاول د. حسن الترابي ، ان يبرر فعلته النكراء ، التي سماها ثورة الانقاذ ، والتي ختم بها عمله السياسي الطويل ، بشتى المبررات ، والاكاذيب ، والدعاوى .. وكان بين الحين والآخر، يضحك ضحكة صفراء ، فيما لا يستوجب الضحك ، وهو يلمح بالنقد لبقية الاحزاب ، ثم يلمز هنا وهناك ، اصدقاءه في الغرب ، ويعرض باتباعه من العسكريين، ويحملهم وحدهم ، دون مرشدهم ، ضياع الديمقراطية ، والبطش بالشعب ، وسرقة المال العام ..

    اما الانقلاب ، فانهم اضطروا اليه، على حد زعمه ، لان الغرب منعهم ان يصلوا للسلطة، عن طريق الديمقراطية .. ثم عندما حاول هو، بعد الانقلاب ، ادخال الديمقراطية ، منعه اتباعه من العسكر، وقاموا بسجنه .. واما انشغالهم بالمناصب ، وأكلهم اموال الشعب بالباطل ، فانه حدث لان السلطة كانت جديدة عليهم و(لكل جديد لذّة) !! فالحديث يجري كله ، بهذه السذاجة ، والتجاوز لوقائع التاريخ القريب ، بصورة متهافتة ، لا تجوز على أحد !! ولكن الذي يهمني منه ، الاشارات التي وردت عرضاً ، ويمكن ان نقف منها ، على فهم ، وسلوك الترابي الديني .. ذلك ان الرجل ، قد كان زعيم الاخوان المسلمين ، وزعيم جبهة الميثاق الاسلامي ، وزعيم الاتجاه الاسلامي ، وزعيم الجبهة الاسلامية القومية ، ثم مؤخراً الزعيم الروحي لثورة الانقاذ ، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي ، ثم هو بعد هذه المناصب ، والالقاب الدينية ، والسياسية العديدة ، لا يكاد يفهم من الاسلام شيئاً ولا من السياسة ما يكفي !!

    هل يدعو الترابي الى الأصول؟!

    في بداية اللقاء جرى الحوار التالي :

    (س- ما الذي حول الدكتور حسن الترابي ، من صانع لثورة الانقاذ ، الى اكبر معارض لها ؟

    ج- هذه سنة في العالم ، الثورات تتخذ بعض المبادئ العامة ، وفي سبيلها تقتحم تحديات الحياة ، وتتصدى لها ، ولكن بعد الثورات تتقلب الامور، ويصعد الى التمكن في السلطة اناس ، دفع الثورة التي تقتحم وتدمر نفسها ، قد يغريهم ان ينقلب بعضهم على بعض ، حدث هذا ، في كل البلاد مسلمة أو غير مسلمة ، في فرنسا كبار رجال الثورة ومفكروها تعرضوا الى ...

    س- هل تعتبر الثورة فشلت في تحقيق اهدافها التي قامت من اجلها ؟

    - ج- كلا !! كانت تذكرة للغرب ، ان اذا كان يصد الاسلام اذا سلك طريق الديمقراطية ، فيضطره ذلك الى ان يدفع عن نفسه ، بطريق الثورة ، فالاسلام سيثور .. وبالطبع كانت ثورة مسالمة بالطبع في السودان ، ولكن الغرب تعرض الى رد فعل اعنف من ذلك بكثير، وانبسط في قعر داره ، وفي كل ساحات العالم ، لعل ذلك يلقي شيئاً من الحكمة عند الآخرين .

    س- ما هي ؟؟

    ج-ان يعقلوا انه من الخير ان تفتح للاسلام ، وتبيح له ان يمضي للسلطة عن طريق المسالمة ، وهذا الاصل في الاسلام .. ما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم ، المدينة غازياً ، ولا منقلباً عليها ، ولكن دخل بالسلام .. ولكن ما ان يقترب الاسلام في السودان ، او في غيرالسودان ، من السلطة ، الا قمعوه ...) !!

    أرايت كيف يبرر الترابي ، انقلابه على حكومته ، بان هذه سنة عالمية ، تحدث لكل الثورات ؟ فما ميزة الجماعة الدينية اذن ، اذا كانت ستقع في نفس اخطاء الجماعات الاخرى ، التي لم تدع الدين ؟! وبعد ذلك ،يُسأل الترابي هل فشلت ثورتهم فيقول كلا !! وكأن هدفهم ، قد كان من البداية ، ان ينقلبوا على بعضهم ، ويسجنوا شيخهم !!



    والترابي يحدثنا ان الاصل في الاسلام ، هو المسالمة، فما هو الفرع في الاسلام ؟! نقترح عليه ان الفرع هو الحرب والقتال .. فان صح ذلك ، وهو صحيح دون ادنى ريب ، فالسؤال هو : ما هو المناسب لعصرنا الحاضر، الاصول ام الفروع ؟! فان قال ان الانسب هو الفرع ، فهذا ما فعله بالضبط ، حين صّعد الحرب مع الجنوب، وأعلن الجهاد ، وابتدع ملهاة (عرس الشهيد) ، ومات بسبب توجيهه ، وتحريضه ، الآلاف من ابناء الشعب السوداني ، من جنوبيين وشماليين ،في حروب أهلية دمرت الوطن.. ولكن هذا يناقض حديثه الحاضر، لتلفزيون الجزيرة !! واما ان قصد من حديثه ان ذلك خطأ ، وانه الآن يرى ان الاصل هو السلام ، وهو بذلك يدين الحرب ، ويذكرنا بان النبي صلى الله عليه وسلم ، قد دخل المدينة بالسلام ، ولم يدخلها غازياً ، أو منقلباً ، فلماذا لا يعلن في شجاعة ، انه اصبح يتفق الآن ، مع فكر الاستاذ محمود محمد طه - الذي طلما اتهمه بالكفر- وانه نادم على تآمره مع نميري على اغتياله ؟!

    فاذا كان النبي عليه السلام ، قد دخل المدينة بالسلام ، ولم يدخلها منقلباً على اهلها ، كما ذكر الترابي، فلماذا دخل الترابي الخرطوم ، منقلباً في عام 89 ، ولم يتأس بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! هل يكفي منعه الوصول الى السلطة ، ان صح ، مبرراً لمخالفته لنهج النبي الكريم ؟! ومهما يكن من امر، فان النبي صلى الله عليه وسلم ، دخل المدينة مسالماً ، لأن قرآن الفروع الذي يدعو للقتال ، لم يكن قد نزل عليه بعد .. وكان حتى اول العهد في المدينة ، يخاطب بآيات فيها روح القرآن المكي ، وتلحق باصوله ، في الدعوة بالتي هي احسن ، والصبر على اذى المخالفين .. ولكن هذا الوضع تحول حين نزلت آيات الفروع ، فأحكمت القتال ، ونسخت الاسماح ، الذي تقوم عليه آيات الاصول .

    يتواصل الحوار كالآتي :

    (س- ما العوائق التي ادت الى عدم تنفيذ ما تتحدث عنه ؟

    ج- ان السلطة بالطبع تملكها قادة ..الذين تمكنوا في مواقع السلطة قادة عسكريون ، والعسكرية مهنة تعلم الانسان ان الامر يتنزل من عل ، ولا يمكن ان يراجعه أحد اصلاً ..

    س- في النهاية هذه كانت فكرتك انت ان تقوم بانقلاب عسكري !

    ج- ظنناها ثورة !! أما الثورة الشعبية الواسعة ، في بلد كالسودان ، يمكن ان تدخل عليها العصبيات القبلية ، وان تدخل عليها البلاد من حول السودان .. فالسودان له جيرة كثيفة ، (يضحك) ويمكن ان يثور الامر الى فوضى في السودان ، ظننا ان انقلاباً محدوداً ، وطيباً ، وليس فيه سفك للدماء ، بعد ذلك بقسم ، وبعهود ، وبخطط موضوعة سراً ، ان يمضي شيئاً فشيئاً ، فينزل قيم الدين ، من حرية للجميع مسلم وغير مسلم ، مهما كان ناقداً او ناصحاً للسلطة .. وان يكون الامر كله شورى ، لا يقضى قضاء اصلاً ، الا بمجلس نيابي ، او مجلس ولائي ن او قومي .. وان يقتصر الذين يتولون السلطة على ما يتولون من اجور، والا يغريهم تمكنهم من الثروة الى الفساد ، وان يحترموا العهود الدستورية ...)

    فالترابي قد حرك اعضاء الجبهة القومية الاسلامية ، الذين كانوا في الجيش ، والذين تم تجنيدهم في الحركة الاسلامية ، منذ المراحل الثانوية ، او بواسطة المركز الاسلامي الافريقي ، الذي استغل لتدريس ضباط الجيش ، افكار الاخوان المسلمين ، ليقوموا بانقلاب عسكري ، وهو يظن انه يقوم بثورة ، فهل يمكن ان يصدق احد هذا ، حتى لو كان الترابي نفسه ؟ وهؤلاء ليسوا مجرد عسكر، حتى يستجيبوا للاوامر العسكرية فقط ، وانما هم من الاسلاميين ، فلماذا قدموا امر السلطة ، واوامرها على الاسلام ، واعتقلوا رمزه ، والقوا به في السجن ؟! ثم ماذا عن من هم ليسوا من العسكر، مثل على عثمان محمد طه ، لماذا فضلوا السلطة على زعيمهم ؟! ماذا عن المثقفين والصحفيين ، من اعضاء الاتجاه الاسلامي ، الذين كانوا يسبحون بحمد الترابي ، ثم صاروا يسبونه باقذع الالفاظ ؟! وهل حقاً ان الثورات الشعبية ، العريضة ، في السودان ، لا يمكن ان تنجح لوجود القبلية ، ولأن للسودان جيران كثيرين ؟!

    ومتى حقق الترابي ، قيم الدين ، التي تدعو للحرية للمسلم وغير المسلم ؟! هل فعل ذلك عند اعلان الجهاد على جبال النوبة ، أم عند اعلانه على الجنوب ؟! واذا كان هو يرى ان غير المسلم ، يستحق الحرية ، وله الحق ان يعتنق ما يشاء ، ولكن تلاميذه من العسكر، في السلطة ، لا يوافقون على ذلك، ويصرون على الحرب مع غير المسلمين ، من المواطنين السودانيين ، اما كان اجدر به ، ان يخرج من السلطة ، مع اراقة اول دم في بداية الحرب ؟! لماذا استمر عراب الثورة ، ومرشدها ، وخاض معها ، بحور من دماء الشعب السوداني ، ثم جاء يحدثنا اليوم ، عن اصل الاسلام ، حيث الحرية حق للمسلم وغير المسلم ؟!

    لم نكن مهيئين للسلطة !!

    (س- ولكن الحركة في السودان ، تقريباً دمرت ، لان اصبح الكل بعد السلطة ، يبحث عن موقع داخل السلطة ، والذين بحثوا عن مواقع السلطة دمروا وفتتوا ، لم يعد هناك مجلس شورى ، ولم يعد هناك اشياء ، اصبح فقط مؤسسات الدولة والسلطة ، واصبح كل شخص يريد موقعاً في السلطة ، هل هذا ما حدث ؟

    ج- ما تقوله حق في واقع الأمر !! لأن الناس ظنوا ان السلطة ، قد فلتت من أصول الشرع الاسلامي ، اصول البنية الاسلامية ، منذ ان فقد المسلمون الخلافة الراشدة .. ولذلك لما عادت اليهم ، هرعوا اليها جميعاً ، يتولون المناصب فيها .. وخيار وصفوة كل الحركة ، وقياداتها كلهم دفعوا الى مواقع السلطة ، بل بسطت المواقع وزارات ولائية ، ومؤسسات ، وما نحن باشتراكيين اليها .. فكلهم اصبحوا عرضة لفتن السلطة ، ولذلك وحِل كثير منهم ، وفتن كثير منهم ..

    س- يعني افسدت السلطة في السودان الحركة الاسلامية ؟

    ج- نعم وشقتها !! الذين ما زالوا يتمسكون ويعتصمون بالمبادئ ، والذين ظنوا ان السلطة هي كل شئ ، ولذلك حدث الانشقاق الذي حدث ، ولا يعزي المرء الا ان الاحزاب السودانية كلها ، في تطور السودان الحالي، ألفت وعهدت كثيراً من الانشقاقات .

    س- ولكن هناك شعارات كانت ترفعها الحركة الاسلامية ، وهناك مسيرة من التربية ومن الاعداد ، ومن الآمال ، ومن الكلام الطيب المعسول ، الذي كان يقال سواء داخلها أو خارجها ، كل هذا تلاشى امام المناصب؟

    ج- كلا !! لأن الفقه التقليدي الذي ورثناه كله ابتعد من السلطان .. الاحكام السلطانية هذا هراء، ليس من الدين في شئ ، الكتب القليلة التي نجدها .. والصوفية التي بسطت الخلق الديني في السودان، كانت تبتعد ان يقرب الانسان من باب السلطان ، الا اذا اراد ان يتوجه نحو طريق الشيطان ، من اراد طريق الله فليدبر عن اؤلئك ، وليأوي اليه .. فما دخلنا بتربية بالتقوى الاخلاقية ، لخدمة السلطة ، ولا بهداية كاملة لاحكام السلطان في الاسلام ، دخلنا السلطة بعد ذلك، فكانت التجربة الاولى بعد ما يزيد على الالف سنة ..

    س- لم تكونوا مهيئين للسلطة ؟!

    ج- لم نكن مهيئين لكن ما ندري نحن اننا ما كنا مهيئين ..)

    ان اعتراف الترابي هنا ، بان السلطة افسدت الحركة الاسلامية ، لا تزينه فضيلة الصدق ، والرجوع الى الحق ، لانه يتجه الى تبرئة اعضاء المؤتمر الشعبي - مما وصف به بقية اتباعه- ويصفهم بانهم ما زالوا متمسكين بالمبادئ !! فأي مبادئ هذه ، التي تسمح لهم بالمشاركة لمدة عشر سنوات ، فيما يعتقدون انه باطل ؟؟ واذا كان الترابي يعترف ، بانهم لم يكونوا مهيئين للسلطة ، أكثر من ذلك انهم ما كانوا يعلمون بانهم غير مؤهلين ، فما العبرة بادعائه الآن ، انه على حق ، وان الجناح الآخر على باطل ؟ افلا يجوز ان تكون معرفته هذه ، كتلك ، وتكون الخلاصة ان د. الترابي يجهل حركته ، وهو من ثم ، اجهل بالمجتمع السوداني ، الذي قلب الحكومة ، ليحكمه بهذه الجماعة ، غير المؤهلة خلقياً وغير المهيأة سياسياً للحكم ؟!



    ومع ذلك ، يلقي الترابي باللوم على غياب الفقه الاسلامي ، المفصل ، على قضايا الحكم ، والذي يكون متطوراً على الاحكام السلطانية ، وغيرها من كتب الفقه ، كما يلوم تربية السادة الصوفية للشعب السوداني ، حيث ركزوا على البعد من السلطان .. وكأنه يريد ان يقول، لوان هنالك فقه مكتوب ، ومفصل ، عن كيفية الحكم ، ولو ان الصوفية ربوا الشعب السوداني، على عدم رفض السلطة ، لما فشلت تجربة الحركة الاسلامية في الحكم في السودان !! ومعلوم ان الحركة الاسلامية، التي يقودها الترابي ، لم تتاثر بالصوفية ، بل كانت عبر تاريخها ، اقرب للوهابية ، المعادية للتصوف ، ثم هي قد هرعت للسلطة ، خلافاً لراي الصوفية ، فعلى ماذا يلوم الصوفية ؟! إن الصوفية حين رفضوا السلطة ، انما كانوا يخافون على انفسهم ، من فتنتها ، وما تسوق اليه ، من الاضرار بالآخرين ، مما اعترف به الترابي الآن ، بعد التجربة الفاشلة ، أفما كان الاجدر به ، ان يقتدي بهم ، بدلاً من ادانتهم على خطأه هو ؟!

    ان خلل الفهم الديني ، عند الترابي ، يتضح في انه يعلق أمله بالفقه ، ويظن ان الخلل هو في غياب هذه المعرفة الفقهية .. والحق ان الخلل اخلاقي ، وتربوي ، وهو عجز افراد الحركة الاسلامية ، عن السيطرة على شهوات نفوسهم ، في نهب المال العام ، وفي البطش بالخصوم ، وممارسة شتى ضروب الفساد .. وهو خلل لا يدل على جهلهم باحكام فقهية ، وانما يدل على ضعف ايمانهم بالمبادئ الدينية نفسها .. وحين ذكر الترابي ، ان تلاميذه لم يتمكنوا من مقاومة نوازع السلطة ، نحو الشهوة ، عزى ذلك الى ان التجربة جديدة عليهم ، وكأن في ذلك عذر لهم !! مع انه في نفس الوقت ، حدثنا عن دولة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكم الاصحاب من بعده ، مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وتناسى ان يذكر لنا ، ان تلك التجربة الناصعة ، كانت أيضاً التجربة الاولى ، لاؤلئك النفر من كرام الاصحاب ، رضوان الله عنهم ..

    تركنا المجتمع ضائعاً وهرعنا الى السلطة !!

    (س- هل هناك فوارق كبيرة بين الشعارات والمبادئ والافكار وما بين الممارسة الفعلية للسلطة ؟

    ج- نعم ، نعم !! يحدث هذا لكل الثورات .. الثورة الفرنسية بدأت بالعدالة والمساواة والاخاء ، ولكن قضت مئة عام من الارهاب ، ومن آ آ في النهاية الرجوع .. الرجوع الى نابليون حتى يرتاحوا من الفوضى .. ذلك ليس بغريب لأحد ، لم يتمكن من الهداية المنزلة المفصلة اخلاقياً على مقاومة نوازعها نحو الشهوة ، والسكر بها ، ليس ذلك ببعيد لاول تجربة له .. واول تجربة ، لا نقول انها فشلت ، بل ان التجربة نفسها تعظك ، فالله يبدل السيئات حسنات ، لأنها تعظك من ان تعود اليها.. وها نحن ابصر فقهاً وخلقاً ..

    س- لو طلبت منك في نقاط ان تقول لي ما الذي خرجتم به من هذه التجربة ؟

    ج- اولاً ان المجتمع المسلم ، يبني حياته الدينية غالبه ، لا من تلقاء السلطة .. ولكن من تلقاء الضمير المؤمن التقي المندفع المتوكل ، ومن تلقاء المجتمع المتدافع المتعاون المتآمر بالمعروف المتضابط كذلك ، وقليلاً ما يضطر الى اللجوء الى السلطة ، لو قرأنا القرآن هو كذلك ..

    س- لكن من الذي يتولى امر السلطة في النهاية من الذي يدبر شئون الناس والحياة ؟

    ج- ان يتولاها قلة ، ولكن نحن هرعنا اليها ، لانها كانت جديدة بالنسبة لنا ، فقدناها منذ مئات السنين.

    س- يتولاها القلة المؤهلون لها ؟

    ج- قلة تضبطها كثرة المجتمع ..

    س- لكن انتم عندكم الكثرة تولت ولم تعد هناك قلة تحكم ؟

    ج- نعم نعم ذلك الذي حدث تماماً .. الآن كل توجهنا اصبح حتى لو في انتخابات قادمة ( يضحك ) فزنا بغالب المقاعد فيها، ما ارسلنا ما بعثنا الى السلطة ، الا بعضاً قليلاً منا ، وبقينا في المجتمع .. لاننا نحن تركنا المجتمع ضائعاً، تركناه فارغاً ..)

    فالترابي يرفض القول صراحة بان تجربتهم فشلت ، ومع ذلك يقول بان الله ، يبدل السيئات حسنات ، لاننا يمكن ان نستفيد من التجربة ، السيئة ، بعدم تكرارها .. ولكن الله لا يبدل السيئات حسنات ، الا بعد التوبة !! واول شروط التوبة ، الاقرار بالذنب ، والعزم على عدم العودة اليه ، مرة أخرى ، ثم رد الحقوق الى اهلها !! وذنب الترابي ، باعتباره راعياً لحكومة الانقاذ ، ليس ذنباً يسيراً ، وانما هو حمل ثقيل ، من دماء القتلى ، وآلام المعذبين في بيوت الاشباح ، وضياع الملايين من اموال الشعب السوداني . واذ يغفر الله ، الذنوب المتعلقة باوامره ، لا يغفر الذنوب المتعلقة بحقوق الناس ، حتى يعفي اصحابها ، ولهذا ليس في الذنوب ، ما هو أسوا من الاضرار بالناس ..

    ما الذي خرج به الترابي من هذه التجربة ؟ خرج بان المجتمع ، وبناءه على اسس الدين ، اولى من السلطة !! وهو بذلك ، يعلن مخالفته التامة ، لكل منهج الاخوان المسلمين ، منذ سيد قطب ، حيث ركزوا على ان السلطة ، اهم من المجتمع ، واستعمالها للقهر، اولى من الموعظة الحسنة .. ورددوا كثيراً ، دون فهم ، الحديث الشريف " ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" !! والحديث يقصد ان الحاكم المسلم ، المطبق للدين في نفسه ، والمجسد لكمالاته ، ابلغ في التاثير على الرعية ، من قراءتهم القرآن ، وهو قطعاً ، لا يعني ان البطش بالسلطة ، انفع للناس من القرآن ..

    ولقد ذكر الترابي ، بأننا لو قرأنا القرآن ، لوجدنا انه يركز على التربية والمجتمع ، اكثر مما يركز على السلطة ، وهذا حق.. ولكن المؤسف ، ان الترابي لم يعرف ذلك ، الا بعد ان بلغ هذا العمر، وخاض واتباعه ، هذا التجربة المنكرة .. مع ان المسلم العادي ، الذي لم يكن زعيماً ، يعرف ان حوالي ثمانين بالمئة من القرآن ، يركز على التوحيد ، والاخلاق ، والتربية، والعبادة ، وسير الموعظة ، وان قدراً يسيراً منه ، تحدث عن امور الدنيا ، بما فيها الحكم .. وان القرآن المكي ضعفي القرآن المدني ، وهو الذي احتوى على قيم الدين ، حين حوى القرآن المدني التشاريع ، بما فيها الحكم..

    ولو كان الترابي صادقاً ، لعرف ان الحل ليس في ارسال قلة منهم للسلطة ، لأن القلة نفسها ، يمكن ان تفسد ، وتفسد المجتمع، من تحتها .. وانما الحل ان يبعدوا عن السلطة ، تماماً ، وينشغلوا بتربية الافراد ، واصلاح انفسهم ، وتقديم الخير للمجتمع . حتى اذا ساد فكرهم ، بالقناعات الحقيقية ، وليس باغراءات السلطة ، وتم للكوادر، قدر من التربية الدينية، الرفيعة ، يمكن ان يدخلوا الى معارك السياسة ، التي تقود للسلطة ..

    وبعد إعتراف الترابي ، بانهم تركوا المجتمع ضائعاً ، حدثنا بانهم يريدون ان يعملوا الآن ، وسط المجتمع ، فهل يظن ان المجتمع ، بهذه السذاجة ، ليقبلهم بعد ان تخلوا عنه ؟! وهل حقاً تركت الجبهة الاسلامية المجتمع، وانشغلت عنه ، بالمناصب ؟! لو كان الامر كذلك لكان افضل للمجتمع .. ولكن الحقيقة المؤلمة ، هي ان الجبهة لم تترك المجتمع ، بل توغلت فيه بطشاً ، واعتقالاً، وتعذيباً ، وطرداً من الخدمة العامة ، وتعبئة لحرب جائرة ، وقتل للمواطنين، وحرق للقرى ، وسلب للاموال ، واستغلالها لافساد الشرفاء من الفقراء .. وكل هذا ، تم لدعم سلطتهم، واستمرار سيطرتهم ،واستمتاعهم بهذه المناصب ، التي تركوا من اجلها ، دينهم خلف ظهورهم.

    الحركة الاسلامية ضرت المجتمع السوداني!!

    يستمر الحوار على النحو التالي :

    (س- انت تقر الآن ان المجتمع السوداني ..آ بالفعل انا آخر زيارة للسودان حينما حاولت استقرئ الواقع وجدت ان الحركة الاسلامية ضرت المجتمع السوداني اكثر مما افادته ..

    ج- نعم ، نعم !! لانها هجرته الى مواقع السلطة ، وظنت انها ..آ لكن الله سبحانه وتعالى ، يوصي النبي ويؤهله منذ مكة ، ما انت عليهم بمسيطر.. ما انت بجبار.. ذكر، اتعامل مع الناس ، ولا تستعمل المال.. لوانفقت ما في الارض جميعاً ما الفت بين قلوبهم .. نحن فتنة السلطة ، وجدّة السلطة علينا ، ولكل جديد لذة طبعاً ، هي صرفتنا عن المجتمع.. الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الامر .. ان المجتمع وثقافته ومجتمعه واعرافه أولاً ، لا يعني ذلك ان نترك السلطة تنعزل، وتنفصل عن الدين، ولكن تتم الدين وتكمله فقط .

    س- يعني بناء المجتمع هو الاساس بالنسبة لكم ؟

    ج- آه طبعاً قطعاً والحضارة كذلك ..

    س- لواستقبلت من امرك ما استدبرت هل كنت ستسعى لعمل انقلاب89 ؟

    ج- كلا .. الآن فقط، كذلك مما نفعني ، عدت أقرأ تاريخ الأمة المسلمة ، لا الأمة المسلمة وحدها ، بل تاريخ كل الأمم .. وجدت ان أهل الحرب والجند والعسكرية ، دائماً تقوم على الاسروعلىالقوة ، لانها تتعامل مع الآخربالقوة ، بالضرب .. فلذلك كنا ظننا ان الثورة يمكن ان تعيد لان الثورات هي التي اعادت الديمقراطية الى اوربا ، ولكن نسينا ان الثورات عقبتها عهود من الارهاب والطغيان وبعد عهود متطاولة ، تنزلت القيم ، قيم الثورة الى الواقع، واصبحت جمهوريات ديمقراطية في الواقع ، فلو استقبلنا من امرنا ما استدبرنا قطعاً لن نلجأ الى العسكر ..

    س- هل ادخلت شيئاً جديداً او تطويراً او تغييراً لفكرك السياسي ، خلال المرحلة الاخيرة ؟

    ج- طورت اصول الفكر السياسي كتبتها منذ زمن ، قبل ان اعتقل منذ ايام نميري وقبله ، وهي مطردة المعاني مطردة ، ولكن الآن شواهدها من التجارب والتاريخ اثرتها وغذتها .. وكذلك رؤيتي لتفاسير القرآن التقليدية ، لا تكاد تجمع لي رؤية القرآن .. كذلك الآن في السجن ، في قضايا المرأة ، وقضايا الصلاة والصيام والحج ، كل هذه الشعائر كنا نؤديها كما يؤديها الناس ، أعرافاً وصوراً واشكالاً واذكاراً كللغو على اللسان.. ولكن الآن نمت افكاري وتبدلت جداً، بالتجارب وبالتامل في السجن )

    فالترابي اذن ، يقر هنا ، انه كان يقدم امر السلطة على امر المجتمع ، وان الحركة الاسلامية اضرت بالمجتمع السوداني ، لأنها هجرته الى مواقع السلطة ، خلافاً لنهج النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي اوصاه به الله ، وانه بعد التجربة تعلم ويقول (الآن نحن التجربة علمتنا الفقه الديني في واقع الامر)!! وهو لم يكن يجهل الفقه الديني ، في المفاضلة بين اولوية المجتمع أم السلطة ، فحسب ، بل كان يجهل السياسة ايضاً ، ويجهل التاريخ ، ومآل الثورات العنيفة ، الى صور من البطش والطغيان ( الآن فقط كذلك مما نفعني عدت أقرأ تاريخ الامة الاسلامية) !! أكثر من ذلك !! كان الترابي يجهل شعائر الاسلام ، الاساسية ، ويمارسها لغواً باللسان ، دون ان تترك اثرها في قلبه ، وعقله ، ويقول (وقضايا الصلاة والصيام والحج كل هذه الشعائر كنا نؤديها كما يؤديها الناس أعرافاً وصوراً واشكالاً واذكاراً كاللغو على اللسان ) !! السؤال هو : ما الذي أهّل الترابي ، لقيادة الحركة الاسلامية ، وهو لا يعرف اسس الاسلام ، ولا بديهيات السياسة والتاريخ ؟!

    والترابي يخادع الشعب ، بهذه العبارات ، لان هذه ليست اول مرة يهرع واتباعه للسلطة ، ويحاولون تطبيق القوانين، وفرضها بالقوة ، قبل تربية المجتمع .. فقد حدث ذلك ، في عهد نميري ، وفشلت قوانينهم الاسلامية ، وكانت من اسباب انتفاضة مارس ابريل التي اطاحت بنظام نميري .. وقد اختلف معهم نميري بعد ذلك ، وسجن الترابي ، فهذه ليست اول مرة يجد فرصة التامل ، في السجن، فلماذا عرف كل هذه الاخطاء ، وتعلم الشعائر، في هذا السجن بالذات ؟!

    من كل عشرة اسلاميين تسعة فاسدون !!

    (س- دائماً تتحدث عن الفساد في السلطة وفي مؤتمر صحفي قلت ان السلطة في السودان افسدت تسعة من كل عشرة من الذين شاركوا فيها من الاسلاميين ؟

    ج- تلك ايام مضت ، بدأت ظواهر فساد فقلت بضع في المئة ، وتحدثت عن ان البضع قد يبلغ تسعاً ولكن كثير من الذين من حولي قالوا نسي صفراً (يضحك) ، ولكن تفاقمت ، تفاقمت الآن ، لا نقول انها بضع ...

    س- كيف يفسد الذين يحملون الشعارات الاسلامية ؟

    ج- من الرقيب عليك اصلاً ، ما هي موارد الدولة البترول والضرائب و..

    س- ما اشكال الفساد ؟

    ج- المال ياتيك عفواً ، لم تكسبه حتى تقدر قيمته بعرقك وبجهدك ، ياتيك عفواً ولا يراقبك احد، والمحاسبون كلهم تحتك ، يكتبون ما تامر به.. ومن العسير على المرء بغير ضابط حتى ان يتذكر في الغيب الله سبحانه ونعالى وبعد ذلك يطلق يده .

    س- هل تكون السلطة على الفساد من خلال المجتمع ومن خلال المؤسسات ؟

    ج- الآن في السودان الناس يشتكون كثيراً قد يبلغون بها ..

    س- اما تشعر بالمسؤولية عن ذلك ؟

    ج- طبعاً السلطة المطلقة تفسد ، استعمال السلطة ضد المعارض الا تسمع له ، بل تسكت صحيفته تلقي به في السجن .. وضد المال العام الذي تسلبه من الناس ان تأكل اموال الناس بالباطل .. هذه الآن درس لهذه الشعوب الشعوب لم تتعلم اصل الشورى ولا المشيئة الحرة والزواج كان في اعرافنا القديمة قهراً واجباراً ومعاملاتهم كانت بشيخ يعلو على الناس فالمجتمع نفسه بنيته هذه لا تؤهله لأن يخرج حكماً حراً شوروياً متصادقاً في عهوده ..)

    وفي سؤال من مشاهد ، يقول طالما اعترف الترابي بخطئه ، فلماذا ما يزال يلهث خلف السلطة ليرتكب اخطاء جديدة ، أجاب الترابي (اولاً لا بد ان يتبين ان الحركة لم تكن حزبياً سياسياً وحسب هي كانت حركة اجتماعية وحركة ثقافية وحركة سياسية أيضاً .. وهذا الذي حدث في السياسة كان شريحة من ادائها ، لأن الآن تحررت المرأة في السودان، بدفع من حركة الاسلام ، وتعربت اللغة العربية عربت العلوم العليا وعربت السودان شماله وشرقه وغربه بدفعة من الاسلام .. وبدفعة من الاسلام وعلاقاته الدولية، دخل البترول الى السودان بدفعة من الاسلام لا من الشركات ، حتى بعلاقات من حركات الاسلام مع البلاد والاشخاص بعينهم قديمة ، كذلك بدفعة من الاسلام بدأ التضنيع في السودان الحربي الذي ينتج الدبابات.. ما كان السودان في التضنيع شيئاً مذكوراً ..فالدفع ليس كله فقط الدولة ، وكل الاخفاق حول الدولة وحسب ، لكن حتى الدولة نفسها الآن شهرت السودان .. السودان كان ذليلاً ما كان يعرف ، نذهب الى رؤساء الدول لا يعرفون اين يقع السودان في الارض .. لكن السودان اصبح اعز مكانة ورهبه كثير من الناس .. صحيح يلقون عليه تهمة الارهاب وهكذا ، لكن عزت مكانته الدولية في العالم .. والسودان الآن لاول مرة يعلم شيئاً يسمى المواطنة بتقرير مصير لحقوق الناس ، ان يتواطنوا رايهم هم ان شاءوا الا يتواطنوا لا يتواطنون مع الجنوب مثلاً ، او مع اي قطاع آخر، الناس كانوا كلهم يحكمون من الخرطوم بالقوة، على ميراث البريطانيين، اللامركزية الفدرالية ، ما سمعنا كلمة من احد ، ولا الاقليمية من احد، الا من حركة الاسلام ..)
    أول ما تجدر الاشارة اليه ، هو ان الترابي تجاهل تماماً ، سؤال مقدم البرنامج ، عن مسؤوليته عن ما حدث من الفساد .. حيث اخذ يتحدث عن انواع الفساد ،واستغلال السلطة ، الذي حدث من حكومة الانقاذ ، ولم يشر الى نفسه ، من قريب او بعيد.. ثم هو قد عزى الفساد ، الى غياب الرقابة ن مع ان ذلك من تركيبة النظام ، الذي اشرف على قيامه من البداية !!

    بعد ان ذكر لنا الترابي ، ان حركته اضرت بالشعب ، وانها انشغلت عنه بالكراسي ، وانها هرعت الى المناصب ، وان افرادها فسدوا ، وتفاقم فسادهم ، وخاضوا في اموال الشعب بالباطل، بلا رقيب ولا حسيب، وانه لو استقبل من امره ما استدبر، لما اقام حكومة الانقاذ ، جاء ليحدثنا عن ان حركته هي التي حررت المراة !! وهي التي ادخلت البترول في السودان !! وهي التي رفعت من مكانة السودان ، وهي التي طرحت موضوع المواطنة ، وتقرير المصير، وهي الوحيدة التي دعت للفدرالية واللامركزية !!

    مثل هذا الحديث ، هو الذي جعلنا نصف الترابي بعدم الحياء .. اذ ان الشعب السوداني ، بما فيه الترابي ، يعلم ان حركته كانت على طول المدى ، ضد السلام ، وضد حق الاخوة الجنوبيين في تقرير المصير.. وانها رفضت السلام ، الذي وقعه السيد محمد عثمان الميرغني ، مع الحركةعام 1988 ، وحملت حليفها ، آنذاك ، السيد الصادق المهدي لرفض اتفاقية السلام .. وان حكومة الجبهة هي التي اهانت المرأة السودانية ، وجلدت طالبات الجامعة، لأول مرة في تاريخ السودان، على رؤوس الاشهاد !! وفرضت على المرأة السودانية الحجاب الايراني ، ومرافقة المحرم بالقوة ، وهي التي اشعلت الحروب ، التي فقدت فيها النساء اعز ما تملك ، من شرفها ، ومن فلذات اكبادها .. ولئن زاد استخراج البترول بواسطة حكومة الجبهة ، فان الشعب لم ير عائداته ، التي ذهبت في جيوب الافراد الاسلاميين ، من ضمن الفساد ، الذي وصفهم به ، شيخهم ، ومرشدهم ..

    وهل حقاً كانت حركة الاسلاميين ، بقيادة الترابي ، هي اول من طرح الفدرالية، والحكم اللامركزي في السودان ؟! أم ان الترابي يجهل تاريخ السودان ، كما جهل تاريخ الامم الاخرى ؟! فليقرأ الترابي اذن ، وليقرأ اتباعه داخل السلطة وخارجها (ان اهتمامنا بالفرد يجعلنا نتجه ، من الوهلة الاولى ، الى اشراكه في حكم نفسه بكل وسيلة ، والى تمكينه من ان يخدم نفسه ومجموعته في جميع المرافق ، التشريعية والتنفيذية والقضائية وذلك بتشجيع الحكم الذاتي ، والنظام التعاوني. ولما كان السودان قطراً شاسعاً وبدائياً فان ادارته من مركزية واحدة غير ميسورة ، هذا بالاضافة الى ما تفوته هذه المركزية على الافراد من فرص التحرر والترقي والتقدم ، بخدمة انفسهم ومجموعتهم ، لذلك فانا نقترح ان يقسم السودان الى خمس ولايات ... ثم تقسم كل ولاية من هذه الولايات الخمس الى مقاطعتين وتمنح كل ولاية حكماً ذاتياً يتوقف مقداره على مستواها ومقدرتها على ممارسته ، على ان تعمل الحكومة المركزية ، من الوهلة الاولى ، على اعانة كل ولاية لتتاهل لممارسة الحكم الذاتي الكامل ، في اقرب فرصة ، وان تمنحها سلطات اكثركل ما بدا استعدادها ويقوم الحكم الذاتي في كل ولاية على قاعدة اساسية من مجالس القرى ومجالس المدن ومجالس المقاطعات ومجالس الولايات حتى ينتهي الشكل الهرمي بالحكومة المركزية التي تسيطر على اتحاد الولايات الخمس ، وتقويه ، وتنسقه بسيادة القانون لمصلحة الامن والرخاء ، في سائر القطر)[1] .. ولقد خرجت الطبعة الاولى، من هذا الكتاب عام 1955 ، فاين كان الترابي في ذلك الوقت ؟ وهل طرح هو او اي من الجماعة الاسلامية أو غيرها حديث عن اللامركزية آنذاك ؟!



    التهافت :

    هل كان يمكن ان يدلي الترابي ، بحديث مثل هذا ، لو كان ما يزال في السلطة ؟! ام انه الآن ينقد السلطة ، كمعارضة ، ليس لها غرض الا الرجوع الى السلطة ، مرة أخرى ، وتكرار التجارب الفاشلة كما ذكر احد المتداخلين ؟ ومع ان الترابي ، هو اهم العناصر، في تجربة حكم الجبهة ، فانه يريد اي يخرج نفسه منها ، ويعين نفسه طبيباً ، للداء الذي اتى به ، ورعاه حتى شب عن الطوق فالتقمه .. وليست هذه اول مرة ، يفتعل الترابي فيها المشاكل ، ثم يوظف نفسه لحلها !! فقد قاد عام 1965 حملة المطالبة بحل الحزب الشيوعي السوداني ، وطرد نوابه من الجمعية .. وحين ابطلت المحكمة العليا ، تعديل الجمعية التاسيسية للدستور، وابطلت حل الحزب الشيوعي ، اخرج الترابي كتيباً عن المشكلة الدستورية الشهيرة ،التي كان من مستشاري مجلس السيادة، الذين ينبغي ان يسهموا في حلها .

    في ذلك الوقت ، كتب الاستاذ محمود محمد طه ( بين ايدينا الآن كتاب اخرجه الدكتور حسن الترابي باسم " اضواء على المشكلة الدستورية" وهو كتاب من حيث هو ، لا قيمة له ، ولا خطر، لانه متهافت ، ولانه سطحي ، ولانه ينضح بالغرض ، ويتسم بقلة الذكاء الفطري . ولكن خطره انما يجئ من مؤلفه ، فأنه دكتور في القانون الدستوري ، وهو قد كان عميداً من عمداء كلية الحقوق السابقين ، وهو زعيم جبهة الميثاق الاسلامي ، وهو عضو في الجمعية التاسيسية ، وهو من مؤلفي الازمة الدستورية ، وهو مع ذلك من مستشاري مجلس السيادة الذين على هدى نصيحتهم يرجى لهذه الازمة الدستورية العجيبة ان تحل )[2]!!

    د. عمر القراي

    [1] محمود محمد طه (196 أسس دستور السودان.. لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية( الطبعة الثانية) . أمدرمان : السودان ص13

    [2] محمود محمد طه - زعيم جبهة الميثاق في ميزان :1) الثقافة الغربية 2) الإسلام (الطبعة الثانية) - http://alfikra.org/books/bk014.htm

    المصدر: سودان نايل
                  

العنوان الكاتب Date
فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-14-08, 11:13 AM
  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 04:09 AM
    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 04:15 AM
      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 04:47 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 09:37 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 09:43 AM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 09:45 AM
            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 10:19 AM
              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-15-08, 11:00 AM
                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-16-08, 06:03 AM
  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-16-08, 11:32 AM
  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-24-08, 11:26 AM
    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-27-08, 05:02 AM
      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-27-08, 08:19 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-28-08, 08:15 AM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك01-29-08, 10:37 AM
            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-03-08, 04:52 AM
              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-06-08, 11:19 AM
            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-03-08, 05:05 AM
              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-04-08, 06:05 AM
                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-04-08, 07:27 AM
                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-05-08, 06:29 AM
                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-05-08, 09:07 AM
                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-07-08, 05:23 AM
                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان الكيك02-07-08, 05:25 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de