حافلة العازفين..

Quote: أواصل سرد المواقف الغريبة التي حدثت لي في المناسبات حيث سأعرج الأن لأروي قصة إعتقالي في منزل إحدى المناسبات لمدة ثلاثة ساعات بسبب فني الساوند .. أصل القصة أنه في إحدى الأمسيات إتصل بي أحد فنيي الساونات الذين أتعامل معهم وذكر لي أنه قد (ربط) لي حفلة بمنطقة الجريف وأنه قد إستلم مبلغ الحفل كاملا .. ثم طلب مني الحضور في زمان ومكان حددهما ... طبعا ذهبت للمكان ووجدت أن الحافلة في الإنتظار بعازفها وساونها وبعاميها فركبت فورا ومن ثم إنطلقت بنا الحافلة صوب الجريف حيث المأساة .. وقد أكرم أصحاب المناسبة وفادتنا ولكن عند بداية الحفل وتركيب الأجهزة اكتشفت أن فني الساوند ذاك قد أحضر معه سماعات ساوند (دينا كورد) وهي شديدة القوة في إصدار الصوت ولكنه في المقابل أحضر معه (راس) ساوند والذي يتحكم في الصوت لا يواكب سماعات الدينا كورد العملاقة !!!! وكنت حين أبدأ الغناء يفصل الساوند على الفور وحين يبدأ عازف الأورغ العزف يفصل الساوند أيضا !! ومن ثم نظرت إلى فني الساوند نظرة ما معناها (ضيعتنا يا فردة شوف لينا طريقة للمخارجة) .. ومن ثم بدأ التململ واضحا لدي اصحاب الحفل والذين تهيأوا لحفلة كاربة فتفاجأوا بعد صعودي للمسرح ومرور أكثر من نصف ساعة أننب لم أغني ولا كوبليه واحد .. وهنا تقدم ثلاثة من العمالقة الحاضرين (شفوت أولاد الحلة وكدة) وبدأوا في الأسئلة بخشونة : الحاصل شنو يا أخوانا ؟؟!! الحركات بتاعتكم دي شنو ؟؟ .. وقد حاول فني الساوند مداراة الموقف فحاول يبرر لهم بقوله أن الكهرباء ضعيفة في الجريف .. ولكنه تفاجأ بأن أحد هؤلاء الشفوت هو فني ساوند سابق وقد صرخ قائلا : إنتو قايليننا مواهيم ولا شنو ؟ جايبين لينا شماعات دينا كورد دايرين تشغلوها لينا بي أدابتر الإستريو دا ..!!! وهنا تيقنت تماما أن الكارثة قادمة لا محالة إذ أعتزر فني الساوند على الفور وذكر أنه سيذهب ليعود ب راس ساوند جيد .. وهنا زمجر هؤلاء الشفوت وهاجوا وماجوا إذ فجأة رفع أحدهم يده و (قطع ليكم كف في بتاع الساوند) وعندما إلتفتوا ناحيتي هرشت وذكرت لهم أنني لا أعرف شيئا... طلبني بتاع الساوند وجئت معه .. فسألوني بخشونة : كم شلت للحفلة دي؟ : فأجبت بإنهيار ورعب حقيقي : والله العظيم ولا تعريفة القروش كلها عند بتاع الساوند دا ولسه ما إتحاسبنا .. ولحسن الحظ تفهموا الموقف وكان أول ما فعلوه أن (قلعوا) العداد من بتاع الساوند والذي إستسلم لهم تماما ولكن ما مصير الحفل ؟؟!!! أرهبنا الشفوت بقولهم أنهم لن يسلمونا للشرطة ولكن علبنا الذهاب لإحضار راس ساوند لمواصلة الحفل مع تعويض عبارة عن (OVER NIGHT) .. وطبعا لم يكن بوسعنا في تلك الأجواء المتكهربة سوى الإذعان .. وعن نفسي شخصيا فقد أضمرت في نفسي عدم الرجوع مرة أخرى وسأدع بتاع الساوند يتصرف لوحده خاصة أنني لم أستلم مليما أحمر ... ولكن بما أن أولاد الحلة ديلك شفوت بحق وحقيقة فيبدو أن أحدهم قرأ ما يدور بخلدي فصاح في وحهي قائلا (الأستاذ دا ما يمشي يقعد معانا هنا لحدي ما صاحبو يرجع) ..!! وهنا واتتني قليلا من الشجاعة فقلت لهم (أقعد أعمل شنو !! أنا زاتي ما داير أغني ؟؟ في زول أداني تعريفة ولا داير مني حاجة)؟؟؟ ... وكان هذا بالضبط ما ينتظرونه إذ إنفجروا جميعا : إنتوا ناس صعاليك ولا شنو !! بوظتو لينا الحفلة وكمان بتتلامض !! أها الليلة دب إنتا ما طالع من البيت دا ... وبعد ذلك إقتادني عدد منهم وأدخلوني في غرفة منزوية في البيت وأغلقوا علي بابها من الخارج بإحكام في حين ذهب بعضهم مع بتاع الساوند حتى لا يهرب .. وطبعا كانت تلك لحظة رهيبة بالنسبة لي إذ وجدت نفسي معتقلا وحيدا في غرفة منزوية وخارجها يوجد نفر من الناس الغاضبين بسبب بوظان الحفل وصرت افكر عما سيجري لي إذا لم يجد بتاع الساوند رأس يعود به ... وبعد حوالي ساعة بالضبط فتح الباب وجاء أحدهم ووضع أمامي صحن عشاء وزجاجة بارد وهو يقول : هاك أكل تاكل السم .. فوجدتها فرصة وتمسكت به محاولا أن أشرح له الوضع وأنني لا دخل لي بما حدث وهو يحاول التملص والخروج .. لكنني لم أفلته وشرحت له لمحات من مسيرتي الفنية وبريته بإسهاماتي على الساحة وأنني فنان محترم ولا يصح سجني هكذا.. ثم عرجت أيضا للحديث عن الغناء السوداني ومحاولتي تأطير أدلجة المفاهيم المغلوطة في وجدان المستمعين .. طبعا كل ما قلته لم يشفع لي عنده فهرب من الغرفة وتركني وحدي أبرطم فيها المهم حوالي الساعة إتناشر منتصف الليل فتح باب المعتقل وجا الشفوت ومعهم بتاع الساوند وأخبروني أنهم قرروا الإفراج عني نهائيا وأحضروا فنانا أخر سيغني بدلا عني وأنني الأن FREE MAN وأستطيع الذهاب وأن مشكلتهم مع فني الساوند فقط .. حينها كدت أصيح يحيا العدل .. يحيا العدل .. ومن ثم عرضوا علي فقط البقاء معهم لحضور الحفل فإعتزرت لهم وأصريت على الذهاب .. وفي أثناء خروجي همس فني الساوند في أذني : (ما شي وين يا أبو النيز ؟؟ حا تخليني براي في نص الجماعة ديل؟؟!) .. فقلت له بغضب وحنق : (خليهم ....... أنا مالي ومالك) .. الكلمة مكان النقاط متروكة لفطنة القراء فخرجت فورا وركبت أقرب رقشة وذهبت إلى منزلي ومن يومها وأنا حالف ما أمشي لي أي حفلة إلا أكون رابطا براي وأتأكد بنفسي من سلامة الأجهزة قبل الحفل .. بقى أن أذكر أنه جاءني في اليوم التالي للحفل أنه بعد نهاية الحفل حوالي الثانية والنصف صباحا رفض أصحاب الحفل إعطاء فني الساوند عداده إنتقاما منهم لمحاولته التلاعب بهم إذ أعطوا العداد فقط لصاحب الأورغن والذي كان صامتا طوال زمن إعتقالي ولم يحاول التدخل ولم بعترض حتى على تعويض أهل الحفل بزمن إضافي ..