أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى]

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 08:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-02-2008, 08:27 AM

أبوالزفت
<aأبوالزفت
تاريخ التسجيل: 12-15-2002
مجموع المشاركات: 1545

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] (Re: أبوالزفت)

    أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الثانية]
    بقلم / محمود دليل

    كم ذا يخيل لي بأن بورتسودان هذه مدينة رزينة حييّة شديدة الخفر مثل عذراء بتول في خدرها ولذا فهي دوماً هكذا مطرقة الهامة تكاد لا تكلم الناس إلا رمزاً عن نفسها أو أعلامها أو مشاهيرها وإلاّ لو شاءت لنادت ربها نداءً خفياً أن أحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي بأنني طالما قد أجاءني المخاض إلى جذع نخلة الإبداع فوضعت بطني الولود ما وضعت من جموع المبدعين من هم قرة عين لي وللوطن فمنهم الأدباء والصحفيين والوراقين والشعراء وأصحاب صناعة الغناء والباحثين والرسامين والشطار والظرفاء والفكاهيين.
    فمن شعراء المدينة النابغة البورتسوداني المرحوم دكتور محمد عثمان جرتلي المرهف الرقيق الحاشية المتحبّب الذي كان يقول بأن الحسن لقلبه هو كالغذاء أو الكساء والذي دفنت أشعاره معه في قبره أو أمست رماداً في حادثة حريق منزله بحي "ترانسيت" ولا سبيل إلى جمع آثاره إلاّ إذا حصُّل ما تبعثر في صدور أصدقائه قبل أن يصيروا إلى ما صار إليه ويا حسرتاه على ذلك الإرث الثّر الذي لم يبق منه سوى النذر اليسير مثل قصيدة [غريب في عيد الميلاد] :-
    في ليلة الميلاد
    في هذا المكان الزاخر
    وحدي الغريب بحانة الأفراح
    أبكي حاضري
    قد مرّ أمسي بالسعادة
    وانطوى في خاطري
    وهناك محمد نور محمد شريف صاحب قصيدة [تأملات] إحدى مختارات كتاب [قصائد من الشرق] لحسان أبو عاقلة أبو سن وهناك النور عثمان أبكر صاحب ديوان [صحو الكلمات المنسية] والعم خوجلي أبو الجاز والد اللاعب الشهير عماد خوجلي الذي امتدح يوماً العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز بقصيدة له عصماء فأجازه جوائز سنية وأحسن صلته وهناك الشاعر الرومانسي حسين محمد سعيد بازرعة مؤلف ديوان [البراعم] و [سقط متاع] وصاحب أروع الأغنيات العاطفية آناء الخمسينات والستينات مثل [ليلة الذكرى] و [القبلة السكرى] و [حِليله الفرقة من بكرة] و [قصتنا] و [شجن] و [عازف الأوتار] و [أنا والنجم المسا] و [ليالي القمر] و [ناداني غرامك] و [لا تسلني] ولله ما أظرفه وما أرقه وهو يقول في المقطع الثاني لهذه الأهزوجة :
    لا تسلها
    فهي حلمٌ عابر
    طاف بذهني
    لا تسلها كم تعانقنا
    على رقّة لحن
    وقضينا الليلة الأولى
    حديثاً وتمني
    ودونكم الشاعر الكهل العم محمد الحسن ذلك السنجك الظريف المتصابي الذي يذكِّر المرء بنزوات [ود الريس] فقد كان يتعشق حسناء حديثة السن موظفة دولة قد شغفته حباً وإن كان من جانب واحد أوقف كل شعره عليها ومن قصائده فيها [يا الغرامك لي جسمي ناحل] التي تغنى بها أولاً عوض الجاك ثم خوجلي عثمان، تجرأنا وسألناه يوماً وقد جلسنا صدفة بجانبه في البص الصديق محمود أبو وأنا، سألناه بكل شقاوة المراهقين إن كانت تلك الصبية تعلم بأنه يحبها ؟!!
    فأجابنا كمن يستخف بنا وبقلة عقولنا [بورتسودان كلها عارفة معقول هي تكون ما عارفة] ؟!!
    وهل أتاك حديث الأديب دكتور عبد الله محمد سليمان؟! في حي الجنائن كان مولده وكانت هناك نشأته في كنف الخضرة والماء مهد الإلهام الأزلي فهو كاتب مجيد متقن غير أنه مقل في إنتاجه كأم الصقر وليس مكثراً كبغاث الطير، ومثلما تحمل كل نجمة ضوءها معها فهو بهذا الضياء الخاص يعيش راغباً عن أضواء الشهرة وهو بعد شاعر غريد وإن لم تشتهر له سوى قصيدة [ليل الفرح] للفنان الطيب عبد الله ولا تثريب عليه فالعبرة بالكيف وليس بالكم فعمرو بن كلثوم التغلبي كان من أصحاب القصيدة الواحدة [ألا هبي بصحنك فأصبحينا ولا تبقي خمور الأندرينا]. والشاعر السوداني المغمور الذكر إسماعيل عبد الرحيم هو صاحب القصيدة اليتيمة [ليلة اللقيا] أي - فؤادي بات هيمانا بخمر الحب نشوانا- ومهدي الأمين هو الآخر كم نام ملء جفونه عن قصيدته الوحيدة [في سكون الليل] وسهر الخلق جرّاها يستحسنونها وما بال شاعرنا مبارك عبد الوهاب إنه لم يقل سوى قصيدتين اثنتين فحسب ولكنهما كفتاه أما الأولى فهي:
    ظالمني وطول عمري
    ما ظلمتك يوم
    وتلومني يا قاسي
    وكان حقي ألوم
    وأما الثانية الأخرى فهي :
    حياتي حياتي أحبك أنت
    كحبي لذاتي
    أحبك أنت لحبك أنت
    معاني الحياة
    تلك القصائد الفرائد فطن إليها أحمد المصطفى وأدرك كنهها فهو يتغنى بها جميعاً، عن مثل عبد الله محمد سليمان إذن وعن مثل أولئك الشعراء المقلين يقول محمد المهدي المجذوب [لقد فرض الشعر سلطانه عليهم ولم يفرضوا أنفسهم على سلطان الشعر].
    وماذا أيضاً لو جلسنا ساعة نتحدث عن ذلك الأديب الحسن المنظر والحسن الجوهر لبهاه وأناقته المتناهية التي تسر الناظرين ولتوفره على مقدار وافر من صنوف المعارف والعلوم مع تمتعه بحسن البيان والتبيين، نعم الوجيه عبد العزيز الكابلي والد الفنان عبد الكريم الكابلي خريج كلية غردون والذي كان يعمل موظفاً بمصلحة الجمارك ثم بشركة جلاتلي والذي كان علاوة على علمه وأدبه رجل صالون من الطراز الأول وفناناً متعدد المواهب يضرب بالعود ويتغنى بالأغنيات السودانية والعربية مثل [يا جارة الوادي طربت وعادني ما يشبه الأحلام من ذكراك] ومثل [يا شراعاً من وراء دجلة يجري] كما اشترك في تمثيل مسرحيات "عطيل" و "تاجر البندقية" وأخرج مسرحية [تاجوج] ، وكان منزله قبلة نجوم المجتمع الذين يقدمون من الخرطوم فقد كان ينزل عنده الحاج الفنان محمد أحمد سرور وفضل المولى زنقار وإبراهيم عبد الجليل ومعاوية محمد نور ومحمد أحمد محجوب الذي كان يقول له مفتوناً به [تكلم يا كابلي أو غنِّ فهما سيّان]!!
    وهناك الروائي والشاعر المجيد محمد جميل أحمد همد من الجيل الجديد والذي أرى أن يُحشر الناس ضحى كي تفاخر به القبيلة البورتسودانية لنبوغه وغزارة ونضارة زرعه الذي استوى على سوقه يعجب القراء في الصحف والمجلات المحلية والخليجية والعربية والمنتديات الإلكترونية وكذلك لفوزه بالمركز الثاني في مسابقة [جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي] عن مركز عبد اللطيف ميرغني بروايته [بر العجم] في أكتوبر عام 2005م.
    وعسى أن أشير في الأسطر التالية ببنان الاستحسان إلى الأديب القاص الطبيب الشاب أمير تاج السر صاحب أحسن القصص مثل [مرايا ساحلية] و [نار الزغاريد] و [كرمكول] التي فرقعت قنابل الانبهار في سماء الأدب بكل ألوان قوس قزح كفرقعة الألعاب النارية.
    و إذ ما أمسيت "أنده" أسماء أدباء مدينتي فكأنني أرى الساعة كوكبة أولئك [الفرسان الثلاثة] وأسمع صهيل وحمحمة خيولهم، محمد صالح ضرار وقاسم صالح ضرار وضرار صالح ضرار أحد الشعراء "البستانيين" الذين عملوا على تشجير وتزهير وتجميل وجداننا البكر في المدرسة الأولية بمثل نشيده الجميل ذاك :-
    يا كناراً
    قد تغنى في القفار
    ينشد الألحان آناء النهار
    في حقول القطن زاهي الاخضرار
    أما هذين العلمين الفردين فهما الأديب الباحث المرحوم عبد القادر أوكير القاضي وصنوه المرحوم إبراهيم محمد حمو خريج مدرسة سواكن الابتدائية والموظف بشركة التلغراف الإنجليزي [الأيسترن] وصاحب الندوة الأدبية التي جذبت إليها كل من جاء إلى العمل في بورتسودان أو سواكن مثل أحمد عثمان القاضي وأحمد السيد الفيل وغيرهم فهم كثر.
    ومن أديبات البلدة الأستاذة نفيسة مصطفى الشرقاوي صاحبة إصدارات [خلجات] و [كان الحديث همساً] و [الصدى] و [همسات الوجدان] و [شموع تحترق]، ثم الكاتبة الوجدانية خلود مبارك كبيدة والصحفية المهاجرة شادية حامد إبراهيم.
    ومن الصحفيين والكتّاب أيضاً لواء "م" دكتور محمود قلندر والصحفي المتمرد دكتور سيد أحمد نقد الله الذي قال عنه إسماعيل العتباني أثناء عمله معه في جريدة [الرأي العام] قال: [ روّضت أكثر شاب متوحش في أفريقيا ] !! وهناك وما يدريك من هناك فيصل محمد صالح وهاشم مداوى الذي هجر الصحافة إلى السلك الدبلوماسي وماهر مكي وصالح محمد حجير وأستاذ عمر قبسا وعلي مختار المشرف على صفحة الأدب في مجلة الإذاعة آناء الستينات وشقيق لاعب الاتحاد عمر مختار وصهر الأخ عبد الغفار شريف أحد أعمدة الدبلوماسية الشعبية في مدينة جدة، هذا وثم ثلة من كتاب صحيفة الوطن السعودية والاقتصادية ناس الشيخ صالح وحسن أبو زينب ومصطفى شعيب من أسرة باجوري العريقة أصحاب قهوة [دي كايرو] الكائنة في سوق ديم تكارين أو حي الشجرة، في زمن الصبا الماضي بمدرسة ديم برتي الابتدائية عرف مصطفى شعيب بتسديداته القوية في مباريات كرة القدم ولذا فقد أطلق عليه أقرانه لقب [صاحب الصواريخ] ابتدع اللقب أخونا أحمد الجار.
    وفي المدينة نهضة مسرحية ظلت تؤتي أكلها كل حين منذ أن أنشأ السيد "حسين ملاسي" شقيق المناضل السياسي علي ملاسي، أول فرقة مسرحية في بورتسودان عام 1927 قامت بتمثيل مسرحيات :
    [الفارس الأسود] و[الذبائح] و[روميو وجوليت] و[أمير الريف] على خشبة مسرح نادي السواكنية بموقعه الفريد الراقي في الضاحية الشرقية لحي العظمة غير بعيد عن بيوت الدكاترة والاسبتالية وحي الممرضين وجنينة عبود أو حديقة الشهيد محمد الخليفة وسينما الخواجة والمدرسة الأميرية والمدرسة الأهلية التي كان حسين ملاسي أحد مؤسسيها ولله در النخلة الملاسية كم قد ساقطت علينا رطباً جنياً من مثل هذه الأعمال الخيرية أو من فيض قصائد شاعر الوطنية أيام الاستعمار حسب الله ملاسي أو روايات الأديب هاشم علي ملاسي مثل رواية [دموع الرجال غالية].
    ثم قدمت المدينة في مقبل أيامها أسماء من المسرحيين مثل أحمد البكري وسر الختم موسى أو الإعلاميين مثل محجوب محمد أحمد اللتاوي بالتلفزيون القومي وفي فن الكوميديا محمد عثمان شلة عضو فرقة الهيلاهوب وهو من أسرة فنية إذ أن أخواله من قدامى فناني بورتسودان وهما مصطفى وحسين فضل.
    وفي مضمار إبداعي آخر فهناك النحات والرسام الشهير ابو الحسن مدني والفنان التشكيلي عادل مبارك كبيدة شقيق زميل الدراسة بالمدرسة الأميرية الوسطى وفي بورتسودان الثانوية الحكومية خالد كبيدة وزميل العمل بمصفاة البترول الفتى الفيلسوف يعقوب كبيدة الذي كان يلقب بـ [سقراط].
    وإذ ما برحنا ندور في رحاب الطبيعة الحالمة وما تحتويه من زهور متبسمة وطيور مترنمة فهناك الفنان الانطباعي والمصور حسن حامد محمد هساي والذي له عدة معارض ومشاركات محلية وعربية ودولية كان أولها معرضه الشخصي الأول في القنصلية بجدة وكان بعنوان [من ربوع السودان].
    وإذا ابتغيتم يا هؤلاء أن تروحوا عن نفوسكم بأهازيج تتجملون بها فاستمعوا وانصتوا لما كانت المدينة تشدو به في لياليها من الغناء المطرب من كل صدّاح محسن للغناء ومخجل للطيور والظباء فممن برع في صناعة الغناء وأدواته عازفي الكمان عثمان ماقيت ومحمد يحي شمنقر وعازف الكمان مصطفى الحاج جمعة صاحب مقطوعة [القافلة] المسجلة بالإذاعة وكان قد بدأ التعلم على العزف مع أقرانه من صبية الحي في [ديم جابر] مثل الموسيقار محمد عبد الله محمدية وكمال إسماعيل وعمر مكاوي ونور الدين حماد وهو أعسر يعزف على الكمان بيده اليسرى.
    ومن المغنين المطرب المثقف صلاح محمد نور من أهل البر الشرقي والذي قام بتلحين وأداء رائعة محمد سعد دياب :
    "بدون أن ندري"
    "وبدون وعد منتظر"
    "نسج الزمان أميرتي"
    "أحلى حكايات العمر"
    والفنان الراحل صالح الضي قبل هجرته من بورتسودان إلى الخرطوم، كان يعمل نجاراً بالمنطقة الصناعية وكان يسكن في [ديم طردونا] مع فتية من أنداده من بينهم المرحوم [حسن شل] الذي صاهر أسرتنا فيما بعد وأصبحنا أخوالاً لعياله، ويحكى أن صالحاً في تلك الأيام قد داهمه الهوى من حيث لا يحتسب فصادف منه قلباً خالياً فتمكنا فقال في ذلك شعراً يُتغنى به مثل [يا عيني] و [يا جميل يا حلو] و [الدنيا الجميلة جماله وهم].
    لا عجب فقد كان مشبوب العاطفة شديد التشبُّب والتشبث بأحبته حفيّاً بهم شأنه شأن الشاعر علي محمود التنقاري إذ يقول في قصيدته [قلبي المأسور] للفنان الراحل محجوب عثمان :
    هم أنسي وسلوتي
    هم أزاهر روضتي
    وهم بواعث غبطتي
    وهم مرادي وبغيتي
    تصطفيهم مهجتي وفؤادي الأسروه
    وجار ناس صالح في [ديم طردونا] المرحوم هاشم ود الديم قد كان فناناً أيضاً اشتهر آنذاك بأغنية [القطار القام خلّى القليب حيران] عندما كنّا صغارا كنا نشاهده يأتي لزيارة خالنا [أبو لمبة] في ديم جابر وهو يركب مع أخيه محمد ود الديم في اللوري السفنجة الذي كتب عليه سائقه الصامت محمد عبارة [سر الفتنة] كمن يود أن يبوح تلميحاً لا تصريحاً أن:
    حبيت وانجرحت
    من أول حبيب
    كاتم السر ما بحت
    ورضيت بالنصيب
    ومن ذلك الجيل أيضاً الفنان المهندم العم محمد عبد الله بشير طوكراوي كان بالنهار يعمل سائقاً بالبلدية مع ناس والدي عليه رحمة الله، وإذا جنّ عليه الليل فهو المخلوق الرقيق الأنيق والعندليب الصدّاح بأحلى الألحان والأغنيات مثل: [يا منقة حدائق التاكا] و [لينا أيام ما شفناه مساء اليوم قابلناه] وهما من أشعاره ومن وحي تجاربه العاطفية الكثيرة المثيرة فقد كان صريع غوان تأسر هندٌ لبه وتسحر ناظريه بثينة أو الرباب ولذا فقد تعددت زيجاته ممن طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع، كما كان قد قام بتلحين وآداء أغنية :
    آخر عهدي بيهو
    يوم ودعني سافر
    يا ما بكيت عليهو
    وكان قد وجدها منشورة في مجلة الإذاعة وهي من كلمات إبراهيم عبد القيوم الذي كان يعمل حائكاً في سوق مدينة الأبيض وقد نازعه الفنان صلاح مصطفى في تلك الأغنية ولكن طوكراوي وجد من ينصره مثل الشاعر المحامي حسين عثمان منصور صاحب مجلة [الصباح الجديد] والصاغ آنذاك التاج حمد مراقب عام الإذاعة.
    وفتي [ديم المدينة] الوسيم صالح حلمي كان يتغنى من كلمات صهره عازف الكمان عثمان ماقيت بمثل أغنية:
    يا قمر يا قمر
    عودّت عيني السهر
    سافر وساب قلبي انحسر
    فاقد الدليل فاقد الأثر
    وعزاي في نغمة وتر
    تبكي وتقول
    آهـ يا قمر
    وعثمان ماقيت اليوم قد تديّن وباع الضلالة بالهدى وأصبح في جيش ابن عفان غازياً ولكنني ما زلت أذكر تلك الجلسة النادرة في منزله في حي "عنيكش" بمدينة جدة، وكان فرحاً مسروراً في تلك الأيام بزواج كبرى كريماته وبقدوم صديق عمره شقيقي الأكبر المرحوم عبد الوهاب دليل لأداء العمرة.
    في جو بورتسوداني عابق بغلالات البخور الزاكي العبير أكلنا الصيادية بالسمك وشربنا القهوة المظبوطة بالقرفة والحبهان والزنجبيل وفيما مضى ذلك الفنان يتغنى لنا وسط استحساننا ومشاركة بعضنا له فجأة تناول عثمان ماقيت العود منه وجسّ أوتاره وأصلح فيها ما شاء ثم اندفع يغني أغنية مشهورة من التراث البجاوي غناها بلغة الهدندوة التي يتقنها ومعناها كما ترجمها لنا وهو بين الضحك والطرب والابتسام [الجمل الأبيض ما تبيعوه ولو عاوزين تبيعوه شاوروني] وهي من الأغنيات المنسية للفنان الشعبي المرحوم آدم شاش صاحب أغنية [سوي الجبنة يا بنية في ضل الضحوية] أما صهر عثمان ماقيت الفنان صالح حلمي فهو الآخر قد هجر الرجز وطهّر الثياب واعتزل الغناء وأصبح مؤذناً "حسن الصوت" في مسجد ديم المدينة.
    الفنان المخضرم الزبير إبراهيم كان وما يزال يعمل بناءً اشتهر بأداء أغنياته الخاصة مثل: [أنا ليك وإنت ليّ بالناس ما عليّ] والفنان فاروق صديق فاز بالجائزة الأولى في مسابقة فنية بالخرطوم عام 1974 بأغنية:
    جارتنا بت حارتنا
    كبرت واتملت فتنة
    يمكن فيها قسمتنا
    وهناك طبعاً الفنان إدريس الأمير صاحب الشهير من الأغنيات مثل [سواكن] و [زاهي في زيك في وسامتك] وهناك أسير المحبسين فنان [ديم كوريا] الكفيف البصر المرحوم علي عبد الرسول الذي عُرف بترديد أغنيات صلاح مصطفى القديمة من كلمات الشاعر محجوب سراج مثل :
    أنا أحسن أوادعك وتوادعني
    ما دام حبك حيضيعني
    وأيضاً كذلك مثل هذه الأغنية من كلمات الشاعر المرحوم مسعد حنفي :
    هل تذكري نزهتنا
    في المقرن سوى
    بين الزهور
    نتساقى كاسات الهوى
    ومن حبّات ذلك العقد الفريد من المغنين قدامى ومحدثين الأخوين حسين ومصطفى فضل وعبد الرحمن أبا من حي الشاطئ وحداد الصائغ وحيدر بورتسودان ومحمد موسى "جاك" والفاضل بشير والتوم وعادل مسلم ومحمد عثمان "أماني" من ديم الحجر ومحمود أبّو والأستاذ عامر توفيق الذي كان في صباه وبداياته يعزف بالصفارة في الحفلات بين الفواصل الغنائية وطاهر الجاك العامل بشركة موبيل والذي نقش على عوده كلمة [مغرورة] وهي عنوان إحدى أغنياته لعله يشير إلى ملهمة عنيدة بعيدة المنال من اللاتي قال فيهن يزيد بن معاوية [من رام مِنّا وصالاً مات بالكمد] أو كما قال محمد عوض الكريم القرشي على لسان عثمان الشفيع:
    عشقته من نظرة
    وهو قلبه خالي
    كيف الطريقة
    البيها يتم وصالي
    وبعد إذ فعلت تلك الأوتار فعلتها باللب والقلب وأشعلت فيه النار من جمرة الحب نعرج الساعة إلى عالم الحقيبة إلى حيث الرق ونقراته ونقرشاته، فها هنا فرقة [أولاد سلبونا] ناس قدورة وعبد الحليم عبد الرضي أما شقيقهم الأكبر أستاذ الجغرافيا عبد الحفيظ فوددت لو أنكم سمعتموه معنا في تلك الليلة الأدبية بمدرسة بورتسودان الثانوية الحكومية عندما عزمنا عليه أن يتغنى لنا فتأبّى ساعة ثم حرّك لسانه حادياً :-
    يا أنة المجروح
    يا الروح حياتك روح
    الحب فيك يا جميل
    معنى الجمال مشروح

    كأن الفنان محمد أحمد سرور قد بُعث!!
    وهناك [فرقة ترانسيت] بقيادة أبو القاسم وعبد العظيم دوكة وفرقة ناس كرار ويعقوب وشريف خليط من أولاد سلالاب وسكة حديد وفرقة ناس آدم الفاضل وعبد الكريم البعيو وفرقة ديم جابر بقيادة الفنان عوض مكي وعازف الدربُكة عبده وعازف البُنقُز عثمان حواية شقيق عازف الكمان محمدية والشيالين عبد الوهاب عبد النبي وعبد الله حسن ركس وجارنا عز الدين محمد الله جابو و [كاتب السطور]، وهذا وثم فرقة أولاد [ديم سواكن] ناس أمين أبو علي وشيبة شبشب البشوش الخفيف الدم والظل وفرقة ناس جيفارا والتاج حمزة بين مضارب كوريا مونج وكوريا عرب.
    قيل بأن امرأة مسترجلة هي شيخة إنداية عندما علمت بأن البوليس قد داهم منزل صاحبتها وألقى عليها القبض وقام بدلق كل المريسة في الشارع قالت متغضبة متهكمة [البوليس قلب الحجر]!! ولكن أيتها العمة إن كان الأمر كما تزعمين فإن قلوب أفراد البوليس في بورتسودان إذن هي من نوع الحجارة التي يتفجر منها الأنهار وبعضها من النوع الذي يشقق فيخرج منه الماء وذلك لرقة قلوبهم ورقة أكبادهم فإنهم يغنون ويطربون الناس ولديهم فرقة جاز ولسلاح البحرية أيضاً فرقة جاز وكان مغني هذه الفرقة هو زميل الدراسة بالمدرسة الأولية حيدر عوض عبد الجبار كان وسيماً أنيقاً ضاحك المقلتين نبيل السواد لامعه طاغي الحضور كدونجوانات هارلم عليه رحمة الله حيث قضى نحبه عام 1978 في حادث غرق باخرتهم بين بورتسودان وجدة مع قرابة العشرين بحاراً من بينهم عوض زفتاوي من ديم كوريا ومحمد أبو بكر من حي الشاطئ.
    آهـ وهذه [فرقة السماكة] بقيادة أحمد عبد الله والتي تخصصت في أداء الأغاني الحجازية وأهازيج الصيادين في مراسي ساحل البحر الأحمر وهؤلاء محمد طاهر بيلة ومحمد بدري ويحي أدروب ، درجوا على ترديد الأغنيات البجاوية بالرطانة ويتجاوب معهم الناس كما يتجاوبون مع تغريد الطيور وهديل القماري والحمائم وهم يجهلون ما تقول، لو أننا عُلمنا منطق الطير لاكتشفنا عالماً مدهشاً من الشعر والقوافي والقصيد ولكنا عرفنا مثلاً كيف يناجي أبو قيردون المتيم الولهان صاحبته الجميلة ومستحيلة أم قيردون أبقول التاج مصطفى [نور العيون إنتي الأمل طال الفراق وأنا في اشتياق كيف العمل] أم بقول محمد وردي [لو بتحلم في منامك قول أحبك].
    ربما سأل سائل بأمر واقع هل ينبغي أن لا يكون لكل تلك الأشعار والأغنيات والأغاريد ملهمات فاتنات من غيد المدينة وحسناواتها؟! فبالرغم من حقيقة ما كل الناس ينظرون إلى ليلى بعيني قيس ولا إلى بثينة بعيني جميل أو إلى [بدور القلعة] بعيون أبو صلاح وإلى [الملهمة] و [إنصاف] بمقلة عبد الرحمن الريح ولكني أذكر بضع ملهمات بورتسودانيات قيلت فيهن قصائد أصبحت أغنيات مشهورة لأن [الحب لو بلغ المدى كشفته عين المبصر] كما يقول الهادي العمرابي أو لأن [الحب كالعطر وللعطر افتضاح] كما يقول عمر الحاج موسى أو كما قال حسين بازرعة بطريقة مباشرة :
    وحكينا لكل قلبٍ معنّى
    قصة حب
    من قديم الزمان
    نقل الطير والرواة صداها
    ثم بات الصدى بكل مكان
    فمن الملهمات فقد كانت هناك الفتاة الفاتنة [ف] من ديم طردونا ويقول من شاهدوها بأنها ما تزال إلى اليوم ذات هيئة وجمال شبب بها ابن حارتها الفنان صالح الضي وتهالك عليها وكان إذا رضي عنها غنى لها [يا جميل يا حلو الدم الشربات مكملو] وإذا غاضبته قال منشداً :
    الدنيا الجميلة
    جمالها وهم
    أزيد في الشوق
    ويزيدني ألم
    ويمضي في القصيدة وهي من شعره حتى يدعو عليها في ثورة غضب:
    حرمتني ليه ومصيرك
    إنت يوم تُحرم
    تذوق المر
    وجمالك الغاريك يتحطم
    فقد كانا كثيراً ما يتلاحيان مثلما كان يحدث بين عبد الرحمن الريح ومحبوبته :
    طيلة الأيام
    في اصطلاح وخصام
    مرة تدنيني
    تقترب مني
    ومرة تهجرني
    تبتعد عني
    أما الثانية فهي [أ.ع] ملهمة الشاعر الكهل السنجك محمد الحسن القائل فيها أغنية [يا الغرامك لي جسمي ناحل] وكان يهاجر إليها من مسكنه بسلبونا أقصى شمال بورتسودان إلى حيها في ديم كوريا في أقصى الجنوب وهي عنه تلهّى وكان شقيقها والذي هو صديقنا "معاوية" يضحكنا بقوله [والله عمك ده جنّنا كلما نفتح الباب نلقاهو قدامنا] !!
    وبحكم النشأة في نفس الحي فقد رأيت الصبية الحلفاوية [نبيلة] التي أذهلت الشاعر المغمور العم [عبد الرحمن] عن نفسه فلا يعقل مالاً ولا عيالاً وكتب فيها =وهي لا تعلم حتى اليوم= مقطوعات حلوة كرباعيات الخيام مثل قوله :
    لغة الهوى
    منها انكوى
    قلبي وأسهده النوى
    كما قال فيها أيضاً قصيدة :
    الصغير الشال فؤادي
    يا ناس
    بي ريدو إزداد سهادي
    هو ما حاس
    هو صغير وجماله آسر
    السمرة لونه داعج المحاجر
    ده المالكني وسلب رشادي
    ده خلاص
    لي لقاه
    أنا ما عندي حيلة
    وكتين أقابله
    أنا ما عندي حيلة
    غير أشوف عينيه الكحيلة
    إما رائح وإما غادي
    باحتراس
    وأما [ف.م.ر] الثالثة الأخرى فهي من حسان حي الشاطئ هام بها الشاعر [م.س] عندما جاء إلى بورتسودان أوائل السبعينات للعمل في مصلحة البريد والبرق ومن قصائده فيها [أكتب لي يا غالي الحروف] التي يتغنى بها صلاح مصطفى ولعل طيفها ما برح يترآءى له من بين أحرف وسطور ديوانه الأخير [ملامح من الوجه القديم] .
    ورابعة الجميلات [ف.ص] فهي سمراء قامتها هيفاء كانت آناء الستينات تعمل موظفة في شركة جلاتلي رآها =من أصبح زوجها فيما بعد= الفنان [ح.ف] فعلقها وعلقته وتمكن حب كل واحد منهما من قلب صاحبه وتغنى فيها بأغنيته التلفونية العجيبة [تو دبل ايت سفن آلو حبيبي] ويعرف المخضرمون في المدينة بإن هذا هو رقم قسم الحسابات في شركة جلاتلي.
    ويا من سمع بأغنية [يا ظبية الثغر الأديبة ذوق وأدب وجمال وطيبة] فإنها قيلت في المرحومة [ر.م.ج] من فاتنات ديم سواكن في الزمان الأول ومن الموصوفات في قومها بالعفاف ومكارم الأخلاق وهكذا مضت وخلّفت وراءها ما شئت من ذكر حميد.
    [ع.م] من ظباء ديم المدينة كانت تعمل بإجزخانة ناصر حيث يحج إليها المعجبون رجالاً وعلى كل ضامر ولكنها هاجرت فجأة إلى روسيا للدراسة وخلت الصيدلية من الزبائن فقد كان أكثرهم إذن يشتكي وما به داء وكان الشاعر الشهير [ع.ف] الذي جاء إلى بورتسودان لتدريس اللغة الإنجليزية بالمدرسة الثانوية الحكومية يحبها في صمت وعندما علم برحيلها المفجع جاء حتى وقف جزعاً على أطلالها ودمنها في موضع الصيدلية الخالية ثم قال قصيدته [هجرة طيور الداندريس وعيون عاشق] ما لقلبها فهو كالحجارة أو أشدُّ قسوة فإن سفرها المفاجئ لم يكن آخر "مقلب" يتجرعه معجبوها الكثر بل إنها عادت من الاتحاد السوفيتي بعريس "لقطة" من بعض المبتعثين فبالرفاء والبنين.
    وهناك ملهمات بورتسودانيات مجهولات خلدهن محمد بشير عتيق في شعره حيث جاء إلى بورتسودان بين عامي 1936 و 1937 للعمل بمصلحة السكة الحديد فنظر إلى ما لم تر عينه من قبل من الجمال الشرق سوداني [ما بين الطويلة الغيداء والعتيقة الأدماء والسمراء اللعساء من ذوات القدود المهفهفة والأوساط المخنصرة وحسن زيهن وشكلهن وما عندهن من الحياء والتخفّر والدلال والتعطر] أو كما قال خالد بن صفوان يصف نساء البصرة والكوفة ولم ينشب أن أنشأ هناك بعض أشهر قصائده التي لحنها وغناها كرومة مثل : [حلمك يا جميل] و [بين اشتياقي وصدّها] و [أرجوك يا نسيم روح ليهو بأشواقي صرح ليهو] ومثل :
    يا ناعس الأجفان
    أنا من صفاك مسحور
    بالله إنت ملاك
    ولاّ من حسان الحور
    فكم في ديوم المدينة وأحيائها وحواريها من حوريات وملهمات منقوشة أسماءهن بالحبر السري على قلوب المتيمين من المبدعين الصامتين من ذوي الأرواح الهيمانة التي طالما قد ظمئت وحنّت للتلاقي حتى أنها لتهوى النوم من غير نعسةٍ لعل لقاءً في المنام يكون.
                  

العنوان الكاتب Date
أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت01-21-08, 09:24 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-22-08, 08:22 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-22-08, 08:50 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت01-23-08, 08:29 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] haroon diyab01-23-08, 09:00 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] elnadeif01-23-08, 11:03 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-24-08, 12:11 PM
    Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] haroon diyab01-24-08, 07:38 PM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-24-08, 01:01 PM
    Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] محمد جميل أحمد01-24-08, 08:59 PM
    Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-27-08, 11:49 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] انتصار محمد صالخ بشير01-24-08, 11:33 PM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-26-08, 08:36 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] haroon diyab01-26-08, 08:48 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت01-26-08, 12:59 PM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] انتصار محمد صالخ بشير01-26-08, 03:00 PM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-28-08, 02:51 PM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] الشيخ صاح محمد01-30-08, 11:29 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت02-02-08, 08:27 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت02-03-08, 08:48 AM
    Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] محمد جميل أحمد02-03-08, 08:46 PM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت02-11-08, 09:37 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت02-26-08, 06:56 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت02-27-08, 07:02 AM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت03-05-08, 01:06 PM
    Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] mo03-05-08, 03:40 PM
  Re: أيام وليالي بورتسودان [الحلقة الأولى] أبوالزفت03-11-08, 06:41 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de