أجمل ما قرأت مؤخراً

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 03:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-31-2007, 06:45 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أجمل ما قرأت مؤخراً

    _______________________

    عـالم زجـاجي*
    (قصة قصيرة)

    بقلم: سمر نور

    من خلف الزجاج يبدو العابرون كأناس من عالم آخر، يتحركون بإيقاع موسيقى لمؤلف مجهول أسمعها عبر مشغل الأسطوانات.. أحرك العالم الآخر وفقا لموسيقاي بينما أجلس أنا على المائدة أقطع قطعة الجاتوه بشوكة كبيرة الحجم أمدها لفمي فأشعر بشفتي غاية فى الدقة، ويحرك لساني فى بطء العجين ليذيب اللعاب الشوكولاته مع الكريمة والعسل فى القطعة التى اخترتها بنفسى فأمتص مذاقا فارقا، أرغب فى إغماض عيني والانسياق وراء هذا الإحساس الذى يولده تداخل نغمات البيانو مع الكمان فى تمازج وتنافر لكن يحلو لعيني النظر إلى إيقاع العالم الزجاجي.. لم يخرجنى من تلك الحالة إلا فكرة مارقة اقتحمت عالمى بغتة.. ماذا لو أن هؤلاء الناظرين إلىَ عبر الزجاج يتخيرون إيقاع حركة لسانى البطىء وأصابعى الناقرة على زجاجة الكوكا كولا وفقا لتناغم موسيقى مؤلف مجهول عاش منذ مئات السنين فى بقعة لم تطأها قدمي من قبل؟ أنا التى سارت ساعاتها بحكم قانون الصدفة.. من لم تختر شيئًا منذ بدأ يومها سوى قطعة الجاتوه وزجاجة المشروب!

    أتلصص على الوجوه والأجساد خلف الزجاج فتشاغبنى تبدلاتها، يحملق فى وجهى رجل عجوز يحمل آلة العود فأصبح جسد العود الخشبي وتلامس أصابعى أوتاره برقة فيبادلنى العجوز ابتسامة شريك فى الحزن ويدير وجهه عنى بتمهل نغم شرقى فترتعش أوتار جسدى الخشبى برعونة أوتار جيتار يحمله غجرى إسبانى بشعر طويل ونظرة نزقة، يسلم العجوز الدفة فى يد شاب يمسك يد فتاة تلف خيوط الكلام فى بكرة صوف عملاقة لتغزل بلوفر وتلبس الشاب إياه فيخلعه فى سرعة تتواءم مع خطواته ويجفف عرقه السائل بنظرة غزل تجاهى فأتحول لسرير كبير من الدفء ومرآة شبقية تحمل صوراً لكل نساء العالم، أغلق باب غرفتى فى وجهه فأكون الفتاة التى سحقت صفعتها وجهه منذ قليل ويسرع الخطى أكثر بينما تقيد حركتى خيوط البلوفر الذى قذفته الفتاة على الزجاج فى غضب لتسلم الدفة ليد تلك الراهبة المرتدية صليبًا ضخمًا بحجم سكينة الجاتوه فيترامى إلى أذني صوت سوبرانو يتداخل مع البيانو والفيولينا.. أتحول إلى صبية ترسم قبلة على شفتى صبى، وأكون الصبى الذى يقذف الكرة خلف الشجرة ويختفى وتظل الصبية تبحث عنه حتى تمل فتبكى حتى ترتسم التجاعيد على أيقونة العذراء ويتيبس جذع الشجرة فلا ترويه دموع الراهبة الغزيرة فتطير بأجنحتى القوية إلى طائر بعيد وتسلم الدفة إليه فأتحول إلى صديقه ذى الجناح الكسير الملقى فى شرفة الجيران يغالب الموت، فأكون ملاك الموت الذى لا يعنيه أمره فى شىء فيتركه لما هو أهم ولا يعبأ بهذا الألم وتلك الوحدة ويقترب من عربة الأمن المركزى التى تمر أمام الزجاج فيسلم الدفة إلى أصغر عسكرى يلقى إلىَ نظرة مدهوشة ويبصق على الأرض دماء متخثرة لشخص ما، لأكون شخصا مجهولا ينزف دما وعصا العسكرى الصغير تشق رأسه فأعطيه خبزا ليلقى عصاه ويأكله بنهم جائع، أصير أوتارًا من الأحزان وسريرًا من الرغبة ودموعًا من الشفقة وموتًا غير رحيم وحلم طفولة وجرح وطن وخبز جائع وليلا طويلا من الألم، أضم قبضتي لأكسر زجاج العالم لكن قبضتي تعتصر أمام قسوته وتحيطنى الواجهة الزجاجية من الأربع جهات تقترب من مائدتى بخطوات كتيبة عسكرية تسحقنى بين ألواح أربعة، أتحول إلى حفنة من التراب بلا ماء وأكون نحاتًا يعجز عن أعادت تكوينى فيمزج دموع الراهبة بدماء الشخص المجهول بريشة الطائر ذى الجناح المكسور بخيوط الصوف وأوتار العود ليشكل لسانًا يمزج الشيكولاته بالكريمة بالعسل، وأذنان تسمعان موسيقى الفنان المدفون منذ مئات السنين وعينان ينغلقان على عالم يخصهما بعيدًا عن العالم الزجاجي وأكون جنينًا داخل رحم هارب من جسد أمى ليلضم أنسجته داخل جسد أبى بأمان يرى ويسمع ويتكلم ويقضم قطعة الجاتوه ليكبر ويصاب بداء النسيان فيستسلم للطلق وينزلق إلى العالم يراقب العازف العجوز والشاب المراهق والفتاة الغيورة والراهبة الحزينة والصبية الباكية والصبى المختفى والطائر الكسير والعسكرى المسكين والشخص المجهول الملتفين حول المائدة خلف الزجاج، أرغب فى الجرى بإيقاعى الخاص فوق شوارع المدينة الخالية.. لكن أعينهم سكين يرشق بقوة فى جسدى ليقتلنى.. يواصلون أكل القطعة التى اخترتها بنفسى وهم يرقبون جثمانى الملقى خارج زجاج عالمهم تشيعه نغمات موسيقى مجهول عاش فى مكان بعيد منذ مئات السنين ولا يعبأ به أشباههم العابرون.


    (*) من مجموعة قصصية بعنوان "بريق لا يحتمل" لم تنشر بعد

    المصدر: موقع كيكا الأدبي
                  

العنوان الكاتب Date
أجمل ما قرأت مؤخراً هشام آدم12-31-07, 06:45 AM
  Re: أجمل ما قرأت مؤخراً الخير محمد عوض 12-31-07, 06:50 AM
    Re: أجمل ما قرأت مؤخراً هشام آدم12-31-07, 07:00 AM
  Re: أجمل ما قرأت مؤخراً أبو عبيدة البصاص12-31-07, 06:51 AM
    Re: أجمل ما قرأت مؤخراً هشام آدم12-31-07, 07:05 AM
  Re: أجمل ما قرأت مؤخراً هشام آدم12-31-07, 06:57 AM
  Re: أجمل ما قرأت مؤخراً أبو عبيدة البصاص12-31-07, 07:02 AM
    Re: أجمل ما قرأت مؤخراً Mubarak Eltayeb12-31-07, 07:15 AM
      Re: أجمل ما قرأت مؤخراً هشام آدم12-31-07, 07:25 AM
        Re: أجمل ما قرأت مؤخراً هشام آدم12-31-07, 09:20 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de