التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 04:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-16-2003, 10:18 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق (Re: Abdel Aati)

    وأحد التناقضات الثانوية التى ترد فى الكتاب وتشير إشارة قوية للمركزية العرقية لدى د. فرانسيس هو إحتفائه بالأصول الدينكاوية لقادة ثورة 1924 – وليس فى ذلك مشكلة فنحن أيضا نحتفى بهم وباصولهم الدينكاوية ونرى فيهم رموزا للوحدة الوطنية والتكامل القومى وتعزيزا لهما- مستنتجا من ذلك أن الجنوبيين وبشكل خاص الدينكا قد قاموا بتصعيد الحركة الوطنية فى الشمال وأشعلوا ثورة 1924 فى جميع أنحاء القطر،(ص106 ،177) وكل ذلك صحيح و لا غبار عليه، ولكن ما يثير الحيرة حقا هو أنه عندما ينتقد زين العابدين عبد التام، وهو أحد قادة ثورة 1924 من الدينكا وكان له دورا بارزا فى قيادة الثورة بكل من ملكال و واو، عندما ينتقد البند الخاص بالجنوب فى الدستور المقترح للحكم الذاتى فى عام 1951 والذى تمت صياغته لحماية مصالح الجنوبيين ولقيام وزارة خاصة بالمديريات الجنوبية وإقامة مجلس شئون الجنوب فإن د. فرانسيس لا يتوانى فى وصفه بأنه جنوبى مستعرب متأسلم ويعلق على وصفه لنفسه بأنه جنوبى بأنه تعبير غير سليم عن هويته المستوعبة.(ص125) وإذا وضعنا فى الإعتبار وضعية زين العابدين عبد التام التى تماثل تماما وضعية قادة ثورة 1924 الآخرين من الدينكا فإننا لا بد أن نتساءل كيف يكون الدينكا هم الذين أشعلوا ثورة 1924 فى كل أنحاء القطر، ثم نصف ذات القادة من الدينكا بأن هويتهم مستعربة متأسلمة ومستوعبة ولا تعبر عن الجنوبى؟!! ولكنه منطق المركزية العرقية الذى يريد أن ينسب عملا جليلا كثورة 1924 لعرقه لينوه بالدور الهام لعرقه فى تاريخ البلاد وحركتها الوطنية وعندما يتناقض ذات القادة، الذين بسببهم تمت نسبة الثورة إلى الدينكا، مع مصلحة الجنوب يصبح هؤلاء القادة مستعربون ومتأسلمون ومستوعبون ولا يمثلون الجنوب وكأنما ذات الإنسان يصدر فى كل فعل من أفعاله عن هوية مختلفة.

    إن تجاوز أزمة البلاد يكمن فى النقيض المختلف الذى يتجاوز المركزيتين معا ويحولها من عوامل مفسرة إلى عوامل تحتاج إلى تفسير. هذا النقيض المختلف يتمثل فى مهمة إكمال إندراج البلاد فى مشروع حداثتها. وهى مهمة تحملها قوى إجتماعية غض النظر عن هويتها وأصولها العرقية والإثنية، تعمل على الانتقال بالبلاد من بناها التقليدية إلى بنى حديثة فى السياسة والإقتصاد والإجتماع. هذا الانتقال يتم على أساس معرفى هو التنوير، كإطار نظرى تعددى عقلانى نقدى يشمل العقلانية والتجريبية والعلم الطبيعى والتربية والتعليم بوصفهما أدوات تغيير إجتماعى ونقد الكهنوت والنقد السياسى والإجتماعى، ويقوم عليه مشروع سياسى يتكون جوهره من حقوق الإنسان كما تعرفها المواثيق الدولية، والحقوق المدنية والسياسية، والعدالة والديمقراطية والمساواة. وغياب هذا المشروع هو الذى يفسر تبدى الصراع الإجتماعى والسياسى فى البلاد كصراع هويات. وهذه هى النتيجة الطبيعية لسيطرة البنى التقليدية على الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية. ولقد أصاب د. فرانسيس فى وصفه للممثلين الأساسيين للهويتين المتنافستين فى البلاد: الجبهة الإسلامية والجبهة الشعبية لتحرير السودان، فقد أبان بوضوح إعتمادهما وتعبيرهما عن البنى التقليدية فى البلاد على الرغم من وصفه لهما بأنهما أكثر النماذج حداثة. إن ارتباط هاتين القوتين بالبنى التقليدية أعاقتهما وأعاقت البلاد كلها من تحقيق سلامها وديمقراطيتها وعدالتها. إن د. فرانسيس يرى أنه مع صعود الحركة الشعبية لتحرير السودان كقوة ذات نفوذ ومناوئة للحكومة الإسلامية، برز بذلك تبلور اتجاهين ثوريين هامين من الشمال والجنوب من خضم تقليدية المجتمع السودانى وكحاضن لهما.(ص24) كما إن الدولة والحركة الشعبية وفصيلها العسكرى وجدت فى القيم العسكرية التقليدية إطارا مؤسسيا جاهزا للتجنيد ورفع الروح المعنوية لدى مقاتليهم. إن إعادة إحياء تقليد المقاتل القبلى يعنى بأن القبيلة كسبت واحدة من قيمها المفقودة – تماسكها الداخلى، الذى يتم الحفاظ عليه تقليديا بتوجيه العداوات للغرباء والأجانب. وكانت المحصلة النهائية لذلك إعادة تنشيط القبيلة بدلا عن تحديث العملية السياسية.(ص214) كما يرى د. فرانسيس أن قوى التحديث فى الجنوب (والتى نفهم أن الحركة الشعبية تمثلها) قد دعمت ورسخت نظام القيم الثقافية التقليدى. وأن الحركة الشعبية تمثل إنصهارا لعناصر من التقليد والحداثة.(ص224-225) ويمكن أن نضيف إلى ذلك فيما يخص الجبهة الإسلامية إن مشروع التوحيد الدينى لديها يخرج من فكرة وحدانية الإله إلى توحيد كل مناحى الحياة ومجالاتها ومستوياتها على أساس دينى أصولى مما يجعل مشروعها ينتمى إلى القرون الوسطى ويتناقض جذريا مع مشروع الحداثة، الذى يقوم على التمييز المتنامى بين مجالات الحياة ومناحيها ومستوياتها، بحيث يتمتع كل منها بإستقلالها النسبى. وننتهى من ذلك إلى نتيجة نختلف فيها مع د. فرانسيس وهى أن الجبهة الإسلامية والحركة الشعبية تعبران عن حركة حديثة معاقة ومشوهة بحكم نشأتها فى حاضنة تقليدية ومحافظة ونموها دون أن تتحرر من البنى التقليدية لمجتمعها فصارت أقرب إلى التقليد منها إلى الحداثة فى فاعليتها وممارستها النظرية ورؤيتها.

    إن الفارق بين الحداثة كمشروع نقدى جديد تأسس على ما بعد الحداثة ونقدها والتحولات الجذرية فى العالم المعاصر وبين المشروع الذى تعبر عنه الجبهة الإسلامية والحركة الشعبية بوجهين متضادين، هو فارق كبير. فالحداثة الجديدة ترى فشل الدولة القومية حتى فى أوروبا. فقبل أن يعتلى خشبة مسرح التاريخ القوميون الصرب المتطرفون وغلاة الهوتو الروانديين بمليشياتهم المسلحة وأحلامهم وكوابيسهم المتعلقة بالهوية، كان قد اتضح غداة الحرب العالمية الأولى أن طريق أوروبا القوميات والإقتصاديات القومية طريق مسدود.(10) ومع التحولات الجذرية فى العالم المعاصر ومع ظاهرة العولمة فإن الدولة القومية التقليدية التى تتحدد بالقدرة على المحافظة على حكم القانون داخل حدودها عن طريق القوة وبالقدرة أيضا على المحافظة على هذه الحدود مستقرة بواسطة الجيش، هى بالضبط النوع من السيادة الذى أطاحت به ديناميات العولمة.(11) ومن ناحية فكرية ونظرية فقد تلازم صعود الهوية القومية مع ظهور الجمهوريات التى قامت على مبادئ عالية التجريد، لأنها تتجاوز سياق الحياة العادية وتفرض على المواطنين الأفراد أن يعاملوا أنفسهم والمواطنين الآخرين كفاعلين سياسيين لهم القدرة على إصدار أحكام فى الشئون العامة بعد التجرد من سياق حياتهم الخاصة. أى أن مبادئ الجمهورية كانت عالية التجريد لأنها تجاوزت طابع علاقات السلطة بين الحكام والمحكومين الذى كان سائدا فى العصور الوسطى وهو طابع جزئى وخصوصى وشخصى بين الأمراء والنبلاء والناس الذين يعملون فى مقاطعاتهم ولذلك فهى علاقة لا تتجاوز سياق حياتهم الخاصة. أما طابع علاقات السلطة فى الجمهورية فهو طابع مجرد لأنه قائم بين مواطنين يصدرون أحكاما عامة فى شئون عامة، ولذلك فهو طابع كلى وعام. ولأن الناس كانوا قريبى العهد بعلاقات السلطة ذات الطابع الشخصى والخصوصى فقد إحتاجوا إلى ما يعوضها لهم فى الجمهوريات الجديدة. ولذلك كان صعود الهوية القومية بعد ثورات نهاية القرن الثامن عشر يشكل تعويضا مؤقتا يوفر مستويات من التكامل الإجتماعى والتضامن الإجتماعى يجسر الفجوة بين المجزئ والخصوصى وبين الكلى والعام. وأصبحت القومية هى الأساس لتحول الذات إلى مواطن. ومن ثم نشأت ثنائية بين الطابع الكلى والمجرد للجمهورية والطابع الخصوصى والمجزئ للقومية. وهى ثنائية لم تكن مؤذية طالما كانت قومية الأفراد لها أولوية على قومية الدولة، أى عندما كانت القومية تعويضا لعلاقات التضامن التى كانت سائدة فى الماضى. ولم تصبح القومية خطرا إلاّ عندما تم إرجاعها إلى حقائق ما قبل سياسية لشعوب شبه طبيعية، أى إلى شئ مستقل وسابق على تكوين الرأى السياسى التاريخى وعلى تكوين إرادة المواطنين أنفسهم.(12) وهذا هو بالضبط مشروع الهوية القومية الذى تعبر عنه كلّ من الجبهة الإسلامية والحركة الشعبية.

    ومع العولمة فقدت الإختلافات القومية أهميتها فى وجه النماذج الراهنة للتأثير الإقتصادى، والهجرة الإقليمية والعالمية، والتطور التكنولوجى، وصعود التدابير والمؤسسات الدولية، وعولمة المخاطر الإقتصادية والبيئية، بحيث فقدت الدولة القومية شرعيتها تحت ضغط العولمة الإقتصادى والسياسى. كما أن الناس لم يعودوا فى حاجة إلى ذلك التعويض المؤقت لتوفير مستويات من التكامل الإجتماعى والتضامن الإجتماعى إذ أمكن إستبدال الهوية القومية بهوية ثقافية، على أن يتم فهم الثقافة على نحو عريض لا على نحو خصوصى، بحيث يتوفر للأفراد أشكال محددة من الخلفيات المعرفية والقاموس اللغوى والتجارب التاريخية المشتركة والإلتزامات التفسيرية (أى المادة الأخلاقية) ليشكل كل ذلك شرطا لتبنّى المبادئ المجردة وإجراءات الدولة الدستورية الديمقراطية. وهذا يعنى أن الأساس الأخلاقى لإستيعاب المواطنين الأفراد فى الدولة الدستورية قد تمت تلبيته بأن ترشح المادة الأخلاقية فى المبادئ المجردة للدستور الديمقراطى.(13)

    ونخلص من كل ذلك على أنه فى الوقت الذى تتخطى فيه قمم التفكير النقدى المعاصر الدولة القومية وهويتها فإن بلادنا يتهددها خطر التفتت بسبب أزمة هويتها، التى يفسرها عدم إكتمال إندراج البلاد فى مشروع الحداثة وبالتالى غياب المشروع ذاته. إن تجربتنا التاريخية ومعارف وقيم الحياة الإنسانية المعاصرة تجعلنا نبصر أفقا لتحرر البلاد وإشاعة سلامها واستعادة ديمقراطيتها وهزيمة مشاريع تخلفها والإلتحاق بالحياة الإنسانية المعاصرة ومدنيتها.
                  

العنوان الكاتب Date
التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-16-03, 10:15 PM
  Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-16-03, 10:16 PM
    Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-16-03, 10:17 PM
      Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-16-03, 10:18 PM
        Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-16-03, 10:19 PM
          Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-16-03, 10:24 PM
  Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق hala guta04-16-03, 10:28 PM
    Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-16-03, 11:09 PM
  Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق omdurmani04-17-03, 02:43 AM
  Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق hala guta04-17-03, 06:08 AM
    Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق garjah04-17-03, 06:37 AM
      Re: التفكير نقديا في صراع الهويات - هشام عمر النور يحاور فرانسيس دينق Abdel Aati04-19-03, 04:00 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de