جرت دمعة من مقلتيىَّ ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 05:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-05-2004, 05:13 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جرت دمعة من مقلتيىَّ ...

    جرت دمعة من مقلتيىَّ ...

    ***
    جرت دمعة من مقلتييَّ؛ اذ قرأت بوستات عثمان محمد صالح؛ قبل سيره في طريق الجلجلة؛ والتي رفعها مشكورا الاخ شنتير؛ وغمر بها الصفحة الاولي؛ واجبرني بذلك علي قرائتها في السياق؛ فادركت حينها حجم الفاجعة ..

    ***
    فاجعتي وفاجعة البورد؛ وليست فاجعة عثمان .

    ***
    اجرمت انا في حق عثمان؛ عندما جلبته لهذا المنبر الجاحد؛ وتركته فيه من دون عصا يتوكا عليها؛ ؛ يلاطم امواجه وهو لا يجيد السباحة في بحر الزيف والتخلف والشلليات؛ ويعصر قلبه وعرقه وعصبه؛ امام حجر البورد الاصم؛ والذي هو جزء من تحجر المجتمع الذي كان ..

    ***
    مساهمات عثمان من ترجمة وشعر ونثر وقصة وتحليلات سوسيولوجية وسياسية؛ كانت تقابل بالاهمال العظيم؛ حيث كانت هناك عصبة تعد علي اصابع اليد الواحدة؛ تقرأ له وتحاوره .. بعض اجمل بوستاته واجمل ما كتب في البورد قاطبة؛ لم يقرأها حتي ولو خسمون شخصا؛ ومثابرته -السيزيفية- في رفع بوستاته واغنائها؛ لم تقابلها الا مثابرة اكبر؛ من قلب البورد الاصم والاعمي؛ علي انزالها اسفل سافلين.

    ***
    هذا الجهد العظيم في الكتابة؛ وتدقيقها؛ وطرحها من بعد دررا للقراء؛ والتواضع الجم امام كل مشارك ومشاركة؛ والتقدير الكامل للمتداخلين؛ كان يتكسر علي صخور البورد الفارغ حد الالم؛ الغارق في الهايف حد الثمالة .. وقد قلت بالم : ايها البورد ؛ انك لا تستحق عثمان.

    ***
    لم يكسر كل هذا عثمان؛ بل لمحه وهو اللماح العبقري؛ فالناقد الادبي والباحث الاجتماعي؛ لا تغيب عليه مثل هذه المظاهر البسيطة للاشياء؛ ولكنه ككل عصامي ؛ وكل صاحب رسالة؛ واصل طريقه؛ يرمي الدرر حيث يبحث الناس عن الخزف؛ ويغرس الزهور وقت يبحث الناس عن الزهر الصناعي؛ ويشتل الشجر حين يقطعه الناس لعمل فاخر الاثاث منه ..

    ***
    عثمان محمد صالح .. ان موهبتك وانسانيتك؛ ليست لهذا المكان .

    ***
    كتب عثمان محمد صالح :
    ثمة مفارقة فكهة في " سوق " هـذا البورد: بينما يتشكّى زبائنه ويتذمرون من سيادة ما أُصطلح على نعته ببوستات"الشمار والغيبوبة" ، إلاّ أن الملاحظ أن" ذات" البوستات المغضوب عليها هي التي تـُحظـَى بالإقـبال والمرغـوبية والإنتشار الواسع، تتخطفـها أيادي الزبائن ويتنازعها جمهور القـراء كما يتنازع كسرة خبز ٍ يابسة ٍ ملهوفـون ضربتهم سياط مجاعة ٍ ومحْـل !وكان الأولى بهذه البوستات أن تـلقى مصير ذلك الحبل الذي يفـّر عـند رؤيته كل من جرّب لدغة الثعبان!

    ***
    وواصل كتابته:
    علاماتُ إستفهام ٍ وتعجّب ٍ وحيرة ٍ وإندهاشْ.
    أهي سنة من سنن الحياة ياترى والسائل آخر من يعلم!؟
    يبدوأن" النفـق" المظلم ما يزال طويلاً ـ أمام شعبناـ طولاً" يسـل" الروح من بين الضلوع ، و " الردّة" حلقاتها مستحكمة ولا فكاكَ من ربقـتها في الأجل القـريب، فالماء الآسن نخوض فـيه جميعاً دون تمييز ٍ !.


    ***
    اجرمت في حق عثمان مرة ثانية؛ عندما كنت اكتفي بقراءة بوستاته؛ ولا اتداخل فيهاالا لماما ؛ خوفا عليه من التصنيف والقولبة والصراعات المريرة؛ ونسيت او تناسيت ان الصراع هو طبيعة الحياة .. وددت لو احمي عثمان بالابتعاد عنه؛ حتي لا يصيب الشرر المتطاير حولي روحه الحساسة؛ ولكن شررا من نوع اخر اصابه؛ وكنت في شغل عن ذلك ببعض معاركي العقيمة ..

    ***
    اتصل بي عثمان مرة طالبا ان اشطب كل بوستاته؛ عدا بوستين نقل فيهما مادة لعبدالله علي ابراهيم؛ باعتبار انه ليس صاحب تلك المادة ولا يملك حق شطبها .. تسائلت بدهشة عما جري؛ فقال ان اغلب تلك البوستات لا تشبهه؛ وخصوصا بوستات الصراعات والملاسنات؛ وتاسف كثيرا علي عنوان بوست "العصبة الشيطانية" .. كنت قد تركت قبلها بايام امانة البورد؛ فاعتذرت له؛ واقنعته بان يترك الامر لوقت الارشفة؛ حيث يمكن مخاطبة بكري؛ وضرورة ترك بعض البوستات؛ واقتنع؛ وليته لم يقتنع ..

    ***
    ان اسؤا ما كتبت يا عثمان في هذا البورد؛ هو اجود واكثر قيمة عشرات المرات ؛ من افضل ما كتبوا .

    ***
    حاولت ان اشرح لعثمان بعض تقنيات رفع الاهتمام بالكتابة بالبورد؛ انتقدت له ردوده المبتسرة علي المتداخلين؛ فقال انه لا يجيد فن المجاملة .. طالبته بتوسيع علاقاته الاجتماعية؛ لا لكي يكون له شلة؛ ولكن ليجعل لصورته طابعا انسانيا؛ ولكن طريقه هو طريق التفرد .. طلبت منه الا يشاكس والا يدخل فيما يجلب الريح والعواصف؛ ولكن روحه كانت اقوي ..

    ***
    عثمان انك لا تحتاج اليهم؛ بل هم من يحتاجون اليك..

    ***
    يا ويل وطني وشعبي؛ عندما تركض نخبته وراء الزبد الذي يذهب جفاء؛ وتترك ما ينفع الناس الماكث تحت الارض؛ او في قاع البورد. يا لعذابات امة لا تعرف مبدعيها؛ الا بعد ان يذهبوا في غياهب الموت او النسيان .. يا لبؤس عالم يرمي فيه الانبياء بالحجارة؛ ويسخر منهم الجهلة ومعدومي المواهب ومسطحي الضمير.

    ***
    عثمان محمد صالح : عد الي نفسك؛ ولا تعود الي هذا البورد؛ واغفر لي ما تقدم من جرمي؛ وما تاخر ..

    عادل

    م:
    المقاطع من كتابة عثمان .. من هذا البوست:
    الأصولية الإسلاموية في السودان: لقاءٌ بين مناجـل ٍ وسنابـلْ!

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-05-2004, 05:19 PM)

                  

12-05-2004, 05:33 PM

بارعة
<aبارعة
تاريخ التسجيل: 07-16-2002
مجموع المشاركات: 440

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    لا يا استاذ عادل

    انت ما اجرمت

    ولو انت حميت عثمان من البورد

    ما ح تقدر تحميه من الشارع والناس

    وبعدين ما كل البورد سيئ وما كل الناس

    بتسيئ لى عثمان .....

    انت ح تجرم فعلا لو مسحت بوستاتو وحرمت من يقرأون له

    من عثمان

    من هنا اقول لى عثمان ما تحس انه

    لا يشبهك من ملاسنات بشبه اصحابها

    ولكل مقام مقال

    ولو جرت دمعة من مقلتيك

    تجرى لما آل اليه الحال


    تحياتى
                  

12-05-2004, 05:51 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: بارعة)

    شكرا بارعة؛
    انا جد ممتن ..

    هنا سانقل ما تيسر ؛
    من اعمال عثمان محمد صالح؛
    التي لم تلق حظها من الاهتمام ..
                  

12-05-2004, 05:55 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الغـا ئـب
    ____( شـعـر) ______

    منز ما يـربـو على عـشـرين عـامٍ و القـصـيـدةُ تـنـز وي فـي ( اللا مكان): رتـبـت المخـبأَ في صـمتٍِ و جلسـت تـتـد فأُ بحد يـثِ النارِ و الأعـشابِ وحــد ها نشـيجُِ الصـمـتِ ، ألف بـيـنـهـاا" المقـموعُ " فوق سريـرِ المجـمرِ المقـرورِ)، غـزلـت سـترةَ الـصـوفِ لأ وهـا مِ ا لمسافـرِ و هـو يكـبـو في نـتـوءاتِ الكـتابـةِ، قلـبـت بأ نـيـنهـا جـمـرَ الحـنـيـنِ ، و أز كـت النا رَ الوليـدةَ من وقـودِ الروحِ، لـكن المسافـرَ كان مُستـلباً فلم يـلحـظ وميـضَ ا لـنارِ في ا لعـيــنـيـن وهـو يـمـرقُ من "عـويـشِ" الغـابِ، يـغـطـسُ في شـحوبِ السهـلِ مهـموماً بأشيـاءٍ تـبـيـنُ و تخـتـفي في التـلِ عـند مشارفِ العـتـمورِ، لم يـفهـم إشارتها الأخـيـرة تسـتجـيـرُ و تـسـتـثـيـرُ نـبـا لـةَ الـقـلمِ المـنافحِ عـن حِماهـا في " نزالا تِ " الكلامِ ا لغــثِ ، راوحـت بمكانها حتى أزان الفجـرِ ثم تـنـر جـسـت في بـركـةِ الـضـوءِ الوحـيدةِ، عـطـرت فـسـتا نها المـنـسـوجِ مـن َرهـقِ الكـلامِ ، تـزيـنـت بـعـبــيـر شهـوتها كمـا تـزدانُ كل مليـكةٍ في الليـلِ، و إسـتـلـقـت عـلى أر جـو حةِ الزكـرى، و غـنـت للمسافرِ في غـمـوضِ السهـلِ و الغـابـةِ والـعـتـمـورِ، نامـت وإ ستـفاقـت عـند ما هـدأ غـرامُ الـنارِ والأعـشـابِ فـوقَ مـلاءةِ التـنـورِ وإنطـفأ اللهـاث!!



    من بوست:
    الغـا ئـب ــــ ( شـعـر)
                  

12-05-2004, 06:00 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    حـاد ثـة المـونـالـيـزا : مـن المـنـتـصـر و مـن الـمـهـزوم؟؟
    ________

    تـوطـئة :

    أجـهـل عـنـهـاكـل شـي مـا عـدا لـقـبـهـا الالـكـتروني: مـونالــيزا. لـيـس ثـمـة قـاسـم مـشـتـرك يـجـمعـنا عـلى المسـتويـيـن الخاص و العام ، عـلاوة عـلى ذ لـك لا أرى في تـوافـر"القـواسـم" بـيـن الـناس أو إنـعـدامـهـا سـبــباً يـثــيـر حـمـيـة الـد فـاع عـنـهـم و الـتضـامـن مـعـهـم ولا مـبـررا يـمـنح الـهـجـوم عـلـيـهـم و التـعـدّي على حـريـتـهـم وغـمـط حـقــوقـهـم غــطاء اً مــن الـشـرعــية !!
    الآن و قـد" إنـجـلى" الـمـوقــف بـعـض الـشـيء بعـد نـبـأ تـلـك المكالـمـة ااـهـاتـفـيــة بـيـن الأخ خالـد الحـاج والأخـت مونالـيـزا، أود تـقــريـر الأمـور التـالـية :

    لـقـد كـانـت العـاصفة" السـلفـية" العـاتيـة التـي هـبـت في وجـه الأخـت موناليـزا إرهـابـا د يـنـيـا بـكل ما يـتـضـمـنـه الـتـعـبـيـر من معـنى إ سـتحـال فـيه" الـبـورد" الى ســاحة حـر ب حـقــيـقــيـة سـمـعــت فــيـهـا أصــوات الـتـهـلـيـل والتكـبـيـر والـتـكـفـيـرو الـوعـيـد ودق الطبول وقـرع النحاس وتجـيـيـش العـواطف الديـنـية وإسـتــنـفـار المحايد يـن وقـعـقـعة الـسـيـوف وهـي تـشـهـر في وجـه الضـحـية الـعـزلاء، سـمـعـت فـيـهـا أيـضـا أصـوات الطـريـدة الآدمـيـة وهي تـعـد و واجـفـة نـحـو الـفـخ المـنـصـوب لـهـا ثـم جـاء ت سـاعـة الإسـتـسـلام ، عـنـدهـا تـنـفــس الكـثـيـرون الـصـعـداء دون أن يـخـطر في بااـهم أن" الـنـهـاية " التـي أخـتـتـمـت بـها الحـادثـة لـيـسـت سـوى" البـدايـة" لأنـهـا بـبـسـاطـة قـد أفــرزت واقـعـا جـد يـدا لـتـوازن الـقـوى سـوف تـتــمـخـض عـنـه ولادة " بـورد" جـد يـد سـتـتـضـح مـعـالـمـه الـمـسـتـقـبـلـيـة شـيـئـا فـشـيـئـا، فـالـنـاس وهــم يخـرجـون من الـمـعـارك و يـنـفــضـون عـن أثـوابـهم غــبـار الحـرب لايــشـبـهـون بأيـة حـال مـن الأحـوال" أنـفــسـهـم" حـيـن د خـلـوهـا !.

    أطـراف الـحـرب:

    نعـم لقـد كانت العاصـفة من الـشـدة و القـوة بـمكان بحـيـث تـقــتـلـع أي فـرد مـنا مـن جـذوره ـ لـو قـدر لـه أن يـحـل مـحـل الـضـحـيـة ـ إن لـم يـجـد إلى جـانـبـه مـنـاصـرين، لـكـن الـحـرب لـم تـكـن ثـنـائـية بـل ثـلاثـيـة الأطـراف :
    :Board administration:
    المـأزق الـحـقـيـقي الذي وجـدت إدارة البـورد نفـسـهـا مـحـشـورة في زقـاقه الضـيـق عـبـّر عـنه خـيـر تـعـبـيـر البوسـت الذي حـمـل العـنـوان التـالـي : مـا هــو د يـن الـبـورد؟
    حاولـت الأدارة في البـدابة إطـفـاء الحـربـق المـنـدلـع قـبـل أن يـسـتـشــري مـحـاولة لـعـب دور " الـحـكـم" وفـق الصلاحـيات الممـنوحـة لـهـا: تـدخـلـت و حـذ فــت مـا تـعـتـقــد في إخـلالـه بـقــواعـد الـنـشـر لـكـنـهـا سـرعـان مـا إنـجـرفـت بـعـيدا عـن دور" الـحـيـاد " المـفـتـرض في مـعـارك البـورد وهـي عـدبـدة ، فـتحـت ضـغـط الهـجـمـة الـشـرسـة إنـحـازت لـصالـح مـعــسـكـر الـطـرف الـقـوي و قـررت الحـفـاظ’ عـلى البـورد بـأي ثـمـن ، لـكـن الـقـربـان الذي إفـتـدت بـه " وجـود" الـبورد"وقـدمـتـه للمـذبـح حتـى تـهـدأ ثـائـرة الـثـائربـن لـم يـكــن عـضـويـة الأخـت مـونـالبزا وحـدهـا بـل رافـقـه قـربـان آخـر : حـق التـعبـيـر و الـنـشــر!!!ـ
    2ـ جـبـهـة المـعـارضـيـن :
    هـي الـجـبـهـة التي خـرجت من المعركـة ظـافـرة مـنتتـصـرة ! تشـمل دعـاة الـهـوس الـديني و الجهاد المقـدس و هـم أقـلـيـة لكنها أقـلـية تـعـرف جـيدا أكثر من خصومها ماذا تريد وكـيف تصل إلى أهدافـها و مراميها..يكمن سـر منعـتها و إمتـيازها و تـفـوقـها على الآخـرين ـ وهـنا وجـه المـفارقـة ـ في أقــلـيـتها: ليـس في هـذا خـروج " عـ-لى قـواعـــد الصراع الإجتماعي" : رب فـئة قـلـيلة هـزمت فـئة كثيـرة! إنـها صرامـة التـنـظيم ، وحـدة الـهـدف ، مـضاء الأسـلحـة الفـكـرية و فـعـالـية تـوزيـع الأدوارالـمـرسـومة عـبر مراحـل الصراع ومنـحـنـياته. و عـندما إنجـلى غـبار المعركة وسـقـطـت الضـحـيـة مضـرجة بدماء الطـعـان تـكـاد تـلـفـظ روحـهـا إرتـفـع من بـيـن أسـنـة رمـاحـهـم المـغـروسـة في جـسـد الضـحـية صـوت يـحاول التـشـبه زورا و بـهـتانا بـسـمات العـقـل و الرشـاد ، معـلـنـا واقـعـة الإنـتصار في صيـغة الإعـتـذار المـرايئ : ما كان يجـب الـشـروع في" الطعان" قــبل الـبـدء في "الـحـوار"!!!!!!!! لقـد كـسـبت جـبهة المعارضين المعركة بجـدارة تحـّرض خـصومها لإعـادة الـتـفـكـير في كثـيـر من المـسـلـمات!!
    The supporters :3ـ
    وهي الجـبهة التي خـرجـت مـهـزومة من الصـراع عـلى الرغـم من تـفـوقـها العـددي وذلك لتـنـاقـضاتها وغـيـاب عـنـصر الوحدة في تنـظـيـمـها و ضعـف حججها،كل ذلك جـعـل الماء الوفـير يـصـب بـغـزارة في تـرعـة خـصومها.
    يمـكـن تـقــسـيـم الـذين خـرجـوا للمناصرة إلى قـسـمين رئيسيين:
    القـسم الأول يـشـمل ـ وهذا نابع من "الطـبـيعة الإجـتـماعـية" لأحلاف و شـللـيات الـبورد المتـقاطعة في أغـلبها مع خـطوط التـمايـز الفـكري والسـياسي لأعـضائها ـ أولئـك الـذين خـرجـوا للمـؤازرة لإعتبارات العصبية التي تربطهم بالضحية (شـلة واحـدة)
    القـسم الثاني يضم أصوات متعـددة المـشارب فكـربا وسياسيا يوحـدها أمـران إثـنـان:
    رفـض " المكـتوب" الذي فـجـر الأزمة و رفـض عـقــوبتي التكـفـير و الفـصل.
    إنطلق أغلـبهم من حجة صوفية : طلب الهداية للضحية!

    المهـزوم الحقـيـقي :
    المـهـزوم الحـقـيقي هـو حـرية التعـبيـر عن الرأي و نشـره عـلى الـمـلأ و مقارعة الحجة بالحجة دون ان يدعي أي من المتجادلـين حـيـازة الحقـيقـة المطلقة ودون أن ترتفع سيوف التكـفـيرو تعـلو في الجـو فـتاوى هـدر دماء الخصوم !
    لقد خرجـت جـبهة المعارضين مـنتـصـرة لـيـس لأن هـدفـهـا هـو تـد مــير الـبورد كوسـيط إعـلامي ـ كما يعـتـقـد الـبعض ـ بل هـو تغـيير موازيين القوى في داخـله لصالحهم : أن يستـفـردوا به، أن يقــمعــوا الأصوات التي تناوئ فـكرهـم وأن يحولـوه الى " بـوق" لا يـبـشـرفـيـه إ لا بــمـشـروع دولـتهـم الديـنيـة!!
    إنني أرى " نجاحها "متجـسدا في حقـيقـتـين: الأولى جعـلـهـا" الضحية" عـظـة و عـبرة لمن يعــتبـر! ، أما الثانية فهي " ولادة" بورد مهـزوز سـيف الرقـابة الإجـتماعـيـة و الذاتـية فـيـه مـسـلـط عـلى رقـاب أصحاب الـفـكـر المغايـر!!

    خـاتـمـة:
    يبدو أن حصون الـدولة الثـيوقـراطيـة في السـودان لـم يـعـوا جـيدا دروس التـاريـخ : ألاتكـفـنا كـسودانيين مـهـزلة حـل الحزب الشيوعي السوداني و طرد نوابه من برلمان ما بعد ثورة أكـتوبر،ألا تـكـفـنـاأيـضـاً البقـعة التي لطخـت تاريخ السودان الحـديـث الى الأبـد عـند ما أعـدم السـفـاح نمـيري الـفـيلسـوف الوحـيـد في تاريخـنا الحـديـث محمود محمد طه وعـرّض سد نته تلاميذه لجـحـيـم"الإسـتـتابـة"،ألا تكفــنا القـوائم الطـويلة لـسـجـناء الفـكـر و الضـمـير، ألا تكـفـيـنـا دمـاء شـهـداء الديـمـقـراطـية المـوؤدة، ألا تكـفـنا عذابـات وأهــوال" بـيـوت الأشـباح ؟؟؟؟!!!!!

    إن إحـناء الرؤوس أمام العواصـف السـلفـية ـ الـهـابـة مـن المـقـابـروالـجـبـّـانات ـ لـن يـزيـدهـا إلا جــنوناً وإثـارة، أما الأمـواج التي تؤلـبـها فـسـوف تطـالـنا فــرداً فــرداً حـتى لوإحــتمـيـنا بـكـهوف الصـمـت أوتـذرعــنا بعـلة الـخـرس أو تـعـللـنا بـحـجـة"خـصوصـية الـبـلاء " و " آخـريـة الـمصـاب " أو إسـتـعـصـمـنـا بأمـان الـمـنـافي، إنـهـا كـفـيـلة بإغـراقــنـا "جمـيعـاً"إن لـم نـحـسـن بـناء المـصدات والمتاريـس و السـدود، فالمسـألة لا تـقـتصرعـلى أفـراد بـعـيـنـهـم( كـيـفــما تـعـدد ت أهـدافـم وتـبايـنـت نوايـاهـم) وتـتجـاوزالأسـمـاء(حـقـيـقـيـة كـانـت أم مـلـغـومـة) ، إنهـا مـسـألة " وجـود إجـتمـاعـي": هـل نعـيـش أحـراراً كـمـا يلـيـق بالبـشـر أم نطأطيء رؤوسـنا إلى الأبـد كـالأقـنـان و الرقـيـق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
    _________
    *كل الوارد أعلاه يعـبرعـن وجهة نظري و قـناعـاتي الفـردية ،ولاتـتحمّل أيـّة جـهـة سـياسـيـة كانـت أو خلا فـهـا مسؤلية ذلك!!!
    __________
    عثمان محمد صالح....11-03-2004

    من بوست:
    حـاد ثـة المـونـالـيـزا : مـن المـنـتـصـر و مـن الـمـهـزوم؟
                  

12-05-2004, 06:04 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    حـول حـرية" اللإاعـتـقـاد" وحـقـوق الانسـان و نمـوزج الدولة العـلمانية من النمط اللبرالي في السودان
    ________

    مقـدمة :


    " الـمـادة" التي تـشـتغـل عـلـيها مـباحـث" اللاإعـتقـاد" هـي هـي ذاتها التي تـشـغـل بال الـفـكـر الديني.الإخـتلاف بينهما يتمثـل في" الموقـف " من تلك المادة و"طريقة" النظر إليها وتـصـمـيم تـراتبـيات مخـتلفة لـعـناصرمـنـظـومة الوجود.

    " للاإعـتقاد" كـمنـظورفـلـسـفي لعـلاقـة الإنسان بمـنظـومة الـوجـود، بالـفـيـزيا و ما ورائـهـا، بـروابـط الأرض والسـمـاء ( بمـا تـسـمـيه مـعـاجـم المؤمنـين بالـرب ، الله، الخالق، يهوه و ما تدعـوه لـغـة الفـلـسـفة بالعـقـل الكـلـي، الـمـطلـق، أصـل الأسـباب وغـيرهـا من الأسـمـاء)، مـدارس متعـدّدة و تـيارات مـتصارعـة داخـل حـوش الـفـكـر الفـلسـفـي لا نرغــب ضمـن الإطار الضيق لهـذا المـقـال الـغـوص في ثـنايـا تـفـاصـيـلـها! لـيـس مـن أغـراض هـذا المـقــال أيـضـا صـياغـة"حـكم قـيـّمي" أوإسـتصـدار فـتـوى ديـنـية بـشـأن اللاإعـتقاد من وجـهـة نـظـر ثـيـولـوجـيــة: لـسـت فـقـيهاً في عـلـوم الديـن حـتى يتـسـنى لي فـعـل ذلك حـتى و إن واتتـني الرغـبـة ! لـيـس مـن أغـراضه كذلك التـبشـير باللاإعـتقاد أوحـمل المعاول الـفـكريـة لهـد م أسـسـه وركائـزه الفـلـسـفـية و مطاردة دعـاتـه و الـمـبـشـرين بـه مـطـاردة الكـنيـــسة للـسـحـر والـهـرطـقـة في أوروبا القــرون الوســطى!

    نقـطة إنطلاق البحـث في هـذه المـوضـوعة هي قـنـاعـتي بـأ ن إقــرار " حـريـة اللإعـتـقاد " و تجـزيـرهـا فـي بـنـيـة الثـقافة السـودانية ذو عـلاقـة عـضـويـة بما يسـمى بحـقـوق الإنسان و كـذلك بمشـروع البـديل المـفـترض تأسـيــسـه عـلى أنـقاض الـدولة الثـيـوقـراطية الـقائـمة في السـودان.

    الحـريـة : مـقـاربـة فـلـسـفـية للـمـفـهـوم :


    الحـرية "كـلّ" متكامـل لا يـقـبـل الـتـجـزئة، فإما أن تقــبل كـلها أو ترفـض برمـتها : طريقـان إثـنـان لا ثالـث لهما. إنها ليست بضاعـة في"حانوت" الوجـود البـشـري بحـيث يمـكـن عـرضها حـسب الطلـب وبـيـعـها" بالـقـطـّاعـي"!
    هـي أسـلـوب في الحـياة متكامـل العـناصـرو"رؤيـة للـعالم" تتجـاوز حواجـز المـكان و قـيود الإنـتـماءات الفـطرية
    و المكـتـسـبة و" نـسـق من الـقـيّم" الـشـمـولـية الـمـنـظـّمة لعـلاقـة الـفــرد بأشـيـاء الوجـود و كائـنـاته و خـلائـقـه
    بتعبير آخـر:الحرية هي جوهـر "كـينونـة"و" ماهـيـة" الإنسان بما هـو إنسان ، لولاهـا لـظـلـلـنا أسـري "الطبـيعة" حتى هذه اللحـظة! إنـهـا " الـبراق " الذي يمتطيه الإنسان راغـباً في التحـّرر من قـيود " عالـم الـمـحـسـوس" صاعـداً إلى ثـريات "عالم اللامـحـسـوس".لم تـكن تلك الـشـجـرة العـالية القـطاف ماحـّرض " إنسـان الـغـابة"عـلى رفـع عـينيه من ذل الأرض و عـبـوديـتهـا لـيـمـشي" مــنـتـصـب القـامـة " بل كان " نـداء الـحـرية" وهـو يتعـالى في الأفـق البعـيد ما جـعـّله يـهـجـر "حـضن الأم" باحـثـاً عـن ذاتـه الـمـفـقـودة .الحـرية بهذا المعـنى تتـسـامى فـوق الإخـتلافات الإجـتـماعـية: لا تعـترف بالفـوارق الجـنسـية والعـمـرية و العـرقـيـة ولا بتمايزات المـكانـة والطبقـة والطـائـفـة الخ . إن حـركـتهـا تـشـبـه إنـدفـاعـة الـسـيل : تـخـتـرق المـوانع ، تدّمـر الـسـدود و تـكـتـّسـح حـواجـز" الإخـتـلافـات".

    حـريـة" اللاإعـتـقـاد":


    حــرية اللاإعـتقاد والـتـبـشـير بـه تعـادل حـريـة الإيـمان والـدعــوة لـه، كـلـتا الحـريـتـين مـتسـاويـتان فـي الـمـكانـة متـعادلـتان فـي الثـقـل في مـيـزان حـقـوق الإنـسـان..الإيمان واللاإعـتقاد كلاهـما خـيار و مـذهـب في الـحـياة، وليـس في مـقـدور أيّ مـنـهمـا القـضاء عـلى الآخـر، كلاهـما باق على ظهـرالـحـياة لأنـه يـعـتاش ويـتطـفـل عـلى"الـغـذاء" الذي تـقـدمـه لـه مـائدة الآخـر: لـيـس أمـامـهـمـا حـل للـنزاع الأبـدّي غـير التعـايـش الـسـلـمي وإقـتسـام"فـضـاء الضـمـائـر".

    حرية" اللاإعـتقـاد" في السـودان :


    لا تـوجـد في السودان ـ ضمـن حـريـات أخـرى مـكـبـوتـة ـ حـرية التصريح باللاإعـتقاد و التعـبير عـنه و الدعـوة له بالوسائل السـلمية . توجـد في الـسـودان أقـلـية مـلحـدة لـكـنها مـقـمـوعـة ولا تمـتـلك أية حـقـوق ..يـمـكـن تـصـنـيـف هـذه الأقـلـيـة ضمـن فـئـة الأقـلـيات الأسـوأ حـالا في ظل الدولة الثـيـوقـراطيةالـقائـمة. الـفـئـة الأكـثـر مـعـانـاة مـن بينها تضم المـلـحـد يـن المـنحـدريـن من أصـول إسـلامـيـة لأن سـيـف "الـرّدة"مـسـلط على رقـابـهـم.!
    يسـتخـدم أنصـار الدولة الدينية حجة اللاإعـتـقاد سلاحاُ سياسياً للكـيد و الـنيل من خـصومهم الداعـيـن لـفـكـرة قـيام دولة علمانية في السودان و خاصة أعـضاء الحـزب الشيوعي السوداني . يعاني أنصار الفـكـر الجـمهـوري أيضاً من تهـمـة الخـروج مـن " مـلـّة المـسـلـمـين ".

    "اللاإعـتقـاد" في نمـوزج الدولة العلمانية من النمـط الـلـبرالي:

    الدولة ـ أيــّة دولة ـ بما في ذلك " دولة المدينة" النموزج الأولي( Proto type) لما صار يعـرف لاحـقـاً بالدولة الإسلامية هي في آخـر التحـليل لـمـاهـيـتها " إطار يـنـتـظـم مـن خـلاله المـجـتـمع الـمـعـيّـن سـياسـيـاً". الدولة بهذا الـمـعـنى أصلها في"الأرض"لا في" الـسـمـاء".إننا نبـحـث عـن مـنشـئـهـا و تطور مؤسساتـهـا في ممارسات الـبشـر و تـفاعـلات مجـموعـاتهم،لا في بطون الكتب المـقـدسـة ولا في نـصـوص رسالات السـمـاء . الدولة عـكـس الأفـراد لا تمتلك الـخـاصـيـة الـمـلغـّـزة الـمـسـماة "فـؤاداً" حـتى تـؤمـن بالـغـيـب ووجـود الخـالق أو تـرتـد عـن عـقـيـدة مـا أو تسـتـبدلها بأخـرى أوتـصـّم أزنـيـهـاعـن سـمـاع دعـوة الـحـق مـشـيـحـة بوجـهـهـا عـن الأديـان مـقـررةّ الإلـحـاد!
    ننـطـلـق في تحـديدنا للسـمات الأساسـية المـمـيزة لنموزج الدولة العـلمانية من تـراث الشعـوب التي سـبـقـتـنا في هـذا المضمارو كذلك من زخـيرة تجـربة الدولة الـدينية وممارسات أنصارهـا في السودان :
    الدولة العلمانية هي دولة لادينية. قـد يبدو هـذا التعـريف في نظر البعـض حـشـّواً(Tautology) لكـن الغـرض مـن إيراده والتشـد يد عـلىالطبيعـة " اللاد يـنـية" هـو تحـد يـد الخـط الفـاصل بين نمـوزج الدولة العلمانية وخـصـمه الإديولوجي المـتـمـثل في الدولة الثـيـوقـراطية .

    الدولة العلمانية لا تتبنى الإلحـاد عـقـيـدةً رسـمـيةً تقـود سياساتها لأنّ تـبـنــّيـها للإلحاد ديـنـاً رسـميـاً يتعـارض كل التعـارض مع جـوهـرها و ينـسـف الأساس الفـلسـفي الذي شـيّد نمـوزجها النظري من فـوقـه : بناء دولة تـنـبع من محـصلة خـيارات مواطنيها و تعـبّرعـن إراد تهـم العامة لا عـن إرادة فـرد أو جـماعة تحـتكـرالحـقـيقـة و تدعّـي تـجـسـيدهـا لظـل الله في الأرض وتــزعـم أن أ فـعالهاو مسـلكـياتهاالدنيويـة مـنـزّهـة عـن الأخطاء و مـعـصومة مـن المساءلة ولا تـخـضـع لـلـرقـابة البشـرية لأنـها تمـثــّل إرادة السـماء التي لاراد لـها أو تـعـبّرعـن مـشـيـئـة العـمـليـة الـتاريـخـية التي تعـرف تلك" الجـماعـة" وحـدهـا كـيـفـيـة فـك شـفـرتـهـا والـكـشـف عـن الـقـوانين الباطـنية الـمـحــدّدة لـخـط سـيرهـا...الخ الخ مـن جـمـلة العـناصر المـكـونة لـقـائـمـة طويلة تـشتــمـل عـلى المبـرارت والمـسـوّغـات التي سُـكّـت(ومـا تـزال) دعـما ًوتـأيـيـداً و تـأبـيداً لإحـتكـارالصفـوات للسلطة السياسية والـزرائع المـسـتـخـدمـة لـشـرعــّـنة تـحـويل السـلـطة الى مـلـكـية خـاصـة( Private property)!!!

    الـدولة العلمانـيـة دولة محايـدة دينـياً. إنـهـا تعـنى بتنظيم شـؤون مواطنيـها دون أن تتدّخـل في مـكـامن الأفـئـدة و لا تستخـدم أجـهـزتها رقـيباً يـحـصـي ما يحدث داخـل الضمائر و لا عـتـيداً يسـجّـل ما يـدور في العـقـول. انها لا تمـّيـز بـيـن مواطنيها على أسـاس الإعـتقـا د و الجـنـس و الإنـتماء والمـكـانـة و الـطـبـقـة و لا تنـظر الـيهم إلا بإعـتـبارهـم "حـوامـل" لحـقـوق يـكـفـلها الــد سـتـور و واجـبات تـسـتلـزمـها الـمـواطنة!

    الدولة العلمانية تحدّد الإطارالعام للتفاعـل الإجـتماعي بين الأفـراد والجـمــاعات ولا تتدّخـل في توجيهه ولاتنتصرفـيه لصالح فـئة ضد أخـرى ، وإذا نـشـب نـزاع بين الأفـراد أو الـجـمـاعـات فـالفـيصل عـندئذ هـو سـلطـة الـقـانون التي يتساوى أمامها الجـمـيع دون إسـتـثـنـاء.

    الدولة العلمانية تصون حـرية الأعـتقـاد و" اللاإعـتقـاد" و لاتـقـمّع التنافـس بـين الأديان الـمـخـتلفـة و بين الإديولوجيات الـمتصـارعـة ، بل تقـتصّر مـهـمـتها عـلى المحافـظة عـلى الطابع السـلمي للتنافـس و الصراع.

    الدولة العلمانية هي دولة لاشـمـولـيـة : لا يحـتكـرها فـرد أو حـزب أو جـمـاعـة...لا تخـنـق مؤسـسات المجتمع المدني ولا تقـمـع الصراعات داخاـهـا ولا تحّـول تلك المؤسـسات الى" أزرع" تابعة للسـلطة السـياسـية.

    ليـس من مـهام الدولة الـعـلـمانـية تـر بـية أو تـقـويم الأفـراد أو إعـادة تـنـشـئـتهم(Resocialisation) وفـق" نموذج أخـلاقي" بعـينـّه مـهـمـا تسامـت خـصائص و مـزايا ذلك النموذج دينيا كان أو عـلـمانياً ( أسطورتا" المسـلم الـقـويم" و" الإنـسـان الجـديد" على سـبيل الـمـثــال لا الـحـصـر).

    الدولة العلمانية هي دولة مدنية تتداول فـيها الأحـزاب السـلطة السـياسـية بـطريقـة سـلمـية عـبر نظام الإنتخاب الـحـر المـباشـر( الصوت الواحـد للـفـرد الـواحـد :لا مـكان للـتمـييز بين الـمواطـنين فـيما يتعـلق بالحق الإنتـخابي إسـتـناداً عـلى مـعـايـيرمـخـلة بـمـبـدأ المـسـاواة كالتعـليـم أو الإنـتـمـاء لـفــئة إجـتـمـاعـية بـعـينها لهـا دورهـا المـتـمـيز في قـطاع الاقـتــصـاد الـحـديث و تتحـّمـل أكـثـر من ســواهــا أعــباء وتضـحــيات النضال السـياسي ضد الأنظـمة الدكتاتورية )، أما المـؤسـسـة العـسـكرية فإن مـهـمـتها الدستورية الأولى والأخـيرة هي حـراسـة حـدود الوطن فـقـط.

    دولـة مـدنـيـة أم عـلمـانـيـة لـبرالـية:ـ


    المصطلحات و المـفاهـيم هي" تصـامـيم ذهـنـيـة" تقـارب الواقع الإمبيريقي للظواهـر المـراد وصفـه أو تفـسـيره أو تنحـرف عـنه بدرجة أو بأخـرى أو تـفـارقـه نـهائـيا الأمـر الذي يسـتدعي إسـتبدالهـا بأخـرى أكـثردقـة وصـوابـا.ً
    إنهـا"عـصاة" الـباحـث و" بطاريته" المـضيـئة في عـتـمـة لـيـل " الظواهـر".

    المصطلحات و المـفاهـيم حـتي وهي تولـد في عـزلة " الـتـأمـل الفـلسـفي" لمـبتدعـيـها، تحـمـل في طياتها سـمات عـصرهـا و تعـكـس ـ بدرجة أو بأخـرى ـ واقع الصراعـات الـفـكـريـة و السـياسـية الـمـرافـقـة لـعـمـلـية ولادتها.

    مصطلح " الدولة المدنية" الذي أطلقه الأستاذ محمد ابراهيم نقـد في دائـرة الـتداول الفـكـري و السجـال السـياسي ضمـن دراسـة يمـثـل المصطلح المزكورأعلاه عـنوانها ، لا يشـذ عـن هـذه الـقـاعـدة ، سـوف نوضح أدناه لماذا .

    ولـد مصطلح" الدولة المدنية" في التسـعـينات من القـرن الماضي في ظروف سـياسـية سـمـتها الأساسـية إسـتـفـراد حـزب الأصوليين الإسلامـويين بالسـلطة السياسية في السـودان وتـشـييده لدولة شـمـولية عـسـكـرية ثيوقـراطية تحـت لافـتة سياسـية عـنوانها " المشـروع الحـضاري " ، من جـانب ، ونـشـوب صراعـات فـكـرية داخـل الحـزب الشيوعي السوداني تتعـلق بـمـصـير هـويـته وبرنامجـه وأسـاسـه الـفـكـري ، من جانب آخـر.

    ولـد المصطلح، إذن، في ظروف تـراجـع الـفـصيل الـيسـاري و العـلـماني أمام الهـجـمة الشـرسـة للدولة الديـنية و أنصارهـا في الـسـودان.و لـهذا السـبب جاء حـاملاً صـفـة الدفـاع أكـثر من الهـجوم: لـقـد جـاء كـمـحـاولة" توفـيـقـية" تتوسّـط بين أنصار الدولة الديـنية من جانب و دعـاة الـدولة العلمانية من الجـانب الآخـرو تـسـعى لـتخـفـيـف حـدّة الإسـتـقـطـاب السياسي و الإديولوجـي بين الفـريـقــين المتصارعـين..

    ليس الأمـر سـجالاً مدرسـياً حول المصطلحات بمـعـزل عـن واقـع الظواهـر الـذي تحـاول وصفه، لكـنه مـرتبـط بالصراع المـصـيـري المتمحـور حول إشـكـالـية : أيّ نمـط من الدولـة يجـب أن يسـود في السـودان ؟

    ... إننا نعـتقـد أن إحـلال مـصطلح" الدولة المدنية" محـل مـصطلح " الدولة الـعـلـمانية" هــو مـحـاولة لم يكـتب لها الـنجاح ، هـذا إذا ما كـفـفـنا الـبـصــر عـن حـقـيـقـة تشـويشـها للمـفاهـيم بدلاً من توضيحـهـا. نسـتـنـد في إصـدار هـذا الحـكـم على ما يلي:
    (1) يـوعــز مصطلح" الدولة المدنية" مـن طرف خـفـي بأن الصـراع السـياسي في السـودان هـو بين المـؤسـسـتين السـياسـية والعـسـكـرية على مـستـوى الصفـوات ، و بين أنصار الدكـتاتورية و الديمـقـراطية على مستوى فـئات المـجـتـمع الــمـدنـي.هـذا التـحـلـيل سـليم بشــكـل عـام لـكـنه غـير مكـتمـل لأنـه يغـض النـظر عن فـرز سـياسي و إديولوجي حـاد تنامى بعد ثورة أكـتوبر و تسارعـت وتائـره مـن خلال مـشـروع الدسـتورالإسـلامي عام 1968 مـرورا بفـرض قـوانين سبتمبر 1983 و وصل الفـرز قـمـتـه نـتيـجـة لإسـتـيلاء الجـبـهة القـومـية الإسـلامـية عـلى السـلطة عـام1989 و تطبـيقـهـا لـمـشـروع الدولة الدينـية بـحـزافـيـره. هـذا الإسـتـقـطاب هـو مـن الـحـدّة بـمـكـان بحـيث يـقـف مصطلح" الدولة المدنية" أو أي مـصطلح آخر مـهـما كـان بـديـع الصـيـاغـة، طـيـب الـنـيـة عـاجـزاً عـن تخـفـيـفـه لأنـه إسـتـقـطـاب يـفـرز بين أنصـار نمـوزجـين للدولـة لا يـمـكـن الـتـوفـيـق بينهما.
    (2) مـشروع الدولة الدينية ليس مـرتبطا بالدكـتاتورية العـسكرية وحـدهـا : لـقـد وضـعـت لـبنتـه الأولى في ظـروف الديمقراطية اللبرالية التي أعـقـبـت ثورة أكـتوبر1964.
    (3)" مـدنـيـة" الـدولـة لا تـعـني عـلـمانيتها . هــنـاك ثـيـوقـراطيات مد نـيـة : السعودية , إيران , تجربة طالبان في افغانستان مـتلاً لا حـصـراً . بالمقايل هـناك" عـلمانيات" عـسكرية (تـركـيا ) و"عـلمانيات" مـدنية شـمـولية (دول المعـسكر الشـرقي سابقـاً).
    للأسبـاب الواردة أعـلاه نـرى أن كـفــة مصطلح " دولـة عـلـمانية لـبرالــية" هـي الراجـحـة لأن موازيينه أثـقـل: إنـه أكــثر وضوحـا من منافـسه ، أكـثر إحكاما في الـصياغـة ، أكـثر إفـصاحاً عـن مـطالـبـه و أخـبراُ أكـثر قـدرة عـلى تمـيـيـز نـفـسـه عـن خـصمه (الدولة الدينية) و كذلك عـن أنـمـاط "العـلمانيات" العـسكرية و الشـمـولـية.

    ______
    الأفـكـار و الآراء الـواردة أعـلاه تعـّبر عـن قـناعـاتي الفـردية و لاتـتحمـّـل أيّة جـهة سياسية كانت أو خلافـها مسؤولية نـشـرهـا!!
    ______
    عـثـمان مـحـمـد صـالح ــــــ12 يناير 2004
    ______
    العنوان البريدي على النحو التالي:

    Salih Osman Mohamed
    22 Mozartstraaat
    Venray
    Netherlands

    من بوست:
    حـول حـرية" اللإاعـتـقـاد" وحـقـوق الانسـان و نمـوزج الدولة العـلمانية
                  

12-05-2004, 06:07 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    نداء : أوقـفـوا سـيل العـداوات رحمة بقـراء البورد
    _____


    رسالة مفتوحة الى عادل عبد العاطي وابو عبيدة الماحي وخالد الجاك وآخرين....

    بعد التحية و الاحترام

    سوف أكون واضحا ًو مباشرا ًو مقـّلا ً في العـبارة .. مـا سـأقـوله لا يصدر إلا مـن موقع الأخوة فقط....

    هل اصبتم بقـصر النظر وصرتم لا تبصرون أبعـد من مواطئ أقـدامكم: ألا ترون بأن الخصوم المشتركين، اعداء الديمقراطية و حقوق الانسان و حـراس الـدولة الدينية في وطننا ينتشون طربا لخصوماتكم؟، ألا ترونـهـم يشيرون إليكم بسبابات السخريـة و يهزأون من الدرك الذي وصل اليه مستوى "النقاش " في جبهة خصومهم؟ ألا ترونهم يتلمظـون وهـم يحـمـلون الشباك الكبيرة للصيد في المـياه التي لم يعـكـرها شئ سوى خصوماتكم عديمة المعنى و التي لا يستطيع كائنا ً من كان التنبؤ يتاريخ تنتهي عنده ؟.
    ..إنني أرجوكم من القـلب : إمنـحوا المنبر فرصة للتحول الى ساحة للحوار لا للعراك!!حـاولوا إثـراء حـياة البورد بأفكاركم و رؤى أحـزابـكم لا"إحـنـكم" و " غـبـاينـكـم ، و إذا كانت الرغـبة في الخـصومة مـا تزال شديدة الإستـعار وغلاّبـة للنـفـوس ، يمنكم " المـواصـلة " عـبر البريد الإلكتروني أو الهـاتـف .

    و السلام من قبل و من بعد،
    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    نداء : أوقـفـوا سـيل العـداوات رحمة بقـراء البورد
                  

12-05-2004, 06:09 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الصديق عادل محمد عبد العاطي

    تحـية و إحتراما و بعـد ،

    ليس من أهداف هذه الرسالة" د لـق" ماء إضافي يرفـد "خـيران النفاق الإجـتماعي" التي طـفـحـت في الـمنبر حاملة معها الروائح التي تزكم الأ نوف. فلقـد تحّول ـ أي المنبرـ الى سوق "الله أكبر"، صار عـرضا منظما لأزياء الكلام المنمّق ، أضـحى "معـلقـة" جاهـلية في المدح و التقريظ لا أول لها و لا آخر، يكاد يـجزم قارؤهاالغـير فطن أن شعباًهـكـذا أسلوب " مخاطبة" أفـراده لا بـّد أن قـوامه من الملائكة لا البشر، لـكـنها" لطافة الحديث" تخـفي متعـّمدة " غلظة الطبع"،هـي القسوة تـتـقـمص رداء الرقة، هو التسامح المصطنع يكـتم داخـل الصدور رغـبة دفـينة لا تقاوم في التـمـيـيز و الإضطهاد: إنهاالبـداوة خجلى من عـريها الظاهر تحاول سترعـورتها" بشلا تـيت" التمدن الزائف!!

    لا ، ليس من أهداف الرسالة بث الثناء: لست" مدّاحاً" يجوب قرى البطانة ، حـامـلاّ " الطـار" ، ممتـطـيا ظهـر راحلته العجفاء ، مقايضاّ الفلاحين أشعارا ً تمجـّد صفات الرسول الكريم مقابل حـفنات بائسات من القـمح تسـكـت جوع أسرته المنكوبة!.
    ليس عـندي للناس كلمات تبلل الجـوف وتطفئ لهب الصدور: لاأحمل " جـردلاً" معـبأ بعـصـيـر الكلمات أبـيـع محتواه للعـطاشى في هـجـير أسواق السودان و مواقف مركباته العامة!
    هي كلمة واحـدة اقـولـهـا الآن وليس غـداً : رجاءي ألاّ تهـدر"ملكة الـفـكـر" ــ وهي الهـبـة النادرة ــ في سـوق الخصـومات الرخيصة ، إنها تشـقي الفـؤاد ، ترهـق العـقـل و تسـمم البـد ن.

    أمـا " صـيادو" الأسـمـاك التعـيـسـة في غـباشـة الميـاه الـعـكرة فإن نـواياهـم مـفـضوحة : إنهم أهـل الكهـف ، سـكان المقابر ، عـبـّدة الماضي الذي يريدون حـبـسـنا جـميعا فـي قـمـقـمه الخـانـق. إنهم " سـد نة الدولة الدينية" التـي حـّولـت وطننا الفـسيح الى زنزانة ضيقة، أزلـّـت كرامة شعـبنا، أزاقـته مـر العـذاب و حـولـت من بالداخل لمتسولين و من بالخارج الى متشردين يستجدون قـطعة الخبز و الطمانينة عـند الغرباء.... لا تغـرنـك إبتساماتهم و هتافات تـشـجـيعهم، إنها تنضح بالرياء، إنهم أول من سيقـلب لك ظهر المجن و يرجمك بكل أحجار الدنيا و الآخرة أيضاّ إن بادرتهم بالنقد!

    أرجوأن تجد لي العذرأن بدت كلماتي قاسية وصلبة،إنها قسوة الظاهر تخفي مودة لن تخمد نيرانها الى يوم الدين

    أخـوك عـثـمان محمد صـالـح

    من بوست:
    الصديق عادل محمد عبد العاطي
                  

12-05-2004, 06:14 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الصديق عادل عـبد العـاطي(الجزء الثاني)

    أدناه فـقـرة سقـطت سهـّواً من خطاب الأمس :

    الصديق عادل ،
    أما مستنيروالبورد من أهل اليسار فـأشبه بمن ترك"زكـيـبة عـمــره"داخـل قـطارلا يتوقـف ،لا عـجـب ولاإستغـراب في تعـرضهم الدائم للسع الكـرابيـج"المدهـونة بالزيـت تنحـد ف عـليهم مـن كل حـدب وصوب: إن حالهـم لايسـّر الصديق ولا يغـيظ العـدا ، إنه مدعـّاة لـمرثـية تفـطر قـلب الحـجـر.وهـم في هـذا أقـسام وأقـسام: بعـضهم لـزم الصمت الكامل و إكـتفـى بالنظرو التـأمـل وكـأن شـوك المـحـنـة لا يـخـد ش جـلـده ، البعـض الثاني هـام في سماوات الأدب باحـثا فـيهاعـن السلوى و العزاء أ سـّوة بـثوار 1924 وهم يلعـقـون في" صمت القـراءة" جـراح الـهزيـمة النكـراء التي ألـحـقـها بهـم جـيش الإحـتلال الإنجـليـزي،البعـض الثالث تفـّرغ كلية للعـراك والخـصومات ( ناسياً أو متناسياً أن التجادع بالـسباب لايبني يساراً ولا يهزم يميناً،البعـض الرابع سخـّرسـلاح" المجاملات" وانـشـأ لـنـفـسـه" ممالك ومـشيخـات " تذكــر المـرء بمشيخـات تقـلي والمسـبعات و العـبدلاب، وصار هـمه الاول و الاخـير توزيع البسـمات و التحـيات الزاكـيات دون حسـاب عـلى جـمـوع الهـتيـفـة و المشجـعـين، وقـسم آخـر به مقـدارمن الحـيوية لا يعـرف كـيف يوظفها فـصار يمـطر الناس بوابل من القـصائد الثورية وصور الشهداء( إنها عـبادة الـماضي في نـسـخـتها الثورية)، وهناك قـسـم "إخـتصـر" المـشـروع اليساري العلماني بـكل عـنـفـوانه و شمـوخ هامـته الفـكريـة والسياسية في بضـعة وريقـات يضمها بلوتين "الميـدان" و بين هـذه الأقـسام نفـر تضج دمـاء الحـيويـة في عـروقـه ، قد حـار بـه الدليل..إنـه البـؤس لايكــّرم تضحـيات الشـهداء ولا يقـيل عـثرات الحاضر و لايـفـتح منافـذاً للمستقـبل!!!
    ________________________
    عـثمان محمد صالح


    من بوست:
    الصديق عادل عـبد العـاطي(الجزء الثاني)
                  

12-05-2004, 06:17 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    أسـامـة الخواض : الذبيحة المهـياة لمائدة الشواء الادمـي !"

    السـياسـة العاطلة" :

    إن "السياسة العاطلة" كما يحلو لصديقي اسامة الخواض
    ــوفي فـمه بقايا من مرارات الماضي وترسبات علقمه
    المقيم ــ وصف الإنشغال بالعمل السياسي ،هي ذاتها
    التي سوف تعلقه على مشانق الفكر عـما قريب ، وفي
    هذا درس بليغ الحكمة وافر الغنى للضحية نفسها (إن
    قدر لها النجاة بجلدها هذه المرة) ولآخـرين نفـضوا
    أيديهم في تأفف من مياه السياسة الدائمة الغليان ،
    أولئك الذين أحرقوا مراكبهم السياسية في عرض
    المحيط وهم يجهلون قواعد السباحة مستوحدين، أولئك
    الذين إستبدلوا المشاركة بالفرجة و الحياد !

    المطاردون :

    إنهم ذات" الجماعة " التي جعلت من حادثة" الموناليزا
    عظة وعبرة لمن يعتبر ! ، وهي جماعة محنكة في أساليب
    الصراع : ترتـّب أولوياتها ، تعـرف متى تخاض المعارك
    ،تعرف كيف تختار الفريسة و كيف يؤكل لحم الخصوم .لاتختار
    من القطيع إلا الشاة الفاردة ، تضرب في صفوف الخصم أضعف
    حلقاته و لا تعـيد السيف إلى غمده غير موشح بالدماء !!
    إنهـم الان في عجلة من أمـرهم ثملى بكؤوس إنتصارهم الأخير
    ، يستعجلون حصد المزيد و تصفية الحسابات المؤجلة و تنظيف
    الأرض من شوك الفـكر المغاير فالوقت مناسب لكيل الضربات وقد
    صمتت أصوات و شحبت وجوه وتراخت عزائم و تراجعت الى الوراء
    خطى تبحث عن بر الامان في لهفة و ذعـر،فالمشهد الدموي ما يزال
    طريا في الزاكرات عندمـا أعملوا في الضحية الاولى طعنا وتمزبقا
    ثم أجبروها على النهوض وهي تنزف وأرغموها على المشي حافية
    القدمين على " جـمـر الإستتابة" . إن الموناليزا التي سوف تعود
    كالشبح من عالـم الأمـوات ـ بإسم جديد و طلعة جديدة و لسان جديد
    ـ لن تكون الموناليزا التي غادرت عالم الأحياء!
    إنها "جماعة" تدرس أفضل من خصومها " خريطة البورد" ، تعرف كيف تمشي
    في "زقاقاته" دون أن يمسسها ضر او ضرار و تتعامل معه كساحة الصراع
    لا للحوار. إن توزيعهم للأدوار مذهـل. لايطلقون الكلام على عـواهـنه
    (ذما كان أو مدحا أوتساؤل) دون حساب وبعد في النظر، يدرسون نقاط
    الضعف قبل ان يوقعوا بالضحية في حبائلهم دون أن يشعر أحد. بكلمة
    واحدة: إنهم مدرسة في الصراع السياسي لايستهان بها !! .

    دوافع الإختيار :
    وقع " الإختيار " على أ سامة الخواض لأسباب عديدة أهمها : طرحه
    لفكر مغاير (غض النظر عن محتواه وتماسكه ) ، فمنذ امد غير قصير
    ليس من هاجس يشغل بال اسامة الخواض و فكره غير الحداثة و ما بعدها
    و العولمة و هذا في تجلياته المختلفة كاف لإثارة حفيظة عبدة الماضي
    و حراس دولة المقابر و أنصار الإنغلاق الثقافي و الشوفينية الإسلا عربية
    في السودان ، هذا بجانب حقيقة ان اسامة الخواض له تأثير و" حـيران" .

    اما المحفز على الهجوم فهو إستوحاد الضحية : ليس له عصبية تحميه و لا
    ظهر يسنده و ما يزيد الطين بلة ان اسامة الخواض يدير صراعات الفضاء
    العام " بعقلية حوارات الصالونات الأدبية " و قاعات الدرس في الجامعات .
    صحيح ان له حيران لكنهم في هذا مثل كل " حارقي للبخور " في تاريخ الشياخة
    و الزعامة عندما تهب سموم المعركة الفاصلة، سوف يندبون و يذرفون قليل من
    الدمع حينما يساق "الضحية " معصوب العينين مكبلاً باثقال الحديد الى ساحة المشنقة !!


    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    أسـامـة الخواض : الذبيحة المهـياة لمائدة الشواء الادمـي !
                  

12-05-2004, 06:24 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    دعـاة الهـلـوسـة الديـنـية وحـريـة التـعـبيـرعـن الرأي!


    (1) لـقـد دافـعـت مـن قـبل ــً و سـوف أكـرّر ذات الشيء في المسـتقـبـل دون أن يطرف لي جـفـن ــدفاعـًا عـن حـق كــل إنسان( بـما هـو إنسـان غـض الـنظر عـن مـنـحـى أفـكاره وميـوله السـياسـية ،حـتى لو كان أصولياً إسلامـوياً يرفـض الآخـر) في التفـكـيـرو التعـبيرعـن أفـكاره و معـتقـداته ، شـريطة ألا يحـاول قـمع حـريات الآخـرين ومصادرة حـقـوقـهـم .

    (2) سـعـيت لإيـصال رسالتين، الأولى موجـهـة للذ ين يقـومـون ـ حـتي لـحـظـة كتـابة هـذه السـطور أيضاًـ بتألـيب الغـرائـز الدينية مسـتخـد مين كافة الوسـائل والزرائع لأسـلـمـة " البـورد"، سـاعـين لإقـصاء الرأي الآخـر ونـبـذه و قـمعه بحجج دينية. أما الـرسالة الثانية فـهي تجاهـد ما وسعها الجهد للوصول الى كل من ديد نـه/ ديدنها، في حـمى الصراعات، مـبدأ : لا أرى ، لا أسمـع و لا أتـكلـم!!

    (3) إنني أدعـو الذين يرغـبون في مواصلة النـوم عـلى" مخـدات الدعـة وأســّرة الراحـة المـتـوهّـمـة "دون أن يـكدّر صفـوهـم ويقـلـقـل سـباتهم نداء يدعـوهـم لليقـظة والحـذروالعـض بالأنياب والنواجـزعـلى حـرية التعـبيروالـنشـر تلك القـيـمة السامية التي بإنعـدامها لا تعادل الحـياة قـيمة خـردلة ـ أدعـوهـم لزيـارة بـوسـتات" دعـاة الهـلوسـة الدينية "( بعـد حادثة المـوناليزا) عـلى وجه التحـديد ذلك البوسـت
    المـخـصّـص لجـمـع توقـيعات تدعـم" أسـلـمـة البورد" بإسـم الدفـاع عـن"حـرمات الله" وسـوف يفـهـم اللبيب/ اللبيبة ساعـتها بلـغة الإشـارة أو ربـما دون حاجة حـتى للإشـارة! وأخـيراً: الناس أحـرار حـتى عـندما يخـتارون قـرار الإنتحـار الفـردي أو الجـماعي!!

    (4) لـن آبـه لكـل من يلعـنني/ تلعـنني ، لـن أتوقـف عـند غـث الكلام، هـذه أسلحةرخـيصة وبالية وصدئة، لا يستخـدمها الا الضعـفاء أصحاب الفـكـر المـيت و المـنطق المشـلول وهي رماح سوف ترتد عـلى مـرسـليها ـ دون جـهـد. لـن ألتفـت الى سـبابات الوعـيد بالويل و الثـبـور لإنـها عـصاة المـحـروممـن حـيازة البيان القـادرعـلى السـجال ومـقارعة الحجة بأخـتها و هي عـصاة يسـتخـدمـهاأولئك الذين نصبّوا من أنفـسهم حـراساً عـلى المقـدسـات دون أن يخـتارهـم أحـد، وأحـتـلـوا أركـان العـرش الإلـهي فـيـما يشبـه عـمـليات الإنقـلاب العـسكـري وصـاروا ينقـبون في ضـمائر الناسو عـقـولهم بـحـثاً عـن الهـرطـقة و الإلـحاد، ولكـن ماذا نفـعـل، مـا باليـد حـيلة: تلك عـاد تهـم فـطـروا و جـبلوا عـليها و إرتـووا من حـليـب ثـديـهـا المـتـخـثـرالمـسـمـوم!!.أمـا حـياتي فـلم أمـتلك فـي مـسـيرتها، شيئا سوى قـليل من الكـتب و التجارب و حـزمة من الأفـكار، ليس فـيها متاع أخـشى عـلـيه من جـشـع الـقـوارض أو الضـياع أو السـرقـة . هي ليسـت منعـّمة حـتى أخـاف عـلـيها من غـدر الزمـان و أحـرسـهـا مــن تـقــلـبات أحـوالـهو لؤم مـن بيدهـم صـولـجان السلطـة الزائلة و عـرض الدنيا الفانية و كـرباج الديـن !

    (5) هـو ليس بمعترك من اجل الصغائرأو ضد الصغائر. لـن أكـتـرث فـيه لأعـواد الحـطـب الـيابس التي تـحـاول إعتراض سـكـتي، هـناك ما هـو أكـبرو أغـلى و أهـم: أعـواد و ركـائـزالدولة الديـنـية بكـل شـرورها وإسـتـبـدادهـا وسـيـئات أعـمال سـد نتها و حـراس مـعـبدهـا!! الهـدف مـن خـوضـه هـو المساهـمة المتواضـعة مع الآخرين في
    فـتح المـسـالك أمام مشروع الدولة العلمانية اللبرالية في السـودان.

    (6) إنه معـترك دخــلته أعـزلاً إلا من سلاح الفـكـرو اليـقـين،لا نيابة ولا وكالة، و ذلك قـبل أكـثر من عـشـرين عـامــاً، عـنـدما تـفـتحـت مـدارك الصبا المتوثب مـسـتـقـبـلة ً أمـواج الحـياة و" سَـمـومـهـا".


    عثمان محمد صالح

    مـحـل إقـامـتي و عـنواني الـبريدي عـلىالنحـوالـتالي :
    Salih Osman Mohamed
    22Mozartstraat
    HR5802
    Venray
    Netherland
    ( Holland)

    من بوست:
    دعـاة الهـلـوسـة الديـنـية وحـريـة التـعـبيـرعـن الرأي!
                  

12-05-2004, 06:28 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الأخـت العزيزة روضـة
    تحية طيبة وبـعـد،

    أرجـو السـماح لي بإيراد التالي :
    أمران، مهـمان، يبعـثان عـلى القـلق، لـفـتـا إنتباهي في مكـتوبك الأخـير، الحامل للعنوان التالي: (وزير دفاع السودان حسن بشير فى المنبر الحر !!!! )

    1ـ جـنوح للتعـمـيم .
    2ـ ضيق في الصدر بالرأي الذي تصفـينه ـ وأنت محـقة في ذلك ـ باللانساني.

    أبدأ بالأمر الأول ، فأقـول : التعـميم، غـض النظر عـن منطلقاته و دوافـعه ، هـو أداة للفـكـر شمولية: قاتلة للخـصوصية ، مـاحـقة للتـفـرد ، ساحـقة للضحايا الأبرياء!

    لست معـنياً هـنا بأمـر الدفـاع عـن شـخـص بعـينه أو مجـمـوعة بعـينها!!.

    إنـني أنحـدرـ أثنياً ــ من " نوبـة " الشمال، ولا أرى ثـمـة تعارض بـين الإنتماء الأثني الضيـق و الهوية الوطنية الجامعة التي تظـلـنا جـمـيعاً، وبنفـس القـدر لا أرى في الإعـتزاز بالهـوية المحـلية ما يحول بيني و الانفـتاح النـقـدي الجـسور عـلى ثقـافات الشعـوب الأخرى ..إنني أعـتـز" بأسـلافي" دون أن يدفـعـني هـذا الإعـتزاز لأن أشعـل لأرواحههم نيران القـداسة و التبجـيل في كل أمسية. إنني لعـلى ثقة تامة في أن أرواح أجـدادي تحـرس أفـكاري و تمـنحـني ذاد الـيقـين و تضيء لي عـتمة الطريق الطويل ، لا لسـبب آخـر بل لأنني لا أتضـرع اليها و لا أسـقي عـطشها بد ماء القـرابين و لا أتعـبد ـ كالمذهـول ـ في محـرابها و لا تأسـر بصري قـبلة سـوى " أفاق المسـتقـبـل"ا!

    إنني أعي جـيداً ماذا تعـنـي عـقـلية" الاستعلاء الاسلاعـروبي" بالنسـبة لمن كان سـبباً في خـروجي للحـياة.

    أدرك أيضاً أن هـذا الإستعلاء المهـّمـش و المضطهـد للآخـر المخـتلف أثـنياً و ثقافـياً هـو داء عـضال يجـب أن يـحارب ـ ليس وحده بلاشك ـ من أجـل سودان يتساوى فـيه الجـميع تـحـت الـشمس، ولهذ السـبب " أضـع" ظلامات القـومـية التي أنحـدر منها في " إطار تحالف إجتماعي ـ سياسي واسع و فـضفاض"، يتقـاطع مع خـطوط الإنتماءات الفـطرية و المكـتسبة ولا ينظر للأفـراد كحـوامـل( holders)" لماهـيات جـمـعـية سـرمـدية"، بل إنـطـلاقـاً من" المـواقع " الحـقـيقـية التي يحـتلـونها في( سـلم السلطة و الثروة والمكانة)، تحالف يعـمل من أجل بناء دولة عـلمانية لـبرالية ترفع المظالم عـن الكـواهـل بأسـرها و يتسع فـضـاءهاـ ( إن وضـعـنا جـمـيعاً الرحـمـن في قـلـوبنا) ــ لمحاسـن" القـواسم المشتركة" وهي عـديدة لا يحـتويها حـصـر، ويزدهـي " بـمكارم الإخـتلافـات".

    .من الظلم ، إذن، تعـميم التهـم: ليس من الـعـدل و لا الإنصاف وضع كل مسلمي وعـرب السودان في " ضـيـق" سلة واحدة!

    فيما يخـص الأمـر الثاني أقـول :
    صدر الديقـراطية، يا أخـتي العزيزة، رحـب ومـضياف، لا يضيق بالإخـتلافات، و يجـب ان يظل بابه مـشـرعاً للجـميع دون تمـييز( بـما في ذلك الاصوليين الإسلامويين ـ نساءاً و رجالاً ـ وكل النابذين والمحـقـّرين و الساحـقـين للآخـر) و إلا إنتـفـت عـنه نـهائياً صفة التسامـح و الديمقـراطية.!

    دعـي تـرهـات أقـلامهم / أقلامهـن تـفـيض و تسـيل مع الحـبر الرخـيـص و تكـشـف و حــدها المدسوس في دهـاليز العـقـول و الصـدور!!

    أخيرا تقـبلي فائق إحـترامي و تقـديري،

    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    الأخـت العزيزة Roada مع خالص التقـدير و الإحـترام

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-05-2004, 06:29 PM)

                  

12-05-2004, 06:37 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الترابي و البشير : صراع الإخـوة الأعـداء !!

    مقدمة :
    إذا إستبعدنا ـ نظرياً ـ إحتمالات التغيير السياسي التي تأتي مبادراتها من خارج دوائر السلطة الحاكمة ، ففي 30 يونيو القادم ستكون قد مضت 15 عاما عـلى نجاح الانقلاب العسكري الذي أوصل حزب الأصوليين الإسلامويين الى سدة الحكم في السودان .

    قائمة الأسـلاب :
    كانت السلطة السياسية هي الثالثة في قائمة الغنائم و الأسلاب ، فـقـبل أن يقـوم بالسـطو المسلـّح عـلى السلطة، كان حـزب الأصوليين قد نجح فـعـلياً في إحـتكار "موردين هامـين" للسـيطرة في عالم السـياسة :
    1ـ الربوبية
    2ـ الشارع السياسي

    * لم يكتفـي أصوليو السودان بالتشـبث بثدي الدين الحـنيف، يرضعـون منه لا يرغـبون فـكاكاً ولا فـطاماً ، حـتى ترهّـل الثدي و ذوى و تغضّن جلده وجـفـت منابع اللبن الحـليب فـيه، فـصاروا ـ مثل" الورل" المتشبث بأثـداء الشياه ـ يرضعون الدم!، بل إنقـلبوا عـلى" الربوبية" ذاتها و طردوا الإله ـ المهيض الجناح ـ الى منفى بعـيد ، ثم تحكـروا على " كـَكـَر " الالـوهـية ، ينوون التصرف المطلق في حـيوات البشـر و مصائرهـم بدلاً عـن الإله الطريد!

    * مسـتـفـيدين من مؤسسات الديمقراطية اللبرالية الثالثة و مزاياها و تسامحها ، قام أصـوليو السودان بتجـييش الشارع السياسي في الشمال ــ و هـو شارع مـتد يـن ـ في حـرب الجنوب ( المسيرة المليونية ، أمان السودان..الخ ) مصبغـين عـلى الحـرب الدائرة طابع المواجهة الدينية بين الإسلام و اعدائه.

    الحصاد البائس :
    بوسع تجربة جكم الأصوليين الاسلامويين في السودان و هـم يواصلون القـبض على مفاصل السلطة في السودان، أن تزّود الحركات السياسية و الاجتماعـية في البلدان التي يمثل فـيها الإسلام عاملاً سياسياً مهماً ، بذخـيرة هائلة من الدروس و العـبرعـما يمكن أن ينجـم عن وصول حزب عـقائدي متزمت الى دست الـحكم في أي بلد آخر، وعن طبيعة الأدوات التي يستخدمـها و الآليات القـمعـية التي لا يتورّع عـن تسخـيرها للحفاظ على ديمومة السلطة و المكانة و المال ، وعن الآثار الكارثية البعيدة المدى التي تتركها بصمات سياساته على طابع و مستقـبل تقاليد وأخلاقـيات العمل السياسي و ضوابطه ، وعـن الخراب الذي يلحقه بالبنية الإجتماعـية ، و عن المحـنة التي تصيب " إستقلالية " مؤسسات المجتمع المدني و" عافـية" ثقافة المجتمع السياسية.

    صراع الإخوة الأعـداء :
    بعد ما يربو على العشرة أعـوام ، قضاها حزب الأصوليين في التكالب المحـموم على السلطة و المال ، منفـذاً تنفـيذًا صارماً لسيا سة" تنظيف الأرض" من أشواك المعارضة الشعـبية لنظام حكمه ـــ ( قـمع ، ملاحقة ، إعتقال ، تعـذيب ، إعدام ـ فصل من الخدمة و مطاردة في الأرزاق ، تشريد الإنتلجنسيا ، تهجـير قـسم مؤثر و فعّال من المعارضة الحزبية المنظمة الى خارج اليلاد، إحتواء و تدجـين مؤسسات المجتمع المدني والسعي لتحـويلها الى بوق من أبواق السلطة ," أسـلمة" الأجـيال الناشـئة و "عـسكرة" المجتمع و دفـعه الى أتون الحرب الاهـلية )ـــ إنفجـر الصراع السياسي يبن جناحي الحركة الاصولية في السودان بعد أن ظل طيّ الكتمان مدة طويلة . كان الفشل الذريع هـو الحصاد الوحيد الذي جنته محاولات الوسطاء و الأجاويد من داخل السودان و خارجه لإحتواء الصراع في مراحله الاولية، و إستعادة الوفاق الداخلي، ورأب الصدع في بنية الحزب الحاكم قبل ان يقدم الرئيس عمر البشير في خطوة ملؤها دلالات التحدي و المواجهة السافـرة ـ في
    12 ديسمبر 1999 على حل البرلمان و إقصاء رئيسه السيد حسن الترابي ، تتالت بعدها حلقات الصراع الذي أصبح مكشوفا اكثر من ذي قـبل عـندما قرر الرئيس عمر البشير تجميد مهام حسن الترابي كأمين عام للحزب الحاكم في 16 مايو2000، فكان أن رد الاخـير عـلى قفاز التحدي ثم تسارعت وتيرة الفرز السياسي يبن جماعات المصالح حول جناحي الصراع معلنة حالة من الإستقـطاب الحاد و بدء حرب ما تزال رحاها دائرة حتى لحظة كتابة هذه السطور.وصار الاتفاق " مع الحركة الشعبية لتحرير السودان" الفصيل الأقـوى ضمن تحالف قـوى المعارضة هـو أحـد رهانات الصراع بين الجناحين المتصارعين ( كسبه الجناح الحاكم إنطلاقاً من " اتفاق مشاكوس " و ما تلته من أحداث )

    خلاصات :
    1ـ ان الفـرز الإجتماعي داخل الحركة الأصولية في السودان ليس بين جناح مـدني معارض و آخـر عـسكري حاكم. " مدنية " أو "عسكرية " الجناحـين هي على مسـتوى الرموز القائدة لا أكثر و لا أقـل.
    2ـ كشف صراع المصالح الدنيوية التي يدور حولها الفـرز( السلطة و المال) أن الحركة الاصولية الاسلاموية في السودان ـ في آخـر التحليل ـ حـركة سياسية دنيوية الدوافع و الأغـراض لا" ربانية"الأهـداف آخرويتها.، وهي تشبه في هـذا بقـية الحركات السياسية التي يقـف منها أصوليو السودان موقـف الضد و العداء.
    3ـإن محاولات " الدولة الشمولية" ، ثيوقـراطية كانت أو عـلمانبة ، لخـنق الصراع السياسي بين قـوى المجتمع المدني تـجعل الصراع يبحـث عـن" قـنوات" و مسالك لتصريف طاقاته المكبوتة و إذا فـشل في عملية العـثور ينفجـر داخل بنية السلطة الحاكمة نفـسها.!!

    ------
    عثمان محمد صالح
    فـنراي ـ هـولنده ـ
    24مارس 2004

    من بوست:
    الترابي و البشير : صراع الإخـوة الأعـداء !
                  

12-05-2004, 06:43 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    كــــلــمــةأخـيرة قـبـل أن أكـتـب من جـديد!

    1ـ لسـت كـفـيف الـبـصر: كثيرون لم يسـتـسـيغـوا" طعـم كـلماتي" منـذ بداية
    مقـدمي الى هذا البورد( المؤشرات في هذا الصـدد عـديدة) وهـذا ليس بالأمـر
    المسـتغـرب في" بورد" تسـوده روح العـصبـية و رفـض الرأي المغايـر و
    نزعـة طرد الغـرباء..أما الحـقـيـقةــ كـيفـما صـيغـت و لونت ثم قـيلت ـ
    فإن لها عـلى الـدوام طعـم حادق يـقع في الـمسا فةا لمـكـروهـة ما بـيـن
    مـرارة "السَـفـوفة" و لـذوعـة الجـنـزبـيـل.

    هـو معـترك دخـلـته وحـدي، سلاحي : فـكـر ويـقـين . للذين خلا وفاضهم
    إلا من الإساءات، دون أن يعـرفـوا عـني شـيئاً سـوى إسـمي ،أقـول : لـسـت
    بالذي يـبـيع تاريخـه وطهارة لسـانه و قـلمه من أجـل د نـس نـصـر رخـيص.
    إننى أعـرف مرماهم جـميعـاُ: يريدون إسـتدراج لـغــتي الي وحـل البذاءة
    حـتى لا يغـرقـوا في لزوجـته مسـتوحـدين!!.

    سـوف أكـتـب من جـديد، دون ان أعـدّل في لهـجـتي
    أو أذبح أرائي ـ بسـكين الخـنـوع ـ عـلى عـتبات السـلامـة !


    عثمان محمد صالح
    26 مارس 2004

    من بوست:
    كــــلــمــةأخـيرة قـبـل أن أكـتـب من جـديد!
                  

12-05-2004, 06:45 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    إسـتـدراك!

    (1)
    تجـربتي في هذاالمـنـبر ليست فريدة من نوعها، لكنها،على قصرها(شهران إثنان من الزمان)، تجربة بـشـرية تسـتحـق الإشارة، إن لم يكن التوثيـق.

    ما كان مجيئي الى المنبر إلتماساً او رجاءاً( لا أتذلل للخـلا ئـق ولا أطـرق بعـكازة السؤال الملحـف في التوسّـل و المذلة ـ عـلى أبـواب الآلـهـة أيضاً، متـمـنياًإشارة السـماح بالدخـول ): مبادرة طـيـبة من صـديق عـزيـز ـ رّد الله غـربته ـ هي التي وضعـتـني أمام الأمر الواقع ، صـرت بـموجـبها عـضـواً دون أن أطـلب ذلك .

    لم أرد المنبر منتمياً الى أية مجـموعة من مجـموعاته العـديدة ، ولا أفـكـر في الإ نتـماء الى عـصـبية حـتى لا أصـيـر جـزءاً مـن مسـرح العـبـث و الردة الشامـلة ( أقال الله عـثرات شعـبي ، من الواضح أنه سوف يرزح في عـتمـة الجـب طويلاً طويلا ): حـريـة التـفـكيـرو إرادة التعـبـيـرو إمـتـيازات الهامـش السـياسي تعـادل عـندي الدنيا بما فـيها و كـذلك الآخـرة .أبغـض " النمازج" التي تقـطـّع أوصـال الناس حـتى تـتـمكـن من صـبهـم في جحـيم قـوالب ضـيقـة السـعة، تـذوّب فـيها ــ عـصاة القهـر و الإخـضاع ــ غـنى التباينات في صـبغـة لـون واحـد أحـد: تخـنـق حـرية الفـكـر، تـقـمع روح التـمـرد ، تـضـيـق بالـنـقـد ،
    تـنـتـج وفـرة في الـتـماثـل وهـو شـر، تـقـصـقـص أجـنحة العـقـل حـين يرغـب في التحـلـيـق و تـئـد الـجـديد قـبـل أن يـولـد.

    (2)
    تـزور حـواري المنبر رغـبة في الترويح عـن النفـس وتـعـمـيـقـاً للتـواصـل و إسـتهلالاً لحـوار جاد يلـيـق بالبـشـر، تعـّن في رأسك فكرة ما ، تطـرق أول باب يصادفـك طـرقاً خفـيفاً و متأدباً و لكن... بدلاً عـن بـشـاشـة الترحاب و الكـوب العـامر بعـصـير الليـمـون، يبعـث لك أهـل الدار المعـنية جـمهـرة مـن كلاب الحـراسة الشـرسـة ، تـطـردك زمـجـرة نـباحهاالـمجـنـون و صـريـر أنـيابها المصطـكة من فرط الحـفـيـظة وبخارالضغـينة تـنـفـثه صدور تغـلي كالمرجـل !!

    تؤوب الى دارك محـتاراً و تغـلق عـليك الباب رغـبة في الإسـتجـمام و إسـتعادة التوازن، تـقـتحـم عـليك الخـلوة" طـلعة"مـتجهـمة وعابـسة( لا تعـرفها و لم تصادفها من قـبل في أزقة المنبرأو خارجها)، تـبدو عـليها سـمات الإصـابة بالأ نيـمـيـا المعـرفـية، و دون أن تـلقي عـليك التحـية ، تجـلس " الطـلعـة" الى المائدة التي صرفـت في إعـدادها جهـداً و وقـتاً ليـس بالقـلـيـل، ثم تـأتي عـلى كل ما فـيها، دفـعـة واحـدة ، دون تميـيـز، بعـدها تـنـتـفـض "الطـلعـة" واقـفة، ثم تـبدأ في إهـالة التـراب والرماد عـلى الأطـباق الفارغـة المغـلـوبـة عـلى أمـرهـا، وقـبـل أن تـفـيـق من دوامة الذهـول، ترمـيـك"الطـلعـة"بنظـرات نارية طالبانية و تـغـمرك بسـيـل من الشـتائم البذيئة لا تدرك لهـا سـبباً ولا تجـد لها تفـسيرا، ثم تـخـرج صافعـة " ضـلـفة " الباب بـقـوة !!! إنها الـنـفـس السـقـيـمة" تـدرع" عـلى كـتـفـيـهـا الـهـزيـليـن جـلابـيـة العـبـث!

    (3)
    إن المنبر الحر هـوحـبل الغــسـيل المـديـد، الذي يـنـشـر عـليه شعــب السـودان مزاياه و فـضائله التي سـوف يفاخـر بها شعـوب الأرض قاطـبة في هـجـير يـوم القـيامة : قـمع للحريات، رفض للآخـر، غـياب للتسـامح ، سحـل للأفكار، فـحـش في الخصـومة،أحقاد تمشي على قـدمين، يحـسبها الغافـل بشـراً و ما هي ببـشـر!

    ـــــــــــــ
    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    إسـتـدراك!

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-05-2004, 06:48 PM)

                  

12-05-2004, 06:52 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    بـيــتـا الـقديـم


    (1)

    أحـن إليه كثيرا ، مثلما أحن الى خاطرة الإنتحار في ساعة الضيق ـ ذلك المشرد العظيم في مفازة الجنون.

    كان فيما مضى : دوحة منسية من جنان الإله ، مخفورة بالملائكة و الطير من كل شاكلة و جنس وكان الإله ــ بعد أن فارق " الوجود الكبير " و حدته و نكهته و إنسجامه ــ سئم الحياة على الأرض و ضج من رتابـة إيقاعها ، عاف غي الناس و غلظة أطباعها ،بارح الخلائق تغرق في أوحال دنسها و عماها ثم صام عن الأوامر و النواهي و الوصـايـا و الرسالات المسطرة الكبيرة ، لـمـلـم الملكوت و الجـبروت و الكهنوت: نضدده و نسقه و رتبه ثم ......................

    إنـطـلقـت جمال الشيل بالأثقال و الأمجاد و العرش المكين. و عندما بلغت مسيرته مشارف قلعة في الأفق تتحصـن خـلـف المزن و الأجرام ، أشـعـل بـهـجـة النيران والنسيان في الذكرى و ألـقـى نظرة الأسف الطويلةو الوداع على الذين ترددوا في الإنضمام الى قـوافـلـه، طوى مستعـجـلاً في ذلك الحين بساط جنانه كما تطوى المناديل المنضادة الصغيرة ، ناسـيـاً في غمرة الترحال هاتيك الحديقة ثم غرست في
    المدى المزروع بالأقمار رايات عـظـمـته تـعـّبـد سـكـة السـؤدد للملك السماوي الجديد

    (2)

    كان مكة للصفاء و منتجعـا للزاهدين في وليمة الحياة ، و صومعة للتـأمـل الفلسفي قبل حلول النعاس الأخير، معروشة بنداوة البخار المبارك يتكثف من رغوة الأرواح
    وهي تتسامى في ثنايا التهاليل الصدوحة و الحوقلات الخشوعة و البسملات المطمئنة، مفروشة بالحصير المشبع بالسـكـيـنة و الغمغمات الحزينة و الهمهمات السـجينة تـعـلو خـلف أدعـية القافلين خفافاً مع الفجر من عوالم الشهادة و الغيب سكارى و ما هم بسكارى لكنها بهجة الإتـحـاد مع الكون و متعة الفناء التي لا تضاهى

    (3)

    آه ، بيتنا الذي يجوس كالضـريـر في مـتـاهـة العـراء
    ما فوقه عـماء
    ما تحته عـماء



    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    بـيــتـا الـقديـم
                  

12-05-2004, 06:58 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الصديق عادل محمدعبد العاطي
    تحية و إحترامـا وبعـد

    الآن أفهـم في الحـياة أمـراً جديداً، الآن فـقـط أدرك السـر الغامـض وراء ذلك الصـمت المـريب الذي حـيّرني، إنها العاصفة البحـرية كـانت تـتـناوم و لا تـنام : تكظم غـيظها حـيناً من الدهـر ، تسـتجـمع طاقـة عـنفـها و تكـّور عـضلات غـضـبها المـكـبوت، قـبل أن تحـين سـاعـة الإنـقـضاض. .لقـد جعـلوني أكفـر بإله الخـيـر نهائياً و أسـتبدله بإله الشـر.

    لقـد ألقـوا بقـفـاز التحـدي في وجهي و أنا قـبلـت. النوبي لا يخـشى المعارك. غايتهم سلخ جلدي قـبل أن أموت و التمـثيل بجـثـتي و عـرضها للمـتفـرجـين عـظة و عـبرة لكل متمرد وخارج عـن طاعة القـطيع!وهـذا لعمري مـنال بعـيد.

    رشـّوا عـلى ملابسي القـطران ، يريدون حـرقي سـياسـياً و ذلك بـتـلفــيق التهـم الثقـال. إنه التاريخ يعـيد ثمـثـيل فـصوله من جـديد.عـما قـريب سـوف ينتهي كل شيء. لعـبد الله القـطي أن السهام المسـمومة التي تحاول طعـني في ظهري هي سهام يطلقـها أولئك الذين يزعـم أنهم يشاطرونني الوقـوف في( جـبهة واحـدة)!!!!

    يالسـخـرية الأقـدار!!!لقـد إسـتوت الآن في نظري كل الألوان: الذين قاسـمتهم حـر المعارك دخـلتها بلا وجـل و لا خـوف، نسـوا أن تاريخ اليـسار في بلدي ـ في شـطره الأكبر هـو تاريخ الدفاع عـن الحـريات لا أكـثر و لا أقـل.و أنا دافـعـت عـن حق الناس في التعـبيربكل ما أوتيت من عزم وجهد، دافـعـت حـتى عـمن ينتمي لجـبهة خـصومي ، دافـعـت وكان صوتي عالياً ولم أنافـق و لم أدس قـناعاتي كما يفـعـل الكـثيرون، فالحياة لا تعاش مرتين!!

    ثمة قـسم من الذين يفـترض فـيهم حـمل راية التنوير و العـقلانية يكره الحـقـيقـة ، تماماً كما يكرهـها خصومهم ،هـم في هـذا سـواء ،وينحدرون بالخـصومة الى حـد البذاءة والقـول الفاحـش و الإسـفاف، فأي مصير حالك السـواد ينتظر شعـب السـودان!

    في هـذا الجـو المعـتم لا أعـرف من هـم أصدقائي و من هـم أعـدائي، ولكـني أتذكـر أسـماءاً بعـينها تسـتحـق الذكر:اسامة الخواض: هو يعرف مقامه، بشاشة: النوبي الأصيل ، شينيتير : شق الصفـوف و قال كلمته و مضى، رجاء و Isam Gabralla: أعـلم أنهما يفـكـران بي في صمت ، أفهم ذلك،عماد Alamin Imad: أنبل من عرفـت في إقامتي القـصيرة في البورد، بوركـت نيته، يحاول أن يفـعـل أشياء كـبيرة في زمن الصغائر و الإسـفـاف، نصار : لا أعـرفه و لكـنه كـتب ذات مرة كلمة لـن أنساهـا ما حـييت،هانوفـر 65 Marawe : خالص الإحترام و التقـدير, كمال عـباس : شكراً لما كتبت ، أخـيراً وليس أخـرأً (مفاجأة): دكتورة بيان : خصمـة عـنيدة , وأنا أقـدّر العـناد: من لايقـدر مزايا الخصم، لا يفـقه شـيئًا في لغة المعارك، صارعـتني دون ان تسـتخـدم ضدي لغة البذاءة ، الشيء الذي لم يتورع عن فـعـله الآخـرون، مرة اخرى : سـخـرية الأقـدار !!.كان بوسعها ان تسـتغـل الجو العام المعادي ، لكنها لم تفـعـل:

    لها مني عـميق الإحـترام. فـقـط عليها ألا تحـلم بترويضي! سوف نظل خصوماً دون فـجـور
    في الخصومة ، أعـدهـا بذلك و النوبي لا يخلـف وعـده !!و للذين لا أعـرفهم و يكنون لي الودتحـية و سلاما،

    عـثمان محمد صالح

    من بوست:
    الصديق عادل محمدعبد العاطي
                  

12-05-2004, 07:00 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    كـهـولة



    كان باب الفـيللا

    ـــ كعـادتـــه ــ موارباً

    في أول المساء

    تسـند مزلاجـه شـِعـبـة

    الأحزان في قـلب الحـرائق

    زاكرته تغادر برش

    الصلاة ـ الذهـول و تكـدح

    في الحـفـر ما يبن

    الصفا و المروة ، تجـلب

    ـ سـعـيدة ــ ملامحـكِ التي

    يشـتـهـيـها كـما تجـلـب الريح

    رائـحة الشـواء البعـيد

    ناموسـية الظلام العـتيقة

    تـنسـدل مـبلولة بزخات

    المطر الراعـف من

    مسامات جـلد السـماء

    و تهـمي فـوق سـرير

    الوجـود العجـوز

    **************

    عثمان محمد صالح

    فينراي ـ هولنده

    6 أبريل 2004


    من بوست:
    كـهـولة
                  

12-05-2004, 07:04 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    نـزهـة المـعـتـقـل



    في الليل الـدافيء يـتـنـزّل " ملك" وضـاء
    الطلعـة، يـفـتـح أبواب السـجـن بأضـلاعـي
    أتـمـشـّى بين كـلام الطـير الناعـس في
    الأعـشاش المنـصـوبة فـوق دعاء المخـلوقاتِ
    و أقـرأ " فـاتـحـة" القـرآن على روحـي و هـي
    تناديـني من بين أهـازيج العـرس الخـالد
    في مـمـلـكـة الأمـواتِ
    و عـند بـزوغ الفـجـر الشـاحـب أتـوضـأ من
    يـنـبـوع الـفـضـة ، رقـراقـاً ، يـتـلألأ بـبـريـق
    الحـكـمـة و العـمـل الصـالح( يـنـبـوع لا يـتـفـجـّر
    ـ في تلك السـاعـة ـ إلاّ من رحـم الأزكـار
    الطيبة سـأتـلـوهـا سـراً حـين أصـلي خـلـف
    الملك الخـاشـع ثم أعـود الى الدار النـائـمـة وحـيداً
    أفـتـح أبـواب السـجـن و أدخـل


    -----
    عثمان محمد صالح

    هـولنده ـ 18ـ02ـ2001

    من بوست:
    نـزهـة المـعـتـقـل
                  

12-05-2004, 07:09 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الفاصـل المـداري



    عـودة ولكـن أيـّة عـودة ؟ :



    للذين يـقـرأون كـلماتي بذهـن مـفـتـوح و يتمـلـوهـا بأعـين صافـية اللمعان ، لا يومـض فـيها بريق الضغـينة و البغـضاء و ينتظرون مقـدمـهـا المتمـهـّل وهي تشـق طريقـها في عـسـر و مـشـقة بين منحـنيات و مضائق صخـور البورد الكـبيرة، أن يعـتبروا هـذا المكـتوب بشـارة و إيـذاناً بالعـودة و لكـن أيـّة عـودة ؟ هـذا هـو ا لسـؤال المـركـزي .


    لا أخـفي عـليكم : أحـتاج الى " فـترة نـقـاهـة " أتـطهّـر فـيها من سـمـوم الخـصـومات الرخـيـصة، و أداوي فـيها التـقـرحات التي أصابـت روحـي ، إن كان إلى المـداواة أصـلاً سـبـيـل .



    الـمـحـنة التي عـبرت ـ منـتـصـب القـامة و مرفـوع الجـبـيـن ـ " بـركـة مـائـهـا الآسـن" لم تكـن كـلهـا نقـمـة عـليّ. ربّ ضارة نافـعـة : قـيل منذ زمن بعـيد! لقـد وضعـتـني وجهاً لوجه أمام" صورة للعالم" كنت أشـيح عـنها بنظري، مؤثـرأً عـلـيها دعـة المـرقـد "الآمـن" في مـخـدع الأوهـام! تـنتـظـرني الآن مـهـمة إكـتشاف العالم من جديد ، متحـرّراً من أسـر القـوالب الجاهـزة و التصـنـيـفـات الآديولوجـية العـتـيـقـة و المفـارقة للواقع العـياني المـلـمـوس ، تصـنـيـفات أشـبه " بالشـيـكـات الطائرة ": مـزّيـفـة كل الزيـف ، خـدّاعـة و لـيـس لهـا رصـيـد !



    المسـافة الغادرة ما بين الشـجـرة و الحـفـرة:


    الذين حـاولوا " إغـتيالي أخلاقـياً " تمهـيداً لحـرقي سـياسـياً، لم يكونوا"خـصومي التقـليديين". الذين لبدوا ـ منذ زمن طويل ـ خـلف دغـل الخـسة و الغـدر ، وهـم ينتظرون عـبوري للغابة أعـزلاً إلاَ مـن رفـقـة الأفـكار، هـم ـ للمفارقـة ـ من"خـنـدق الأصـدقـاء". الذين سـعـوا لتعـليقي على أسلاك الكهرباء العارية في وضح النهار، يُــزعَـم " تـقـاسـمـنا " للـقـمة الفـكـر الواحـد و المـصير المشـترك!!!



    فـيماعـدا قـلة نادرةـ تمايزت و شـقـت الصفـوف وقـالت كلمـتها دون أن تـتـلفـت ـ فإن أولئك الذين هـللـوا وكـبّروا ـ قـبل حـين ـ و أقامـوا الدنيا و أقـعـدوهـا، ومـلأت صيحاتهم الأفـق: وجـدنا المـعـادلة المـفـقـودة ، وجدنـاهـا!!، وهـم يقـرأون الرسالة التي وئدت قـبل أن تولد الحـزب الشـيـوعـي شـجـرة مـباركـة تـسـتحـق السـقاية بـمـاء العـيون) .تـوزّعـهم " مـوقـفان " : قـسـم إكـتفـى بتمـثـّل مـوقـف سـكان أورشليم و هـم يطلون من الشرفات عـلى منظر المسيح يقـوده جـند الرومان الى ساحة الصلب، وقـسـم لم يفـّوت الفرصـة تعـبر هـكذا : فـرك يـديـه في سـعادة" الشـامـت" و لسـان حـاله يقـول: يا فارس حـريـة التعبـير ، دع " غـول " الحـريات يلتـهـمـك الآن !هـو تاريخ من" البـيـع " في المـزاد العـلني، بالجـمـلة و القـطّـاعـي! " غـول " الحـريات يلتـهـمـك الآن !هـو تاريخ من " البـيـع " في المـزاد ، بالجـمـلة و القـطّـاعـي !

    أن الذين صنفـونـي و وضعـوني في " خـانـة " البربري في نظر قـدامى الأغـاريق وهاجـموني هـجـوم الضباع لعابري " وادي الحـجـر" في الطريـق الى بـلاد السـكـّوت ، قـد أسـدوا لي" خـدمـة معـرفـية " لا تقـدر بثمـن: لقـد أزالوا العصابـة السـوداء عـن عـينـيّ! هـم لم" يصنفـوني" بقـدر مـا صنـفـوا أنفـسـهم في "متـوالـية الخـيـر و الشـر" وهـي متـواليـة لا يتـطابق حـداها ا مع مـتوالية : يمـين وسط ـ يـسـار ! ـ

    * * * * * * * *

    ليسـت كل السكاكـين التي تقـتـل، تمسـك بها يد الأعـداء! درس جـديد أتعـلـمـه من" مَعـمّعـة الصـراع".

    ــــــــــ
    عـثـمـان محمد صالح

    من بوست:
    الفاصـل المـداري!
                  

12-05-2004, 07:13 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    بـين سنتياغـو نـصـّار و محمد رسول الله !



    تـطوف بذهــني ـ منذ أمـدٍ غـير بعـيد ٍ ـ حـادثـتـيـن ، الأولى تقـادم بفـصلها الزمان ، فـغاصـت في بطن الأرض السـبـخـة لعـصـور سـحـيـقـة ، أما الثـانـيـة فـحـديثـة نسـبيـاً و لذلك سـأبـدأ بـهـا:


    ــ لا أخـال الناس نـسـوا"سنتياغـو نصار"، البطل المـقـتول الذي مـلأت زخـات دمه المسـفـوك ـ في ساعة الخـسـة و الغـدر ـ صفحات قـصة غابرييل .غ. ماركـيز الطويلة(قـصـة مـوت مـعـلـن).سنتياغو ـ كـما يعـلم الجـمـيع ـ مات مـقـتولاً، دون أن " يـقــتـلـه شـخـص بعـينـه "!! الـســبب مـتـناهٍ في البسـاطة : قـتـله صـمـت القـريه المـتـواطئة مـع الأخـوين اللذين نـحـرا الضـحـية في عــلنـية مـثـيرة للإسـتـغـراب، بعـلم الجـمـيع و تحـت سـمعـهم و بصـرهـم و موافـقـتهـم " الضـمـنية " عـلى مـشـروع القـتـل المـعـلن .

    ـــ عـندما ضاقـت قـريـش ذرعـاً بأمـر آخـر المـرسـليـن و فـكـرت في التخـلص من أمـر الدين الجـديد بضـربة سـيف وا حـدة ، بــتـارة ، مـاذ ا صـنـعـت؟ : قـررت أن" يُضـيـّع " دم الرسـول بين القـبائـل: لا ثـأر يـُطالـَب و لا قـاتـل يـُطارَد . خـطة بـسـيطة و جـهـنـمـية .


    الحادثة الأخـيرة هي النـمـوذج البـدائي لما حـدث لاحـقـاً ـ مكـللاً هـذه المـرة بالنجاح الـمـعـادل للـمـوت المؤكـد ـ لسنتياغو نـصار في قـرية لاتينية بئـيسـة و مـهـمـلة.


    ـــــــــــــ

    هامش : وجه المقارنة المقامة هـنا هـو بين الحدثين لا الشخصيتين

    ــــــــــــ

    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    بـين سنتياغـو نـصـّار و محمد رسول الله !
                  

12-05-2004, 07:17 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    طـاحـونـة الـعـقـل بـيـن : الـورّاقـيـن و الـكـُـتــّاب !

    (حـوار لـم يكـتـمـل مع أخـي الذي" خـرج ولـم يـعـد")


    لـيـس سـؤالـي ســؤال ا لمـرتـاب يـنـشــد شـط اليـقـيـن ، بـل هـو مـحـاولة لإحـياء تلك الأحـديـث القـديـمة التي إنـقـطـعـت فـجـأة، دون سـابق إنـذار، قـبل أكـثرمن عـشرين عـام : أمـا تـزال عـالـقـة بـذهــنـك ـ وأنت تسـافـر في عـتـمة المـلـكـوت ـ تلك الـقاعـدة المـدرســية الـمـعـرّضـة ـ أكـثـر من سـواهـا ـ لآفـة النـسـيـان :

    المـراجـع و أمـهـات الكـتب ( كـيـفـما تـلـونـت ) لـيسـت ديـكوراً يـزيـن" بـيـت العـقـل " هي ليسـت هـدفـاً مكـتـفـيـاً بذاته، وإلاّ إسـتحـالت الذاكـرة والمـؤلـفـات الى مـسـتودع بائـس و مـفــتـقـد للنـظام الداخـلي، تـغـمـره فـوضى" العلامـات" التي خـلـفـها آخـرون.

    سـعـة الإطلاع شـرط ضـروري لا غـنى عـنه ،( يـمـنح الكـتابة أفـقـاً تـتحـرك فـيه )، لكـنهـا غـير كافـية بـمـفـردهـا لإيـقـاد شـمـعـة الإلهـام و الإشـراق اللازمـة لإنـتـاج معـرفة جـديدة بحـق . الأهـم مـن ذلك كله ألاّ يـُسـمَح للـدوغـما بممارسـة سـلطـتها المـسـتبدة والساعـية دوماً لتعـطيل طاحـونة العـقـل الخلاّق أثـناء القـراءة وبـعـدهـا.

    أن" تـورَد" المـؤلفات مهما جـّل شأنها وعـظمـت مـنـزلتها بهـدف الـتـثـبـّت من يقـيـنـية و صوابية فكرة راسـخة في الذهـن أصـلاً، ذلكم في أعـتقـادي المتواضع هـو الضـلال الـمـبـيـن.

    مـا أيـسـر ورود الماء من الآبار التي حـفـرهـا الأسـلاف، مـا أشـق إحـتمال الظـمـأ الفـكـري إلى حـين الشـروع في حـفـر بئر جديدة في أرض يـابـسـة و مـتـصـخـّرة.

    مـمارسـة " مـهـنـة الشـؤم " كـماكـان يسـمـيها أبو حـيان التوحـيدي لم تـجعـل من كل أفـراد جـيـش الورّاقـين و النسّـاخـين * العـرمـرم في تاريـخ الحضارة العـربـية الإسـلامـية و تاريخ الكنائس الأوروبية ـ عـلى سـبيل المـثال لا الحـصـر ـ كـُتــّابـاً و لا أدبـاء يـُشـار إلـيـهم بالبنان !

    =====
    *" الـورّا قـون" ليس نمـوذجـاً مـنقـرضـاً دفـعـت به آلات الطباعة الحديثة الى متحـف
    التاريخ ، إنـهـم حـاضـرون و بقـوة في حـياتـنا الثقـافـية و الفـكـريـة المـعاصـرة !
    ====
    أراكـم مـجـدداً بـعـد غـيـبة لـن تـطـول .
    ====
    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    طـاحـونـة الـعـقـل بـيـن : الـورّاقـيـن و الـكـُـتــّاب !

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-05-2004, 07:18 PM)

                  

12-05-2004, 07:22 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    أخي العـزيز بشـاشـه : العـفـو و العـافـية.

    تحـية طـيـبـة ،

    * هـذه رسـالة في باب العلاقـات الإنسانية في صـفـائها الخـالص المـبـّرأ مـن شـوائب ( الإخـتلاف في الرأي ): الإنـسان هـو الجـوهـر الثـابـت و كـل مـا عـداه مـؤقـت و زائـل .

    أخـي بشاشة ،

    لا أعـرف مـتى تـُـكـتـبُ لي الـعـودة مـن جـديـد ، لهـذا كان لـزامـاً عـليّ أن أكـتـب لك هـذه الكـلمـات. خـلاص الـذمّـة ــ كـمـا تعـلم ــ شـرط الراحـة الأبـديّـة الـوحـيد!

    يـبـدو أنـني جـرحـتـك ـ يا أخي ـ دون أن أتـعـمـّد ذلك .

    كانـت الـنيّة صافـية بـحـق كـل مـاهـو عـزيز لـديّ و أثـيـر. حـسـبـتُ البسـاط أحـمدياً، لكـنني أخـطـأتُ في ( الـتـقـدير) : مـشـيـتُ ثم تعـجـّّلـتُ( الخُـطـى) عـندما مـلأ الـهـواء قـمـيـصي، هـمـزتُ (حـصـان الكـتابة) في لـهـفـة ـ قـبـل أن تـمـسـك يداي بالمـقـود كـمـا يجـب،ـإنـتهـبـت( المسـافات) دون تريث وحـذر، تجـاوزتُ ـ مـسـرعاً ـ ( الحـّد الرهــيـف ) الفـاصـل بـيـن الجـد و الهـزل، تخـطـيـتُ( حـواجـز) ما كان يـجـب تخـطيـهـا دون حـسـاب دقـيـق، فـأخـطـأ( قـلـمـي) هـو الآخـر أيضـاً مـطـلـقـاً لعـفـويـتـه و سـجــيـته العـنـان!

    أرجـو أن تـتـقــبـّل أسـفي و إعـتـذاري.
    أراك عـند العـودة و الآخـرين بخـير.
    العـفـو و العـافـية.

    أخـوك عـثمان محمد صالح

    من بوست:
    أخي العـزيز بشـاشـه : العـفـو و العـافـية.
                  

12-05-2004, 07:25 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    مـديح مـتـواضـع لنسـاء بلادي

    (1)
    لاتبدوالحـياة فاتـنـة بحق ، مـُشـتهَاة أكثرمن ذي قـبل ، أثـيرة الى القـلب كـما يـجـب وقابلة لأن تـُعَـاش مـن جـديد، إلاّ حـين نـتأملها منعـكسة مـن مـرايا البحـيرات البلورية التي يـتألف ماؤها المـسحـور من مادة ذلك الصفاء الأليـف المـلغـز المـنبعـث من حـدقـات عـيون النسـاء

    (2)
    طوبى لهـن جمـيعـهـن :
    يصـنعـن ـ في وحـشـة الإهـمال المُـتـعـمـّد و الإنـزواء القـسـرّي بعـيـداً عـن تيار الحيـاة ـ" رغـيف البـقـاء" بمحـبة لا تـُجـازى و أريحـية لا تــُكـافـأ ونكران ذات ، أما نحـن الرجال فـندوس عـلى الرغـيـف ـ المُـتطلـّع" للأرواح المسـجـونة "، في مَـودّة متـوسـلة ـ بأرجـلنا الفـظّة ، التي شـقـقـها"طيـن الخـنادق"، في قـسـوة وعـدوانية بلهاء ، مـسـتـسـلمـين لجـبرية " وحـشـيـتـنا التاريخـية" كما وصفها، ذات مـرّة ، دون أن يـجانبـه الصـواب ، غابريـيل غارسيا ماركـيز.

    (3)
    يعـرفـن كـيف ينافحـن عـن ثـمـرات الحـياة في إباء و صلابة لاتـنكسر ، لأنهـنّ يهـبنها وهـنّ يجـتـزن جحـيم الطلق و يعـبرن سعـير الولادة المـقـدس.

    (4)
    يـُؤنسـنّ( المصدر: أنسـنة) صورة العالم البربري و لا يجـنـيـن ـ في المـقابل ـ شـيئاً سـوى شـوك القـتاد!



    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

    عثمان محمد صالح
    فـنراي ـ هـولنـدا

    23 أبريل2004



    من بوست:
    مـديح مـتـواضـع لنسـاء بلادي
                  

12-05-2004, 07:29 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)


    اللـعـنـة!



    الليلة ـ كي أتحـسـس موقع وطني الكائن في قـلبي ـ
    نور الحجـرة أطفـئه

    يرتفعُ :
    نشـيج الطير البريّ المُنزَل ـ عـصراً ـ فـوق حـقـول
    الزغـب القـمحي ّ ، صغار السـمسم و الذرة البيضاء
    العـطشى .

    يرتفعُ :
    وداع العـش المائـل فـوق الماء الغائص في
    جـسد الجدولِ ( هـل وعـدته فـتاة الماء بقـبله ؟ )

    برتفعُ :
    ذهاب الطـير المكتئب شمالاً و جنوباً ، نحو ضفاف
    دافـئة و حقـول أفضل .

    يرتفعُ :
    اللامستقـبل

    يرتفعُ :
    صعـود النيل على أكـتاف الشـلال الرابع ، يتطلّع
    نحو سماء ما عادت كالسابق فاتنة البلدة : ترقـص
    في أعـراس الصيد على أبسطة الرمل الصحـراوي
    ، وتهدي طمبوراً أثرياُ فـنان العرس ، تـطـيّر
    صوب رجال البلدة كـل مناديل العشق الشرقي
    ، ولا تترك قـلب الساحة يهـدأ ليلة زفـت شجـرة
    مانجو أو باباي خجلى، و تـوزع في الأنحاء
    البسمة تلو " الخُـمـرة" ثم المِسـك الطازج فالشـبّال
    المـشـتاق .

    ترتفعُ :
    " الجـلسة" بالعـشاق

    يرتفعُ :
    العـشاق

    يرتفعُ :
    نشـيد العـشـق الأفـريقي المتواثب فـوق الساق الأنثى

    يرتفعُ :
    نـحـيـب السـاق الأنثى

    ترتفعُ :
    الانثى

    ترتفعُ :
    أيادي الفـجـر الصاخـب تـفـتح باب الخـيمة

    يرتفعُ :
    ضجـيج المارة في قـلبي

    يرتفع :
    أنين السيارات : تدس الأنف بقـلب الطينِ، تـفـتـش
    عن آثار الأمـس ِ، تـشـق دروباً سالكة في وحـل
    الأرض النيئة اللزجـه.

    ترتفع :
    نداءات الباعة ( بائعة السـمن البلدي ، دجاج الوادي
    و الأطباق الشعـبيه )

    يرتفعُ :
    صفـير" الغـزل التـقـليـدي ، زعـيق الحمـّالين الجّـوالين
    وطرق الحـّدادين بسوقٍ ريفيّ في ضاحـيةٍ من وطني
    الكائن في قـلبي

    يرتفعُ :
    جدار المنزل مكـتسـياً بكـتابات التحـريض الموقـوت و
    توقـيعات الذكرى و رسومات الحـُب البرعم ( لم ينبت
    ريـش الشـاربِ بعـد)

    يرتفعُ :
    اللا عـنوان ، القـلب المطـفـأ منذ سنين و العـينان المسملتان

    يرتفعُ :
    الإنسان

    يرتفعُ :
    الجذر المطمور الخـصر برحم التربة : عاف الارض !

    يرتفع :
    الحـر الكامـن تحـت الماء الراكد في المسـتنقعٍ ( هـل كان
    بياتاً شـتوياً ؟)

    ترتفعُ :
    الديدان المشـوية و النمل الهائج و السـُوس الطالع من بين
    شـقـوق الأرض.

    يرتفعُ :
    العـفـن الأسـطـوري القـادم ـ دخاناًـ من عـمـق مـسامات الجـلد
    البشري المدبوغ، يُصّعـدُ أبخـرة الوسـخ النابت في كل مكان

    يرتفعُ :
    غـبار اللعـنـة ـ كان رمادي المـلـمـس ـ فـوق الصـومعـة
    المهـجـورة، دار الهاتفِ ، مـرعي الإبـلِ و صحـن المسجـد

    ترتفع :
    عـيون" المُخـبر " ناظرةً

    ترتفعُ :
    عـيون" المُخـبر" باسمةً

    يرتفعُ:
    المسـتـنقع

    ترتفع ُ:
    الأرض عـلى نـهـديها المـضمومين وتعـلوفي قـلبـيّ.. تعـلـو
    ثـم تطير كـلحـنٍ مـُرهـَـق

    ترتفعُ :
    اللـعـنـة خـلـف الأرض مـباشـرةً!!

    ــــــــــــــ

    عثمان محمد صالح

    صـوفـيا 1989ـ

    من بوست:
    اللـعـنـة !
                  

12-05-2004, 07:36 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    ملاحـظات أولـيـّـة حـول مـفـهـوم العـنوسـة



    أبـدأ بالزواج :

    * مِقـوّد " المـبادرة " تمـسـك به ـ و بقـوّة ـ يـد الرجـل :" الذات" المنتخـبةالفاعـلة( أخد ليهـو بنية عـديلة من بنات فلان الفلاني ) و الجالـبة حـتى من الأقاصـي الـنائـية عـن رحاب الأهـل و القـبيـلـة ( جـاب ليهـو واحدة مــــــــــــن الأبيض ). المـرأة هي المـحـبـوسـة دومـاً في " قـفـص الإنــتـظار " : إنـهـا

    " مـوضـوع "الإسـتـحـسـان والإنتـخـاب ، " المـأخـوذة " من القـريـب و " المـجـلوبـة" من خـارج الديـار . " هـامـش الحـرية " الوحـيد الـُمـتاح أمامهـا هـو أن تـسـعى و تجـتهـد في سـبيل " إسـتـيـفاء" الشـروط و " تـنمــية" الخصائص التي تـصـمّـم " النموذج المثالي " للمـرأة التي يبـحـث عـنها الرجال:" سـت البـيـت " التي لا تـرى الشارع إلاّ لـمـامـاً أو " الشِـغـّيـلـة " في المجـتمعات الزراعـية التي تعـمل فـيها الـمرأة خـارج البيت . و حتى في ظل هـذا الإجـتهاد و الجـهـد الخـرافي المـبـذول فإن إبتـسـامـة " الحـظ" هـي العامـل الحاسـم في إنـتـقال الـبنت من عـصـمـة الأب الي عـصـمـة الزوج.

    * الزواج ليس" المـراسـيم" التي تـرافـقـه وتـزيّـنـه و لا" العلامات" التي يـتـركـها أمـام أسـماء " الـداخـلـيـن" في العـلاقة الـزواجـية ، هـو في التحـلـيـل الأخـيـر" سـوق" بالـمـعـنى المعـروف للسـوق كإطار قـانوني مـنـظم لعـلاقـة تـبادلـية بين بائع و مـشـتـري ، لكـنه لـيس سـوقاً يجـهـل فـيها طرفـا التـبادل أحـدهـمـا الآخـر، فالسـيرة الذاتـية للمتـبادلـيـن تـدخـل في صـلب عـملـية التبادل وعـقـد الصفـقة النهائية .

    * إنه سـوق و هـو ما يـزال يتـشـبـث بالإحـتـفـاظ بهـذه الصـفة الأساسـية حـتى في المجـتـمعـات التي قـطعـت أشـواطاً طويلة في مـشـوار التحـديث ( تهـّم في هـذا المـقـام السـمات التالية : الفـردانية ، تضعـضع التأثـيـر المباشـر" للعامل الإجـتماعي" عـلى تعـليم الفـرد و إخـتياره للمهـنة و أسـلوب الحـياة)، و تـلك التي ولجـت منذ زمـن بعـيد مرحـلة ما يسمى بما بعـد الحداثة ، إذن فالمجـتمعات التـقــلـيـدية وحال مـؤسـسـة الزواج فـيهـا ليسـت بالنغـمة النـشاز و لا العـنـزة الفـاردة ضـمـن" القـطيع المـتحـدثـن ".

    * مـن يـتـزوج مـن ؟ : سـؤال سـوسـيولـوجي بإمـتـيـاز، يـتجـاوز خـصائصـنا كأفـراد
    ( ذكوراً و إناثـاً) و يتخـطى المظهـر الخارجي ، السـن ، الملكات العـقـلية ..الخ، متطلعـاً الى ما هـو أبعـد ، وغـائـصـاً الى مـا هـو أعـمـق.

    * الزواج هـو: أحـد مكانيـزمات التبادل الإجـتماعي بين العائلات و إحـدى قـنوات إقامة لتحالفات ( الأسـريـة و القـبلية و السـياسـية) و ترسـيخ اللامساواة و إعادةإنـتاجـهـا و إعـادة توزيع الدخـول و المـلكـية في المجـتمع المعـيّن( التصعـيد الإجـتماعي لأحـد طرفي العلاقة الزواجـية).

    ( فكروا / فكـرن معي في الظاهـرة الفـريدة: (زواج الأطـفال )، أعـني بهذا الأطفال الذين يـُكــتبُ عـليهـم ولوج عالم البالغـين و هـم "متـزوجـين " منذ الطفـولة ، لآن "كلمة" الأباء أو الأمهات قـد عـقـدت بيـنهـم برباط أبـديّ غـلـيظ.

    أنـتـقـل الآن للعـنوسـة :

    * الثـقـافـة التـقـلـيـدية التي تـسـجـن الفـرد في زنـزانة " الجـنـدر"لا تـنـتج " مـفـهـوم العـنوسة " وحـده ، بل تـلحـقـه بـتـوأمه الملازم له ملازمة الظل و الخِـل المـؤآنس: "مفـهـوم العـزوبـيـة ". إنها ذات الـثـقـافة التي تـجـلّ و تـعـلي مـن مـكانة مـفـهـوم " الخـصـوبة البـيـولوجـية" عـند الجـنـسـين و لا تـرى للـفـرد دوراً إجـتـماعـياً أكـثر قـدسـية مـن إعـادة الإنـتاج البـيـولوجي للحـياة. ذات الثـقافة التي تـسّـلع المـرأة هي التي تـتجـّر الرجـل ( تجـعـله تاجـراً) رأسـماله : الأصـل و الجـيـب العامـر( المهانة و الإحـتـقـار يلحـقـان، دون شـك، بالرجال الغـير قـادرين عـلى الدفع و الشـراء و كذلك بأولـئـك الذين يقـصـيهـم مـعـتـقـدهـم الديـنـي أو مـنحـدرهـم المـتـدّ نـي إجـتماعـياً: من لحـقـتهـم وصـمة " المـقـاطيع" و" أرقـاء الماضي" عـلى سـبـيل المـثـال لا الحـصر،( الأحـباش) كـعـيـنة تمـثـيـلـيـة للـغـرباء و الوافـديـن الساكـنـيـن " الهامـش الإجـتماعـي" ، عـمـلـياً خارج إطـار المـنافـسة الـزواجـية.

    * تـشـتـمـل عـمـلية الشـراء عـلى عـنصـرين : (1) قـوة عـمل المـرأة الضرورية لإنجـاز
    العـمـل المـنـزلي حـتى يـتفــرّغ الرجـل للعـمـل و النشاط العام خارج البـيـت ،(2) خـصوبـتها البـيولوجـية الضـرورية" للإسـتـثمار في المستقـبل" ( ولادة الأطفال كـقـوة عـمـل و كـسـند لاغـنى عـنه في سـنوات الضعـف والشـيخـوخـة في مجـتمع يـفــتـقـد لـنـظام ضـمان إجـتماعي تـنـفـذه وتحـرسـه الدولة)

    * السـؤال الذي يسـتحـق ـ في نظري ـ تصدّر قائمة الإهـتمام قـبل الشـروع في " التمـرد" وهـزأركان الثـقـافة التـقـلـيـدية هـو : لماذا تـبـدو الأشـياء ( أقـصد الظواهـر الإجـتماعـية ومـنها العـنوسة والعـزوبية ) عـلى الـنحـو الذي هي عـلـيه الآن ؟ و لماذا كان إنـتاجـها ضـرورياً ؟ .. الخ من أسـئـلة تـدفع بخـطى البحّـاثـة نـحـو الـمـزيـد من أعـمال" الحـفـر المعـرفي" الوئـيـدة الخـطي، بطـيـئة النـتـائج و لكن مـؤكدتهـا !

    ــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عـثمان محمد صالح


    من بوست:
    ملاحـظات أولـيـّـة حـول مـفـهـوم العـنوسـة
                  

12-05-2004, 07:39 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    عـادل محمد عـبد العاطي الذي أعـرف!

    (1)

    تعـرفـونه جـمـيعـكم ، لكـنكم تجـهـلونه أيضاً! لأنه يصّر عـلى مخاطبة ا لعالم" بـلغة" كـُتبَ عـليها الإنقـراض و داسـت عـليها أحـذية الأصدقاء قـبل الخـصـوم، ولأنـه ما يزال يـتشـبـّث" بأحلام الصبا" في بلدٍ تعـز فـيها الأحلام!



    (2)

    في مكان آخـر كـتـبـت ما يلي :
    عـندمـا ( و كان ذلك في أوائـل الثمانينات من القـرن الماضي ، في تلك المدينة الساحـرة : عطبرة) تـعـرّفـت على عبد العظيم محي الدين المفـقـود منذ سنوات ، تلك كانت " البدايـة " و أنا أتـلّمـس السـكـة الغامضـة ، نافـذاً الى عـالم السياسـة ـ في حـذر و تردد ـ عـبر " نفـّاج" الأدب. و عـندما عـّرفـني الأخـير ، بعـد ما يقـارب العام ،عـلى شاب ـ تـصـبغـه سـُمـرة مـمـيـّزة، تـلـتـمـع جـذوة الحماسة و الألمعـية في عـينيه المتعـطشتين لمعـرفة" الجـديد"، تسـتوطن روحـه الرغـبة اللامحدودة في " التغـييرالإجـتماعي" ، وتبدو عليه سـمات الهـزال الشـديد حتى لـتشفـق عـليه من مشـوار الحياة في مدينة عـمالية لم يبارحها ضنك العـيش و الفـقـر المـدقـع منذ أن رأت نور الوجـود لأول مـرّة ـ يـُدعـَى عـادل محمد عبد العاطي ، أضـفـت الى أفـق حـياتي التعـيسـة " بـُعـدأً فـسـيـحاً و مديـداً". صـار مدخـلي الواسـع للتعـرف على أصـول ا لفكـر الماركسي وأدبيات الحزب الشيوعي السوداني و نشاطه آنذاك .

    تـعـرفـت لاحـقاً عـلى كل أفـراد عائـلـته و فـوجـئت مفاجأة سـارة عـندما عـلمت بأنه الشقـيق الأكبر لزميلي في الدراسة: عصمت عبد العاطي الذي كنت أصـفـه لعادل بغـرابـة الطبع فكان يبتسـم دون أن يعـلـق. و منذ ذلك الحين صـارت " كُـباية الشاي" و الجـدل الحـامـي في صالون ذلك البيت الشعـبي المتواضع عـند الأصائل و الأمـسـيات هاجـسي الأثيرحتى تـفـرقـت بنا الدروب ، عـندما قـّررت عائلتي العـودة النـهائية الى مسقـط الرأس : حلفا الجديدة ، قـبل بضعة أشهـر من إندلاع إنتفاضة مارس ـ أبريل 85، بعـدها أكملت " المرحلة الثانوية" وسافـرت الى بلغاريا طالباً المزيد من العلم ثم أُخـبرت لاحقـاً بأن عادل محمد عبد العاطي قـد كُـتـبت عـليه هـو الآخـر عـذابات الـتـشـّرد في بـلاد الآخـرين!!



    (3)

    عـندما ينتهي كل شيء كما بدأ في أول الزمان و تـيـبـس محـبرة الأرواح و ينفـد المداد العظيم و تطوى الصحائف الـغلاظ و ينفخ في" الصـور" المدوّي و تأفـل شمس الوجود تماماً وتتداعي صروح "ممـلكة الإنسان" و تـتهاوى أمام أعـين المشـفـقـين و يسـقـط العالم برمته في هـّوة الفـراغ والنسيان المطلق ثم تقـف الخلائق ـ خـاشـعـة ، ذليلة، كسيرة النظرات ، واجـفـة القـلوب و مرتعـدة الفـرائص ـ أمام هـيبة عـرش الإله الكبير ، عـندها لوقـُدر لي الإمساك بعـصاة الشـفاعة مثـل المرسـلين و الأنبياء لما تلـفـّت ، ما ترددت ـ لحظةً واحـدةً ـ في إخـتـيار" آخـر المحاربـين" في أول الأسـماء.

    (4)
    كـل ما خـطـته يدي المرتجـفة هـو قـطـرة من مــاء !

    عثمان محمد صالح

    فـنراي ـ هـولندبريل20ا

    27 أبريل 2004


    من بوست:
    عـادل محمد عـبد العاطي الذي أعـرف!
                  

12-05-2004, 07:43 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    عبد العظيم محي الدين " الذي خرج و لم يعـد" ! *


    كما توجدأشياء لا تشترى< أمل دنقل> هنـالـك أيضا أشياء إ ن أقتنيت لا تباع ، لا يسري عليهـا منطق السوق و و لا تعبـث بهـا " يده الخفية". إ نهـا دائرة الأخلا ق ، حيـث الأشياء ليست بالأ شياء والحسابات غير الحسابات والموازيـن أخر، و الأ فعال طبقات فوقها طبقات ، حيـث الأجر مضاعف مقداره والحسنة دوما بعشـرة أمثـالهاو باب الرحمة والتوبة مشرع على آخره للآ يبين. ما سأقوله لا حقا هو جهد المقـل لا اكثـر، إز كيف نجازي ـ على سبيل المثال ـ أ ولئك الزين كان إتحادهم المقد س ـ في لحظة صفاء ـ سببا لرؤيتنا شمس العالم ، وكيف نوفي د يو ن الصداقة الحقة؟؟

    الذي بيني و بينه :
    " العشرة" مغروسة الأ وتاد بباحات القلوب ،الصداقة عامرة بالطيبات ممحوضة لوجه الله ، حبال من المودة ، ممدودة عبر المسافات لا ترتخي ، مشدودة إلى آ خرهـا عبر السنين لا تنقطع ، " الكسرة " معجونة بالإلفة والإ حترام وملح الهـزائم و الزكريات الحزينة و غبار المعارك القديمة وو ثـاق المصير المشترك ، آفا ق قصوى لن تطال و آ ما د تتمدد في رمل المستقبل تشتهي مقد م السائـرين ، أ حصنة تمضي إلى ساحات الوغى بلا أ سرجة و بلا فرسان ، مناهـل فكر ورد ت و صداقات شيد ت ثم حملت على الأ كتاف ، " كتابات مطاردة" طولعـت خلسة و " مسارقة" ، أ سراب من الأحلا م أسقطهـا رصاص العدا في رابعة النهار ، "جيل"هام على وجهه ، داهمته الكوارث و شلته الصدمات ، يتجول أفراده في مشارق الأرض و مغاربها كالأشباح ، عمر توقف ـ كلية ـ عن المسير، زمنة تتقهقر و جزوة تاريخ مصادم لا يعترف بسلطة الموت! .

    أنه سليل تلك المدينة زات النفس العمالي المتميزعطبرة )، وسمته بطابعها المتفرد إلى الأبد ، صبغت روحـه بالتمرد صاغت مزاجه في أحسن تكوين و وشمت وجدانه حيث لا مناص و لا فكاك ، شئ أ شبه ما يكون بقيد العبودية المختارة ": يأ سرك و يحبس خطوك و لا ترضى الحياة بدونه! . وحدهم الزين عبروا خفافا من " هناك" ، يحملهـم " قطار الشمـال" في رحلته المضجرة إلى جوف العتامير ، وحدهم الزين ساقهم " النداء" ـ كا لمنومين ـ إلى رحاب تلك المدينة الخلوية ، فأناخوا ركابهم في مضاربها الحفية بالقادمين ، نفضوا غبار الطريق على أ د يم أرضها المتحصية < نعت مشتق من مفردة " حصى " > وبللوا أجوافهم بقطرات من مائها ا لعكر ثـم تمد د وا في دعة و طمأنينة تحت عريشة سمائها الغبراء حتى صرعهم ساطان ا لنوم ، وحدهم الزين ما تزال تؤرق مضاجعهم و تطارد أحلامهم " رسائلها" التي لا تكف عن التواتر و " رؤاهـا" ا لتي لا يغيبهـا النسيان ــ بمقدور هؤلاء فقط دون سوا هم إ دراك دلالات باطن الكلام!

    البساطة الآ سرة والعمق المدهش ، الطيبة والقسوة ،الفقر المدقع توازيه عزة للنفس أ سطورية ، بسا طة الحال و ثراء الروح ، عمالية المظهر و ارستقراطية السلوك ،الزهد في متاع الحياة والصلابة في الدفاع عن حق الحياة ، تقشف البطون و نهم العقول ، السكينة المطمئنة وا لتمرد النبيل ، طين "القيف" المبلول الحاني على الاقدام ولسع الحصى الملتهب في عز الصيف ، الأ نوثة الساحرة تتطلع للحياة مد سو سة في ثنايا خرق الرعاة البالية، النخلة اليتيمة تتراقص وهي محاصرة بعنف رمال الصحراء ، تلك مويجات من عباب البحر الاجتماعي لتلك المدينةالمبروكة سبح فيها عبد العظيم محي الدين لسنوات قبل أ ن يكتب عليه شقاء الهجرة و نير التشرد الطويل بين الو جود
    والعدم !

    -----
    عبد العظيم محي الدين مفقود ، مجهول المصير حتى هذه اللحظة


    من بوست:
    عـادل محمد عـبد العاطي الذي أعـرف!
                  

12-05-2004, 07:51 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الإسـتشهاد و الشـهداء في شـمـال السـودان
    (زاوية نظر سـوسـيولوجـية)

    ( إلى كل من عـلمني حـرفاً من كـتاب الخـليقة و الوجـود )


    الإستشهاد: محاولة للتعـريف:

    ثمّة شيء مُـلغِـز يغـلّــف فـكرة الإسـتشهاد وسـلـوك المسـتشهِـّد أشـبـه بالهالة السحــرية. لكن الإسـتشهاد ـ رغـماً عـن هذا الغـمـوض الذي يـلـفـه أو ربما بفـضله ـ آسـر و جـذاب !

    الإستشهاد هـو حـدث تـتضافـر في عـمـلـية إنـتاجـه كافة عـناصر: الإسـتـثـنائـية ، خـرق حكم العادة، المـروق عـن المألـوف و الخـروج عـن " النص" الثابـت قـرار وإخـتيار المسـتشـهـّد..إنـه فـعـل" غـير يومـي" يـسـتدعـي إجـتراحـه طاقة فـذة و إسـتعـداد ذهـني ونفـسي قـّل أن يـتوفـر لدى كـل البشـر المنهـمكـين في" شؤون الحـياة الصغـيرة " هـرباً من وسـواس فـكرة المـوت المُـلـحّـة، ولهذا السـبب فـهـو فـعـل ضـنـيـن في الحـدوث و مُـقــّل في الـتـواتـر.

    يـنـتـسـب الإستشهاد ، وبجـدارةٍ لايرقى إليها شـك، إلى مجـال " الواقـعـات الإجـتماعـية" الكـبرى ذات الصدى العالي و الأثـر العـمـيق الغـور. إن" المقـعـد السامي" الذي يحـتـلـه الإسـتشهاد في الذاكرات الجـمعـية للشـعـوب و الأقـوام تكـسـبه صفـة " العلامة المـضـيـئة" في المسـار الروتـيـني للأحـداث اليومـية.

    الإستشهاد هـو واحـدة من الآلـيات المـُـنـشـّطـة للحـياة الإجـتماعـية ( كّـم من الثورات والهـبـّات والإنـتـفاضات حـرّكهـا سـقـوط شـهـيد، و مـنحـتـها بسـالـته في مـواجـهـة المـوت المؤكد جـرأة المـواصـلـة، و حـصـنـتها ذكـراه ضد عـدوى الخـوف والإنكسـار و التـراجـع ، فاتحـةً أمامها مغالـق أبـواب النصر وآفـاق السـمـاء )!

    لكي يـتسّـنى للمستشهـد إجـتراح فـعـل الإسـتـشهاد لابـّد من تـوافـر عـناصر أهـمها:
    ( أ ) جـسارة فـوق ـ العادية.
    ( ب) قـناعة بصوابية قـرار الإسـتشهاد.
    ( ج ) منظومة من الأفكار و المـُثـل العـليا تمـتـلك من السطوة والجـاذبية القـدرالكافي الذي يجعـل الدفاع عـنها و التضحـية بالـنـفـس في سـبـيـلهـا أمـراً مـُبـرّراً بل و مطلوباً أيـضاً.

    الإستشهاد هـو أقـصى درجـات التضحـية و البطولة، لكـن الـمرء لا يـُقـدِ مُ عـلى فـعـل الإستشهاد إلاّ عـندما تتجـلّى أمام ناظريه ـ في لحظة المـوت ذاتـها ـ جـلالـة وقـدسية الهدف الذي يسـتحق أن تـُبارح مُـتع الحـياة لأجـلـه( دون شـعور بالندم). ليس ثـمـة إسـتشهـاد من أجـل" الشـهادة" فـقـط!. الإسـتشهاد لـيـس هـدفـاً في حـد ذاتـه وإلاّ أصبح مُـفـرغـّـاً من كل مضمـون.

    يـتضـمّـن الإستشهاد فـكرة( التـبادل و الـمقـايضة): العـطـاء مقابل الأخـذ ، الخـسارة مقابل الربح ، الهـبة مقابل الـثنـاء، التضحـية مقابل الأجـر ، الدنيا مقابل" الآخـرة"، الفـناء مقابل الخـلود، كـل ذلك حـتى لـو تـمّ تـمويـه الأمـر وتـدثـيره بغـطاءِ سـمـيـكٍ تغـزل نـسـيـجـه " أنـوال" مـن الأهـداف المـثـاليـة" دنـيـوية الطابع كـانت أم آخـرويـتها ( جـنة الله عـلى الأرض أم جـنات عـدن تجـري من تحـتهـاالأنـهـار)". لا يـنضـو المستشـهـّد عـن جـسـده " أثـواب الحـياة" وهـو يـغـذ الخـطى سائراً في سـكـة الفـناء إلاّ لـيـرتـقـي ـ عـابراً بـوابـة المـوت ـ "سُـلـّم الخـلود"، مكـتسـباً بـذلك صـفـةً أسـاسـية ً من صـفات الألـوهـية هي الصـمـديـة و الأبـديـة !.

    وجه الشـبه بين الإستشهاد و الإنتحـار شـكلّي فـقـط لا يـتـجـاوز حـدّ أن كـلا الفـعـلـين يصـدران عـن قـرار فـردي يُـخـتـتم بـمـوت الفاعـل ، لكن الـهًـّوة بينهـما جـد سـحـيـقـة : الإنـتحار هـدفـه " خـلاص الفـرد الفاعـل" أمـا الإستشهاد فـغايته "خـلاص الجـماعـة" .إن الشعـوب و الأقـوام تسير دومـاً عـلى طريق رصفـته وعـبدّ تـه جـثـث الشـهـداء لا المنتحـرين! الشهيد هـو دومـاً شهيد فـكرةٍ مـا، هـدفٍ مـا ، حـلم مـا يـقـدّره ويـجـلّه المجـتـمع الـمـعـين أو قـطاع مـنه عـلى الأقـل، لأن في فعـل الإستشهاد
    تتحـد و تـنصهر أكثر الخصال نبالةً و مـقـدرةً عـلى حـيازة أعـلى درجـات التـقـدير في الـسُـلّـم الـقـيـمـي للمجتمع : البسالة ، الإخـلاص في سبيل المـبدأ و الهدف، نـكران الذات و التضحـية من أجـل الآخـرين. الشـهـيد هـو دائـماً شـهـيد" الفـكرة" لكن إستشـهاده يـصـيّـره الفـكـرة نـفـسـها.

    الإستشهاد هـو أقـصى درجـات الذهـد و أنـصـع تـجـليات فـلسـفـتـه عـن نعـيم الدنيا الفـانـية وعـرضـهـا الزائـل.

    للإستشهاد جـذور تاريخـية يُـفـضـي تـتـبعـهـا بـخـطـى الباحـث في التاريخ القـديم الى ممارسـات تقـديم القـرابين والأضاحي البشـرية من أجـل الآلـهـة : الظاهـرة التي عـرفـتها كـثير من الأديان في المجـتمعات القـديمة.


    الإستشهاد في شـمال السـودان :
    للإستشهاد في شمال السودان جـذور عـميقـة تـمـتـد ـ في حـدود معرفـتنا المتواضعة بالتاريخ القـديم ـ الى طقـوس ما كان ُيعـرف عـند النوبـيـيـن بفـدية"عـروس النـيل " ، بالتالي فإن " الإستشهاد" ليس ظاهـرة إبـتدعـتها الثقافة العربية الإسـلامـية الوافـدة و لا حـكـراً للمـنـتمـين لهـا.

    مـن الأهـمية بمكان الإشـارة ـ في هـذا السـياق ـ إلى حـقـيقـتين أسـاسـيـتــين هـمـا:
    (1) بدخول الإسلام في السودان إكـتسـب فعـل الإستشهاد مضـمـونـاً آخـروياً قـوامـه فـكرة الصـعـود الى جـنة الخـلد ، و هـذا ـ برأيـنا المتواضع ـ تـحـّول نـوعـي جـدير بالملاحظة و التسجـيل، إذ أن "مـركـز الثـقـل " تـحـّول من فـكـرة الفـداء القائم على
    التضحية بالذات و ذوبانها الكامل في جـسـد الجماعـة التي ينتمي إليها القـربانالبـشـري بهدف المحافـظة عـلى إستمرارية بقاء المجموعة هـنا على الأرض وذلك بإرضاء الإله و شـراء عـطفه وإتـقـاء ثـورة غـضبه المدمّـر، الى فكـرة الإستشهاد الذي
    يتسـامى بالفـرد فـوق الجـماعـة. بتعـبـير آخـر : ممارسات الأضاحي البشرية كانت تتجـه بالقـربان البشري الى " أسـفـل"، الى الأرض ، عاملة عـلى تجذيره في تربـة "الجـماعـة" ، أما الإستشهاد في مفـهـومه الإسـلامي فـفـيه" تحـرير" للفـرد من قـيود الدنيا و " إنطلاقة" بـالشهيد الى" أعـلى " حـيث يصير بإمكانه الإنتسـاب الى عـالم آخـروي ، ميتافـيزيقي ، سـماوي .
    (2) عـنصر" المـكـسـب الشـخـصي" الذي يـحـصـل عـليه الشـهيد بإجـتراحه فـعـل الإستشهاد أكثر وضوحـاً في المفهـوم الإسلامي للإستشهاد مـنه في طقـوس تـقـديم القـرابـيـن البشـرية.
    (3) وسـم(القـرابين البشرية = الشـهـداء) بـمـيـسـم الذكـورة بعـد أن كان حـكـراً على النـساء، و هـذا باب في التأمـل و البحـث واسـع و كـبـير.

    (3) الشـهـداء في شمال السودان :

    الشـهداء في شمال السودان كائنات فـوق البشر بالتالي فوق الحـساب ، فـوق النقـد ، فـوق المساءلة، ويُـنـظَـر الى أية محاولة للتـنقـيب النـقـدي في تواريخـم بعـين الريبة و كأنه معادل لنـبـش قـبورهـم و تـدنـيـس لطهارتهم و إنتهاك لحـرمة الموت المقـدس فالمبدأ السـائد هـو : أذكـروا مـحـاسـن مـوتـاكـم ! وهـذا ليس بالأمـر الغـريب في ثقافة تـقـدّس الموت أكـثر من الحـياة، الأسـلاف أكـثر من الأحـفاد ، المـاضي أكـثر من المسـتقـبل! السودانيون في الجـزء الشمالي من البلاد تطربهم سِـيـّر الشـهداء أكثر من أحاديث الهـوى و جـمال الحـياة و نعـمها! السوداني الشمالي هـو :"مـشـروع شـهـيد مـؤجـّل " لم تـحـن سـاعـة إسـتـشـهاده بـعـد!

    (4) الإسـتشـهاد في الحـقـل السياسي :

    الإستشهاد مفـهـوم مـركزيّ بالنسبة للعـقـل السياسي لشمال السودان . إنـه " الفـصل " السـّري اللامكـتوب من برامج الأحـزاب السياسية و مكـوّن أساسيّ من مكونات صورة كل حـزب عـن نفـسه و آليات عـملـه في مجال الدعـاية و التـبـشـير و الإسـتـقـطاب. مـن العـسـير العـثـور عـلى حـزب سـياسي ـ راسخ ـ لا يمـتـلك فـعلياً أو يـدّعـي إمـتلاكـه لرصـيد من الشـهـداء في" بـنـك السياسـة "، وكـأن ممارسـة السياسة مـرادفـة للمـوت، لكن الأمـر ليس كـما يتـبـدّى للوهـلة الأولى، فالرسـالة " الخـفـيّة" تـقـول ما يلي : أنا حـزب الشـهـداء ، إذن أنا موجـود ! و بقـدرما تطول قائمة الشهداء بقـدر ما يُـمـنـّي الحزب المعـيّن نـفـسـه بإكـتـسـاب عـمـر مـديـد .

    الشهداء هـم " العـقـار الثـابت " في عالم الخـلود (الغير قابل للحـجـزأو المـصادرة). إنـهـم " جـبـل أرارت" الذي يـعـتـصم بأمـان عـلـيائـه كل حـزب حـين تـعـصـف بسـفـيـنـته أنـواء السياسـة و أعـاصـيرهـا.

    إن في تـرسـيـخ " مكانة " الحـزب (أيّ حزب) في " عـالم الـغـيـب" حـيـث يقـطن الشهداء هـو في الأساس ترسـيخ لوجوده "الأرضي" و شـرعـنـة لبـقـائه ـ هـنا و الآن ـ في عـالم الأحـياء.

    إن الشـهـداء هـم عـضوية الأحزاب الأكثر إخلاصاً و وفاءاً، ليس لأنـهم إستشهدوا في سبيل أهـداف أحـزابهم فحـسب بل ولأن ولاءهم أبـديّ لا يتحـوّل و لا يـتـبـّدل. أكثر من هـذا : إنـهـم العـضوية الأكثر فاعـلية و نشاطاً حـتى في ظـل أكثر الأنظمة قـمـعـاً و إرهـاباً و
    بطشاً لأنهـم لا يتـعـرّضون ـ مـثل الأحـياء ـ لقـيـود المراقـبة والمـطاردة والإعـتـقـال و الإغـتـيال.

    ِقـبـيـل الشهداء هـو أكثر ما تـتـفاخـر به الأحـزاب و تـتـباهـى لأن التـقـديـر الإجـتماعـي للشهداء السياسيين ما يزال عالياً وما برحـت أسماؤهـم و الأساطير التي تـســرَد عـنهـم تـملأ عـلى الناس أفـئـدتـهم وعـقـولهم و تـشـرح صـدورهـم( هـل من قـبيل الصدفة ـ ياتـرى نشـؤ ظاهـرة تـنافـس الأحـزاب و تـزاحـمـها عـلى " ملكـية" الشــهـداء و خاصةً أولئك الذين يسـقـطـون في أزمـنـة التـحـولات السياسـية الكـبرى في إتجاه إسـتعادة الديمقـراطـية؟.

    إن الأحزاب لاتتنافـس على إحـتكار الفـضاء السياسـي فحـسب بل و تتنازع نـزاعـاًلا هـوادة فـيه ولا يقـل عـن الأول ضراوة وبأسأً وهـي تسعى وتـجاهـد لوضع يدهـا على" مفهـوم الإستشهاد" أولاً ، ثم فـرض سـيطرتها عـلى " فـضاء الخـلودالإجـتماعي " الـذي تـعـمـّر أرجـاءه ــ مع آخـرين ــ عـشـيرة الشـهـداء السـياسـيـيـن.

    ====
    عـثمان محمد صالح

    فـنراي ـ هـولندا

    28 أبريل2004

    من بوست:
    الإسـتشهاد و الشـهداء في شـمـال السـودان
                  

12-05-2004, 07:55 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    تعـلـيق عـلى" مقال" للدكـتـور عـبد الله عـلي إبراهـيم

    الدكتور عـبد الله عـلي إبـراهـيـم

    تحـية طيبة وإحـتراماً وبعـد،

    إطـلعـتُ بإهـتـمام وتـركـيز عـلى مضـمـون مـقـالك الحـامـل لـعـنـوان : السيد علي الميرغني: يا لحاق بعيد

    أسـمح لي ـ أدناه ـ ـ بتعـلـيـق مـقـتضـب عـلـي بعـض ماورد في طيّـات المقـال مُـبـتـدِراً ذلك بمـا يـشـبه التـقـديـم :

    .* لـسـتُ من دعـاة" أفـرقـة" ( africanization) السـودانيين الذين يعـتـقـدون في إ نحـدارهـم من أصول عـربية ولا في إخـراجـهـم من مّلة المـسـلمـين : هـذا أراه" معادلاً" مـسـتقـبلـياً ـ إن كُـتبَ له التـحـقـق ـ لسـياسات الماضي و الحاضر القائمة على فـرض الأسلمة والإسـتعـراب بقـوة سـلاح السلطة ، وهـي سياسات مـعـلوم أنـهـا أدخـلـت البلاد في نـفـق ضـيـق إذ سـعّـرت نـزاع الهـويات المتصارعـة و عـسكـرتـه ، لكـنني أعـتقـد بأن وصـفـك للباحـثـيـن عـن الهـوية الأفـريقـية بالخـلعاء ـ عـلى ما فـيه من ظلال سـلبية ـ فـيه إمـحـاء للفـوارق الأثـنـية بـيـن الداعـيـن لرد الإعـتـبار للمكـّون الأفـريـقي( المُهـمـَل أو المنسيّ أو المقـصيّ أو الـمـُسـتـبـعَـد أوالمقـمـوع أو الـُمـحـَارب) في هـوية البلاد. فـيه أيـضـاً نـزوع لإنـهـاء الجـدل الدائـرو حـسـمـه" بسـلاح المذمّة : "الخـلع"، وكأن موضـوع الهـوية الإسـلاعـربية أمـر مـبـتوت لاخـلاف حـوله ولانزاع . قـد يـبدو الأمـر كذلك بالنسـبة لطائـفة من أهـل ا لسـودان وقـبائـله ، لكـن المجـمـوعات الأثـنـية الأخـرى تمـتـلك( الحـق الطبيعي) في الإحـتـفاظ بهـويـتها الأفـريقـية( لا يضير هـذه الهـوية ولايعـيـبـها ولايـنـتـقـص من قـدرهـا ولايـسـحـب من تحـت أقـدامها بساط" لـتـفـرّد" و" الشـعـور بالذاتـية" أثـر الثقافة العربيةـ الإسـلامـية عـليهـا) و الدعـوة والعـمـل عـلى إنشاء سـودان يتساوى فـيه الناس في المـواطنة بغـض النظر عـن الإنـتـماءات فـطرية كانت أو مكـتسـبة ولا( تـتطابق) فـيه هـوية الدولة ولاتوجّه سياساتها وعلائقـها مع العالم الخارجي مع هـوية إحـدى المجموعات التي تسكـن القـطرعـربية الأصول كـانـت ( حـقـيقـيةً كانت هـذه الأصول أو مـتوهـّمة ) ،أ و أفـريقـية صافـية أو هـجـين..الخ.

    * نزعـة التأفـرق( africanism)الملحـوظة في أوساط الشباب المنحـدرين من أصـول عـربية ـ إسلامـية هي ــ في أحـد جـوانـبها ــ" ظاهـرة جـيـلـية"،" صـرعـة فـكـريـة" شكـل معاصر للتمـرد( يـمـتـد من مـودة " الطـاقـية النيـجـيرية" و ينتهـي بالإنضمام للحركة الشـعـبية لتحـرير السودان) بـيـن جـيـل الشـباب، يعادل اشكال الـتمـرد التي إلـتحـفـت بها الأجـيال السابـقـة في سـعـيهـا للخـروج من أغـلال" المحافـظة(conservatism) و مـظلة الإنتماءات الطائفـية عـن طريق الإنـتـماء للحـزب الشـيوعي السوداني أو تنظيم الأخوان المسلمين( عـلى سبيل المثال الصارخ الوضوح لا الحـصـر)..

    مـع فـائـق التـقـدير و الإحـترام

    عـثمان محمد صالح
    فـنـراي ـ هـولنـدا
    2 أبـريـل 2004

    من بوست:
    تعـلـيق عـلى" مقال" للدكـتـور عـبد الله عـلي إبراهـيم
                  

12-05-2004, 08:01 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    رد على كلمة الدكتور عبد الله علي إبراهيم :
    الخلعاء وإعادة إكتساف افريقيا


    الدكتور عبد الله علي إبراهيم
    بعد التحية والإحترام،

    أنا شاكر لكم إهـتمامكم المقـدّر بأمر رسالتي المنشورة بتاريخ2مايو،2004 وإفـرادكم الوقـت، وهـو شحيح، للرد عليها رداً إتصف بالدقة والشمول والصرامة العلمية والأريحـية في بث المعرفة المُـيسّرة في ثنايا النقـد الأمرالذي يستحـيل معه التجاوز والعبور دون تثمينٍ عالٍ من جانبي. لن أدع السانحة الكريمة تعبر هكذا دون أن أكشف لكم عن عميق تقديري لما تبذلونه من جهود بحثية ترمي لتوطين شجـرة العلوم الإجتماعـية في بيئتنا المحلية القاحلة .

    .أدناه تعليقي على ردكم المؤرخ07 مايو2004( المصدر :sudanile)، قاصراً في ذلك الإهـتمام كله و صاباً عـصارة الجهد الذهـني المتواضع على مصطلح الخلعاء الذي وقع إختياركم عـليه وإستصوبتم إستخدامه في وصف ظاهـرة إجتماعـية بعينها. جاء ضافـياً ـ يجب الإعـتراف ـ الشرح الذي تقـدمتم به توضيحاً للأسباب والدوافع العلمية التي حدت
    بكم لتصويب" مؤشر الإختيار" النهائي تجاه مصطلح الخلعاء تصويباً سماته الرضى و لإستحسان . وبما أن المقام مقدس،لأنه مقام عـلم، أستميحـكم عذراً أنا المتنكّـب حديثاً دروب المعرفة العصيّة المنال، مستصحباً ما تيسّـر من الذاد والعـتاد، راضياً بحمل صليب المعرفة الذي يهّد" الحيل" على كـتفيّ ، تقـرير التالي:

    * ما زلت متمسكاً بوصفي لنزعة التأفـرق بأنها ظاهـرة جيلية جوهـرها" تمرد" وهـو جوهرلا يطمسه إفـتقاده للتقعيد النظري المتماسك البنيان، ولا يلغـيه" يراع المقارنة بينه و تجارب الأجيال السابقة" ولا إفـتقاره للصيغ التنظيمية وأشكال العـمـل السياسي التي إبتدعها متمردو الماضي : في رفـض صيغ الماضي و الحـض على الخـروج عليها تأكـيد لأصالة التمرد الحالي لانسفاً لجوهـره.!

    * يستقي التمرد إكسير الحياة من ( ليس بوسع الجردة التالية إدعاء الإحاطة والشمول): معين الرفض لما هوقائم، " ميث " السودان الجديد الآخذ في الإنتشار و المستبطن دعـوة إحالة كل ما هو قائم و موروث لمستودع المهملات و"تخريده"، الشعور" بالتيتم الجـِيلي" والإحساس بالإهمال والترك المتعمّد في الصقـيعة، وتردّي أحوال الدولة السودانية و,إنسـداد الأفـق، وغـباين الهجـرة واللجوء السياسي، والرضات العنيفة التي تتعرض لها" ثوابت" المنشأ و" يقـينيات" الجُـراب الثقافي المحمول في المهاجر، من جراء محن الإحتكاك بثقافات جديدة وفي الحوزة قـليل من الذاد المعرفي تدثره دون أن تستر عـورته وبؤسه أسمال الشوفـينية المهلهلة، كل ذلك ترافـقه وتغذيه عـدمية مفـرطة تجاه الدولة السودانية المنظور إليها شذراً وبإرتياب،إن لم يكن في عـدوانية صريحة بحسـبانها "دولة الأسلاف"!! العلوم الإجتماعـية، في بلادنا، مواجهة بمهمة شاقة و عسيرة هي :"مفهمة" الموجة الحالية للتمرد والجفاء الكامل بين الأجيال ، حيث يغيب الحوار ويسود بدلاً عـنه" تبادل نيران الإتهامات الثقـيلة " والذم المقـذع والهجاء القاسي بين" الآباء" و"الأنسال"! "

    * "محلية" المصطلح و"دسامة" الخبرة التاريخية التي تنز من ماعـون" المفـردة الواصفة" بما يغري الباحث في حقـل الظواهـر الإجتماعـية بالإنـتـقـاء ، هي، في إعـتقادي لمتواضع ، مسوغّات غير كافـية لتزكية إختياركم لمصطلح الخلعاء وتفـضيله على بدائل إصطلاحية ربما تكون أكثر منه مقـدرة على التوصيف والتفـسير. تبدو لي " مظلة" مصطلح الخلعاء من الضيق المستحكم بمكان يحيث تعجز عـن الإحـاطة بكافة أبعاد ظاهرة واسعة الإنتشار في ثنيّات" الشمال" هي التأفـرق( تبدّياتها متنوعـة تمتد من الثقافة ـ راميةً بظلالها على منتجات الفكر ـ واصلةً الى تحديد" الخيار السياسي")، فالمصطلح الأخير(التأفرق)،على ما يبدو من" أجنبيته" التي لاتخفىعلى كل ذي نظر ،أقـل حياديةقـيمياً، أعـني أنه لايرزح تحت أعـباء الحمولة القـيميّة التي تنيخ على كاهـل مصطلح الخلعاء، الذي ينطوي على تضمينات تحـيل الى معاني" الخـروج" ــ وهي سلبية ــ على هـوية القـبيلة وهي ـ كما تعلمون ـ واحدية الطابع ، صمّاء، لا تقـبل المراجعة ولا الفحص النقـدي، هذه الحمولة هي علّة من العلل التي تعاني منها العلوم الإجتماعـية و التي بسببها تقـف هذه العلوم ، في كثير من الأحيان،عاجزةً عـن حماية "مائدتها المعرفـية" من جشع" المتطفـلين" المنشغلـين بالعمل السياسي المباشر، والساعـين سعياً مغرضاً لتوظيف منتجات المعرفة " في المعترك السياسي، الشيء الذي يستحسن تلافـيه منذ البداية وذلك بإنتقاء أو صك مصطلح بديل يصف ويفـسـر دون أن يستقـصد محاكمة الظاهـرة ـ موضوع البحث ـ قـيميّـاً( من المستحيل إغلاق" النـفـّاج" الموارب، الواصل " حوش" العلم" بحوش" السياسة ، ولكن من الممكن مراقـبته وتشديد الحراسة عليه وهـذه مهمة المهام !).

    * تقاسم المتأفـرقـين لصفة"شباب الجلابة" لايجعل منهم كتلةً صمّاء ، "شماليتهم"لا تلغي فـوارق المنحدر" القائمة بينهم فعلياً . سبب آخر يرفـد دواعي إعـتراضي على مصطلح" الخلعاء".

    * ليس من مهام السوسيولوجيا، التي أحاول بقدر المستطاع التقـيد بصرامة منهجيتها، إملاء وتحديد الخيارات التي يتوّجـب على أفراد المجتمع المخصوص إتباعـها في العيش و التفكير ، ولهذ السبب تخرخ من دائرة إهتمامي الأسئلة المتعلقة بما إذا كان التأفرق يؤدي بخطى سالكي هذا الدرب، فعلياً، الى هوية افـريقية أم أنه يعود بهم، مجدداً، إلى ما تعـتقـده "هـويةً مطعونةً في العروبة والإسلام كالعجوة و العسـل"، وما إذا كان " الإلتجاء" للحركة الشعبية لتحرير السودان هـو الخيار الأسلم أم لا!



    مع فائق تقديري وإحترامي
    عثمان محمد صالح
    08 مايو2004

    من بوست:
    تعـلـيق عـلى" مقال" للدكـتـور عـبد الله عـلي إبراهـيم
                  

12-05-2004, 08:08 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الدخـول الى مـخـدع الحـُـلـم المـهـجـور !


    كـنـت حـزيـناً و يـائـسـاً ومـنـقــبـض الـروح كـأنـني أطـالع غـروب حـيـاتـي مُـسـطـّراً في طـيـّات كـتـابٍ مـهـلـهـلٍ قـديـم، عـنـدما أبـصرتها عـيـناي لأول مـرّةٍ في خـواتـيـم عام1981. ذات الشـعـور المـوحـش عـاودني مُـجـدّداً( ولكن في الإ تـجاه المضاد) وأنا أغـادرهـا نهائـيـاً ــ بـرفـقـة أهـلي ــ في مـسـتـهـل عام 1985!

    لم أكـن الوحـيـد الذي تـمـلـّـكـتـه تـلك المـشـاعـر: والـدتي ( سـعـيـدة أحـمد طه) ــ أطال الله في عـمـرهـا ــ كانـت الأ كـثـر حـزناً بـيـن الجـمـيع، طريـدتي ( نـدى) لم تـتـوقـف دمـوعـها السـخـيـنة عـن الإ نـهـمار مـذ غـادر بـنا" قـطار البـضـاعة" رصـيـف محـطة كـسـلا، تـاركـيـن خـلف ظـهـورنـا ــ" عَـكـرة " القـاش الغـضـوب وصـخـور" الـتـاكـا" و" تـوتـيـل"الـرابـضـيـن في غـمـوضـهـمـا الـمـهـيـب، يـحـمـيـان المديـنة ، من الـمـجـهـول ، بلا أجـر و يـحـرسـان سـكانها و أنعـامها مـنذ قـرون، وأنـسـام السـواقي وأريـج مـزارع المـوز والمانجـو والبرتـقال والجـوافـة والـتـمـر هـندي تـــكـفــّـنـهاالـكـتــّاحـة ، التي هـيّـجـتـهـا حـركـة
    الـقـطـار ، إلى الأبـد،

    أما والدي ـ تـغـمـدّت روحـه رحـمة السـماء ـ فـعـلى الرغـم من سـعـادتـه الداخـلية بإمـتـيازات" الـنـقـلـّية " التي كانـت تعـني بالنـسـبة له سـانـحـةالإمـسـاك بـمـفـتاح الــتـرقي المـهـني مـن وظـيـفــة " ناظِـر محـطة" الي" كـُمـسـاري تـزاكـر" بـمصـلـحـة سـكـك حـديد السـودان، إلاّ أنـه كان حـائـراً وضـائعـاً كـل الضـياع بـيـن دمـوع الـنـسـوة الـنـائحـات وصـمـتيّ المكابـر: كان مُـمـزقـاً بـيـن آفـاق الوظيـفـة الجـديدة وتعـاسـة أسـرته الصغـيرة، وياله من تمـزق!. كـنت ألـمح صـرخـة الإسـتـنجـاد وطـلـب الغـوث في تـشـتـت نـظراته و شـروده الدائـم وهـويحـاول إقـناعـنا ـ دون جـدوى ـ بأهـمـيّة" الـنـقــلـّيـة" وفـوائـدهـا التي سـوف تعـّم الجـمـيع .

    كـنـت أتـفـهـّم مـحـنـته العـصـيـبـة دون أدنى قـدر مـن التعـاطـف الإ نسـاني ـ لـسـت واثـقـاً الآن، بعـد كل هـذه الـسـنـيـن التي تـصـرّمـت ، مـما إذا كان الإله الرحـيـم قـد لان قـلـبـه وتحـنّـن فـغـفـر لي ذلك البـخـل في إبـداء المشـاعـرالـدفـيـئـة، ذلـك الكـبـت المعـذب للنـخـوة في داخـلي ، ذلـك الـتـقـتـيـرالفـاحـش في إظـهـار الرحـمـة ، ذلك التـجـاهـل الـقـاتـل ، ذلك الصـدود العـنـيـد و تـلك القـسـوة الصامـتـة التي قـابـلـت بـهـا نـداء الـنجـدةالخـرسـاء في عـيـنـيه الكابـيـتـيـن ــ لـكـّن دمـوع والـدتي وشـقـيـقــتي التي لم تـكـف
    لـحـظـةً عـن الهـطـول ، مـصحـوبـةً بـنحـيـب الجارات وأسـف الـمـعـارف و حـسـرة الأصـدقـاء و مـناجـاة الـدار الأ لـيـفـة وهـي تـسـتـحـيـل ، فـجـأة، إلى ركـام مـن الـزكـريـات ، لم تـدع لي ــ آنـذاك ـ فـرصةً واحـدةً للـتـردد في الإخـتـيار!

    " قـطـار الـشـحـن" الذي أقـلّـنا مع أثـاث البـيـت المـتـواضع الذي " ـ ضـايـرناه" مُـضايـرةً في إحـدى" العـربات" الحـديـدية الضـيـقـة التي حـوّ لـناهـا ــ بـقـدرة قـادر ــ إلى مـسكـن مؤقـت يَـسََـع الأسـّرة المـفـروشـة ، ضـاعـف هـو الآخـر من طـغـيـان مـشـاعـر الحـزن التي خـيـّمـت طـوال رحـلة رتـيـبـة غـبـراء إسـتـمـرت أربـعـة أيـام ، إنصـرم الأ وّلان منـهـا ونـحـن نجـتـازــ مـسـتـوحـدين وصامـتـيـن كأنـنا جـلـوس في بـيـت عـزاء مـتـحـرك ــ محـطـات ( الشـرق) الخـلـوّية الكـئـيـبة ، التي تـتـســيّـد صـقـيـعــتـهـا القـاحـلة الكـثـبـان الرمـلـية وأشـجارالـد وم و السـد ر واللا لـوب اليابـسـة، حـتى وصـلـنا إلى محـطة "هَـيا" التي لـبـثـنـا فـيها قـرابة يـوم كـامـل ريـثـما يـصـلهـا " قـطـار البـضـاعة" القـادم مـن بورتـسـودان
    فـيأخـذنا الى عـطبرة .

    كان الوقـت صائـفـاً و الظهـيـرة لاهــبـةً والأرض محـمـومـةً كـعـادتـهـا و كان عـمـري 13 عاماًعـندما عـبـر بـنا قـطار الشـحـن مـتباطـئاً" السـَهـَـلـة" الفـاصـلة بـيـن " الإمـتـداد الشـرقي" و"حي المـطار"، ثم توقـف القـطـار في محـطة عـطـبرة ،فـهـبـطـنـا مـنه نـجـرجّـر الخـطى في إتـجـاه الـمُـســتـقـر الـجـديـد ، في خـوفٍ وتـثـاقــل ،كـمـن يـُسـاق ، بالقـوة ، الى سـاحة الإعـدام !


    ----
    عـثمان محمد صالح
    فـنراي ـ هـولـندا
    30 أبريل2004

    من بوست:
    الدخـول الى مـخـدع الحـُـلـم المـهـجـور !
                  

12-05-2004, 08:14 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الـقـديـس الـمُـهـمّـل


    ضـيقة كل الضيق مساحة" الأرض البـور" المـتروكة لمِعـولي، شحـيحة هي الكلمات التي بوسـعـها إضـافـة ما أحـسـبه مُـهـمّـاً لجـسـد ذلك " الـنـص" الشامـل، المكـتـفي بذاتـه والذي أنـتجـه الصـديق عـادل محمد عـبد العاطي عـن تلك الشـخـصـية الأسـطـورية الـمُـسـمـّاة عـبد الله الـقِـطّـي *

    (1)
    لا أسـتـشـعـر الثـبات يـسـري الي أصـابـعي و الأرض تـحـت أقـدامي ما تـزال مُـوحِـلةً و لـزجـة. لـكن لا مـفــّر من التـقـدم رغـم كل شـيء!!

    (2)
    تشـتـرط الكـتابة عـن ذلك الـقـديـس المَـنـسيّ ـ ضـمـن ما تشـترط ـ إيـقـاظ " الـنائم" من الذكـريات لسـنـيـن طـويـلة، تشـترط أيضاً ـ وهـذا هـوالأهّـم ـ إسـتـنـفـار مـفـردات" القـِسـم الإيجابي الخـيّـر" من معـجـميّ الخاص . لكن الأمـر يظل مُعـسـّراً وشاقـاً . إنـه ـ يجـب عـليّ الإعـتراف دون ملاواة ــ أكـثـرصـعـوبةً مـن مـساعـي الإحـتـفـاظ بـهُـويّـة الطوباوي في عـالـم إخـتـرقـته كالـنصـل الحـاد وتـحـكّـمـت بـلـجـامـه الـنـزعـة الزرائـعـية، وأشـد مـشـقـةً من مجـاهـدات التشـبّـث بالهامشـية
    و الهُـوّية الأصـلـية ضـد قـوى الإمـتصاص الـثقـافي و الإنـدماج السـياسي و أثـقـل وطـاةً مـن تـحـمّل تبعات الجـهـر ب"الحـق"، في حـضـرة الذين يؤثـرون الإسـتغـراق في أحلام اليقـظة النهارية ، تحـت دِ ثـار الأسـاطير، في ظـل سـقـيـفـةٍ مُـشـيـّدةٍ مـن بـُوص" الأحـاجـي الطـويلة" و قــنا "الأوهـام"!!!

    (4)
    هـو" بَـهـو"غـارق في بـهـرج الأضـواء، يفـضي بالسـالكـيـن(حَـفـايا) إلى عالـم متـرع بالإنسانية و" كـون"عـامـر بالأفـكـار،عـرفّـني عـليه ـ مـغـتبطـاً، فـخـوراً ومُـزدهـيـّاً بالإكـتـشاف ـ شـقـيـق روحيّ، الغـائب في سـرمـد المـجهـول، عـبد العـظيم محي الدين، أمـام مـنـزله الـمـشـيّـد مـن الجـالوص و الكائـن في حـيّ " الحَـصـايه"، ذات يوم سـودانيّ ، عـاديّ ، لـفـحـته أبـخـرة " الـسَـمـُوم" الـصـحـراويـة ، عـام 1984.
    ذلك اليـوم كـان ومـا يـزال أسـاسـياً وحـاسـمـاً في مـسـار حـيـاتـي!

    (5)
    على الرغـم من "عاديّة" الطلعة، تـسـرق عـيـنيك حـين تـلـتـقـيه سـمـات أربـع : الجـسـم المـربوع، الـقـامـة القـصيرة والـرأس الأصـلع والوجـه المـدوّر الغـامـق السُـمـرة تـتـناثـرعـلى صـفـحـته الـبـثـور( يُـحـيـل مظهـره الخارجي بالذاكرة إلي الصورة النمـطية لأبـناء عـمومـتـنـاالأحـبـاش).

    يـلـفـت إنـتـباهـك أسـلـوبـه المـتـمـيـّـز في التحـية والمخـاطبة : يامـواطـن!، وكـأنـمـا يـتعـمّـد بـذلك تـذ كـيرالأخـريـن دوماً ( بـمـواطنـيـتـهـم) المـغـيّـبـة في بـلـدٍ الـناس فـيه" رعـايـا " ومـحـابـيس !، تـأسـرك طـلاوة اللسـان الـفـصـيح و البـديـهـة الحـاضـرة و القـدرة الفـذة عـلى مـد حـبال المـّودة والـوصـال ، و تـيـسـيـر الأفـكار الكـبيرة و جعـلهـا مِـطـواعـة للأفـهـام و في مـتـناول أيـادي الجـمـيع، أمـا بـراعـته النادرة في مـخـالـطـة مخـتـلـف الـفـئات العـمـرية، في بـسـاطـةٍ و يـُسـر، فـأمـر يدعـوك حــقـاً للإنـدهـاش ! سـعـيد الحـظ أنـت ومـيـمـون الطالـع إن قُـدّر لك العـثـور عـلى المـدخـل الذي يـوصـل إلى مـقـتـنـيات مكـتـبـته ا لخـفـيّة : ذلـكـم هـو" الإكـتـشاف المـعـرفي " بـشـحـمـه و لـحـمـه !

    (6)
    كان عـبد الله القِـطّي الـقـائد الروحي بـلا مـنـازع، الشخصية الفـكريـة الأكثر حـضـوراً و تـأثـيراً ضمن أفـراد العُـصـبة الصـغـيرة المتـحـلـّـقـة حـولـه والتي أسـمـيـهـا( العـقـد الـفـريـد): عـبد العظيم محي الدين، عادل محمد عـبد العاطي ، محمد عـبد الخالق، محمد عـبد الله(1) ، مـعـتـز بـيّومـي، قـرشـي، محمد عـبد الله(2) ، بكـري جـبريـل ، محمد ميرغـني المـزمـل .

    (7)
    كـان ماركسـياً و لـكن بـجُـلـبابٍ سـوداني. مـا زلـت أتذكـر" ردّة فـعـله" شـبه الغـضـوبة، تجاه " أسـئـلـتي" الروتـينية، الوحـيدة الجـانب،عـن كـلاسـيكـيات المـاركسية، في تلك الـسـن المـبكـرة : ثـقـافـات بـلـدك وتـاريخـه أولاً، بعـد ذلك تأتي الماركـسـية!! هـذا ما قـاله لي متضـجـّراً قـبل ما يقـارب العـشـرين عـامـاً.

    ( 8 )
    يحـتـل ذلك القـد يس المُـهـمّـل مـنـزلةً سـامـيةً بـيـن كوكـبة الـبـشـر الـذين أضـاءوا بـقـنـاديـل إنـسـانـيـتهم الـباهـرة الـعـتـمـة الحـالـكـة في نـفـق حـياتـي، و نجـحـوا ـ بإقـتدار لا يُـبـَز ـ في إعادة صياغة أسـلوب عـيشـي ورؤيـتي للعالم والمـنـظومة القـيـمـيّة التي أسـترشـد بهـديها في تصمـيم علاقـتي بكائـنـات الوجـود وأشـيائه. لقـد د لّـنـي هـو والآخـرون الى" بـداية الطريق"!.

    (9)
    يا فاطرالسـماوات والأرض ، يـا ذا الـجلال و الإكـرام : أشـمـله بعـطفـك ورعايـتـك، و أحم أهـله وأسـرته و أصدقاءه كما حـمانا و رعانا عـندما كـنا ضعافـاً ويافـعـيـن، وبـارك لـه في الزريـة و الـخـلـف لأنـه قـديسـنا الأخـير.

    (10)
    مـا أتـعـس الإنـسـان عـنـدمـا لا يـمـلك في يـده شـيئـاً سـوى التـضـرّع للـسـمـاء!!!!!!!!!!!!!


    ----

    * النص المعـنيّ هـو : عـبد الله القِـطّي أو حـسـن الـبصري العـطبراوي

    ----

    عـثمان محمد صالح

    فـنـراي ـ هـولـندا

    3 أبريل 2004


    من بوست:
    الدخـول الى مـخـدع الحـُـلـم المـهـجـور !
                  

12-05-2004, 08:18 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    إسـتـفـاقـة

    يـرا قـبُ ــ في هـدوء ٍ ــ
    مهـرجانَ العالم ِ المجـنـون ِ
    عـبر سـتارة ِ المـوتى
    و كان المـأتـم الأبـدّي
    مـنصـوباً و مخمـوراً كـعـادتـه
    وكـان الـقـاريءُ المـلـتـاعُ
    يـنـثـرُ سـورة الرحـمـن ِ
    ـ كالـتمـر ِ النضد يد ِ ـ عـلى
    رؤوس ِ الناس ِ، في الذكرى
    التى تهـمي مع الأشـباح ِ
    والمطر ِ الغـزير ِ، وينكفيء
    ليضـيّـقَ العـينين ـ خاويتين ،
    زاهـلـتـيـن ـ كي يـنـسى،
    يلاحـقُ صوت بوب
    مارلي الذي يأتي من
    المـزياع في المـقـهـى الذي
    يـأوي رفـاق الأمـس،
    ينـشـجُ كالـيـتامى
    عـند أغـنـيةٍ تـودّع
    باحـة الخـلجـان في
    الوطن ِ القـد يـم ِ)
    ويسـتعـدُ لـنشـوةِ الـمـاء ِ
    الهـتـون ِ تهـدّ لـت حـباته
    من فـروة ِ الـرأس ِ ،
    الجـبيـن ِ ، المـنكـبـيـن ،
    الساعـدين....إلى ا لتراب ِ ،
    تـطّهـرُ الـرئة الوحـيـدة من
    كلامِ ِ الخـمـر ِ و الـتـرهـات ِ
    لكـّن الإفـاقـة مـسـتـحـيـله !!

    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ

    عثمان محمد صالح

    ( بلا تاريخ)



    من بوست:
    إسـتـفـاقـة
                  

12-05-2004, 08:24 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    قـصة قـصيرة

    مـاجـد لـينا : سـاقـية الـبار الجـبـلي


    يـتـذ كـرُ الآن، جـيّداً، ويـسـتدعـي تـفـاصـيـل ما وقع قـبـل سـنوات ٍ بعـيـدة :في تـلك الأمـسـية الـقـارسـة الـبـرودة ( عـلى غـير العـادة)، في أواخـر شهـر فـبرايـر ، كان صـوت المطر المـتسـاقـط بغـزارةٍ وعـنفٍ وهـو يـتغـلغـل في صـبر ٍ وعـنادٍ بين ذرات الـتـراب و يجـلـد ـ في قـسـوةٍ لم تـلـن طـوال اللـيـل ـ أحجـار الجـبـل، يـشكّـل الموسـيقى الخـلفـية لكـلمات" مـاجـد لـينا" ساقـية الـبار، ذات اللكـنة الريـفـية الألـيـفـة المـمـيّـزة لفـلاحي الضواحي المحـيطة بمدينة "رُوسي" الواقـعة عـلى نهـر الدانوب*، وهـي تـشـق الطريـق المـسـدود، وتـخـتـصـر المـسافـات السـحـيقة إلى قـلـبه ثـم تـفـلـقـه الى نصـفـيـن!

    حـدث كل ذلك عـندما جـلسا يثرثران، طويلاً، بصحـبة قـنـّيـنةٍ مُـتـرعـةٍ بالفـود كا، وقـد خلا البارالصـغـير مـن الروّاد، عـلى مـقـربةٍ من مـدفـأةٍ عـتـيـقـةٍ تعـمل عـلى تـدفـئة المكـان المـتواضع بالنار المـشـتعـلة في قـطع الأخـشاب ، وذلك بعـد مُـضيّ نصـف الـساعة عـلى وصـولهـما، مُـبـللي الـثـياب ، مُـرتعـدي الأجـساد مـن شـدّة الـبرد، إلى مـنـتجع " بَـور" الجـبـلي ، الرابـض مـثـل كائـن ٍ مُـوشِـكٍ عـلى الطـيـران، عـلى قـمة جـبل" فـيتوشا" بإرتـفـاع يـبـلغ ال 1650 متر فـوق سطح الـبحـر*.

    كان قـد وصـل إلى المـنتجع الهاديء، بـرفـقـة صديقـته البلغارية " تاتـيانا"، بعـد أن قـذفـهـما الباص الجـبلي ـ كما كان يُسـمّى، لأنـه يـربط مدينة" صـوفـيا" بالـقـرى المـنـتـشـرة عـلى صفـحة الجـبـل ـ مـن جـوفـه ، عـند آخـر محـطة لـه تـدعى " زلاتـنـي مـوسـتوفـي" * تبعـد عـن المـنـتجع قـرابـة الأربعة كـيلومـترات في حال إتخاذهـما السـكّـة الرئيسـية المعـبـّدة و الثلاثة كـيلومترات ــ إذا ما إسـتـقـلاّ الطرقات الحجـرية المـتعـرّجـة ــ حـسـبما أخـبرتهـما لاحـقـاً، ماجـد لـيناــ لكـنهـما ولجـهـلٍ مـطبـق ٍ بتضاريـس المكان الجـديد، لـبـثـا يـدوران بلا هـدي، تحـت د فـقـات المطر ، الأمـرالذي إقـتضى مـنهـما قـرابة الساعـة لحـيـن العـثـورعـلى المـنـتجع .

    وحـيـن عـثـرا سـويّـاً عـلى المـنـتجع ، عـثـر هـو ــ لوحـده ــ عـلى ماجـد لـيـنا، لأنّ صـديقـته رفـضـت الخـروج من الحجـرة وأخـلـد ت للنوم فـور إسـتـلقـائها عـلى الفـراش الدافيء.

    غـمـره العـثور عـليها بسعادة ٍ، غامـضةِ الأسـباب ِ،لا توصـفُ، وكأنه كان يـنـقــّب
    عـنها طيلة السـنوات التي إنصـرمـت من عـمـره دون أن يُـدرك ذلك. تـرى ما الذي دفع بماجـدلينا إلى فـلك إهـتمامه وهـو الذي كان يصـطحـب صـديـقـته لقـضاء عـطلة نهـاية الأسـبوع مـعـاً؟ ــ ظـلّ يتسائـل ، في حيرةٍ طوال السنوات التي أعـقـبت الأحـداث. أيّ ماءٍ ساكن ٍ، في بحـيرة دواخـلـه، حـركـته عـصاة فـتاة مـسـتوحـدةٍ، ذات مَلاحـةٍ عاديّةٍ، وضحكةٍ خـفـيـتةِ الصوتِ، خجـلى، فـيّـاضة بالـتأسـّي، وتخـلو تماماً من ذلك الرنـيـن الباعـث للإهـتمام، وشـفـتـيـن شاحـبـتـين تـفـتـقـران للجاذ بـية ولا تغـريان بالـُقــبـّل، و جـسـدٍ مائـل ٍ للسُـمـنة بعـض الشيء، وقـامـةٍ قـصـيرةٍ وخـصلاتِ شـعـر ٍ لا هي بالحـمـراء ولا الشـقـراء؟!. إمـرأة بهـذا الوصـف لـو رأى وجـهـها مُـطِـلاً عـلـيه من أحـد بورتريتات" حـد يقـة الـفـنانـيـن" في"سـنـتـر" صـوفـيا لمـا إسـتوقـفه ولـفـت إنـتـباهـه عـلى الإطلاق، لكـنهـا هـنـاك في ذلك المـنـتجع المسـتوحـش، وهي تجـلـس في هـدوءٍ واثـق ٍ ومُـعـدٍ داخـل الـبار المُـصـمّـم من أخـشـاب الصـنـوبـر، هـناك حـيث الأشـياء، كل الأشـياء، تـنطق بالعـراقة والقـِـد م ، مُحـيـلةً إلى ذلك الإرتـباط الحـمـيـميّ بأسـرار الطبيـعـة وكـنوزها المـد سـوسـة في بـطن الجـبـل. إنـهـا هـناك شيء آخـر يـكـتـسـب لـونه و ملـمـسـه و رائحـته و نكهـته و فـتـنة أنـوثـته الآسـرة مـن شـاعـريـةِ الطقـس المحـيـط. ربماهـو الصمـت الكـثـيـف يـطوّق أرجـاءَ المكان ِ، يـطـّوف ــ كـغـمامةٍ قـوامـها أريـج الصـند لـية وبـخـار الأنفـاس المـضـطربة و أدعـيّة الـنـظرات المـلـتـحـمـة والـند الـمحـروق ــ فـوق ظلال الرؤوس المـتـقـاربـة والكؤوس المـتـقـارعة والسـكوت البلـيغ، يدغـدغ الأعـصاب التي أنـهـكها الـتـوتـر وإسـتهـلكـتـها حُـمى الصـراع ، مُـضـفـياً عـلى الأشـياء طابعه الخاص.

    ربما هي عـزلة ماجد لينا والتي هي قـطعة من عـزلة الجـبـل. أوهي الرغـبة في التغـيـير مُــلـخـّصةً في الـتعـرّ ف عـلى فـتاةٍ أمضـت تسعة أعـوام من سـني شـبابهـاـ بـلا إنـقـطاع ـ بـين جـدران المـنتـجع السابـح في السـكـينة بـين " ممالك" الأشـجـار المـُعـمـّرة و الطيور والوعـول والثـعـالب وأنـواع أخـرى من الكائنات الصغـيرة المخـتـبـئة، جـُل الوقـت، بـيـن الأحـجار والـبـصـل الـمـتوّحـش والأزهـارالغـريبة الأشكال والشـذى و التـوت و الـفـراولة البـرّيـة التي تسـقـيها و تـرعـاهـا أيـادي الرب.

    ربما هـي رهـبـة الـجـبل الخـالي من البشـر ، في ذلك الوقـت من السـنة ، إلاّ إذا إسـتـثـنـيـنا قـلة من الشـباب يمضون فـيه ليلة أو ليلتين ثم يـنحـدرون سـراعـاً إلى صـخـب الحـياة الـفـوّارة في حـدائق ومـقـاهي وحـانات ومراقـص صوفـيا، وإذا إسـتثـنـينا أيضاً حـفـنة من الكـهـول يـأتـونـه طـلـبـاً للهـدوء و راحـة البال و الهـواء النظيف والمـزيـد من العـمـر.أو ربما كان الدافع الباطني المحـرّك لإهـتمامه هـو مـحاولة إكـتناه سـر المكان الجـديد بـتـواريخ أفـراحـه وأتـراحـه من خـلال السـرد الحـيّ عـلى لسـان فـتاة ضـاقـت بـهـا سُـبـُل الـعـيـش في المـدينة المـذ دحـمة فـأسـلمـت قـدمـيـها الغـضـتـيـن لـطـريـق الـجـبـل!


    ------
    هـوامـش :ـ
    * رُوسي : ميناء بلغاري ، يقع عـلى الحـدود مع رومانيا
    * فـيتوشا : أحـد الجـبال المحـيطة بـمـدينة صوفـيا عاصمة بلغاريا
    * زلاتـني موسـتوفي : تعـبـير باللغة البلغارية يمكن ترجـمته الى: الجـسـور الذهـبـيـة

    ======
    عـثمان محمد صالح


    من بوست:
    مـاجـد لـينا : سـاقـية الـبار الجـبـلي
                  

12-05-2004, 08:28 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    عـبد الخالق محجوب : شهـيد أم قـربان؟

    بإعـدامه في يوليو 1971 إنطمسـت صورة " الإنسان " المخـلوق من لحم ٍ ودم، لتحـّل محـلها صورة وردية حالمة تجـسّـد الفارس الذي حـلـّق بعد أن ترك الموت مُـعـلـّق ، البطل الذي حـيرّت جـسارته الُمعـدية الناس وأذهـلتهم. في تلك السـاعـة إنـزوى في الهامش" يراع التاريخ " مفـسحاً المجال كله " لـخـيال الأسطورة " العارم يسـرد السيرة الذاتية لعبد الخالق محجوب.

    بإعـدامه تراجع ثم خفـت ، أمام هـيبة الموت المقـدس ، صوت النقـد ـ داخل الحزب الشيوعي و خارجه بما في النقـد الصادر من خصومه التاريخيين :الأصوليين الإسلامويين ـ للقائد السياسي الذي تربع على عـرش حزب ستاليني ينوء تاريخه ـ منذ نعومة أظافره ـ تحـت وطأة سـيل من الإنقـسامات والصراعات الفـكرية التي لحق بقادتها عار الطرد والمذمة والإحـتقارو التشهير والتشنيع إلى يوم الدين (الإسـتثناء الوحـيد هـوالكتاب اليتيم الذي أخرجه أحمد سليمان المحامي : مشـيناها خطى).

    ما يزال عـبد الخالق محجوب ـ بعد مضي مايقارب ال33عاماً على مغادرته دنيا الناس ـ يمارس سلطته كمرجعية فكرية تـتـنـازعها الأجنحة المتصارعة حول تجـديد الحزب الشيوعي، ساعـيةً لمنح رؤاها ومشروعها للتجديد شرعـيةً تتمسّح" ببركة" أفكار الشهيد( على سـبـيـل المثال لا الحصر: الصراع المحـتدم حول مفـهـوم المركزية الديمقـراطية في فكرعـبد الخالق محجوب: أيهّما كانت تـُحـظى بالأسـبقـية والـيد العـليا و مركز الثقـل في منظور
    عبد الخالق محجوب : الديمقـراطية أم المركزية؟ )

    لكّن البطل الأسطوري في تلك الأيام الحالكة الظلمة ، كما يعلم الجميع ، لم يسع إلى الموت بظلفه ، بل كان يرغـب في الحـياة باحـثـاً ـ وحده ـ عـن مأوى يحـميه من شرور القـتلة. الأسـئـلة التاريخـية المؤرقة هـي : ما هي الظروف والملابسات التي حالت دون حمايته من مطارديه؟ كـيف ضاقـت و لمصلحة من أقـفـلـت ( البـيـوت السريّـة) التي
    حـمـت وماتزال كادر الحزب الشـيوعي المخـتـفي عـن أعـين الدولة الدكتاتورية، أبوابها في وجه الرجـل الذي وهـب سـني عـمره لبناء حركة اليسار في السودان؟ كيف فـشل حـزب متمرّس في العمل السري ويصون قـواعـد الحماية والتأمين كمايصون الإنسان ماله وعـرضـه وذريته، عـن حماية قائده التاريخي من الموت المؤكد؟ علامات إستـفـهام كبيرة، مصبوغة بالحـيرة، تهيم على وجهها ثم تتوغـل في الأرض الملغـومة للتاريخ الـُمحـرّم ، المسـكوت عـنه واللامكـتوب*

    * ذات الأسئلة المطروحة أعلاه تمس مصيرالقادة الآخرين الذين اُعـدِمـوا في تلك الأحداث!

    ------------
    عثمان محمد صالح
    فـنراي ـ هـولندا
    11 مايو2004

    من بوست:
    عـبد الخالق محجوب : شهـيد أم قـربان؟
                  

12-05-2004, 08:32 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الشاعـر( حميد) في موضع رمي الجمرات!!

    إنه لأمريدعـو للحسـرة والألم أن لا تسير حركة التقـدم في بلادنا إلا في إتجاه الوراء!

    من الواضح أن عجلة الزمن قـد توقـفـت بالنسبة لتلك الحركة و"حرنت"ـ رافـضة التطلع لآماد المستقـبل وهي تترامى أمام ناظريها ـ في مشارف السبعـينيات من القـرن الماضي عـندما كانت وصمة" التـبـرجـز" تلطخ بقـطرانها القـميء أثواب من قـدّرت له ظروف الحياة حـيازة " عـربة" لا يستغلها إلاّ لتأدية مهامه الحزبية!

    الأنكى والأضل أن نفـر من ممثلي جيل الشباب في تلك الحركة لا يعيشون حبيسي عـقـلية الماضي فحسب ، بل هم أشّد تعصباً وإنغلاقاً و جموداً و "ثورية" ( بالمعنى السلبي للتعبير) من الأسلاف وأكثرونفـوراً من الجديد وأشد إفـتقاراً لفـضائل التسامح وإحترام الرأي الآخر وإدراك أن الحياة متعددة الألوان لايخـتـزل ثراءها اللا متناهي ولا يحتكره التضاد القائم بين: البياض والسواد، الهنا والهناك ، النحن والهم ، الرفاق و الأعـداء ،الرجعـية والتقـدم، الثورية والإنكسار، الملائكة الأطهار والشياطين الفجار، الخير المطلق متمترساً في خندق من نحب ونألف والشر المستطير مكّـومـاً في خندق أولئك الذين لا نكّـن لهم في دواخـلنا سوى البغضاء!

    من الواضح أن "الإنتماء السياسي" في بلدي ليس خيارأً حرأً يتخذه الفرد طواعيةً ويستبدله طواعـية، دون أن يستأدن الآخرين أو يتوسل موافـقـتهم ورضاهـم ، بل هو" سجن" يدخله الإنسان ثم لايعثر على الباب من جديد إن رغـب في الخروج,وإ ن تمكن من الخروج لن ينجوأبداً من مذمة " السقـوط"!

    من الجليّ أيضاً أن " معايير" الألتزام بقـضية الشعب والوطن ما تزال على حالها الأول البائس دون أن تمـسسها يد التغـييرالمباركة طوال هذه السنين: "شعـبية" الحال و" بساطة"المظهر والتشـبث بالفـقـرو( إدعاءه في حالة اليسر المادي ) الذهـد المفـرط في نعم الدنيا( الحلال) حتى لو جاءتك طائعةً مختارةًً ، تجـرجـر أذيالها الملونة في دعـوة ٍ صريحةٍ وإغـراء! أكتب كل ما أكتب وفي القـلب حسرات وحسرات، اكتبه أيضاً لأن واحداً من أعـظم شعراء بلدي يـُرجَـم ـ وكأنه من ذرية إبليس اللعـين ـ بالجـمـرات!

    عثمان محمد صالح

    فنراي ـ هولندا

    12 مايو2004

    من بوست:
    الشاعـر( حميد) في موضع رمي الجمرات!!
                  

12-05-2004, 08:39 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    إنقلاب 19 يوليو1971: السـؤال المؤرّق !
    ( إلى أسطورة زمني: عـبد الله القِـطّي في فـقـره وإعـتـداده)

    منذ أن فـشل قادة إنقلاب19يوليو1971 في الإحـتـفاظ بالسلطة وما أعـقـب ذلك من هـزيمة وإعـدامات وإعتقالات وإرهاب أظلم بسـببه أفـق الحياة في السودان، منذ ذلك التاريخ ما فـتيء الناس سياسيين وأفـراداً عاديين يبحـثون عـن أدلة وبراهـين وأسانيد تـثبـت أو تدحـض بصورة قاطعة علاقة الحزب الشيوعي السوداني بذلك الإنقلاب ، مودعـيـن جمـاع حـيرتهم في قالب السؤال التالي: هـل كان الحـزب الشـيوعي السوداني وراء تدبير ذلك الإنقلاب؟.

    وتتعـمق جـذور الحـيرة ويزداد التخـبط ويسـود الإضطراب و يكـتـنـف " الصورة" المزيد من الغموض عـندما تـتـشابـك" أغـصان" السـؤال الوارد أعلاه" بأفـواف" دغـل ِ تساؤل ٍ آخـر ٍلا يقـصر عـنه قامةً و لايقـل أهـمـيةً : هـل للحـزب الشـيوعي السـوداني علاقـة بتدبير إنقلاب 25 مايو1969 ؟ البحّاثة والمؤرخون و معاصرو تلك الأحـداث هـم الأقـدر عـلى تقـديم إجابات شافـية، أمينة وموثـقة لذينك السؤالين ومايتـفـرع مـنهما من أسـئلة تفـصيلية ـ إجابات تميط اللثام عـن وجه الحـقائق وتـزيل تراب الغـموض الكـثيف وتـطردالأوهام المتـلـبكة" بلا رجعة!

    ولكن ثمة تساؤل يـفـوق السؤالين الواردين أعلاه أهـميةً هـو التالي : ماذا كان سيحـدث لشعـب السودان لوكُـتـِب لإنقلاب 19يوليو1971 الإنتصار النهائي في معـركة البـقـاء آنذاك؟؟

    تفـتح " لو" المتمركزة في قـلب التساؤل ــ كما قـيل قـديماً ــ عـمـل الشيطان، فـبعـد مرور مايقارب ال33عاماً عـلى هـزيمة إنقـلاب يوليو71 ، مايـزال السؤال مهـوّمـاً مـؤرقـاً ومحـتـفـظاً بـراهـنـيـته التي تغـذيها حركة المطالبة بتجـديد الحـزب الشـيوعي والكـشـف عـن المسـتور في الملفات والأضابير المُـعـتـقــَلة ـ زمناً طويلاً، حتىأصابها البلى والعـطن ـ في" خـزانة الأسـرار والمقـدسات والمحّـرمات الحـزبية " ( بما في ذلك الوثاثق المتعـلقة بالإنقـسامات أولها وآخـرها حـتى تتم مراجعة التاريخ مراجعة فاحصة وتسـتوثق الأجـيال الحاضرة( شيوعـيين وغـير شيوعـيين، لأن التاريخ مِـلك مُـشاع للجميع أو هكذا يجب أن يكون) من سلامة " الأحكام السياسـية" التي أثـقـلـت كاهـل الماضي والحاضر وتـتـيـّـقـن مـن مـصداقـية و صوابـية " التوصيفات الإديولوجـية" التي أحـرق ضرامها الإستالـيـني" صور" الكـثيرين). هـذه أولى بالأسبقـية لأنها الأقـرب منالاً بدلاً من إهـدار الوقـت ـ وهـو ثـمـين ـ في طقـوس " صلاة الإسـتـثـقـاء" و رفع الأيادي المتضرعـة للسماء البعـيدة وتعـليق "الآمال الكـبرى " بمقـدم الغـوث والخلاص المسيحي المنتظرطويلاً عندما يتم إطلاق سراح وثائق مخابرات الدول المعـنية بالشأن السـوداني !!

    هـل كان في" مقـدور" إنقلاب 19يوليو1971 ــ لو قـدّر له الإنتصار النهائي ــ تقـديم " بديـل" لشعـب السـودان " أفـضل" مـن ذاك الذي أقامه الدكـتاتور جعفـر النميري أو نظام منقـستو هايلاماريام في أثيوبيا ، أوتلك التي ُشـيـّدت أعِـمدتها ونصبها من جـثـث الضحايا الأبرياء في اليمن الجـنوبي ، موزمبيق ، أنقـولا.. إلى آخر قـائمة " العـقـد الفـريد" لما يـُسمى" بدول التوجه الإشتراكي" والتي هي عـبارة عـن " طـبعات" عالمـثـالـثـية لأنـظمة الإشـتراكـية الشـمولية التي سادت حـيناً من الدهـر ثم بادت غـير مأسـوف ٍ ولا مُـتـرّحـم ٍ عـلى فـنائها في وسـط وشرق أوربا؟

    إنني أجـيب عـلى التساؤل بالـنـفي الـقـاطـع!

    إن قـادة إنقلاب 19 يوليو 1971 وقادة الحزب الشيوعي السوداني وهـم يواجهـون مـوتهـم ببسالة الأبطال ، قـد " إفـتـدوا" ــ في التحـلـيل الأخـير ــ شـعـب السـودان مـن " فـظاعـة" ما كان سـيحـيـق به لو قـدّر لذلك الإنقلاب الإنتصار النهائي. إنها لعـبة القـدر اللعـين يمد لسانه في سخريةٍ وتهـكم : لقـد إفـتدت الجـسارة البطولية لأولئك الرجـال الحزب الشـيوعي و مسـتقـبل حركة اليسار في السودان من وصمة " العار" التي لا تـغـسـلها أمـواه البحار والمحـيطات مجـتمعةً ـ الوصمة التي لطخـت ـ إلى يوم الدين ـ " التواريخ النضالية " لأحـزاب شـيوعـية وإشتراكـية عـديدة في مناطق متـفـرقة من العالم !

    إنهم ( الديّة الكـبرى) ــ ولهذا يسـتحقـون التعظيم والإجلال ــ ُدفِـعـَت مـقـدمـاً تكـفـيراً عـن آثام الفـظائع والجـرائم و الكبائر التي كانت لامحال مُـرتكـَبة في حق شعـب السـودان لو كُـتِـب للحزب الشـيوعي إقـامة " سلطة الجـبهة الوطنية الديمقـراطية " في ذلك الظرف التاريخي، ما كان هـناك مـن" عـاصـم ٍ فـكـري" ولا نـُصـرة تمنحـها" خـصوصية سودانية " مزعـومـة ولانجـدة سماوية تبعـث ملائكـتها جـنوداً أشاوس و لا كـَـر" السـِبَح" القـنوطة ولا " تـفـرّد مُـتـوّهـم" للتجـربة السودانية أو أي عائق ٍ آخـر ٍ ــ ( يقع خارج محـددات " العـقـل السـياسي الشـمـولي" وفي قـلبها إدعاء القـيام " بالـدور الـنـخـبـوي الرسـولي الطابع" في قـيادة " الرعـية الجـاهـلة" بمصالحها الآنية والمسـتقـبلية نحـو " يوتوبـيا الكمال البشـري "، وزعـم إمـتلاك ناصـيـة الحقـيقة المطلقة ونـفي الآخـر) ــ بـقـادر ٍ عـلى كـبح "طوفـان" الدولة الشمـولـية الهـدّارولجم جـنون ماكـينة العـنـف الثوري والإسـتبداد السـياسي وإنـتهاك حـقـوق الإنسان في" نسـخـته الشـيـوعـية" في السـودان !!

    ---------
    عثمان محمد صالح
    15 مايو2004
    [email protected]

    من بوست:
    إنقلاب 19 يوليو1971: السـؤال المؤرّق !
                  

12-05-2004, 08:48 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    " العـصبة الشيطانية" وما أدراك ما العصبة الشيطانية!


    *" التحـليل الطبقي" لطبيعة الإنقلابات العـسكرية في السودان وخارجه والذي يسـتخـدمه الحزب الشيوعي السوداني ـ على مدى تاريخه الطويل ـ كذريعةٍ واهـيةٍ للتملّص من مواجهة مسألة أساسية وهي صياغة موقـف مـبدأي حازم من موضوعة الديمقـراطية اللبرالية: معها أو ضدها؟ ، وتسويغاً وتبريراً لرفـضه أوتأييده لهذا الإنقلاب أو ذاك ، هـذا" التحـلـيـل" بخـس القـيمةـ في نظري ـ ومرائي الى أقصى الحدود :لا أشتري دوّاة الحـبر الرخـيص الذي سُـطِـرت به كـلماته البائسات بحـفـنةٍ من " الملاليم" التي خـرجـت من سـوق العـمـلة السـودانية منذ زمن ٍ بعـيد !.

    إنه( أي التحليل الطبقي) عـبارة عـن" غـطاء إديولوجي" عـتيق، مهلهل و مهترئ وظيفـته الأساسية " سـتر العـورات المفـضوحة" وهي : مفارقة الفعـل للقـول وإذدواجـية المعـيار( يعـلـن الحـزب الشـيوعي في وثـيـقة " الماركسية وقضايا الثورة السودانية" ـ في عـبارات واضحة المعـنى وقاطعة الدلالة ـ وقـوفه ضد العقـلية الإنقلابية والإنقلابات ، لكـنه يمنح إنقلاب مايو69 ـ في شهوره الأولى ـ السـند والقـبول الجماهـيري و يؤيد إنقلاب (19 يوليو 71) بحجة رفعه لشعارات الحركة الثورية ويدافع ـ حتى يومنا هـذا ـ عـما ينعـته " بمآثـر" ذلك الإنقلاب ضد هـجوم قـوى الثورة المضادة وأعـداء الحزب :

    عـبث واضح، دجـل مفـضوح ، تناقـض مقـيم، نفاق بـيّـن وتلاعـب فـج بالعـقـول وأيّ تـلاعـب!)، وفـداحة أخطائـه في التعامل الحازم مع ظاهـرة الإنقلابات العسكرية و تذبذب مواقـفه( المثير للريبة والظنون) وغـموضها تجاه الديمقـراطية كنسق قـيمي وكنظام للحكم ( يشتكي الحزب الشيوعي ُمـر الشكوى مما يصفه " بضيق القـوى اليمينية بالنظام الديمقـراطي" ناسياً أومتناسياً ( لافـرق!) ضلـوعه الآثـم في كـبائـر التاريخ الإنقلابي في السودان ( مساهـمة الحزب الشيوعي في اغلب الانقلابات التي تمت إبان حكم الفريق عبود)وتأييده لآخر ناجح ( إنقلاب25 مايو69)، ومشاركـته (عـبرجـناحه العسكري ) في إنقلاب19يوليو71 و الذي قـصم ظهر البعـير وأورده موارد التـهـلـكة !)

    * لوقـُـدّرَ لإنقلاب يوليو71 الإنتصار النهائي في معركة البقاء الفاصلة آنذاك ، وتم غـرس" أوتاد سلطة الجـبهة الوطنية الديمقـراطية " التي تمـثـل جوهـر برنامج الحزب الشيوعي في الفـترة الإنتقالية نحو الإشتراكية ، لو كـُتـِبَ" لهذا" الحـدوث لكان أعـضاء" القـيادة الحالية" للحزب الشيوعي السوداني ، الآن، "طريدي" محكمة العدل الدولية" بلاهاي" تماماً مثـل أعـوان الدكـتاتور الصـربي المعـتوه ميلوشيفـيتش!!

    * لا مهرب" للعـصبة الشيطانية" المستبدة التي بيتنت( حـزب عـبد الخالق محجوب ورفاقه في عالم الشهداء) ودجّـنـته كما تـدجـَن أطيار الخلاء و قـصقـصت أجـنحـته المتمردة( في سبيل الإحتـفاظ بهامش ٍ بائس ٍ للبقاء) وحـوّلت "صرح السـتينات" المهـيب إلى خـرابةٍ ينعـق فـيها الـبـوم، ولا منجاة من لـسع سـياط كلماتي التي سـوف تطاردهـا في هـمةٍ عاليةٍ ونشاطٍ لايعـرف " لغة الفـتور" سـوى تخـطّي حـدود سـدرة المنتهى أو الرحـيل الطوعـي أو حـدوث معجـزة خارقةٍ تقـلـب نظام الكون رأساً عـلى عـقـب!.

    أما حـراس " معـبد الدولة الدينية المـتهالكة الأركان" في السودان فلا أنصحهم بالركون للراحة الوادعة والسكـينة المـُـرفـّهة والهـجـود الـرطيب في ساعات القـيلولة تحـت الظلال الوريفة " لشجـرة النسـيان" : عـليهم أن يـتـشـمّروا جـيـداً في إنتظار نصـيـبهم
    " المقـدّر" منذ الأزل و" المكـتوب "ــ بمـداد الإله الرحـيم ! ــ مـن لـسـع الكـرابـيج المُطـرّ قـة والمدهـونة بالـزيـت و القـطران زمناً طويلاً)

    -----
    عثمان محمد صالح
    [email protected]

    من بوست:
    " العـصبة الشيطانية" وما أدراك ما العصبة الشيطانية!
                  

12-05-2004, 08:55 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    حول الشيوعـية السودانية

    رسالة مفـتوحة الى الأخ بشاشه *

    في هـذا الجـّو الموحـش و المكفـهّر السَحـنة أبهجـني وجـلب الغـبطة والإنشـراح إلى قـلبي وصـفـك لي" بالشيوعي مع وقـف التنفـيذ" وأنت تعلق على ما ورد في بوست: العـُصـبة الشيطانية . فـي الوصف تجـسـيم حيّ وناطق لقـدرة " النحـت الخلاّ ق" لا أملك إلاّ
    أن أحـسدك عليها ياشقـيقي. أسمح لي بإستلافه وإستخـدامه من حـين إلى آخر حـسبما يقـتضي المقام. هـذا عـلى سـبيل المزاح الأخوي الودود لا أكثر ولا أقـل.

    أدخـل الآن، دفعةً واحدةً، في صميم الموضوع :

    الشيوعـية ليسـت سُـبةً مقـذعـةً تقـشعـّر لها الأبدان كما يعـتقـد البعـض، ولا هي بالمذمةً" حتى" أتضارى" خجـولاً مفـزوعاً من" رايـش" عارها بعد سقـوط " المنظومة الإشتراكية" وأقـمارها التابعة في دول العالم الثالث ، و لاالخـصلة المكروهة المنـفـّرة حتى أجـتهد في إخفاء معالمها عـن الآخرين كما يخفي المسلول سعاله المُـعـدي ـ في مشـقـة ٍ وألم ٍ ـ داخـل قـفـصه الصدري !

    ليست الشيوعـية بأم الكبائر يفـتح إقـترافها (أبواب جهنم) ولاهي بالمأثرة البطولية النادرة يفـتح إجـتراحها ( بوابة التاريخ ) أمام المرء! : هي خـيار سـياسي (عاديّ أو هكذا يجب ان يكون ) مَثـله في هـذا مثل كافة الخـيارات الأخرى التي تعج بها ساحة العمل السياسي في بلادنا . وعلى الرغـم من هـذا وذاك وتلك أقـول: لا، لست كما وصفـتني وهـذا أمر يطول شرحه لا ضيق المقام يأذن بذلك ولا موضوعه أيضاً!!

    حتى لاتتعجّـل في إطلاق" الأوصـاف" وحـتى تنجـلي بعض معالم رؤيتي لموضوعة تجديد الحزب الشيوعي+ الماركسية + أشـياء أخـرى متعالقة ، بوسعـك العودة للمـقالات التالية وهي منشورة هـنا في البورد : تأملات سوسيولوجـية في قضايا التغـيير في الحـزب الشيوعي السوداني (من جزئين) ، حرية اللاإعـتقاد في نموذج الدولة العلمانية من النمط اللبرالي، عبد الخالق محجوب شهيد أم قـربان، الشاعـر حميد في موضع رمي الجمرات، إنقلاب19يوليو71( في جزئه الأخير )، إنها تؤسـّس ـ في إعـتقادي ـ " عَـتـبةً" لا بأس بصلادة آجـرهـا ننطلق منها سـويـاً في تمهـّل ٍ وصبر ٍ، و سوف نصل، حـتماً، ذات يوم ، إلى مكان ٍ ما مريح ٍ لكلينا . وحتى ذلك الحـين ، القـريب ـ البعـيد ، أود الإشارة للتالي:

    * لسـت جـزءاً من التيارات المصطرعة داخل الحزب الشيوعي لأنني ببساطة خارج " اُطره" منذ سنوات طويلة و لا أزعـم لذاتي المتواضعة ــ عَـبـّارة المِـحـن والأنـواء!! ــ مقـدرة التأثير على مفاعـل التغـيير البطيء داخل ذلك الحزب ، لقـد قـسـّم الشيوعـيون السودانيون" العالم" الواسع الفـسيح المترامي الأبعاد والمدهـش في ثرائه وتعـدده ـ مستخدمين في ذلك " مسطرة الإديولوجـيا" البدائية ـ إلى نصفـين : عالمهم الصغير الخـيـّر: عالم المناضلين وضحايا القـمع والإضطهاد السياسي و المسحـوقـين و "عالم الآخـرين" المسجـونين في" ضفة الشـر والسـوءآت الطبقـية" إلى الأبد. و شـيّدوا في
    عـزلة العمل السري ومحـنه وعـذاباته وأوهامه وغـباين الإضطهاد والتمييز والإعـتقالات والإعـدامات وغـيرها من الإحـن " مصدات رياح" و حواجـز دفاعـية " يصعـب على الأفـكار الدخـيلة ـ غـض النظر عـن محـتواها وقـوة شحـنتها ـ إخـتراقـها وطوروا" جهاز مناعة "صلد وفعّال ضد " عـدوى" النقـد الذي يأتيهم من خارج "الحوش" وبخاصة ٍ ذلك النقـد الصادر ممن لحقـتهم وصمة" التمرد" وشـبهة" السـقـوط": إنها السلفـية تـتـبخـتـر في أثـواب الشـيوعـية، وهي " البارانويا" السـياسية تعـظّم من شـأن الذات وتعـلي من مقامها في المرآة النرجسية كلما تعالت " نبرة الإنتقادات" لسلوكها وفكرها، وخلاصة كل ذلك هـوالتالي: بقـدرما تتزايد حـدة الإنتقادات بقـدرما يزداد إنغلاق " الحوصلة الحزبية" وجـمـودها و تـعـصبها و بغـضها وعـدائها للبيئة المحـيطة وإذدرائها للآخـرين وتقـديسها لذاتها و إنكفائها المحـزن للوراء. محـنة حقـيقـية ومرثية للبكاء!

    * العقـبة الكأداء في سكة تجديد بنية الحزب الشيوعي التنظيمية وإخضاع " مرجعيته الفكرية " للمراجعة الشاملة هي " قـيادته الحالية": تحكرت فـوق"كـَكـَر" الزعامة "دون سـند من شـرعـيةٍ بعد أن عـطلت العمل بدستور الحزب تعـطيلاً كاملاً لما يقارب ال33 عاماً. هي" التسجـيد السوداني" للقانون الحديدي للأوليغارشية :ينشط و يفـعـل فـعـله الخـبيث هـناك حـيث لا ُيـتـوقع أن يفـعـل ذلك : في بنية الأحـزاب و التنظيمات التي تدعـو للعـدالة و المساواة بين البشر!!

    على هـذه القـيادة ـ إن كانت" حريصةً" ـ كما تـزعـم ـ على مستقـبل وجود الحزب الشيوعي ـ أن " تـطلق سـراحه" في المؤتمر الخامس ثم تـتـنحى !!.

    عارعلى حزب ٍ قـّدم الشهداء و قـضى الكثيرون ممن إرتبطوا به في وحـشة المعـتقلات وغـياهـب السجون و تشرد آخرون( رجالاً ونساءاً) وفـقـدوا وظائفـهم إو حُـرِمـوا من فـرص الدراسة والعلم وضاقـت أمامهم سُـبل العـيش وجاعـت اُسَـر وتـيـتمـت عـائلات وتـرمـلت نسوة في ريعان الشباب دفاعاً عـن الديمقـراطية في المجتمع، أن" تتأله" قـيادته حـتى تشـيخ وتقـترب من ملاقاة وجه ربها الكريم وقـد نخـر" سوس الخـرف" عـقـلها، و تنعـدم الديمقـراطية في بنيته وأسلوب عـمله و"علاقـته" بمنظمات وروابط المجتمع المدني الأخرى والمتميزة بالـنزوع للشمولية و التحكم و التسلط و تحـويـل تلك المنظمات المدنية المستقـلة " لمنظمات تابعة" وأذرع حـزبية!

    مع ودي وإحترامي
    آفـيالوقـو
    عثمان محمد صالح

    -----
    * الرسالة مشرعة الأبواب لتعليقات البورداب


    من بوست:
    حول الشيوعـية السودانية
                  

12-05-2004, 08:59 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    تمـثـال تود عـنخ آمون في"مالينوفادولينا" *


    (1)
    سحـنته الـنوبـيّة صَـدِ أت ،
    وتداعـت هـيبته الفـرعـونية ،
    قامـته المرهـوبـة ذابت
    مثـل عـجـيـن الشـمع ِ
    وغابـت تحـت غـبار ِ
    الصـيف ِ الـبـلـقـانيّ ،
    وغـاصـت شمس المجـد
    البازخ تحـت رماد ِ الفحم ِ
    الحجـريّ شـتاءاً ( حـتى
    الثعـبان الذهـبيّ تسـّلل
    من فـوق التاج الملكيّ
    وآب كـئيباً وكسـيرَ القـلب ِ
    إلى الأحـراش الأفـريقـية)

    (2)
    هـل جـف رحـيـق الد نيا في
    عـيـنـيه المـوحـيـتـيـن بأشـياء ٍ
    لاحـصـرَ لها ، أم كان يـقـاوم
    أشـباح َ الظلمة ِ و النسيان
    الـقـاتـل حـين تعـذ به أوجـاع
    الوحـدة ِ و الـقـلـق ِ العارم ِ و
    الإهـمال ِ المُـتعـمّـد ِ بـين
    ركام الـرف ِ الخـشـبيّ ؟ .....
    في تلك الـبرهة ِ بدأ الملك
    المنفيّ يـُـشّع فـضولاً لا يُـنـسى،
    وبزاويةٍ من عـينيه الواسعـتـين
    الكابيتين يحاولُ مـَفـهـمة اَلأحداث
    الجارية بذهـن ٍ سـلـفي!

    (3)
    حـين يكون وحـيداً( بالفِـيلاّّ )
    المسكونة بالأرواح ِ المهجـورة ِ،
    يهـبط تود عـنخ آمون ـ ببطء ٍ ـ
    مـن مـكمـنه المـتـرب ِ ، يتجـوّل
    مهـمـوماً ، يـتحـدث للجـدران ِ
    الصَمـّاء ِ، يـبـث أزيـز فـروع
    الأشجارَ العارية من الأوراق ِ
    الشوقَ لوادي النيل وكـثبان ِ
    الصـحـراء ِ، ويغـطس في مـوّال ٍ
    مـشـحـون ٍ باللوعـة ِ و الأشـجـان ِ،
    و يـشـعـل ُ في خاتمةِ التطوا ف ِ
    شـمـوعَ الزيت ِ، ويجـمع للمدفأة
    الباردة بـقـايا الحطب و يـوقـدهـا ،
    ويُـعـدّ طعاماً لا بأس بـه ، وينامُ
    عـلى المـقـعـد ِ( يحـلـمُ بـرياش ِ
    المـخـدع ِ في القـصر ِ الفـرعـونيّ ) !

    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ

    عـثمان محمد صالح



    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

    * تود عـنخ آمون( كما يرد في كتب التاريخ) أو تود أنق أمَـن كما يجب أن يُنطق) هـو الفرعـون النوبي المعروف
    * مالينوفادولينا : معجمـياً يعني الإسم(وادي التوت) . ضاحية سكنيةتقع بالقـرب من جـبل فـيتوشا( أحد الجـبال المحـيطة بمدينة صوفـيا ،عاصمة بلغاريا)،يستخدمها الصوفـيانيون( سكان صوفـيا) للإصطياف لجمال طبيعتها و هدوئها ونقاء هـوائها الجبلي

    من بوست:
    تمـثـال تود عـنخ آمون في"مالينوفادولينا"
                  

12-05-2004, 09:06 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    العصبة الشيطانية ومنهج البقاء في قيادة الحزب الشيوعي


    مايقارب ال37 عاماً حسـوماً أعـقـبت تاريخ إنعقاد آخـر مؤتمر للحزب الشيوعي السوداني وليس في أفـق السياسة السودانية بشارة تلوّح لجموع المنتظرين بعزم قـيادة ذلك الحزب و رغـبتها الفعـلية في عـقـد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي والذي إستحال من سـراب ٍ يطارده الناس إلى رهـاب !

    15 عاماً إنصرمت منذ إنهيار حائط برلين وسـقـوط المنظومة الإشتراكية و توابعها في دول العالم الثالث، تـبدل فـيها وجه العالم برمته و الحزب الشيوعي السوداني ما يزال خارج " العـملية التاريخـية" مراوحاً في مكانه القـديم : " قـواعـد حـزبية" ضعـيفة أنهكـتها سـنوات القـهـر و التسـلط الإسـتاليني وهـضم الحقـوق وتغـيـيـب " اللائحة الحزبية" ، فأسـلمـت قـيادها لسلطان القـدر وإسـتكانت لمذلة الأغلال وأضحـت من جراء كل ذلك مسلوبة الإرادة و عاجـزة كل العجز عـن ممارسة دورها الطبيعي في الضغط على قـيادة حزبها، في جانب ، و في الجانب الآخـر" قـيادة حـزبية " عـتيقة، اسـتـنـفـدت دورها التاريخي وهي تـتأبط " مشروعاً للتغـيير الإجـتماعي " شمولي الطابع والمحتوى"عـفّى عـليه الزمـن وأثبتت فـشله الذريع تجارب الشعوب الأخرى وأودعـته متحـف التاريخ ، وتحكم دون سـندٍ من شـرعـية بعد أن عـطلت العمل بدسـتور الحزب، و تحـيا" بعـقـلـية الماضي الذهـبي " الذي لن يعـود وهي تدرك عجـزها المقـيم عـن الإستمرار في قـيادة الحزب في الظروف الجديدة بالأسلوب القـديم لكنها تأبى الإنصياع لـُسـنـّة التطور و الخضوع لمشـيئة التغـيير مسـتمرئة إمـتـيازات الجـلـوس المؤبـد على"الكـَكـَر الحزبي" ، رافـضةً خـيار" التـنحي الطوعي" معـرّضةً بذلك مصير الحزب ومسـتقـبل وجوده للهلاك!!

    15 عاماً مضت و" العـُصـبة " التي تمسـك بقـياد الحزب الشـيوعي و تعـتـقـل عـقـله وتكـبل حـركته لاتـتـزحـزح من مكانها قـيد أنملة : تسـّوف القـضايا وتماطل وتستغـل عامل الزمن ( لعل اليأس من حـدوث التغـييريفعـل فـعـله السـلبي في " قـواعـد الحزب" وبلسـم النسـيان يداوي جـراح المحكومين) عـشـماً في" إمتصاص" غـضب القـواعـد المتحّرقة لإحـداث التغـيير في بنية الحـزب الشيوعي الفـكرية والتنظيمية والشـروع في وضع حجـر الأساس لقـيام حـزب جديد( كيفـما سُـميّ) يصوغ ملامح وجهه الجديد" العقـل الجـمعي"لأعضائه وأنصاره ومؤيديه ، حزب يعمل على إحداث قـطيعة حقـيقـية( معرفـية وتنظيمية ) مع تراثـه الإستاليني الذي قـصمت أثـقاله ظهر البعـير، حـزب ينتمي قـلباً وقالباً لقـضايا العصـر وهـموم الألفـية الثالثة !

    في كل ما يحدث منذ مطلع التسعـينات من القـرن الماضي حتى هذه اللحظة هـزء سخـرية بتاريخ ومكانة ذلك الحزب الذي كان يرفع راية التغـيـيـر في عـنفـوان سنوات نشأته الأولى مُشـرّعـناً حقه في الوجود والبقاء تحـت راية " حـزب من نوع جـديد "!!

    وكأني بذلك الحزب قـد أضحى عاقـراً وعاجزاً عـن تجديد هـويته و تقـديم قـيادة بديلة تكرّم مآثـر الشهداء وتضحـيات الأعـضاء والمناصرين وتـقـيـل عـثرات الحاضر وتفـتح مـنافـذاً للمستقـبل( ليس من قـبيل الصدفة تنامي نبرة" أصوات" بعينها من" سدنة" القـيادة الحالية تـزعـم بأن الحزب الشيوعي خلـّواً من ( رموزالقـيادة الحالية ووجوهها الأكثر بروزاً وتمثيليةً لعبادة وثـن الماضي والجـمـود العقائدي والجـبـروت الإسـتاليني ) محكوم عـليه بالودار و الضياع المؤكد ولهذا يجب المحافـظة على تلك الرموز في قـيادة الحزب!!

    تعمل قـيادة الحزب الشـيوعي ــ وهي التي تقع في موضع القـلب من أزمته المستحكمة!! ــ عـلى " السيطرة على مجرى التجـديد البطيء و تحديد شكله والتحكم في " مَسكة رسـنه" ووتائر سرعـته من خلال" مشروعي البرنامج واللائحة" المقـترحـين كبدائل لخـروج الحزب من طوق الأزمة الحالية : إنها ذات" العـقـلية" التي تسم سلوك" جـنرالات العالم الثالث" الذين يحكمون بمنهج الإستبداد وأسلوب القـبضة الحديدية ، وعـندما يدلهّم الأفـق و تستحكم
    حلقات الأزمة وتنعدم المخارج وتعجـز الوصفات التقـليدية المـجـّربة عـن تقـديم حلول، يحـنون رؤوسهم للعاصفة ـ مؤقـتاً ـ ريثما تـهـدأ ثورتها و تعـبر : يعملون على" إمتصاص" الغضب الشعبي بإحداث إنفـراجة شكلية (مُتحَكّم في مقـدار زاويتها ومداها الزمني) يطلق فـيها المـتـنـفـذون قـدراً محسـوباً من حـرية النشـر و التعـبير تـتـرك للمحكومين " هامـشاً " للتـنـفـيس عـن" الغـبايـن المكـبوتة "طوال سـنين القهر وإنتقـاد سلوك الحاكمين جـهراً وعلانيةً ، شريطة ـ وهـنا مربط الفـرس! ـ أن يظل" الحال" على ما هـو عليه وألا تمس "أسس السلطة المسـتبدة وثـوابت الحكم " وكأن لسان حالهم يصيح في الرعـية المغلوبة على أمرها : لكم أن تمارسـوا حـرية الإنـتـقـاد لسلوكنا ولكن دعـونا نستمر في القيادة و الحكم، بتعبير أكثر دقة :

    حـرية لا تغـيير!!

    ----------
    عثمان محمد صالح
    25 مايو2004
    فنراي ـ هـولندا
    [email protected]

    من بوست:
    العصبة الشيطانية ومنهج البقاء في قيادة الحزب الشيوعي
                  

12-05-2004, 09:07 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    اواصل مساءاليوم لاني قد تعبت
    وبعدها ساعلق علي مساهمات المتداخلات الكريمات والمتداخلين الكرام.

    عادل
                  

12-06-2004, 09:49 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    رسالة مفتوحة الي الاخ خالد العبيد

    الأخ خالد العبيد،
    تحية وبعـد ،

    * إعـتاد البحّاثة في شـؤون النسـق الفـكري الذي صمـّمه كارل ماركس عـلى التمـيـيـز بين ما يسمونه بماركس الشاب وماركس العجوز. هل تدرك يا أخي الكريم مـسـوغات ذلك التمـيـيـز الشائع ؟ ــ لا أعـتـقـد!!

    * في الستينات من القـرن الماضي ، ولجـت أفـواج من" صفـوة الفكر" في بلادنا صفوف الحزب الشيوعي السوداني عندما كان قـبلةً لليسار وقـطباً أساسياً من أقـطاب السجالات الفكرية لتلك الحقـبة . ذات الصفـوة غادرت" سردابه"بعـد أن حـملت" مشاعـلها"، مخـلّـفةً وراءها" وحداناً" من أفـرادها حاربها الدليل و تقـطـّعـت بها السـبل وخـبا صوتها وضاع أثره تماماً في هـرج ومـرج وضجـيج " الكـثرةِ الغالبةِ"و التي أحـتار منذ سـنين ٍ في نحـت الوصف المناسـب لها، هـل يمكـنك مساعـدتي في تفـسير الظاهـرة وإيجاد الوصف الذي يـلـيـق بـمـقـام تلك " الكـثـرة المتسـيّدة"؟!

    *أحـِلـتـك سابقاً، سأحـيلك، الآن ، مجدّداً ـ من باب العـطف على الفـقـراء والمساكين والرأفة بذوي القـربى والإحسان الممحوض لوجه الله و تصديقاً لقـوله تعالى " ويؤثرون على أنفـسهم ولو كانت بهم خصاصة"ــ إلى مؤلفات جورج أورويل وفي صدارتها : !1984 وAnimal Farm.أصدقـك القـول حين أؤكد لك في جزم ٍ قاطع ٍ ، يا أخي الكريم، بأن الإطلاع المتمعـّن على تلك الأعـمال سوف يوسّع مداركك و يشـرع أمامك بوابة "عالم جديد ٍ و مرعـب ٍ" أنت بداخـله و من ُصنـّاع وسـدنة ( مؤسـسة الشـر) التي تـسـود مشهـده المعـتم . سوف تتعـّرف هـناك على المضامين الجديدة كل الجّدة لتعـبـير " الرفـيق الأكـبر" وأشياء أخرى أكثر إثارة للذهـن الشغوف بالمعرفة الحقـة . . لـن تعود من ذلك العالم البربري ــ هـذا إن قـُـدرت لك العـودة سـليم العـقـل ــ خـاوي الـجُـراب فارغ اليدين اللهم إلاّ إذا قـرأت" الأعـمال"بذهـن ٍ شـرود ٍ و عـيـنـيـن مُـسـمـلـتـيـن بفـعـل "الإسـتغـراق" المتـهـّجـدعـند تلاوة " الأوراد الصوفـية" المهـتـرئة ، أقـصد الوثائق الحـزبية طيّب الخالـق ذكـراهـا وعـطـّر ثـراها!

    * إلى موضوع الرسالة:

    " إقـرأ" كـلـماتي جـيـّداً وتملاها كما يجـب:
    لا يـدُر بخلدك أن " التاريخ" سيفـتح لك في(غـشامة ٍ) بوابته الكبرى و أنت ترهـن قـلمك ــ في فـروسية أبطال القـرون الوسطى الظلامية!! ــ لمهـمة الدفاع عـن مصالح" العُـصبة" التي سـيطرت عـلى الحـزب الشيوعي وحـولـته من" شجـرة مباركة ٍ" إلى" سِـدرة ِ مـنـتهى" للذين تظلهم" أشـواكها وغـصونها اليابسات وثمارها المُـرّة"، ولكل من يقـترب من دائرة تلك" السِـدرة العـجـفاء" في عـمى ألـوان ٍ و حسـن طوّية !

    لن تـبرق " نجمة السـعـد" وتبسـم لرؤياك و لن يُـكـتب لك الدخـول حـتى من " نافـذة" التاريخ الضيقة جـزاءأً لسعـيك الهـمـيم المحـيّر للأذهان في الترديد الممّل " لهُـراء الأخـرين" و الـتـرويج ـ الباعـث للسأموالضـجـر ـ للمُـسـطـّر في الصحائـف الحزبية الصفـراء ـ بلا إجـتهاد ٍ وبلا مذاكرةٍ وبلا إعـمال ٍ للعقـل وهـو نعـمة مـن أجـّل الـنعـم المـمـنوحة للإنسان أعـظم المخـلـوقات لو كـنتم " تـعـقـلـون"!

    " أدركُ " جـيـّداً ماذا أفعـلُ،" أعـرفُ " أيضاً ماذا أكـتب، متى أكتب، كـيف
    أكـتب ولماذا؟!!...

    تخـسـر" العُـصـبة الشيطانية " التي تـزود عـن حماها الكـثير الكثير إن ثابرت على متابعـتي فالمشوار طويل يسـّل الروح والعـتمور أمامي غامض و فـسيح والذاد قـليل والماء شحـيح والنهاية لاتـبـيـن مشارفـها في الأفـق!

    فـكـّر جـيّـداً في مـدلولات كـلماتي !

    والسلام،
    عـثمان محمد صالح
    26 مايو2004
    هامش:
    * كـُتـِبـَت الرسالة أعلاه " بمشاعـر ٍ باردة ٍ و مـحايدة "!
    * في بطن الرسالة( رسالة أخرى) مشـفـرة لقـّلة من أفـراد الحزب الشيوعي تراوح بين وهـم الأغلال وبراح الحرية، قـّلة لم ترهـن ملكات عـقـلها للشيطان أكـن لها المودة والإحترام بلا حـدود.

    من بوست:
    رسالة مفـتوحة إلى الأخ خالد العـبيد
                  

12-06-2004, 09:55 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    رفـقاً بشـقـيقـتنا سارة منصور !



    قـبل الشروع في القـول :

    أدرك كامل الإدراك أن ما سيجري به قـلمي، بعد قليل، باهـظ الكلفة إجتماعـياً . أولى الخسائر وأهـمها:محبة الكثيرين!

    لامناص! هـو" قـولٌ" يموج في صدري ولابّد أن أدفع به للناس.

    القـول :

    ما تقـوم به الأخت الكريمة سارة منصور من" قـصف ٍ"جوي ٍبائس ِ الحصاد لها و للبورد، مستخدمةً في ذلك" القـنابل المُسطّرة" ، ليس أكثر من ( رد ِ فعـل ٍ) يائس ٍلإمرأة ٍ مجروحةِ الكرامـة ِهُـوجمـت ـ من الإتجاهات الأربع ـ و بضراوة ٍوعـنف ٍمنقـطعي النظير من قـبل " الكثرة الغالبة" من البورداب ( نساءً ورجالاً).

    " هـو" ما تبقى لإمرأة ٍطاردتها الشتائم التي تعادل في ميزان الأخلاق تلكم التي تفـوهـت بها " المذمومة" وكانت سبباً وذريعةً عُـدَت كافـيةً لتبرير الشروع في( المطاردة الجماعـية) وكأن الأمـرَ يتعلق بالقضاء المبرم على كلب ٍعـقـورأو" ساحرة " مغضوب عـليها من قـبل أرباب الكنيسة الأوروبية في حُـلكة ظلام القـرون الوسطى !

    "هـو" التعبير المتاح أمام إمرأة ٍ تعقـبتها اللعنات الثقال وكأنها( روحٌ شريرة) إقـتحمت على السودانيين( أمان بيتهم العامر بالمحبة والوداد و الغارق ـ حتى أذنيه ـ في" بحر ٍ أليف ٍ" أمواجه الوداعة و الترابط وشطآنـه التسامح والإحـترام المشـترك! )

    لقد أذهـلـتني ردود الأفعال" الإيجابية " ( بمعنى الموافـقة على قـرار الطرد النهائي من البورد) ذهـولاً لم أتمكن حتى لحظة كتابة هذه الكلمة من التحرر من أسره. بدا لى وكأن عـقارب الساعة تعود القهقـرى وتتوقـف عند الأيام الأولى لهروب صدام حسين من معبد سلطته الغاشمة قبل أن ينهار نهائياً لتفـتح بغداد المهزومة بوابتها بإنكسار وتدخلها الجحافـل الاجنبية . تخيلت الأخت ساره منصور تحتـل " المكان المشؤوم " لذلك التمثال التعيس الحظ للدكتاتور المخـلـوع صدام حسين، ثم رأيت بأم عيني ذلك الجندي الأمريكي وهو يتسلق التمثال بصلف وعنجهية ثم يوشحه بالعلم الأمريكي، ثم جيئ بالحبل
    المجنزر الذي إلتف في سادية ٍ حول رقبة التمثال المسكين، وأقـبـلت الدبابة المتعجرفة تتهادى ثم أدبرت وهي تسحب التمثال وتطيح به على الثرى البغدادي وسط هـتاف وزعـيق المتجمهـرين الذين إنقـضوا كالجوارح ، في فـرحة ٍ مجنونة ٍو مسعورة ٍ،على " رمز الماضي المذموم " !.

    ( التي) كـتبت وماتزال تكـتب تلك العبارات المحـزنة في ركاكـتها وسطحيتها وبؤسها ،( التي) كانت تصنع من خصوصيات الآخـرين مادةً لسخريتها وتمد لهم لسان الهزء و التشفيّ بكرة وأصيلا،( التي) تقهقه كلماتها الشاحباتِ ـ في نشوة ٍ وحبور ٍ ـٍ وهي تكيل الإساءات بالمجراف كيلاً، كان قلبهاالنابض بالحياة ، كما كل القلوب، ينزف تحت الرمـاد الكثيف من جراح العزلة والإحساس القاتل بكراهية البيئة المحيطة.

    ساره منصور" رمز مسكوك" لما يود أهالي الشمال" المأزومين في هـويتهم وإنسانيتهم وموقع ثقافـتهم في سلم المدنية الجديدة تقـديمه (قـرباناً ) في" محراب أسطورة السودان الجديد". و" فديةً " للتطهّر من آثام الماضي والخلاص من قبضة كوابيسه.

    إن التي ديس عليها كما يداس على القـوارض والصحائف العتيدة، و فـُرِغـّت من إنسانيتها و حُـشيت ـ كما تحشى بالة الأقـطان ـ بدلالات الشر و رُمـِزّت كمجّسم للكراهية والحقـد
    هي( إنسان) تائه ينـقـب مثل الآخرين عـن الحب ويشتهي الإحترام .عندما لم تجني يدا سارة شيئاً سوى مرارات الصدود والنفـور، تصحّر ت روحها وتفـحّمـت كبدها وإشتعلت النيران في أحشائها فأقـبلت على العالم( بوجه عابـس ٍ و كظيم ) و حـلق ٍ جـاف و لسان ٍ ٍأيبـسـته الخـصومـات فـنـسـيّ كل اللغات التي إكتسـبها في المـهـد ما عـدا ( لـغـة الهـجـاء )!.

    ساره منصور( نتاج ) الرضاعة من حليب تخـثــّر في أثداء ثقافات أهالي شمال السودان. ليست بالعنزة الفاردة كما يزعم البعض متوهـّماً" كمال الذات الشمالية" التي ( ينتقـص ) من قدرها إنتساب سارة منصور لها.

    ما هي" بالعار"حتى نتكالب ونتدافع ـ رجالاً ونساءً ـ لدفـنه سراً في حظيرة الأغـنام تحت أستار الظلام. إنها ( وليدة شرعـية) لذلك" المكوّن البائـس" ـ الذي نحاول ستره أو التبرؤ منه أمام الآخرين ــ من مكونات ثقافة الإستعلاء العرقي وإضطهاد المرأة من قـبل الرجل وتحقـير المرأة لذاتها وهي تحقـّر بنات جنسها وتنعتهم وتعيّبهم بما يراه الذكر عـيباً في الأنثى ومذمةً ونـقـصـا.

    إنها( بنتنا) نحن أهـالي الشمال، لم تفـد إلي مضاربنا من الخارج ولم نتبناها لقـيطةً من دار ٍ للأيتام ولم تهبط على أرضنا من قـبة السماء! ( وهذا باب في البحث كبير)

    ----

    عثمان محمد صالح

    إسمان ميهيميد ساله


    من بوست:
    رفـقاً بشـقـيقـتنا سارة منصور !
                  

12-06-2004, 10:00 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    Dear Adil Abdalaati,
    One of the most important pre-conditions of performing a scientific investigation, specially in that “delicate “field called “humanities” is possessing of “ quietness of the soul“+ a necessary degree of “ideological neutrality “enabling the investigator (no matter who) to eliminate all kinds of value pre-judges and sentiments. It is a difficult ‘task”, but not impossible to be achieved, if the” target” of the investigator is to produce a pure“ science” not “political propaganda”!!!! To be involved in the political struggle does not mean not to pay enough attention to the strict rules of scientific methodology.
    ”Satanisation” of “disliked”/“glorification” of “beloved” political phenomenon’s has nothing to do with science, for instance: when I wrote that message: Sudanese communist part is a holly tree, I was guided by some ideological reference, but when I wrote: Some sociological mystifications about the changes in Sudanese communist party, I was trying to create a scientific image about that party guided by strict sociological rules.

    The classical work of Anna Arend: (Totalitarianism) is a perfect example of what could be called “scientific inquiry”
    “Fascist” or “ Nazi” as terms are not equivalent to whom you call “awbaash”. They are not identitic. “Fascist” is a new social phenomenon, while “awbaash” is a pre-modern intensively value-loaded classification of political or social behavior of mass or social group.

    Fascists called themselves fascists, while “awbaash “ is a classification given by outsiders, by observers of that specific “behavior”. It is an ethical (moral) judge about that behavior
    In my opinion, one of the most fatal shortcomings of “sudanese” political mind (mentality) is not merely its blind (shafaga), but also its “bad habit” of “importing “ ready-made ideological “clichés”. It is a “consumer” not a “producer” of new knowledge. It applies directly those “clichés” for the current aims of political struggle. All of us are still victims-in different degrees- of this mentality.

    Observation of the presence of some common morphological” features” or characteristics between two social phenomenon’s does not mean - in the scientific plan- that they are contently identitic.

    Wearing of specific clothes or holding specific flags, does not make two social or political groups look similar, yes they are “signs”, they are also important distinguishing sociological features, but they don’t posse any analytical power!!
    Marxism, Fascism, Nazism as ideologies are “products “ of ” modern time”, all of them share the following common characteristic: they are “resistance ideologies” to what we use to call “capitalistic way of production and life”, but this not enough to make them similar. Marxism is specific kind of futurology; the two other ideologies are reactionistic. Marxism as a “provacy”is connected with category “social class” which is a modern social phenomenon per excellence, while Nazism is connected with category ” race” which is a traditional social phenomenon.
    Marxism is against the “class society” seeking, looking for a “ non class society” witch lies in the “future”, in the “unknown”, while Nazism is looking backwards or trying to preserve slowly dying type of “social relationships”.
    Another important distinguishing features: Marxism is a product of advanced capitalistic society (England), where the new “ non personal social ties” between people has advanced very fast. Nazism is an ideological “defense-system” used in a society moving difficultly through the “transitional stage” between traditionalism and modernity.

    Applied Marxism in its soviet model and Nazi ideology in Germany before the SecondWorldWar produced a new social phenomenon Totalitarian State), but they created this type of state following different ways.
    Applied soviet Marxism could not be approached, analyzed and interpretated
    only by referring to the theoretical model of Marx and Engels, specific sociological features of the Sarian Russian kingdom must be taken into a account, the dominated type of social relationships could explains many of “mysteries “of what has been called by the Russian philosopher Perdiayev “Russian Communism”
    The same could be said about the other “experiences” in social engineering, which has taken place in Eastern Europe and outside the old continent too.

    With respect,
    Osman Mohamed salih


    من بوست:
    الحزب الشيوعي السوداني: حزب الفاشست الجدد
                  

12-06-2004, 10:05 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    تأملات سوسيولوجية فى بعض قضايا التغيير داخل الحزب الشيوعى السودانى
    عثمان محمد صالح - هولندا

    (الجزء الأول)

    مقدمة:-

    قد يقول قائل لم الاهتمام بشئون حزب غادرته ذات يوم بمحض ارادتك في لحظة صحو وادراك كامل؟ وقد يقول آخر في ما يشبه الاستعلاء: أهل مكة أدرى بشعابها، ففيم التعب؟! للأول أقول إن لم يكن سعياً وراء منفعة زائلة أو جرياً وراء سلطة حاكمة فإن الخروج من صفوف الحزب الشيوعي لا تعني –على الاقل بالنسبة لي- استبدال مشاعر المودة والانتماء بأخرى هي العداوة والجفاء، فبين هذه وتلك يتسع صدر الزمان والمكان في أريحية وكرم مفسحاً لحميمية الروابط الإنسانية التي لا يعكر صفوها نقداً او اختلاف أو مروق ولاحترام المرء لذاته ولتاريخ ارتباطه بالمؤسسة الحزبية مساحة رحبة وظليلة. وأقول للثاني بدون ضيق في الجوانح: أصبت كبد الحقيقة فأهل مكة حقاً أدرى بشعابها و(غوشها) أيضاً. لكنني لا اكتب من مواقع الواعظ فما أنا بواعظ. هناك من الدوافع وهي كثر ما حفزني للتأمل والكتابة في هذا الشأن اذكر منها هنا أهمها وهو سياسي يتمثل في رغبة المساهمة – على تواضعها – في الجدل الملتهب في قلب الحزب وبين أنصاره وهو يخوض معركة المصير في أن يكون أو لا يكون.

    إنني أرى أنه لا يصب في مصلحة الحركة السياسية في السودان تحول أي طرف من أطرافها (الحزب الشيوعي كمثال) إلى تركة هاملة تتنازعها بقية الأحزاب والتنظيمات (الحزب الحاكم يقع خارج إطار التحليل لأن منظوره الشمولي ونزعته الاستئصالية للآخر واحتكاره المطلق للفضائين السياسي والاقتصادي وادعائه أحقية التمثيل القومي في واقع يموج بالتعدد، كل هذا يجعله يرى افضل الاحزاب قاطبة هو ذاك الحزب الموجود في خانة العدم). إن شهية الاستحواذ على "ميراث" الحزب الشيوعي (ظاهرة كانت أم مستترة" منظور اليها بمصطلحات السياسية لا علم الاخلاق هي ضعف وضحالة في التحليل وقصر في النظر السياسي وهو فوق هذا وذاك حالة مرضية مزمنة أصابت الحركة السياسية السودانية منذ بواكير نشأتها لم تشف منها حتى الآن.

    إن في غياب الحزب الشيوعي أو أي حزب آخر هو تبديد غير مسئول ومهلك لجزء من تجارب المجتمع وإهدار عبثي غير مبرر لطاقات بذلت وحيوات بشرية صرفت أو أزهقت.

    إن استمرارية وجود الحزب الشيوعي بهوية جديدة ينحتها ويصوغ ملامحها العقل الجمعي لأعضائه وأنصاره، حزب راسخ المبنى، متجدد الأفكار، متلمس لاحتياجات مجتمعه ومنفتح على قضايا العصر وتحدياته ليست هدفاً لذاته بل هي ضرورة يفرضها التفكير المتمعن في قضية الديمقراطية ومستقبلها في السودان. فمن نافل القول الاشارة إلى حقيقة معلومة وهي أن التجربة الديمقراطية في السودان لن يكتب لها النجاح والتطور إلا في ظل صراع سياسي حقيقي دون قهر بين قوى وجماعات المجتمع المدني المتمرسة خلف مصالحها الفئوية الطابع والدنيوي المحتوى، والحزب الشيوعي – في وجهة نظري – يمثل منذ سنوات ميلاده الأولى مفاعلاً نشطاً من مفاعلات هذا الصراع.

    مما سبق ذكره يمكن التلخيص إلى التالي:

    إن في تجيد الحزب الشيوعي إضافة نوعية وعامل إخصاب لمشروع الديمقراطية والتحديث (المجهض) واشاعة العقلانية والتنوير في السودان.

    *- قد تبدو التأملات الواردة أدناه أشبه بمتفرقات وما هي بمتفرقات. إن ما يجمع شتاتها هو رغبة كاتبها في أن تصير "قواديس" في ساقية التغيير داخل الحزب، قواديس قادرة رغم تواضع حجمها وضيق عبوتها على جلب الماء من نهر الحياة الدفاق إلى جروف ضربها عطش وتصحر حتى تشققت.

    1- المؤتمر الخامس بين عادية الحدث واستثنائيته:-

    يحسب البعض ممن ضاق صدره بحالة الانتظار الطويل في ظل المراوحة التي تتسم حركة الحزب الشيوعي في اتجاه مؤتمره الخامس أن انعقاد المؤتمر سيكون فيه شفاء ناجع وعاجل لمرض عضال ألم بجسد الحزب وشل قواه، متناسياً حقيقة أن المؤتمر – أي مؤتمر – هو حدث عادي في حياة كل حزب أو مؤسسة من مؤسسات المجتمع، وأن الحزب الشيوعي ليس استثناءاً من هذه القاعدة. صحيح أنه من غير العادي ألا ينعقد المؤتمر طيلة ال34 عاماً المنصرمة. لكن الملابسات والظروف المحيطة بهذا التأجيل الخارق للعادة وهيكل الآمال العراض الذي يزداد علواً وتسامقاً كلما اصطكت بالآذان المتشوقة كلمة "المؤتمر" المصبوغة بطابع سحري – كل هذا وغيره لن يجعل من المؤتمر الخامس عصا موسى التي فلقت عباب البحر ولن يمنحه مسحة من بركات المسيح وكراماته التي تشفي الأسقام وتحيي الموتى. واهم وحالم كل من ينتظر قدوم الخلاص المسيحي على يد مقررات المؤتمر ونتائجه. ليس في وسع مؤتمر طال انتظاره اكثر من ثلاثة عقود من الزمان البت في أمر كافة القضايا المعلقة والاشكالات المطروحة في جدول اعماله. لن تحل إلا تلك القضايا "المقدور" عليها حسب طاقة الحزب الحالية وتجربته التاريخية وقدرات المشاركين فيه وتوازن القوى والمراكز الفكرية الناشطة في داخله. هذه حقائق معلومة من الأهمية بمكان التذكير بها وخلق مناخ نفسي مساعد لتقبلها والاعتراف بها والتصالح معها. بتعبير آخر المؤتمر الخامس بداية وليست نهاية لمشوار طويل وقاس الهدف من قطعه بخطى حثيثة ومتزنه هو استرداد الحزب الشيوعي لعافيته الفكرية والتنظيمية بالتدريج. هذا ما تقوله تجربة الحزب نفسها وتجارب الاحزاب الشيوعية المطعونة في ماضيها والمشكوك في مصداقيتها بعد انهيار أنظمة الحكم الشمولي والمحاكمة التاريخية التي تتعرض لها الماركسية ومشروعها في التغيير الاجتماعي. أما استعجال النتائج وحرق المراحل ومنهج "القفزة الكبرى" فلن ينتج عنها إلا مسخ مشوه، طفل غير مكتمل النمو في أحسن الأحوال.

    2- مفهوم التغيير:

    التغيير داخل الحزب ليس قطيعة كاملة مع التقليد. هو مراجعة فاحصة وصارمة لتراث الحزب وليس إلغاءا أو شطباً عدمياً لتجارب الماضي. إنه ليس انقلاباً على القيادة تحركه نوازع الثأر وروح التشفي والغبن والرغبة في تصفية الحسابات القديمة. هو سعي حثيث يرتكز على ما هو إيجابي ونير في تجارب وتضحيات الأجيال المؤسسة وحراك في اتجاه المستقبل واجتهاد خلاق واجتراح وابتداع لأشكال ومداخل للعمل تتناسب وتتمشى مع طبيعة الظروف المتجددة ومقاربة موضوعية بذهن مفتوح لحقائق الواقع الامبيريقى في حيويته وثرائه وتعقيداته ومفاجآته السارة والمحبطة في آن واحد.

    إن ما هو بحاجة ماسة للتغيير هو فلسفة التغيير نفسها. لقد خبرنا من حصيلة التجارب أن قضايا التغيير الاجتماعي والحزب الشيوعي جزء منها أعمق واكثر تعقيداً من أن يحسمها ويفصل في أمرها نهائياً قرار حزبي أو وزاري أو فرمان ملكي ... الخ فالتغيير الاجتماعي ليس ابدالاً ميكانيكياً لشيء ما وإحلال شيء آخر مكانه (رفع أعلام الدول والجيوش المتحاربة تبعاً للهزائم والانتصارات العسكرية على سبيل المثال) وهو أيضاً ليس انتقالاً بدوياً من بقعة اصابها القحط والجفاف إلى أخرى اكثر خضرة وأوفر ماءاً. إنه عملية اجتماعية طويلة المدى (ربما بلا نهاية) ديدنها مبدأ الارتقاء، تتقدم وتنتكس، تصمد وتهبط لكنها تستمر في الحراك والفاعلية وهذا هو المهم: الحركة لا السكون. أما مشروع التغيير الاجتماعي في نسخته الثورية الراديكالية فهو لا يهدم بحق ولا يبني بحق. (من عبث الاقدار وقسوتها أن الحزب الشيوعي السوداني الذي أسهم بقدح معلى في ادخال مفهوم التغيير الراديكالي إلى السودان ورسخه جاعلاً منه جزءاً عضوياً من بنية الثقافة السياسية اصبح هو الآخر قرباناً ضحى به في محرقة التغيير نفسها – تجربة 1971-).

    إن التغيير العميق الجذور هو ذاك الذي لا تقطف ثماره الاجيال التي كدت واجتهدت وضحت في سبيل انجازه لأن نتائجه ببساطة ملك للمستقبل.

    3- الهوية الزائفة:

    منذ انهيار نموذج "اشتراكية الأمر الواقع" سال وما يزال الكثير من الحبر – داخل الحزب الشيوعي وخارجه – قرباناً لموضوع الهوية الماركسية للحزب. قرر البعض أن الحزب الشيوعي قد فشل في مسعاه لسودنة الماركسية، وشكك قسم آخر من الناقدين والناقمين في شرعية وجود الحزب زاعماً أن الماركسية قد فشلت كنظرية للتغيير الاجتماعي وتمترس البعض داخل أروقة الحزب مستميتاً في الدفاع عن الهوية الماركسية المغضوب عليها. هذا الجدل برمته أراه غير ذي موضوع. بتعبير ثان هو معركة في غير معترك. حجتي في ذلك بسيطة: الحزب الشيوعي السوداني لم يكن حزباً ماركسياً في يوم من الأيام. العبرة فيما يخص الهوية ليست في الاسم ولا العنوان بل في طبيعة التكوين الفكري لغالبية اعضائه والمداخل التي اقتربوا من خلالها من الحزب والأهداف التي جذبتهم نحوه.

    الحزب الشيوعي في رأيي هو حزب لينيني. أما الماركسية التي انداحت امواجها حتى وصلت الينا في السودان فهي نسخة من ماركسية الكومنترن. ماركسية شاحبة، عجفاء، ركيكة، سوقية، دوغمائية مبسطة إلى حد الاخلال، تبشيرية قائمة على منهج الاقتطاف الكسول والاستشهاد الديني الطابع بالنصوص المحفوظة المقدسة، أرهقتها متطلبات العمل السياسي المباشر وتطفل العقل الوثوقي المستهلك. لهذا السبب بالذات – في تضافره مع اسباب وعوامل اخرى – ظل إسهام الشيوعيين السودانيين هزيلاً وضامراً في حقل الانتاج الفكري والفلسفي.

    لقد غادر الحزب الشيوعي "نص" الواقع بحيويته وألقه وتجدده اللا نهائي ميمماً شطر قبلة هي النصوص نصبها إلهاً خالداً شيد له محراباً للطواف والنسل والعبادات واتسم تعامله وتعاطيه مع الماركسية بطابع المتطفل الذي يعتاش على النصوص مستنفداً رحيق الحياة في عروقها حتى جفت وذوت: يجتزؤها ويقطع أوصالها ويخرجها عنوة وقهراً من سياقاتها ويحولها في آخر الامر إلى سلاح فكري لهزيمة الخصوم وما استخادم ركام الكتب والمؤلفات الكلاسيكية في حرب "النصوص" إبان الصراع داخل الحزب عام 1970 إلا اكثر الامثلة قبحاً ودمامة ودلالة على ما ذكرت.

    إن الصاق لافتة الماركسية على بضاعة الحزب الفكرية والسياسية لم تكسبه الهوية الماركسية وبنفس القدر فإن طرد "كلمة الشيوعي" من واجهته لن تعني آلياً انتفاء شيوعيته.

    4- الهوية الإمبيريقية:

    الهوية الإمبيريقية ليست صورة "الذات" عن نفسها ولا صورة "الذات" منعكسة من مرايا الآخرين ولا تفاعل الصورتين في انسجام أن تناحر. إن حملة التحضير والاعداد للمؤتمر الخامس فرصة يتلمس فيها الحزب الشيوعي هويته الإمبيريقية قبل أن يتقدم بطاقته التعريفية الجديدة للمجتمع السوداني وحركته السياسية. طليعية الحزب، هويته الماركسية، عماليته، دفاعه عن قضية المرأة والقوميات المضطهدة والمهمشة ... الخ كل هذه الاكليشيهات من الضروري اختبار صحتها وقياس مصداقيتها في التعبير عن حقائق الواقع العياني الملموس من خلال احصاءات ووثائق واستبيانات يمكن من خلالها التعرف على الآتي (مثالاً لا حصراً):-

    · التركيبة الاجتماعية للحزب مهنياً، قبلياً، دينياً، تعليمياً ... الخ

    · التركيبة العمرية لأعضائه

    · موقع المرأة في بنيته ووزنها في نشاطه وقيادته

    · طبيعة التكوين الفكري لأعضائه

    · أثر العائلة وتقاطعه مع مبدأ الكفاءة والأهلية للقيادة

    · نوعية المداخل التي تقرب الأفراد من الحزب: صحافته، أدبيات الحزب، كتاب، صداقة تأثير عائلي، نموذج التضحية ونكران الذات الذي يمثله الشيوعيون.

    5- المثقف:

    المثقف هو عقل الحزب ونبض حسه النقدي. دوره ووظيفته إثارة البلبلة وإشاعة روح الشك النقدية لا تقديم المسلمات وإجابات يقينية جاهزة ومستهلكة تبشر بالإيمان وتبعث على الاطمئنان وتوفر راحة الذهن. فلم اصبح الحزب مؤسسة طاردة للمثقف بعد أن كان في بواكير نشأته مركز جاذبية وبؤرة استقطاب؟ في محاولة للعثور على اجابة للسؤال أعلاه تنتصب أمامي فرضية هي: مأزق المثقف داخل الحزب الشيوعي أنه يجد نفسه مطحوناً بين مطرقة طليعية الحزب التي كانت سبباً في انجذابه للحزب وسندان التمسح بالرداء العمالي الذي سيصبح سبباً لخروجه من صفوف الحزب، وما بين المطرقة والسندان تتبدى ملامح حياة حزبية فقيرة ضحلة يسودها الشك واحتقار المثقف كحامل لعقليته البرجوازية الصغيرة، وتغيب فيها قيم التعددية والتسامح الفكري. هذه الفرضية يمكن نفيها أو اثبات صحتها عندما يكتب المثقف المارق والمقيم دراما علاقته الملتسة بالمؤسسة الحزبية.

    6- الحوار، الصراع الفكري والانقسامات:

    تغيب تقاليد الحوار في حياة الحزب الداخلية مفسحة المجال لما يمكن نعتها بسيئات "حوار الطرشان" التي سرعان ما تستشري مستدعية تدخلاً عاجلاً لحسمها بآليات القمع التنظيمي وهي عديدة تبدأ بالتدجين والكبت الفكري بسلاح التصويت وتغليب وجهة نظر الاغلبية وتنتهي بالفصل وفظائع التشهير وتشويه السمعة وشطب التاريخ النضالي للأفراد بجرة قلم. سجل الصراع الفكري داخل الحزب الشيوعي مثله مثل كل سجل يؤرخ لكل صراع ينشب في اطار أية مؤسسة أو حزب مكتوب بمداد المنتصر مزهواً بأمجاد انتصاراته مغمساً يراعه في دماء المنهزمين. لكنه أيضاً وبمعنى من المعاني السجل الاكبر لحركة التغيير في بنية الحزب الفكرية والتنظيمية. لذلك من المهم نشر الوثائق والحقائق كاملة حول كل صراع أو انقسام. من المهم ايضاً استكتاب المنقسمين والمفصولين والتاركين لصفوف الحزب بناء على موقف فكري حول تاريخ الانقسامات والصراعات من زاوية نظرهم. نشر هذا التاريخ سيكشف للأجيال الحاضرة واللاحقة حقائق عن الكيفية التي يدار بها الصراع، مناخه النفسي، أدواته وآليات حسمه.

    عثمان محمد صالح - هولندا

    ديسمبر 2002

    من بوست:
    حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني
                  

12-06-2004, 10:08 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    تأملات سوسيولوجية فى بعض قضايا التغيير داخل الحزب الشيوعي السوداني

    الجزء الثاني

    ۱- جذوة التغيير:-
    ما تبدى لي، في مطلع ِ التسعينات ِ من القرن ِ الماضي،محضُ فرضيةٍ هائمةٍ على وجهها مُعناةٍ بلهيب الشكِ، مُضناةٍ بهجر اليقين، مُشرعةِ المنافذِ والثغور – دون رقيبٍ من احكامٍ مسبقةٍ – لإستقبال أكثر من إحتمال، مفتوحةِ الافقِ على اكثر من خانمةٍ ومصير، عندما تهاوت أنظمة الحكم الشمولي فى اوروبا الشرقية ( بفعلِ " تسوس" قاعدتها أكثر من ضرباتِ معاول الأعداء )، وتداعت لها بالإنهيار والسقوط لواحق " المبنى "، إمتداداته وتوابعه فى جغرافيا العالم الثالث، ما كانت تعرفُ – وقتذاك – بالإسم الرنان لكنه مُلفق، الجذاب لكنه غامضُ ُ ومُلغز، الملهب لأخيلةِ الفقراءِ وأشواقِ المحرومين لكنه مُهوم فى الغمام وميثولوجي، القادر على الهتافِ والدعايةِ والإستقطابِ لكنه " رهابيُ ُ " مُضلل ،المُنتج فى تاريخه القصير فيضاً من ( الكلام ) الوفير لكنه فى واقع الأمر لم ( يقل ) شيئاً ولم (يفصح )، الواصلِ الى سِدرة منتهاه يابس العود، منخور الجذور، قتلته شرور نفسه وسيئات اعماله وتناقضاته الداخلية وأزماته المستحكمة قبل ان تكيل له الضربة القاضية وتطعنه الطعنة النجلاء وترديه قتيلاً مؤامرات أو إنتفاضات أو حروب اهلية طاحنة: ( بلدان التوجه اللارأسمالي ) – مابدا – آنذاك – محضُ فرضيةٍ إستحال، بعد اعوامٍ من الملاحظة والدرس ِ، آخذا هيئةً الإستنتاج: ما تزال جذوة التغيير متقدةً – تحت رماد الإستالينية والجمود – فى قواعد الحزب الشيوعي السوداني. ليس هذا الإستنتاج بصادرٍ عن ( واهمٍ ) يحلم بالقيامة ينفخ صورها حيوية البعث بين الأطلال، ولا عن ( عشمان ) ينتظر حدوث الخوارق والمعجزات وعودة الروح إلى ركام الخرائب. سندي: طوفان الكتابة النقدية ( تتدرج فى سُلم النزعة النقدية ( criticism ) تبعاً لقدرا ت وآفاق ومواقع مصالح كاتبيها ) التي غمرت وثائق الحزب الشيوعي وطفحت خارج المجرى الرئيسي لمطبوعاته شاقة ً طريقها إلى وسائط الإعلام، منذ أن فتحت أبواب " المناقشة العامة " مؤذنة ً ( ببداية أفـول ) عهد الجمود والإنغلاق الفكري وهيمنة " المقد سا ت "، ( وبدء تخلق ) جينات عهدٍ مغاير سماته الأساسية هي: المكاشفة ، الشفافية ، دمقرطة الحياة الحزبية، تحرير العقل من سلطة الدوغما، فَك أسر اللسان، دك حصون المحرمات، " علمنة " صورة الحزب بمعنى كشف وإزاحة الغلالة الميثولوجية التى ظلت تلفح وتحجبُ " عادية "ا لصورة و " دنيويتها " وإنتمائها لهذا العالم طيلة ما يُقارب الستين عاماً، فك إرتباط الحزب نهائياً وتحرير برنامحه من ربقةا ليوتوبيا، إستبعاد الشق النبوئي والغير علمي للماركسية ورد الإعتبار الكامل لمنهجها السوسيولوجي، الإنفتاح الجسور على منجزات مدارس وتيارات فكرية داخل وخارج " البيت " الماركسي كان الإقتراب منها فى الماضي، دع عنك توظيفها فى الفهم والتحليل والتفسير والتنبؤ الإجتماعي، يُعد إثماً وإنحرافاً عن الصراط المستقيم وجريمة ً تثير الريبة والظنون وتفتح أبواب جهنم: تتطلب سرعة فى التدخل، تقتضي قوة فى الردع والقمع، تستوجب تطبيق أقسى أنواع الجزاءات والعقوبات!

    ۲-( النقد): منظور فلسفي:-
    ( النقد ) – فى عمق مدلوله الفلسفي – إنجازُ ُ مُكرمُ ُ من إنجازات عـقـل " الأنوا ر " وفتحُ ُ مبارك من فتوحاته العديدة الجليلة، يتسامى بقامته إلى مقا ما ت كشوفٍ أخر دشنها إنسان " عصر الأنوار " وصارت ضمن العتاد الفكرى لإنسـان العصـر الحـديث، منها: بزوغ فكـرة " التقدم " " الإنسية " (Humanism (، مفهوم الزمن ا لخطي واللامتناهي، فكرة " المستقبل " ككينونة قائمة بذاتها، كبعد مستـقـل للزمن، لا كهاوية قادرة على ابتلاع العالم برمته ولا كمنحدرٍ للتاريخ ولا كنهاية لمسيرة القوافل على رمضاء " الخطيءة الأصلية " ولا كنسخة مكررة لصورة " الماضي الذهبي " وهي تعتلي منصة التاريخ من جديد، ولا كمصدر للخوف من المجهول ولا كمنبع للإحسا س بالعجز وفـقدان ا لقدرة والحول إزاء سطوة ماوراء الفيزيا، بل كأفق ٍ مفتوح الأبعاد زاخر بالإمكانات ينتظر ( يد ) الإنسان و(عقله). وكمحفز ( للفعل الإيجابي ) من اجل إعادة " صياغة " العالم وتغييره، إعادة إكتشاف الإنسان لذاته، ولقدراته الكامنة وإمكاناته المقـموعة و إحتلاله لمنزلةٍ جديدة فى ( مملكة الوجود ) تقـلب ( نظام العالم ) وترا تبية العصر الوسيط رأساً على عـقـب، الأمر الذي يدفعه للتمرد على الطبيعة ساعياً للسيطرة عليها و إخضعها لأهدافه وتسخيرها لمصلحته.

    ( النقد ): مفخرة العقل، زينته، وسامته الصبوحة، صفية المقرب، حارسة الأمين، أ نيس خلوته، عزاء وحدته، جليسه الصلوح، سلاحه البتار – لا يصدأ – ضد هيمنة الدوغما وإستبدا د القداسة، تاج عزته وضياء هامته المهيـبة وهو يحتسي أنخاب إنتصاراته فى إحتفال نرجسي الطابع، ثم " يُصنم " ذاته ويخر ساجداً أمامها مستغرقاً فى طقوس عبادة لا تنقضى ! ( هذه النرجسية، هذا التصنيم (Fetishism (، وهذه العبادة للذات تفتح الباب على معترك فلسفي متقد الأوار لا تهدأ قعقعة أسيافه المتبارزة حيناً إلا لتدوي من جديد)
    هل من قبيل الصدفة يا ترى ، أن يُحظى ( الـنقد ) بإحتلال تلك المكانة المرموقة والمميزة فى أسفار العديد من ورثة أمجاد العـقـل الأنواري – على سبيل المثال لا الحصر. نقـد العقل الخاص لكانت، العنوان الفرعي لمؤلف راس المال ونقد فلسفة الحق عند هيجل لكارل ماركس؟
    هذا عن ( النقد) مُعرفاً بال ، محروساً بمتاريس الأ قواس، مُحبراً ومسطراً با لبنط العريض، اما النقد المجرد من الأ لقاب والأوسمة والإمتيازات، فى صيغـته النكرة، فى المفهوم اليومي المتداول، فلا محل له من الإعراب فى جملة هذا القول!

    ۳- النقد (صادراً) عن (الذات) أو (قادماً) من (وراء الأسوار):-
    لا خير إلا فى الاختلاف والتمرد والمروق، لا شر مستطير أكثر من ا لتماثل والتماهي والقولبة لأنها دليل معية وتصعير خد وإحناء هامة، هوان تبعية، مسخ للتفرد، ذ ل وعبودية!. النقد ينبوع نعمة لأ طوفان نقــمة وبخاصة الذى يصدر عمن لحقتهم صفة " متمردي الحزب " !. أن تاريخاً بدون إنتفاضات، بدون تمرد بدون متمردين هو تاريخ ساكن، جامد، لا روح فيه ولا حياة ... إنه تاريخ بلا لأحداث، بلا وقائع، بلا اسماء ( سوى أسماء القادة )، بلا بشر ( سوى صُناع القرار) ... هو تاريخ بلا فحوى وبلا صيرورة !
    لا جناح ولا خطيئة ولا نقيصة فى إكتساب فضيلة الإنصا ت بإهتمام وتركيز للنقد الزي يأتي الحزب الشيوعي من خارجه. غيا ب النقد، نفيه، تهميشه، تجاهله وقمعه تحت أية ذريعة أو مسوغ، تسييد منهج " سد الإضنين " لا يعني شيئاً آخر سوى إنقطاع اسباب صلة الحزب الشيوعي بالبيئة المحيطة بـه الأمر الذى لا محالة مؤد للإصابة بالعمى وفقدان القدرة على الإستجابة وموت الحواس يعـقـبه موت الجسد.
    لا تهملُ " جردة ا لتحليل حتى زلك ا لنقد الصادر عن اولئك الذين يقض الوجود الرمزي للحزب الشيوعي سكينة مضاجعهم والذى – للمفارقة – يُصيب الماء الوفير فى طواحينهم السياسية من حيث يدرون أ و لا يحسبون، والذي يشكل غيابه غياباً لمورد هام للإستثمار السياسي رخيص الكلفة، سريع النتائج، عالي المردودية يُسخر – دونما جهد يذكر – للدعاية والاستقطاب وتجيش العواطف وخندقة الغرائز، وعن آخر يمثلُ نشاط الحزب الشيوعي – سرياً كان أو علنياً، متسارع الوتيرة أو بطيئها – عقبة فى سكة احزابهم وهي تبحث عن امكانية التمدد وتنشد موارد الإنتشار، أولئك الذين يريدون تشيد صروح أمجادهم السياسية على حساب ما يصفونه ببطء عجلة التجديد داخل الحزب الشيوعي و إتخاذها مسارا لا يستصوبونه، ناظرين إلى ما يحد ث داخله من (أريكة) المتشفي و ( علياء ) المتكـبر المختال، موجهين خطابـهـم له من ( منبر ) الواعظ العارف/ المُمسك بخيوط الحقيقة، المملوءة جنباته نبوغاً وحكمة، فصاحة ً وبلاغة ً، ساعين – فى سَمت الناصح الشفوق – تحديد الشروط والـكيفية والوتيرة التى يجب على الحزب إتباع " وصفتها " إذا ما كان راغباً حقاً فى التغيير، حتى يصير بوسعه " الإرتقاء " الى مصاف " نموذج " بعـينه يعـشعش في أذهانهم، إن أراد لحاله صلاحاً ولجهده فلاحاً ولحياته " إمتداداً " في المستقبل ( بعبارةٍ ثانية: أن يقوموا هُم " بعجن " الحزب وتشكيله من جديد وفق تصورهم وهواهم نيابة عن عضويته !!)، أولئك الذين يبدو الحزب الشيوعي فى نظرهم عجوزاً أثقـلت كتفيه اعباء الـكهولة، برحـت " ضميره السياسي " أوزار الماضي وخطاياه، شل قواه عنت الحاضر وغاب عن ناظريه ملمح المستقبل فلم يعـد يعرف لقدميه موطئاً ولا لحركـته إتجاهاً، أ و " ضهباناً " ضاع فى " صقيعة " السياسة متخبطاً فى متاهاتها، يتوسل الآخـرين أن يمنحوه "عُكازة " الرشاد.
    تغيير الحزب الشيوعي – هيكلاً وفكراً – هو ملك لأعضائه وأنصاره ومؤيديه لا ينازعهم فيه مُنازع. إن التغيير المنشود ليس هدفاً فى ذاته حتى لا تلحق بالحزب " وصمة " الركود والتخلف عن ركاب العصر، ليس مجارة لموضةٍ رائجةٍ أوصرعةٍ فكريةٍ سائدة، ليس محاكاة لمثال أو نموذج داخل السودان أو خارجه، ليس تشبهاً بأحزاب سبقته وتقدمت عليه فى هذا المضمار، حتى لا يفـوته قطار الزمن المُتعولم، ليس ركضاً بهدف نيل إستحسان خصم أو محبة عدو حتى يبدو الحزب أوسم طلعةً وأخف ظلاً وأعذب قولاً وأكثر مقبولية، وأخيراً، ليس سعياً وراء مرضاة أحد، كائناً من كان، حاكماً أو محكوماً ! هو أي الـتـغـيير – تعبير عن اعتما ل حوجة باطنية ضاغـطة، لا مفر ولا مهرب من الإستجابة لها وتلبية مطالبها مهما علا سقـف تلك المطالب، فى " مشوار " لا تبين نهايته، هذا إذا كانت له نهاية ً أصلاً: شاق، عسير، مضني، الهدف من قطعه وتحمل مشاقه هو بناء حزب سياسي راسخ البنيان، قادر على الإجتهاد، مُشرع الأبواب والمنافذ للوافدين، ينعم من يستظلُ بظله فى خلاء السياسة بغذاء الروح والعقل معاً ويتنفسُ من تضمهم هياكله التنظيمية هواء الديمقراطية والانفتاح والعلنية وحرية تساجل الأفكار دون حجر او قيد.

    ٤- هل هو حقاً موسم هجرةٍ إلى اليمين؟:-
    ليس الحزب الشيوعي " يثرب " الجديدة يستجيـرُ بحمى مضاربها الفارون من ضيم أهل " مكة " ! إنه ليس " حـادي الركـب " فى مسـيرة الـقوافل نحـو " الجمـهورية الفاضـلة " ، ليس " طليعة " عمال السودان وكادحيه، ولا " قدوة " مجتمعه ولا " المرشد الحكيم ". إنه حزب "عادي " مثله فى هذا مثل بقية الأحزاب والتنظيمات التي تعج بها ساحة العمل السياسي فى السودان لكنه حزب يساري دون أن يعني هذا إحتكاره لليسارية ( ( Leftismأو تمثيله لها. ليس فى مقدور الحزب الشيوعي أو أي تنظيم آخر تمثيل اليسار فى السودان لا لان اليسار مشتت تنظيمياً، منقسم على ذاته، متعارك إديولوجياً والخصومات والعداوات والخلافات بين عشائره اشد وأنكى وأكثر عمقاً من خلافاته مع فِرق وطوائف وأحزاب اليمين فحسب، بل ولأن اليسار فى السودان من العسير تحديده إذ لا تستوعبه بأكمله أحزاب أو تنظيمات قائمة بل هو " كوكبة " رؤى وأفكار وأفعال سياسية تدور فى فلك مشروع التحديث الشامل ومحاولة اللحاق بركب العصر دون ان تدفع الفئات الضعيفة إجتماعياً والواقعة فى أ دني سُلم المداخيل والثروة كافة أعباء وتكاليف تنفيذ مشروع التحديث. " اليسارية " – حسب هذا المفهوم – تخترق بنية المجتمع السوداني الهجينة التكوين من اقصاها إلى أقصاها ومن أدناها ألى أعلاها – بكافى عناصرها المتعايشة والمتصارعة، بطبقاتها الحديثة وتكويناتها الما قبل الرأسمالية، بمدنها المُستريفة وريفها المتمرد ... الخ.
    ليس الحزب الشيوعي " عُمُودية " الثوريين فى السودان، لا مَسيدهم الطاهر ولا مزارهم المقدس! ليست عضويته " حراس " نقطة المرور وخفر التفتيش الإديولوجي للعابرين من أرض حزب غلى آخر ومن إنتماء قديم إلى هوية سيا سيةٍ حديدة! ولهذا فإن وصف التاركـيـن صفوف الحزب الشيوعي ممن كتب عليهم خُطى الإلتحاق بأحزاب سياسية ناشئة بالمهاجرين نحو اليمين، فيه – بدءاً و إنتهاءاً – إمتثالُ ُ وخضوعُ ُ لمشيئة عادة مزمنة آ ن أوا ن طلا قها طلاقاً بائناً تتمثل فى إستراد قوالب التصنيف الإديولوحي الجاهزة والمريحة لأذها ن مستخدميها، من غياهب ذلك الماضي المُثقل بالإستالينية والجمود ونصب " المشانق الفكرية " للخصوم والمنقسمين والمفصولين!
    فى إعتقادي، أنها ليست بهجرة إلى اليمين بل نحو آلهة جديدة أ ينع شباباً وأوفر صحة ً تُعبَد بدلاً عن سابقاتها التي بدت الآن لعيون المهاجرين قديمة، شائهة، مرهقة، فاقدة الحول والقوة فلُعنت ورُجمت ثم نُبذت!
    لن يعجز المتامل في طريقة هولاء المهاجرين فى المناداة والتهافت والتداعي وبث " النباء اليقين " ونشر أ خبار الإكتشافات السياسية الجديدة التى تتنزل عليهم برداً وسلاماً، والمتفحص للغتهم المُشبعة بآيات التوقير لقادة الأحزاب الجديدة الناشئة وطريقتهم فى الاستشهاد – بمناسبة وبدون مناسبة – باقوال هؤلاء القادة- لن يعجز عن رؤية ملامح " موسم حج ٍ جديدٍ " لمزارات جديدة مقدسة. إنه " نص " مُسودن ومُحدث ( ( modernized لدراما " السياسة المُتدينة ": مسرحية محفوظة، قديمة قدم تاريخ قوامه دينامية علاقة القُرب والنأي، التباعد والتماس ،المودة وا لبغضاء، التعا يش السلمي وا لتنازع الملتهب، الخضوع والتمرد، المعاشرة والتسري، المصاهرة والطلاق وهكذا دواليك، ما بين الأحبة الأعداء: السياسة والدين! – مسرحية تُمثل فصولها كاملة ً من جديد على مسرح عالمثالثي، أبطالها وشخوصها والقائمون على أمرها – هذه المرة سودانيون مهمومون بمشاغل العمل السياسي، قطعوا مشوار التحرر حتى نصفه فقط ثم نكـصوا على أعـقابهم صاغرين: أعلنوا التمرد على آلهة قديمة، رجموها فى البرية حتى تنفق من ا لجوع والعطش أو تـفـترسها الوحوش والهوام، تمردوا على تلك الآلهة دون أ ن يتمردوا - وهذا هو المهم – على مفهوم " الربوبية السياسية ".
    إنها محنة " العـقـل السياسي " المؤمن ومأزقه المقيم: يتزمر من ضعف وفـشل الآلهة القديمة لكنه لا يشــقي ولا يكدح ولا يقدح للمعرفة زناداً، فاقـد لزمام المبادرة، عاجز عن إجتراح ( الأ فعا ل )، يتطلع نحو السماوات ا لبعيدة عَـل الموائد العامرة بالخير والرفاه تتنزل منهم فيطعم، ينتظر قدوم ( الخلاص ) من رحم الغيب لا من ( ذاته ) و ( أفعاله )، لا يَحملُ العـيش حُراً ولا يقوى على البقاء وحده دون آلهةٍ يمجدها ويتـقـرب اليها زلفى. أما آلهته فتعيسة المصير، كئيبة النهاية تراجيد يتها: يلتهمها إذا ما الم به الجوع كافر، يلعنها إذا ما أحـسـت بالتعب والفتور، يحتـقـرها إذا شاخت، يرميها بعيداً إذا ما فشـلت !. إنه – وللمفارقة – أعمق تد يناً وهو"يكـفـر "، اكثر ورعاً وهو " يلعـن "، أكثر تقد يساً وإيماناً بالأ لوهية السياسية وهـو " ينتـفـض " ضد الآلهة..! أقصى درجات " ا لفـعـل السـياسي " المُستـقـل لديه هو أن يختار خندقاً في صراعات الآلهة. إنه النتاج الأكثر بؤساً لبنيةٍ إجتماعييةٍ بطريركيةٍ قاهرة: مُفلحةٍ وخصيبة الرحم عندما يكون عليها إعادة أنتاج " الأ فـراد "، عاجزة وعـقـيمة حين يتعلق الأمر بإنتاج شخصيات (personalities (
    الإستثناء الأوحـد – مصحوباً بالتحـفـظ – في خضم هذا البحر من ا لتماثـل والتطا بق والمودلة والإستنساخ هو جُزُر معزولة يشغلها " الشماشة " و " المنبوذون " !

    عثمان محمد صالح – هولندا
    فبراير ۲۰۰٤
    Email: [email protected]

    من بوست:
    حوارات عثمان محمد صالح حول الحزب الشيوعي السوداني

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-06-2004, 10:09 AM)

                  

12-06-2004, 10:27 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الجرو الشليق !

    لم تتبدّل حياة أبي إلى الأفـضل، ولم يُحدث إنتقاله مـن محطة" هـداليا" إلى " درديب " شاغلاً فـيها وظيفة ناظر محطة ، في منتصف عام80 ، أي تغـيير ٍ يُذكرُ في
    حياة أسرتنا بكسلا : ظلّ أبي محافـظاً على برنامج الزيارة الشهرية و لم يتأخرعـن موعـد وصوله في مطلع كل شهر حاملاً الغبار وشنطة الحديد والهديّة المعتادة ( الآنفة الذكر في قـصة " سَـفـّايه" ).

    كان يمضي معنا أسبوعاً كاملاً نهيئ له فـيه ذاد الشهر الذي سيقـضيه في المنفى : شاي ، عـدس، لحم مجفـف، " ويكة " و دقـيق ، " خضرة" مسحوقة و سكـر مخـلـوط بعصير الليمون .

    لم تتبدّل طوال تلك الفـترة أيضاً محتويات هـديته المألوفة ، إلاّ مرةً واحدةً جـلب فـيها بدلاً عـن" الصُـرّات" الثلاث جرواً لم يكمل شهره الأول، مـن فـصيلة الكلاب المعروفة بإسم "African dog"

    كان الجرو هـبّة تـلـقـّاها مـن راعي هـدندوي عـثر على الجرو وحيداً وتائهاً ( منسـيّاً أو متروكاً عـمـداً مـن القـطيع)، في الخلاء البجاوي الفـقـير.

    إنقـضى الأسبوع وعاد أبي إلى "درديب" بعد أن أوصاني بالعناية بالجرو الذي سيصبح حارساً للبيت عـندما يكـبر .

    لم يألف الجرو الموطن الجديد قـبل أن يحاول الهـرب أكثر من أربع مرات ، و لم يصادقـني إلاّ بعد أن تيقـن من معاملاتي له كـند و رفـيق و شريك معاناة .

    أسرتني حيويته وعـثرت في نظراته الذكيّة على سلوى حقـيقـية وتعويضاً مخدّراً لفـوران حنيني الدائم للعشيرة المنسيّة في البطانة ، وإكـتشفـت في مرحه وإنطلاقة روحه هـواية مسليّة لشغل أوقات الفـراغ ، راقـتني " شلاقـته"، وجـللتني بالفخار أمام أترابي جسارته وشراسة نباحه الجهوري في وجه مُجندي حامية الجيش وهم يعبرون الحي، في الصباحات الباكرة ، مترنمين بحماسياتهم المزعجة المستهلكة .

    صرت أستيقـظ مبكراً وأتسلل من البيت بهـدوء مصطحباً الجرو. نشـق صمت الشوارع التي تتغطى بألياف الغبشة وهي تتهدّل نعسانةً من عـريشة السماء، ونعدو لمسافات طويلة ـ ينعش عـزيمتنا ضوع الفـواكه و الأنسام الصباحية الهابة من نهر القاش ـ فـنتخطى حدود حي العمال ونتغلغل في منطقة السواقي الجنوبية ثم أعـود به إلى
    البيت منهكاً وسعيد اً وأمضي إلى المدرسة مشتهياً الساعة التي يرن فـيها الجرس معلناً نهاية الدوام المدرسي حتى تتسنى لي رؤية الجرو من جديد.

    إعـتاد الجرو تمضيّة ساعات القـيلولة برفـقـتي في جنينة البيت المطلّة عـلى
    الفـسحة الرملية التي تفـصل البيت عن المجمع الذي يضم الـفـرن البلدي والطاحونة والجمعية التعاونية للسكة جديد .

    كنت أتسلّى بسقاية الأزهار عـندما تغفـو أمي وشقـيقـتي، وتستحكم وحدتي، مترّبعاً على عـرش السكون الخانق الذي يرين عـلى البيت والحي العمالي بأكمله في فـترة ما بعد الغداء، والجرو يتبعني من وردة إلى أخرى ثم يقعي بجانبي وأنا أتتبع مسار زنبور جافـته
    نومة الضحى فـقـرّر قـتل الوقـت ـ الـُمهدَر أصلاً ـ بالطيران و الدوران العبثي حول شجرة النيم التي تحتـل ركناً من الجنينة، والجرو طوال تلك الساعات المضجرة يراقـب، بحزم ،
    دجاجات البيت ترتاح في ظلال الحناء ، ويرميها ، بين الحين والآخر، بنظرات غـريبة حرت في
    تفـسيرها أول ما لـفـتت إنتباهي . ومضت تلك النظرات في ذاكرتي، لاحقاً، عـندما أخذ عـدد الدجاجات يتناقـص يوماً بعد يوم !.

    * * *
    صاح والدي وهـو يرى الريش المدفـون في تراب الحديقة على مقـربة من سيقان
    الحناء. : هذا الكلب لص وقاتل وغـير مؤتمن على دواجن البيت . أخشى أن
    يهاجم المعزة عـندما يكبر.لالا، لاأريد لصّاً في حوش بيتي . يجب أن نتخلص
    منه في الحال. حاولت أن أثنيه عن تنفيذ القـرار المجحف بحق صديقي الذي لم يرتكب في نظري جرماً فادحاً يعاقـب عليه بكل تلك القـسوة: لم يفعل أكثر من الإستجابة لنداء فـطرته الأيوبية النقـيّة راغـباً في أن يقـتات من عـرق جبينه .

    رفـض أبي وساطة أمي ، وتشبث برأيه مدعـّماً حجته بما يعرف عن فـصيلة الكلب : هـذا الكلب لن يبدّل طبيعته المتوحشة أبداً لأنه من فـصيلة إعـتادت العيش على صيد الأرانب ودجاج الخلاء و الصَبَر وحَـمَام الشقـوق وغـيرها من مصائب الأرض. تعيل نفـسها بنفـسها
    ولاتنتظر يد الإنسان. هذا الكلب مكانه الخلاء حيث وُلد. إدخله في جوال وأرمه في مكان بعيد حتى لا يعود.

    وهذا ما قـدّر له الحدوث في أصيل ذلك اليوم !.
    * * * *
    مدوناً هذه الكلمات، لا يخامرني الشك
    في أمرين :
    * ما يزال صديقي القـديم عـلى قـيد الحياة محتفـظاً بذات العمر والهيئة التي فارقـته عـليهالآخر مرة في السواقي الجنوبية بكسلا عام 80 : أسمع الآن بوضوح نواحه المكـتوم يتعالى مزلزلاً أركان سكـينتي، أرى وجهه ملوثاً بوحل البراري ، وعـينيه تشعان بذات الذكاء الأليف، وأذنيه الصغيرتين تتوتران وتنتفـضان في لهفةٍ لم تجف ينابيعها بعد ،وأنفه يتصيّد أنفاسي وغـبار حذائي ورائحة عـرقي العالقة بفروع أشجار السيسبان التي قـست عـليه عـندما جحبت عـنه سكة عـودتي إلى البيت، في ذلك الأصيل بجوال فارغ و مزاج جـنائـزي ورغـبة معدومة في مـواصلة الحياة .

    أستشعرُ أصوافه الرمادية ترتعش من البهجة عندما تلامسها أصابع كلماتي، وذاكرته تفـيق من سطوة المخدّرعـندما يتناهي اليه حنين " الكـي بورد " عـبر المسافات راوياً حكايته البسيطة لمخلوقات بحر الشمال.

    * أنا واثق أيضاً من أن ذلك الجرو المجاهد في سبيل قـوته اليومي ـــ مفـضلاً حياة التشرّد في البراري والصيد المحفـوف بالخاطر والوحدة في برد الصقـيعة وكوابيس الهجود ـ بعينين مفـتوحتين ـ تحت غـطاء السماوات المعادية ، محبذاً الجوع وعزّة النفـس والحفاظ عـلى ماء الوجه، على ذل الفـتات البائس يتساقـط ، في الوحل ، من مائدة الإنسان، وهـوان العيش المخذي على قـمامة الأسواق ــ مازال يفـتش عـن صديقه الذي شاخ في المهاجر، مثلما أبحث أنا عـنه، هـنا، في ضباب الكلمات،مسترشداً إلى مكانه القـديم بضوءٍ شاحب ٍ من قـنديل ِشـقاء ِ الكلماتْ .
    ـ ـ ـ ـ ـ ـ

    أكتب عـن ذلك الجرو الشليق لأنني أحببته. إن غابت المحبة، غابت الكلمات !.


    من بوست:
    الجرو الشليق !
                  

12-06-2004, 11:07 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الأخ محمد حسن العمده

    الأخ محمد حسن العمده،
    تحية طيبة وبعد،

    * كنت عـضواً بالحزب الشيوعي السوداني. لا أمشي في الأرض مرحاً لأن تصاريف الأقـدار
    أفـضت بخطوي لباب ذلك الحزب، ولاأخجل من السنوات التي أمضيتها عاملاً متواضعاً
    بصفـوفه حتى مطلع التسعينات، ولم يغب ذلك الحزب عـن بصري منذ ذلك الحين : لم أستبدل إنتمائي القـديم بآخر، إذ ليس في أفق السياسة ما يملأ العين والعقـل والفـؤاد بعد ذلك الحزب!.
    قـدرٌ محزنٌ ، لكنه قـدري و صليبي إلى يوم الحشر!.

    * يعنيني الآن وسيعنيني في( الغد أيضاً) أمر خروج الحزب الشيوعي السوداني ــ
    سالماً غانماً، لا يتنازع تركـته المُهمـَلة " آخرون مغرضون" ــ من ضيق الحاضر إلى براح مستقـبل يليق بتاريخه وتضحيات عضويته و شهدائه وأشواق المحرومين المُهـمّـشين المعقـودة بلوائه .

    لدي آراء متواضعة ، معلومة و منشورة ــ في هـذا المنبر وغـيره ــ حول موضوعة تجديد الحزب الشيوعي ، لـن أعـيدها هـنا. بوسعك العودة إليها، في موضعها، إن رغـبت.

    أبدأ قـولي بهذا قاصداً إزالة أيّ إنطباع سلـبي قـد تخـلّـفه العبارات التي سترد لاحقاً : لسـت ممن يبدو الحزب الشيوعي السوداني في نظرهم عجلاً مقـدساً وأعضاءه كائنات فـوق ــ العادية، مستعلية على النقـد ، معصومة من المساءلة !.
    ـ ـ ـ ـ ـ ـ
    من أسف ٍ أن مكانة الحزب الشيوعي ونفـوذه في تراجع وهـذا ما يقـوّي من ساعـد بعض خصومه (( الكاظمين للغيظ زمناً طويلاً ))، ومن أسف ٍ أيضاً أن عجلة تجديد هذا الحزب
    تسير ببطء محزن، وهذا ما يقـوّي من عارضة " بعض مناوئيه " ممن خفـّت موازينهم الفـكـرية فإمتلأ " جرابهم الأغـبر بالهراء المحض والخزعـبلات" ، ممن لايفـلحون إلا في إثارة " الغبار الرخيص" الهادف لتعتيم الرؤيا أمام الباحثين عـن" سكة الخروج " من الأزمة .

    كغبار ٍ رخيص ٍ اُ قـوّمُ واُصنّـفُ" مداخلتك" الواردة في بوست : الحزب الشيوعي السوداني
    .. مقصلة الشرفاء .. واراقة الدماء , والتي سعيت من خلالها لتسويق" بضاعة رثة
    وكاسدة "، مستقـياً في نقـدك للشيوعـيين والشيوعـيات ، من معين " إتهام أخلاقي
    باطل" يساوي بين الشيوعية والمشاعية.
    هذا إتهام عـتيد أقـل ما يُوصَفُ به أنه فـطير وسخيف و خبيث الغرض دنيّه ــ ترتد سهامه
    المسمومة إلى صدر مرسلها بسهولةٍ ويسر!. ولايكشفُ ، في آخر التحليل،إلاّ عـن" سوء طويّة"
    حائكه و"عـدم درايته بأصول الموضوع "!.
    إنه إتهام قادم من عالم الأموات : ينتمي لحقـبة العداء الأعـمى للشيوعـية، ولايرقى
    لمستوى أيّ نقاش رصين يُدارُ حول تاريخ الحزب الشيوعي ودوره وتجديده ..إلخ
     تعمّدت الرد عليك ببوست مستقـل حتى يدرك القاصي والداني ، البصير والضرير حقـيقة
    ما يدور!

    .وفي الختام سلام ،
    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    الأخ محمد حسن العمده
                  

12-06-2004, 04:16 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    حصاد

    كانت ظهيرة غائظة في صيفٍ من أصياف ذلك الزمن الغابر وأناأتمدّد ، مهموماً ، عـلى لحافٍ ملتهبٍ، في فـراندةالبيت المسيّجة بالسلك الناعم،عـندما سمعتُ بوضوح هـديرَ حاصدات ٍ تغزو
    قـريتي*.

    داخلني شك فـيما إذا كان الهدير حقـيقـياً أم أن ذاكرتي المشتاقة قـد إستدعـته عـمداً، من قـرار ٍ سحيق ٍ، بغية إرضائي أنا المـتـيّم بصوت الحاصدات وهي تجرش القـمح وتلوكه ثم تبصقه ــ في نهاية المطاف ــ معبأ في جوّالات، وبمنظر قـريتي وهي تصطف بحذاء جداول" أب سته"، والحاصدات تروح وتغدو بين السرابات تظلها أسراب الطيور وتتبعها لهفة الجوع في عـيون ماشـية الهدندوة، إلاّ عـندما إنتعلتُ حذائي كيفـما إتفـق ، وفـتحتُ الرتـاج وخرجتُ إلى الشارع المزدحم بالمهرولين، وإجتزتُ آخر"مربوع " في" أوروهـوش"* ورأيت حاصدتين تقـتحمان حواشات نمرة 4.

    تلك كانت بداية الحصاد للقـمح الذي أضناه طول الإنتظار وهـو يرى السنابل الناضجة تنكفيء كل يوم بفعل الرياح !.

    --------
    هامش :
    .القرية المعنية هي القرية 15 في سهل البطانة، وأوروهوشقطاع سكني منها.

    من بوست:
    حصاد
                  

12-06-2004, 04:22 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    المنبر الحر : بيت تسكنه أشباح !

    تعنيني الصلة بين هـويّة الكاتب و المكتوب .

    بتعبير أدق، تعنيني معرفة ليس: مَن يكتب ماذا؟ فحسب، بل و: مَن مَن؟. لستُ الوحيد الذي يشغل باله السؤال الأخير، آخذاً بعين الإعـتبار المنزلق الخطر الذي يقـترب منه المنبر يوماً بعد يوم .

    ما من نـفـس ٍ تستطيب الدخول في سجال مع أشباح، وهـذا المنبر يغصّ بالأشباح :
    ألقابٌ بلا أسماء( في كثير من الحالات)، first namesليس لها لواحق ، هـويّاتٌ غامضة غـموضاً يبعث على الحيرة والتساؤل، بروفايلات تفـتقـر إلى البيانات وتعج باللغوالفارغ، إشاراتٌ ترسل إرسالاً بين الفينة والأخرى وهي تفـصح ـ خفـّيةً ـ عن شكوك حول إذدواجية
    شخصيات، وأقـوالٌ أثمةٌ ومغرضةٌ تـُشتتُ يمنةً ويسرةً بلا ضابط وبلا حساب.
    وضعٌ ( شابحٌ ) بإمتياز!!!.

    هذا الوضع غـير طبيعي، وتساهم إستمراريته في إذكاء نارعوامل أخرى ضعف ركائز ثقافة الحوار المتمدّن و الطفح الملحوظ لرغائب الرجم وإقـصاء الآخر والإنحدار المأساوي لللغة الخلافات) والتي تشرع الباب، دوماً،لإساءة إسـتخدام الكي بورد، وإطلاق الكلام على عـواهـنه وغـيرها من الآفات الشيطانية والحمم البركانية التي ستلتهم الجميع طالما ظلت الرقابة الإجتماعـية والذاتية على الهويّات في باب المعدوم، والمكتوب مبنيٌ، في كثير من الأحوال، ومنسوبٌ للمجهـول.

    لم تعد جهنم البورد ــ وقـد اُطلقَ لرغائبها الشريرةالعنان ـ تفاضل بين الخلائق: لم تعد قائمة ضحاياها تكتفي بمهمـّشين مغضوبٌ عـليهم ولا تسند ظهورهم عصبيات. لاحصانة في هذه الساعة العصبية يُـلـتجأ إليها يوفـرها إحترام تقـليدي كان يُمحض، سابقاً، في تلقائية وبلا تساؤل لسن ٍ متقـدمةٍ أو مقعد ٍ سام ٍ في تراتبيات المكانة أودور ٍ تاريخي معلوم. لاحصانة البتة إن لم يُحكمُ إغلاق أبواب جهنم .لامنجاة حتى لأولئك الذين يشرعـون لها الأبواب!.

    تنتشر ظاهرة الأشباح بين عصبيات البورد بلاتمييز.

    مخرج :

    السبيل فـيما أرى لخروج المنبر من عالم الأشباح، هـو أن يلزم أمين الموقع الأعـضاء، بلا تمييز، بنشر بياناتهم الشخصية(الأساسية): الإسم الرباعي، مكان وتاريخ الميلاد، العنوان الدائم في السودان، العنوان الحالي + صورة فـوتغرافـية واضحة الملامح ( وظيفـتها ضبط البيانات الواردة في البروفـايلات : جَلّ من يجهله كل البورداب!) .
    يُمنح الجميع مهلة أسبوعـين أو نحوهـما للتنفـيذ وبإنقضاء المهلة تـُجمّد عـضوية كل من يتباطأ في إنزال بياناته إلى أن يستجيب.

    سيتزرّع البعض ــ رغـبةً في التملـّص ــ بحجة (غـياب الأمان)، لهـؤلاء أقـول :
    * المنبر فـضاء عـلني وليس صحيفة سريّة لحزب محظور يكتب فـيها ملاحقـون بأسماء مستعارة .
    * في المنبر قادة لأحزاب سياسية مناوئة لنظام الحكم في السودان، وكتـّاب، وشخصيات وطنية
    معروفة ، جلهم ينشـرون بأسمائهم الحقـيقـية ، وصورهـم مُـشـهـَرة .

    حال الغالبية العظمى من الأعـضاء غـير حال من ذكرت :
    ليس بيننا من صدرت بحقه فـتوى دينية تبيح إهـدار دمه، ولاينتمي سوادنا الأعظم لشريحة المعارضين السياسيين ممن يؤبه لشأنهم و نشاطهم فـيتعقـبهم جهاز أمن دولة أوتترصّدهم جماعة سلفـية متطرفة وفاقـدة لصواب العـقـل!.

    * * *
    أقـول قـولي هـذا بذات النبرة المتواضعة تدوسها سنابك خيل العصبيات بشتى ضروبها وتمنعها من" الوصول" تحيّـزات، أقـوله من الخـلوة التي قـطعتـُها وقـد"خجّـتها" كما" السعن"الشقي، زلازل.

    --------
    عثمان محمد صالح
    اسمان مهيميد ساله

    من بوست:
    المنبر الحر : بيت تسكنه أشباح !
                  

12-06-2004, 04:27 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    كلمة أخيرة حول موضوع ( أشباح المنبر )!

    ربطـَ بعض المشاركين في بوست " المنبر الحر: بيت تسكنه أشباح"، بين عـنوان البوست و بيوت الأشباح في السودان، صادرين في الربط عن حسن طويّةٍ أو غـيره من الدوافع .
    وقـد نجم عـن ذلك الربط حصرٌ لظاهـرة الأشباح في حدود فـريق ٍ مخصوص من البورداب معارض ٍ
    لنظام" الإنقاذ".

    هذا الحصر و ذاك الربط فاقـدان لعنصر الدقة ومجانبان كليّةً للصواب، ولذا وجـب توضيح الأمور التالية :
    * ينطبق وصف الشبح على( كل) من تتسم هـويته بالغموض: بروفايله فـقـير إلى البيانات وصورته الفـوتغرافـية غائبة.
    * لا تقـتصر ظاهـرة الأشباح على فـئةٍ سياسيةٍ دون أخرى، أو زمرةٍ دون إخواتها من الزمر التي يعج بها البورد.
    * من يصفهم البعض ـ هـزءاً وسخريةً ـ بالمناضلين محاولين إلصاق صفة الشبحيّة بهم وحدهم ، هم أقـرب الناس إلىّ ــ رغم نقـدي المُساء تأويله في كثير من الأحيان، بيني وبينهم العشرة و حبل المصير، أشفـق عليهم من الزلات وأرعاهم ـ من البعد ـ بقـسوة المحزون(حالي ليس فـريداً:
    أمثالي كـُـثرٌ داخل السودان وخارجه ممن آثروا البقاء المتشرّد المتمرد خارج " السجلات الرسمية" للفـرقة التي أرغـتمها ظروف الحظر و الملاحقة وبطش الدولة الغاشمة وتكالب الخصوم وعـسر الهامش وغـيرها من العوامل الذاتية والموضوعـية، على التحوّل إلى ما يشبه الطائفة المغلقة فأصابها من جراء ذلك عـمى ألـوان محزن جعلها تحسب حتى الحُـلفاء خصماءً وما هم بالخصماء، إنْ هم إلا نفـر من الناس إختاروا السفـر وحداناً في سكك
    " محاذية"!) ــ ومع ذلك لا أشايعهم عـن عـمى، ولا أتحزب لصف من تغيب هـويته عـندما يتعلق الأمر بما يبدو لي صالحاً عاماً، وإلاّ فكـيف نؤسّس لثقافة دولة القانون في سودان ما بعد " الإنقاذ"ــ دولة القانون التي تساوي بين المواطنين : لا تميّـز ولا تـتحيّـز؟! .

    * ليس المطلوب من البورداب جلب النوق العصافـير ، بل غـمر البروفايلات بالبيانات
    الشخصية ( الأساسية) : الإسم الرباعي، مكان وتاريخ الميلاد ، العنوان بالسودان
    و العنوان الحالي + صورة فـوتوغرافـية. أهـذا مستحيل؟!

    * الغرض من نشر البيانات في الروفايلات هو ربط (حرية) الكتابة ب ( المسؤولية) عـبر( الشفافـية)، إذ كيف يتحمـّل "مجهول الهويّة" مسؤولية أقـواله و أفعاله ؟؟؟!!! .

    -----------
    عثمان محمد صالح


    من بوست:
    كلمة أخيرة حول موضوع ( أشباح المنبر )!
                  

12-06-2004, 04:42 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    مالينوفا دولينا (1)

    في شتاء عام94 إستيقـظتُ من النوم مذعـوراً ومتدثراً بظلام المكان الجديد.

    أصغـيتُ إلى السكون الذي يلـف الفـيلاّ. نهضتُ وتحسـستُ المدفأة التي تعمل بالفحم الحجري وسحبتُ منها يدي سريعاً عندما لسعتني برودة الحديد. تلفـتُ باحثاً عـن غـطاء إضافي وعـدتُ إلى الفراش وتغطيتُ بالظلام من جديد، فـتراءت لي فـصول رحلة التشـّرد التي قادتني إلى ذلك المكان. أدركتُ ساعـتها فـقـط بأن البداية كانت محض سؤال ٍ مازح ٍ وبريء!. ثم إستيقـظتُ، لاحقاً، في مكان ٍآخر، يشيع فـيه دفء الصيف :

    أدرتُ المفـتاح في القـفـل ثم دخلنا يسبقـنا كلب صديقـتي. كانت الحجرة تسبح في بركةِ ضوءٍ ملتهبْ. أشرعـتُ النافـذة على مصراعيها وأسدلتُ الستارة وضغطت على زر المروحة. صببتُ لميلينا قـدحاً من العصير قـبل أن أباغـتها بالخبر.طـّوقـنا صمت ثم أجهدني التفكير، مستوحداً، عـندما عادت ميلينا إلى أهـلها لقـضاء أمر مهّم،وتأخرت حتى صبيحة اليوم التالي.

    طوّفـت فـوق رأسي غـمامة من المشاهـد تراجعت وتبدّدت مع أشعة الشمس المستسلمة أمام زحف ظلال المغيب. وغـفـوتُ محملقاً في السقـف.

    أغـرقـت أحلامي أمطار و لم ينج مـن غـضبة السيل إلاّ النذر القـليل منها عـبرت به إلى اليابسة، وتملـّيته فـي الشطر المتبقي من الليل :
    صادفـتُ إدريس جماع وخليل فـرح يتنزهان في حديقة الرسامين بسنتر صوفـيا. دعوتهما لتناول القهوة في كافـينيه " الصالون الأخضر". حدثني الأول، وكان معتدل المزاج ، عن النكبة الروحية التي ألمّت به فـما عافاه منها دواء غـير سكون المقابر وهو لهذا السبب سعيدٌ بموته ، وإشتكى الثاني من وحشة الموت التي طال أمدها!.

    أبلغتني مسؤولة السكن الجامعي وهي توليني ظهرها بأن إكمالي للدراسة يعني فـقـداني لحق الإقامة في المدينة الجامعية. وعـندما واجهتني تبيّـنتُ فـي وجهها ملامح أمي فعدوتُ قاصداًقـريتي في سهل البطانة.

    وصلتُ إلى سوق حلفا الجديدة قـبيل أذان الفجر، كانت ملامحه قـد تغيّرت كثيراً عـما ألفـت، تعجّـلتُ في عـبوره . خـلّـفـتُ بيوت القـرية 14 وراء ظهري فـإكتشفـتُ أن جميع المداخـل الرئيسية المؤدية إلى قـريتي مسدودة بقـطعان من" حُمْر عـبود" ترابط ـ مهتاجةً ـ عـند القـناطر وتلتمع عـيونها في الظلام لمعاناً لم تطمئني نواياه. تفاديتها وإنحرفـت يساراً وسرتُ مسافةً طويلةً حتى أشرفـتُ على" سكة التيرف"ومنها دخلتُ قـريتي خائضاً في الـوحـل الموبـوء بالعقارب والثعابين.

    لم أجد أحداً بإنتظاري : كانت الأرض تنام بين تلال ٍ من الأوساخ ، و البيوت خالية من البشر، والهواء ملوثاً بروائح البهائم النافـقـة و الجدران مليئة بالشقـوق، والأبواب مقـشـّرة الطلاء ، والحيشان الواسعة تكابد زحف الأخاديد، تغطيها أوراق لبخ جافة وأشواك سدر وجنادب ميتة و بعر معيز وهـياكل سحالي وأرياش حمام ونمل" أب ريش" وقشر فـول سوداني ( يتصاعـد من جوف الأخاديد سَمومٌ لافحْ )، والرواكيب في الساحات العامة بائسة المنظر وبروشها المهترئة تتقاذفها أيادي الريح في الشوارع مع سعف" مكانس" قـديمة، وحزمات " أنكوج" ، وأصواف بعير، وجوالات قـمح وفحم فارغة، وأكياس" أمباز" وسماد صناعي ، وتيل، وحبال، وملاءآت متآكلة الأطراف ، وأطباق، وقـفاف، وسلطانيات، وأغـطية أزيار، و" هـبّابات"، و" تبروقات، و"طار" دكّه فـله، وعـقـود زواج وبيع و شراء، وشهادات ميلاد، و نتائج إمتحاناتٍ لتلاميذ ٍ في مدرسة الأساس، وو ثائق مـِلكيـّات، ومحاضر إجتماعات اللجنة الشعبية، ودعـوات مابعد الصلوات، وإبتهالات رمضان المعظّم ، وأغاني الأعـراس الملتهبة حتى شروق الشمس، في أوائل الثمانينات، بصوت محمد طوبجي و فـتحي الباري وشكري محمد أحمد ومحمد سرّي وصالح ولولي وزاد المعاد و جنكير و أنور محجوب قـرناص ، و" بسطونة" المرحوم بسيوني، وزفـرات حنين للوطن المطمـور حيّاً في مدافـن بحيرة الشمال، وعـقـود من الخرز، و مسبحة ألفـيّة مصبوغة بعرق ٍ زاهد ـ من نوى اللالوب، ورسائل غـرامية ممهورة من مجهول، ودفـتر " الجارورة" الخاص بدكان محمد أربا، وشباشب" مسهوكة " وممزقة الأسيار، وفـوانيس بلازجاج .

    كانت السدرة العجوز بالقـرب من بيت المرحوم طه بيرم محروقة، ومئذنة الجامع على وشك السقـوط ، تحّولت " صندكة" جمي إلى كومة من الأخشاب العطنة و لمحت تراكتور حسن عثمان بلا إطارات مرميـّاً في حوش النادي، إختـفـت زرائب الأبقار وإرتحلت خيام" المـلّو"من مكانها غـربي" أوروهـوش". تغيرت معالم المكان كليّةً حتى ظننت نفـسي في قـرية أخرى !.

    غادرتُ بيتنا مشتاقاً لرؤية جدتي فاطنه هـسن مهيميد. طفـتُ بكل البيوت باحثاً عـنها وصادفـتُ في تلك الأثناء صَبيّة أحلامي مغطاةً بجَرْجار أمها تقـشـّر ـ بين الدمار ـ كومةً من الكشرقيق حديثة القـطف. ردّت على تحيتي بأسى ثم عادت إلى جمع القـشور في صحن كـبير و طرح الحبوب في سلة الأوساخ . حيّرني صنيعها الغريب فـسألتهاعن الحكمة، تجاهـلت سؤالي ولم ترفع عـينيها عـن كومة الكشرقيق حتى بعد إنصرافي وغـيابي في الظلام !.

    وفجأةً عـمّ شوارع القـرية ضجيج وصخب أحدثه أموات المشروع الزراعي المهجورالذين ذهـبوا ضحايا للفـقـر والإهمال وفـساد الزمن والحُـميّات الفـتاكة والأوبئة المجهولة الأسباب. كانوا يلوّحون بجريد النخيل الذي زيّن أكفانهم قـبل أن يـُودَعـوا التراب وهـم يهتـفـون شوقـاً للأحياء، و ينوحون بلا دموع ، ويلحّون في سؤال الغائبين عن ماء غير ملـّوث ٍبالبلهارسيا يسكتون به عـطش الأرواح التي أخطأوا ـ في غـشامةٍ ما بعدها غـشامة ـ حين أسلموها، طواعـيةً، لقـيد الخزانة الإلهيّة قـبل الأوان!.

    شاركتـُهم في الهتاف و السؤال، ثم أرّ قـتني دموع المودّعـين في ليلةٍ من خواتيم الثمانينات، أقـلتـني في نصفها الأخير، من مطار الخرطوم، طائرة تابعة للخطوط الجوية البلغارية وحطت بي في مطار صوفـيا قـبل أن أكمل التاسعة عشر من العمر. كنت أرتجف من شدّة البرد، حقـيبتي بائسة المحتوى ، جواز سفـري حديث الإصدار، شعر رأسي متطاير مثـل راع ٍ بجاوي ، جسدي خفـيف كما لو كنت زرزوراً وليداً، بنطالي أزرق اللون، قـميصي طويل الأكمام، يداي طليقـتان، أفكاري ترمح في سهول منبسطة، نظراتي سعيدة وصدري يموج بالأحلام .

    أصغيتُ إلى تودور جيفـكوف وهـو يلوك إحدى خطبه الأثرية بمناسبة عيد الأول من مايو، أمام ضريح القائد الشيوعي غـيورغي ديميتروف. وصعقـني مشهد الأديرة الكنسية السلافـية وهي تتسلّق، في خفة ومهارة معيـز جـبلي، صخور البلقان تلاحقها بربرية أسياف الإحتلال التركي في القـرون الوسيطة. وإحتسيتُ الجعة التشيكية المثلـّجة على رمال قـرية" ألبينا" السياحـية الواقعة عـلى ساحل البحر الأسود، مستغرقاً في زرقة البحر والسماء، مأخوذاً بسحر اللغة السلافـية الجديدة، وإحدى معلماتي في معهد الأجانب تخاطبني بصوت حازم : ستصير بلغاريا وطنك الثاني أدركتَ ذلك الآن أم لم تدركه !.

    تسكّعت طويلاً في الأمسية المطيرة حتى بلغت مدخل سينما" فـيتوشا" حيث كان يُعرضُ الفـلم البلغاري :" قـرن ماعـز"، قـررتُ مشاهـدته للمرة الثالثة. لم ألبث طويلاً في صالة العرض. غادرتها مستاءً عـندما إكتشفـت أن الفـلم المعروض مسخ مشوّه يمزج بين الفـلم الأساسي ومشاهد من أفلام أخرى ميّـزت من بينها"سارق التـفاح" و" في ظل العبودية ".

    توقـف رشح المطر فـواصلت تسكعي في الشوارع الخالية من المارة. شعرتُ بالتعب فجلست عـلى إحدى المقاعـد قـبالة مبنى" الدار الوطنية للثقافة " (NDK) مستمتعاً بأضواء الكشافات المنعكسة عـلى البلاط المصقـول، لسعـني البرد في جلستي فجددّتُ طوافي عابراً شارع " فـيتوشا" حتى واجهتني كـنيسة القـديس" الكسندر نيفـسكي". إجتزتُ التقاطع فأيقـظني بوق ترام مسرع. سـبّـني سائق الترام الغاضب بلكنة غجرية ثم أيقـظني صوت باب الحجرة يُـفـتح ويُغلق بهدوء : كانت ميلينا .

    فاجأتني بلا مقـدمات : وجدت حلاً!. بإمكاننا الإنتقال ، اليوم، إلى فـيلاّ تمتلكها أمي، في حي"مالينوفا دولينا". المكان بعيد عـن مركز المدينة و شبه معزول ، لكنه مخرج مؤقـت من المأزق الحالي.

    كان المساء قـد هـبط عـندما أوصلنا الباص رقم313 إلى نهاية حي"ملادوست4". كان ثمة نسـيم منعـش يهـب من الخلاء المقـفر الذي إنبسط أمامنا حال تخطينا للعمارات السـكنية. سرناعلى درب معشوشب مسافة تبلغ ال 300 متر، قـطعـنا الشارع الرئيسي" أوكولو فـرسنو" الذي يربط صوفـيا بضواحيها ثم إجتـزنا جدولاً جافاً فـواجهنا خلاء جديد أقـل كآبةً من الأول.

    حذرتني ميلينا مـن النباتات الشوكية الـتي تكـثر مستوطناتها عـلى جانبي الطريق . قـطعنا مسافة تبلغ زهاء ال400 متر، إنحرفـنا في إتجاه اليمين ثم واصلنا السير حتى تراءت لـنا هـياكل الفـيلاّت الجاثمة على سفح جبل فـيتوشا.
    * * * * * *
    تفاديت المرور من أمام المجمع الإستهلاكي (ROM) التابع للمدينة الجامعية بصوفـيا، متجنباً الزحام والضجيج اليومي المألوف هـناك. عـبرت الشارع وإنعطفـت يساراًعـبر درب ترابي ضيق قادني مباشرةً إلى مبنى البوليكلينيك ثم سرت كالمنوّم قاصداً المكان الأثير في قـلب حديقة كارل ماركس.

    كانت الحديقة خالية من الزوار. إفـترشتُ صحيفة وتمدّدتُ على بعد خطوات من النافـورة الوحيدة في تلك الخضرة. أخرجتُ كتاباً من حقـيبة الظهر التي لاتفارقـني وإستغرقـت في المطالعة. مـّرت ساعات قـبل ان يصرفـني عن القـراءة ضجيج المارة والسيارات. كم من الأصياف عـبرتني في ظلال هذه البقعة الهادئة؟ كم من القـصائد أعـلنت خبر ولادتها ثم أطلقـتها معقـودة السيقان إلى أوتاد خيالي، لكنها تحرّرت من القـيود وطارت؟، كم تصلـّبت خطواتي وأنا أتمشىّ على هذا النجيل الواصل قـلب الحديقة بمعهد الإقـتصاد شمالاً، وملعب التنس جنوباً، ومبنى البوليكلينيك شرقاً، ومعهد الغابات غـرباً، قـبل أن يباغـتني ــ ذات غـفـوةٍ ـ نباحُ كلبٍ سعيدٍ ، وعـينا ميلينا ترمقاني بمحبةٍ وإشفاق وتسألاني بلهجةٍ مازحة : لماذا تنام في الحديقة كالمشرّدين؟!.

    ----------
    (1) ماليوفادولينا( لغة بلغارية) : وادي التـوت. إسم لحي سكني في ضواحي مدينة صوفـيا.
    * الأسماء الواردة في القـصة جميعها لشخصيات حقـيقـية.
    ---------
    اسمان مهيميد ساله
    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    مالينوفا دولينا

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-06-2004, 04:49 PM)

                  

12-06-2004, 05:00 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    إدريس

    كنت أتجوّل وحيداً في أزقة ذلك الحي الكسلاوي الذي أصبح مستقـراً لي ولأهـلي طوال النصف الثاني من السبعينات حتى مطلع الثمانينات، عـندما صادفـته لأول مرة.

    توسّطتُ أقـرب الفـَسحَات إلى البيت فإسترعى إنتباهـي منظر رجلٍ يتبوّل بلا حياء على حائط أحد المنازل، غـير مكترثٍ للعنات العابرين.

    أرخى الرجل طرف العَرّاقي المشدود. .إستدار متراجعاً خطوتين ثم إتكأ ـ لذهـولي ـ على الحائط المبلول. عـندها رأيتُ وجهه.

    لم يكن ينظرلا في إتجاهي ولا في إتجاه العابرين وهـو يبتسم ـ بغموض ٍ ـ لأناس ٍ بعيدين .

    كان عـملاقاً، غاب لون عَـرّاقـيه كليّةً في عـتمة ِ خليط ٍ من الأوساخ ذابت في مسامات القـماش وصارت جزءً من مكونات نسيجه، لون بشرته مائل إلى بياض شاحب، تنسدل خصلات شعره على جبهةٍ ضيقة، مستقـيم الأنف( بلا حدّة)، ممتليء الوجنتين، أشعث الذقـن، كث الشارب، غـليظ الشفـتين ، ضيق العـينين يعلوهـما حاجبان غـزيرا الشعر، مسّود الأظافـرعلى نحو مثير للتقـزز، مُشعر كقـرد ، و حافي القـدمين رغـم حرارة الطقـس .
    أدهـشني الإكتشاف. قـطعت طوافي مؤثراً السرد الفـورّي . عـلّـق أبي بإقـتضاب : لاتشغل بالك كثيراً، لابّد أنه مجنون . ثم تعّوذ مرتين وهـو يلعن الحي الجديد و المدينة معاً.

    زارنا الجيران في ظهيرة ذلك اليوم وتعرّفـوا عـلينا. جيئ بالصواني وغـص الديوان بالرجال، وضاقـت الفـراندة الخشبية التي تظلها عـريشة عـنب بالنساء ، وإزدحمت الراكوبة المتاخمة للمطبخ المتنائي في آخر البيت بضجيج الصبية والبنات. فاح ضوع
    الشاي المُحلّى بنكهة الحبهان، وتصاعـدت في الجو الساخن رائحة الـقهـوة الحبشـيّة الممزوجة بالجنزبيل وهي تغـلي عـلى جمر النوادر، واُريق دن ٌ مترعٌ بالحفاوة والحكايات، وأنـّت الأسِـرّة الـمفـروشة في براح الحوش الترابي تحت وطأة أسماء الـزوّار وأسئـلتهم وقـفـشاتهم متمنين لنا إقامةً سعيدةً، ساعـين لتخفـيف حدّة آلام" الإنتقال العـسير"............... ثم إندمجـنا في حياة الحي ، وعـرفـتُ، لاحقاً ، أن إسمه إدريس.

    شـغل المجنون موقعاً متقـدماً في قائمة إهـتماماتي الطفولية. جمعتُ بحرص وشغف شذرات متفـرقة من سيرته وأنا أستجلي غـوامض المدينة والحي ( زاحمه في المكانة، لاحقاً، ذلك الجرو الشليق).

    كان تحت سن العشرين ، من أسرة دنقلاوية عـريقة في الحي قـدم أسلافها إلى المدينة على أيام التركية ، فأغـوت أنسالهم بالمقام فـتنة السواقي، ونداوة الخضرة على ضفـتي القاش، وخليط القـبائل والثقافات المتساكنة، والهدوء العجيب الذي يشيعه في صدورالمهاجرين زمزمُ توتيل وطمأنينة التاكا وتراتيلُ القـرآن في جنبات" التكـّية" المبروكة وهي تشبّ عـلى أمشاطها وتحتضن الضريح المقـدّس وتتعالى في إتجاه العرش المكين، وإستعبدهـم مذاق الموز والمانجو والجوافة والتمرهـندي واليوسفـندي والبرتقال، خبروا المزاج البجاوي وألفـوا فـصول المنطقة، وتصالحوا مع كتاحاتها وخريفها وسلاسة لغتها العذبة الهجـين، وإستطابت بهائمهم برسيم السواقي، ليستـفـيقـوا بعد عـقـود ٍ طويلةٍ من الإستقـرار وقـد إنبتت جذورهـم النوبية، موقـنين بأن العودة إلى الشمال صارت مستحيلة إذا ما قـلب لهم الموطن الجديد، يوماً، ظهر المجّـن، يتيم الأب ، تنفـلت عـدوانيته من اللجام ـ بين الحين والآخر ـ فـيرتاد قـسم الأمراض النفـسية والعقـلية بمستشفى كسلا، تنافـسه على عـرش جنون الحي، فـطّومة :

    في حوالى الأربعين من العمر ، عـبوسة المزاج، شعر رأسها أشبه بدغـل" كِـتـِر"
    ، سليطة اللسان، مرهوبة الجانب، إنطوائية، يتجنبها أهالي الحي وتـُنسجُ حول هـستيريتهاشتى الأقاصيص . كان إدريس طليقاً في الشوارع من شروق الشمس حتى المغيب، مهـاباً ومحبوباً في آن ٍ واحد، في الـوقـت الذي لا تغادر فـطّومة خـلـوة جـنونها إلا في أحيان نادرة تشتم فـيها إحدى الجارات، أوتحصب المارين بوابل ٍ من الحجارة والشتائم ثم تصفع الباب وراءها بعينين يـطفـر منهـما سيلُ وميض ٍعـدواني.

    يقـوده أهـله إلى المستشفى قاهـرين عدوانيته بعون الجيران. وما إن يتململ الحي شوقاًلرؤية المجنون من جديد حتى يظهر إدريس ـ بلا سابق إنذار ٍ ــ معافى ، هادئ الطبع ، نظيف الأثواب، حليق الشارب والذقـن، راسماً على شفـتيه إبتسامةً خجول وكأنما يعتذر بهاعـن كل ما صدر منه في السابق.
    يستبشر الناس خيراً، وما إن تنقـضي أشهر قلائل حتى يرتد كل شيء إلى وضعه القـديم : يتسخ العَرّاقي الذي لايُخلعُ ليلَ نهار، تطول اللحية طولاً بشعاً وتكتسي بالغبار، يسوّد لـون الأظافـر وتستوطنها أدران، يُرجمُ النعال في أقـرب كومةٍ للأوساخ ، يتعكـّر الصفاء في العـينين الضيقـتين، تتبدّل نبرة الصوت تبدّلاً مرعـباً وتخرج العبارات سـيئة الـتراكيب، مجروشةً في طاحونة الأسنان ، ملفـوظةً ببطء و تثاقـل، ممطوطة النهايات وكأن صاحبها يهذي ، غامضة الدلالات كلغة الأطفال وهم يجتازون أولى عـتبات الكلام ، يرافـقـها على الدوام لعابٌ كـثـيـفْ.

    أقـرب المقـرّبين إليه هـم : أصغر اخوانه سناً، وحاجه الـُسرّة بائعة الفـول السوداني، وعـبد الواحد بائع الخضروات في سوق حي العمال. يهش ثلاثتهم في وجهه ، ويعتنون بأمر طعامه، أما الأثيرة فـكانت عـروساً قـدمت لتوّها من إحدى قـرى الشمالية :
    يراها إدريس في سوق الحي فـينسى ضجة الباعة والمشترين . يقـترب منها بهدوء مطبقاً على إحدى يدها وهي غافـلة عن نواياه. ترتعد المرأة من الخوف وهي تصارع للتملـّص من قـبضة العاشق المجنون ، ثم تنجدها شهامة مشتر ٍ أو بائع، لتعود إلى البيت دامعة العينين وفارغة اليدين تلاحقها سخرية الباعة ونظرات إدريس وإبتسامته الغامضة الأمر الذي أجبر زوجها بعد أشهر من المعاناة والخصومة الأسريّة المتجددة وتهامس الجيران، إلى الرحيلمن الحي دون أن يودّع الجيران، مصطحباً معه حبيبة إدريس الوحيدة.

    تتردى حالته الصحية فـيتمرد إدريس عـلى سُـلطة البيت مفـضلاً النوم في الساحات، رافـضاً المغريات مستهيناً بوعـيد إخوته، مستلقـياً تحت شجرة نيم. وعندما يبتلعه الظلام تمتد نحوه كـف صغيرة حازمة و نافـذة الإرادة توقـظه فـيستسلم لها إدريس بلا مقاومة، ويتبعها مغمض العينين وسط إندهاش المارة الذين يخبرون عـناده، وتفـتح لهما الأم الباب فـيرتمي إدريس على فـراشه المهيأ، والجيران يهزون رؤسهم عجباً لحكمة الخالق الذي وضع السرّ والسطوة في يد أصغر الأشقاء سناً.

    حين تقـفـر شوارع الحي في ساعات القـيلولة، يعود إدريس إلى ظل الحائط الذي يستخدمه للإستجمام والتبوّل وكأنما يريد بصنيعه المائي أن يترك بصمته في ذاكرة الحي مخطوطة ًبحبر ٍ متميز ٍ، وغـير ِ قابل ٍ للمحو رغم طلاء الجير الذي يجدّده أهـل المنزل أكثر من مرةٍ في العام .

    يتكيء إدريس عـلى الحائط المبلول مبحلـقاً في سحائب الغبار ـ الموشك على الهبوب
    من إتجاه حي العرب ـ تحتل صفحة السماء. يتأمله المارون فـتغيب عنهم هـويته الأصلية، وينسون لبرهةٍ أن الشاردَ في حديقة أفـكاره مجنون.
    يحاول البعض ـ دون جدوى ـ ملاحقـته وهـو يتوغـّل في دهاليز عالمه المبهم، و فجأةً يقـطع عـلى إدريس خلوته نداءٌ يعيده إلى عالم الناس فـيهروّل شاداً طرف الـَعـّراقي بقـوّة. ينحني الظهر الُمجهَد من حمل أثقال الجنون ثم يستقـيم ليعود ثانيةً إلي وضع الإنحناءة المريحة وهو يخترق الرهاب قـبل أن يمحوه الغبار. تعود الصورة المحبوبة إلى إطارها المألوف، ويهزّ الناس رؤوسهم هـزّاتاً دالةً وهـم يتابعون إدريس يحرّك بعصاة هـرولته المجنونة سكون ماء الظهيرة في أزقة الحي العمالي الفـقـير.
    * * * * * * *
    غادرتُ كسلا في مطلع الثمانينات مبقـياً على حبال المودّة ممدودةً مع رفاق طفـولتي ، متسـقـّطاً أخبار إدريس مـن أفـواه العابرين حتى عـلمتُ بفاجعة مـوته مـوثوقـاً بحـبل ٍ غـليظ ٍ إلى جذع شجرة مانجو تتوسـّط دار أهـله في حي العمال.

    مات إدريس قـبل أن يدرك الثلاثين من العمر . مات من الحُرقة والحزن مضرباًعـن الطعام والشراب، راثياً ومُشيّعاً بنظراته الكابية جنازة الحرية المُصفـّدة ، مشتهياً غـبار الشوارع، وملمس الحائط المبلول، وأنفاس الخلائق في الصباحات، وزحمة الباعة والمشترين في الساحة التي لم يفارقها إلاّ ليعود إليها من جديد ، ونكهة الفـول المدمّس من يد حاجه السُرّة، وأوبة العمال من ورشة السكة حديد، وفـيضان القاش الجالب لعيال الفـلاّ تة ـ الغـُبش الوجوه من أثر المسغبة وطول الإنتظار ـ غـباشة المآتم الساكنة في بطون الأحطاب ، وموقـف البصّات يبن مبنى" التعاون" و دكان"حجر"، و" الزاوية " التي تتوسط بين حيي العرب والعمال، وباعة الدجل والشعوذة و الأدوية البلدية في سوق غرب القاش، ولسعة الرمضاء، وبهجة الغفـوة في ظلال النيم وسيسبان السواقي الجنوبية ، وتعاسة منظر قـطاطي السكة حديد ، و أزيز مولـّدات الكهرباء في خلاء ما بعد المدرسة الثانوية للبنين ونادي المريخ ، ومتعة الخوض في مياه الأمطار، والتسكع ـ بأقـدام ٍ تكره قـيد النعال ـ فـوق ركام الأوساخ ، وزحف اللاجئين عـلى سوق المدينة هرباً من الجوع والذل وإمتهان الكرامة
    في معسكر ود شريفيّ، ورنّة أجراس المدارس، وقاطرات الشحن والركّاب، وعودة المصلين من مسجد السكة حديد في أيام الجمعة والأعـياد، وشارع العيادات، وضجة العربات في طريقهامن بانت إلى شرق القاش ، متمرّداً ـ بسلاح الحنين الصامت إلى الموت ـ على فـظاظة الحبل الذي شدّ ساقـيه ـ أعـواماً ـ إلى جذع تلك الشجرة ، مثل كلب ٍ عـقـور!.

    مات إدريس مجنون ذكرياتي فـتـهاوى في أخدود العالم الآخر جزءٌ نفـيسٌ من سنوات طفـولتي الطليقة في أزقة ذلك الحي الكسلاوي، وأضربت ذكرياتي هي الأخرى عـن الطعام والشراب، أسفـاً عـلى ضياع الحرية، وإحتجاجاً عـلى قـسوة القـيد الغليظ الذي أوثـق ساقـيها وكبلها ـ أعـواماً ـ إلى جذع تلك" الشجرة القاتـلة "، مثـل كلب ٍ عـقـور !.
    -----

    اسمان مهيميد ساله

    من بوست:
    إدريس

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-06-2004, 05:03 PM)

                  

12-06-2004, 05:12 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    مبعوثة السماء

    كان الماء هائجاً على غـير عادته في ذلك الأصيل.
    كنا غاطسين في رمل الشاطيء أنا وشقـيقـتي التي تصغرني بعامين، نراقـب في قـلق ٍ طفـولي معاناة مراكبنا الورقـية وهي تصارع الأمواج العاتية ، عـندما هـبطت عـلينا أصَلة من الحائط القـريب.

    رأيتها فـنبهت شقـيقـتي وأمسكتُ بيدها متسمرين لبرهةٍ و متراجعين بخطوات مرتجفة تاركـين المراكب المنكوبة تواجه مصيرها المعلوم وحدها في الطست المغمور بالماء الذي هـيّجته شقـيقـتي بعودٍ قـصيرْ.

    كانت المرة الأولى التي نرى فـيها أصلة .

    لم تحفـل الأصلة بوجودنا ولا بالطست ولابالمراكب الموشكة عـلى الغرق . إنزلقـت من الحائط بهدوء و أدخلت رأسها في البرميل فـطفح الماء وسال من الحواف مبلللاً الحوش المرصوف بالطوب الأحمر ثم إندفع في إتجاهـنا بنيةٍ متوحشة، لحظتها أدركت أن الثعبان العملاق الذي أعماه العطش سيببلل أجوافه بالماء ثم يخرج من البرميل ويفـتح عـينيه عـلى وجودنا، فعدوت ممسكاً بشقـيقـتي حتى دخلنا الكُرنك .

    أيقـظ صراخنا العالي غـفـوة أمي معصوبة الرأس بسبب صداع دائم، فـتحت عـينيها على الأصلة وهي تلتف حول البرميل ثم إلتفـتت في إتجاه الباب المفـتوح على الرصيف حيث يقـف يجادل أبي أحد المحولجية في شأن ٍ ما.

    في ذلك الأصيل قـُـتـلـت الأصلة بفـأس لامعة ثم سُحبت و دُفـنت في العراء بلا صلاة وبلا طقـوس.

    تجمّعت الحصيرة * في حوشنا بعد المغيب، ودار سجال حام حول المكان الذي جاءت منه الأصلة و كيف أنها تمكنت من بلوغ بيتنا الواقع في قـلب المحطة مسوّراً بالبيوت والقـطاطي من كل الجهات، دون أن يلحظ مرورها أحد!. علامات إستـفهام حيرى مددّت الجلسة و ألهبتها حتى وقـت متأخر من الليل .

    نامت الحصيرة في تلك الليلة وهي موقـنة بأن الأصلة قـد هـبطت من السماء . وشعر الناس بالأسف لقـتـلها مستدركين بعد فـوات الأوان: ربما كانت مبعوثةً لتبليغ رسالةٍ ما!. وتضاعـف الأسف مصحوباً بشعور حارق بالذنب حين تذكروا أن الأصلة كانت متعبة وعـطشانة.

    في تلك الليلة عـبر سريري ظلٌ مجهولْ ، فإختنقـت روحي و التـِرتـِر يتساقـط ـ
    مشتعلاً ـ عـن قـماشة السماء ويغطي ناموسيتي .

    طال أمد الظلمة طولاً دهـرياً حتى مللتُ الرقـدة مطموراً برماد التـِرتـِر فـتجولتُ في الحوش وأهـلي نيام منتظراً الصباح الذي لم يهلّ طوال كل هذه السنوات التي أعـقـبت مـقـتـل الأصلة .

    تعلمتُ في تلك الليلة درساً جديداً في الحياة .
    أدركتُ بأن الحدّ الفاصل بين الحياة والموت ليس في مكان بعيد : ليس في قـيعان نهر الدندر تبتلع مراكب الحَـوّاتة، ليس في الصواعـق المسكونة بالثأر يرسلها غضب السحاب على قـطاطي العمال الموسميين في الفـلوات المزروعة بالذرة البيضاء، ولا في عـلةٍ غامضةِ الأسباب ليس منها براء، بل في برميل ٍ عـتيق ٍ ـ في حوش بيتنا نحن ـ مملوء بالماء . تعلمتُ ايضاً أن الإنسان أكرم الكائنات و أقـربها إلى فـؤاد الخالق لا يتورّع عـن إزهاق روح مخلوق آخر بسبب جرعة ماء.

    تغيّرت أشياء كثيرة في حياتنا بعد مقـتـل الأصلة :
    عـافـت نفـوسنا ماء البرميل فهجرناه إلى برميل جديد، و إشتكت أمي و شقـيقـتي من آلام الظهر المبرّحة سببها طول الإنحناء وهـما تكنسان بلا توقـف بقايا التـِرتـِر المحروق ، و إختنق صدر المجمر ببخور التيمان ، وأصبح الرقاد جحيماً بعد تكاثر المرقـوت في حبال العناقـريب، وصار مذاق سلطة الـَتـمَليكة و ملاح الروب ماسخاً، ولوحظ إختلال مواعـيد وصول القـطارات وتأخر المرتبات ، وشحت صفـقة الأعـراس، وأشقانا جميعاً صداع مزمن كانت وطأته تشتد في كل أصيل ٍ تـزور فـيه الأصلة فـراشها الأخير :
    تشرب من البرميل الفارغ المصبوغ بحناء موتها و تغطس فـيه ساعات فـيفـيض الماء من الحواف تدفعه نيّة متوحشة في إتجاه العـناقـريب، ثم تخرج من البرميل وتلتف حوله طوال الجزء المتبقي من الليل لتدفيء مرقـد دمها السماوي المسفـوك.
    ……….
    ثم فـررنا بجلودنا من الحصيرة عام75 تاركين البرميل يتدحرج وحده في الحوش.
    ----
    * الحصيرة : محطة خلوّية على سكك حديد السودان
    -----
    اسمان مهيميد ساله

    من بوست:
    مبعوثة السماء

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-06-2004, 05:15 PM)

                  

12-06-2004, 05:25 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    غائب

    بحثتُ عـنه للوداع بعد 10 أعـوام من المسغبة و إندثار الإحلام غـَب كسوفٍ تلاه إرتباك وزهـول فإنطماس ـ لم يَدمْ ـ لمعالم السكةِ، ونوادر ِالتشـّردِ في البرد السُلافيّ، وصداقاتٍ لخريفِ العمر متـّـنها ضيقُ الهامش وألهمها الرحابة وسعة الصدر، في تلك البقعة الساحرة من العالم.

    يئستُ من العثور عـليه في بازار" إلينيسي" حيث كـَتبَ عـلينا ناموسُ المهجر مزاولة مهنة العـِتالة و بيع البضائع الأسيوية البخسة القـيمة للفـقـراء.

    عَـلمتُ من مخابرةٍ بإعـتكافه في حجرة إستأجرها له مكتب اللاجئين، في بيت أرملة مسنـّة، في قـرية " بانجاريفـو"، بضواحي صوفـيا، و صيامه عـن الكلام.

    صيفٌ حارقٌ والفـتنة ترشح من مسامات الهواء. المدينة الجامعيّة و ضاحية "مالينوفا دولينا" وهـوتيل" بليسكا" وراء ظهري وأمامي كل الدنيا :
    محطة" أوكرجنا بولنيتسا" وحِسان في كل مكان وتنـّورات ملـّونة ومثيرة ورغائب جامحة في الحب والتكاثر تجتاح خلايا البلقان ومظلات عـملاقة للدعاية و الإعلان عـن مختلف ضروب المشروبات الغربيّة تتناثر أمام المقاهي الحافة بالطريق المتوسط بين حيي"ملادوست"و" ناديشدا" وعـرق العافـية ينـزّ من جبهة و أطراف البصّ الريفيّ المقـترب من بحيرة " بانجاريفـو".

    المدينة المعتصمة بأمان الجبال من زمهرير الشتاء، تؤوب من خباء بياتها الطويل ، وتتعرّى أمام عـينيّ خالعةً بـزّة الشتاء قـطعةً قـطعةً و ترتمي في نهر " إيسكـَرْ"، تاركةً مزارع التـفاح والكمثرى والكريز والخوخ تعتـني بشؤون الدور في فـترة غـيابها في
    منتجعات " سيردْنا بلانينا" ومصائف البحرالأسود :

    ترمّم قـرميدَ أسقـف ِ البيوت وحدها وتعيد طلاء الأبواب وحدها وتغرس شتلات البصل والبندورة و الخس والفجل وحدها وتتفحّص عـرائش العنب الأسود وتشذبها وحدها وتشوي الباذنجان وتعلـّبه أسّوةً بصنوف المُخـلـّلات والكوسة وغـيرها من لوازم الشتاء في الفـراندات وحدها وتـتـفـقـّد حال الغُـرف المخصّصة لسُـكنى الأرانب وحدها وتطهّر المدفأة من رماد الفحم الحجري وحدها وتعـلـف الخنازير وحدها وتعرّض للـفح أشعة الشمس ، نهاراً أو نهارين، أغـطية الأسرّة وأبسطة المداخل وسجاد الغرف والألحفة الحبيسة في الدواليب وتجلدها بالعصي مُعـلّـقةً عـلى عارضات لتطرد منها الزكام وآثار الرطوبة ومخلفات روائح الشتاء وحدها و تهيل على إنزواءِ ركن ٍ بعيد بقايا التفاح المتعفـّن تحت الأشجار و قـشور البندق التي خلفـتها الفـئران في السطوح وحدها وتحلب الشياه والنعاج وحدها وترتدي الملابس النايلونية الواقـية من اللدغ وتسقي مساكن النحل بالماء المُسكـّر وحدها وتجفـّـف أكوام القـش و تعبئها في أكياس وجوالات إنتظاراً لموسم الشتاء القادم وحدها وتتنادى عـبر الأسوار الوطيئة بالأسماء المصغّرة الودودة مختومةً في أغـلب الأحيان ب :" إيه، مايكا مُو ستارا"(1 )، ثم تـتـفـرّغ لـزينتها الخاصة :

    ترشّ مبيدات الآفات على الجزوع وحدها وتـقـصّ زوائد الأغصان وحدها و تبحث عـن السـِلال في
    ظلام الأقـبية وحدها وتضع السلالم على سيقانها وحدها وتقـطف نفـسها بنفـسها وسط دهـشة
    الفلاحين وسعادتهم يرقـبونها دائخة الخطى( لم تبرأ جراح الولادة بعد)، وتشعل من شفـق المغيب قـبل أن ينطمس الأحطاب المقـرورة وهي تـنوء تحت وطأة ثـقـل القـدورالكبيرة وحدها، فـتضوع في الجّو السعيد روائح الفـواكه المسلوقة والدُوماشنا راكـيّـا"(2).

    الطبيعة منتشيةٌ بنفـسها ومشتطةٌ في الغرور كلما أوغـل البصّ في زحفه إلى الأعالي ، والهاوية المتـزحلقة عـلى بساط الخضرة علي يساري ، والهضبة الشديدة الإرتفاع على يميني، ثم لاح لي رقـراقُ ماء وفـنار وضحكات تـتـبعـثر في الرغـوة المتطايرة وقـوارب مطاطية تندفع ببدالات وأخرى بمحرّكات وثالثة بمجاديف وكشك متواضع لبيع الصحف والمجلات وتذاكر المواصلات فعرفـتُ بأني قد وصلت.

    صعدتُ آخر عـتبةٍ للسُـلـّم الخشبي. فـتحَ لي البابَ شبشبٌ متواضعٌ وشحوبٌ و شعورٌ طويلةٌ ونحولٌ مخمورٌ وكآبة. كدت أعـود أدراجي. سحبتني إلى الداخل يدٌ معروقة مبسوطة لقـدومي وإبتسامة.

    الداخلُ : حجرة ضيقة على السطوح وملابس رثة، وأعـقابُ سجائر، بلا فـلتر، مبلولة في
    عـلبة من قـصدير، وسريرٌ مُهمَـل، و وسادة منتحرة، و ضيق في الصدور، وماء مسلول، ، و منضدةٌ عـرجاء تستند على جدار، وسَخّان على مقـعدْ، وبقايا إسنيجانكا ورُوسكا سالادا(3)وكتاب في عـلم التشريح ، وقـنينة عـَرق ٍ فارغةٍ، وتلفاز معطوب، و قـتامة.

    هـبطنا السُـلـّم. ودّعـني النبيّ الأمدرمانيّ في مدخل خمـّارة . أفـرغـتْ قـنينة النبيذ آخر
    قـطراتها في كأس النبيّ. أعـوزتني الجرأة للنطق بالعبارة التقـليدية : كـَرشمَتا إي فـَف
    تيب!( 4) فـتركتها معلقةً في نظراتي عابراً بها غابة صنوبر وحقـول َ شعير ٍ وأطرافٍ
    مشلولةٍ من البرد في عـز الهجير ورهـبةٍ وإبتهال، بين بلاد التشيك والمانيا، سيراً على الأقـدام وهـرولةً وإختباءً خلف أشجار سفح موحل ( يزداد الوحل لزوجةً كلما علا هـدير عـربة حُرّاس الحدود)، برفـقة صَديق ٍ من بلدي يعاني من ألم حاد في الظهر( قابضاً بيمينه على مصحف كريم) وأسرةٍ كرديّة عـراقـية وترجمان ٍ تشيكي في حوالي ال25 من العمر.

    عـبرنا الحدود في سَهْـل قـمح ٍ محصود ثم تلقـفـتني أعشابُ جدول ٍ راكدٍ ونظراتي تغالب
    الطين وتنتزع حذائها من بطن الورطة هازئةً من عجزي وتسبقـني في الوصول إلى مخبأ فـيما وراء الطريق الرئيسي مسكون ٍ بنوع غـريب من الذباب( لست واثقاً الآن ـ بعد 5 أعـوام من وقـوع تلك الأحداث ـ مما إذا كان ذلك الذباب حقـيقـياً أم أن جثة مصّاص دماء تحللت في" كـَتمة" تلك الغابة الآريّة فحوّلتها الرطوبة إلى حشرات تطير!)، ثم حملنا قـطار متسخي الأثواب والأحذية من محطة برلين الرئيسية قاصدين أمان اللجوء في الأرض المنخفـضة قـبالة بحر الشمال.
    .......
    عـلمتُ قـبل حين بأن النبيّ إلتحق في يناير هذا العام بركب أصدقائي المفـقـودين إلى
    الأبد: أولهم العطبراوي عـبد العظيم محي الدين وآخرهـم أنا.

    ====
    هامش لمعاني المفـردات البلغارية :
    (1) دُوماشنا راكـيـّا : العرق البيتي
    (2)مايكا مُو ستارا : تـبّـاً لأمه العجوز
    (3)سنيجانكا وروسكا سالادا : نوعان من السَلـَطات.
    (4) كـرَشمتا اي فـَف تيب : القعدة القادمة عـندك.
    ====

    الأرض المنخفضة ـ يوليو2004

    من بوست:
    غائب
                  

12-07-2004, 04:06 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    من عنـت العِتالة إلى غابة الكتابة

    مداد الأرواح هـو الذي يكتب، لا أسنّة الأقـلام .

    صفاء الأرواح وخلوصها من الأسقام والعاهات وخلود المحبة فـيها هـو الأساس.لا أساس سواه !.
    غـياب هذا الأساس ـ حتى لو قـيّض للمرء إمتلاك زمام" المعاجم" ـ يعني إنفـتاح السكة أمام الزيف الناخر ـ لامحالة ـ نخاع المنتوج الأدبي كيفـما كان جنسه.

    رسالة الأدب ـ في تصوري المتواضع هي ـ أنسَنة الإنسان والسعي لإصلاح العالم بسلاح الكلمة( المُحبّة الناقـدة)، لا رجمه كما لـو كان عـفـريتاً.

    أمن قـبيل الصدفة ظاهـرة شاعـريّة نصوص دعـوات الأنبياء والمصلحين الإجتماعـيين على إختلاف مشاربهم؟! بمعنى إجتماع الرسالة الخيّرة وسحر البيان الرفـيع المقام وإمتزاجهما إمتزاج السمن بالعسل في مواعـين تلك النصوص الخالدة.

    * * *
    عـندما سأفـرغ، ذات يوم، مما أنا عليه، الساعة، منكـّب، ستكون تلك الروح الكاتبة قـد سكبت مدادها و هاجرت متفـتتة ً( أبغض مفـردات من شاكلة : متشظيّة، ولا أدري ماالسبب!) في كتاباتي الفـقـيرة، دوماً، إلى ربها.

    * * *
    أنا قادمٌ إلى عالم الإنتاج الروحي من شقاء التشرّد وأثقال العتالة وجُرابي من الأمثال لا يسكنه صفـير الريح. لغتي متواضعة، بيد أنها تختصر لي المسافات، دوماً، إلى غايات.
    العتالي الحَمّال هـو أكثر الناس درايةً بأقـصر الطرقات المُـفـضية من الحاوية( القاموس) إلى المخزن ( النص المُـراد تعمير فـراغه بعلامات).

    إنه الأكثر درايةً لأنه الكادح ، لا آخرين. هـو من ينكسر ظهره ورقـبته مترنح الخطى تحت تقـل الأحمال.

    بعضٌ مما إصطحبته من شقاء مهنة العتالة وأودعـته " الصُرّة المعرفـيّة" المدروعة وعـبرتُ به الحدود إلى شقاءٍ آخر وتدافع ٍ محموم ٍ بالزنود والمناكب ـ للمفارقة الفكهة ـ أحمى وطيساً و وأكثر بربريّة، في محرقة "غابة" الكتابة هـنا.

    عثمان محمد صالح

    -----------

    أهـدي هـذه الكلمة المتواضعةإلى أربعة من أنصار الكتابة الجادة : الأعـزاء نجاة محمد عـلي، ودرملية و طلال عـفـيفي و خالد المحسي.
    أدام الخالق لهم جميعاً وآخرين ـ يعلمون جيداً حضورهم في ذاكرتي ـ نقاء الروح وسـقى محابرهـم من مداده العظيم بلا إنقـطاع .

    من بوست:
    من عنـت العِتالة إلى غابة الكتابة

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 12-07-2004, 04:07 PM)

                  

12-07-2004, 04:20 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    زرعٌ بلا قـندول!


    محطات :
    * نشرتُ شذرات من ذكريات فـرُبطت مباشرة بمايدور في البورد ولحقـني مع آخرين وصف
    مهين.
    * طالبتُ البورداب بإشهار هوياتهم وصورهم بإعتباره سبيلاً يكبح جماح القول المطلق على عواهنه ووصفـتُ غموض الهويات بالوضع الشابح فإرتاب البعض في الغاية ظناً منهم بأنها طعنٌ في الذمم!!!
    * وصفـتُ تطاحن الأفـراد وتدافع العصبيات بالغاب يستفـرد فـيه المسنود الظهر بعشيرة
    وحيران بمن لا ظهر له. فـقـدت الرسالة مضمونها وضاعـت في الأثير حين ظن البعض بأن الغاية من ورائها أيضاً سُـبّة ومطاعـنة!!!.
    * سعيتُ لتوثيق سيرةهامش و منبوذين وتعساء في وطني وخارجه، فأصابتني نبال .
    * لستُ كائناً نورانياً ولا أزعم حيازة روح ملائكية بين أضلاعي : ملائكية الروح لاوجود لها أصلاً، هي محض تجريد يهوّم في فضاء الفكر.

    تلك محطات غـُرستْ بينها أيضاً محطات. لكنها جميعها زرعٌ بلا محصول!

    سأتوقـفُ مؤقـتاً عـند هـذا الحد :
    أجهدني سوء التأويل و كتابة الملاحق التفـسيرية، وبؤس المحصول، وكيد الكتاحات .
    سأستجم لبعض الوقـت بطلب مقـدّر من إنسان باركت الآلهة جميعاً روحه فكافأ رداً غضوباً صدر مني بالمزيد من المودّة الصامتة والإحترام .

    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    زرعٌ بلا قـندول!
                  

12-07-2004, 04:32 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    راديو

    في شحوب مغيب خلّـوي، لاحت لي ، وحدي ،مُـشعّـةً بقـنديل روحها. لاحت لي في مهجر ٍقاحـل ٍ
    في وطني، ولم تنطفيء في مهاجر لاحقة :

    فـؤاد مغزول بكـتـّان دموع ، بشرة قـمحية تطلي قامة مائلة إلى القـصر، حكمة بالغة تـزيّـنها جسارة في القـول ، كل هـذا الثراء يخالطه صفاء في الروح ، وتلك المحبّة ــ موروثة عـن أمها ــ للعالمين.

    أبصرتها بجلاء برغـم كثافة الغـبار الهارب من تحت سنابك عجلات فولاذية.

    بانت في ظلال غـمرتها وهي تحكم وضع التوب على رأس مصبوغ بشيب مبكـّر، وهي تـفـتح بوابة محطة الحصيرة المطلية بدهان فاقع الخضرة، و تسندها مواربةً، يمينها تستقرعـلى كـتـف طفـلة في الثالثة من العمر حافـية القـدمين، سمراء خطفـت لون شريكي في المقـصورة المسافـرة. رأيتهما تحـّدقان طويلاً بإتجاه رصيف هاجد في برد ا لمغيب، ثم لمحت برّاق قـلق متنامي يشتعل في زيت هواجس متململة في نظرات المرأة، مضيئاً البقعة التي سيرسـو
    عـليها ويستجم قـليلاً ـ في وقـت لاحـق ـ الكـتـف الأيمن للقـطارالمحلّي الذي كان يقـلّـني و أبي عائدَين مـن محطة الحَوّاتة في شتاء عام74. أخبرتُ أبي برؤيتي لأمي وشقـيقـتي معاً. رماني بنظرة مستنكرة جعلت نظراتي تلوذ بشبّاك المقصورة المحكم الغلق.
    * *
    ل حصيرة السبعينات كنتين وحيد، يحرس مدخله كلب نؤوم. ليس بها سوق، ولايعمل مخبزها بإنتظام.
    محطة الحـَوّاتة هي أقـرب حاضراتها، وتربط بينهما وشائج إلفة وموّدة وحركة دؤوبة للقـاطرات واللواري السفـريّة. تليها في الأهـمية العَـزازة و قـلع النحل.

    رافـقـتُ أبي في أسفاره الدائمة إلى الحَوّاتة مرّات، وعُـدتُ منهاعامرَ الجراب بحكايات طويلة الأذناب عـن عالم فـّوار ٍ بالضجيج و متجدّد الجلد كـثعبان ــ حكاياتٍ تقـتات من خيرات مائدتها المسـرودة أمي وشقـيقـتي والجيران المحتفـين بعودتي، زمناً طويلاً، ثم يصرعـني نعاس .

    " حَوّاتة" السبعينات مزيجٌ من : بهجة السفـر إلى بندر المعزولين بالقـطر البخاري المنضبط في حركة سيره ومواعـيده، وفـتنة البساتين، وذاكرتي المروية بعصير المانجو، وأنـّة الكبري العتيق من قـسوة العجلات، وحبيبات الأرز المتساقـطة من نظراتي على قـوارب السَمّاكة وهي تمشّط نهر الدندر، وأقـصى درجات السعادة الأسريّة ونحن ننوء تحت ثقـل أكياس الخُضرواللحوم والخبز والفـواكه عـند فـراغـنا من التسوّق و صعدونا إلى القـطار العائد إلى الحَصيرة قـبل مغيب الشمس، والمذياع الذي إشتراه أبي من سوقها في نهايات عام73.

    كان ثاني مذياع يدخل الحصيرة. المذياع الأول جاء به محمد الدرديري ( الناظرالكبير للمحطة والعمدة الغير متوّج للحَلاّل المجاورة). توزّع المذياعـين مصيران متباينان . إستطاب مذياع أبي حفاوة الهواء الطلق وأوقات فـراغ المَحوّلجيّة وعامل التلغراف وغـفـير المحطة وعمال الدريسة و هـدير القـطارات واللواري السفـرية : تلقـفـته بهـجة الأيادي المعروقة وألبسته رداءً جميلاً من السكوبيس زيّـنه كعريس، ووقـاه من العين والغبار والحشرات ، جاعـلةً منه المتحدث الدائم بإسم ذلك البندر الغامض، والأنيس الرائق المزاج لجلسات الشاي النهاريّة و قعدات السمر المخمور تحت لحاف السماء الفـقـيرة بالقـرب من فـنطاز المياه الوحيد وعـربات الشحن المركونة على" الخط الميّت"، في الوقـت الذي ظل فـيه مذياع الدرديري حبيس أسوار بيته ( أكبر البيوت وأجملها في المحطة بأسرهاآنذاك)، وحكـراً لزوجاته الأربع ونساء المحطة وهُـنّ يتسلـّين بقهـوة الضحى في وساع الكـُرنـُك العملاق .

    كسر المذياع طوق العزلة المضروبة عـلى سكان المحطة وجلب لهم ضجيج العالم الخارجي الذي يجهل عـنهم كل شيء بما في ذلك حقـيقة وجودهـم العبثي في ذلك المكان .

    كنت أتصنّت لكل شاردةٍ و واردةٍ تدور تحت لحاء ذلك الصندوق المغلق وأنا أتمشّى متمهلاً بين الشفخانة و الصريف المتهتـّك المائل الذي يسّورالمدرسة الإبتدائية ، يلاحقـني صوته متدانياً حيناً ومتباعـداً في أغـلب الأحيان حافي القـدمين، مجللاً بالتعاسة والغبار ، باحثاًعـن اللاشيء في الساحة المترامية من أمام بيت مفـتش الغابات حتى الصَنـفـور، ويناجيني النداء و يستدعـيني منغمساً في التنقـيب عـن مكمن السحالي والضفادع المندسّة تحت ركام الفَـلنـَكات المكوّمة في الفـناء الخلفي لمكتب التلغراف. وعـندما ينوح طمبور محمد كرم الله متوسّلاً ذلك الطيف الراحل، أتركُ كل شيء في مكانه :
    الشفخانة البائسة والصريف المائل والغبار العالق برداء الدَمّور ومكمن السحالي والضفادع تحت الفـلنكات وعـزلة سراج الصَنـفـور والقـدمين الحافـيتين وأعـدو كالممسوس مقـترباً من المَحوّلجيّة وعمال الدريسة المتحلّـقـين حول المذياع المذ هـول من صنيع العـَبّـار اللاعـق منتشياً رغـوة الجنون المُـشتهى.

    كان محمد كرم الله شادي طفـولتي الأول بلامنازع .

    كان طمبوره النبيل الفـصيح يترنم لي فللمحولجيّة وعمال الدَريسة وعَـبّار المريسة ثم للفـنطاز المتأله المغرور وزهـد الخط الحديدي الميت في متاع الدنيا وضجر القـطر الحبيس ـ هـناك ـ بأمر ٍ ممهور ٍ بهيبة الصنفـور وشحوب القـطاطي ، وسكون الأصداف في بطن
    الرمال و الشرى المتطاير من غـضبة براكين قـناديل الذرة المجلودة، بلا ذ نب جنته، في العراء ومرابط الأبقار في ضهر البيوت وقـفـص الطير الخضاري المتدلّي من شِعبة الكـُرنك في بيتنا ثم يسعى بالقطر البخاري إلى آخرين يقعون خارج قـفـص المحطة يترجم لهم ــ بلا طائل ــ هـواجسَ محطة مأسورة في قـبضة خلاء.

    -----------------
    [email protected]


    من بوست:
    راديو
                  

12-07-2004, 04:35 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    أوبة


    جُذبتُُ إلى رمال متحركة من القول الفاحش و الإسفاف خضتها مرفوع الجبين .
    خضتها بعزيمتي وطهارة أثوابي وعون أهلي والأصدقاء.
    أعود إلى عالم الأقاصيص و النشر هنا بعد حين ٍ قريبٍ قريبْ.
    أساءني من لا يعرفني/ تعرفني !!!
    اُبتُ إلى نفسي وإنشغالاتي الأساسية .
    زالت غشاوة وبانت معالم السكة من جديد.

    من بوست:
    أوبة
                  

12-07-2004, 04:42 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    متـفـرقات مجتمعات

    الذين نصبوا لي شراك البذاءة في أرجاء هذا البورد لا يعرفون عـن حياتي الخاصة شيئاً. الذين شيطّـنوا صورتي كمالم تشيطن صورة من قـبل في هذا الموقع و أسقـطوا علىّ ربما إحباطات وجود لا يعنيهم في قـليل أو كثير كيف أعـيش : يعنيهم إنـتـزاع قـلمي من بين أصابعي نـزعاً!.

    تقـديرات خاطئة:
    ناصرتني في الأحداث الأخيرة قـلة مسـتضعَـفة وفاجأتني مشاركة أغـلب قـبائل البورد في الطعان . وجاءتني سـِنانٌ غادرةٌ من حيث لم أحتسب : ممن وصفـتهم بانصار الكتابة الجادة وآخرون تخطيتُ حواجز الإختلاف محيّياً و مرحباً وغامراً طلعتهم بثناء وأفـراد مددت لهم يد العون ذات كربة و نفـر رابع كانوا يصفـون الكلمة زوراً وبهتاناً بالفـضيلة و نفـر خامس قـّر في ذهـني زماناً إنتماؤهم لصفـوة الفكر فأذهـلتني مشاركتهم في ماراثون البذاءة والإسفاف. ....إلخ من المفاجاءآت والصدمات.

    غـشاوة في الرؤية وسوء في التقـدير!.

    آليات النبذ والإقـصاء:
    1-الهزء والسخرية بشكل جماعي .
    2 ـ الرجم بفاحش القـول
    3 ـ الإسكات القـسري
    4 ـ النفي خارج حدود العقل

    نبؤة:
    ماحدث لي ليس إستثناءً في تاريخ هذا البورد وهـو قابلٌ للتكرار في المستقـبل طالما أن البذاءة ماتزال تتمخطر في هذا الموقع لا تـلجم شرورها معارضة وهي تتصيّد على الدوام من لاسند لهم من عـشيرة سياسية أو عُـصبة صداقة.

    أوبة :
    ليس لي وجهان كما لخصومي. أ غالب إكتئاباً أفـرزته صدمات متتالية وأنا أصارع بسلاح الكلمة الطاهـرة وفـرقائي لا يرعـون لشرف الخصومة ميثاقاً: أعـمتهم كراهـيةٌ مهووسةٌ و تلبّستهم روحُ إقـصاء.
    سأستجم كثيراً وأقـرأ كثيراً وأكتب ماعجزت عن تدوينه في الشهرين الأخيرين ثم أعـود.
    سأعـود ولكن مُـقلاً في النشر بهذا الموقع.سأنشر بالتوازي في مواقع أخرى سودانية وغـير سودانية، مجسّراً صلة قديمة بدوريات ومجلات متخصصة لا يرى فـيها النور عـبث ولاقـول فاحش.

    عثمان محمد صالح

    من بوست:
    متـفـرقات مجتمعات
                  

12-05-2004, 06:25 PM

صباح حسين

تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 402

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    أزرف يا عادل دموع التماسيح علي نفسك ، ومحاولاتك للظهور بمظهر البطل علي جسد الضاحية لاتعدوا أن تتجاوز مرضة الشهرة التي تسجن فيها نفسك ، لا داعي لتحريك مياه الفتنة ، انت تقول إنك من أتيت به لهذا المنبر ، إذن لماذا إنصرفت عن دعم بوستاته دعك من الآخرين ، وياتوا قانون بيقول لازم البورد يقرأ و يشيد ببوستات فلان المثقف والاديب البارع وإلا حق علي الجميع لعنته ، كم مشكلة إفتعلها هذا الرجل في المنبر دون سبب مقنع ، قبل حتي أن يقرأ الناس له أو ما يقرأوا ، لقد رجعت لبوستاته ووجدته يفرد بوستات من عينة القطع من خلاف لتوهمه أن الشاعر متوكل توم قال كلمة في غير محلها ، وفعل نفس الشئ مع المحسي وراوية وإستفحل وهمه لدرجة بدأ يظن أن هنالك مجموعات منظمة تضم طلال وعصام والجريفاوي والفاضلابي ووووووو يعملون علي ذبحه ، ثم قائمة الكم وعشرين ثم ود بلده أبوجهينة ، فبدلا من السفر له ومساعدته في العلاج ، تجي وتتاجر بالمسألة ، كفاية
                  

12-05-2004, 06:42 PM

سماح سيد ادريس


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: صباح حسين)

    لا أفهم سبب غياب الأخ عثمان... لم أقرأ البوستات الأخيرة قبل غيابه... كل ما كنت أقرأه له كان أعماله الأدبية المتفردة.... أعجبتني القصائد النوبية التي قرأتها اليوم من أعماله القديمة كثيرا ولي محاولة لكتابتها بالحرف النوبي وانزالها في البوست لعل ذلك يعيده الينا مرة أخرى... أتمنى أن يقرأ ما كتبت الان ويعرف أن هناك الكثير مما يمكنه تقديمه لنا...
    العزيز عثمان .... أنت سليل ملوك لم يستسلموا يوما لهزيمة أمام غيرهم أوحتى أمام أنفسهم.....
    فعد ودعنا ننظر معا الى الأمام....
                  

12-05-2004, 06:57 PM

Shinteer
<aShinteer
تاريخ التسجيل: 09-04-2002
مجموع المشاركات: 2525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: سماح سيد ادريس)

    فقط وفقط .. أتمنى أن يعود الأخ عثمان إلى نفسه .. وأن لا يعود إلى هذا البورد أبدا. لا فائدة يجنيها بانتمائه إلى البورد .. ولا عائد عليه غير النكد واتساع مساحة الغربة.

    الأخ/الأخت صباح حسين؛ لا داعي لنكء الجراح .. وأقرئي عثمان في غيابه.
                  

12-06-2004, 09:28 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Shinteer)

    العزيز شنتير

    ادعو الجميع الي قراءة عثمان في غيابه
    بعد ان رفضنا قرائته - حرفيا ومجازيا - في حضوره ..

    لك الود والشكر ..

    عادل
                  

12-06-2004, 09:26 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: سماح سيد ادريس)

    العزيزة سماح ..

    انت حقا سماح ...

    شكرا لك علي المرور؛
    اعجبني ما كتبتيه هنا ..

    عادل
                  

12-06-2004, 04:31 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: صباح حسين)

    الاستاذة صباح حسين

    شكرا علي حضورك الباذخ

    اهديك هذا النص بعنوان:
    مديح متواضع لنساء بلادي
    للاخ عثمان وهو موجود هنا:

    Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ...
                  

12-05-2004, 06:57 PM

عبدالمنعم عبدالله
<aعبدالمنعم عبدالله
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    غـزلـت سـترةَ الـصـوفِ لأ وهـا مِ ا لمسافـرِ و هـو يكـبـو في نـتـوءاتِ الكـتابـةِ، قلـبـت بأ نـيـنهـا جـمـرَ الحـنـيـنِ ، و أز كـت النا رَ الوليـدةَ من وقـودِ الروحِ، لـكن المسافـرَ كان مُستـلباً فلم يـلحـظ وميـضَ ا لـنارِ في ا



    غزلت يا ليتها عزلت اوهام روحى
    فكل كتاباتى حقيقة
    حنيين اى خنين ؟ حنين النار حنين الروح حنين الولادة
    يا رماد عمرى , فحدثنى ,,,,,,,,,,,,,,,,,,؟ عن الميعادااااا
                  

12-06-2004, 09:04 AM

Marouf Sanad
<aMarouf Sanad
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 4835

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: عبدالمنعم عبدالله)

    الاخ عادل
    لك التحايا
    وانت تحترق صدقاوحقيقه
                  

12-06-2004, 09:31 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Marouf Sanad)

    العزيز معروف ..

    نحن لا نحترق ولم نحترق ولن نحترق
    بمثل ما احترق ويحترق عثمان ..

    لك وله الود ..

    عادل
                  

12-06-2004, 09:29 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: عبدالمنعم عبدالله)

    الاخ عبدالمنعم عبدالله

    اثمن مرورك عبر هذا الخيط ..

    لك الود والتقدير ..

    عادل
                  

12-06-2004, 10:01 AM

Fadel Alhillo
<aFadel Alhillo
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الاخ عادل

    لك التحايا

    ربنا يديك الصحه

    والله انت زول عظيم بجد


                  

12-06-2004, 05:05 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Fadel Alhillo)

    فاضل الحلو ..

    العظيم هو شعبنا ..
    والله عند المؤمنين ..

    اتمني لك الصحة وهناءالبال ..

    لك الود موصولا ..

    عادل
                  

12-08-2004, 00:03 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20429

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ما مر به عثمان لم يكن مقتصرا عليه وحده (Re: Abdel Aati)

    العزيز عادل
    ما مر به عثمان لم يكن مقتصرا عليه وحده,
    فقد بدأ مثلا بولا يفكر في ان ينسحب من البورد.
    وفي بعض من بوستاتي كنت استنكر ذلك الصمت المخيف الذي يمكن ان تقابل به بوستاتك
    لكنني لم أع المسالة جيدا ,
    فهنالك من هو مستمع ولكن ليس لديه اي تعليق
    وهنالك بوستات ستعرف أهميتها في وقت لاحق
    لقد سبق ان نشرت في الاحتفال بعلي المك نصا عن علاقة على المك باتحاد الكتاب السودانيين.
    ولم اجن غير الصمت,
    لكن الان في بوست مؤامرة,كان هو البوست الوحيد الذي يحكي بشكل مختصر عن نشأة الاتحاد.
    لا تعجبني لهجتك حول التفرد والوحشة وان عثمان يمشي وحده ,و..و ...و....
    وهنا اوافق بارعة في كلامها حول ان الكاتب مبذول لكل الناس,
    وقد سبق ان قلت له هذا الكلام لكنه استقبله بروح مختلفة عن مضمون كلامي
    بل بالعكس يسير في اتجاه لا يشبه ما حظى به في المنبر هنا من اعجاب واضح
    فأنا أرى أنه كون له معجبين ممتازين يحبون كتابته وخاصة سرده,
    لكنه لا يأبه بهم,
    ليفتش عن "المشفر" في الهجوم عليه
    وشكرا على ايراد البوستات ,
    فقد كانت جولة ممتعة في خطاب عثمان في البورد
    المشاء
                  

12-10-2004, 06:14 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما مر به عثمان لم يكن مقتصرا عليه وحده (Re: osama elkhawad)

    شكرا اسامة للمرور من هنا ..

    اتمني من كل قلبي الا ينسجب استاذنا الكبير بولا من البورد..

    عادل
                  

12-10-2004, 12:36 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ما مر به عثمان لم يكن مقتصرا عليه وحده (Re: Abdel Aati)

    اها
                  

12-11-2004, 04:18 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: Abdel Aati)

    الاخ عادل ،،

    لك التحية وللمبدع الاخ عثمان ولكل المتداخلين/ات ..


    إبحار رائق في نثر عثمان النضيد، العابق بفكره ووطنيـّته


    كنت من المواظبين علي قراءة بوستات الاخ عثمان ، قبل التحاقي كعضو
    بالمنبر الحر .. وحينما التحقت لاحقتني " أنواء " قلـّة الوقت ! هذا
    إن لم أقل قلّة الحيلة في الانكباب علي آلاء البورد ، وكنت كذاك الذي
    تكاثرت عليه الظباء .. فلم يدر ما يصيــد !

    تكاثرت الظباء علي " خراش " وما يدري "خراش " ما يصيـــد ؟!



    لك وافر التقدير علي هذه الهمـّة التامـّة ، وامنياتنا أن يتواصل
    مدد ومداد عثمان وعادل وبقيـّة العقد الفريد في الفكر والكتابة علي
    صفحات هذا المنبر ..

    ولك الود ،،
                  

12-11-2004, 10:06 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جرت دمعة من مقلتيىَّ ... (Re: محمد أبوجودة)

    العزيز محمد ابوجودة ..

    شكرا لك علي المرور؛ وعلي هذا العقد المنضد من الكلمات؛ والحقيقة انا اقرا باعجاب يتزايد كل يوم مساهماتك في البورد؛ ولو كانت تعليقا صغيرا؛ لما فيها من لغة راقية...

    لك الود اجزله..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de