|
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية (Re: Abdel Aati)
|
اتفاق الصادق –الميرغنى الهجوم المضاد للسيدين واعادة الحلف التاريخى : كان الرد على اتفاق الترابى – قرنق سريعا ؛ فى سلسلة الاتفاقات الثنائية ؛ بتوقيع ما سمى بنداء السودان ؛ بين "السيدين " ؛ الصادق المهدى ومحمد عثمان الميرغنى ؛ والذى شكل هجوما مضادا لقادة الطائقتين السودانيتين ؛ واعادة لحلفهم التاريخى ؛ والذى ظن البعض انه قد اصبح جزءا من التاريخ ؛ ليعود باشد ما يكون ظهورا .
ان التوقيع على هذا الاتفاق ؛ قد جاء متسقا مع الازمة التى يعيشها هذان القائدان الطائفيان؛ والتى ذكرنا جزءا منها فى تحليلات سابقة . ان الصادق المهدى الذى فشل فى تحقيق اى من اهدافه بعد الرجوع الى الخرطوم ؛ وبعد قطع علاقاته مع التجمع ؛ قد اصبح محاصرا ضمن حدود ضيقة يرسمها له النظام ؛ او قل يرسمها هو شخصيا لنفسه ؛ ويستغلها النظام ويكرسها . اما الميرغنى فقد فؤجى تماما بتوقيع حليفه قرنق ؛ مع عدوه الترابى ؛ مذكرة للتفاهم من خلف ظهره . واذا كان الحليف الرئيسى للميرغنى بعد انسحاب الامة من التجمع قد كان قرنق ؛ واذا كان خط المشاحنات والعداء بين الامة والتجمع قد دار بين الصادق وقرنق ؛ فى حرب رسائلهم المشهورة ؛ فان القرار الطبيعى للميرغنى والمهدى قد كان اعادة حلفهم التاريخى ؛ فى محاولة لتكبير كومهم ؛ وانقاذ ما يمكن انقاذه من بنية العلاقات القديمة والنفوذ القديم ؛ المهددة من اطراف عدة ؛ فى فسيفساء السياسة السودانية .
ان هذا الاتفاق ؛ قد شكل صفعة قاسية لاولئك الذين زعموا بحدوث تغييرات فى سلوك وممارسات ومفاهيم القيادات الطائفية فى السودان ؛ وممن حلموا بان يقودهم الصادق تارة ؛ والميرغنى تارة اخرى ؛ الى بناء السودان الجديد . ان الاتفاق الحالى يوضح ان الحلف بين القادة الطائفيين استراتيجى ؛ والمنافسة بينهم عابرة . و ان ما يجمع قيادة الصادق والميرغنى ؛ من وحدة المصالح ؛ وتطابق البرامج ؛ وقسمة الجماهير والبلاد على اسس طائفية بين بيتيهما ؛ لهو اكبر بما لا يقاس مما يفرق بينهم من طموح الرئاسة ؛ وها نحن على مشارف القرن الحادى والعشرين ؛ نذبح السياسة على اعتاب القداسة ؛ وها قد عادت العرجاء الى مراحها ؛ وحليمة الى سيرتها القديمة ؛ واثبت المثل الشعبى صحته وحكمته ؛ من فوق رؤوس اصحاب المذاهب العلمية ؛ وعلماء السياسة الحديثة ؛ ممن عللوا انفسهم والآخرين ؛ بامكانية حدوث تغيير ما ؛ فى مواقف رموز وحراس القديم والتخلف ؛ ومن امكانية بناء ديمقراطية ما ؛ بالتعاون مع اوتوقراطية طائفية لا ياتيها الحق من بين يديها ولا من خلفها؛ و لا يشكل الالتزام بمبدا ما ؛ غير مصالحها الضيقة ؛ اى قيمة معنوية او سياسية لقادتها .
ان قراءة جد سريعة فى متن نداء السيدين ؛ توضح قصوره عن كل مقررات التجمع الوطنى الديمقراطى ؛ وتراجعه حتى عن الحدود الانهزامية والاستسلامية التى يطبل لها الصادق المهدى . فالنداء يبدأ برفض وادانة مجمل العمل المسلح ؛ دون ان يفرق بين الحرب العدوانية التى يشنها النظام ؛ والمقاومة العادلة التى تقوم بها فصائل المعارضة الوطنية . ان هذا الموقف من المهدى لا يثير استغرابنا ؛ وهو الذى سرح قواته ؛ بل وجعل بعضها تحارب ضد رفاق الامس ؛ كما تم فى معركة كسلا؛ فى اطار خطه التصالحى مع النظام . الا ان ما يثير العجب توقيع الميرغنى على بند كهذا ؛ وهو رئيس التجمع الوطنى ؛ والذى تخوض قواته معارك باسلة ؛ ضد تحرشات النظام وحملاته العدوانية ؛ والتى لا تزال قوات حزبه الاتحادى ؛ قوات الفتح ؛ وان بصورة نظرية ؛ فى حالة حرب مع النظام . ان موقف الميرغنى هنا يتناقض مع مقررات مؤتمر مصوع الاخير ؛ والذى اجاز ضمن تكتيكاته لمواجهة النظام مبدا المعارضة المسلحة . ان الميرغنى بذلك يناقض مقررات المؤتمر التى وقع عليها بنفسه ؛ وقرارات التنظيم الذى هو رئيسه .
فى هذا الاطار ؛ فان عدم اشارة اتفاق السيدين ؛ ولو لمرة واحدة ؛ للتجمع الوطنى او مقرراته ؛ تبدو مفهومة ومنسجمة مع السياق العام للترتيب الجديد ؛ فى بعث الحلف الطائفى الثنائى التليد ؛ والذى لا يحتاج الى التجمع الوطنى لاسناده ؛ و لا لمقررات اسمرا او مصوع لتبريره . ان عدم الاشارة الى مقررات التجمع انما تشكل اشارة واضحة لتراجع القادة الطائفيين عما وقعوه من التزامات ؛ حول طابع الدولة ؛ ومستقبل نظام الحكم فى السودان ؛ وضرورة اصلاح البنية السياسية فى السودان . وعودة مرة اخرى الى البرنامج التقليدى فى معاملة قضايا البلاد ؛ اذا كان من الممكن اطلاقا اعتبار ذلك برنامجا ؛ من اعادة تاسيس النظام الديمقراطى الطائفى ؛ وتكريس التعالى القومى والثقافى ؛ وتهميش قوميات باكملها ؛ وعدم الاهتمام بالتنمية وتطور البلاد ؛ النهج الذى انتج الكارثة فيما مضى ؛ والذى سيقود اليها حتما فى المستقبل ؛ اذا ما صار له الانتصار .
ان اتفاق السيدين من الجهة الاخرى ؛ ياتى استجابة لمطالب القوى الاقليمية ؛ والتى تبحث عن حل تصالحى فى السودان ؛ يخفف من غلواء النظام ؛ دون ان يهدد السيطرة العربية – الاسلامية فى السودان . ان اتفاق الترابى – قرنق قد كان صدمة لبعض هذه الاطراف ؛ باعتبار ان قرنق يركز على البعد الافريقى للسودان ؛ والترابى مغامر لا يحرص على علاقات السودان العربية ؛ وبه توجهات ايرانية اممية واضحة ؛ وافق افريقى لسياساته الاسلامية ؛ الامر الذى يجعل لحلفهما نتائج جد خطيرة على بنية السودان الاجتماعية ؛ وتوجهاته العالمية . ان واقع انعقاد اجتماع السيدين فى مصر ؛ وليس فى اريتريا او يوغندا او احد الدول الاوروبية ؛ يحمل ما يحمل من الدلالات ؛ حول اهمية هذا البعد الاقليمى والخارجى .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:13 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:15 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:16 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:18 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 01:20 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | ابو جهينة | 07-20-03, 01:51 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 03:04 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Raja | 07-20-03, 03:22 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-20-03, 04:22 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | safwan13 | 07-20-03, 08:56 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-21-03, 00:10 AM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Raja | 07-21-03, 02:38 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | msd | 07-21-03, 03:00 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-22-03, 11:38 PM |
Re: الاتفاقات الثنائية واخطار تمييع القضية الوطنية | Abdel Aati | 07-22-03, 11:35 PM |
|
|
|