|
هذا المقال ... مزق كبدي ... أسال دموعي .. لا حول ولا قوة الا بالله
|
كتب عادل سيد أحمد البارحة هذا المقال
زرتهم أمس .. وقضيت نهارية الجمعة بينهم .. وعيون كل واحد منهم ترسل رسالة للأم تقول : ماذا فعلت ـ يا أُمي ـ حتى تتركيني لهجمة الزمن .. وغدر الدهر.. وظُلم الناس ؟؟. يُمة .. أنا جعان.. وعاوز لبن..!.
عاوز شطرك.. يشبعني لبنك.. في البدء.. بدفيني حنانك.. يُمة.. أنا كنت مرتاح في بطنك.. القال ليك طلّعيني منو.. معقول.. معقول.. يا أُمي ترميني في الشارع..!. إنتي عارفة.. أنا الليل كُله.. لغاية الصباح.. راقد براي..!. الله ورقبتي .. يا أُمي..!. الكلاب .. جات جنبي.. وربنا حماني منها.. وبتاعين «العربات» .. شفتهم كلهم يا أُمي ..!. واحد منهم.. وقف في الظلام.. وسمعتو بيقول ليها: سريع كدا.. ما حا نأخذ وقت طويل..!. وكنت عاوز أصرخ فيهو.. وأقول ليها: أوعى تكرري خطيئتي .. تصدقي كان عاوز يغشها.. وأقول ليك سر: مصيبة.. لقد غشّاها .. فعلاً! .. يا أُمي !. في الليلة دي.. أنا شفت حاجات عجيبة!. واحد سكران.. جاء ماشي بجنبي وقرب يعفصني!. واحد مجنون .. ضربني!. ولكن .. الكريم .. أرسل أحد العابدين.. كان ما شي يصلي صلاة الفجر نعم.. صرخ في المجنون: يا زول أبعد بعيد..!. ولكن .. العابد .. خاف .. وأكتفى بـ«حسنة» طرد المجنون.. وكتر خيرو.. يا أُمي..! عمل الفي قُدرتو!. * * * وهواء الصباح.. داك ..! يا أُمي.. لفحني جنس لفحة..!. قعدت أبكي.. وأصرخ .. ياريت لو عارف محلك.. وربنا .. الخلق عيسى.. قادر على كل شىء..!. كنت حا أفتشك، لمّن ألقاك..!. *** الصباح.. جات عربية نجدة.. ساقوني «القِسم» .. وأنا ما عامل جريمة.. ما عارف .. جاني شعور إنك حاتكوني الضامن..!. والله العظيم.. أنا ما ممكن أبقى الشاكي..!. وحياتك.. لا إنتي .. ولا أبوي.. ما برضى أي زول يقول قصادكم كلمة مُجرم.. المهم .. خلوني.. راقد .. براي.. وسامع الناس بتكلموا.. دا لقيناهو في الميدان..!. بعدما خلصو إجراءاتهم الطويلة.. وبعد ما ضهري .. وجعني من الرقدة في حاجة «صلبة»..! ودوني دار الرعاية..!. وهناك لقيت «مجهولين».. زيّي يا يُمة.. شعرت بنفسي محبوس.. كبرت .. وبعد سنوات .. بديت أتذوق شىء إسمو الحُرية: قبضوني ليه.. عاوزيني أعمل إيه هنا.. أنا ما عملت شىء.. دا مستحيل مع ذا العنا.. ما عرفت قط في دُنيتي .. غير اللعب والشيطنة.. أُمي العزيزة هناك تكوس.. ما عارف أبداً وين مشيت .. قايلاني حايم بالشجر.. زي عادتي كل ما أختفيت .. المرة دي الموضوع خطير.. في حياتي مثلو أن ما رأيت .. قبضوني زي مجرم كبير.. ما قدرت أزوغ «حتى ما جريت».. قبضوني جابوني الحبس.. حرموني خيراً وافياً .. يا يُمه وين ألقى الشجر.. ألقى المياه الجارية .. ألقى الصحاب نلعب سوا.. بصحة طيبة وعافية.. * * * ثم أما بعد: هذه القصة.. استلهمتها، من عيون الأطفال.. مجهولي الأبوين.. وأنا أنظر إلى هؤلاء الأبرياء.. في دار رعاية الأطفال.. من مجهولي الأبوين... هُم ضحية خطيئة .. ولحظة رغبة..!. وضحية مجتمع.. بل إنّ الأُم الهاربة.. هي نفسها ضحية مجتمع، لا يرحم.. وفي الغالب الأعم: هي ضحية فقر..!. إنّ القضية ذات جذور فقد استشرَت «العنوسة».. وانتشرت الحاجة والفاقة.. والأب.. الفقير المُقعد ، لا يقوى على عمل.. فتخرج «البنت» للدراسة أو العمل.. وفي الحالتين.. تحتاج إلى مستلزمات من الدكان .. والسوق.. والأجزخانة ..!. وحينما تضيق بها الدُنيا.. فإنها إما بـ«حُسن نية» تصدق رجلاً، يقول لها «بحبك» .وعاوز أعرسك.. أو بـ«سوء نية» تخرج للشارع في سوق «الأجساد» .. لتعرص نفسها على سائقي العربات الباحثين عن إشباع الرغبة .. من أي ملف .. وفي أي ملف..!. فيأخذها إلى مكان «خاص» فيستقبلهما «الشيطان» ثالثهما الذي لا يكذب أهله..!. ومسرح الرذيلة مُهيّأ تماماً.. سرير دبل.. والباقي..!. ولا حول ولا قوة إلا بالله..! * * * إنّ سلطة الأب.. قد انهارت.. وسطوة الأُم.. قد تعززت.. فظاهرة «المُضاراة» .. أصبحت ثقافة سائدة..!. البت مشت «الترزي».. البت .. مع صاحبتا بذاكروا سوا.. أو البت في الشُغل..!. ولئن كانت الأسرة، تعلم «أين هي البت» الآن.. فتلك كارثة..! وإنْ كانت لا تعلم.. فتلك مصيبة..!. * * * إنّ ظاهرة ارتياد البنات لعيادات «الظلام» من أجل الإجهاض .. في تزايد.. والسطحية وحدها، هي التي جعلتنا نركز على «طبيب النساء والتوليد» المشهور.. فكم .. وكم من آخر.. يعمل عمليات الإجهاض..!. وكم.. كم.. من «داية».. تقبض «مبلغاً» مقابل «مداراة الفضيحة»..!. * * * ثم إني أسألكم بالله: ماذا كان بإمكان «المُذنبة» أنّ تفعل؟!. هي أخطأت.. ولكن .. أليس الفقر هو الذي يُحل «الميتة ولحم الخنزير»..؟!. إنْ كان الإنسان مضطراً.. وغير باغٍ .. ولا عاد..!. إنْ من واجب الدولة، أنّ تعالج.. الأمراض.. من جذورها حتى تقضي على الأعراض.. ماذا نتوقع من معاشي مفصول.. بعد معاناة في التأخير.. والكسور والبواقي.. يقبض ملاليم.. لا تُسمن ولا تغني من جوع.. ويا دوب تكفيه «حق المواصلات» في «المشية والجية»، بحثاً عن حقوقه.. أو بحثاً عن وظيفة؟!. إنّ مأساة «مجهولي الأبوين» كبيرة ومتفاقمة .. والظاهرة في تزايد.. إنها مأساة منسيّة..!. إن الضغوط الإقتصادية التي نعيشها أفرزت مشاكل إجتماعية خطيرة: ـ أبٌ مسافر لسنوات.. خرج ولم يعد..وهو عاطل.. في دول الاغتراب..!. ـ أو آخر مسجون.. بسبب الشيكات الطائرة وسجن أُم درمان مليان..!.. ـ أو ثالث، مطلق..لا ترك لها إعانة..ولا أعترف لها بنفقة..!. * * * إنّ الإحصائيات الأولية تحكي عن أنّ مجهولي الأبوين.. في تزايد مستمر.. وأنّ الشارع، يستقبل يومياً ما بين«1» إلى «4» حديثي ولادة..!. بمتوسط يبلغ من 40 إلى 55 طفل شهرياً..! وأنّ الإرهاصات الدراسية تقول إنّ الذين لا يصلون للسلطات لا يقلون عن 35000 طفل حديث الولادةبريء! * * * إن وسائل التخلص .. متعددة .. أبرزها : الرمي في السايفونات أو «الأدبخانات» .. بإحصائية تقديرية ، لا تقل عن 20 ألف حديث الولادة ..!. * * * المسألة أكبر من المادة 146 «زنا» من القانون الجنائي .. المسألة أعـــمق .. وذات جذور أكبر وأخطر ..!. وقد عطل الفاروق .. بسبب الفقر .. الحدود .. في عام مشهور بـ «عام الرمادة»..!. * * * وسجمنا .. و وا رمادنا .. فقد حكى لي صديق عامل في مثل هذه المجالات الاجتماعية.. حكي لي حقائق وقصة .. أما الحقائق .. فهي كما يلي: * مجهولو الأبوين .. في دور الرعاية يحتاجون الى لبن وأدوية... والآن .. الآن.. فإن دار رعاية المايقوما .. في حاجة ماسة إلى لبن وأدوية..!. * هناك خيرون .. يأتون إلى دار الرعاية ، ويتبنون طفلاً .. فيأخذونه معهم .. ليعيش، كل العمر .. بينهم.. *بعض الأمهات اللواتي رمين أطفالهن يحضرن إلى الدارسراً.. ليتابعن أحوال «أطفالهن» .. من بعيد .. لبعيد ..!. «والســـترة والفضيحة ، متباريات ».. * * * أما القصة .. فإن إحدى الأسر ، اتصلت بـ «فرد» ، من الجهات المعنية .. وبلّغته بأن ابنتهم «حبلى» .. و على وشك الوضوع.. وأنهم يرغبون في تسليم هذا الطفل لإحدى دور الرعاية .. ولكنهم يخشون من المادة 146«زنا» .. وفضيحة القسم .. وألسنة الناس ..!. ما كان أمامهم من خيار .. إلا أن يرموه في الشارع ..!. * * * أصدقائي وأحبائي القراء .. الأعزاء .. أهل الخير .. تعالوا إلى جنة .. عرضها السماوات والأرض ..!. لنرحم معاً .. من ظلمه الزمن .. هذا الطفل البريء.. الذي لا ذنب له ولا خطيئة .. تبرعوا لوجه الله.. والذي يرغب أن يكون مع المصطفى ، عليه الصلاة والسلام .. وهو القائل : « أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة».. إن كنت ترغب في أن تسبق الناس، وتسابقهم.. إن كنت ترغب في صحبة المصطفى.. أو كنت ترجو من رب العرش .. جنة ونعيماً وملكاً عظيماً .. اتصل بي على رقمي الخاص: 0912364904 حتى تتبرع من أجل لبن أو دواء. لنفعل النذر اليسير .. لمن ظلمه الزمن .. وأضناه غياب الحنان .. وانعقد لسانه عن أن يقول : «أبوي» ..!. فرماه القدر اللعين ، في ام «صناعية»... وأب .. صناعي..!. * * * معاً .. معاً.. من أجل هؤلاء الأبرياء.
|
|
|
|
|
|
|
|
|