لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 09:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام هباني(هشام هباني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-15-2007, 08:33 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ (Re: محمد على طه الملك)

    مبحث ثاني


    ملامح الشعـب النـوبي ونظمه السياسية
    بعــد دخــول المسـيجـيـة


    عـنـدمـا أشــرقـت مـدنـيـة الـعـصور الـوســطـى لـتـخـلـف حـضـارات الـعـالـم الـقــديـم ، إنــداح نـورها لـيغـمرالـشـرق الأدنـي وشـمال إفـريـقـيـا ، وفى ظـل ســيـطـرة الـرومان عـلى مصـر وتـبـعـثـر شـمـل الـمـرويـيـن ، فـقـد الـشـعـب الـنـوبـي بـوصـلـة الـحـضارة الـمـرويـة ، وبــدأ بـدايـة فطـيـرة تــدرجـت عـبـرالسـنـيـن ، بـلغــت قـمة تطـورها بـظهـور كـيانـين إجـتماعـييـن هـما مـجـتـمع الـمقـرة ومجـتـمع عـلـوة .
    شـهـدت مـدنـيـة القـرون الـوسـطي أهـم حـدثـين فى ألفـيـة واحـده هـما المـسـحـيـة والإسـلام ، بهـما تـغـيـر وجـه العـالم الـقـديـم وتـركا أثـرا عـلى الحـيـاة الإجـتـماعـيـة والـسـيـاسـيـة بـيـن شـعـوب الأرض الى يـومـنـا .
    كـان الأثـر المبـاشـر لـلـديـن الـمسـيـحي عـلى ذهـنـيـة شـعـوب العـالم فـى الـقـرون الـوسـطي مـتـمثـلا فـيـما بـشـر بـه مـن أفـكـار تـوحـيـديـة ولـبـرالـيـة ، أعـادت لـلإنـســان عـقـلـه وذاتـه وحـقـوقـه الـمـسـتـلـبـة .
    بـإعـتــنـاق مـلـوك أعـظـم الإمـبـراطـوريـات واوسـعـها ( الإمـبراطـورية الرومـانـية ) مـبـادئ الـديـن الـمـسـيحي ، إنـطـلـق المبـشـرون فـى أصـقـاع الأرض يـبـشـرون الـشعـوب والحـكـام فـنـشـأت إمـبـراطـوريـات ومـلـكـيـات الـقـرون الـوسـطي الـمـسـيحـيـة .
    فـى الـقـرن الـسـادس الـمـيـلادي أطــلّ وجــه الـمـبـشـريـن بـالـديـن المـسـيـحي عـلـى شـعـب ســودان وادي الـنـيـل ، ووجهـوا جـهودهم الـتـبـشـيـريـة بـادئ الأمر نحـوالأعـيـان والأمراء والمـلوك ، فى إنـتـقـائـيـة تـشـابـه سـيـاسـة الـتـمصـيـرالـتى إتـبعـها فراعـيـن مـصر لتـوطيـن أيـديـولوجـيـتهـم في زمان سـابـق .
    بـدأ مجـتمع وادى الـنـيـل لاول مرة عـلى مـدي تـاريـخـه العـقـائـدي الـطويـل ، يـشهـد تـحـولا جـذريـا وحـادا يـفـصـل فى ذهـنــه بـيـن قـيـم الـقـداسـة وشـخـوص الحـكـام .
    كان إعـتـنـاقهم لـلمسـيـحـيـة أمرا وجـدانـيا وعـقـليـا لم يـدفـع الـيه رد الـفعـل تجاه ممارسـات الـكهـنـة او شــدة الـقـبـضـة الـحـاكـمة ، كـما فعـلـت الـشـعـوب الـتى رضـخـت لجحـيم الـحـكم الـرومانـي قـبـل المسـيـجـيـة ، وهـذا مـا دفـع ( كـروفـورت ) لـيـلـفـت الإنـتـبـاه قـائـلا أن بـلاد الـنـوبـة كـانـت مـن الـبـلـدان الـقـلـيـلـة فى العـالم إنـقـادت لـتـعـالـيم المـسـيح دون أن تـخـضـع لـنـظـم الـقـانـون الـرومانـي (15).




    الملامح العـامة لمجـتمعى ( المقرة وعلوة )
    أشــارت حـركـة الـمجـتـمع الـنـوبـي بـشــقـيـه فى العـصـور الـوســطي ، لـلخـطي المبـزولـة صــوب الـتحـول الـمتـدرج لأسـالـيـب الحـيـاة المـدنـيـة ، ظهرت فى شـكـل جـيـوب مـدنـيـة هـنـا وهـنــاك ، دلــّت عـلـيـها ظـروف الحـيـاة الـيـوميــة لـلـسـكـان عـلى ضــفـاف الـنـيــل ، متـمثــلة فى الحـيـازات الـمتـسـعـة لـلأرض وإســتـثـمارها مـوسـميـا بـطـريـقـة مـنـتـظـمة ، فـضـلا عـن نـمـو تـجـاري أظـهـرتـه حـركـة الـبـضـائـع عـبـر الـبـحـر والـنهـر والـصـحـراء ، صـحـبهـما إسـتـقـرار دائـم وزيـادة فـى عــدد المـدن سـواء الـكـبـري اوالـصـغـري والـقـري الـحـضـريـة .
    قــدر الأثـريـون الـتـعـداد الـسـكـانـي فى مـدن مـتـوسـطـة مـثـل ( ابـريـم ) و( فـرص ) بـنحـو بـضـعـة آلاف مـن الـسـكـان ، هــذا الـتـقــديـر يـجـيـز تـصـور تـقــديـرات سـكـانـيـة أكـبـر فى المـدن والـمـوانئ الـرئـيـســة ، كـمـوانئ عـيــذاب ، بـاضـع ، وعـواصـم سـيـاسـيـة مثــل دنـقـلـة العـجـوز ، سـوبـا ، اومـدن إقـلـيـميــة مثــل إســوان ، الــدو ، كـبـوشـيـة ، الـكـدرو ، الكـاملـيـن وغـيـرهـم .
    لـقـد نـال الـقـسـم الـشـمالي من ســودان وادي الـنـيــل او( الـنـوبـة الـسفـلي ) قـسـطـا وافـرا مـن الـدراســات والابـحـاث الأثــريـة والـتـاريـخـيـة ، لــذا يـمكـن إتـخـاذه معـيـارا لـقـيـاس الـتـطـور بـيـن قـطـاعـات المجـتـمع الـنـوبـى فى الـقـرون الـوسـطي .
    لـقـد دلـت حـفـريـات القـري الـريـفـيـة عـلى الـضـفـاف ، مـثـل ( ارمـينيا ، دبيرة ، مـننارتي ) أن حـيـاة الـسـكـان كـانـت زراعـيـة مـسـتـقـرة ، وجـاء ت تـقـديـرات الـتـعــداد الـسـكـانـي فـى الـقريـة الواحـدة مـا بـين مـائـتـيـن الى اربـعـمـائـة نـسـمـة ، مسـاكـنهـم مـتجـاورة ومـشـيــدة مـن الـلـبـن الأخـضـر عـلى طـراز هـنــدسـي حــسـن ، فى كـل بــيـت عـــدد مـن الـغــرف ومخـازن الـحـبـوب ، وفـى الـقـريـة مـبـنـي او مـبـنـيـان ربـمـا كـانـا يـسـتـخـدمـان لأغــراض عـامـة ( مـضــيـفـة او مكان عـام لإجـتماع أهـل القـرية فى مـناسـبـاهـم ) ، ولـعـل هــذا الـنـوع مـن المبـانـى مـتعـارف عـلـيـة بـيـن ســكـان قـري ضـفـاف الـنـيــل الى الـيــوم ، طــرف كـل قـريـة تـوجـد كـنـيـسة او ديـر لـلعــبـادة ، وتـم العـثـور عـلى مبـاني أخـري صـنـفـت كـأسـواق قـرويـة ، مـكـونـة من عـدد من الـمتـاجـر الصـغـيـرة (16) .
    امـا الـمـدن الـكـبـري والعــواصـم فـعـلى الـرغـم من عــدم دراســتـها أثــريـا بـصـورة وافـيـة إلا أن كـتـابـات المـؤرخـيـن العـرب والـرحـالـة ، أجــلـت بـعـضـا مـن الغـمـوض الـذى خـيـم عـلى حـيـاة الـنـاس الإجـتـمـاعـيـة وشـكـل العـمران .
    ســمي المـؤرخـون العـرب مـدنـا وقـري حـضـريـة عــديـدة ظلت تـحـمـل مـسـمـيـاتـها الـقــديـمـة ، خــاصـة فى مـمـلـكـة الـمقــرة ، مـنـها - أقـصـر ، بــلاق الـفـيـلـة ، فـرص ، إبـريـم ، نجـراش ، أدة ، ألـدو ، الـمقـس ، صـاي ، سـقـلـوذ – الـسكوت ، كـرمة ، مشو ، شـنـكة او شـنـقـيـر ، وجـزر أرقـو - تـمـبـس - مـقـرات .
    لـقـد وصــف ( الأســواني ) مـجـمـل أقـالـيـم الـمـقـرة وصــفـا حــسـنـا ، حـيـث بــدأ بـقـري منـطـقـة الـشـلال الأول وقـال عـنـهـا ، أن سـكـانـهـا يـمـتـهـنـون الـزراعــة ويــسـتـخـدمـون الـساقيـة لـري أراضـيهم المرتـفعـة ، لهم حـدائـق نـخـل وكـرم ويـزرعـون الشعـيـر والـدخـن والـسمـسـم والـلـوبـيـا والـذرة ، يـسـتـغــلـون الأرض فى كـل الـمواسـم بـعــد تـسـمـيـدهـا ولهم فـوق ذلـك مـنـاشـط تـجـاريـة بـحـكـم مـوقـعـهم الـقـريـب مـن مـصـر ، أهـم سـلعـهـم المـاشـيـة ، الـحـبـوب ، الـتـمور ، الـحـديــد .
    وعـن مـنـطـقـة ( سـقـلوذ - محافـظة دنـقـلا الحـالـيـة ) قــدم وصـفـا لحـيـاة أهـلها قـائـلا :- أنـها شـبـيهـة بـأرض الإسـلام ، ولـعـلـه عـنـي أرض مـصـر بـحـسـبـانـهـا ولايــة إســلامـيـة ثـم وصــف القـراى المـمتــدة عـلى الـضـفـاف ومـبـانـيها الحــسـنـة ، مـقـدرا عــدد الـقــري بـثـلاثـيـن قـريـة مـتـصـلـة بـبـعـضها ، بـها كـنـائـس وأديـرة وغـالـب مهـن سـكـانـها الزراعـة محـاصـيـلهم هـي الـكرم والـبـقـل والـقـطـن ، ولـهم حـدائــق نـخـل وزيـتــون .
    ثـم إنـتـقـل ليـصـف الـمنـطـقـة مـا بـيـن ( الـدبـة وابـوحمـد ) قـائـلا أنها تـضـم مـوقـع تعـديـن الــذهـب بـشــنـكـة (17) .
    لـعـل الـصـورة الحـسـنـه لـلحـيـاة الإجـتـماعـيـة والإقـتـصـاديـة والعـمرانـيـة الـتي سـجـلها ( الاسـواني ) لمجـتمع المقـرة الـريـفي ، دلـّـت عـلي قــدر من الـتـطـور بـلغـتـه الـقـطاعـات الـحـضـريـة عـلى ضـفـاف الـنـيـل ، منـها الإسـتـقـرار الـسـكـاني الـدائـم فى مـسـاكـن ثـابـتـة حـسـنـة الـبـنـاء ، وتـنـوع وتـعــدد في وظـائـف الافراد تـمثــل في الـزراعـة مهـنـة السـواد الأعـظـم ، ثم الـنـشـاط الـتـجـاري وفـرص العـمـل الـتي وفـرتها مـواقـع الـتـعـديـن ، غـيـر أن الإكـتـفـاء بـذكـرهـذه الـوظـائـف لا يـنـفـي وجـود مهـن حـرفـيـة أخـري مـسـاعـدة ، كـمهـن الـبـنــاء ، الـحـدادة ، الـنـجـارة ، الـنـقـل الـنهـري والـبـري وغـيـرهـا.
    يـسـتـنـتج مـن الـوصـف ايـضـا أن الـزراعـة لم تـعــد مهـنـة إعـاشـيـة فحـسـب ، بـل تـطـورت نـظرة المجـتمع لها واصـبحـت إحـدي مـواردهم الـنـقــديـة ، دلّ عـلى ذلـك تـنـوع المـنـتـجـات وظـهـور مـحـاصـيــل بـطـبـيـعـتـها نـقـديــة كـالـقـطـن والزيـتـون والـسـمـسـم ، فـضـلا عـن المحـاصـيـل الـبـسـتـانـيـة كـالـتـمـور والـعـنـب.
    لـقـد لـفـت الإسـواني الإنـتـبـاه لـما يـمكـن إعـتـبـاره تـقـنـيـة زراعـيـة ، عـنـدما ذكـر واقـعـة تـسـميــدهم لـلأرض الـزراعـيـة ، وهي إفـادة دالـة عـلى ما اكـتسـبـوه مـن خـبـرات أثـبـت جـدواهـا الـعـلم الحـديـث .
    الأثـريـون أيـضـا نـبهـوا لما اعـتـقـدوه مخـازن لحـفـظ الحبـوب وهـذا دلـيـل عـلي أن كميـات المنـتـج الـزراعي كـانـت تـفـيـض عـن مـؤنـتهـم ، كما تـلاحـظ مـن الـوصـف عــودة الـروح لـلـنـشـاط الـتـجـاري بـعــد كـسـاده ، وإجـتـذابـه لعــدد من سـكـان الـنـوبـة الـسفـلي بـوجـه خـاص لجـوارهـم من مـصـر ، وقـد دعـمـت الحـفـريـات هـذا الـجـانـب بـعــد العـثــور عـلى مـبـانـي صـنـفـت عـلى الأرجـح كـأسـواق قـرويـة .
    وصـف عـدد من المؤرخـيـن العـرب مـديـنـة ســوبـا عـاصـمة عـلوة ، شـبـهها (الإدريـسي ) بمـديـنة دنـقـلة عـاصـمة المقـرة (18) ، قيـاسـا عـلى ذلـك يـمكن تـصـورالحـياة الإجـتماعـيـة فـيـها بـما عـليـة الحال فى سـوبـا .
    يـقـول ( الاسـواني ) عـن سـوبـا أنها مـديـنة فـسـيحـة تـحـتـوي عـلى مـبـان حـسـان ومنـازل واسعـة وكـنـائـس كـثـيـرة الـذهـب وبـسـاتـين وتـتـكون من عـدة احـيـاء (19) ، ويـضـيـف ( إبـن حـوقـل ) لما اورده الإسـواني عـن سـوبـا قـائـلا : - أن بــلاد عـلـوة من أعـمـر بــلاد الـنـوبـة ، وأن قـراها متـصـلة بها عـمارات مـتـشـابـكة حـتى أن الـسائـر ليجـتـاز فى المرحـلة الـواحـدة عــدد من الـقـري غـيـر مـنـقـطـعـة الحـدود ، ذوات مـيـاه متـصـلـة بـسـواقـى عـلـى الـنـيـل (20) ، اما الإدريـسـي فـقـد بـين أن سـكـان عـلوة كـانـوا يـزرعـون الـشعـيـر والـذرة وسـائـر بـقـولهم مـن الـسـلج والـبـصـل والـفـجـل والغـثــاء ( العـجـور ) والبـطـيخ ، وبـمثـل مـا قـيـل جـاء وصـف ابـوصـالـح الأرمـني .
    لـقـد سـمّـت كـتـابـات المـؤرخـيـن عـددا من المـدن الـصغـيـرة والـكـبـيـرة وقـري حـضـريـة ، تـابـعـة لمـملـكـة عـلـوة بـإقـاليـم الجـزيـرة ما بـيـن الـنـيـليـن الأبـيـض والأزرق ، منها عـلى سـبـيـل الـمثـال - الـقـطـيـنـة، الـتي ، بـرانـكـو، كـسـمبـر، حـصـاحـيـصـا، الـكـامليـن مكـوار غـرب سـنـار ، الـرصيـرص ، كـلها معـمورة وجـدت بـبعـضها آثــار مـسـيحـية قـديـمة (21) وما زالـت تـلـك الـقري والمـدن تـحـتـفـظ بـمسـميـاتها الـقـديـمة ، يـتـفـق كـل مـن الإسـواني وإبـن حـوقـل أن عـلوة كـانـت الأكـثـر ثـراء من جـارتـها المقرة ، اراضـيها كـثـيرة المحاصيـل ولهم خـيـول ومـواشـي كـثـيـرة ، ولـكن تـقـل في بـلادهـم بـسـاتـيـن الـنخـل (22).
    يـتـضح مما جـاء - أن مجـتـمع عـلوة ربـما كـان الأكـثـر تـعـدادا من مجـتـمع المقـرة ، مكون من شـقـيـن احـدهـما مـدنى وريـفي حـضـري ، والآخـر بــدوي يـمتهـن الرعـي والـتـرحـال دلّ عـليهم كـثـرة الخـيـول والمواشـى والـسهـول المتـسـعـة ، وربـما كـان هـذا الـقـطـاع هـو الأكـثـرعــددا بـيـن مـواطـني عــلوة ، تـكـويـنـاتـهم الإجـتـماعـيـة ذات نـمـط قـبـلي حـسـب طـبـيـعـة الحـيـاة الـبــدويـة ، عـلاقـاتـهم محـكـومة بـصـلـة الــدم ، تـقـالـيـدهـم وضـوابـطهم الإجـتـماعـيـة غـيـر رسـميـة ، وربـما كـانـت صـلـتهـم بـنـظـام الـحـكم المهـيـمن عـلى الـبـلاد لا تـتـعـدي مـا هــو مـقـرر عـليهم من خـراج .
    امـا الـقـطاع الحـضـري فـمهم سـكـان المـدن والـقـري الريـفـيـة عـلى الـضـفـاف ، حـيـاتهـم شـبـيهة بحـيـاة جـيـرانهم فى المقـرة ، ولعـل الـتـشـابـه الـكـبـيـر بـيـنهم فى أشـكـال المبـانى والـتـقـاليـد والمخـلفـات الأثـريـة ، دفـعـت ( آدمـز ) لـيـقـرر أن الإزدهـار الحـضـاري بـيـنهم كـان جـمعـي الـطـابـع أكـثـر من كـونـه فـردي اوأسـري ، الأمـر الـذي أكـسـب تـطـورهم بعـدا إجـتماعـيـا أوحي بـظهـور مجـتـمع تـمتـع بـقـسـط مـن الحـريـة والـممـيـزات الإنـسـانـيـة ، عــاش فى تـآلـف يـثـيـر الإسـتـغـراب مازجـا ماضـيـه العـتـيـق بـحاضـره الـواعـد .
    امـا الـدور الإجـتـماعي الـذي لـعـبـتـه الـكـنـيـسـة بـعـد إعـتـنـاق الـمجـتـمعـيـن لـلمـسـيحـيـة ، يـمكن تــلخـيـصـه فى إعــادة صـيـاغــتها لـلعـقــل الجـمعـي لـتـكـون العـبـوديـة خـالـصـة لله وتـنـزيــل تعـاليـم السـيـد المـسيـح الـمتـعـلـقـة بـشـؤون الحـيـاة العـامة وضـوابـطها الـرسـميـة والأخـلاقـية ، لـتـحـل محـل الـتـقـالـيـد والأعـراف القـديـمة وتعـيـد تـشـكيـل البـنـيـة الـثـقافيـة بـعــد تـرجـمة الإنجـيـل وكـتـابـتة بـالـلغـة الـنـوبـيـة بـأحـرف لاتـيـنـيـة ، غـيـرأن هـذه الـنـقـلة لم تـفـلح في تـوحـيـد الـشـعــب الـنـوبـي بـسـبـب إلإخـتـلاف المذهـبي .
    بـصـفـة عـامة - شـكـلـت الـزراعـة الـقـاعــدة الأسـاسـيـة الـمـشـتـركـة لـلإنـتـاج فى كـل مـن الـمملـكـتـيـن ، بـجانـب الـثـروة الحـيـوانـية لـقطـاع الـبـدو ، لـيـس هـنـالـك مـا يــدفـع لـلـظـن بـظهور فوارق فى الإنـتـاج الزراعـي سـواء من حـيـث الجـودة اوطـريـقة الإنـتـاج ، غـيـر أن الـنـمو الـسـكـاني بـرهـن عـلى اتـسـاع مـلحـوظ فى الإسـثـمار الـزراعـي ، ومع ذلـك لـيـس بـيـن أيـديـنـا دليـل قـاطـع بـظهـور إقـطـاعـات واسـعـة اوإحــتـكارات صـخـمة كما كـان الحـال فى اوربـا المـسيـحـيـة .
    كـانـت الأرض نـظريـا محـتـكرة بـإسـم الملـك ، إلا أنها فى الواقـع موزعـة فى شـكـل بـضعـة أفــدنـة( سـواقى ) تـكـون حـيـازتها أسـريـة ، ولـعـل مـلـكـيـة الـملـك كـانـت مفـروضـة شـكلا لمنـع الـتـصـرف فى الأرض ، دلّـت عـلى ذلـك الإعـتـراضـات العــديــدة الـتي قـدمها المـلـك لـلخـلـيـفـة الـعـبـاسـي ، بـغـيـة إبـطـال تـصـرفـات بـعـض رعـايـاه الـذيـن بـاعـوا اراضـيـهم لـلمـسـلميـن فى منـطـقـة الـنـوبـة الـسفـلي (24) ، غـيـر أن ذلـك لا يـنـفى وجـود إقـطـاعات كـانـت مخـصصـة لإسـتـثـمارات الأسـرة الـملـكـيـة والـكـنـائـس وحـكـام الـمقـاطـعـات .
    عـكـسـت الـصـورة الإجـتـماعـيـة العـامـة لـلـشـعــب الـنـوبي إنـقــسـام الـمجـتـمع في كـل من المملـكـتـيـن لـثـلاثـة فـئـات ، الـحكـام ورجـال الـكـنـيـسة من قـسـاوسة ورهـبـان وهم الـفـئـة الأولي ، ثـم اصـحـاب المراتـب والـوظـائـف الرسميـة وكـبـارالـتجـارالـفـئـة الـثـانـية، واخـيرا الـزراع والـبـدوالـرحـل واصـحاب المهـن الـيـدويـة (25) .
    خـضع المجـتـمع الحـضـري بـمدنـه وأريـافـه لضـوابـط رسـميـة ، لا نـدري إن كـانـت قوانـيـن مكـتـوبـة ام أعـراف مـسـتـقـرة ، فى كـل الأحـوال - لـم تـعــد عـلاقـة الـقـربـي وصـلـة الــدم تـلعـب دورا فى رسـم أعـرافـهم وتـقـالـيـدهـم سـوى فى حـدود ضـيـقـة لا تـتـعـدي العـلاقـات الأسـريـة ، وحـل محـلها بـيـن أفـراد المجـتـمع الـريـفى الحـضـري المسـتـقـر عـلى الـضـفـاف عـاطـفـة الـولاء لـلأرض ومـا تـرتـب عـنـها مـن أعـراف ضـبـطـت عـلاقـاتـهم ونـظـمتـها .
    لـقـد رسـم الـكـتـاب العـرب صـورا حـيـة لـطـبـيعـة العـلاقـات الإجـتـماعـيـة فى المدن والـقـري حـيـث كـانـت حـيـاة سـكـان المـدن أكـثـر إرتـبـاطـا بـالـنـظـم والـهـيـئـات الـتـنـفـيـذيـة ، ولهـم مهـن واعـمال مـتـنـوعـة ، مـسـاكـنهم مـوزعـة فى أحـيـاء ولـكـل حـي شـيـخ .
    حـملـت بعـض الاحـيـاء طـابـعـا إثـنـيـا كـالحي المخـصـص لـلعـرب بـمـديـنـتي سـوبـا واربـجي (26) ، وربـما تـلاحـظ أن الـضـوابـط الـرسـميـة الـتى كـانـت تـتعـامـل بـموجـبـها الأجهـزة الـرســميـة ، واعـاقـت الـنـشـاط الـتـجـاري لـلعـرب ردحـا مـن الـزمان ، فـكـكـتـها إتـفـاقـيـة الـبـقـط حـيـث تـضـمنـت نـصـا سـمح بـموجـبـه لـلعـرب دخـول الـبـلاد وممـارسـة الـتـجـارة (27) .

    النـظم السـياسـية بعـد دخول المسـيحيـة
    مثـلما كـان الـشرق الأدنى مهـدا لحـضارة الإنـسان الأولي ، نـال أيـضا شـرف المهـد لـلـديـانـة المـسـيحـيـة وكـذا الإســلام ، وعـنـدما جـاء الـمـسـيح عـلـية الـسلام مـبـشـرا بـتـعـالـيـم الـديـن الجــديـد ، كـانـت الإمـبـراطـوريـة الـرومانـيـة تـبـسـط نـفـوذهـا كـقـوة عـظـمي فى العـالـم ، تـرزح تـحـت قـبـضـتـها شـعـوب وقـوميـات عـديـدة ، وجـدت فى تـعـالـيـم الـمـسـيـح طـوق نـجاة يـفـك أسـرهـا مـن ربـقـة الإسـتـعـبـاد .
    إنـتـشـرت المـسـيـحـيـة تـفـكـك بـأفـكـارها الـتـوحـيـديـة والـلبـراليـة سـطـوة الـعـقـائـد الـقـديمة فـتحـررت الـشعــوب مـن هـيـمنــة شـرائـع الـماضى ، ونـالـت قـدرا مـن حـريـة الـتـعـامـل مـع الـشـؤون الـسيـاسـيـة والقـانـونـية دون الـنـظر الـيهما بـعـيـن الـتـقـديـس ، وأفـسح واضعـوا الطـقـوس والأعـراف الـكهـنـيـة الـطريـق لمشـرعـي القـرون الوسـطي ، لـيـمضـوا قـدما في إيـقـاظ الوعي الإجـتماعي ومحـاربـة العـادات الضـارة ، غـيـر أنـهم إنـحـرفـوا عـن مـسارهـم لاحـقـا وألـبـسـوا الـسـلطـة الزمنـيـة ثــوبـا مـقـدسـا بـحجـة أن أربـابها يـسـتـمـدون سـلطـتهـم مـن الله (28) ، وظهـر أفراد من الـبـشـر صـاغـوا الـتـشريعـات وأضـفـوا عـليها سـمة ديـنـيـة ربـما بـصـورة مقـاربـة لـمنهج الـكهـنـة فى ظـل العـقـائـد الـسابـقة فـنشـأت الـنـظم الـسيـاسيـة الـتـيـوقراطـيـة وجـمعـت تـحـت يـدهـا السـلطـتـيـن الزمـنـيـة والروحـيـة .
    إسـتـمر الـكـنـسيـون فى تـثـبـيـت سـلطـتهم الــديـنـيـة كـتـنـظيـم دنـيـوي - أي دولـة - فـنـشـب الـصـراع بـيـنهم وبـيـن القـيـصـرعـنـدما نـهـض مـدافـعـا عـن سـلطـتـه الزمـنـيـة فـتـمـزقـت وحـدة الإمبـراطـوريـة ، وأنـقـسـمـت عـلى نـفـسـها الي مـمالـك ودويـلات متـصـارعـة .
    في لـب الصـراع الــدامي بـيـن الـقـيـصـر والـكـنيـسـة تـرعـرع جـيـل جـديــد من المفـكريـن طـرحـوا مبـدأ الـفـصـل بـيـن الـسـلطـتيـن الزمنـيـة والروحـيـة ، ولـكن لم تـفـلح الـتـشريـعـات في الـتـخـلص من الأثـر الـديـني إلا بـعـد أن وقـع الطـلاق الـبـائـن بـيـن الـكـنـيـسـة والــدولـة (29) .
    آنـذاك كـانـت بـلاد الـنـوبـة بــدورهـا منـقـسـمـة الـي ثـلاث دويـلات او ممالـك ، نـوبـاطـا فى الـشمال ، المقـرة فى الوســط ، ثـم عـلوة فى الجـنوب ، ذلـك حـتي الـقرن الـسابع الميـلادي حـيـث تـوحـدت كـل من نـوبـاطـا والمقـرة وأصـبحـت مـملـكـة عـاصـمتـها دنـقـلـة الـقـديـمة بــذلـك أصـبـحـت بــلاد الـنـوبـة منـقــسـمة الى مـملـكـتـيـن الـمقـرة وعـلوة (30).
    يـلاحــظ أن دخـول الـمسـيـحـيـة الى بــلاد الـنـوبـة جـاء فى الـفـتـرة الـتى ســيـطر خـلالهـا كـنـسيـون مـن المـذهـبـيـن الـيعـقـوبي والمـلـكي عـلى شــؤون الإمـبـراطـوريـة الـرومـانـيـة فى قـبـضـة أحـدهـما الإمـبـراطـور وفى قـبـضـة الآخـر زوج الإمـبـراطـور تـقـاسـما فـيـما بـيـنهما ممـلـكـتـي الـنـوبـة ، حـيـث دانـت بـلاد الـمقـرة لـلمـذهـب الـيعـقـوبي ودانـت عـلوة لـلمـذهـب الملـكـي (31) ، وتحـول المجـتمع الـنـوبي بـيـسـر لـلـديـانـة المسـيحـيـة دون أن يـقـع تـعـارض حـاد يـربــك الـتحـول الـسـلمي او يـعــيـقـه ، ولعــل الحـاجـة لأيــديـولـوجـيـة لملئ الـفـراغ الـذي خـلـفـه ضـيـاع العـقـيـدة الفـرعـونـية ومـؤســسـاتها كـان عـاملا رئـيسا في تـقـبـلهم لـلـديـن الجـديـد .
    بـعــد آلاف من الـسـنـيـن تـتـابـعـت خـلالها إمبـراطوريـات وادي الـنـيـل الأعـلي بـعـروشها المقــدسـة من ( كـشـتـا) الى ( سـلـكـو ) (32) ، يـنـتـقـل المشـهـد الـتـاريخي لـنـظـم الـقـرون الـوسـطي ، حــيـث الـحـكـام فى نـظـر أتـبـاعـهم بـشـر عـاديـون ولـيـسـوا آلـهـة او أشـبـاه آلهـة ، ومنــذ أن بـزغـت عـقـيـدة الحيـاة بـعــد الموت شـوهـد شـعـب وادى الـنـيـل - ولاول مرة - يـحـمل مـوتـاه الى المـدافـن غـيـر مخـفـوريـن بـأتـبـاع ولا متـبـوعـيـن بـالنـفـائـس .
    نـشـأ نـظـامان سـيـاسـيـان فى الـممـلـكـتـيـن متـطـابـقـان فى الـشـكـل والمضـمون ، ولـيـس بـيـنهما ثـمة فارق سـوي إلإخـتـلاف المذهـبى ، غـيـر أن ذلـك الإخـتـلاف تـرتـب عـنـه ضـرر سـيـاسي بـالغ عـلى الجـارتـيـن ، لم يـقـف عـنـد حـد خـيـبـة الأمل فى قيـام وحـدة سـيـاسـيـة بـيـنهما كـما جري الحـال بـيـن نـوبـاطـا والمقـرة ، بــل تـعـداه الى الحـيـلـولة دون تـضـافـر جـهودهـما لـلوقـوف فى وجـه الـخـطـرالـذي تـهـدد وجـودهما ، فـمضـت كـل مـنهـما تـواجـه مصـيـرها بـمفـردها تـحـت ضغـوط عـربـيـة إسـلاميـة كـثـيـفـة ومتـواصـلـة ، حـتى تـآكـلـت قـواهـما وغـابـتـا فى ســماء الـتـاريـخ .
    لـم يـكن مـبـدأ الـفـصـل بـيـن الـديـن والـدولـة واضـح المعـالم في الـنـظـام الـسـيـاسـيى ، كـما كـان عـليـة الحـال فى اوربـا بـعــد عـصـر الإصـلاح ، حـيـث دلــت كـل الـبـحـوث والــدراسـات الأثـريـة والـتـاريـخـيـة عـلى الـشـكـل الـتـيـوقـراطـي لـلحـكم فى الـمملـكـتـيـن بـنـمطـ وراثى .( C, existence of secular monarchy)
    وإسـتـنـادا عـلى روايـة ( ابـوصالح ) كـانـت صلاحيـات الملـك الـديـنـيـة موازيـة لصلاحيـات رجـال الـكـنـيـسـة ، مـن حـقـه ارتـيـاد الـكـنـيـسـة ومـمارسـة الـشعـائـر كـأحـد الـقـسـاوسـة وكـان من ضـمن سـلطـاتـه تـرشـيـح أي من رعـايـاه لـكرسـى الأســقـفـيـة فى بـلاده (33) كما أبـرزت الوثـائـق المكـتـشـفـة الرمز الـسـيـادي فى الـممـلـكـتـيـن محـفـوف بـمظـلة ديـنـيـة مـقـدسـة ورسـم لـلمـلـك تـحـت حـمايـة الـسـيــد المسـيـح ، وفى ذلـك إشـارة واضـحـه عـلى إجـتـماع السـلطـتـيـن الـديـنـيـة والزمـنـيـة بـيـد الـملـك (34) .
    غـيـر أن الأســس الـتى بـنـي عـلـيها الـنـظـام الـسـيـاسـي فى الـممـلـكـتـيـن - بـوجـه خـاص ولايــة العـرش وسـلـطـات الـمـلـك - بـدت عـلى شـئ مـن الإخـتـلاف مما كـان عـلـيـة الحال بـيـن مـلـوك اوربـا والـشـرق الأدنى فى العـصـور الـوسـطي ، حـيـث مـضـت ولايـة العـرش هـنـا وفـق الـتـقـالـيـد المـوروثـة بـيـن الـنـوبـيـيـن ( حــق ولايـة ابـن الأخــت دون الإبـن ) . كـانـت سـلـطـات الـمـلـك مـطـلـقـة ولـم يـتـأكـد بـعــد أن كـانـت تـحـد منها مجـالـس حـكـوميـة اوهـيـئــآت تـنـفـيـذيـة او تـشـريـعـيـة ، غـيـر أن بـعـض الـمصـادر تـشـيـر لـواقـعـة يـمكن أن يـسـتـشـف مـنها لـجـؤ الـملـك لـلـمـشـورة ، حـيـث لجـأ مـلـك الـمقـرة لمسـتـشـاريـن أداروا الحـوار مع مبـعـوث الخـليـفـة الـفـاطـمي ابـن سـليـم الأسـواني (35) ، ولـيـس من المؤكــد إن كـان هـذا الإجـراء سـمـة عـامة لمنهج الحـكم، ام عـمل مـوقوت مرهـون بـظرفه وغـايـته .
    يـلاحـظ ايـضـا تـعـدد الألـقـاب الـتى مـنـحها المـؤرخـون لـملوك الـنـوبـة ، منها لـقـب الـمـلـك الـكـبـيـر ، عـظـيـم الـنـوبـة ، الـكـامـل اوالـكـابــل ، هـذا وقـد لاحـظ بعـض الـباحـثـيـن خـلـو الـبـروتـوكـولات الرسـميـة من هـذه الألـقـاب ، كـما خـلـت الـوثـاثـق الـرسـميـة من أي لـقـب بـإسـتـثـنـاء إتـفـاق ( الـبـقـط ) (36) ، والـراجـح اسـتـخـدام مـلـك المقـرة لـلـقــب إغـريـقـي هـو ( بـاسـلوس ) أى الـملـك ، اومقـابـله الـنـوبى ( أورو Ourou ) (37) ، وربما كـان هـذا الأخـيـر أقرب لـلصـواب لـكونـه معـروف بـيـن الـنـوبـيـن بــذات لـفـظـه ومعـنـاه مع إخـتـلاف طـفـيـف فى النـطـق ( اور ) .
    ولايـــة الـعـــرش
    مـن وثـائـق الـصـدر الأول لـلعـصـورالـوسـطي ، يـبـدو أن ولايـة العـرش جـرت عـلى نـسـق الـتـقـالـيـد الـوراثـيـة في الممالـك الأوربـيـة المـسـيـحـيـة - أي من الأب لـلإبـن ، بـرهـن هـذا عـلى تـأثـيـر الأيـديـولوجـيـة الجـديـده عـلى الـتـقـالـيـد الـنـوبـيـة الـموروثـة فى هـذا الـشـأن ، ولـكن يـبـدو أنهم لم يـصـبـروا عـليـة طـويـلا ، حـيـث أظهرت الـوثـائـق الصـادرة بعـد القرن الـثـاني عــشـر عـودتهـم لـلـتـقـالـيـد الـقـديـمـة ( حـق إبـن الأخــت فى وراثــة العـرش دون الإبـن 38 ) ، كما تـلاحـظ إنـدثـار نـظـام وراثـة الأخ التى مضـي عـليـها الـنـظـام فى العهـد الـكـوشـي ، ولـعــل تـمـســك مـلـوك الـنـوبـة بـهـذا الـتـقـلـيــد كـان لـه أثـر بـالغ وهـام في مسـتـقـبـل تــداول العـرش بـيـنهـم ، إذ تـمكن أبـنـاء المهـاجـريـن العـرب الـنـفـاذ مـن خـلالـه الي ســدة الحـكم فى بـلاد الـمقـرة بـعـد زواج آبـائهـم من أميـرات نـوبـيـات (39) .
    شــكـل الـدولـة ونـمـط الـحـكم
    مـثـلما كـان الحـال بـيـن المرويـيـن ، تـبـنى حـكـام المقرة وعـلوة بـدورهـم نـظـاما لا مركزيـا لـلحـكم ، حـيـث كـان الملـك فى كـل من دنـقـلـة الـقــديـمة وسـوبـا يـمثـل كـل منهـما الجـسـم المتـحـد لـلملـكـة ، تـحـت عـرشـيهـما إنـقـسـم هـيـكـل الحـكم الى قـسـميـن ، أحـدهـما يـقع تـحـت الإدارة المبـاشرة لـلعـاصـمة - سـواء كـانـت دنـقـلـة ام سـوبـا - ويـخـضـع الـقـسـم الآخـر لحـكم نـائــب عـن المـلـك ، بـنـاء عـلى هـذة الـقـسـمة حـكم إقـليـم ( المريـس ) نـائـب مـلـك الـمقـرة ، وخـضع إقـليـم ( الأبـواب ) لحـكم نـائـب مـلـك سـوبـا .
    ويـلاحـظ أن حـاكـم الـمريـس نـال حـظـا أوفـر من الـشهـرة بـيـن الـكـتـاب العـرب ولـقـبـوه ( بـصاحـب الجـبـل 40) ، حـيـث كـانـت صـلاحـيـاتـه مـوازيـة لصـلاحـيـات حـاكم هـذا الجزء إبــان العـهـد المروي (41) ، وحـمل شـارات لـلمـلـك مـشـابـهة لـشـارات المـلـك الـكـبـيـر فى دنـقـلـة ( العـمامة ذات القـرنـيـن والـسـوار الـذهـبي 46 ) ، ومن الراجح أن الحـكم كـان وراثـيـا بـيـن أفـراد الأسـرة الـتى حـمـلـت الـلـقــب الإغــريـقـي ( ابــارش ) ، امـا ســلطـاتـه فـواســعـة ربـما تـعــدت فى أحـيـان كـثـيـرة مهـامهـا المحـلـيـة الى مهام سـيـاديـة عـلـيـا مـن إخـتـصـاص الـمـلـك يــؤديـها نـيـابـة عـنـه ، مـنها عـلى سـبـيـل الـمثــال إنـشــاء الـكـنـائـس وتـمثـيـل المـمـلـكـة خـارجـيـا ، وتـنـظـيـم عـلاقـاتـها الإقـتـصـاديـة والأمـنـيـة والـديـنـيـة مـع حـكام المسـلميـن فى مصـر والـكـنـائـس الـقـبـطـيـة والعـالميـة ، هـذا بـجـانـب مهامه المحـليـة في الإشـراف الإداري عـلى الـنـقـاط الجـمركـيـة ، وتـنـظـيم حـركـة عـبـور الـقـوافـل والـنـاس والـشـؤون الأمنـيـة والعـسكـريـة الآخـري ، ولعــل إطـلاعـه بــدور خـارجي وتـماسـه مع الـعـالـم ، دفـع العـرب لـوصـفـه كـأحــد ارفـع ولاة المقـرة شــأنـا (43) .
    لم يـكن ( الأبـارش ) او نـائـب الـملـك المـسـئـول المدنى الوحـيـد فى هـذا الجـزء ، إذ ضـم كـل قـسـم من قـسـمي المملـكـة وفـق المنهج الامركزي عــددا من المقـاطعـات لـكـل منها حـاكم محـلي ، ليـس من المؤكــد إن كـانـت منـاصـبهم بــدورهـا وراثـيـة ام أن لـلملـك اونـائـبـه صـلاحـيـة الإخـتـيـار ، بـوجـه عـام تـخـبـر الـروايـات أن ملـوك المقـرة ( حكام المقاطعـات ) كـانـوا ثـلاثـة عـشـرة يـحـكمـون تـحـت مظـلـة الـملـك العـظـيـم ، وأن الـمـملـكـة مـوزعـة الى مقـاطعـات عـلى كـل منها وال من قـبـل الـملـك (44) ، إسـتـنـادا عـلي ذلـك تـكـون جـملة المـقـاطعـات ( ثـلاثـة عـشـرة ) ربـما حـمل حـاكـمها لـقـب ( مـلـك او مـك ) ، لهم صلاحـيات واسعـة فى حـدود مقـاطعـاتهم ، وتـحـت أيــدهم الـسـلطـتـيـن الروحـيـة والزمنـيـة حـتي ظـنهم البعـض كهـنـة حـكـام (45).
    لم يـعــد يـسـيـرا الآن معـرفة مـسـميـات كـافـة تـلـك الـمقـاطـعـات ، غـيـرأن المصـادر سـمـت بـعـضها ، مثـل ( سـقـلوذ ) منـطقة السـكوت والمحـس الآن ، و( صـفـد بـنـقـل ) وهى منـطـقة دنـقـلة الحـاليـة ، ( شـنـقـيـر) منطـقـة ابـوحـمـد حـيـث يـعـتـقـد أنها كـانـت الحـدود الجـنـوبـيـة لـلمقـرة (46) ، ولعـل الأبـحاث الـكشـفـيـة الحـديـثة أبـرزت لـدائـرة الـضـوء مقـاطعـة أخري بـمنـطـقـة أرض الحجـر حـول جـبـل ( أدا ) كـانـت تـحـمل إسـم ( داتــوا ) (47).
    الي جـانـب الـملـك ونـائـبـه وحـكـام الـمقـاطعـات ، ضـم ديـوان الـحـكم عــددا من الـرسـميـن حـملوا الـقـابـا بـيـظـنطـية عـكسـت الأتـرالـبـيـظـنطي الطـاغي عـلى هـيـاكـل الـديـوان ومراتـب وظـائـفـة ومهامها ، شـغـل بـعـض هـؤلاء وظـائـف عـلـيا فى الـديـوان المـلكي ، وبـعـضهـم فى ديـوان نـائـب الـملـك ، وربـما إسـتـعـان حـكـام المقـاطعـات بـتـخـصـصات بـعـضهم مثـل كـتـاب الـشـونـه والحـسـابـات.
    كـانـت أعـلى وظـائـف الـديـوان الملـكي وارفعها ( أميـن اول القـصـر ) ولعـلها كـانـت شـبـيهة بـوظـيـفة الوزيـر الأول ولكن بـسلطـات وصـلاحيـات أكـبـر، حـيـث جـمع تـحـت يـديـه السـلطـة الماليـة والإداريـة والقـضـائـيـة .
    يـليـه ( أميـن خـاص المـلـك ) غـيـر أنـه لم تـرد وثـائـق تـشـرح مهـامه الوظـيـفيـة ، ولكن ربـما يـمكن تـصـورهـا مـشـابـهـة لمهام وزيـر شــؤون الـرئـاسـة او رئـيـس المراسـم . بـجـانـب هـاتـيـن الوظـيـفـتـيـن هـنـاك وظـائـف هـامـة أخـري يـشـغـلها قـادة العـسـكر ونـقـاط الجـمارك والـقـضـاء ، ثـم اصـحاب الوظـائـف الصغـري كـأمنـاء المخـازن والأعـمال الإداريـة والحـسـابـيـة لأخـري فضـلا عـن الجـنـود والحـراس ، ولعـل المـدن الـكبـري حـظــيـت بـنـوع من الإدارة الـبـلـديـة ، حـيـث كـشفـت الـوثـائـق إطـلاع الأسـقـف ( أبـابـولـس) بـمهام إداريـة فى مـديـنـة ( فـرص ) بـجـانـب مهـامـه الـديـنـيـة (48 ) ، كـذلـك الحـال في مـديـنـة دمـس - كـلابـشـه ( 49).
    ولما كـان نـظـام مـملـكـة عـلوة مـشـابـها لـما عـلـيـه جـارتـها ، كـان لـحـاكـم الأبــواب مـن الـمكـانـة والأهـميـة والسـلطـات مـا لحـاكـم المريـس ( 49 ) ، حـيـث ضـمت الممـلـكـة عــددا من الـمقـاطـعـات لـكـل منها حـاكم بـسـلطـات واسعـة ، ذكـرالمـؤرخـون بـعـضهـا مثـل دانـفـو الكــدرو ، بــارة ، العـنـج ، كـرسي ، الـتـاكـا ، نـفــال ، أري ، ويـمكن معـرفـة مـواقـعـها الجـغـرافـيـة عـنـد او قـرب الـبـلـدان الـتى مازالـت تـحـمل ذات الإســم ، باسـتـثـناء مقـاطعـة كـرسـي إذ يـعـتـقـد أنها كـانـت جـنـوبي الـنـيـل الأزرق ، ومـقـاطـعـة العـنـج مـا بـيـن حـدود كـرسي الجـنـوبـية وسـوبـا ( الجـزيـرة الآن ) ، او ربـما المنـطـقـة مـا بـيـن سـوبـا ومـديـنـة شـنـدي عـلى الـضـفـة الغـربـية لـلـنـيـل (50) .
    لا يـعـرف بـوجـه الـدقـة الـنـظـم الـمـتـبـعـة فى إجـراءات تـحـصيـل الضـرائـب (51) ، غـيـر أن المقـومات الإقـتـصاديـة فى الممـلـكـتـيـن جـاءت مرتـكـزة عـلي الإنـتاج الزراعي وعـائـدات الـتجـارة الخـارجـيـة وتـعـديـن الـذهـب ، الأمر الـذي يـغـلـب وجـود هـيـاكـل وادارات محـليـة مـشـكـلـة عـلى نـسـق يـضـمن حـسـن تـحـصـيــل الخـراج والعـائــدات الـتـجـاريـة الاخــري بـالإعـتـماد عـلى عــدد من الـرسـميـيـن الصـغـار والـقـيـادات الـشعـبـيـة ( شـيـوخ الاحياء ) .
    غـيـرأن عـودة الـممـلـكـة لإحـتـكـار عـائـدات الـتـعــديـن والـتجـارة ، لـم تـوصـد الـبـاب أمـام محـاولات الـفـئـات الـشعـبـيـة لارتـيـاد العـمل الـتجـاري من خـلال تـجـارة الحـبـوب والـكحـول الـمصنعـة محـليـا ، والأنـسـجـة الـقـطـنـيـة الـتى إزدهـرت صـنـاعـات غــزلهـا الـيـدوي فـي مقـاطـعـة الـكـدرو .
    ولعـل المـلاحـظ أن إتـفـاق الـبـقـط كـان لـه مـردود مـدمـر عـلى قــدرات مـمـلـكة الـمـقـرة فـالـشعــب الـنـوبـي لـم يـكن لـه دور رئـيـسي فى عـملـيـات صـيـد الرقـيـق طـوال تـاريـخـه غـيـرأن أرضـه كـانـت مفـتـوحـة لعـبـور الـقـوافــل الـنـاقـلـة لـلرقـيـق ، هــذا الــدور نـفـسـه فـرضـه الموقع الجغـرافي لـبلادهـم ، غـيـر أن هـذا الوضـع لـم يـصـمد إذاء ضـعـف مـوارد السـلطـة وحـاجـتها لـتـوفيـر الأعـداد المفـروضـة عـليها من الرقـيـق تـنـفـيـذا لإتـفـاق الـبـقـط فـإتـجهـت قـطـاعـات رسـميـة وشـعـبـيـة لـلعـمل فى صـيــد وتـجـارة الـرقـيـق (52) .
    فـضلا عـن ذلـك - تـلاحـظ أثــر شـروط الـبـقـط بـوجـه خـاص عـلى نـوبـيي الـبـلاد السـفـلي الـمجـاوريـن لـلمـسـلميـن ، حـيـث إنـفـتح العـرب عـلى بـلادهـم وبـتـزاوجـهم وانـصهـارهم فى الجـسم الـنـوبي سـيـطـروا عـلى الـنـشـاط الـتجاري ، واحـالـوا الإقـليـم لمنـطـقـة تـجـاريـة حـره بـيـن بـلاد الـنـوبـة ومـصـر الإسـلاميـة ، ومن خـلال شـرائهم لأراضى الـنـوبـة ظهرت إحـتـكـارات عـربـيـة واسعـة لـلارض وبــدأ الإقـطـاع يـنـبـت جـذره ، ثـم ما لـبـس أن صـار إقـطـاعـا رسـميـا مـكـتـمـل الـشـروط فى ظــل حـمايـة وتـشـجـيـع الـدولـة الـفـاطـميـة (53).
    بـصـفة عـامـة - يـمكـن الـقـول أن الـنـظـم الـسـيـاسـيـة فى هــذه الـمرحـلـة بـلغــت قــدرا مـن التـطـور في بـلاد الـنـوبـة ، واسـتـفـادت الى حــد كـبـيـر بـنـظـيـم وهـيـاكـل الحـكم الإغـريـقي حـيـث اخـتـفـت تـماما ألمظـاهـر المتـواضـعـة لـلحـكم الـتي بـرزت بـعــد سـقـوط مــروي . وكـيـفـما كـانـت مـثـالـب الهجـرة العـربـيـة عـلى حـقـوق الـنـوبـيـيـن الـسـيـاسـيـة ، كـان من إيـجـابـيـاتها بـعــد الـتـلاقـح والإنــدماج - الإنـتـقـال بـمجـتـمع وادى الـنـيـل الأعـلي لمرحـلة تـطـوريـة جــديـدة .

    (عدل بواسطة محمد على طه الملك on 12-15-2007, 09:12 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-11-07, 05:15 PM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ Ahmed Alim12-11-07, 07:02 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ Adam Mousa12-11-07, 07:50 PM
      Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-12-07, 02:36 AM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-11-07, 11:17 PM
      Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ HOPEFUL12-11-07, 11:27 PM
        Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-12-07, 02:40 AM
      Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ abdalla elshaikh12-11-07, 11:58 PM
        Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-12-07, 02:46 AM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-13-07, 11:43 AM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ Adam Mousa12-13-07, 11:58 AM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ محمد مكى محمد12-13-07, 12:02 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ محمد على طه الملك12-13-07, 12:59 PM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ Sahar Yousif12-13-07, 12:27 PM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ خليل عيسى خليل12-13-07, 03:28 PM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ خليل عيسى خليل12-14-07, 04:48 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-15-07, 07:41 AM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-15-07, 06:04 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ محمد على طه الملك12-15-07, 08:29 PM
      Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ محمد على طه الملك12-15-07, 08:33 PM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ Ahmed Alim12-16-07, 04:28 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-16-07, 05:18 PM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ Omer Hummeida12-16-07, 06:19 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ احمد الامين احمد12-16-07, 06:49 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ هشام هباني12-19-07, 12:46 PM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ خليل عيسى خليل12-17-07, 04:59 AM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ محمد على طه الملك12-17-07, 10:45 AM
  Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ خليل عيسى خليل12-18-07, 04:01 PM
    Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ amir jabir12-18-07, 07:05 PM
      Re: لماذا شحيحة المكتبة السودانية حول تاريخ ممالك السودان المسيحية!؟ محمد على طه الملك12-19-07, 05:41 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

������� ��������� � ������ �������� �� ������� ������ ������� �� ������ ������ �� ���� �������� ����� ������ ����� ������ �� ������� ��� ���� �� ���� ���� ��� ������

� Copyright 2001-02
Sudanese Online
All rights reserved.




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de