مواضيع توثقية متميزة

مناولة...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 07:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-28-2013, 09:15 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    الوردة الرصاصية
    قاسم حداد





    1

    في البدء كانت جنة الرؤيا


    أرى فيما أرى


    تبكي صنوبرة على صحن المدينة , والخيام تجل ل الرؤيا


    أرى طرقا ستأخذني إلى طرق ستأخذني إلى طرق وبحرا


    كالمدى


    فيما أرى


    كانت ستعشقني العذارى . سوف أصبح نجمة


    في شرفة . لو نشرة المذياع قالت آخر الاخبار قبل الهجرة


    الأولى


    رأيت وما رأيت


    مدينة تمشي وعذراواتها يفقدن عشاقا ويقتقن القميص


    ويحترفن الغزل كي يفتقن ثانية


    رأيت كما رأيت


    لهن شاهقة الرؤى / لي منتهى شجر سيحنو فوق


    جنتي المحاصرة المباحة / هل رأت تفاحة القصحى قلنسوة


    البلاغة غيمة الشعراء / كانت جنة الرؤيا بدايتي الأخيرة


    هل رأت فيما رأيت


    نهاية الهجرات / كل مدينة و جر ومنعطف السلالة


    جيفة ترث الجزيرة


    هل أرى وطنا يعيد الشكل , يمزج جنة الرؤيا بفوضاي


    الجميلة , يخطىء المعنى معي , يهتاج في لهب السبابا


    قالت الاخبار هجرتي الكسيرة في طريق كلها طرق مطوقة


    بعراوات


    يحرسن المخيم بالدم العاري


    ويسطعن انتشاء في دم لي


    أو دم لغموض أخباري


    لهن خفائف يخفقن فوق مخيم وكنيسة تنأى


    رأيت صلاتهن جنازة


    يعشقن فرسانا ويفتقن القميص


    لكي يطيب الغزل . يفتحن الصدور . لهن جرح وردة في


    القلب . يفضحكن العواصم بالمخيم


    هل أرى فيما أرى


    مرآتي انهارت على حجر الطريق ورفقتي ينصبن أشراكا


    يسمين الحراب حديقة والماء مأوى


    يبتكرن نهودهن , يضعن في شرفات أحلامي حناجرهن


    لي عشق مغامرة بلاد هيأت أسرارها


    لذبيحة الرؤيا


    أرى فيما أرى


    مدنا تجرجر عارها ومدينة تستنفر الأسرى


    ترص ع جمرها مختالة


    وتصيح بي في هودج الهجرات


    لي ماء يقاومني لكي أنسى


    لها ماء يسمى ملجأ وخديعة تئد


    النساء


    يطأن قلبي


    كل ما ينسي يسمى جنة الرؤيا


    لهن تميمة في طينة الجسد الطري / وكلما أنسى


    أسم ي وردة الفوضى عشيقتي الصغيرة . كلما أنسل


    من ليل المدائن , من سلالة جيفة ترث الجزيرة


    كلما


    في جنة الرؤيا أرى مستقبلا


    وأرى حفيرة


    2


    أسعفته اللغات ليحتمل الموت


    كي يشهد الشرق مستسلما للغروب


    حوله جوقة / ليس للشرق , لم يبق الا صد للقيود


    التي تنحت العظم / إني بريء من الشرق


    من قلعة من كهوف


    برىء من الصمت مختبئا في الكلام


    اللغات التي أسعفتني إلى الموت غادرتها


    ألجأ الآن للخيمة الحرة المشتهاة


    ألجأ الآن للتيه للمنتهى / ليس لي


    للبيوت التي طاردتني


    ل########ة ضاق بي قبرها


    للمدى يحضن الطائرات المغيرة ليلا


    ويغتالني


    3


    مشى في شهوة الفوضى


    يواري كل شيء في فضاء الشرق في شكل له


    لا يقبل الترميم


    مشى في وحشة التهويم


    لن يصل الكلام اليه


    يمضي شاهقا يفضي لجن ته التي أشهى


    يؤالف أم يخالف


    أم يؤدي طاعة للطقس في ردهات


    هذا الكهف


    لا تسأ


    فقد أضحى بعيدا نحو جنته


    وحيدا صار في حل من التنظيم


    لن يصغي لمنعطف اللغات , تراثه تيه


    ويخرج من جمال رماده شعب الشظايا


    شهقة القنديل


    جلجلة الكتابة والصدى


    وفضيحة التنجيم


    يمشي خارج التقويم


    4


    أسعفته / ولكنها حاصرتني


    رمته على كوكب الليل / هاجرت كي أفضح الليل في


    الشرق


    لكنها


    في غبار التراتيل كانت له


    للذي نكهة الخبز في ساعديه


    الذي يبدأ الشرق من لثغة في يديه


    الذي


    اسعف ته اللغات وصلت عليه


    التي أسعفتني شكتني لشرق النهايات / نحنو عليه


    بشمس


    رصاصية / ودعته / دعته لكي يقبل القتل , كي يحسن


    اللغو واللهو


    كي يستفيق الحطام الالهي


    لكنها حاصرتني


    5


    سألوه


    واشتبكت جيوش فوق جثته


    تلائم


    أو تقاوم


    طينة الجسد الرمادي احتمت بسلالة الشورى


    : تقاوم أو تلائم


    طينة الجسد الطري تحاسرت


    عبرت بلادا كالشواهد , راودتها شهوة المنفى


    تلائم


    عندما سألوه كانت نحلة الرؤيا تغيم بمقلتيه


    وكان تاريخ يضلله الوضوح


    سألوه


    كان موزعا بين السقيفة واحتمالات الخلافة


    واضطراب النص والفتوى


    ومختلف الشروح


    سألوه في شفق الوقيعة والمشانق كلها


    كانت له


    : قاومت


    لكن ما الذي يبقى


    تقاوم لأجلك الرايات


    موتك سيد


    ستكون عبدا عندما لا تنحني في ظل قوس النصر


    يبقى , ما الذي يبقى


    تقاوم أو تلائم


    جنة الرؤيا يداك


    وكاحلاك على رماد بارد , قامت أو لاءمت


    كانوا يسألون الفقه والقانون والمتن الذي


    كتبوا هوامشه وسدوه بجلدة كاسر


    وجميع ما يبقى لك الآن


    الكتابة والغياب


    هذيت أو كاشفت , إن سألوك


    قل لهم الجواب


    هذيت أو حاصرت أسرار الذبيحة


    سيد في الموت


    لا دمك الذي يغري بأنخاب دم عبد


    ولا العربية الفصحى ستبتكر البلاغة عندما ترثيك


    قاوم


    واحفظ الطين الطري


    ولا تلائم


    كلما سألوك


    قاوم


    سوف تهذي سيدا ويموت موتك


    عندما نصبوا السرادق خارج الاسوار وانتظروا


    لكي ينهار وقتك


    أين صوتك د ع لهم سعة لكي تصل القوافل مكة


    بالقدس


    تمتد القبائل


    د ع لهم , يطأون جثتك الفطيسة


    كلما واصلت صمتك


    فاتئد


    سيكون في الطين الذي ليديك شاهدة


    لتسمع عندما تهذي


    : يقاوم


    أو يلائم


    عندما ت غوي يديك سفينة التيه


    انفصل


    دع فسحة كي لا تغادر جنة الرؤيا


    وقاوم


    6


    رأيت يدين تستبكان في جسد


    رأيتهما ملطختين بالتلوين


    صلصال وصورة عاشق وتفجع الحبلى


    / خفائفها الجميلة سوف تستقط / من لها


    ويدان تشتبكان في الجسد الطري . وجنة في الطين


    رأيتهما


    عشيق شارد


    ومخاضها يغري اللغات / خطيئة العربية الفصحى


    لها


    ولها خفائفها الجميلة . كدت من خوف عليها


    من لها


    مغدورة ويدان تشتبكان في جسد تفصته


    الحروب . رأيتها


    ورأيت فيها لحظة التكوين


    7


    أسرار فاكهة المساء , سريرة المأوى


    ومحتملان


    موت للذي ينسى


    وموت للتذكر


    سيد في القيد أرخى للمدائن من مدينته


    سيهذي مثل شعب


    من له / من لي بهاوية ليهذي


    جنتي نعش على رئتيه


    من لي / من له


    طرق ستأخذني إلى طرق ستأخذني الي طرق


    وأحجار الطريق ستلبس اللحم الذي / قدمان عاريتان


    في برد, وكل الاسلحة


    تكتظ في أثر طريد


    رمبا هلعا / شريد


    ربما ولعا


    لها . قدمان


    جنات , جحيم , ربما تنسى جميع الاضرحة


    قدمان


    هل قدم مقدسة الخطايا والخطى ابتهلت


    لشيء ليس يسمع


    ليس يغفر


    خيمة أم خرقة في شهقة الصوفي


    أسرار لفاكهة


    ستنسى عندما تهتاج في شغف وترتطم الحجارة


    بالمدائن المدى


    من للصدى


    من لي بصارية تسملها المرافىء


    للمرافىء


    للمرافىء


    انه يهذي


    يجانس أو ي طابق أو يناقض


    انه يهوي الى لغة الشرائك


    من له قلب ستكسره المناديل الصديقة


    أو له شعب ستخلعه الخوازيق الشقيق


    جنتي عرش على قدميه


    محتملان


    موت للذي ينسى


    وموت للتذكر


    سيد في القوس


    يصغي للقرى ويقايض المدن الحبيسة بالاغاني


    عندما ضاقت به , اتسعت له


    و سعت لأكثر من دم


    يمشي ويهذي


    لم يكن قلبا له / جرحا


    وكل رصاصة تأتي بظهر رصاصة


    والقلب , هذا الجرح لا ينسى


    ولا يتذكر القتلى


    لعلي صرخة في أمة ثكلى


    لعلي أمة ثكلى


    لها من لي بذاكرة تحاصرني .. ولا تبلى


    أتوا من فجوة في البحر


    جاءوا من جنوب الوقت


    كان الله لا يسهو


    ولكن الجهات أتت مدججة


    بمالا يذكر الجندي أو ينسى


    8


    وردة للبحر


    أشكال لموت الأرض


    عرش للذي يغزو


    قالت واحتمت بالخنجر الدامي


    لها قتل وللشعراء فاجعة الكلام


    وللذي يدتد قبر


    لم يعد قبر


    هي الأرض التي للموت


    للبحر المراكب والمدى , وممالك مالت على رئة لشعب


    شب عن قبص اللغات


    لها لأطفال لها , لمغامر ينجو . لهودجة المدائن


    وهي تكبو غير عابئة . لشعب شط في تيه ويستثني


    ويغفوا


    غير عابئة وتكبو


    من لها . من لي


    أرى جثثا تسير وتحمل الرايات


    تهتف في عباءات مغمسة بزيت الله . تهتف . والمساجد


    لم تزل في سجدة الخوف الكئيبة . لم تزل في وهدة


    ورأيت نعشا سيدا


    لغة وبحر


    والذي يرتد مرصود


    له قيد وقبر


    سيدي ملك على بحر


    وذاكرة ستنسى عرشها , وعريشة أشهى


    ومختبلون مأخوذون بالبحر المدج ج


    بالمدى العربي مثل القيد , بالقتلى


    بمحتمل العواصم وهي في كيس الخراج


    بأمة مصلوبة تهفو لموت سيد


    ومقاصل أقسى .. وأعلى


    لم تزل


    مغدورة تهتاج في قوسين


    شامخة بوجه الذبح , تصرخ


    كالذبيحة في المدى العربي .. كلا


    قال لي


    ما أجمل القتلى


    هناك موزعين على المداخل يحرسون قبورهم


    وأنا على قيدي هنا


    هل كنت مختلجا يواري عار ه


    أم كنت مثل الوقت محتلا


    من لي بذاكرة تحاصرني .. ولا تبلى


    9


    هودجها يميل


    عد ل الفرسان هودجها / يميل


    مليكة في غربة الشطآن


    موغلة تعذبها القبائل


    واحتمال الليل , والسفر الطويل


    تختال في وجع


    له في كل أرض خنجر


    ومآتم منصوبة وفم قتيل


    مرصودة للهتك , أطفال لها


    ولها الصحارى والمدى العربي في قيد


    وهودجها يميل


    وحشة تبكي على وحش


    وهودجها مليك الافق


    أعراس لها في مأتم القتلى


    ولن تغفو


    ولن يهتز بعد الآن هودجها الثقيل


    10


    رأيت رماده يرد يهزج يستعيد نثاره شجرا وتاريخا


    ومحتملان


    دار للذي دمه بروج الوقت


    دائرة لمن ينسى


    رأيت رماد إرثا لمعراج الصدى. د ر جا لشعب شارد


    في غربة الأمواج مثل التاج . كان رماده تاجا على شرق


    النهاية وهي تبدأ . لم يكن ينسى عناصره . حريق غامر


    وعرائس القتلى وبلدان لها مدن تقاتل أهلها وتحاصر


    الشهداء , مرتدا من الانقاض يخرج , لم يكن هذيانه تعبا


    ولا فوضاه تذكرة الخديعة , كان في و له رمادا سيدا


    م لك على كلماته. غنى . رأيت كلامه شجرا وتاريخا


    ومحتملان


    زوج للصبية حينما يتضاحك النهدان


    في خجل ويكتضطان بالشوق الشهي


    زجازجة الرؤيا لمن ينسى ويغفر


    عندما يهذي يصوغ رماده وطنا , وطينته الطرية أول


    التكوين


    11


    شكل البرتقال وزينة الفوضى وخندقة القتال وعاشق


    يحظى بعاشقة وقافلة من الاعداء


    شامخة


    كأن نقيضة الاسماء : تذكارات ها لغة


    وللكلمات في أشكالها جنس الذبيحة وابتهالات


    الغبار


    وصورة للماء


    خل وها دما فينا


    يداها دورة الافلاك


    أبراج لها تاج


    وهودجها يغطينا


    دعوها تحضن الجرحى وتنتخب الضحايا


    تفتدي , وتحاسب الموتى اذا ماتوا


    دعوها حرة فينا


    ستعطينا دماثتها لنشعل زيتها فينا


    يداها برتقالة دارنا وحديقة لتهالك الاسماء


    كانت عندما كانت هوت في حوضها مدن وأفراس


    ونجم شاحب وشرارة الانواء


    12


    فضحت نا مثلما سك ينة تندس


    هذا حلم وحش


    ونختال به


    نسأل من أين إلى أين ولا نسأ عن تاريخها الآتي


    ولا تهتز في أحجارنا سنبلة للشك لا نسكو من الوحش


    فجاءت


    مثلما جنية تهذي لكي تلهو بنا


    فضحتنا


    فت ركنا للذي ينثال من أحلامنا


    حرية الموتى


    تركنا كوكبا في جسد الشرق لكي يختار من أيامنا


    وتركنا ماءنا الغالي لكي نشرب من بئر المقابر


    فضحتنا


    والذي ينهار لن نرأف به


    للفضح هذا الجسد


    الهالك


    هذا الجدث


    المالك


    لم يبق لهذا الشرق من وقت


    سنبكي عندما يخطئه الهدم


    افضحينا


    13


    أحجارها تاج على ذهب المدائن


    صورة للماء


    أخبار الحدائق في خبيئتها وليست جنة للنار


    مدت لليتامى للمصابين ابتلاءا بالردى


    مدت يدا


    كانت تحاصر آخر الرايات في شرف القبيلة


    من رأى مدنا مدكسة


    رأيت هوادج القتلى على خشب عتيق


    ربما العرب الذين


    مدينة صارت وتختصر المدن


    تمحو وتكتب


    من رأى امرأة تلملم ظل ها لتصد جيشا


    من رآها - في قميص واحد


    حلما ووحشا


    من رأى عربا على عرب


    سلالات , لغات


    من رآها أمة منذورة


    عرشا ونعشا


    14


    لهن تميمة الذكرى ومدخراتها


    يمشين مصطبرات


    ثاكلة وعذراوات


    في قمصانهن غزالة مذعورة وجسارة الأسرى


    سينسين الكلام . خيامهن الهتك . من أعطى


    لفاكهة المساء سفينة مكسورة ومحا الهواء


    وصاد ر الميناء


    من أعطى النساء نوافذ الرؤيا وأطفأ نجمة


    الأفلاك


    من دمنا على يده


    ومن يده على دمنا


    ومن منا سيرسم آخر الاشراك


    من للنسوة اللاتي بنين النهر والمجرى


    لهن خديعة الذكرى


    لهن الفقد والنسيان


    من لي بعدهن ومن لهن عريشة بعدي


    وحيدات على خشب المخيم


    والمدائن تشحذ المنفى


    ويرجع لي الصدى


    وحدي


    لهن القبر


    لي قيد وللفوات أختام الطرائ د


    للموائد نخبة الاقداح


    للرسل الكثيرة فجوة في التيه


    مصطبرات


    لايمشين لا يمشي بهن الماء


    عذراوات


    من لي / ما الذي أسرى لمنعطف الخريطة


    مشرقا كحمامة البشرى


    غريبا غائبا


    ومضرجا بتمائم الذكرى


    أحايد بين موتين


    انتهاء الأرض حتى قهوة المأوى


    وخاتمة النشيد


    بكت لي أو بكت في جنة تهوي على القدمين . قالت


    ربما


    وتشبثت بتهد ج الفرسان


    من لي بعدكمز خلوا خيولكم


    تخب وخيموا عندي . دعوها


    تحرس اللغة الجريحة


    كي أموت وحيدة في حضن


    فارسي الوحيد


    بدأت خاتمة النشيد بدأت في الذكرى


    دعوني خائفا لو أنهم تركوا لقلبي حسرة الفقد الذي


    ينسى


    نسوني في نساء , خب أوني في سرير الغدر . لو أن السفائن


    كلها ضاقت لكان القتل أجمل من يد مغلولة في وحشة


    الصحراء


    بكت عند الرحيل وكنت في الذكرى


    15


    بغتة تبرق أسرارنا


    في دماء الكوامن في آخر الليل


    من ليلة هيأت ها التآويل , من قاتل , من مليك ملاك


    من هناك


    حيث أسماؤنا في بلاد


    وأحباب نا القاتلون احتموا في بلاد


    ونحن بلا مدخل للسماء


    سيبقى على الموت أن يفتدينا


    سيبقى لنا في القبور وأسرارنا فسحة للفضيحة


    يبقى هلاك لنا


    هل رأيت الجنائز تخرج محتجة


    ورأيت الدماء المهانة في موتها


    ورأيت السما ء


    تضيق بعصفورة الانبياء


    سيبقى هلاك


    لنا بغتة هذه المزدهاة بتاريخها


    طفلة في السبايا


    لها في اللغات انتحار


    وفي الشجر المستهام انكسار الغصون


    لها في الجنون احتمال البقايا


    ترى من لها ف السفائن في غربة البحر في جيئة


    وزعت ها القبائل في شهقة حرة .. أن تموت


    طفلة صدرها في السيوف وأخبارها شغف للحياة


    وقمصانها مثل شمس تطوف ملطخة مترعة


    ببقايا الصباح وقهوتها للضيوف الغزاة


    وميزانها غاية الاشرع


    طفلة راهقت


    والسلاح تميمها


    ظهرها في المخيم والأمة الراجعة


    16


    نهض الرماد كأنه ينأى


    كأن شهيقه في زينة البحر


    انتهى وقت


    سيأتي آخر


    فدخلت في نار العناق


    سيذهبون الآن


    من لي


    من لهذي الخيمة المكسورة الوتدين


    من يبقى يصد رصاصة الموت الأخير


    بكيت في التذكار


    كان البحر وحشيا وكنت ملطخا بالفقد


    مازال الدم المهدور في كأس الشوارع في رؤى خشب


    يمنعطف المواكب


    كانت الرايات تجهش


    سوف تذهب


    من سيبقى


    كنت في شفق من الذكرى


    كأن السبي فينا مرة أخرى


    كأن البحر لن يسع المراكب , والنوارس


    سوف تغرينا بمقتبل الضياغ


    كأنما ينأى


    ويحتكمون للفوضى


    لهم أسرار ولهم بلاد


    جنة الجرح التي رسم الملائك حولها سورا


    سيحتكمون للفوضى


    بلاد لم تزل


    وحجارة تمشي


    وقلب أثقلته كثافة الرؤيا / ب ك ت لي


    دع جوادك يرتوي


    من زرقة النهدين


    دعني


    ربما بعدي ستحتدم الرماح


    وبعدك الصحراء


    قالت


    كلما تنأى


    سيحتكمون / تبدأ هذه الفوضى


    يد في صخرة الوديان , سوسنة تسن براءة الامواج


    كنا فتية في وردة الفوضى


    يعيدون الملامح للذبيحة


    يستعيدون الطريدة


    فتية للفقد منتصرون في أشلائهم


    ويد على جرح


    يد في جنة


    ساروا على أسرارهم


    كان الطريق يعيرهم ليد فترسمهم على حجر الطريق


    ملك على الفوضى


    وسيدة بلا عرش


    وفاقلة توز ع جمرة الرايات , يخلعها الصديق


    خطيئة الرؤيا


    ستذهب


    من لها / من لي


    ستهرع عادة القتلى الى حجر / د عوه


    ذلك الحجر الجميل


    دعوه


    يبنون البلاد عليه / فوضاهم وجنتهم


    لهم أسرار فاكهة ونهر سوف يكسر عادة المجرى


    ويركض أو يشط


    وربما ينأى


    لنافذة تخبىء نجمة لليل


    هل تسع المراكب كل هذا


    الموج


    دعني


    دع دمي في وردة الفوضى


    يفيض ويحتمي كطريدة النيران خلف الغابة / البركان


    يحتكمون


    قائمة القضاة


    منصة الحكم


    المحامون


    الذبيحة والطريدة


    شاهد الرؤيا


    وحراس المدينة


    لم يزل ينأى


    تلاحقه المذابح


    من له / من لي
                  

12-29-2013, 08:05 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    حرب النحور
    ثروت همت




    أولاد الأفاعي، فحيح الكلام أم فحواه، نعيق طائر ساخر من ظلك في السماء، وأنتَ موصوم بدماء الشهوة في الأرض، عرقٌ كالنصل ينصب تجاه هاوية، يتفرس الظلام جسدك الهلع؛ الكل مسرع، الكل منحاز، الكل يسعى صوب الغواية، والسماء تمور؛ وأنت في غيهب اللذة لم تنوء عن جسدٍ يتربص الفراغ به، الأبواب تزجر الريح بعيداً، ثم تلوح للمجهول بالقبعة، فلتستفرد بهذا الدوار إذاً.
    تسمع تفتق الذاكرة وهي تمحو وجودك الصدئ بالنحيب المترصد والجوف السائل، والسماء تمور، تسمع صوت ينذر بخيانة وجودك بينهم، تتوخي الحذر، تركل الإشارات، والموت منحاز لبلاهة التعبير.

    دفعتك المسميات لارتكاب الحماقات، استجاب جسدك الطاعن في الظل للفخ الذي نُصب باسم الطبيعة والتكور المهين في ذاك الرحم العقيم، رصدت أحاجيهم المتندرة ظنك بهم، هذا الدوار السلس يعتصر أحشائك، الشفاه تلوثت بغثيان الذاكرة المتقرحة، خيط من الخبث الدنيء يشق دُبر العناكب، تعددت فجوات الخطيئة، لم تعد كافية لاحتضان الأرض بالتستر.

    هل قسوت عليك؟ لا عليك فأنت آخر ###### افرغ لهثه تحت هذا الجزع، أنتَ آخر ارضٍ مثقوبة تتلقف أحشاءهم وهي تتهاوي ضجرة من ذاك الثقب.
    ماذا يوجد في علياءِك؟ إبهامُ كفٍ ضجر؟ هياكل لأفكار يابسة؟ صلصال يكفي لعقاب آخر؟ يدعونك لحرب النحور، خنجرك مفتون باضطراب النهود الراقصة في متاهات المذاق، أفخاذ أشعلها الاحتكاك، جسد احترق بالشهوة، النتوءات التي غزت بشرتك كجنودهم السرية تحتفي اليوم بالنصر، وأنت ملاحقٌ بالهزيمة.
    كفراً، كفرا، التصق المجاز باللغة، ضاقت المعاني وتهشم سرد الحديث، مهلاً توقف؛ تحجرت الأثداء؟ ما عاد ضخ المتعة يشق المسام؟ وهم يتجاذبون أطراف الموت كالفكاهة. مهلاً مهلا؛ لما تنشب أنيابك في الحياة؟ فهي هنا مثل ذاك النهر الراكد، تعبق بالعطن واسماك تتحسس نتانتها في فمك بعد ابتلاعها، ترثى لحالك؟ نهر لم يوطنه مجرى؟ لا عليك فمثلك لا تخدعه تلاوين الحرباء اللعينة، وأنتَ تسرج قصد المعنى الطاعن في ركب التعبير، لا تفي لنافخ المسك بقيلولة، هل هي الوعود الوعرة؟ لا لم تحرث العمر ليلاً لتبجله في الظهيرة، ففي ترانيم الكؤوس متعة المتصوف، في تلاحق صداها جسد لم يدنسه العمر، كفَ عن هذا التلظي، فالليل بارقة الله، والنَّخاس بارقة الغي.

    للروح درك أيتها الشهوة، وللظهر انحناءة قوس أدمى نثيلتي الرطبة.
                  

12-29-2013, 08:09 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    تداعيات
    يحيي فضل الله
    ــــــــــــــ
    مصـل ضد الحياة
    ــــــــــــــــ



    كما لو ان كل شئ قد تلاشي ، بهذا الشعور خرج ميرغني من المستشفي ، تتشبث انامله بكف ابنته لبني ، تلك التي لم تتجاوز السابعة، من اين يبدأ البحث ؟ ، يتشبث اكثر بتلك الكف الصغيرة حين يرن في دواخله ذلك الصوت اللامبالي
    ـ ,, للاسف يا استاذ ما عندنا مصل ,,
    ـ ,, وبعدين ؟ ، اتصرف كيف ؟ ,,
    ـ ,, فتشوا ,,
    ـ ,, افتش وين ؟ ,,
    ـ ,, في الاجزخانات ، شوف علاقاتك ،الامدادات ، المهم انك تفتش ,,
    خرج ميرغني مواجها بكل حيرة تلك الاسئلة الكبري ، يخاف علي لبني ، لا يتصور ابدا ان يحدث لها ما حدث ، نظر اليها ، شروخ عميقة ومتزايدة في نسيج عواطفه التي تحاول الهروب ، هروب نحو كل شئ يلوح بأمل و لو قليل
    ـ ,, فتشوا ,,
    ميرغني " تصرخ دواخله ، تتعب روحه التي شفت إزاء امتصاصها لواقع ما حدث لـ "لبني"، ينتقل بين الاحتمالات ، يرتجف بدنه حين يذهب الاحتمال نحو
    اللاجدوي ، هكذا ، كان لابد من البحث ، لا يملك الا البحث ، ليس هناك خيار أخر ، من أين يبدا ؟ تتقاذفه الأسئلة و تعربد به الاحتمالات ، يتشبث بانامل "لبني" ، يلوذ بكفها الصغير ، يبحث في عينيها عن اجابة ، تصرخ دواخله رافضة لذلك الشعور المميت و الخفي ، شعور بالأبوة مكثف يحاول أن يتصدي للامر .
    " فتشو "
    " افتشو وين ؟ "
    -" في الأجزخانات ، شوف العلاقات ، الإمدادات ، المهم انك تفتش"
    تعذبه لا مبالاة ذلك الصوت الذي أحال الأمر كله إلى حالة من البحث
    ، يرد علي ذلك الصوت بهذيان داخلي عميق : " افتش ، اعمل شنو ؟ ، بس افتش كيف ؟، ابدأ من وين، من وين ؟ المودر فتش خشم البقرة ، لكن ، وين البقرة ووين خشما ؟ "
    ضغط " ميرغني " علي كف " لبني " بحميمية تحاول أن تنفي كل ماهو مأساوي
    ، اجتاحته رغبة في البكاء ، حرض ذهنه تجاه مهمة البحث ؛ البحث خارج كل
    المستشفيات التي دخلها وخرج منها دون جدوي
    " بابا اشتري لي لبانه "
    احتضنها بعنف ، خلخل بأصابعه علي شعرها ، تحسس رغبتها في الحياة ،
    نظر في عينيها ، اغرورقت عيناه بالدموع ، من بين دموعه شع في عينيه بريق من أمل و إصرار ، إصرار علي البحث .
    كعادتها خرجت " لبني " من البيت كما كل صباح ، نظرت إلى هناك ، إلى الشارع فرحت حين رأت صديقتها "ريم " تقف في انتظارها الصباحي لعربة
    المدرسة ، ركضت نحوها ، قبل أن تصل إليها ، خرج من أحد الأزقة ###### مهتاج يطارده رجل و بعض الصبية ، التقي ال###### ب "لبني " في طريقه ، عضها في ساقها الأيمن وكأنه اخذ منها قطعة لحم وجري ، صرخت " لبني " و انتابتها ارتعاشات من جراء الصدمة و الخوف ، التف حولها الناس ، رفعها الرجل من علي الأرض ، تبرع أحد الأطفال بالمعلومات : -
    " يا هو داك بيتم ، أبوها أسمو مرغني وامها اسمها هدى "
    رجعت "لبنى " إلى البيت وكان أن فقد الصف الأول في مدرسة البندر
    الابتدائية في ذلك الصباح صوتها وحيويتها العالية .
    تحري "ميرغني" عن ذلك ال###### ، بدأ يبحث عنه ، ذهب إلى أصحابه -
    أصحاب ال###### - ، تبودلت كلمات الأسف و الاعتذار ، ضاع ال###### حتى من أصحابه ، سأل في الشوارع التي مر ال###### بها ، في الأحياء القربية و البعيدة ، خرج "ميرغني" وراء ذلك ال###### منذ الصباح يسال ويبحث مؤملا أن يكون ال###### معافي من السعر ، يتمني أن يكون ال###### قد فعل ب"لبني" ما فعل وهو مستثار فقط ، قبل غروب الشمس دله أحد الناس علي ###### ميت في إحدى الكوش ، نظر إلى ال###### بغباء من لا يستطيع أن يحدد ما إذا كان ال###### هو نفس ال###### الذي نهش ساق "لبني"، رجع إلى "الكوشة" ومعه شاب مهمته أن يتعرف علي ال###### ، حين وصلا إلى " الكوشة" كانت الرؤية قد تعذرت مما جعل "ميرغني" يطرق أبواب المنازل القريبة للحصول علي بطارية أو لمبة بعد أن فشل في التعرف علي ال###### بواسطة أعواد الكبريت وإشعال الورق ، أخيرا عثر "ميرغني" علي "بطارية"، أخذ الشاب يتفحص جثة ال######، استقرت البقعة الضوئية علي عنق ال###### ، أطفا الشاب البطارية قائلاً : - " يا هو ركس ذاتو، للآسف لازم بعد ده البت تأخذ الحقن"
    ولم يجد "ميرغني " البقرة حتي يفتش خشمها " ، المستشفيات عجزت عن توفير المصل ، دار "ميرغني " حول الأجزخانات مخازن الأدوية ، الإمدادات الطبية ، المستشفيات الخاصة ، أطباء وممرضين ، وظف كل علاقاته دون جدوي ، و الأيام تمر وبمرورها يلهث "ميرغني" في بحث محموم و أزلي ، يخرج فجراً ليعود ليلاً ، حمل مذكرات إلى بعض المختصين ، أحدهم قرأ مذكرة من صديق له يوصي بالعناية بالموضوع ، طبق المذكرة بين أصابعه ونظر إلى "ميرغني" بشهوة مطلقة في عينيه وقال :" المصل ده الحصول عليه صعب ، لكن نحاول ، بس نحتاج لمبلغ بسيط .
    "ما في مشكلة زي كم كده ؟ "
    "و الله يعني زي 120 ألف جنيه"
    دارت الغرفة ب "ميرغني" ،دارت كل الدنيا أمام عينيه ، كاد ان يسقط من علي الكرسي لولا ان امسك بيديه علي تربيزة المكتب التي امامه.
    وسط صويحباتها تجلس " لبنى "، تقاوم ذلك الصداع وتلك الحمى الخفيفة
    مشاركة بضحكتها المميزة وسط ضحكاتهن ، تحس بألم حاد في ساقها خاصة في
    موضع الجرح ، وحين خرجت صديقاتها لم تنس " لبنى " أن تسألهن قائلة :
    " العندها علبة ألوان تديني ليها " .
    حاول " ميرغني " الحصول على ذلك المبلغ الذي يبدو مستحيلا
    بالذات لموظف ، علاقاته عجزت تماماً عن توفير لك المبلغ ، بحث في كل مكان ، حاول كل المحاولات التي يمكن بها أن يحصل على مصل دون دفع ذلك المبلغ ، يلهث ، تركض دواخله دون جدوى .
    " هدى " والدة " لبنى " تضع على جبهة صغيرتها " كمادات "
    باستمرار رغبة منها في التخفيف عنها تلك الحمى التي أخذت في الازدياد ، تصرخ " لبنى " من الألم ، صداع يفقدها شهية أن تأكل . فتور متزايد ، تحاول " لبنى " أن تقاومه فتشخبط على كراستها باللون البنفسجي خطوطاً متعرجة ومرتجفة ، تغير البنفسجي بالأخضر دون أن تتخلى خطوطها عن التعرج والارتجاف .
    دخل " ميرغني السوق الشعبي ، اتجه نحو إحدى الدكاكين التي
    تبيع البهارات ، سأل صاحب الدكان بلهفة .
    " ما بلقى عندك المصل بتاع السعر "
    " نعم ؟ "
    " عايز مصل ، مصل السعر "
    " يا راجل أنت ما نصيح ولا شنو ؟ كيف يعني ؟ روح يا راجل بلاش كلام فارغ " .
    نظر " ميرغني " إلى صاحب الدكان بكل ذلك العمق الشفيف ، واتجه
    نحو زنك اللحم .
    " هدى " تحاول أن تسقي " لبنى " الماء ، " لبنى " تصرخ وتقذف
    بإناء الماء بعيداً ، غثيان ، تتقيأ " لبنى " كل شئ ، " هدى " لم تتحمل ذلك ، بكت بعنف وضربت رأسها على الحائط .
    " ميرغني " يسأل عن مصل السعر في إحدى طلمبات البنزين .
    " لبنى " ترتعد عند رؤية الماء ، تتشنج ، تطالب والدتها بقفل باب الغرفة ،والنوافذ ، رعب حقيقي يرتسم في وجه " لبنى " الطفولي حين تهب أي نسمة هواء ولو خفيفة ، بدافع غريزي حملت " هدى " ابنتها وركضت نحو أقرب مستشفى .
    وصل ميرغي بنك السودان اقترب من إحدى الصرافات وسأل ذلك السؤال الذي عجز عن إجابته ، أشار الموظف إلي أحد العاملين الذي أبعد " ميرغنى " عن المكان .

    " لبنى " تصدر أصواتاً فقدت معنى الحروف ، تتشنج وينتابها ذلك الهيجان
    المدمر و" هدى " تصرخ .
    " ميرغني " يبحث عن المصل في كل مكان .
    تنتاب " لبنى " فترة هدوء غريب ، عيناها تنظر هناك إلي حيث لا أمل
    ويعاودها الهيجان والتشنج ، بين هذا وذلك انسحبت " لبنى " من الحياة ولم تقو حتى على الهيجان والتشنج .
    بينما كان " ميرغني " يركض دون توقف في الشوارع والأسواق مستعيرا من الكلاب نباحها كانت الريح تحمل ورقة عليها خطوط بنفسجية و خضراء متعرجة و مرتجفة .
                  

12-29-2013, 08:12 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    نقوش على ملامح الغريق
    مأمون التلب





    أتوقع أن أنتقي غيمةً من يديك
    أعلَّمها كيف تكتب شعراً لتكشفَ في خاطر الحلم درباً
    إلى بلدةٍ لا تحب المطر
    ثمَّ تمضي إليها بكامل زينتها ..
    ..
    أتوقع وقتاً غريب النوايا .. يسير على حافةٍ
    لا تخصّ البكاء و لا الحزن
    لكنهُ يترنح إذ يتخيَّل ريحاً تشابهُ فصل الحنين الذي لا يُحسُّ
    إذا مرَّ عامٌ
    إذا مرَّ يومٌ .. إذا مرَّ وقتٌ غريب المرايا ..
    ................
    تكسَّر لونٌ على انحدار السماء
    فمالت تجاعيد المدينةِ نحو الغناء
    وكانت شوارعها لا تضمّ النّحوت التي عبَّرت عن براءة أطفالها ثمَّ كانت شوارعها تتقيأ أشباح عشاقها حين يبكي المغيب ...

    رويداً ..
    رويداً ..
    سيمضي الغريب إلى دارهِ
    ثمَّ أصبح أعمى ..
    وتشتدُّ أوتار حلمي على ساعد الغيب
    هذا ضبابٌ سيكفي ليرسم وجهك
    هذا سرابٌ سيكفي ليخدع لوناً تكسَّر عند انحدار السماء الأخيرة
    السماء التي :
    كلما حنَّ طيرٌ إليها .. وحلق فيها
    أصيب بِبعد النظرْ ..
    ..
    أتوقَّعُني قَلِقاً .. لا ينام يقينٌ بليلي لأجرحهُ بمنافي الشجر
    و أحسُّ بأني غريقٌ .. لأدرِكَ أني أرى السطح
    و القاعُ فيَّ قتيلٌ :
    ( كما وطنٌ لا يرى حين ينسرِبُ النهر نحو جهاتٍ تراها الضفاف فيندهشُ الطين من شدة الدمع)

    [أعرفُ ذاكرتي : ( يتَّسع الدرب فيها لتحملَ ما كان من خطوات الرموز السخيفة و الأمكنة .. و أعرفُ أن الجميع يَدقّونَ طبلاً يُحبّونهُ كي أحسَّ بحرّيتي تختنق ثم أرقص حتى يشاء الإله .. و حتى تشاء الطبول) ]

    ( أحس بأن عمري قصير
    و أني على الأرضِ سائح )(1)
    و أن الصباح الذي إقتسمناه في المفترق …
    ليس في قلبهِ ريشةٌ تستطيعُ السموَّ لترسم وجهك
    حين الشجر ..
    يتجوّف حتى يجف الشتاءُ عليهِ و يصبح ما فيه من صرخةِ الناي محضُ صدى ..
    ..
    أحسَّ بأن ملاكاً سيبكي تساقط ريشِ جناحيهِ حتى تجف البحار
    وتكشف عن قاعها المتشقق من جثث الضوء و الحلم ..
    لكنني لست أدرِكُ نفسي :
    [أراكِ تنامين في خاطري
    وردةً .. وحريق ..
    و أرى ومضةً من بروقٍ حزينة
    تمرُّ على نبضِ نجمٍ جريح
    أرى النجم يهبط من درجٍ صنعتهُ الأساطير في عريها
    ليشقَّ الطريق إلى روحك الواضحة
    ثمَّ يمسكُ في كفهِ دمعةً تستحيل كماناً أنيقاً .. ويعزف..
    ..
    تميلين
    ينسابُ ليلٌ وحمى .. و يولدُ حلمٌ
    تميلين
    يشتعل اللون في همستي
    يَنبتُ الشمع بيني و بينك ثم يغني
    تميلين
    أدرك أن المدى سيّدٌ في يديك
    ويكشف عن عتمةٍ سَقَطت من نسيج القدر
    ثم ينفخ فيها حدائق من روح قطر الندى ]
    ها هنا
    زمنٌ يتدفق .. يترك في إثره هيكلاً مستديراً كما الأرض .. و أراني أعُدّ العظام و يصغر سنِّي لأصبح طفلاً أمرِّرُ كفي على الهيكل المتقرِّح كي أستكين فأهمس
    يسقط من شفتيَّ نهارٌ يغطيهِ شيباً
    ( أحس بأن عمري قصير
    و أني على الأرض سائح )
    ..

    أنا باهتٌ
    و البريق الذي دفنته الأكاذيب في لغتي … باهت
    ليس لي غير حبٍ صغير
    و يخشى المرايا لكي لا يرى قبحهُ
    ......
    كم أحب المسافة بين الحريق و بين الرؤى
    فحريتي تترنَّح فيها من الخمر
    و الخمر قد يتفصد من بشرةِ الحلم ثم يجمده البرد و الوحدة الخائنة
    أحس بحريتي تتخللني ثمَّ تمضي إلى شبحي و الذي لا يفرط في لحظةٍ صامدة
    إذاً
    إنها النافذة :
    • لا تميّز طعم الشتاء من النظرات التي تتدفق مني عليها إذا حطَّ فوق دمي وترٌ من أنين المساء .
    • لست أذكر أني انحنيتُ عليها لأخبرها ( كيف أحلم ) كي تتوعدَ قلبي بهذي الشروخ .
    • أخبرتني بأنَّ التواريخ تولد يوم رأيت الحياة .. و أن الجسد يتحمل جرحاً يكوِّنهُ دوران الكواكب .. و الناس .. و الحب .
    • كم كان صمتاً جميلاً ينام عليها .. يتمايلُ في داخلي مطراً ذابلاً .. كي أناجيه/ أرسم في صدرهِ وجهكِ كالأبدْ / ليشتعل الورد في جانبيهِ .. أحبكِ .. و أني (أحس بأن عمري قصير و أني على الأرض سائح ) ]
    ......
    أتوقع أن الغريق يحن إلى الماء ..
    و أن الشواطئ تنتصِبُ الآن في سطحِ أضلاعهِ
    و بلادٌ تسيجه بالبقاء
    شجرٌ يتعرى بداخلهِ من ظلالٍ و يجهش بالشمس !!
    و النار طبلٌ جديدٌ يُدق فيرقص ماضٍ و حاضر ..
    و تَقْتَصُّ رؤيا من الضوء
    ( ينتفض الحدس من سريان التأمل
    ثمَّ يعود مميتاً و أَوحد ...........)
    ستمضي المنافي إلى حتفها في دمي
    فحنيني إليكِ غريقٌ على :
    ( كل يومٍ أحبكِ أبعد .... )


    هامش:
    (1) من قصيدة لمحمود درويش
                  

12-31-2013, 08:10 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    صخرةٌ في جبل
    بشرى الفاضل




    قبل ( كُنْ ) .
    كنتُ رطلاً من هُلامْ .
    جائلاً في لا مكانْ ..
    ثم .. دار الكونُ فابتدعَ الزمانْ .

    بعد ( كُنْ ) .

    صرتُ صخراً صامتاً ..
    خمسين مليونَ سنةْ .
    قابعاً في وحدةٍ بلهاءَ ..
    في جوفِ جبلْ .
    هامداً لا صوتَ لي .
    لا طولَ لي .
    لا روحَ لي .
    لا نظرةٌ كُبرى , فمن أينَ المقلْ .
    مثل صمت الكون صمتي في المجراتِ البعيدةْ .
    صاخبٌ , لكنه صامتٌ عنّا فلمْ تُجدِ الحِيَلْ .
    هلْ يُفسّر لغزه للناسِ يوماً !
    ثم نمضي في الحياة ..
    بحزونٍ و شجونٍ , و سؤالاتً أقَلْ ؟
    صخرةٌ .
    لو أن لي سكينة ..
    لفصَلْتُ روحي ..
    عن بَلاداتِ الجمادْ

    ...............

    لو أنني حجرٌ في الرملِ مدفونا
    لشتلتُ ساريتي ..
    و غرقتُ محزونا .

    ..............

    كيفَ لي , إن كنتُ صخرا ..
    مخرجٌ من فوهةِ الحزن .. و حَلْ ؟
    قابعٌ في خيمتي – في لا زمانٍ – شاكراً ..
    و أنا الأذلْ .
    صائماً في وحدةٍ بلهاءَ في جوفِ جبلْ .
    ثم .. قال الله ( كُنْ ) ..
    فتذريتُ رمالا ..
    و تقليتُ تقليتُ بمقلاة الأديم .
    ناريَ الريحُ ..
    بهاراتي الهشيمْ .
    ثم .. دوّرتُ و .. دوّرتُ ..
    كإكليمٍ قديم .
    ساعياً بين الصحارىَ و الجبلْ .
    و تدحرجتُ مع هوجِ الرياحْ .
    صرتُ رملاً ..
    ناعماً كمّاً عديداً ..
    لاهياً ..
    صاعداً ..
    بين الصحارى و الجبلْ .
    دورةٌ لا تنتهي .
    لا قُبحَ ليْ .
    لا حُسنَ لي .
    فمن يحظى – و بالكونَ عماء – بمَُقلْ .


    طافَ مليونٌ فقال الله : كُنْ .
    صرتُ نسراً ..
    ثم .. هومتُ و هومتُ على الأرجاءِ طُراً ..
    مُحرَزاً تكوينَ نفسي ..
    منذ أن كانت ديارُ الأهلِ رملا .

    صرخةٌ أخرى .
    ولا زالَ الصراخْ ..
    منذُ أن صيّرني اللاهوتُ في الناسوتِ طفلا .
    و حبَوني بالنوايا يافعاً ..
    وعدوني : بالمرايا , و السعادة و العسلْ .
    ها أنا ..
    في كل يومٍ حائرٌ ..
    أشربُ الحزنَ و أقتاتُ الأملْ .
    ذرةٌ في لُجّةِ الكون العجيبةْ .
    لا خيارَ لي سوى السعي حثيثاً ..
    كصحابيْ .
    قبل أنْ ..
    أرقىَ إلى حيثُ الجبل


    بشرى الفاضل
    الخرطوم بحري
    1992



    نقد لقصيدة صخرة ..فى جبل لبشرى الفاضل بقلم الناقد ,الشاعر و...ى عوض شيخ أدريس حسن
                  

12-31-2013, 09:28 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    أقرب إلى القلب:
    أدَب الرّسَائلِ: مَا قالهُ لي مُصْطفَى سَـعيْد: مهداة إلى الأديب عبدالغني كرم الله




    (1)
    أيّها الكاتب العزيز. .
    أزجيك مِن التحايا ممّا يثقل على السحابِ الرّاحل حِمله ، إليكَ حيث أنت . .
    أطلعني على رسالتك إليه، صديقنا المشترك "مصطفى سعيد"، ولك أن لا تعجب فكوني عندك ذلك الرّاوي المُستتر الخفيّ في حكاية "موسم الهجرة"، فإنّي أعذر تجاهلك وتخطيك لي في حديثك إلى "مصطفى"، وأنت تربك حياته البرزخية بذكرك رحيل مؤلف قصته إلى البرزخ هو الآخر. تعازيك مقبولة على أيّة حالٍ أنت عليها في دُنياك ونحن عليها في برزخنا.
    إنّي وَ "مصطفى سعيد" على نقائض واختلافات، وإنْ رأيتني أماثله في عدّة مظاهر وتجلّيات. أرجوك أن لا تغتمّ لعتابي لك، فأنا مِن خَلقِ الرّاحل المؤلف "الطيب صالح"، مثلي مثل "مصطفى" أيضاً. تحرّى الراحل عن سيرتي، واستمع إلى ما حكيتُ أنا له عن مغامراتي المتواضعة في لندن، بين بردها القارس وحرارة صيفها اللاهبة. جعلني "الطيب" صفيّه وسمع منّي أكثر مما أسمعني هو عن أسرار حياته اللندنية، وأنا أعرف أنّهُ جاءها صبياً ثم تفتحت ملكاته الكبرى، خلال العقد الأوّل الذي أعقب الحرب الكونية الثانية، فيما أنا قدمتُ إلى لندن بعد استقلال البلاد. قصدتُ أن أنبّهك إلى أنّي جئتُ لندن بلا ضغائن . جئتها بلا غضبات. لست مجنوناً عبقرياً مثل صديقي "مصطفى"، وقد آثر كاتبنا الرّاحل، وبعينه الراصدة وهو مُستخفٍ في هيئة الإذاعة البريطانية، أن يُبقيني على مسافةٍ من الوقائع التي رواها في "موسم الهجرة"، ولك أن تعلم أن بيني وصاحبنا "مصطفى"، مسافات زمنية متطاولة، إذ انّي لستُ من مجايليه كما ترى. لا ولستُ مِمّن عاصروا سنواته في ضباب لندن على أيام الحرب الثانية. لندنه التي عرف، غير لندني التي عرفتُ، بعد أن وضعت الحرب أوزارها بسنوات عديدة. برغم هذا البون الزّمني، تجدني و"مصطفى"، صنوين نحيا في ساحات الخيال الذي استنشأنا فيه الراحل "الطيب صالح"، ونعمنا بصحبتكم زماناً لا سقف له ولا قاع. كثيرون هم الذين حملوا ملامحي وقتَ أن كان "الطيب" موظِفاً صوته ومقدراته الدرامية في "البي بي سي ". أعترف لك أن الرجل استنشأني من مجمل ممّن كانوا حوله في لندن وخبر خفاياهم. أتذكّر "مَنسي"، هو رجل لكل المواسم وبلا نظير. نعم. وأتذكّر "على أبوسن" ، جاء لندن بسِمتِ شيوخ عرب البطانة، فعجمت عوده لندن وصيرته فارس صولات فارهة، جيئة وذهاباً، بينَ شارع "أوكسفورد" وشارع "بيكاديللي" ، إلى أطراف "سـوهو". .
    (2)
    يا صديقنا القابع في الضّفةِ الأخرى . .
    دعني أصدقك القول: إنّ صديقنا المشترك ، "مصطفى سعيد" قد ارتبك أوّل وهلة مِمّا ورد في رسالتك إليه، إذْ لمْ يبلغه نبأ رحيلِ من أنشأنا جميعاً في قصته، فهوَ في برزخهِ السّديمي لا تصله من أخباركم أنتم، يا مَن أقمتم في الضّفة الأخرى، غيرُ أخبارِ النُقّاد والمُحلّلين، مروّجي حكايات الزمان. ولك أن تعلم أنّهُ قد أبْهَتهم مَن أنشأنا أول مرّة، فطفقوا يغوصون غوْصاً عميقاً في الذي عناه كاتبنا حينَ فصّل لكُم حكايتنا -مصطفى وأنا وبقية من عاشوا معنا تلك الحكاية الغريبة -ووجدتم في وقائعها، بين مدن الصقيع ومدائن اللهب، ما لفتَ انتباهكم.
    وَلقد حدّثني "مصطفى سعيد"، بعدَ أنْ جمعتنا خلوتُنا البرزخية ، إذ نحنُ سوياً خارج أزمانكم الدنيوية، فمَا عهدته قلقاً كمِثل قلقهِ حين اطلع على بعضِ مَن كَتبَ عن الرواية، وأسهب في التحليل وأوغل في التأويل. ولقد جهدتُ أن أقنعه بقولٍ قديم سمعتُهُ مِن أحدِهم: كذبَ النُّقاد وإنْ صدقوا. . ! لقد أزعجه أن يضايق الناسُ من انشأنا، فزعم بعضهم أنّ حيواتنا هيَ من بعض حياته ، وأنّ تجاريبه هي مِن مِثل تجاريبنا، بل سمعنا ونحن في غيَابة خيالاتنا سادرين في برازخنا، أنّ ثمّة من ادّعى أنه "مصطفى سعيد"! ثمّة مَن قال - ويا للعجب- إن "مصطفى" هو نفسهُ الرجل الذي أنشأه، أي هو "الطيب صالح" بشحمهِ الدنيوي ولحمهِ حين كان بينكم، كائناً يتجوّل في روايته منذ خروجه صَبيّاً ، وحتى بلوغه آفاق الشهرة الأكاديمية وقد مازجها بفحولة بدائية، محقونة بتاريخٍ من القهرِ المُستشري. وإني لأذكّرك أن ذلك القهر هو ما ابتدعته أوروبا ابتداعاً للسيطرة على الموارد في الأصقاع البعيدة. سياسة "التدافع نحو أفريقيا" والهيمنة الكولونيالية تلك، هيَ التي ألهبتْ نار "مصطفى سعيد"، فأردته قتيلاً / حيّاً ، في قريته القَصيّة في شمال السودان. لعنةُ الله عليك يا "ود الريس" ، فقد حمّلتني ما لا طاقة لي به، حتى وأنتَ مُضرّجٌ بدمائك، ونصلُ "حسنة" بين قلبك وخاصرتك . . !
    (3)
    أيّها الصّديق البعيد. .
    على قِلّة مَعرفتي بالرّجل، فقد أسرني أسْراً عميقاً ، وطافَ خيالي مَعهُ حينَ بهرني في غنائه المخمور مِـن قصائد سنوات الحرب المُهلكة، في تلك الليلة الفريدة ونحن نقتسم كؤوساً حملته إلى عمقِ تكوينه الحقيقي .هو "مصطفى سعيد" في ليلة سقوط الأقنعة . أحببتُ الرّجل واعتمدته صديقاً ، ورآني هو أيضاً صديقاً يُوثق به. لا أعرف لمَ طافتْ هواجسك حولي، تريد أن تستجلي أمري وإسمي وخلفيتي ، فكأنكَ تحسبني مُدلساً أو مُزوراً ، أو في أفضل ظنونك أنّي شبحٌ يتجوّل في القصة، بغير هُدى وبلا فعلٍ فيها ، إلّا حينَ يُريد لي "الطيب صالح" أنْ أتفاعل ،أوأنْ أخرج من حيادي البهيّ، دون أن تفضح حقيقة مشاعري، تلك الوقائع وهي تجري من حولي .
    لمْ ألحّ على مَن أنشأنا ، أنا و"مصطفى سعيد"، أن يكشف حقيقتي ، فلستُ من صنّاع القصة، ولا من حابكي وقائعها. لا، بالله عليك، ورأفة بي وبدوري المتواضع ، لا تتهمني زوْراً بمَا ليس فيَّ ، ولا تلحق بي " شبحية" لا أدّعيها، أو أسطورة لا يشرفني أن أكونها ، بل إنّي مَحضُ صديقٍ للرّجل الذي أنشأه "الطيب صالح"، قبل أن يلتقي بي ويُنشيء منّي بطلاً لا دورَ له في كتاب الهجرة إلى الشمال، وقد نشره أوّل مرّة في مجلة "حوار" ،والتي أنشأها بدوره ذلك اللبناني الجسور توفيق صائغ، وأعرف أنّ للطيب صديقاً سودانياً وأديباً ، عمل مستشاراً لمجلس المجلة، اسمه جمال محمد أحمد، لابدّ أن يكون له دور في نشر قصتنا عند اللبناني توفيق. أوّاه . . هذا ما تسمونه أنتم "وقائع التاريخ"، وما عندنا شيء مثله في البرزخ .
    ( 4)
    أيها الصّديق البعيد. .
    إنّي أحمل اسما مثل كلّ بني البشر، وقد استولدني في خياله صاحب "الموسم" في كتابه وظنّي أنّه يعرف اسمي، غير أنّهُ آثر إخفاءه لحاجة التبستْ عليّ، ثمّ عمّدني بعدها، راوٍ أراقب معه سيلَ الوقائع، قديمها الذي سمعتُ عنهُ، وحاضرها الذي شهدتهُ بعينيّ، وتفاعلتْ معه حواسي جميعها. أرجوك يا صديق، أن لا تُحدّث عنّي بلسان الشكّ والريبة، بل خذني إلى جانبك، مثلما أخذني "مصطفى سعيد" وفتح قلبه لي، وإنْ وقع ذلك بعد نحو كأسٍ أو كأسين من خمرٍ حافزة. ما همّك وما ضرّك لو أخفى اسمي صاحبنا الذي كتب عنا في قصته ورحل، فجميعنا في ساحة البرزخ نسعى هذه الساعة مثل فراشات النور، وقد نلتقي بك وبملتكَ من النّقاد والمُحللين، فنحظى بسمرٍ فردوسي سيحسدنا عليه ممّن معنا من الملائك . لن تجد بيننا إلّا الإنس السابقين ، أما الجنّ فقد آبوا إلى مخآبئهم بعيداً عن برازخنا..
    أكتب إليكَ وأنا أعرف أنّ صاحبنا الذي أنشأني راوياً في قصته، يسمع همْسي إليكَ الآن، ويكاد يضحك ملء شدقيه ، على أنّي لا أملك أن أصف لك كيف يكون الضحك في البرزخ، فالسرور وراحة البال، ليسا بمثل ما عهدناهما حينَ كنا في حياتنا الدنيوية معكم. لا. الحال هنا غير حالكم هناك. تعالوا إلينا ، أيّها الصّديق ، وخذوا مِن كتابةِ مَن أنشأنا، جُرعات استدامة وتمائم خلود. .
    ===


    جَمَال مُحمّد إبراهيْم
    [email protected]

    الخرطوم – 25 ديسمبر 2013


    http://www.sudaneseonline.com/articles-action-show-id-43755.htm
                  

12-31-2013, 09:38 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    ارتعاشات شتائية
    عبدالعزيز المقالح
    الخميس and#1634;and#1638; ديسمبر and#1634;and#1632;and#1633;and#1635;


    كنت في سالف الوقت
    أهوى الشتاء
    وأعشق فيه ضبابيةَ اللون
    سحرَ الغيوم التي تتمدد فوق الجبال على مهلٍ
    في زمان الطفولة
    كنت إذا جاء كانون
    أزرع في السطح ثلجاً
    من الماء،
    ثم ألوّنه وأحط عليه
    زهوراً
    وأحمله في الغداة
    إلى المدرسةْ.
    ***
    لم يعد للشتاء الجمالُ الذي كان،
    بل صار ذئباً
    يعضّ الأصابع والقدمين
    ويسري إلى القلب
    أيامُهُ كالحاتٌ
    لياليهِ عابسةٌ
    ليس فيها شعاعٌ
    ولا نجمةٌ تؤنس الروح
    في زمنٍ كالرماد
    وفي لحظة من سواد
    السواد.
    ***
    داكنٌ هو وجهُ الشتاء
    ووجهُ المدينةِ،
    داكنةٌ لغة الكائنات
    رماديةٌ هي ساعاتُهُ
    لا غيومَ بهِ
    لا سماء
    ولا من نجومٍ معلقةٍ
    أو فضاءٍ
    لا خصومَ على دربه المتجمد
    لا أصدقاء.
    ***
    في أول الليل
    في آخر الليل،
    -بينهما-
    يتناسل حزني
    ويورق في عتَمة تتجمّد فيها
    شرايين روحي
    على شجر الصمت
    يحترق الوقتُ
    تشتوي الكلمات
    على ناره الباردة.
    ***
    وفي آخر الليل
    حين تنام البيوت
    ويصحو الفراغ
    يراودني الشوق للناس
    أشعر أني وحيدٌ وحيدٌ
    وأن الوجود استوى مسرحاً
    للوطاويط
    تعبث في كل زاويةٍ
    وتطارد في قسوةٍ
    كل أمنيةٍ شاردةْ.
                  

12-31-2013, 09:40 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    أنا ابنة دم الكتابة
    وضحى المسجن
    (البحرين)


    وضحى المسجنما أسعى إليه غامض؛
    لذا أريد أن أكتب طويلاً
    كل يوم
    كل ساعة
    كل لحظة..
    إلى أن يُغمى عليّ،
    إلى أن أفقد أصابعي
    أفقد قلبي
    أفقد كل طيف يعبر أمامي،

    هكذا أريد أن أكتب
    إلى أن يفسد دمي،
    يجفل كل شيء مني،

    أستمر في الكتابة
    إلى أن تبكي حجارة الطريق
    تبكي قطة الشارع
    يبكي البيت
    وغرفة المكتب
    والكتب:
    مؤلفوها
    الناشرون
    القصاصون
    الشعراء.

    أكتب
    بلا توقف
    بلا رحمة..

    إلى أن يتأملني الجدار،
    إلى أن يكلمني الفراغ أو الظل،

    أريد أن أكتب
    إلى أن تنشب القصائد أظافرها في لحمي ،
    إلى أن يزّرق جلدي من الحبر والحلم والوهم

    عندها فقط يمكنني أن أضحك
    أجرّب الهدوء
                  

01-01-2014, 07:59 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    تحتَ لهاةِ الشَّمس
    إنجاز: نصار الحاج

    ديباجة


    الأدب السوداني، مثل كل كتابةٍ وُجِدَ منذ وقتٍ مُبكرٍ ضمن مسيرةٍ طويلةٍ لتطور وحيوية الكائن البشري وبحثه عن أدوات تعبير مختلفة لصيقة بوجوده وإستمراريته على الحياة ومتطلباتها المتنوعة.
    ومنذ القدم وُجِدت أنماط متعددة من أنواع الكتابة بلغاتٍ قديمة ورسومات ونقوشٍ وحَفْرٍ على الحجارة والصخور وأشكال مختلفة من المجسمات والأواني والمشغولات والقطع المعدنية وغيرها مما أظهرته البحوث والدراسات الأثرية وحفرياتها، كشكل من أشكال التدوين، وطالما هنالك كتابة هذا يعني أن هنالك أدب وإبداع يتعلق بتلك الحقب وتلك الجماعات البشرية وحضاراتها وثقافاتها وأشكال تعبيرها الجمالية.
    أو وفق مقولة كلوديل: نحن لا نولد وحدنا، الولادة في نهاية المطاف معرفة، كل ولادة معرفة.
    ليس المقصود بهذه الإشارة محاولة للبحث عن تاريخ أو إرث أو سلالة للكتابة السودانية بقدر ما هو يعني أن الكتابة الإبداعية ظلّت حاضرة ولها قيمتها ودورها التفاعلي والتعبيري منذ تلك العصور القديمة، أي أنها جزء من وعي الإنسان في هذه الجغرافيا السودانية وأدوات تفكيره وعناصر علاقته مع العالم.
    بهذا ظلّت الكتابة الشعرية والقصصية وغيرهما من أجناس إبداعية مختلفة تواصل إنجازاتها وتقدم تجارب مهمة ساهمت بدرجة عالية في مراحل تطور الكتابة وتعدد أشكالها وطبيعة همومها وإنشغالاتها على مدار تلك السنوات الطويلة وحتى لحظتنا الراهنة التي أنفتحت فيها الكتابة على مشاريع ومقترحات ناصعة ومتباينة ولا متناهية في الكتابة الإبداعية ومنجزاتها الجمالية وتجريبيتها الخلاقة.
    ظلَّ الأدب السوداني يتحرَّك منذ تلك الأشكال الأولى، يسير نحو المستقبل مطوِّراً في أدواتهِ وأشكالهِ وأنماطه الثقافية كعنصر فاعل في كل التحولاتِ والتغيرات التي حدثت في تاريخ وحياة الإنسان السوداني، إذ ظل المبدع السوداني منتبهاً وبيقظة عالية لكثافة وغزارة التنوع والتباين الهائل الذي يشكل إضافة حيّة وغنية لمكونات المجتمع السوداني والدولة السودانية وحركة الإنتاج الثقافي ودورة تطوره الطويلة، وكان دائماً أداة مؤثرة في كل المحطات الهامة التي شكلت تحدياً في هذه المسيرة الطويلة المشرقة في بعض جوانبها والقاسية والمؤلمة جداً في الكثير من أطوارها، والتاريخ القريب والراهن الذي نعيشه الآن، مشحون بسيرة الحروب، والشتات، والفقر، والجوع، والظلم، ومصادرة الحريات والكبت، والقهر، والنزوح، والهجرة، والشتات، والمنافي، والآلام اللامحدودة في قسوتها وبشاعتها، ومع ذلك بقي هذا الأدب من أهم أشكال التعبير التي عليها دائماً أن لا تركن للجاهز والمُستهلَك، وأن تقاوم الممارسات اللاإنسانية في سبيل ثقافة حيَّة ومجتمعات محتفية بأدابها وثقافاتها وفنونها المختلفة، وكان غالبية الكتاب منحازين بصلابة وشراسةٍ لقيم الحرية والديمقراطية والعدالة، طيلة الأزمان التي تراجعت فيها هذه الحقوق الإنسانية والمدنية والتي يشكل توفرها بيئة صالحة ومناسبة لتطور الآداب والفنون، وكل مجالات الحياة.

    أنخرط الكتَّاب في مقاومة كل أشكال القبح التي شوَّهت وخرَّبت وأفسدت الحياة ومقوماتها، كل بأدواته وقنوات المشاركة التي تستطيع أن تعبر عن رؤيتهِ ومشاريعهِ للتحرر وإنتاج واقع بديل أكثر جمالية وحريةً وإحتفاءً بالتنوع، والتعدد الثقافي والعرقي والديني، وثقافة الحرية والديمقراطية في مجتمع لا يمكن لطيفٍ واحد أن يحتكر حق إقصاء الآخرين وسفحِ حقوقهم بمجانية ورعونةٍ طائشة، وما زالت هذه المواقف النبيلة للكتَّاب مستمرة دون أن يفرِّطوا / رغم أشكال القمع والمصادَرة المتعددة / في الحرص والرِّهان على إنتاج كتابة حيّة تؤسِّس لوجودها وحياتها وفاعليتها بصبرٍ وصرامةٍ متحررة من كل أشكال الجمود والقوالب المتحجرة، محتفية بالمستقبل وكل منجزاتِ المعرفة ودروبها المُشرَعة نحو كل طاقة خلاقة ورغبةٍ جامحة في إكتشاف ومسائلة كائناتها ومخابئها وإرتياد مسالك المغامرة التي تفتح الطريق نحو اقتراحاتٍ جديدة في أرض الكتابة.
    بمرور سريع على هذه المسيرة الطويلة للأدب السوداني والضاربة بجذورها في فنون الإبداع والمعرفة المكتوبة والمحكية والشفاهية، نجد الكثير من الكتب والمراجع التي تناولت الأدب السوداني بالدراسة والبحث، وتَقَصَّت الأصول والمنابع التاريخية لهذا الادب وأنتجت قراءات ومقاربات له وفق مناهج متعددة وأساليب مختلفة تحفل بها المكتبات ودور النشر والوثائق في عدد من الأمكنة وعلى مدار العقود الماضية لكنها ما زالت شحيحة وقاصرة عن الإحاطة بكل ما أنتجه المبدع السوداني وخاصة في العقود الاخيرة من القرن العشرين وحتى يومنا هذا تضاءلت هذه المساهمات بدرجة كبيرة، بل حتى فرص وإمكانيات النشر في فنون الإبداع المختلفة من قصة وشعر و..غيرهما، تراجعت بدرجة، تشكل خصماً كبيراً جداً على تداول الكتاب، والمعرفة، والتوثيق، والتراكم الثقافي والإبداعي، وتأمُّل التجربة، وإعادة قراءتها والتحاور معها، كل هذا بعد أن رفعت الدولة يدها عن دعم الكتاب وطباعته ومدخلاته، مما جعل رصيداً هائلاً من الكتابة الجيدة والناضجة والجديدة مكدسة ومنزوية كمخطوطات لا تعرف طريقاً سالكاً للتحول إلى كتب لتشكل مساهمتها وإضافتها في العملية الثقافية والإبداعية وتُحظى بفرصةٍ أكبر في الحياة قبل أن تتلاشى في بئر النسيان، وشراكِ الإحباط القاسية التي قد تُدمر التجربة بكاملها وتقلل من حيويتها واستمراريتها وتراكمية تطورها وبنائها.
    أضف إلى ذلك إنعدام أو شح وضعف الدوريات والمجلات والإصدارات الثقافية المهتمة بالفنون والآداب المختلفة التي لو توفرت ربما تعوض قليلاً جداً عن هذه الصعوبات الفادحة التي تعوق طباعة الكتاب وقد أشار الناقد معاوية البلال في كتابه: (الكتابة في منتصف الدائرة)، في قراءته لقرار إيقاف مجلتي: الخرطوم والثقافة، في تسعينيات القرن الماضي، قائلاً:"أسئلة كثيرة أثارها قرار إيقاف المجلات ونكأ جراحات، كيف يفكر المسؤولون عن الثقافة؟، كيف نقدم الوجه الثقافي للسودان للآخرين؟، كيف نغيِّب منابرنا الثقافية عن القارئ السوداني والعربي؟، كيف نتحقق أن حل المشكلة الثقافية هو البداية الصحيحة لحل المشكل السوداني بكامله".
    نعم، حين تعادي الدولة الثقافة، تَنحَر بيدها بريق نهوضها ومساراتِ صعودها وتخليد ثقافتها ومعرفتها وحضارتها وذاكرة شعوبها، وعلى ذات الجهة يصارع المبدع كي يُشْعل قناديل عبوره لآفاق جديدة ويغذِّي نيران شهوتهِ ليفتحَ كمائن الحياة في جسدِ أحلامهِ المشعة.
    مع هذا الإنفجار والقفزات العالية والمتسارعة في الإنتاج الثقافي والمعرفي عموماً والتحولات الجذرية التي طالت عناصر الحياة كلها، من نظم، ووسائل التكنولوجيا والمعرفة والوسائط المتعددة التي أصبحت تشكل ماكينة تشغيل ودفع لكل مفاصل الحياة ومنتجاتها وأشكال التعبير المتعددة، وأنماط التواصل، والتبادل الثقافي، وهزيمة الأشكال التقليدية وشروطها البائسة، أصبح من الصعب في هذا الوقت الراهن التحدث عن كتابة أجيال كما كان يحدث سابقاً (جيل الخمسينيات، جيل الستينيات، جيل السبعينيات)، خاصة بالنسبة للعقود الأخيرة، حيث لم يعد الكتَّاب الذين برزت تجربتهم في عقد معين من الزمن عبر الإنحياز لنموذج كتابة محدد، وهموم مشتركة، وآليات تعبير وشروط كتابة معينة، هم ذات الكتَّاب وذات التجارب في عقد آخر من الزمن، التجربة نفسها للكاتب صارت أكثر تواصلاً وأكثر تحولاً، وأكثر عبوراً، وقابلية لتبَصُّرِ المعطيات الجديدة، والتفكير في المستقبل وتحدياته وإحتمالاته، وسرعة تناقل المعلومة، وتداول الكِتَاب وحركته، والكثير من التأسيسات النظرية للمعارف وحيوية الحوارات النقدية والتحليلية، والفتوحات الجميلة التي حققتها الكتابة، كل هذا جعل العقد من الزمن يستقبل سيول هادرة وكاسحة من المعرفة يعادل عشرات السنوات في العقد الواحد مقارنة بما كان يحدث في عقود سابقةٍ ليست بعيدة، والكُتَّاب عنصر مؤثر وفاعل بحساسية عالية تجاه ما يحدث من تحولات وإضافات، وتغيرات في أساليب وأشكال المعرفة، والمتغيرات الهائلة التي تحدث في حياة المجتمعات، مما جعل العقد من الزمن ليس مستقراً وثابتاً ومحافظاً على مقولاته ومنجزاته ومُكَرّسَاً للدفاع عن تجربة محددة أو تقليد معين أو ثقافة محددة ومنهج محدد في الكتابة ولم تَعُد المحافظة ميزة تَنْغَلِقُ التجربة الإبداعية في أسوارها حتى تكتسب شرعيتها في التعبيرعن جيل معين أو مرحلة أو خيار إبداعي محدد، بل أصبحت الكتابة حقل رهان مستمر على أن العالم يتغيَّر، والأفكار تتغير، والخيارات الفنية والإبداعية تتغير وتكتسب آليات، وأنماط، وأحلام جديدة، وتقترح ينابيع جديدة، وصلصالاً جديداً للنص، وحركة كائناته.
    من هنا تأتي هذه الأنطولوجيا في أفق واسع ونماذج وخيارات متعددة من الكتابة، تتحرك في فترة زمنية تقارب الأربعة عقود أو تزيد، وهو إنحياز لهذه العقود الأخيرة بما تمثله من حاضر ووعي بالمستقبل وإحتفاء مطلق بالكتابة كأداة تعبير خلاقة وفاعلة لا تقبل خياراً سوى الحرية الأبدية لمجابهة وهزيمة الخراب الذي يسعى للعودة بالإنسان إلى بدائية الحياة ومحدوديتها، ويسعى لحرمان الآخرين من المشاركة العادلة في عناصر الحياة وأدوات إدارتها التي تمثل حقاً للجميع دون استثناء، إنه إنحياز لكتابة أدركت شروط حياتها وإستمراريتها وظلّت تراهن دوماً على استجابتها وقدرتها على إنجاز إضافات وتحولات جذرية وعدم الركون لنموذج أبدي في الكتابة، إذ صارت الكتابة عصياناً حقيقياً للجمود والإنغلاق، وأفقاً كاسحاً نحو تطوير المفاهيم والحقوق الإنسانية كمعابر صلبة لتحرٌّر الكائن البشري وقدرته على تطوير أدواته وفق عصره وإحتياجاته، كتابة تنطلق من تجارب حيَّة في الحياة، والمعرفة، والزمن، ومعاصرة لتاريخ متحرك كالرمال، مشحون بالمفاجآت والوقائع غير السعيدة في أكثرها، كتابة تحيا وجودها، وتنتج مساهمتها بروح يقظة ورغبة جامحة في توطين الكتابة كمشروع حي وخلاق، يطوِّر إحداثياته ويعمل على مفرداته بجدية صارمة.
    الكتابة الإبداعية ليست ترفاً ونزهةً.. الكتابة ضوء يكشفُ العتمة أينما كانت.. الكتابة مشروع حرية وعشق للإنسانية في أبهى حالاتها وحركة حداثةٍ لا تتوقف أبداً.. الكتابة الحقيقة إبحار نحو المستقبل دائماً.
    إنحياز هذا الكتاب للعقود الأخيرة من عمر الكتابة ومنجزاتها في السودان لا يعني تجاوز وإلغاء التجارب الهامة والناصعة للكثير من الأسماء الشعرية التي شكّلت محطات وعلامات بارزة منذ البدايات الأولى وحتى التاريخ القريب، تلك النماذج التي أنجزت تحولاً نوعياً وقدمت مقترحات وإضافات لما هو سائد من أنماط الكتابة وإنشغالاتها وموضوعاتها ولغتها ومصادرها في تلك المراحل من عمر الكتابة، وهي تمثل إنجازات حيَّة وإرثاً حقيقياً في عملية التراكم، وتلاقح التجارب الإبداعية، والوعي بالكتابة.
    فأي مراجعة للكتابة الشعرية في السودان ستقف عند علامات هامة مثل محمد سعيد العباسي، التيجاني يوسف بشير، الناصر قريب الله، حمزة الملك طمبل، توفيق صالح جبريل، يوسف مصطفى التني، محمد محمد علي، ادريس جماع، توفيق صالح جبريل محمد المهدي المجذوب، عبد الله الشيخ البشير، حسن عباس صبحي، جيلي عبد الرحمن محمد عثمان كجراي، محي الدين فارس، تاج السر الحسن، محمد الفيتوري، عبد الرحيم أبو ذكرى، علي عبد القيوم، النور عثمان أبكر، صلاح أحمد ابراهيم، محمد المكي إبراهيم، مصطفى سند، محمد عبد الحي، عبد الله شابو.
    وحتى في المدى الذي غطَّته هذه المختارات نجد أسماء وتجارب مهمة لم نتمكن من تمثيلها في هذا العمل، حيث نجد في الشعر محمد نجيب محمد علي، محمد محي الدين، عبد القادر الكتيابي، يوسف الحبوب، عبد المنعم الكتيابي، إلياس فتح الرحمن، كمال الجزولي سيد أحمد بلال، محمد عبد القادر سبيل، بابكر الوسيلة، محمد عبد الخالق، مصطفى بابكر مهدي آدم، عبد الله الزين، عثمان بشرى، كلتوم فضل الله، عبدالمجيد عفيفي، خالد عبد الله السموأل محمد الحسن، محمد حسين بهنس، عالية عوض الكريم، الطيب برير يوسف بله محمد الفاضل، أبوذر بابكر، إشراقة مصطفى، أيوب مصطفى، رقية وراق ، نجم الدين علي حسن، الأصمعي باشري، إيمان آدم، محمد الفاضلابي، كمال عمر، محفوظ بشرى ابراهيم البكري، روضة الحاج.
    إذ تصدر هذه الانطولوجيا وغيرها من الأنطولوجيات الشبيهة التي صدرت والتي سوف تصدر بمبادرة من جمعية البيت للثقافة والفنون بدعم من وزارة الثقافة الجزائرية في إطار مشروع الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007، هذا مؤشر لمدى اهتمام ووعي القائمين والمساهمين في هذه التظاهرة بدلالات ومبررات مثل هذه الإحتفاليات، وإستثمارها في انتاج وتوثيق الآداب والفنون وغير ذلك من أشكال التأسيس، والتأهيل لمنابر ووسائط العمل الثقافي، ونحن سعداء أن تتاح للشعر في السودان نافذة للتبادل الثقافي والتوثيق ونشر هذه النصوص في كتاب يمثل وثيقة حيَّة ويمثل بادرة هي الأولى من نوعها لنشر كتابات شعرية من السودان كأنطولوجيا مكرسة لهذه النماذج تقدم تجارب متنوعة وثرية في الكتابة الإبداعية.

    نصار الصادق الحاج


    http://www.jehat.com/Jehaat/ar/Arabia/Sudan.htm
                  

01-01-2014, 08:06 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    بريد السماء الافتراضي
    حوار مع الشاعر محمود درويش
    and#9726;أنا شاعرٌ تقمصّي لمختلف الرموز والإشارات
    and#9726;الحريةُ في الشعر نوعٌ من الانتحار
    and#9726;التاريخ الفلسطيني متداخل مع الورق التوراتي
    and#9726;لكل امرأة نونُ نسوةٍ خاص بها
    كتابة وحوار :أسعد الجبوري


    محمود درويشقيل لنا إنه يسكن فيما وراء تلال الزئبق المنتشرة على طول الخط الأخضر.ولم يعثر عليه أحدٌ من صحبه القدامى.وقيل لنا بأن الشاعر المذكور يتكتم على محل إقامته في السموات،منذ أن بدأ بمراجعة قصائده وتصحيحها من جديد.ثم قيل أيضاً،إنه يأخذ دروساً بعلوم تفكيك الغرائز على سطوح أبراج خاصة ياليوغا،تقع فيما وراء حقول الأسلاف المنشورة في الضواحي الخلفية من مناطق التيه الأعظم.
    ومع كل هذا وذاك،لم تدم عمليات البحث عنه غير ساعات ،بعدها وصلنا إلى القصد،مثلما وصل هو من قبل إلى القصيدة صاخباً بدرجة عالية من الريح الصارخة من أيامه الأولى:سجل :أنا عربي..
    كان الشاعر محمود درويش،مطلوباً للحوار عن الشعر والموت والخطابية والصفصاف السياسي والخطوط الحمر والقفص الذهني والمنافي المُكررة هجرةً ومهاجرين. وموتاً وقتلى. وتعذيباً ومعوقين لم تسلم حتى أحلامهم الصغيرة من مغادرة تلك التوابيت التي أُعدت لها مسبقاً.
    عندما وجدناه في حديقة الفراشات والأشباح،جالساً على كرسي أمام فنان مستغرق برسمه،رأيناهُ جسداً بديناَ إلى حد ما.فلقد نال بحبوحة من الصحة. فيما اختفت نظارته الطبية عن عينيه،ليظهر له حا######## أشبه بسعفتين وقع عليها فعل التشذيب للتو.
    بينما كان رأسه معتمراً قبعةً من قبعات مشاهدي سباق الخيل التي عادة ما تظهر في مهرجان أسكوت السنوي لسباق الخيل في بركشاير القريبة من قلعة وندسور للملكة البريطانية.
    وما أن تفحصنا الشاعر جيداً وعن كثب، رأيناه مثبتاً ذلك السيجار الكوبي بين أصابع يده اليمنى ،بينما تأنق إلى جانبه من اليسار ،كأسٌ مترعة بنبيذ أحمر مع حبات من الفستق السوداني.
    لم نتحدث مع الشاعر محمود درويش مباشرة..تقدمنا خطوة وخطوتين،إلى أن وقفنا خلف الرسام .استطلعنا العمل الفني للرسام الذي كان منغمساً به بلذة واضحة .
    ولم ننتظر طويلاً ،فما أن انتهى الرجلُ من الرسم ومعالجة ذلك البورتريه على برنامج الفوتو شوب،حتى ظهرت للعيان صورة مليئة بجموع من المستمعين في احتفال ما،وهم في حالة من الهياج أمام الشاعر.اعترفنا بأن الفنان نجح بجعل البورتريه لوحة تستدعي التفكير،بعد أن دمج الشخصي بالعام .

    س/هل هي استعادة الرغبة من جديد ،ليشتبك الشاعر بجمهوره،كما تكرسها الصورة الآن؟
    ج/ذلك حلم سبق وأن تحقق على الأرض،ولا مانع من أن يتكرر بين طبقات السموات التي نحن بين صفحاتها.

    س/هل لأنك شاعر شغوف بالخطاب ،أم لا تريد أن تكون وحيداً في القصيدة،فتستدعي جمهوراً يخفف عنك وطأة الوحشة؟
    ج/لا يمكن لشاعر أن يدخل في مجرى الشعر دون بشر.هذا ليس اعتقاداً،بل هو أمر قائم على جدلية الصوت والصدى كقانون ربحي ،يستفيدُ منه الطرفان ،ليدخل كل منهما من ثقب المعني إلى الرغبة التي تنتظره في أعماق النفس.

    س/إذا كنت تعني بأن ثمة لذةً تُنجز لكل طرفٍ،فما جني القصيدة؟
    ألا تصبح قرباناً سيئاً لتلك العلاقة القائمة على الصوت والصدى،بغياب قوى اللغة الجمالية التي عادة ما تستغني عنها قصائد الخطابة لتربح التصفيق فقط على سبيل المثال؟
    ج/ومن قال بأن تعطيل ظل القصيدة –الجمهور- هو الشيء الذي يراهن عليه الشاعر .الفلسفة والبلاغة والمجاز والتأويل والمعاني العميقة ،قد تقدم نصاً بارعاً،ولكنها لا توقظ الشعوب المصنوعة بالأصل من الصدى العميق لصوت القهر والرماد والدمع والأنين.

    س/عندما كتبت الشعر للمرة الأولى،هل اعتبرت ذلك انتصاراً لك أم للغة؟
    ج/شعرت بأن ذلك الانتصار العفوي البريء لم يكن لي ولا للغة،بقدر ما كان لتربة الشعر التي وجدتها تحتل جل مساحات جسدي.

    س/وكيف كانت سقايتك لتلك التربة؟
    ج/لم أفكر آنذاك بالطرق التي يمكنني بها سقاية القصائد،لأن الينابيع التي كانت مخبأة في دواخلي ،كانت تفعل ذلك بشكل أوتوماتيكي .بعبارة أدق ،كان زمن الشعر الداخلي هو الذي أخذ على عاتقته تلك المهمة ،ودون أن يورطني بعمل من ذلك النوع؟

    س/وهل تعتبر عملاً مكملاً للعمليات الإبداعية ورطةً أو توريطاً؟!
    ج/ليس بالشكل الذي تتحدث أنت عنه.فما قصدته أنا ،أن تلك تربتي الشعرية كانت خصبة،وربما أية زيادة بالسقاية،ستتحول إلى طوفان يدمرني ويدمر القصيدة.

    س/ثمة من يعتبر التدمير جزءاً من عملية البناء الشعري.إعادة خلق للغة؟
    ج/لا .أبداً.التدمير في العملية الشعرية ،سواء الخاصة بأنظمة الشعر أو قواعده ،أو ذلك الذي يدمر من أجل التحديث في المعنى،إنما يقوض حقيقة كون الشعر خادماً للأهداف التي نكتب من أجلها.

    س/كيف يفسر لنا درويش ذلك؟
    ج/كل عمل يجرؤ الشاعر على بفعله ضد القوانين التي تؤسس للشعر أنظمته وترعى حياته،يعني في واقع الأمر تدميراً للأهداف التي يقوم الشعر عليها حياتياً.الدادائيون فعلوا ذلك.ثم جاءت السوريالية لتكمل التدمير،لتحل الفوضى بديلاً عنه.

    س/ولا يؤمن الشاعر محمود درويش بضرورة تحرير الشعر من الأهداف القصدية مثلاً؟
    ج/ لا استطيع الرد بالإيجاب.

    س/هل لأن الشعر الفلسطيني ولد في أقفاص المقاصد السياسية العسكرية،ولا يستطيع مغادرة تلك الالتزامات التي وجد نفسه أسيراً لها في ذلك القفص الكبير؟
    ج/ليحرر لنا أحدٌ الأرض، لنحرر لك الشعر من التزاماته الوطنية.

    س/ولكن ألا يمكن للشعر أن يطور من لغته وهو حبيس تلك الأهداف السياسية التي تنال من قوة الشعر وبلاغته ؟
    ج/أنا فعلت ذلك أولاً،فيما تركت الآخرين يغرقون بسياسة النص وتسيسه إلى درجة السبات.لقد لعبت بتلك الأهداف الصلبة ،وحولتها إلى نشاط جمالي داخل كل نص.

    س/ربما بسبب الجمهور؟
    ج/ماذا تعني؟

    س/أعني إنك في البدايات ،كنت خزاناً خطابياً للشعر المقاوم ،ومن ثم أدخلت نفسك في تحولات جديدة بطريقة عالية الجودة،دون أن تحرق المراكب مع العوالم الإيقاعية؟
    ج/ولماذا نهتم بحرق تلك المراكب مثلاً،إذا كان الباطن الفلسطيني يلتهب بتلك الإيقاعات ،أو يعيش على وقعها المهلك والمدمر يومياً.الإيقاع ليس ذنباً،ولكنه ما زال وليد الحروب المتكررة على الأرض ،ويرتبط بقوة الآلة العسكرية التي تحتل بلادي.

    س/وهل وجد الشاعر محمود درويش بأن الخيال حبل غسيل واهٍ لا يعول عليه تعليق قصيدة. لأنه شيء غير الإيقاعي،وبالتالي فهو لا يضيف للنص الشعري أية طاقات جمالية أو تعبيرية متفوقة مثلاً ؟!
    ج/أنا في قرارة نفسي متمرن حيوي على حبال الخيال،ولكنني لا أعول عليه.لأنه من الصعب عليك أن تؤسس للمستمع أو للقارئ عالماً طوباوياً،بينما قدمه تحت اللغم.

    س/كونه يُبعد عنك الناس ويُحجم كثافة التصفيق ؟
    ج/ليس هذا فقط،بل لأنه يُرهق القصيدة ويخرجها عارية من ثيابها .وأنت كما تعلم ،بأن الحشمة مطلوبة عربياً.

    س/ولكن الحشمة في الشعر ،هي الأمية في جانبها المظلم والمُدمر؟
    ج/الحرية في الشعر نوع من الانتحار أحياناً. تأكد من ذلك كما أقول.

    س/هل هي بمثابة الشيطان برأيك؟
    ج/وأهم من الشيطان نفسه،لأنها الصيرورة التي يستمر فيها كل بناء عبر التحولات العميقة.

    س/وتخاف على القصيدة فيما لو تستمر ؟
    ج/كل ما كتبته كان تعبيراً عن خواص ما تزال تئن في باطني.وأنا خائف منها حتى الآن.

    س/خواص تعمل ضمن نوع من الديالكتيك النفسي تقصد؟
    ج/أنا أعتقد بأن منشأ كل شعرية،إنما هو صراع خفي ما بين مختلف التيارات العاطفية والسياسية والاجتماعية .ولكن الكثير من الشعراء لا يدركون أن حقيقة الشعر هي بالأصل لاهوتية .وأنا تعلمت الشعر من سفر التكوين ومن الأساطير والألواح أكثر مما تعلمته من مدارس الشعر الواقعية أو الاشتراكية أو السوريالية أو الرمزية .

    س/هل من المنشأ الذي تحدثت عنه، يرى بعض النقاد بأنك وقعت تحت تأثير وسطوة التوراة والشعر العبري وذلك من خلال استعانتك بالإشارات والاقتباسات التي تقود إلى حقيقة من ذلك النوع الخطر.هل كنت متعاوناً مع التاريخ القديم،دون خوف من الحاضر ؟
    ج/لا أنكر بأنني شاعر تقمصي لمختلف الرموز والإشارات.لقد عملت على تشغيل محرك التاريخ ،وإطلاقه في كل قصيدة. فما من شاعر يقيم على أرض يتنازعها شعبان ويبقى بريئاً .والتاريخ الفلسطيني المتداخل مع الورق التوراتي ،يضع الشاعر في مكان سحري لإغواء الكتابة بتحديث المعنى القديم.

    س/ ربما لذلك قال عنك القس متري الراهب: إن درويش كان متعلقا بسفر الجامعة. وكان ملما بالعهدين القديم والجديد إلى درجة أنه وصفك بأنك كنت لاهوتيا.
    فهل تعتبر التوراة أحد مصادرك الشعرية؟
    ج/قد لا تجد مفراً من أن تكون قارئاً ملتهماً لمختلف الأسفار والأناشيد والأساطير.ثم،وبعد مرحلة الهضم العظيم لمختلف ثقافات العهود الغابرة تلك،يأتيك يوم التأليف الجديد على غرار ما لمسته من كل ما مر وما غاب من تاريخ ما بين العهدين القديمين،وبطريقتك الخاصة.
    لذلك فإذا كنت منغمساً بالتوراة ،فذلك يعني إنني منغمس بالرب الواحد الأحد .وهذا يعني أن بداخل كل إسرائيلي فلسطيني ،مثلما بداخل كل فلسطيني إسرائيلي.

    س/وماذا يفعل أحدهم بالآخر.أقصد في ذلك الداخل الملتهب دماً ونارا؟
    ج/نفس ما فعله الأنبياء بتاريخ الأرض من قبل.فكل نبي كتب الله بطريقته الخاصة.
    الأديان على الأرض واحدة،لكنها تختلف بأساليب وضع النصوص ليس غير.

    س/وماذا عن الدم الملتهب في تلك الأجساد المتصارعة. أقصد الدم الذي فشلت الأديان بتبريده أو إخماد ناره؟
    ج/لا أتصور بأن الله سيرسل لنا نبياً من أجل أن يوجد لنا حلاً مع الإسرائيليين.لذلك فسيُعالج الدم بالسياسة .

    س/ولكنك سبق وأن رفضت التفاوض السياسي مع الآخر،كما ورد ذلك في قصيدة (عابرون في كلام عابر) !!
    نعلم بأن ثمة تراجعات سجلت حول تورطك بكتابة تلك القصيدة،ولكنها هي الأقرب للواقع من كافة أشكال التفاوض مع إسرائيل.
    فـ ((يوسي ساريد هو وزير التعليم الإسرائيلي السابق الذي اقترح في الكنيست عام 2000 تدريس قصيدتين لدرويش اختيارياً في مناهج التعليم الإسرائيلية. ذكر في الحفل أنّ الشاعر الراحل عبّر على مسامعه عن «ندمه» لكتابته قصيدته «عابرون في كلام عابر» في 1987، و «تبرّؤه» منها، لأنه لا يحبها وكتبها في «لحظة غضب، وحقّ الغضب مكفول للجميع». وكما قال ساريد: أن درويش أبلغه: «أنتم لن تذهبوا إلى أي مكان، مثلما أننا لن نذهب إلى أي مكان. نحن هنا لنعيش معاً)).
    ج /ما وجده النقادُ بشعري من تعابير وجمل شبه كاملة كمقاطع من كتاب التوراة،إنما كان استخدامها بهدف تحطيم نرجسية الفلسطيني كمالك وحيد للأرض.فأنا أعتقد بأنك إذا ما قمت بفحص الحمض النووي ((DNA)) لتربة فلسطين ،سيظهر لك وجود طين جُبلَ بدم مشترك ،وبذاكرة موصولة بالجانب الآخر من السكان .

    س/هل تعتقد بأن على الشعري أن يفاوض قبل السياسي؟
    ج/بكل تأكيد.فالشاعر قد يتضمن السياسي بشكل مطلق،ولكن السياسي لا يحتوي الشعري أو يتضمنه.بعبارة أدق:في كل شعري نواة سياسية،فيما من النادر أن تجد عند كل سياسي نواة شعرية.

    س/ولكن على من يفاوض الشاعر عادة؟
    ج/على تدفق كلماته في التربة،من أجل أن لا يكون الوطن طيناً فقط. نريده قبل ذلك لغةً يكثرُ فيها العسلُ والزنبقُ والحبُ .لغة غير قابلة للمحو.

    س/هل يُشغل بال محمود درويش موضوعُ العدم كما نجد ظلال ذلك في نصوصه؟
    ج/أعتقد بأن موضوع الموت أو العدم،إنما هو حاضن استراتيجي لكل نص يحاول البقاء في ذاكرة الشعوب أطول فأبعد.فالشاعر،وإن يستنكر التدخل المباشر للفلسفة في الخلايا الشعرية،لكنه طالما يختبر لغته من خلال الحضور الخفي لتلك الفلسفة في الشعر.
    لذا فتذكير الحياة بالموت ،هو حضور للروح أو تحضير له ،كي يكون الروح مع بقية مواليدها في عمق النص،مثلما هو طيوف موجودة في بعض مناطق الجسد الفريدة.

    س/هل تعتقد بأن الشعر عدمُ العدم؟
    ج/هذا صحيح.ولكنه يتحقق بشكل شيطاني لذيذ. فليس أعظم من العدم الشعري في قارئ غبي عابر.وليس أهم من أن يلف العدمُ مخلوقات طاغوتية كريهة ،تنجبها أنت في النص،ولا تعرف كيف تتخلص منها،لأنك لا تريد ممارسة أي نوع من الجريمة ضد خصومك داخل اللغة.

    س/ألمْ تمارس الجريمة في تاريخك يوماً ؟
    ج/كل كتابة كما أعتقد،هي نوع من أنواع الجريمة ،أحياناً بحق الحب،وأحياناً بحق الدين أو التراب أو اللغة أو الشيطان أو سفر حزقيال .

    س/ثمة من حاول النيل منك،وأسماك قاتلاً للفنان ناجي العلي.أليست تلك جريمة؟!
    ج/التفاصيل والشروح التي عادة ما كان يهمش بها رسومه الكاريكاتورية هي من قتلت ذلك الفنان.

    س/وليس النزاع الذي كان بينكما مثلاً:أنت تحت عباءة الزعيم عرفات،وهو تحت خيمة المنفى التي كانت بلا سقف ؟
    ج/ليس أمامي إلا احتقار تلك الظنون والاتهامات .محمود درويش لا ينكمش أو يصغر أمام كائنات ذبابية ليس لديها ما تفعله غير صناعة الطنين ونقل مكروبات الأمراض.

    س/وهل تخاف على الشعر من الأمراض ؟وما هي برأيك المكروبات الأشد خطراً على الشعر؟
    ج/سوء الفهم.

    س/هذا يقودنا إلى الوقوع في فخ التبسيط الذي هو في جوهره قتل للنص ،مقابل لذة التصفيق. فهل يسعى درويش إلى إدامة الشعر الخطابي،وتكريس عبودية من نوع خاص.
    ج/العبودية التي تحدثت عنها ،تعبير جميل.وهو ما سأمضي به حتى في هذا العالم الآخر.فقد لا يحتاج الشاعر في بعض الأحايين إلا إلى قارئ غبي ومستمع كامل الدسم بالأمية.

    س/يعني أنت تختار الأيادي وتنفرج بالعقول الفارغة مثل قناني الكوكاكولا؟
    ج/لقد منحني تصفيق المتلقين السياسيين وفاقدي الحريات بطولات يحلم بها كبار الشعراء.بعكس المثقفين تماماً.فهؤلاء سرعان ما يتحولون إلى نقاد يحملون بأيدهم السياط لجلدك والاقتصاص من النص حتى لو كان من تأليف الملائكة.

    س/ولكن ألا تعتبر نفسك كبيراً بما فيه الكفاية؟!
    ج/ما من كبير ويتنازل عن كومة الأحجار التي يقف عليها منتشياً وهو يلقي بشعره.الارتفاع الأدبي ضرورة لا يمكن أن تكتمل إلا بسذاجة عوام الشعوب وبساطتهم المتناهية .

    س/ألا يحمل هذا الرأي شيئاً من التحقير للمتلقي؟
    ج/لا يمكن للشاعر أن يتعامل مع القوى الباردة –أقصد المتلقين- باحترام فائض القيمة.عليك أن تكون مهيمناً ليس على الكلمات وحدها،بل على من يحملون تلك الكلمات في نفوسهم أيضاً .

    س/ الحمّالون العبيد!!
    ج/ليس بذلك المعنى الدقيق،ولكن من يتعامل مع شعري،على ظهره أن ينوء بحمل ما في الشعر من صخر وأحلام ومشانق ورصاص ومراكب .

    س/هل أوصلتَ صخرتك إلى أعلى الجبل كما تعتقد؟
    أم صخرتك شبيهة بما كان عند سيزيف ،ما زالت بتساقط مستمر لتعذيب القدمين؟
    ج/أنا لم أحمل صخرة شبيه بصخرة سيزيف في يوم ما.أضحك من كون الأخير ، مارس التعذيب المازوخي بحق نفسه.كان عليه أن يحمل الصخرة الكبيرة بخياله،وينقلها صعوداً،حتى تكتمل المهمة.ويقبض جائزة العتالة.

    س/ولكنك قليل الإيمان بالخيال،ولم تجعله يوماً ركناً من أركان شعريتك! فكيف تطلب من سيزيف ذلك الفعل،وتحجره على نفسك؟
    ج/الخيال بئر علوي بلا حدود ،وأنا طالما خشيت من التعامل معه بحذافيري الشعرية.الخيال نظام اللا نظام .إنه متعة تجعل اللغة طيراً لمحاكاة الأساطير المبتكرة.فيما شاعر اليوم محطم ،ويكاد يعيش على فضلات الواقع وحدها.
    بعبارة أدق،الواقع الضيق المر العدمي عند شاعر اليوم،انتزع منه الخيال بشكل مبكر،لا بسبب صعوبة مدارسه،بل لأنه يشكل نوعاً من الاضطراب للنص .الناس في عالمنا العربي غير خياليين ،ولا يؤسسون حياتهم الأدبية على أسس من ذلك النوع.

    س/أليس من مهمة الشاعر أن يقود القارئ إلى عوالم التنبؤ والحلم ؟
    ج/ذاك كان في زمن العالم الرومانسي.يوم كان الهدوء والحب من سمات العصور القديمة،وليس كما تتطاير الرؤوس بحق في الشوارع.العصر الدموي هذا ،لا يعني غير استشراف للموت الكلي.المدن العربية راهناً،لا تنجب غير هلاك سكانها بشكل مروع وعام .

    س/هل تعزو ذلك بسبب الرياح الناهضة من المدافن الأصولية أم ماذا؟
    ج/أجل.فالإسلام السياسي سبق جميع ديانات الحضارات في التاريخ ،بدءاً بالحضارة السومرية والمصرية القديمة والفينيقيه والاغريقية والرومانيه، وذلك عندما حقق نقلة نوعية في العنف والتقتيل لا مثيل لها عند شعوب الأرض من قبل.
    نحن لم ننس بأن مختلف الديانات وحركاتها السياسية،قد مرت بمراحل وصراعات،ولكنها لم تكن بهذا القدر من العنف المخيف والإبادة العلنية التي يمارسها الأصوليون والتكفيريون والجهاديون والحماسيون اليوم.

    س/هل تعانون في السموات من أوضاع شبيهة بما يعانيه أهل الأرض؟
    ج/أجل.فبعد أن حاول البعض ابتكار ديانات جديدة خاصة بأهل الجنة،لم تلق دعواتهم تلك إلا الاستهجان ،لأن الناس هناك يعيشون في ثمالة مطلقة،لا تعكرها سيوف المذاهب ولا تحط من شأنها أفكارُ شياطين الفراديس الجدد،ممن تم القبض عليهم وأودعوا جهنم بشكل قانوني.

    س/وأين محمود درويش .. هل هو في الجنة أم في النار؟
    ج/ما زلت في المنطقة الوسطى كما ترى.لا هنا ولا هناك.فالشعراء الذين هم من صنف الشيطلائكة،عادة ما يتم الاحتفاظ بهم في الترانزيت الإلهي الذي نحن فيه الآن،وإلى أن تكتمل صورة كل منا عند ربه.

    س/هل ارتبطت بعلاقة حبّ مع حورية في هذا المكان؟
    ج/ليس بعد.

    س/ربما وجدت من ينتقم منك الآن، من كثرة قصص الحب التي عشتها على الأرض؟
    ج/ومن قال لك بأنني عشت حباً أرضياً،ليُطرح عليّ سؤلاً بهذا الحجم؟

    س/لكن تاريخك الأرضي،كان ممتلئاً بنشاط لتجارب غرامية وجنسية كما كانت الوقائع تشير!!
    ج/لقد دخلت مراثون من التجارب المختلفة ،دون أن أحصل على حب بالمعنى الشمولي .كنت هدّاماً سريعاً لكل ارتباط غرامي.

    س/لماذا جرى ذلك؟
    هل بسبب نرجسيتك التي ربما تتفوق بها على نرجسية المرأة مثلاً؟!
    ج/قد يبدو هذا الاستنتاج صحيحاً.فالشاعر الذي كان بداخلي،إنما هو بتكوينه الأعظم أنثوي،بما يمنع المرأة من أن تتمترس في مناطقي العميقة.

    س/وتلك الزيجات.. هل كنّ ضمن ملف التجارب الفاشلة أيضاً ؟
    ج/لقد ورثت الفشل في الزواج من نجاحي في الشعر.وبالاختزال ،فانا لم أتزوج غير واحدة:رنا. ولكنها لم تخلصني من حداثة نرجسيتي وضلالاتها،فانتهيت والحب بشيخوخة مبكرة .

    س/ولكنك في ردك هذا تخون للمرة الثانية والثالثة والرابعة زوجات أخريات ؟
    ج/يمكنك اعتبار البقية من ((حريم السلطان)).

    س/هل تعتبر الحب كابوساً مرافقاً للشاعر .يفرض السيطرةَ عليه تأليفاً وتعشيقاً حتى حدود الدمار؟
    ج/ليس كل حبّ قابل للتحول إلى كابوس من النوع الذي تتحدث عنه. ولكن لكل امرأة من النساء نون نسوة خاص بها.وتلك هي الشيفرة التي على الشاعر فكّ رموزها وإشاراتها وأرقامها.

    س/وماذا بعد عمليات تفكيك تلك الشيفرات مثلاً؟
    هل تستعيد النون عملها بأجساد النسوة؟!
    ج/عند يتمكن الشاعر من بلوغ تلك المرحلة،سيحدث التطور الأعظم في العلاقة ما بين الطرفين،وذلك من خلال حضور القوّة السامية التي تدمر الجسدين ،ومن ثم تعيدهما في جسد واحد مشترك لممارسة مختلف الألعاب .

    س/وأين سيكون الشعر من تلك الحالة:تحت السرير ؟
    ج/نفي الحب عن الأمكنة الخطرة كالشعر أمرٌ صعب.لذلك فأنا أجد الشاعر من المنتمين المبكرين لتلك الجينات الخاصة بالحب وتوليفات الغرام .فالحبّ يتعلّم من الشعر كيف يكون بليغاً ومؤلماً ولذيذاً وشفافاً وصاحب كآبة نبوية.

    س/ألا تعتقد بأن هدف الحب في الشعري،إنما يتعلق بشأن واحد،هو توفير الاضطراب للشاعر كطاقة،تخدمُ في أثناء عمليات الخلق؟
    ج/الاضطرابات الشعرية التي تحدث في أثناء عملية التأليف، ليست حذلقة،بقدر ما هي تصحيح لمسار النص من الانحراف عن السلوك الواقعي ،أو السقوط بالركاكة.
    جلّ شعري استفاد من تلك الاضطرابات التي مررت بها في حياتي،فكنت أكتب كل يوم بمعنى مختلف عن الآخر.

    س/ هل أسست لعلاقات نسويه في العالم الآخر.هنا؟
    ج/لا أبداً.فما زلتُ مصدوماً من موتي المبكر؟

    س/ولكنك الآن أقل ألماً وخوفاً مما كنت فيه هناك:الدنيا !
    ج/لا تظن ذلك.فأنا ما زلت مرتبطاً بآلامي حتى اللحظة.وإذا كانت الدنيا لغماً سيحمله الكائن البشري معه إلى مثواه وحتى يوم يبعثون،فأن الآخرة بكل ما تحمل من مشاريع وتفاصيل وعقوبات محتملة ،ستكون مكاناً قابلاً للتفاوض.

    س/للتفاوض مع الله؟!
    ج/ أجل .فالربُ لا يستنكف من الاستماع لشكاوى كائناته التي خلقها على الأرض، سواء النملة أم الديناصور .مارغريت تاتشر أم هند رستم. ستالين أم الجاحظ.
    عالم الموتى زاخر بالعظماء وبالمختلفين أكثر مما هو في خزائن عالم الدنيا الآن .

    س/ هل ترابطتَ في علاقات مع أرواح هؤلاء؟بل ومن هو الأقرب إلى قلب محمود درويش في منازل الآخرة؟
    ج/ لم أحصر علاقتي بواحد منهم.لذلك فأنا هائم بين الجموع ،وأقرأ عليهم قصائدي،فيما هم يبكون ،نادمين على زمن أنفقوه من حياتهم على الأرض.لكن هذا لم يمنع من تطور علاقتي بالسيد فرانز كافكا وحافظ الشيرازي.

    س/علاقتك بكافكا قد لا يزاحمك عليها أحدٌ،ولكن توطيد الصداقة بالشيرازي،سيثير غيرة الشاعر عبد الوهاب البياتي الذي كان غارقاً بحبه لذلك الرجل .ألم يحدث شيء من ذلك القبيل؟
    ج/لم أتلمس شيئاً من ذلك.فأنا والبياتي لم نلتق بعد.سمعت إنه ما زال ضالاً يبحث وراء جلجامش في الطابق الخامس من تلك السموات.أعتقد بأن الشعر هو من يدفعه ويدفعنا لبلوغ مراحل التيه القصوى في كل زمان ،مهما استبدلت الجغرافيات أثوابها من الأمكنة.

    س/ هل ثمة وجود للمدن في هذا المكان ؟
    ج/لا أرى أهمية للشعر دون مدن.لأن الشعر والمدن طرفان يتبادلان الأدوار نفسها في منح الشاعر الطاقة للخلق.أنا مغرم بالمدن.

    س/ومن المدن الأهم عربياً :القدس .بيروت.دمشق .بغداد ......؟
    ج/بيروت هي الأقرب حتى الآن.أنها مدينة بأكثر من قلب وبأكثر من سماء.وقد وجدت فيها ما فوق الدفء .

    س/سريراً أم سلطةً؟!
    ج/بيروت قتلت المنفى في رأسي وفي جسدي.هذا كل ما يمكنني التعبير عنه.وعنها كطبيعة للتجليات وكمفتاح للعبور من ممر النفس الضيقة إلى مساحة الشعر الشاسعة.

    س/هل ترى الشعر منجزاً أو مُحققاً للرغبات وحدها؟
    ج/الشاعر جامع مهووس للشهوات،ومستهلك سريع لها.فكثيراً ما نأخذ نحن دور هواة جمع الطوابع فيما يخص كل رغبة تتعلق بوفرة الجمال.
    فالشعر كما أرى لا يشبه إلا الطاحون في أعماله،قلقهُ يلتقط ويفتتُ حتى حدود الطحن والذرى.
    هذه الفلسفة الشعرية ، قد تبدو غامضة في بعض الأحايين. ولكنها جزء فني لا يمكن للشاعر التخلي عنه.لأن الشاعر مستهلك أول للرغبات كونياً.وكأن أصل الرغبة شعر بالأساس.

    س/ألا ترى بأن الشاعر يفعل كل ذلك لأجل التخلص من التراكم الشعري ؟
    ج/ الشاعر كما أعتقد ،هو خلاصة شعراء وفنانين وفلاسفة وعشاق مروا على الأرض أو اخترقوا الذاكرة.إنه بالضبط ،تلك التربة صاحبة الجيولوجيات المتعددة التي وإن تحمل فلزات مختلفة،لكنها تعد جوهر النار .لذلك فلا أضمن بأن كل شاعر يستطيع التخلص من التراكم الشعري للأسلاف.ثمة شعراء يعاصرونك بالقوة السلفية دون تدخل هام للحداثة في ما يكتبون.وهناك أيضاً،شعراء رؤيويون قطعوا كل مشاركة مع الماضي،منتقلين إلى المستقبل، ومغامرين بالكتابات التي لا متن لها ولا سند ماضوي.

    س/الشاعر شيطاناً..هل يوصف بمثل ذلك العنوان الأرضي في الآخرة ؟
    ج/ليس أشدّ كثافة من وجود الشعراء في الفراديس . لأنه كائن تنبأ .ولأنه صاحب سلسلة من التجليات والتأويلات الخارقة التي كسرت التابو الديني،وأدخلته بسباق مع رجال اللاهوت وكتّاب المذاهب ،وذلك عندما تناول موضوعات ما في الجنة والنار،بما سمح للظلاميين النيل منه،باعتباره خارق لتلك الأسرار التي تعد من الخطوط الحمراء .

    س/ تعني أنه من الفائزين بأكبر كتل الذنوب التي عادة ما ينالها مالكو الجرأة الزائدة؟
    ج/الذنوب التي يتحدث عنها أهل الأرض هي غير المُصرح عنها هنا. ويبدو أن اللعنة قد انتزعت عن الشاعر الشيطان تماماً.

    س/تعني إنك مُفرّغ من ذنوبك الآن؟
    ج/هذا إذا كنت مذنباً.

    س/هل تتم للشعراء عمليات تنقيح من الذنوب هنا مثلاً؟
    ج/ربما.ففي هذا العالم الآخر،ثمة قوة لمنع تمدد العقل السلفي للسيطرة على طقوس الجنة ،أو استعباد البشر بظلاميات التفكير التدميري في مختلف الفراديس الأخرى.
    القوة تلك،تعمل ضمن مبدأ(من خرّب الأرض بسوء التأويل والتحليل الضالّ..لا يمنح سلطة لتخريب السماء حتى لو كان وزن عمامته طناً ).

    س/هذا يبعث الطمأنينة في قلوب الشعراء.ويُحسن موقفه من كل ما قيل ضدهم بواسطة النقد الديني.هل تعتقد بذلك؟
    ج/ الشعر بظني محركٌ للجوهر الإنساني ورافعٌ لقيمة المخيلة في تشكيل الوجود وصناعة أدواته.وهو إن بقي حيّاً وناشطاً في مهماته المشار إليها،سيقوم ببناء عالم موازٍ لعالم الخارج في داخل الإنسان ذاته.

    س/ولكنك غير ممعن بالخيالي في شعرك.فهل ذلك يعني أن قيمة الشعري اللاخيالي ستنضب سريعاً،لتتحول فيما بعد إلى تراث كتب فقط؟
    ج/ثمة من يراهنون على أن شعري في غالبه العام ،ليس غير بناء سياسي مغلف بالفن،وإن جمالياته سرعان ما تزول بزوال الأحداث. ربما سيحصل ذلك في بعض مفاصل شعري،ولكنه لا يُعمم على كامل تجربتي الشعرية،ذلك لأنني حاولت أن أكون حارساً للصورة وللجماليات التي يتضمنها المجاز والبلاغة والروح الفلسفية التي تقدر على أن تُبقي النار في القصيدة ملتهبةً بشكل مقنع، بحيث لا تضطرني لغتي تلك إلى الخوف على جسد الشعر من البرد.

    س/وجسدك الآن؟
    ج/ما زلت مريضاً.ولم يشف قلبي مما كان فيه من علل.

    س/ألمْ تجد راحةً في الموت ولا في ما بعده؟! ألا يبدو الأمر عجيباً ؟؟
    ج/الموت ختمٌ ،ما أن تُمهر به ورقتك عند نهاية الخط الفاصل في ذلك البرزخ،حتى تطير ضاحكاً ،وأنت تتعقب روحك بين أكوام الغيوم.

    س/هل يحدث ذلك ضمن فوضى عظيمة لمختلف الأرواح مثلاً؟
    ج/لا. لا . فأرواح الشعراء ،لهم خط خاص، يبدأ من برزخ اللغة وحتى محطة التيه الخاصة بقراصنة الصور وبالنبوئيين وأصحاب المخيلات المخلوعة الأبواب والنوافذ.

    س/لقد اختفيت عن الأرض دون أن تكتب قصيدة النثر .هل ستراجع قرارك وتكتبها هنا؟
    ج/ ربما .ولكن ليس قبل تحويل أوراقي إلى مفتي الجحيم.
                  

01-04-2014, 08:53 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    قصيدة «الصبح»
    علي الدميني



    لقد تأخرت حتى ملّك الأرقُ

    واخضلّ، من حزنه، في قلبي الورقُ

    شربتُ من ماء زمزمَ، والفرات، ومن

    بردى، فما أُطفئت في قلبي الحُرَقُ

    أشدو على «الناي» أحزاني وفاتحتي

    و حيثما لاح برقٌ، رحتُ أبترقُ

    لقد تأخرت، يا صبحاً عليه دمي

    حتى اصطفاني، الندامى، النار والغرقُ

    كم انتظرتك، طفلاً، أثقلت كتبي

    حقيبةَ الظهر، و ارتهنـَت لها العنقُ

    وكم رسمتك في شرخ الصبا قمراً

    تلهو الصبايا على خديهِ، و الشفقُ

    حتى تجمّد «وعد» العاشقين على

    غصن «المشيب»، فلا صاحٍ ولا أرِقُ

    يا سيدي "الصبح" من يحصي قوافلنا

    على "السراط" إذا ما اعتمت طرقُ

    و من سيكتب أوهاماً حلمت بها:

    أن يستفيق "المعنّى" حين يختنق ُ

    و يخرج النيل من " تابوته" طرِباً

    ينمو السؤال على زنديه و " القلقُ"

    يا سيدي كم شربنا الريحَ داليةً

    من فضّة الفجر حتى يأفل الغسقُ

    وكم رسمنا على الساعات موعدنا

    وكم لبسنا المنايا، و الهوى " رَمَـقُ"

    لقد تأخرت، لكني أرى وهجاً

    من طيفك الغض، يعدو خلفه الأفقُ

    فالأرض ترقص، لا البركان غازلها

    بنهر شعرٍ، و لا الكتّاب إن نطقوا

    والناس تخرج من أكفانها فرحاً

    و يهجر الموتَ، مَن ماتوا، ومَن أبـِقوا

    الله .. كيف استعاد الحُلْمُ مهرته

    بين الملايين؟ "إنّ الحلم ما عشقوا"

    هذا هو "الشعب" إن أزفت إرادته

    غنّى له ( الكون) وانفتحت له الطرقُ


    http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/306857
                  

01-04-2014, 09:01 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    تصعيد
    نجلاء عثمان التوم



    (1)

    بهجة في الحافر
    بهجة مبصرة وتستمر
    أليست اللقطة التالية موجعة ؟
    لماذا يجلجل القطن في الحقل في الليل في الصمم ؟
    بهجة محفورة كاملة الأهلية
    وذوبان تائه في البهجة
    اللهم اجعلو خير !

    (1)

    موبقة مهلكة صغيرة : كل كلمة لم تخض ولم تسحق بالاعراض مرة وبالتعرض مرات .


    (1)

    سألته عن قلوبي هطل المصهور.


    (1)

    أركض ُ في مادة الزمن
    عكس أوبرالياته الشهيدة
    أركض بينه
    منزوعة الجسر وعاطلة كجناح يسقط من ذهان الملائكة.



    (1)

    هرم ٌ من التصاريف في حاشية من اللحظة


    (1)

    يسألونك عن الروح : جسد في دينونة الغابة لحظة يؤمها البرعم ؛
    أخرج بك اليهم
    ولا أتكلم ولا يحزنون



    (1)

    كل شيء يصعب ُ تفاديه لا يحدث؛
    ما يستقر هو خميرة الظن:
    الحروب الخفية الفاشلة بين كلمة و اله موشك يفنيها.



    (1)


    أشفى من الحقل وأغرس شجرة أخرى ؛ في الحقل .





    (1)

    نكايةً في الأمل : أدق على كل باب
    أنا جثتي؛لا تفتحوا لي .
                  

01-04-2014, 09:06 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    الشعر
    حامد بن عقيل




    في طريقٍ متعرجة
    وعلى امتداد الأيام نحو البحر
    يترنحُ طفلٌ مخموراً برائحة الشِعر.
    قيل إنه رآه، يركل أمواجاً على رمالٍ جافة ويبحث عن أطفال أغبياء
    وحدهم من يوافق على المغامرة
    ووحدهم من يبكي داخل صدره الحزين لبقية الدهر.
    الشعر؛ الكائن العملاق بعزيمة ديناصورٍ ينقرض فيك
    كخلايا السرطان يرفض الموت
    ويتمدد مبهوتاً من القبح
    يحارب في مكان خاطئ لأجل قضية لا وجود لها.
    ذلك اليوم
    وفي ظل صوتٍ يشبه الفتاة بدأ النبي بالتأمل
    قطف جذعاً من شجرة صحراوية جرداء
    كان قلبه يخفق وصلواته تنزف لوناً رمادياً يشبه دماء المحاربين
    كانت عينه اليمنى ضوءاً خرافياً بينما انطفأت اليسرى فجأة
    قال لنفسه: قطعتُ إذاً نصف الطريق إلى النهاية.
    عندما تذكَّر الطائر البحري سكتَ طويلاً
    ربما كان العويل آخر إشراقات حياتي
    ربما سأطلق الرصاص على هذه الطاولة قبل أن تحملني بعيداً
    ربما أستطيع كتابة قصيدة من سطرين:
    دون وردٍ أو دموعٍ ######ة؛ إدفنوني هناك
    تحت الرمالٍ المحروقة التي يحفها موجٌ دائم القلق والترحال!.
                  

01-04-2014, 09:08 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    مثل دوامة تجذب إعصارا
    حمدي إسماعيل




    "أيتها الألوان أنتن دموع"



    هايكو












    1


    في مقبرة
    "الذي كان يجب أن يكون "
    بحكنة الأحلام إبتسمنا
    و زرعنا ياسمينة


    2


    فعليا
    هو خارج من قائمة العاشقين
    لأنه وضع نفسه موضع الشك و ارتكب
    قصيدة


    3


    لن يخلصه
    من زحام شياطينه الظرفاء
    غير قانون
    تطلقه حكومة الأقلية


    4


    كل الذين تحيزوا ضده
    كانت
    اكثرهم صرامة و عمقا
    " قلبه النابض"


    5


    بقدح من أكاذيبها المعتقة
    أبدأ طقس الحب
    الذي يتلبسني
    شيئا فشيئا


    6


    نصحتها بتقصي الحقائق
    قبل شروعها في قلبي
    فقالت:
    هل أضمن
    غير الرغبة في عينيك
    قاطعة ؟


    7


    كمن يتأمل في لوحة لبيكاسو
    على أطراف أصابعي
    وقفت
    إنحلت عقدة قلبها أخيراَ


    8


    الفجر الذي ظهر فجاة
    لم يك أكثر من
    فكرة
    عن قربنا الدائم


    9


    لم نكمل
    السبعة أشواط لهفة
    غيرأننا لن نتساهل معه..
    الفراق


    10


    في صدى "الجابولاني "
    كلما أوقفت على شفتي كلمة
    قفزت إليك
    بلا تبرير


    11


    بكل وسيلة ممكنة
    تمررين حبي
    لكن الفيتو
    على كل الرقاب


    12


    مثل زنديق
    يتأهب للتوبة
    بكأسه الأخيرة


    13


    لم تلق بالاَ
    لتجربته الشعرية الحالمة
    لذا لم تجد في جعبته
    غير استعارات مكنية


    14


    و قالت :
    لا تفرد جناحيك
    إلا إذا كنت طائراَ


    15


    مرة أخرى :
    عيونها
    عميل مزدوج
    بلا وطن


    16


    و ليس
    أننا لم نصبح عشاقاَ مثاليين
    أن توهجنا لم يكن له معنى
    بالعكس ...


    17


    انجي
    ولاعتي و سجائري
    مشكلتي الكبرى
    أشعلها / تدخنني


    18


    لم تتحصن بما يكفي لفتنتها
    ليس أقل من أن تكون مثلياَ


    19


    في انتظارها
    ما لم يكن للقلب رأي آخر


    20


    إنها
    تقتل
    تقتل
    لا تنتظر قراراَ


    21


    مثل البحر الغارق في شفق وحيد


    22


    قطرة
    من نبيذها المعتق
    تصرع
    جيشاَ


    23


    في الظلام
    عيونها
    نحلات
    مضيئة


    24


    مثل دوامة تجذب إعصاراَ


    25


    برفق تحرك
    على ثلجها الرقيق
    غرقاَ ناعساَ
    لا توقظ


    26


    ليس لدى ضفادع مرتبكة
    من اجل هايكو طازجة
    لكن القطط الشرسة بالممر
    قد تفي بالحاجة


    27


    مثل مصير تحدده نظرة


    28


    الترابية الحسناء
    لا غبار عليها


    29


    ها .. لم يزل لك قلب ينجرح


    30


    اؤجر لك قلبي قليلاَ
    تسليك أشباحه الفاتنات


    31


    أتسلق روحك .. ربما


    32


    إحذر
    -إنه لا يموت
    إنه
    على ما فيه
    ينغلق-
    قلبك


    33


    كم روحاَ
    تمتلك
    لتعذبها
    صباح مساء ؟


    34


    تبهج النفس
    ريحانتي
    شرقية
    و غربية


    35


    في أوردة الربيع
    بتلات ذائبة


    36


    مثل وهم يعبر خاطراَ


    37


    سوى
    دمي
    و عتاب عينيك
    لا شيء


    38


    و قالت :
    كالماء .. يتغير وجهك
    صفحة تلو صفحة
    تصفو بكلمة ..تبتكرها
    ثم في لحظة ..
    تعكرها


    39


    فوق
    التي بلا وزن
    إربح
    كتلتك


    40


    كل حوائط الذكرى يجرب
    ظلنا
    المرسوم على الجدران
    ك مزولة


    41


    حبنا
    هل يتحمل غائبين ؟


    42


    مضاف
    إلى
    اللاشيء
    هوانا الضائع


    43


    خدها
    مقياس حرارتي
    في صعود
    زئبقي


    44


    لم تحاول
    أن تفهم حقيقة الأمر
    تاقت إلى
    شوق يدوم


    45


    تتمنى لو كنت
    أحمقا سعيداَ..
    للأسف..
    الأحمق لا يتمنى ذلك


    46


    عندما- بأتربة و ملح -
    يختلط خواؤك
    لن تجذب
    شبحاَ يرثيك


    47


    على ناصية القلب
    دقة تلو دقة
    لا أحد يمر
    لتنتظر


    48


    حدسك لن يمهلك كثيراَ
    لتقرر
    أن هناك الأفضل
    مهما يكن


    49


    لست
    العبد ، موسى، و لا تابعه
    أنت " التي بعد شيها"
    قفزت


    50


    تمطر تعباَ
    سحابتك الغامضة


    51


    أجمل وقت
    حين تراقب نفسك
    مثل شبح طليق
    لكنه بعد .. لم ينفصل


    52


    حين رميت الزهر
    عليها
    مقامرة لم أقصد
    لكنه ولع بحظي


    53


    ليس هناك مكان ل أرق
    تلك الليلة
    حاضرة في الحلم
    و خارجه


    54


    و قالت :
    ماذا أفعل
    و دموعي تجري نحوك


    55


    مثل برق يحمل رعداَ


    56


    ألف عام
    في معبد " الزن "
    بلا صوت تقريباَ


    57


    ما تلعن الريح لا يحمله صدى


    58


    ثوبها الريش
    خبأت
    فطارت
    بقلبي


    59


    صحبة كائنات الله
    تسليني
    حتى
    يقيني


    60


    قالت :
    إنتظرني و لن أجيئ
    قلت :
    إنتظارك ما أنتظر





    حمدي اسماعيل


    @2010
                  

01-05-2014, 10:22 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    عَجْرَفَةُ المُتجانِس
    (شكوكُ القُبَلِ وهواجسُها الموصولة)
    سليم بركات
    (سوريا/السويد)



    قُبْلةٌ شفيرٌ،
    وأنا سأرتدي الحذاءَ الأفضلَ لديَّ،
    متَّجهاً إلى الشفيرِ، لأنني أعرف ماهُوَ لي.
    مُذْ نسيتُ عنادي فلم أكتم عن الأشباح ما كتَمَتْه الأشباحُ عن ملوكها، أعرفُ ما هُوَ لي.
    سأضع النصلَ هذا ـ النصلَ الذي لم أعرف سواه على كل عنقٍ. وجودٌ نصلٌ، رهيفٌ في يديَ تَدْمى قبْضاً على شفرتهِ، سأضعه على كلِّ نحْرٍ، أنا الذي يتكتَّم عليه الأشباحُ في وحشتهم، آملين أن أنجوَ لينجوا هُمْ في أعمارهمِ الخَطِرةِ ـ أعمارِ الأشباحِ، وموضعي في نِسَبِ الموتِ موضعُ الحَسَبةِ يفاجئون الموتَ. أيقِظوني،
    أو لا توقظوني.
    لي قيلولةُ الأَنصابِ،
    وأعرفُ ما هُوَ لي. أعرفُ أنْ
    شرفُ
    القُبلة
    شرفُ
    الجسدْ.

    عظامٌ رياحٌ في ساقيَّ اللَّيليتيْنِ، سأتَّجه بهما إلى الجبلِ، صعوداً في الممرَّاتِ كلِّها بالحذاءِ الأفضلِ لديَّ، من الجهاتِ كلِّها، بلا أحاديثَ إلى نفْسي كفعْلي أحادثُها عن يد الدخانِ القويةِ تعتصِر الإرثَ مصافحةً. قلتُ فلأْتَّجهْ بالعظامِ الرياحِ في ساقيَّ ـ ساقيِّ الفجر إلى المأزقِ يورَّثُ من أملٍ إلى آخر، كي أُلقي بالجبلِ، من مديحِ اليأس، إليَّ. أفقٌ رشوةٌ.
    سماءٌ رشوةٌ.
    جبلٌ رشوةُ الأرضِ،
    وأنا، ككلِّ هذا، رشوةُ الحريق تتسلَّمها الأبديةُ متَّجهةً مثلي، بعظامِها الرياحِ، إلى المَقْتَلة.

    أهكذا يتراجعُ الجسدُ إلى خندقِ الرغبةِ المُنْهَكةِ؟
    جسدٌ بهزائمَ قياسٍ لانتصارِ الجسدِ: ماهُوَ لي
    هُوَ للجسدِ.
    ماهُوَ لي وعْظُ نيسانَ من منبرهِ المكسورِ،
    وانقضاضُ الوردِ على لونهِ.
    أنا هنا لأسمع قلبي، من خلف النافذةِ، أخيراً.
    أراهُ والجبلَ، معاً، خلف النافذة.
    بعظامٍ رياحٍ في ساقيَّ سأصعد الجبلَ لأرى قلبيَ ـ الروائحَ الطَّعْمَ على لسانِ السنينِ. حسمتُ أمريَ: ماهُوَ لي هُوَ قضْمُ الزجاج صباحاً بعد قضْمِ الفطائرِ. حياةٌ على شفيرِ قُبلةٍ. ذاهبٌ إلى الشَّفير بساقيِّ البياضِ المُشاكسِ، وفي يدي الوجودُ النَّصلُ رهيفاً يُدمي راحتَها. سأضع النصلَ على كلِّ صدرٍ، في الخفيِّ الظاهر فوق العظام، حيث القلوبُ تتقاضى خفْقَها من قلوبٍ أخرى.
    أكتمتُ عن الأشباح ماكتمَتْهُ عن ملوكها؟. أعرف
    ماهُوَ
    لي،
    مذ كنتُ الشبحَ بنصلٍ في يدي على الطرق أدلُّ الأشباحَ إلى المسالكِ، وبي عافيةُ الرِّدَّةِ. لاحرْصَ يجمعني، بعد الآن، بأرواحِ الخيرِ المُضحكةِ خلفَ النوافذِ. شَبِعَ الهواءُ من قضْمِنا بأسنانهِ النباتيَّةِ، وأنا لنْ يجمعني بالهواءِ، بعدَ الآن، حِرْصُ القِدَم على النجاةِ بالموتى من هياجِ الموتِ. أثري هنا ـ أثرُ الهواءِ المُحتشِم على قَدْرِ الحيلةِ. هواءٌ يُنْتَقَدُ. هواءٌ لايُنْتََقَدُ في حرصه على الموتِ. وأنا
    أعرفُ
    ماهُوَ
    لي.










    .....


    http://www.jehat.com/Jehaat/ar/KetabAljeha/books/Saleem25-9-2012.htm
                  

01-05-2014, 10:27 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    ثمّة ما لا يعود..!
    قيس شحاتة




    ها أنذا أترنّح في مشيتي نحو المقهى الواقعِ في نهاية الشارع الذي أسكن أحد المنازل القابعة فيه.. تثقل كاهلي خمسةٌ وستون عاماً.. تاركاً بالبيت زوجة في الخامسة والأربعين من عمرها. إنها في نظر نساءِ الحي ما تزال شابّة، محتفظة بملاحتها وجاذبيتها.. لكني لم أعُد أرى فيها سِوى عجوزٍ مُملّة، عقيمة الإحساس، ثقيلة الظل.
    أنا الآن خارج البيت. أشعر بانشراحٍ عظيم في بُعدي عنها وعن المنزل الذي استعمَرَتْه منذ عشرين عاماً.. إنّها تسخرُ منّي دائماً، وتهزأ من أعوامي الخمسة والستين، فقط لأنّ شيْباً علا رأسي... حَسناً سوف أُرِيها، وأثبتُ لها أنّني ما أزال شابّاً وسيماً وجذّاباً؛ أستهوِي الحِسان وأستميلُ قلوبَ العذارَى.
    وصلتُ المقهى واتّخذت موقعي الذي اعتدتُ الجلوسَ فيه كل يوم.. منه أستطيع الرؤية والتقاط مشاهد الشارع وتفاصيله وحركة العابرين به. أتاني صبيُّ القهوة بالشاي.. وطلبتُ شيشة بنكهة التفاح.. أجل؛ إن رائحة التفاح تُشعرِني بروح الشباب والانطلاق والتجدُّد.
    تصفّحت، على عجل، الصحيفةَ التّي أداومُ على قراءتها.. بيدَ أنّني أحرص ما أكون على قراءة باب (هو وهي). تركت الجريدة جانباً، وأقبلت على الشاي مُتلذّذاً بطعم النعناع، مُستمتعاً بالنكات الماجِنة التي أطلَقَت ضحكاتنا المُجلجلة في الآفاق، حاملةً معها همومنا وأحزاننا نحنُ معشرَ المتزوجين...
    ها قد وصَلَت في وقتها المناسب! ولأجلها عدّلْتُ جلستي لأُحسِن استقبالها والحفاوة بها؛ مُؤنستي ومُسلّيتي الوحيدة.. الشيشة.. مُنسِيتي ما تغُصُّ به النّفسُ من تباريح، وما ينوءُ بحمْلهِ القلبُ من آلام وأحلام، وما يضيق به من رتابة وضَجَر.. أنفّثُ بشغف ذلك الدخان الرماديّ الذي يتسلّل إلى أعلى آخذاً معه بعض التوتر وكثيراً من القلق... وعيناي تجوبان مُحيط المكان.. تراقبان الشارع من كل الزوايا، وتترصدان في فضول مَن يمرُّ به.. تقترب فجأة امرأةٌ ترتدي عباءةً حريرية أخّاذة.. أركّز نظري عليها علّها تلمحُني وتمنحُني ابتسامةً أو حتى نظرة...
    - ماما.. ماما
    صوت طفلةٍ ذات أربع سنوات تصيح راكضةً من خلفها...
    يا لخيبة الأمل!
    آخذُ (نَفََساً) أعمق من ذي قبل لأمتصّ خيبتي وإحباطي، ولكن مهلاً! ما يزال هناك ما يستحق عناء الترقُّب.. فها هي امرأة أخرى تسير بتؤدّة وتمهُّل... آآآه كم يُسرع بدقّات قلبي هذا التأنّي!.. ولكن ما بالُها تسحبُ رِجْلها اليُمنى ببطء؟! يا إلهي! إنها عرجاء.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. أشحتُ بنظري عنها كي لا أضايقها، وتبدّلت نظرة الافتتان في عينيّ إلى شفقة وعطف...
    وتلوح فتاة أخرى؛ مراهقةٌ غجريّة غضّة..
    ولكن يا للحسرة! هناك من يتبعها بحذر.. لا بد أنه أخوها أو خطيبها أو...
    الوقت يمضي ويخلو الشارع من المارّة.. آلمني أن تتبدّد سحابةُ نهاري سُدىً ولم أظفر بعد بحسناء تُلهب مشاعري وتُثير شغفي ولوعتي واضطرابي..
    - ربّاه! من ذاك الغزال الفاتن؟!..
    إنها تتسلل بهدوء من منزلها القابع في الجهة المقابلة للقهوة.. شابة عشرينية.. تغطي شعرها بخمار لا يكفي - على ما يبدو - لكبْح جموح الخُصَل المعربِدة توْقاً وانتشاءً.. ينسحبُ الخمار إلى الوراء كاشفاً عن فتنةٍ سوداء ابْيَضَّ لرؤيتها الكون في عينَيْ! تُعيد الخمارَ إلى حيث كان وتحينُ منها التفاتة نحو القهوة، تلتقي عينانا بسرعة... ينبضُ قلبي بعنف.. تفتَرُّ شفتاها الرقيقتان عن ابتسامة عذبة، و...
    وتُكمل طريقها؛ بعد أن توقّفت حواسي عن الإدراك.
    في اليوم التالي أشعلت ذات الخمار عند مرورها جذوةَ الصبابة في صدري، ومنحتني هذه المرة أكثر من مجرد ابتسامة؛ لقد غَمَزَت إليَّ بعينها فارتجفت أوصالي واقشعَرَّ بَدَني إثر التيار العنيف الذي سرَى به..
    نهضتُ من مكاني بخفّة ونشاط شابٍ ثلاثينيّ؛ دخلت المنزل واثق الخُطى، أنظر إلى تلك التي يُقال إنها زوجتي... لا أرى في وجهها ملامح أنثى، ولا أستبينُ في تقاسيمها سحر امرأة، ولا يثير وجودها بجانبي أكثر من الإحساس بالضيق والملل.. كيف سمحتُ لهذه المرأة العادية أن تسرق ما مضى من عمري؟... ولكن لا بأس؛ فأنا ما أزال جذاباً تلتمس الفتيات وُدِّي ويَتُقْن إلى نظرةٍ منّي..
    دخلتُ غرفتي وأغلقتُ بابها علي.. ألقيتُ بنفسي على السرير، وبدأت أستعيدُ - بدقّة - كل التفاصيل.
    صحوتُ في اليوم التالي فزِعاً على صوتها المزعج وهي تصرخ حِيالي أن الإفطار جاهز.. ما هذا الصوت المشروخ!..
    تناولتُ إفطاري. نظرتُ إلى الساعة؛ ما يزال الوقت مبكراً، ماذا عساي أفعل.. أمسكت بـ(الريموت كنترول) وبحثت في القنوات عن فيلم رومانسيّ يهيّئ مشاعري قبل الخروج لرؤية فاتنتي ذات الخمار.. شاهدت جزءاً من فيلمٍ مليء بمشاهد العواطف المتأجّجة.. أغلقت التلفاز قبل أن أكمله؛ فقد رسمتُ بخيالي المبتهِج نهايةً سعيدة لأبطاله العشّاق لم يكن سيناريو المؤلِّف ليمنحهم أجمل منها.. شاغلتُ نفسي بعدها بأشياء لا معنى لها مُنتظراً أن يحين موعد ذهابي إلى القهوة…
    عقاربُ الساعة تُشير إلى الخامسة. لم أنسَ قبل خروجي أن أسكبَ على ملابسي من ذلك العطر الفرنسيّ المثير.. جلست في مكاني المعتاد، ووصلتني طلباتي المألوفة.. أما الشيشة؛ فقد طلبتها اليوم بطعم الفراولة..
    مرّت نساءُ كثيرات من كل صنفٍ ولون؛ متحجّباتٌ وسافراتٌ وبين ذلك، لكنهنّ جميعاً لم يُحرِّكن فيَّ إحساساً ولم يُثِرن لديَّ رغبة.. فأنا في انتظار عذرائي ذات العشرين ربيعاً...
    هاهي أميرتي تُقبل من بعيد بخطواتها الموزونة على إيقاع خفقات القلوب.. لم تنتظر هذه المرة سقوط الخمار عن رأسها كي تنظر إليْ، بل وجّهَت سهامَ عينيها نحوي مباشرةً.. يا لنظرتها التي تُذيب شغافَ قلبي.. تصبّب العرق من جبيني، وحبستُ الدخانَ في فمي؛ احمَرّتْ عيناي وأسعلتُ بشدّة، أسرع مَن حولي للاطمئنان علي.. شربتُ جرعة ماء، رفعتُ رأسي... فلم أجدها... يا لبؤس اللحظة.
    أسبوع مرَّ على حديثنا الشّجيّ بالنظرات والابتسامات، وبعد كل يوم كنتُ أعود إلى المنزل وأنا أكثر ولهاً بها وتعلُّقاً بسحر عينيها.. هي الأنثى التي ستُعيدني إلى ريعان الشباب وأمجاده وزهوه..
    ..
    ولكن ما بالها تُقلقني بغيابها منذ ثلاثة أيام، رغم انتظاري بالقهوة حتى بعد خُلُوِّها من رُوّادها؟..
    كم هو مُرهِقٌ هذا الشوق لرؤيتها!
    وصلتُ المقهى في اليوم الرابع متفائلاً بأنها ستزيِّن الشارع اليوم بموكبها الورديّ.. وبينما أنتظر طلباتي المعتادة، كنت أتحدث إلى أصدقائي من رواد المقهى، نشكو لبعضنا بؤسَ حالنا ونبثُّ همومنا، ففاجأتهم بعزمي على الزواج. تساءلوا..
    - ومَن تكون العروس؟
    - لتكن مفاجأةً لكم..
    وقبل أن أواصل الحديث الذي تنشرح له نفسي ويرتاح له قلبي وتهفو إليه جوارحي، حضرَ أحدُهم مُغيِّراً مجرى الحديث بلا مقدّمات، إلى وجهة أخرى كعادته، قائلاً:
    - هل تذكرون الفتاة ذات الخمار المميّز؟
    - أيّهن؟ فإنهنّ كُثر..
    - التي تسكن في نهاية الشارع؛ تلك التي ترشق عيناها كل من يقابلها أو ينظر إليها.
    أسرع أحدهم معلقاً: آه .. لقد رشقتني بأحد سهامها الفتّاكة وتركتني أزدَرِد ريقي بصعوبة..
    ردَّ آخر:
    - لستَ وحدك... لقد فتَنَتْ بسِحْر نظرتها الجميع، حتى عريسنا الجديد.
    وقهقه في وقاحةٍ وعبث.
    صِحْتُ محتجّاً:
    - دعوا عنكم هذا الحديث..
    بيدَ أن دعوتي ضاعت هباءً، وطفِق الضيف البارد يُثقل عليّ بحديثه القاتل:
    - ألم تنتبهوا إلى غيابها منذ ثلاثة أيام؟
    - نعم.. نعم.. لا تقُل أنها خُطِبت أو تزوّجت!
    - لا هذا ولا ذاك... بل قبضت عليها شرطة النظام العام*...
    سقطَ كوبُ الشاي على ملابسي، وبدأت أشتُمُ الفتى الذي أحضره.. وثُرتُ في وجوههم مردِّداً في يأس:
    - ما لكم وبنات الناس. أستغفر الله العظيم.
    ونهضتُّ؛ حانقاً.. محطّماً...
    تركتُ المقهى مُغادِراً نحو المنزل..
    حاملاً فوق كاهلي خمسة وستين عاماً... سبعين... لا بل ثمانين.
                  

01-05-2014, 10:57 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    عن الشَّوقِ وباقي الأشياءِ العاديةِ
    سعد الياسري


    "والشَّوقُ ماذا؟" طفلةٌ هَتفتْ؛ وتاهتْ في السُّؤالِ، يجيشُ في فمِها احتمالٌ، يَنطوي في طينِها جوعٌ، لها قلقُ الغَزالةِ... وانطواءُ الخائفةْ!
    الشَّوقُ خاصرةُ الكَمنجةِ. مَن يكُنْ في اللَّيلِ لَحنًا تَفترسْهُ الأغنياتُ: يَضِلُّ، يَنأى، يَهتدي، يَهوَى، يُقبِّلُ، يَنثني، يَذوي، ويَطلبُ مُسعفَهْ!
    والشَّوقُ عشرونَ اِحتمالاً للحياةِ، وكلُّهمْ يَتناوشونَكَ؛ سوفَ يُفلحُ واحدٌ... ذاكَ الذي عَجنَ القصيدةَ بالنَّدى؛ وعليكَ أسدلَ مِعطفَهْ!
    والشَّوقُ ما أهدى الغَريبُ إلى الغَريبةِ؛ يرقصانِ ككلِّ حَيٍّ، يُولجانِ الودَّ بالشَّغبِ الخَفيفِ، يُرَتِّلانِ: إذا السَّماءُ إلى المُثنَّى أُزلِفتْ، في مائِها قدْ أَوغلتْ، وإذا السَّحابةُ مِنشفَةْ!
    والشَّوقُ شامةُ مَن عشِقتُ؛ تُضيءُ صَحنَ الخَدِّ في صَلفٍ. هديلُ حَمامتيْنِ - على اِرتباكٍ - تَكتُبانِ وصيَّةَ القمحِ الأخيرةَ... مُدنَفَةْ!
    والشَّوقُ أنْ يفِدَ المُتيَّمُ، أو يَسيلَ بخَمرِ مَن سجدَ البَنفسجُ عندَ ساقيْها، فقالتْ: "ليسَ يُعجبُني كثيرًا!". والبَنفسجُ حُجَّةُ العُشَّاقِ؛ لا نَومٌ غَزاهُ، ولمْ يُغيِّرْ مَوقفَهْ!
    والشَّوقُ أَرشيفُ المدينةِ؛ والطَّريقُ السَّاحليَّةُ، نكهةُ الشَّاي الُمهيَّلِ، إصبعٌ، نزَقُ العباءةِ، شمعةٌ حَمراءُ، سِلكٌ، مِشبكٌ، زَيتٌ لهاويةِ الجحيم، وموجزُ التَّقبيلِ؛ إذ قالتْ فتاةٌ: سَوفَ أعشَقُ مرَّةً... تكفي لأختبرَ الشَّفَةْ!
    والشَّوقُ -أيضًا- أنَّ مَنزلَكِ المَتاهةُ، لا الغزالةُ سوفَ تُجدي الآنَ، لا لعِبُ الحِصانِ، ولا الرَّغيفُ، ولا الذينَ توهَّموا ذهبَ السَّنابِلِ في ثيابِكِ، إنَّما ذَهبي وقمحُ مَشيئتي... والشَّوقُ أنْ أبدو بعيدًا هكذا؛ وأنا نَزيلُكِ والصِّفَةْ!


    http://alyasiry.com/ar/index.htm
                  

01-05-2014, 05:19 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    تغريبة الطائر الــ " جاهلي "
    حامد بن عقيل



    " مليءٌ بما ليس لي
    أنا الطائرُ الجاهلي "
    علي الدميني



    ...............................
    إني بريءٌ منكَ
    من أسفي عليك
    فاضمم يديكَ إلى يديكْ
    يا أيها الألقُ " الرصاصيُّ " المعتَّقُ
    خانتِ الأسفارُ أشجارَ النقاءِ الخضرِ في أصقاعِ قلبِكَ
    خانتِ الدنيا حضارتَك البديعةَ
    أفناكَ الجراد .

    **

    جنحتْ سفائنُ ضوئكَ الأبويِّ عن أحداقِهم
    قم " صلِّ " ، إنَّ اللهَ أقربُ ؛ و انتخب " أملا " لحزنك .
    هيَّا .. ترجَّلْ عن مخاوفِهم
    و دعِ الجواد .

    **

    فَشِلَ " المريدون " السُّكارى في اختبار الجَرحْ .
    حجُّوا إلى نفط " اليمامةِ " ركَّعاً
    أنتَ الفداءْ
    النارُ نارُك ...
    قالتِ الأعرابُ :
    إنَّ الله لا يرضى عن " اللغة " السقيمة .
    اصعد إلى الأفلاك محتجَّاً بدفء الجوعِ
    قل ما ليس يشبعُ خزيهم أبدا
    و لا – في الليلة الليلاء – يقصيهم عن الأصفاد .

    **

    من " ضلَّ " يمتحنُ القيامةَ ؟
    سيدٌ في العِطْرِ يوغلُ
    واهباً وطناً لأمٍ أثكلتها " لثغةُ " المعنى
    و أرهقها السهاد .

    **

    فِرَاسَةُ التعتيمْ ،
    دمٌ يهاجرُ في اجترارِ قصائدِ الألقِ العصيِّ .
    على تخومِ الطائرِ المنساب في بوحِ من الجهلِ
    استبدَّ به السواد .

    **

    فَرَاشَةُ التعتيمِ
    نورٌ " شابَ " فيه الطفلُ
    و انكسرت " بلاد " .

    **

    غَبَشٌ يؤجِّلُ حبرَهم .
    قد كلَّ " نصرُ الله " - يا كبشَ الفداءِ – من النزاهة
    " جرَّ " – فيمن " جرَّ " – أربابَ الغناءِ البكر
    أثَّثهم بضوءِ حضورهم في الوهم :
    كي يمضوا إلى وهنِ استعاراتٍ بليدة
    كيما يشعلوا الآفاق بالــ " القيم الوليدة " .
    كان الليلُ " هاويةً "
    و ماءُ الأرضِ يهطلُ صاخباً
    مذ جاء " نصرُ الله " في الحُلَلِ الجديدة
    حملوه ، حتى صارتِ الأسماءُ وصلاً غابراً بين المدينةِ و المدينةْ
    لهمُ :
    الحضارةُ
    و البِشارةُ
    و الجسارةُ
    و " المصافحةُ " السديدة
    و لهُ : القِياد ! .

    **

    لا ، لستَ أنتَ نهارُنا ..
    كم من نهاراتٍ وأدنا .
    طافتِ الأحلامُ بالحُلِمِ الرَّضي
    كنَّا فقدنا في " جهاتِ الشَّمعِ " بوصلة الحنين
    الميتون
    الصابئون
    النَّيرون – بزعمهم –
    و الخائرون .
    فبأي " كوكبةٍ " ستحفلُ زهرةُ الرُّمانِ إن وُلِدتْ خديعة ؟
    و بأيِّ أطيافِ الدواوين العظيمةِ سوف نهتِفُ إن كَبُرَتْ خديعة ؟
    و بأينا سنقولنا ؟! .
    كن أنتَ أجملنا فإن الله لن يرضى عن " اللغة " السقيمة
    كن آيةً
    كن أيَّ شيءٍ غير حرفٍ ثائرٍ
    فالشِّعرُ " يخذُلهُ " المداد .

    **

    جئنا إليكَ مدجَّجين بعارِنا
    فاقبلْ حكايتَنا الأثيرة
    أيقظِ الموتَ المبجَّل في شهواتنا .
    إننا وَخْزٌ تجذَّرَ في اجتراحِ العذر
    أعضاءٌ لأجسادٍ تهاوتْ في " الغُثاءِ " الفذّ
    بنا يخطُّ الماءُ – ممزوجاً بطعمِ الخوفِ – ياقتَهُ البذيئة .
    جئنا إليكَ
    بيبابِ أمَّتِنا التي " بانتْ "
    كما " بانتْ سُعاد " .


    27/10/2004م
                  

01-06-2014, 06:35 AM

فتح العليم محمد أبوالقاسم
<aفتح العليم محمد أبوالقاسم
تاريخ التسجيل: 07-24-2010
مجموع المشاركات: 1059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    استاذ/ بلة
    رائع وممتع
    تناولنا الكثير وفي انتظار الجديد
    سعيد بمعرفتك
    تقديري لك
    فتح العليم
                  

01-06-2014, 10:29 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: فتح العليم محمد أبوالقاسم)

    بغريزة ذئب وحيد في غابة ضائعة
    (نص شفاهي )
    فتحي أبو النصر






    الكاسيت الأول

    ( 1 )

    تعلوني ريشة والنعاس حيويتي لأتواصل مع الديمومة في صوت الموج الواثق هذا
    وأغنية قرصان أخير كان يطل من كوابيسي ولا يعتذر .

    إن الحب مواجهة ,
    والقصيدة استمرار نهاية,
    و مع الانتقال فإن حاجتي لابد تتجدد ,
    غير أنني مصاب بنظرات ذلك النورس المجنون .



    يصحو النورس في تنهداتي ويعلقني عابرون في خطواتهم واكرر أن الحب مواجهة !.
    مواجهة مع من ؟
    قد يكون مع الذي لانعرف ..
    بينما آخر ماسيتبقى لي في هذا الوجود صرختي الأولى .

    ..إن الفراغ تحت جفوني فسيح ألان وكحتي تنتهكني بلا نشوة وثمة انطفاء يعتزم مفاجئتي .

    لكم أريد أن اجر الأضواء المنعكسة تحت جلدي إلى أخر الكون .
    إنني بلا أصدقاء وهذا ما أخبرتني به العزلة ,
    لكنني كثير وهذا ماحمله لي صوت حارسي :- النورس المذعور.


    ..في مستشفى الأمراض العقلية ظل (محمد شكري )يتبادل رسائله مع (محمد زفزاف) ,
    أنا سأتبادل رسائلي مع من ؟.
    سأتبادلها معي فالرسائل هي للحرق والحرق هو للزمن والزمن هو للانفلات.

    يبدو أنني لا استوعبني أبدا ..

    هنالك خاصية السحر في رفرفات النورس .
    النورس يتحالف و طمأنينتي الغائبة .
    له قبيلة من القصائد في حلقي .
    قد يصل وقد لا يصل..لكننا في مستوى واحد سوف نرتاح.
    ..بإمكانه أن يعتربني سخيفا وبإمكاني أن انزع عنه أي معنى .
    بإمكاني أن ألتم وإحساس الريشة التي بدأت بالسقوط أيضا ,
    أن انتقي موتي وعلى مجزرة العدم ألح .

    ياااااااااه ..
    أنا قلق ومريب .
    مجموعة أمكنة تحس بالهول أنا ولا أريد أن أنجو من أي شئ .


    قالت لي صديقتي الروسية -التي تعرفت بها قبل ساعتين فقط - أن اسمها ( نتاشا ).
    شعرت بالاسم يذوب تحت لساني و يرتلني .
    لها خاصية الطبيعة, فهل تدري ألان بهذياني المرير ؟.
    أكثر من معنى يصيغها في علبة سجائري وابعد من رؤيا تغلفها في عرقي ,
    فيما أثارتني منابت الشغف في لثغتها المسائية وهي تنطق اسمي هكذا وبكل رقة (فاتهي ).
    لقد أعطتني ثلجا وابتسمنا في وقت واحد ..
    قالت أنها ممرضة فتمنيت أن أموت على يدها .
    ضحكت من أمنيتي وبكيت .
    كنت سأطلب منها أن تقرأ باللغة الروسية وصية (مايكوفسكي) التي كتبها قبل انتحاره ,لكنني لم أجرؤ..
    (مايكوفسكي) كذلك اهتزت روحه لمنظر النوارس .
    ترى هل تعرف صاحبة الإرداف العتيدة هذه وجع الشاعر ؟.
    داخلي ألم الخليقة كلها يا(مايكوفسكي) ..

    أرى شجرة في قاع كأسي السابعة وأريد أن أتسلقها!.
    ..النورس لا يضطرب .
    يتقدم , يتحسس , ولايتحسر .
    يتلكأ قليلا ويرتمي جميل اللعنة .
    يسرح ,يتآلف ,ينخرط ويتمكن بدون تآويل .

    كثيرا ما اغتنى بظاهرة المعرفة .
    صادني ,سلخني,فارتعشت ناصعا ومازلت اشتعل .


    عدن –كانون الأول 2004م

    (2)

    يعانق القمر فضته وأنفاس الملتاعين
    له في أزمتي وذاتي إحساس غريب
    يخف بمزاجه ويثقل
    أحس بدبيب نمل يعبر أوصالي وأنا استرسل في منظره لانتبه فجأة أنني بدوني !

    هل الواقعي هو الأسطوري؟
    أسئلة شائكة تنشدني
    ضجري يعربد وروحي تنشطر إلى رغبة وجموح

    دائما يستوقفني اللون الرمادي
    يجعلني اسأله ما الفائدة منك أيها المتقوقع على نفسك ؟

    أحلام بنفسجة اشتريتها البارحة من طفل يتيم بدأت بالذبول
    رائحة الطفل مازالت عالقة في انفي
    تشبه رائحته رائحة الخبز المحترق
    كان يشق سيلا من الرجاء في قلبي بأن اشتري منه وكنت ابكي ولكن بدون دموع

    إن قدمي تؤلمني ألان
    لقد مشيت كثيرا ولا اعرف السبب الحقيقي
    ترى هل كنت أدور حول نفسي ؟

    الاحجيات ستلوكنا
    الذين عادوا هربوا من جديد
    الإبرة التي على بعد مترين مني أريد أن أخرزها في أقاصي القلب

    إنها الخامسة فجرا وأنا أتقوس على سقف غرفتي
    يكاد فراغ يستلقي على عيوني
    أفكر :- بماذا تحس صخرة شاردة في الجبل البعيد الذي أراه أمامي ؟

    إن دموعي لاتعنيني ..تهيم بي مختلفة الألوان ..تنم علي وتضحكني بمرارة

    من أناجي ألان ؟
    ال###### المكسور الساق كان فائق الإحساس بي
    الطفلة التي مدت لي لسانها كأنها أرشفت كل قصائدي مابين غماز تيها الشقيتين

    هل هنالك طرف ثالث بيني وبيني ؟
    علي أن أذعن لحربي الكبيرة معي

    إن كلامي يرتد علي
    سأقول سرا لي
    بشكل حقيقي أنت الوهم يافتحي
    اقصد انك تقشر حواس الحواس
    انك نقطة خلافك مع العالم
    انك الرغبة في الوصول إليك

    (المارانوس اليهود الأسبان انقلبوا للمسيحية هربا من الموت جراء اضطهادهم من محاكم التفتيش )
    لماذا تتذكر ذلك أصلا ؟
    شئ مرعب أن يتمزق الإنسان بمحض إرادة الإنسان

    لقد بات من الضروري أن تنعطف إلى الماضي قليلا
    أشياء طيفية تحصرك بهلوساتها
    امرأة تضاجع رجلا على وشك الموت
    شبح يعاني من سوء الذاكرة ويريد مساعدتك
    انقلاب لايعنيك في شئ
    استنتاج لانهاية له
    مأساة مشروعة
    غراميات سرية لمحجبات
    أذان تكتم ماترى
    ديمقراطية تحتاج إلى تحليل نفسي
    غيوم خالية اليدين
    أسرة نبيلة لاتجد ثمن وجباتها
    نسخة من القرآن مداسة بأرجل مجانين ستتم تصفيتهم بتهمة خيانة الزعيم
    مع ذلك أنت مازلت تتنفس بهدوء ومثل جذع ثابت تحدق من النافذة
    لكن الحياة رديئة
    وكرة الشك ترتطم في وجهك

    قد يحدث بسهولة أن نغني للفرح باكين في نفس الوقت
    فيا أيتها السعادة متى ستأتين ؟

    صدقني يافتحي لا اعرف بماذا أفكر تماما ألان
    لكنني اشعر بالسأم
    لماذا نتقلب داخليا هكذا ؟
    بصراحة أخاف أن لااحتمل البهجات الممكنة !

    برباطة جأش استطيع أن افلقني إلى نصفين
    لكنني لااستطيع التراجع أو التقدم
    أشياء مضمرة في نهاية السماوات تهيمن علي

    إن المنتحر يدرك قيمته كإنسان
    ولوحة الجورنيكا المعلقة لبيكاسو على هذا الجدار الازرق صارت مزعجة بالنسبة لي

    (شيخ جليل اغتصب طفلة لم تتجاوز الأربع سنوات )
    كان ذلك عنوان في الجريدة التي رميتها بدون أن أكمل الخبر
    لحسن حظنا مازلنا نستطيع الصراخ والبصق

    حين كنت في الثامنة من عمري لم أكن خيرا أو شريرا
    وألان أنا الشرير الخير

    إن الانتحار هو الرقي الوحيد
    والكلمات بلهاء
    والحب كذبة أطفال مفعمة بالعذوبة
    وحدهم الذين يموتون بكل تلك النرجسية الانتحارية هم العظماء فقط

    يبدو أن الفوضى من ستفك هذا اللغز
    الحيوان علمني أن أكون طليقا

    وجه صديقي الذي مات بالملاريا قبل عشرين سنة لازلت اذكره
    كان دائما مرحا ويقاسمني مصروفه المدرسي لكنه مات


    الطلاقة متناهية للساني
    وشكل المسجل يجلب لي السخرية
    فهل أنا مخلوق واضح ؟

    إيقاعات بيانو تعتمل في شراييني
    حمامة ميتة فوق الشجرة المقابلة أصابها الأطفال بحجر
    أعلن (هنري ميللر) انه خائن للجنس البشري وأنا أوافقه
    ارفع يدي بحذر وأمدها ناحية القداحة
    أحدق في الأخيرة طويلا قبل أن أشعل بها السيجارة المتهدلة على الشفاه
    أول امرأة مصت شفاهي ودستني مابين فخذيها هي ألان في كندا
    كانت في العشرين وكنت في الثانية عشرة
    تزوجت كهلا غبيا وثريا وخلفت حبيبها مشنوقا في غرفته
    ثمة لهب ارجواني يسخنني ألان وأنا اشعر بقبلتها الطويلة تهدر و تهدر فالعنها

    صوت ماء يقطر طنشته منذ ساعتين كاملتين
    مازلت أتقلب في فراشي واسددني ناحيتي
    ابتسم بشكل لولبي على زقزقات العصافير
    هذه الغبية لمن لازالت تزقزق ؟
    الهاتف يرن
    سأرميه بعيدا ..

    تعز – شباط 2005م

    (3)
    جثث ترقص الفالس في عينيك
    تتوالى داخلك الحروب و في أنفاسك جبال تنهار
    المارة والغون في المارة
    القمر على شكل طشت وتستطيع أن تغسل فيه لحظتك
    مامن احد سيفهمك سوى الذين ماتوا
    لكنك لست هنا
    ولست هنالك أيضا

    صنعاء –آذار 2005م




    الكاسيت الثاني




    (1)
    واجهات مطاعم تتفرج علي َ ببلاهة .
    شتلات تتفتح في نظرات عجائز سريعات وحنونات.
    وله شمس.
    دروب تركض في إطارات سيارات مجنونة.
    صبية دللت ######ها الذي بقلادة ذهبية -غزير الشعر يلبس جواربا واسمه شوشو-قبل أن تطلب له (لحمة مفرومة بالقشطة ) غير آبهة للدمع المتجمد في عيون النادل .
    ملتح في شاليه شرب الكونياك سريعا و في يديه مسبحة ثمينة.
    نصف قمر على الإطلاق تكفل بحراسة حنجرتي من العواء .
    عمال آسيويون للبيع وموانئ تعاني الهم.
    مسجات بلا أصحاب .
    صور بلوتوث تمرق على غير هدى.
    مواطنون كأنهم سياح.
    قدمي حافية في المعنى .
    فتيات حزينات بادرن بمسح صمتي وأرضعنني المرح من ضرع مشاغبات بيضاء.
    لفائف حشيش بيد أصدقاء متوحشون لكن أغانيهم تغسل للسماء ذنوبها.
    غرباء يمزقون رسائل الأهل القادمة من بعيد .
    زوجان كل منهما أوقف سيارته بشكل عصبي وتشاجرا في الشارع العام.
    رؤوس للاستعمال مرة واحدة فقط.
    عواطف مملة كعلكة بائتة .
    ضحكات ناقصة لرجال لايعرقون أبدا.
    (احد هؤلاء بالذات :- تفحص وجهه بعناية أنثى هدتها العزوبية ,كان ذلك في مرآة معلقة على حائط بار,سألني غانجا هل أنا جميل ففضلت أن اصمت)

    ..إلى وسادتي الفندقية أسلمني قسرا وكسمكة-أمارس العوم –في حوض من أحببتها
    أحاول أن أنسى الأصوات والأشكال
    أتخفى في ضميرها لأنام, فلا استطيع .

    البحرين –الكويت
    آذار -2005م

    (2)

    نجمة للخبز وضحكة مديدة للظلال والإشارات ,
    قلبي ينقل لي أخباري كل حين.

    حجر كريم سال في مخيلتي وحبيبتي مسافة سوريالية .

    موسيقى برتقالية تتصفح خطواتي وشوقي يرتعش ,فمن يهدئ أعصاب الذين جنوا ؟

    البحر بارد على غير العادة ,ينعكس على أنفاسي والوجوه العابرة لاتعبر ,
    انه يضطرب أيضا .

    الحديقة التي كانت بلاعشاق كانت خضراء جدا ,
    والطائر الذي لااعرف اسمه استقبل همومي بكل رحابة .

    أنا أمعن في شكل الغيوم وأعيش هكذا محتشدا ببسمة حبيبتي ,
    امدح الحرائق الحرة
    واستخلص الفردوس من صدغها.


    داخلي أميزني وتسقطني الصيرورة في أحلافها فالهث.

    أن تحب يعني أن يصير لوعيك مركزا أيها الشتات .

    حسي طافح برائحة عطر حبيبتي ,العطر القريب من جثتي كأنه ميراث الحياة كلها ,العطر الذي يسكن أوردة القصيدة وإلى أبعد نقطة التبس فيه حين فجأة يقف ليمددني عاريا.

    الكويت
    آذار 2005م

    (3)

    ما ابعد الإنسان ونواياك على مهل تنساب في طرقات الليل و ذعرك هاجس لأغنية تمتد
    فيما شرطك أن تتوقف مرتين أمام البحر وتحدث نفسك .

    توحيك إليك
    والأمواج مرهقة
    لكنها سيدة ذاتها
    فهل يهمك لماذا هي كذلك ؟.

    أنت قادر على الازدحام بك ..فضولك متعة لامبالاتك ..تزدري المثل ولا تباركها لا لشيء بل لكي يعتذر الإنسان من الإنسان .

    على وشك الانفلات منك والاشتباك معك هكذا أنت دائما ..
    تقول للموتى هل تريدون العودة للحياة
    لكنك لا تود أن تسمعهم في الحقيقة
    فيما انشطارك ممتع
    و جهدك يواصل استخفافه بالمصاعب .

    إليك تنتسب المهام الصعبة في الإدراك
    والشياطين قد باتوا يرغبون بالنوم على ذراعيك.
    فـ آه عليك.
    كيف رأيت عمرك كله على مسافة من ضحكة حبيبتك ؟
    وكيف لم تدخله مكتفيا بالترقب ؟.

    إن اللون الأزرق ينجبك ألان
    فالصق سبابتك اليسرى على عنقك
    وحاول أن تجيب .

    سيغلفك السكون قليلا
    والنجيمات سيستندن على حيرتك
    فلا احد سيأتي ولا احد سيذهب وأنت تمنح البحر حريته فيك ضاحكا من فكرة ترتيب الأفكار ومكتفيا بمشاهدة الموج إذ يأخذ طريقه داخل انشراحك بدون محددات أو حتى شرح .

    لصدى صوت حبيبتك لون النبيذ يدركك ألان ويسلمك للعبارة التالية :- لقد خلقت لتنثر الحب فوق رؤوس الخلائق وتمضي داخلك ..
    لكن عرقك يراوغك بسياط اللامرئي
    فيما شهوة تقذفك إليك بدون رحمة لقصائد مازالت ببكارتها .

    ترمق كهولة في عيون فتيات عابرات
    وعطشك يزداد كلما اعتقدت انك ارتويت.
    كأن في صدرك ضريح شهقة لاتنتهي .

    مخيلتك حرة في إرادة الواقع
    لكن الكتابة تحت ظروف يديك ليست لينة على عكس النطق الذي يكتسي هباء رعشاتك ..
    فالجبال مشدودة في طفشك
    وهنالك عجزة فضلوا شرب الشاي من بسمتك إذ تترنح في الشجن المترف
    فلك أن تبجل الفوضى في النقائض إذا وتراهن على صميم عينيك المغمضتين ألان .

    من مساهرة النجوم لطالما أدركت حصتك
    وقد تفوقت على سمعك كثيرا ..

    استويت على عرش حنينك مفاوضا للقيمة الزائدة
    وشكوت الوقت للحيوانات وللطيور التي عاشرتك .

    حفنات من ذهب الخيال دفعتها قيمة للاستمرار
    لكنك لم تجرؤ على الاستسلام لما لست تدريه وإنما حفظت موارد الغصات
    وتمنيت لو تعود للقماط طفلا لا مصبات له.

    تلتفت حين تلفت وتشتاق حين تنسى ..تخيف في طيبتك وتقسو على الرياح
    فهل سترتدي البرق قلادة حول عنقك ؟

    انك بلا ماء ألان !
    حصادون تشاءموا منك تدربوا على رؤيتك في مواسمهم ليتفاءلوا بالخير.. نسوة عشقنك في المنحنيات فقط وأطفال غنيت لعافيتهم مرارا رموك بالحجارة دون أن يعرفوا سببا لذلك .

    هكذا مازلت تصف الله بتجاعيد يديك ..تتحشرج نظراتك حين تقع على الورود فجأة ..كأنك الأعمى الذي يقود العدم إلى خطوات حروفه .

    تنجرف ضد التيار وتعينك في تأمل الموج
    ثم تنكسر مرتين في قلبك
    قبل أن تينع من جديد
    وتشتد لروحك إذ تفضل دفن سرك فيها .

    أنت تكرهك لأنك تحبك ..تكتب على رماد أصدقائك إن التفكير إعاقة و الانتظار سلام مع الموت وتلوح بصمتك ناحية الكلام وبلا استثناء تذهب
    وليس من عناوين لك سوى ذكريات فادحة الروائح كعطر حبيبتك فهل لديك فراسة كافية في النجوى ؟
    لا تهمني إجابتك ألان إذ ما يهمني هو انك تمكث قليلا في رؤوس أصابعك و تباغتك كقاتل محترف وبلا حسرات يجرك الشك من ذيل أغنيتك الطويل
    لكن اليقين كحتك عند الفجر وأمك السحابة ووالدك التبغ المهرب
    فيما معطفك الذي تحبه بلا جيوب
    وقبيلتك القصيدة
    وفي الأغنيات تبكي
    بينما تضحك في الكوابيس .

    أنت تريد أن تخاطب الفراشات بلغتها فتكتشف قرى مجهولة في امتداد حواسك ويتوجك التيه ..لا تفكر وإنما تحس وأنا أعرفك لكنك تنساني عندما ألوذ بك .

    لقد تعلمت من السفلة
    وشوهت أخلاق الفلاسفة
    بيد انك رحيم الألم .

    تختم دمعتك بالبسمات
    وتملك سببا قد لا يكفي لتكتب قصيدة جديدة
    وتكتبها .

    إنها القصيدة سلوكك الأبدي..غير المتوقع من توقعاتك.. لغز حنانك الخبيث وأزمتك في الحب .
    الحب :- انه تهمتك التي لاتنتهي لكنك صادفته اليوم فقط تصور !
    كانت البنت مميزة في عنفك الغنائي
    وأنت ترنم لها الرقة
    فهل ستكون السبب لنتيجتك ؟.
    لقد بعثتك بكل تأكيد وحمام ضحكتها الساخن أنعشك بلطف .
    البنت الفنانة بذاتها ..التي بين نعاسك واليقظة .. الواضحة المرعبة التي نظرت إليك من زاوية أخرى تجهلها أنت عنك وأهدتك جروا صغيرا قالت انه يشبهك وتحبه فتجانست بأقاصيك وعويت في سبحان عطرها بكل رشاقة.
    البنت التي غزتك ..الظاهرة ..بطلتك الجسورة التي لم تخطئها والمدفونة منذ خمسة ألاف عام .
    تلك الضالة في حنجرتك.. الجادة باستهتار والعسيرة التي لن تنجو منها أبدا .
    البنت الحائرة المحيرة.. التي لها مواجيد في طبيعتك و في نظراتها ترياق قديسين.
    التي لوت عنقك عمرا بكامله للوراء كشجن فراشة من ضوء
    و أنبأتك عن فحوى الحمى التي في مسلكك .
    البنت الأكيدة .. مأواك في الكشف ..ردة فعلك الوجودي العميق وصددك في اشتهاء التمدد فوق سرة البعيد .
    هل أحببتها ؟
    هل أحببتها ؟
    لكنك تكتفي بمسك حجر وتقبله ثم ترميه ناحية البحر عاليا عاليا وأنت تصرخ باسمها الحلو

    ما اقرب الإنسان .
    ما اقرب الإنسان .

    الكويت –آذار 2005م

    (4)
    ما الذي تبقى للعازف الذي تحطمت أصابعه ؟

    البحرين -نيسان2005م



    الكاسيت الثالث


    (1)
    قولوا للماء أنني في بهو السحابة لم أجده..للمجهول أنني تآخيت ونشوة حزينة..لترنحي أنني بلا بلاد..للصباح أنني انتشرت في المساء وأكاد أتلاشى..للوجد العائم في صدري أنني لست ملاكا ولست شيطانا..لامي أن تحاول أن تنساني..لبساتين قريتي التي احترقت أنني سأموت وأنا أتمشى فيها..لأطرافي أن هنالك شيئا قد فقدته للأبد..للقطرة التي اسمعها تسقط ألان لماذا لم تتوقف..لحبيبتي أنني ارتعش..للأغنام التي لعبت معها في طفولتي متى ستعود؟..لزيزفونة كلية الآداب أنني كلما كنت اتكئ عليها كلما كنت انقض علي.. للفراغ سوف تنبت له لحية محناة..لحراس نواياي أنني سأستبد بي وبهم..للعاهرات الطيبات أنني اتخذت من شهقاتهن حرزا..للجروح التي لاتندمل كيف تكون الموسيقى جرح الوجود؟..للطيور لماذا تشبثت بالإقامة على غصتي..للطين انه صفتي الناقصة..للغياب أن بلاط غرفتي بارد وأليف..لأصدقائي أن يخونونني جيدا..لأنثى لم تخلق بعد أنني تمنيت لعق حلمتها حتى الموت..للحزب أنني سآخذه معي إلى المصحة..للكتب أنني أتعالج من الحمى بالحمى..للفوضى أنها الوحيدة التي عرفت معنى النظام..لكتفي هنالك بواخر تنتظر الرسو..للمرآة لامنتهى للمنتهى..لـ الآن انه نقطتي البعيدة..لنشرات الأخبار أنني كلما سمعتها رأسي يغادرني..للهدوء انه ظلي الضاج..للجهة المقابلة أنني لا أستطيع أن اقنع..للطريق لقد كان حذاء روحي مثقوبا..للبارحة ليس هناك من شاركني الأغاني..للباب الذي تطرقه الريح أنني لن افعل شيئا الليلة..لدورتي الدموية هكذا نهلت مني المسافات..للأحلام أنني استمنيت عليها مبكرا..للعطل الكامن في الآمل أنا بلاقميص الآن..للبيرة نحن الذين سقط الذباب على رغوة أفراحهم..للأودية أنني سأشعلها بكبريت غربتي..لصور الموتى أنني لن أتحسر على شئ بالمطلق .. للمقاهي لا احد من الناجين قد نجى.. لـ(رنود) لاتحصي أفراحي و لا تحصي أحزاني وعليها أن تتأملني فقط.

    البحرين –صنعاء
    نيسان 2005م


    (2)
    المقهى الوحيد ضيفي
    سكون شارع أخر الليل
    المجنون الذي يفهم كل شيء
    باب العمارة المكسر
    هذا السرير الشارد الذهن
    الشرخ المتسع فوق السقف
    تلك القطة السوداء
    المني اليابس على لحافي الشتوي

    عود ثقاب بفتواه يأسرني
    ابذلني في المداخل
    أتلطخ بعرقي الشهيد
    يا طائر الكناري ضميري ريشاتك
    يا نار أنت عيني الثالثة

    الملامسة تحسن الأعماق
    الرغبة رخام الروح
    تفرع داخلي يا ضوء الشموع ألان

    بشعارات همس حفيف
    تظاهرت ضد أعمى يخرج من هندامي
    ويحسن في مص شفاه حبيبتي البعيدة

    أفكر في براءتي..أنا الوحش
    انظر صوبي وأذهب كثيرا في القصيدة
    كأنني وقفت أمام البحر وعدت بقبضة عواء ميتة و زرقاء

    كيفما كان سأتابع المشي إلى البلكونة !

    ترى لماذا لم انم حتى ألان ؟
    المطر لم يتوقف..
    ترى مالذي يفكر به ؟

    حين تعثرت بالموسيقى
    وقعت آهاتي في المنفضة ولم اعتذر لشيء

    الأعمى يراني
    الأعمى أناله بهدوء

    الحديدة –صنعاء
    أيار 2005 م




    الكاسيت الرابع

    (1)
    نظرتي ساخرة إلى الوجود
    وحزينة.

    إنني ثمل ومندفع
    ولامكابح لروحي.

    أنفاسي جامدة
    واشعر بالشوك وهو يزهر.

    كل شئ صار يسكنني إلا أنا.

    أبدو عنيدا
    وصيغتي ليست كما يجب.

    ظللت انتظرني هنا لـ أحاول أن افهم
    ثم ذهبت لـ أرى ماذا افعل أنا هناك بالضبط !
    خشيت فقط أنني لن أجدني
    لكن يبدو أنني سأبقى انتظرني هكذا للأبد.
    (2)


    مسائي ممطر ودافئ وأعلى الجبل جلست كملاك
    وصادقت شيطاني.

    تياري تسارع في سلك الكشف
    ووحدتي كانت ناضجة.

    (فيروز) حضنت البشر المحتشدين في عرقي
    ولااعرف أين نسيت القبعة التي ارتديتها صباح اليوم لـ احييها بها .

    (3)


    كل ما افهمه هو غير المفهوم بالنسبة لي
    ويوما ما سأتوجه إلى قبري بمحض الإرادة ودون إعانة من أحد.

    لقد كتبت قصيدة على جدار عندما كنت في العشرين وحين بلغت الخامسة والعشرين محوتها
    كما عثرت على أمل مطمور تحت حجرة في الوقت الذي كنت ادفن فيه تحتها أملا
    واليوم غنيت لعيوني المغمضة
    وتناغمت مع الفزع الذي تولده لي طمأنينتي
    الفزع الراسخ غير المحسوس إلا عندما استدعيني من علائق الـ(ا)وعلائق الـ(ب)
    لا اعرف حماسيا بانتماء محايد مثله..
    ينقذني مني بحنان
    ويغرقني داخلي بحرية مطلقة.
    (4)


    شجاعتي هي إغماض العينين حين يتطلب الأمر فتحهما إلى الأخر.

    التقاطعات التي مررت بها كانت دائما تقودني نحوي
    وكل المرئيات تتجمع كتلة صامتة في فمي لـ انطق .

    وليمتي أنا وفي البعيد غير المتصور اقبع يائسا بفرح
    لكن متى ساصلني ؟
    لابد أن أصلني ولو خائفا.
    (5)
    بين عدم اليقظة وعدم النوم
    يشتد زمام السؤال في الإجابة
    وبواسطة ثقب صغير في جمجمة اللحظات يتسرب عن البشاعة ذلك الكلام الجميل
    فالصفر هاجس الواحد المرتجف
    والواحد ذيوع صيت الهلع في الصفر
    فيما المجهول هو المضاد الحيوي للتقدم
    ونستطيع تمييز فقدنا للعقل بالعقل نفسه !.
    (6)
    الكوابيس مكشوفة لقامتي ألان
    وصوتي بنشوة يتعرى لها.

    ازداد برودة
    واستقصيني في الدلالة الساخنة.

    الذهول سهم يمرق صوبي بغبطة
    وألمي فسيح للوهج.

    ليس إلا النشاز يا روعة الأوركسترا
    ومن الحماقة أن لا نتعدد وعرش الآلهة الملعونة يقيم في الذات هكذا بدون استئصال حقيقي كما يفترض
    (7)
    شيزروفينية هي المعاني وسادية هذه السنين الضوئية التي تمر بالكون
    فالديك المصروع بلحظة الفجر من صوته الواهم ستتعصب قصيدتي
    والأمر العجيب أن الراحلون مازالوا يأتوننا بحماسة.

    أنصاف مجانين حصدوا ضجري وأنصاف رواة حين شاهدوا حجم الهالة السوداء تحت جفوني قرروا الانهيار.
    لكنني رقصت هذا المساء ولم افشل.
    كان السكون يهل ضدي دفعة واحدة
    وكانت بسمتي تتوهج بلاتفسير.
    تمنيت أن أغادر جسدي وأطير وأتلاشى فيما وراء الكون ولا أعود.

    لقد مللت..
    وأنا لا استسيغ الملل ألان.

    تعز-عدن
    حزيران 2005م



    الكاسيت الخامس


    (1)

    لقد سلخت روحي
    وخلاياي العصبية شيئا فشيئا تصير نقية
    ولذا فانا مخدر المأساة بالابتهاج
    طريقتي صحيحة في الخطأ
    واتجاهي مباشر في الحب
    وكأسطورة قاسية
    وضحكة تتقوس أمرن بوحي عليَ
    أتذكر الشيطان المسكين الذي خبأته في وريد عنقي
    والمياه المحترقة في القصيدة
    وأعصر الأسباب بالنسيان كل صباح
    انهض واستجمع ما تبقى مني ذارفا شعوبا بكاملها
    وشارحا العلاقة بين الخطوة والأرشيف
    وحدي داخل الاست



    http://www.seeeen.net/texts-7-41.html
                  

01-06-2014, 04:55 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    رؤيا
    عبد الحكيم الفقيه




    (1)
    رأيت في المنام
    مدينة تجرد الجنود من نجومهم
    وترجع الحياة للطيور في جباههم
    وتفتح المعسكرات للحمام
    وتدفن " النظام "
    وتزرع البديل و الهديل و الحياة بانتظام
    (2)
    رأيت في المنام
    شوارعا دائخة من البخور والعطور والرنين
    وأغنيات راقصات ما بها أنين
    وأمنيات غائمات فوق واحة الحنين
    وأعينا قد طلقت دموعها منذ سنين
    وعالما من الصفاء والنقاء والسلام
    (3)
    رأيت في المنام
    أزقة ساكرة من الفرح
    وطفلة تسلقت قوس قزح
    وصبية يكركرون في مرح
    والشمس ترسل الشعاع من ثقوبها الغمام
    ونغمات دافئات تقطن الكلام
    (4)
    رأيت في المنام
    مسدسا تخرج من فوهته الفراش
    ونسوة باسمة الوجوه والنقاش
    وساعة تعاش
    ولوعة تسكن في القلوب والعظام
    (5)
    رأيت في المنام
    تفاوتا ينام " نومة اللحود "
    خارطة بلا حدود
    ودولة واحدة شعارها الورود
    يسوسها السلام والأمان والوئام
    (6)
    رأيت في المنام
    عدالة مجسدة
    واوجها موردة
    وراية موحدة
    ولوحة من الضياء والبهاء : يا سلام
    ....
    ....
    وبعدها أفقت من سباتي العميق
    حدقت من نافذتي
    يا حسرتي
    رأيت عكس ما رأيت في المنام
    شوارعا جائعة صائمة في ساعة مكروهة الصيام
    رأيت مقبرة
    قبورها البيوت
    والناس في كل دقيقة تموت
    وتعلك السكوت
    يا ليتني أنام نومة ما بعدها قيام
    أو ليتني أعيش ما رأيت في المنام
    أو ليتني حجر
    أو ليتني حجر.


    http://aljsad.com/forum4/thread31249/
                  

01-06-2014, 04:59 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: فتح العليم محمد أبوالقاسم)

    تحياتي العزيز فتحي
    وامتناني على تناولك الدسم
    مما أردنا للأحباب هنا
    مشاركتنا إياه
    وعشمي الفائدة المرجوءة وراء ذلك
    للجميع

    هذا
    وبك أسعد

    محبتي واحترامي
                  

01-06-2014, 05:37 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    تَجْمَعُ مَا نَسِيَتْهُ المَرَاكِبُ
    أحمد الشهاوي




    وَحْدَهَا
    تُحْصِي الظِّلالَ علَى الحَوَائِطِ
    وتَجْمَعُ مَا نَسِيَتْهُ المَرَاكِبُ فِي النِّيلِ
    تبْكِي الرَّاحِلِينَ عَنِ الشَّمْسِ
    وَتَذْكُرُ – في نَدَمٍ – منْ رَمَى الأوْرَاقَ فِي النَّار
    وَقَالَ فِي غَضَبٍ:
    هَلْ خَلاصُكِ فِي الحَرْفِ
    وهل المُنتَهَى فِي عِشْقِ غيْرِي
    وهلْ بُلُوغُ النشْوةِ القُصْوَى يَجِيئُ ،
    مِنَ الكُؤُوسِ التِي فِي بُطُونِ الكُتُبْ ؟



    مَضَى يبْكِي عَلَى زَمَنٍ
    لَمْ يَكُنْ فِيهِ سِوَى كُؤُوسٍ فَارِغَة
    إلا مِنْ شَرَابِ الرَّمْلِ
    وَصُورَةٍ في رَأْسِهِ لزَهْرةٍ أبديَّةٍ فِي النِّيلْ .



    تروا ريفيير – كندا

    8 و 11 من أكتوبر 2013


    http://www.poetrybook.biz/2013/10/blog-post_27.html#.UsrakDjUfhk
                  

01-06-2014, 05:41 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    اشراقات طرفة بن الوردة
    قاسم حداد


    ( 1 )



    خذيني
    فرحة الأطفال في لغتي
    وفي أحلى سنيني
    موغل في البحر
    خيط الشعر أشرعتي
    ولي سفن موشاة بأزهار الحنين
    خذيني وافتحي شباك هذا الكون
    مجنون أنا والعشق قافيتي
    وطفل في جنوني
    افتحي
    ولتأخذي حلماً تفصد في دمي
    كالياسمين .



    ( 2 )



    أتوهج في السجن رهيفاً كالسيف
    أحاور حزن الصحراء
    فحين تصير الزنزانة ضيقةً
    تتوسع في قلبي الأرجاء
    فأدخل بالشعر مغامرةً وأصير حروفاً في الأسماء .



    ( 3 )



    بحرٌ أنا
    وسفينة قلبي ، تسافر في المدى
    وموانئي تعبت من التلويح
    هذي الريح تأخذني ، وأبحر .
    في عيون حبيبتي أفق
    وأمشي فوق كتف الماء
    لا غرق وصدري يقبل التجريح .



    ( 4 )



    في هذا السجن الداخل في برد الليل
    أحاور صمتي
    أنتظر البرق القادم في كلمات العشق المرتعشات
    وأنت ، حلمي الأبدي المأمول
    الموصول ببطء الوقت
    أستوحش في البرد وكل رفاق الوجد معي
    وكأني وحدي
    فالنار صديقة ليل لا تأتي .



    ( 5 )



    قرأت بأني أموت قتيلاً
    وأن بلادي تؤرقها الكلمات
    ولكن عرسي الحزين يصير ضئيلاً
    لأن بلادي محاصرة بالغزاة .



    ( 6 )



    من بين نساء العالم واحدة
    أدخلت الكون بقلبي :حبيبة قلبي
    من بين بلاد العالم أرض أجمل من كل الجنات :
    أرض الوطن الساكن في قلبي .



    ( 7 )



    عطرٌ أنا
    وكل حديقة مني ستأخذ لونها
    وتصير مثل اللغز في الأسوار
    هذا الرمز لكن الغموض نوافذ مفتوحة
    كالجمر نحو النار
    تيجان من الكلمات ، كل مغامر يختار
    تاج الغار أو تاجاً من الأزهار



    ( 8 )



    أعذب الزيف بالصدق
    والحقد بالحب
    والجرح بالفرح واليأس بالأمل
    والوقت بالفعل
    أوحد بين النقيض وبين النقيض
    أعذب الوضوح بالغموض وأستغرق .



    ( 9 )



    موحش وحش
    شحيح ليل هذا البحر
    لكن البحار حديقتي
    وحبيبتي، قمر يطل من النوافذ كالنهار،
    في انتظاري عائداً
    واللؤلؤ الناري كل هديتي ودم ازدهاري
    فيصير هذا الليل ماءً ليناً كالحلم
    تزهر جنتي يوم انتصاري .



    ( 10 )



    يا سيدة الحزن الشاهق
    هاتي فالشوق الخاثر عذبني
    والصدر الراهق يرهقني
    غني وخذي بيدي
    يا سيدة الصوت الواثق .



    ( 11 )



    مخير يا وردة الغموض
    ما بين ذل الموت والشهادة
    مقاتل وفارس وفي دمي أخوض
    لست الذي يحار في الخيار
    ما بين هذا السيف والوسادة .



    ( 12 )



    حين تجيئين إلي ملاكاً في الحلم
    يرتعش الفرح الطفلي بقلبي
    وعند الصباح تكون بقايا الأزهار الليلية
    فوق كتابي
    فيساورني الشك بأن الحلم ...



    ( 13 )



    بكيت بكيت من الصبح حتى المساء
    لأني حين تبرعت باللون للأرض
    أعطيت للماء نبضي
    فقيل بأن البحار التي من وريدي
    ليست دماء
    لقد كان بعضي يشك ببعضي
    فقلت بأن دمائي ماء .



    ( 14 )



    يا الذي كان يغني العشب شعراً وتحول
    وطني يدعوك للرقص الجماعي
    فهل بالرقص تقبل فتأمل
    رغم حد السيف والصيف الشتائي
    فإن العشب في الأحلام أجمل .



    ( 15 )



    غارق في الهموم
    أنقل خطوي رعشاً
    وأحمل حزناً عميقاً ، فتبدو كأن الغيوم
    بلاد مهيأةً للزوال
    كأن الجبال
    تماثيل ممسوخة، والنجوم
    عصافير مرسومة في الخيال
    فمن يحمل الهم عني قليلاً
    لكي أفصد السم عن ساعدي في دمائي السموم .



    ( 16 )



    أتوزع كالعطر الثوري بأفق الأحلام
    وأجمع ما بين الوردة والنار
    وما بين الجمرة والثلجة
    أوحد بين عناصر هذا الكون
    هل أحد يعرف سر العطر الثوري
    وهل أحد... ؟



    ( 17 )



    لغمٌ أنا
    فمن ذا سيشعل رأس الفتيل ؟
    أفجر هذي القبائل بالشعر
    أعرف سوف يقال بأني الغلام القتيل
    لأني رفضت القبول
    أرفضوا وانهضوا إن موتاً كموتي
    جميل جميل جميل



    ( 18 )



    لا تثقوا بحياد الماء .



    مارس 1978




    http://men.poetrybook.biz/2013/10/blog-post_2521.html
                  

01-06-2014, 05:43 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    الحلاج
    عدنان الصائغ




    أصعدني الحلاجُ إلى أعلى طابق
    في بغداد
    وأراني كلَّ مآذنها
    ومعابدها
    وكنائسها ذات الأجراسْ
    وأشار إلي:
    - أحصِ
    كم دعوات حرّى تتصاعد يومياً من أعماقِ الناسْ
    لكن لا أحداً
    حاولَ أن يصعدَ
    في معناهُ إلى رؤياهُ
    كي يوقظَهُ
    ويريهِ..
    ما عاثَ طغاةُ الأرضِ
    وما اشتطَّ الفقهاءُ
    وما فعلَ الحراسْ


    http://www.adnanalsayegh.com/ara/index.asp?DO=DIKTandid=4
                  

01-08-2014, 08:27 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    رِهانُ الشهَوات
    عصام عيسى رجب





    (1)
    أتشهَّى القصيدة
    مثلما جبَلٍ
    أرهقته ظنونُ الثبات
    كالغزال
    أضجرت خاطريهِ النجاةْ
    - لكأنَّ النبالَ تذكَّرُ خضرتَها في الشجر
    فما تستَفِزُ الفرائسُ سيرتَها
    وهي تُخضِّبُ وَرْقَ النشيدِ نزائفَ كالـ... -
    كالبَنات
    فارَ نهدُ الغناءِ على عُودهِن
    فأين توارت أيادي الصعاليك
    تصوِّبُ وهوهَةً ُأو تطيشُ
    - كما عادةً تفعلُ الشهَوات -
    كالطغاةْ
    يبتغون النبوةَ في الناس
    السماءُ الأخيرةُ ها زهدتْ في الرسالات
    سرحَّتْ جيشَ أنجمِها
    وارتضتها ترِفُّ على مرَجِ الناهِدين
    لا على كتفٍ ناشزٍ في الهواء ...
    أو كالحنين

    (2)
    أشياء
    انتهَزتْ ما انتهَزتْ
    [غفلةَ خاطرتي عن غنَمِ الأيام،
    وتاسعةِ الأحزان
    تيهَ الحبر
    وإذْ هجرتْهُ الأوراق
    إلى خشخشةٍ بيضاءَ ولا أزرق
    طيشَ تصاويري
    حين تدورُ الأرضُ إلى أعلى
    كذاكرةٍ عمياء ...]
    فانسرَبتْ
    حيثُ تنؤُ قصيدتيَ الأخرى
    بخِفةِ مَنْ يترجلُ عاشرةً
    عن عرَشِ الأسماء

    (3)
    لا عَليّْ
    إذا فاتني الحبرُ والشعراء
    إلى آخِرِ الضوء
    فالظلامُ شجوني،
    وعيوني ترى ما يخونُ الأشعةَ
    مِنْ جَلَدِ الكشف
    والخوفُ أنْ يدخلونَ على عَتمَتي
    يرجفونَ من الضوء
    أو أطيرَ إلى باهِرٍ
    طردتهَ السماءُ كما .....
    ............
    ............
    ولمَ الخوف ...؟!

    20 أكتوبر 2003
                  

01-08-2014, 10:11 AM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    Quote: كُنْ...يا أَنْتَ
    كسَاحِلِ بَحْرٍ...
    يَعْلَمُ أنَّ الشَّمسَ
    سَتَأخُذُ عَذْب المَاءِ
    وتُعْطِي ملحاً..للآتِينَ بِرَكبِ الحُزنِ..


    يا للروعة

    بس وجاهتك دي اوع تدي رقمك لجكس الفيس والوات ساب - بقللوا منامك يا دخرينا
                  

01-08-2014, 02:09 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: الطيب شيقوق)

    هي صورة الشهيد السنهوري
    الذي قضى نحبه إبان أحداث الثورة الأخيرة
    مات لأجل الوطن
    ولا زال الوطن يرزح تحت نير استعمار قوى الاستكبار المحلية





    تقبله الله شهيداً
    في عليين
    وشفعه في أهله يوم لا ينفع الناس شيء....



    ....
    شكراً لعبورك الذي يشبهك وجاهة روح وطوية
    شكراً لتثمينك مناولاتي


    تحياتي، محبتي واحترامي
                  

01-08-2014, 10:46 AM

ibrahim fadlalla
<aibrahim fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 2585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    Quote:

    عفو خاطركم
    كل أهلي
    فقلبي سخين سخين
    لساني من الشوق لهب طليق

    عفو خاطر هذا المدى
    إان شهقت فخان الصدى
    زمن أخر يا نديمي
    لعل المحبة ثلج
    لعل الذي منعني كان خيرا
    فإني بعيد هنا
    ياصديق!


    جبال البيرينيه- فرنسا الجمعه 3 مارس 2006


    أسأل الله الرحمة والمغفرة لبهنس ...فهو كان يسكب روحه حرفا حرفا ...فتذوي جذوته ...وتبقى جذوة كلماته وقادة ...

    شكرا بلة على هذه المناولات الأنيقة ...كحديقة الورد ...أينما وقعت ..أصبت الرحيق ...

    أسكرني ما سكبته من رحيق ...الطيب برير ...وأطربني شجو عالم عباس ...ورأيت من فجوة حروفه حنو غرف الطين ...وشدني الحنين ..
    أقلقتني كأجمل ما يكون القلق ..صخرة بشرى الفاضل ...وكونيات عاطف خيري ...

    أما نجلاء التوم ...فيا للأحرف النجل ...والمعاني البديعة ...أرجو المزيد منها ...فكلامها منعش وجديد - علي - تماماً ...

    أتراني متحيز للأقلام السمراء ؟؟ ...الوجدان يا صاحبي له أحكام سلطانية ....وأنت أدرى بها ..

    أشكرك حتى تنتفض ...
    ( و برضو ما بحلك ، فأركز يا صديق ) ...
                  

01-08-2014, 11:00 AM

ibrahim fadlalla
<aibrahim fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 2585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: ibrahim fadlalla)

    وهاك من قنديل بشرى ..قبسات

    Quote:
    إنت إنسان عجيب الزاوية
    كيف تدعوني إلى الرقص وبطني خاوية
    -------------------------------------------------
    أيضاً من المقاطع التي أعجبتني كثيراً:

    إنتقلت فراشة كانت على عمائها
    تنام في بياتها الشتوي ألف عام
    إنتقلت لموطن الموت المنير في الحياة
    وإنطلقت في السكرات عبارة حكيمة
    للحظتان من ضجيج وأريج وإنتباه
    خيرٌ من السكون ألف عام في غيهب الظلام


    المقطع الأول ...للمهندس قباني مفترع طازج بخصوصه ...والصراحة هو ما أوصلني إلى المقتبس أعلاه ...

    أرجو قبول مناولتي ...
                  

01-11-2014, 08:03 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: ibrahim fadlalla)

    طبعاً طبعاً يا صاحب
    تسرني المناولة
    فالمناولة سر من أسرار المحبة
    وعشمي أن تستمر المناولة
    والحب



    تستمر إبداعات بشرى
    ومجابات يحي



    تحياتي، محبتي واحترامي
                  

01-08-2014, 02:19 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: ibrahim fadlalla)

    غشتنا أحزان غليدة يا إبراهيم
    غليدة وبليدة


    هالني منك أمران:
    عنصريتك السمراء يا صاحب وأنت رجل تترجم للفرنجة
    وتنقلنا إلى عوالم غناءة
    فما حل بك إبان الغياب
    وغيرك هههههههههه
    أظنك مهدماً بالأشواق إلى الديار وأهلها
    ومثلك، لكنا نلقى في الحروف من أي صوب وحدب
    سلوى لعلة الشوق...

    أنك لم تقرأ لنجلاء عثمان التوم
    وحروفها ربيعٌ غناءٌ لا ينقضي.



    لمثلك تتعرى الروح للبطان
    سرني بحق وجودك البناء
    فلك المسارات شتى


    تحياتي، محبتي واحترامي
                  

01-12-2014, 08:47 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    نصوص شعرية
    أمل مسلم حاتم




    الذين في السياق
    الذين دخلوا أمسِ الى اللغة ،أخرجتهم حرمةُ المضارع
    الذين قرعوا صبحَ الأحبَّةِ بالجسد ماعرفوا أنَّه تاريخٌ لمّا يكتبهُ أحد
    الذين جاؤوا على متنِ الريح وساءهم أنْ يمرّوا بأقواسِ الزمن اكتفوا أنْ يمسِّدوا جرحَ النهارِ بقبلة
    الذين أنكروا حياءَ الأشجار جرحوا الظلَّ باليقين
    الذين أَوْلَمُوا البكاءَ على الضحايا ،والأساطيرَ لكَ أيُّها الموت نسوا أنَّ الترابَ يضمُّ بحرارةٍ جثةَ الحقيقةِ إلى صدرِهْ
    الذين عاقبوا الآلهةَ على غدرِها بنا حلّلوا الخطيئةَ على أنَّها غناء وتابعوا إنشادنا
    الذين اعترفوا بذكاء الملأ نزعوا عبقرية الفراغِ من المفكِّرة
    الذين سرقوا الأمنيات من يد المدى وعبثوا بطلاسمِ الغيم اكتفوا بوحل المخيلة
    الذين أجادوا قراءة المطر يأتيهم بريدُ الندى كلَّ صباح
    **********************************
    ماذا أقول
    ماذا أقولُ وهذا الصمتُ حريقٌ مكتومٌ في فلكَيْ ولهٍ وخرابْ
    ماذا أقولُ وهذا الصمتُ أوَّلُ الحب، وأنا العاشقةُ هاهنا أخطُّ حروفي بأناةِ الطيرِ الوليدِ جناحاً جناحْ
    ماذا أقولُ وهذا الصمتُ يحطُّ صوبَ شتاءِ العينِ كبيراً كأوَّلِ الحزن ، فاتحةً مطروفةً بالدمِ والحكايا
    ماذا أقولُ وهذا الصمتُ قمرٌ يحوكُ استدارتَهُ في عناقِ الليالي
    ماذا أقولُ وهذا الصمتُ ريحٌ في صحراءَ تبكي القمحَ والنساء
    ماذا أقولُ وكلُّ هذا الصمتُ لا يلبَسُ عُريَ المدينة
    *********************************************
    تهلكة
    حين عرفت الحقيقةُ أختَها الشقيقة ؛التهلكة
    عزفت هباءً مُنغَّماً على قيثارةِ الخلقِ
    فكُنَّا
    *************************************
    مقابر
    ذِماءٌ زكيَّةُ الرائحةْ
    الموتى هنايوثِقون أرواحهم إلى الغيمِ بدهاءٍ مكينٍ كي لا يعودوا
    غير الموتى يعدُّونَ الموتَ كقهوةِ الصباح لينداحَ النواح على سطحِ الزقزقة
    الترابُ هنا يرعاهُ ظلٌّ لايرحلُ في الأعلى
    الموتى ،غيرُ الموتى ،وأنا لانفهمُ اللغاتَ كلَّها لكنَّنا نرتعُ بكفاءةٍ في ماءِ وعشبِ هذهِ العبقريّة and#1632;

    الذِماء تعني بقايا الروح
    ****************************************

    غواية
    أنا التي لمْ ترمِ حجراً في بئرِ النظر
    أنا التي لمْ تكُنْ ماءَ ما انقطعَ من حبلِ الكلام
    أنا النجمة التي هوت
    أنا النجمةُ التي
    رأت
    قمراً
    هوى
    ******************************************
    بيننا

    بيننا ياصديقتي
    مايُشبه الضياءَ حين يُباغتُ العتمة ،لكن أشهى
    بيننا ياصديقي
    مابين الصبح والشمس من قيامةٍ دائمة
    *************************************

    صوتك

    لاشيءَ يذكرني بالوشاياتِ العتيقة غيرُ صوتك يافتى
    لصوتِكَ ركوعُ عصفورٍلأجل حسوةِ ماء
    لصوتك قيامُ الشكرِ بعدَ الروى
    **************************************
    غفلة
    لجواد الغفلة كبوتان
    لتسرقَ من طير شعري جناح يكفيك قبلة
    لأسرقَ منك عنقاءَ المعنى تكفيني قبلة

    ****************************

    بحر وسماء
    على ضفَّةِ العين التي ترى سماءٌ غزيرةٌ وبحرٌ لا يسقطُ أبداً
    أعزلُ أنا أيُّها الظلّ وأغنياتي لاتسمعها إلاّ النوارس
    أعزلُ أنا أيُّها الظلّ لكنَّ موجي إله
    آوني أيَّتُها الشقيقةُ أبلّغك حنيني فإلى الجنوبِ من هذا الغرق ليلٌ يصخبُ بانكسار المواد في الرؤيا
    وحيدانِ غريبانِ ماعدتُ حتى أعزلاً ياشقيقةْ
    هبيني الزرقة من جديد لأفكَّ حِدادَ الغيم
    وأعقدَ فيئاً وعشقي
    آوني أيَّتُها الشقيقةُ
    ودعيهم في زرقتنا يهيمون
    *************************************

    زمن
    وحدَهُ يجيءُ ماضياً في الرفضِ محرومَ الغياب
    وحده يجيءُ يقتلُ ساعاتِه توقاً للحضور
    وحده يجيءُ وما مِنْ جناحٍ يُقِلُّهُ عن حزننا الطويل
    ******************************
    دمشق الحبيبة
    )قربَ نهر الدمع الذي تراه بحارُ دمعٍ لاتراها (
    دمشق عذافرةُ الحكايا
    جِئْتُكِ يادمشقُ .....ماذا سأحكي عنكِ لحبيبي؟
    .ماذا سأحكي عنكِ لحبيبي؟
    وقد آخيتِ بين بياضنا والسواد برمادِ الياسمين
    .ماذا سأحكي عنكِ لحبيبي؟
    وأنتِ ذاكرةٌ بفصلٍ أخيرْ وغبارٌ يعرشُ على خشبِ الأحياء القديمة
    .ماذا سأحكي عنكِ لحبيبي؟
    ولاشيءَ يلوحُ فوقَ قُبَّةِ ضيائِكِ غيرُ غيابٍ أعمى
    دمشقُ هلْ عرفتِ الحبَّ يوما؟
    هل علّمك الحبُّ مهارةً بيضاءَ أو أردتكِ قبلة؟
    .ماذا سأحكي عنكِ لحبيبي؟
    اسألْ ضبابَكَ قاسيون
    هل لي في سرابِكَ كأسُ ماءْ؟
    فقلبي واحةٌ ثكلى وغابَ جميع مَنْ أهوى
    دمشقُ
    هل لي في سرابِكِ كأسُ ماءْ؟

    andandandandandandandandandandandandandandandandandandandandandandandandandandand
    ثمَّةَ
    ثمَّةَ حكمةٌ في قراءةِ الموت
    من فرطها نكتبُ الحياة
    *************************************

    يا أنتَ
    لكَ أنْ تراهُما يجيئانِ والأغنياتْ
    اثنينِ في ثوبِ البراءةِ منْكْ
    للريحِ التي تمرقُ خلفَ بابهم همسٌ مختلفْ
    لكَ أنْ تُبصر
    حين تحبسُ الضياءَ دونهما
    مَنْ يسلبُ القافلةَ رائحةَ الدربْ
    لكَ أنْ
    تراهُما اثنينِ في حبِّهما
    يشبِهان النورَ
    وقتَ تملُكُهُ السماءْ
    *************************************

    غدر
    قصةٌ عتيقةٌ كانتْ تُحكى بجناح ،سنحكيها بجناحين:
    هبة المجنونة كانتْ تصارعُ ذبابة جعفر العاقل أكلَ الذبابة الميِّتة
    *************************************

    طريق
    لاشيءَ يقتلُ الوحشةَ الطاعنةَ هنا
    غيرُ تلكَ الوردةُ النابتةُ على خيطِ ضوءْ تنتظرُ النورَ
    كي
    تعلنَ لونَها

    *************************************

    ياهذا
    ياهذا / الكلماتُ التي ثأتي أولاً ترثُ الوهجَ كلَّهْ
    ياهذا /حيثُ لايصحو فيكَ كلَّ فجرٍ سوى حزنكَ لكَ أنْ تطربَ بوردةٍ حمراءَ بلونِ دمكْ خضراءَ بماءِ رؤاكْ
    ياهذا /حفرةُ خوفكَ عميقة كحفرةِ الشمس لاتراها إلاّ في النورْ
    ياهذا /ثعبانُ الوقتِ يسعى في الساعاتِ التي تقعدُ رازحةْ
    ياهذا /لاتومئْ بشيءٍ للريح ،فنهرُ الحكايةِ لمّا يصلْ بحراً
    ياهذا /آلامُ روحكَ ستغفو إذا سافرتَ بعيداً عنك
    ياهذا / كذبةً ، لعنةً ، حزنُك يقتاتُ من ضوئك
    ياهذا /.
    *************************************
    سؤال
    أللمعنى الذي لاتقوى اللغةُ على حمله كلُّ هذا النور؟

    ************************************
    جرح
    لاندحارِ الدمِ عن جسد الوريد حكايات حمراء
    ترويها ربَّةُ الشّعر
    كانت يا ما كانت
    تُهدى المُدى للريح
    كانت يا ما كانت
    تسمقُ الشقائقُ السوداء بين ألواننا كالمكيدة
    كانت يا ما كانت
    تحنُّ الملائكة لروائح الآلهة فينا
    كانت يا ما كانت
    تكشف الأضواء عمَّا تحتَ أحجارها
    كانت يا ما كانت
    للمدى أسماءً بعيدةً ؛أحلامَنا
    كانت يا ما كانت
    لنا جراحنا
    كانت يا ما كانت
    لنا كلّ أفياء الحكاية

    *************************************

    انتظار
    لننتظر علينا
    أنْ نحرقَ النظرة على خدِّ مرآتنا
    أنْ نرمي الريح فوق ظهر الأمل
    أنْ نطعنَ الكلمةَ بنقاطها
    أنْ نهبَ الوقتَ وقتاً كي يسوَّغَ المجيء
    لننتظر
    علينا أن نصلِّي جمعاً
    على من هوى شهيداً
    أو هوت وردةْ
    *************************************

    أزرق
    لقدومك أيُّها الأزرق
    رائحةُ الغيابْ
    لقدومك أيُّها الأزرق
    سنعلِّقُ وهج النشيد أيقونة
    على قُبَّةِ وقتنا الأخضر
    ونمدِّد ويلنا بدمٍ يهدرُ في نهرِ الفجيعةِ الكابيةِ
    ونمضي
    *************************************
    خارجَ أسواري
    قافزةً خارجَ أسواري
    اقتحمتُ مابين سطورِكْ
    عذراً
    كان علي قبلَ البدءِ
    أنْ أعلمْ:
    البحرُ والسماء شقيقان
    وعليهما أنْ يكتفيا بالزرقة

    *************************************


    كرامةُ الدمع
    في فرحٍ
    يراودُ الدمعةَ بعيوننا شوقُ السقوط
    وكُرمى لحزنٍ ضاربٍ عميقاً في دمنا
    تأبى الدمعةُ أنْ تنحني
    *************************************

    قلبانا
    توأما الحبِّ قلبانا
    يحرّران ماقِيْدَ في ماضي العشق من ذكريات
    وكحرفينِ ماخُطَّا في دفترٍ
    يرقدان في جمرِ ظلِّهما
    ينتظران
    أنْ يجيءَ بهما اشتعالْ
    *************************************

    أسئلة
    لِمَ لاتفكُّ الدمعةُ غلائلَ حزننا؟
    لِمَ عندما نفيءُ للقاء يزفرُ الوقتُ ساعاته انتظار؟
    لِمَ لانملك للمسافاتِ التي تنبسطُ خارجَنا سوى الريح هديةْ؟
    لِمَ بكثيرٍ مِنَ الغباء نفردُ فراغَ وجهنا في ابتسامةٍ ختامية؟
    لِمَ يذكِّرنا صمتُنا بعقابٍ أزليٍّ يُزَيِّنُ ناصيةَ الأمل؟

    *************************************

    ابتسامتُه

    ابتسامتُه
    تجمعُ بعضي إليّ
    تُسلسِلُ ترددَ الأرواحِ في جسدِ(ي) ؛ الزمنْ
    تُغرِقُ في أحضانِ موجِها مراكبَ ملاّحي الحكايا


    *************************************************
    شوق
    لهذا الشوقِ
    هدأةُ التوقّع
    وسلطانُ الضمّةِ الأولى
    *************************************
    حلم
    كان الحلم زادنا الوحيد لذلك
    امتد جوعنا زمنا طويلا
    *************************************
    لم يبقَ
    لم يبقَ من صيفٍ يرحل ْ
    غيرُ حرارة الحلم
    الشمسُ التي زينتْ دفءَ المكان تغيب في برد الذكريات
    من ذا يوقظ الارض التي غفت للتو؟
    حديث هذا اللون يسري في عشب الألفة الماضية كأنه الحكايا
    كيفَ لهذا العمرِ أنْ يأنس النغمَ الجديدْ؟
    µµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµ

    لم يبقَ

    لم يبقَ من ثورة القبيلة غيرُ بئرٍ ترقد في مشارف الصحراء القديمة ،مرت الحقيقة بجوارها لكن لمّا تروَ بماء.
    وسيدةٌ هرمت كالعتبة تجمع في قلبها تراثَ الندم ويجيش في عينيها أنينُ من رحلوا.
    وآفاق تنأى بشذّاذِ مفازاتها بوخيدٍ وئيد إلى هاوية ٍ تشبهُ الموت غيرَ أنّها نهائية العتمة
    µµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµµ

    حين لا يبقى

    حين لا يبقى
    غيرُ الحبِّ رفيقاً لحزننا
    نجيدُ الحياةَ بكفاءةِ العصافير
    **********************************
    ليلى والذئب
    لحزنٍ أصيلٍ فينا
    لانملكُ سوى عكازٍ قديمة تتكئنا
    وحكايةٍ عن غيرِ عمدٍ تذرو عِقدَ براءةِ الصغار
    ( ليلى البريئة تمرح في فناء طفولتها من بيتها إلى بيتِ الجدة ،أمّا الذئبُ إنه هناك فوق تلالِ هذا المشهد يلهو and#1632;and#1632;and#1632;and#1632;and#1632;and#1632;and#1632;and#1632;وينتظر وـ فجأةً ياماما ـ يقتربand#1632; ولاتنتهي هذي الحكاية (

    .


    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=221933
                  

01-12-2014, 09:22 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... يا إبراهيم فضل الله (Re: بله محمد الفاضل)

    إميليو بيكلو
    ترجمة: أحمد لوغليمي




    ننشر هنا بعض النصوص الشعرية للشاعر الإيطالي إميليو بيكُّلو (1951)، بترجمة الشاعر والمترجم المغربي أحمد لوغليمي.


    أبراج

    1

    آه، نعم ثمة الكثيرُ لنفعلَه

    في القلبِ العليل لهذه الحياة

    كأن نصرخ: “تبا لك أيها العالم”،

    في وجهه.

    كأن نحبَّ الأدب،

    أكثر قليلا من القُمامة.

    ..

    2

    هي حقيقة ملغزة:

    أستمع إليكِ لأصير أصمًا

    أتأملكِ لأصير أعمى

    ولا توجد قصيدةُ حبٍّ

    إلا وأريد أن أوقّعها باسمي.

    ..

    3

    كلنا متفقون:

    الشِّعر لا يجدي إلا قليلا

    الطرقُ التي تعبر العالم

    تمرُّ أولا خلال عظامنا

    لا جدوى من الخوف أو الأسف

    على هذه الأرض التي لم تكن قطُّ لنا

    لا جدوى أيضًا من أن ننطلقَ في الريح

    مثل منطاد.

    ..

    4

    لَكَمْ نحن سجناء في أسمائنا

    نحن مجرد “نَعَم”

    “نعم” هي فقط

    طريقةٌ مهذبة لقول: أنا أعاني

    لَكَمْ نحن يائسون بما يكفي

    لنرتاح في أوجاعنا.

    ..

    5

    ستقولُ بأنك كنتَ الأفضل

    مع أنك تعرفُ أنّ الرجل لا يساوي شيئًا

    حينما يكون قد أحبته امرأةٌ ثم تخلَّتْ عنه ورحلت

    فقط لأنها تفضلُ النوستالجيا

    وتبدأ في التزيّن لأجل آخرين لا يحبونها.


    http://www.qadita.net/2011/08/22/emilio/
                  

01-12-2014, 09:34 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... يا إبراهيم فضل الله (Re: بله محمد الفاضل)

    “الآفـة ”
    إدجار ألان ب
    ترجمة: هانية عَسوَد.




    فلتَحضُرِ الدّهشة! هيَ ليلةُ الحفلِ

    خلالَ سنواتِ الوحدةِ البديلة!

    حشدُ ملائكةٍ.. بأجنحةٍ، تعتليها زينةُ القداسةِ

    مغطاةٌ بالأحجبةِ.. وغارقةٌ بالدّموعِ،

    تجلسُ في المسرحِ، لتشاهدَ

    مسرحيةً منَ الآمالِ والمخاوفِ،

    حيثُ الأوركسترا تتنفسُّ بشكلٍ متقطّعٍ

    موسيقى الرّوحِ وتشابُكها مع العالم.

    .

    يومؤونَ.. بشكلِ اللهِ، في العُلا

    يُتمتمونَ ويُغمغمونَ بالهمسِ،

    يتطايرونَ هنا وهناكَ

    مجرّدُ دمى.. يأتونَ ويذهبونَ

    ليَهبوا أشياءَ كثيرةً بلا أشكالٍ

    يحوّلونَ المشهدَ بمجيئهم وذهابهم،

    ومنْ رفرفةِ أجنحتِهم، كطيرِ الكوندورِ، يخرجُ

    تعجبٌ خفيّ!

    .

    تلكَ الدّراما المتنافرةُ – تَأَكّـدْ

    لا يُمكن لها أنْ تُنـسى!

    فشبحُها مُطاردٌ إلى الأبدِ

    منْ حشدٍ غيرِ قادرٍ على اغتنمِاها،

    في دائرةٍ لا مُتناهيةِ العودةِ

    إلى نفسِ البقعةِ ذاتها،

    والكثيرُ منَ الجنونِ، ومزيدٌ منَ الخطيئةِ

    والرّعبِ في روحِ المؤامرة.

    ثمَّ يرونَ وسطَ حشدِ الإيماءاتِ،

    شكلًا زاحفاً يقتحم!

    شيئٌ بحمرةٍ داميةٍ يتلوّى خارجًا

    من عزلةِ المشهد!

    يتلوّى! – إنّه يتلوّى! مع ألمٍ قاتلٍ

    تصبحُ الإيماءاتُ طعامَهُ،

    وتبكي الملائكةُ من أنيابِ الآفاتِ الممتلئةِ

    بالعنفِ الدّامي للبشر.

    .

    أُطفئتْ .. أُطفئتِ الأنوارُ .. أُطفئَ كلُّ شيئٍ!

    وفوقَ كلِّ شكلٍ مرتجفٍ،

    السّتارةُ.. كفنٌ،

    تنسدلُ كتدفّقِ العاصفة،

    بينما الملائكةُ، شاحبو الملامحِ والتّعابير،

    منتفضونَ، سافرونَ، يؤكّدونَ

    أنّ المسرحيةَ هي المأساة، “الإنسانْ”

    وبطلُها، الآفةُ الغازِية.



    http://www.qadita.net/2014/01/08/hanya_aswad/
                  

01-16-2014, 10:09 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... يا إبراهيم فضل الله (Re: بله محمد الفاضل)

    أحـــفاد الـــــريــح
    خلف علي الخلف



    آمل .. قالت الريح


    أدونيس
    *




    من رفاةِ الميتين


    من بريةٍ تثغو بها الأرواح


    من شمسٍ تخبُّ في اثر الضعون


    تسرج لذةَ الإبصار في ليل الضغائن ،


    يا نشيدَ السراةِ وخطو خيولهم،


    ورايات أمصارهم إذ تهلُّ مبايعةً على نحر اليقين .


    .


    ها هم


    كلحية أعمى


    أو حية صبحٍ


    .


    كالجنيات اللائي خطفن رداء الخضر


    ليلبسن الماء رؤى الريح وينسجن


    من بصر الماء كفن الصوفي الأول .


    .


    كريح انهكها الضيمُ


    كعيونٍ تومض بالوجد وتبتلّ بماء العتمة


    كليل المنادي


    لا شمس تؤويهم


    لا سيف يحمي حنطتهم


    شربوا لهاث الخيلِ أمالوا الليل لسحنتهم


    ( والليلُ خطايا من وَهَبوا ثأر الضليل لقاتله(


    .


    ومضوا


    روحاً لائبةً تتشوق سيفاً ،


    من تحت عبائتهم ، ترتدُّ زغاريد التأنيث


    تشرق شمسُ الواصلِ


    تهمرُ عينَ الله دمعتها عليهم.


    .


    ما ولجوا الشام


    ما سكبوا في الركن الشرقي من الأموي تحّنان الروح


    ما صلّوا بردى


    ما طلبوا ثأرَ الريح تهبُّ بأنفاس المضموء


    وما رتلوا أحزانهم على أموات يثرب


    إلا أن الريح تهذي بهم وتنادمهم ، وتصلي لشمسِ حملتهم


    وهناً أوظمأً


    وتذكر أولى خطوات سنّوها كأعراس الجنة أويتم الأعراب.


    .


    ناداهم قوس الله :


    من يشرب من حفنة هذي الريح خطايا الخيل


    أنادمه


    أهبه هاجر أو ابنة مريم


    .


    صاح الحادي : من يشرب من حفنة مجدي دماءَ أبيه


    أعطيه حصاني


    وامرأتي المومس أضحية للشمس الغاربة


    أعطيه نشيدَ الحكمة .


    ( هاكم ولدي ينسجُ مقلاعاً من أردية التأويل


    أو من أهداب عيوني


    يصقل من وهجي حجرَ الحكمة


    بالحجر الأول يفقأ عين المبصر


    بالحجر الثاني يفقأ عين الأعور


    بالحجر الثالث يرمي الحكمة في أعينك (


    .


    مثل الأسرار يشفّون


    من شجر خطاهم قطفوا صهيلَ الخيلِ


    ورموا الهتّافين بجمر غضاهم


    نهبوا الملأ من ميراث الفطرة


    .


    خطفوا نهار الله من أيدي الغافل


    فاضوا


    كبثور الجدري على وجه الفاضل نثرتهم ريح الخلسة


    ( لم يتركوا زيتاً على نيرانهم


    لم يتركوا حطباً لمدفأة الشتاء


    لم يتركوا مأوى لأطيار الطفولة (


    .


    كالظلمة


    كالنارِ الموؤدة تحت رماد السيف


    يمتشقون النأيَ


    يَصَلَون البعد بنار الصوفي الأعمى


    تكورهم النهارات بصاياتها تحملهم صوبَ عماء اللذةِ


    صوبَ البصر المتوجس من ضوءٍ في دير الحنطة


    صوب فزوع الفطنة


    صوب بلاد عذراء كماء الله على صخر طفولتهم.


    .


    أطعموا أطيار ثاراتهم من قمح خلاّنهم


    أكلوا ظلال الموتى، شربوا فحيحَ أفاعِ الماء ،


    ما فسروا أنفاسهم ولم يأنثوا حيرة الدرب بأقدامهم


    نهبتهم شمس صلاة الأضحى


    نبحتهم كلُّ كلاب الحوأب ،


    وقطا مثل صلاة الفجر ينحبُ أثار خطاهم


    .


    …) وأنا أرمي بالسعف مشراق الشمسِ


    أدفن موتاي الشبقينَ بمراحِ الإلفة ،


    أنبشُ بأصابع قلبي قبرَ المدفون "بدامر" أودعه خطاهم،


    أزعم أن الله يهبُ الريح هبوباً من خاصرة التنوين


    أو شفة نون الأنثى


    .


    أعفِّر وجهاً مامس مياه الجنب


    بقشرِ الحنطةِ


    تذريه نساءُ قريش اللائي يخطفن العشبة من روحي


    .


    يرمنّي لهاثاً


    يغدوني الليل


    رسولاً


    ضيع حكمته بين منازل الإعراب


    … ثم نام (


    .


    ساروا بمطايا تنوء بحمل صلاة الغائب


    حفّتهم أطياف ملائكة تقرأ في الاصحاح السابع من سفر الحكمة


    وعصائب طيرٍ تهديها نجوم تبرحها الشهوة


    و###### مشلول


    يقتات ما يسّاقط من نفس مُضنى


    .


    طافوا بالكون


    لإرجاء النذر الأعسر


    ( لم يضوهم ليل الصبابة


    لم يبسطوا أرواحهم لأقدام الأسى


    لم يذرفوا دمعاً على ميراث قتلاهم (


    .


    سموا الراء رايتهم


    وسلطان الله على أرضٍ أثقلها اليتم


    وحوافر خيل الأعراب


    سموا الياء يماماً


    يسترهم من صبح الوارث


    سموا الحاء حنيناً


    لا تغرب عنه شمس الثارات هبّوا ،


    تبرأُ ريح الندب ، تَعوِلُ بالبُرص :


    .


    هِزّوا عمدَ البيت


    يسيل لعاب الظلمة يسّاقط ليلٌ ضامر.


    … )وأنا كالشك أبارح ثالوث الانصاف


    أنسج ليلي من حبر الرغبة ودُثاري أنفاس المضموء


    أصلي مرتجفاً كالملدوغ ببرد الأيام


    .


    أهجس بالريبة


    أخال أيادي الواهب تقطفني من زهو نشيدي


    ترميني في نار الترتيل :


    من ضل سراطي المسنونَ


    من داس النمل المشمول برحمة سيفي


    من أكل "تفاح البرية" ثم ناداني باسمي


    من آمن بالريح


    سأصليه بلاداً ما شافتها عيون التيه


    .


    يَصْهَدُني عرق الرهبة ، أخرج من عشر المؤتلفة


    أسفُّ مدقوق الرمضاء ، تأكل أحشائي نارٌ كالسيف الخائف


    أشرب منقوع الريح


    يبتل لهاثي


    أهرب من ليلي


    أجوب تخوم الصحراء


    أنشد رعيان الإلفة


    ما مَرّوا ؟


    سراةٌ يشبهون ماء زمزم (


    *


    حلب 1999


    http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3eranddoWhat=shqasandqid=78990andr=andrc=1
                  

01-18-2014, 11:12 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... يا إبراهيم فضل الله (Re: بله محمد الفاضل)

    حديد
    قاسم حداد




    تساءلتُ
    هل أن الحديدَ الوحيدَ
    يذوبُ على جرحنا .. وحدنا
    وهل أننا سوف نبقى على هامش النص
    والوحشُ ينهشُ تفسيرَنا
    غيمنُا في الحديد طوال النهار
    لينثال رملاً على ليلنا
    تساءلتُ
    ماذا يريدُ الحديدُ الوحيدُ من المعدن الحُرّ
    وهو الذي قادَنا نحو بحر المفازات .. يغتالنا
    أيها المستجيرُ بعلم السُلالات
    يخذلكَ النادمونَ على الحلم
    دعنا نعالجُ تاريخَنا
    أيهاذا الحديدُ الذي في البدايات
    افتحْ لنا
    قل لنا بالتآويل
    بالمشتهى من تفاصيلنا مَـنْ لنا
    حديدٌ تحرَّرَ من شكله
    سيدُ الجُرح ينهالُ في لغةٍ .. علَّـنا. *




    http://men.poetrybook.biz/2013/08/blog-post_5378.html
                  

01-18-2014, 11:13 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... يا إبراهيم فضل الله (Re: بله محمد الفاضل)

    الحديد
    قاسم حداد




    ليديه حديدٌ يقود صرخة المدينة


    ويفتل العربات المصابة بفتوى النهب


    حين يتدافع الجليدُ في نفير المداخل


    يَحتسي جنودَه ويرتدي خوذَةَ الحلم :


    قافلةٌ لزينة الغبار


    طريقٌ كبئر ينبغي أن تُردم


    قطيعٌ من الوصايا ونقيضها.


    لحديد يديه


    لشهوته المبذولة


    لقميصه الملطخ بشهداء الأنخاب


    لمصطفى أشيائه المنهوبة


    وقتٌ يعبر ردهات السجن وجمر الحانات


    ومختبرات العسف.


    يموت قليلا وينهض


    ينهال على العجلات


    لئلا تفتضَّ بُكورة الكأس


    ينام وملء يديه حديدٌ ينضح مجداً ومكابرة


    وفتاوى تكبح رائحة الغيم بنار يديه.



    http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3eranddoWhat=shqasandqid=6186
                  

01-20-2014, 09:21 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... يا حسين ملاسي (Re: بله محمد الفاضل)

    قِيَامَةُ الزِّئْبَق! ..

    September 5, 2012

    بقلم: كمال الجزولي
    (فَصْلٌ مِن سِيرَةِ مَرْجَانْ مُورْغَانْ مَارْغَايْ)


    (1)
    لن تكون بعُدت عن الحقيقة كثيراً إنْ أنت قدَّرتَ أنَّ اسم مورغان كان هو أوَّل ما جذبني إلى صداقة فارع الطول ذاك، رياضي القامة، عميق السواد، وسيم التقاطيع، منذ بداية تعارفنا، أواخر العام 1968م، ونحن، بعدُ، زغب في بواكير أيامنا الأولى بكليَّة القانون الدولي والعلاقات الدوليَّة بجامعة كييف. لا ريب، بالطبع، في أن تلك الصداقة تعزَّزت، في ما بعد، على نحو خاص، بفضل شهامته، وقلبه الطيب، وطبعه اللطيف، ونفوره المتأصِّل من الابتذال، وثقافته الفنيَّة والسياسيَّة الرفيعة، وطاقته المدهشة على الكتابة الإبداعيَّة، وذائقته العالية في الغناء والموسيقى، الكلاسيكيَّة بالأخص، وإلى ذلك حماسه المُعدي لثورة الطلاب، ولليسار الجديد، ولحركة الحقوق المدنيَّة الأمريكيَّة في طور مُدرَكها الهويوي الذي كان اجترحه، أوان ذاك، ستوكلي كارمايكل وزوجته مريم ماكيبا، فألهما به نضالات ملايين السود، بالأخص الشباب والطلاب، في شتى أنحاء العالم، تحت شعارات (القوَّة السوداء ـ Black Power)، و(الأسود جميل ـ Black is Beautiful) وغيرها. لكنني أكذب، قطعاً، لو لم أسارع إلى الإقرار بأن ذلك كله مِمَّا تكشَّف، لاحقاً، عبر صداقة كانت توطدت أصلاً؛ أما بدايتها الأولى، لحظة بدايتها الأولى تحديداً، فقد كانت، فحسب، حكراً على إسمه .. إسمه وحده!
    وقع ذلك مساء نفس يوم وصولي. إلتقينا، بالمصادفة، على الدرج الصاعد إلى الطابق الخامس، حيث كانت تتجاور، بالمصادفة أيضاً، غرفتانا. كنا عائدَين من عشاء متأخِّر بالمطعم الكائن في الطابق الأرضي من نزلنا الطلابي على شارع كراسنوزدفوزدنيي الضَّاج بالحركة. أبطأ من خطواته شيئاً، ومدَّ يده يصافحني، ونكهة المطعم تتلاشى خلفنا، قائلاً، بابتسامة عذبة، وبصوت عميق أجش كأنه طالع من تجويف فونوغراف:
    ـ “هاي .. روبرت ديفيد مورغان من سيراليون .. أصدقائي ينادونني بمورغان”!
    قفز إلى ذاكرتي، على الفور، سميُّه، بل شبيهه، حدَّ التطابق، في الطول والوسامة والسواد الناعم والابتسامة الآسرة، أسعد محمود مرجان، والذي كنا نناديه، تحبُّباً، بمورغان، فألفيتني أقول بحماس:
    ـ “نعم .. نعم، لقد غنيت يا رجل في حفل وداعي بالحي ليلة البارحة، أو .. لعلها أوَّل البارحة، كما لم تغنِّ من قبل .. حتى مطلع الفجر”!
    سألني والحيرة تغلف ابتسامته المرتبكة:
    ـ “مَنْ .. أنا”؟!
    أفقت من لحظة القطع السيرياليَّة تلك على إحساس خاطف بالحرج، فعدت أصافح اليد الممدودة، قائلاً:
    ـ “أوووه .. معذرة! لا عليك .. كمال الجزولي من السودان”!
    (2)
    كان أسعد مورغان رفيقاً ونديداً بديعاً في مراتع طفولتنا وصبانا بأم درمان، وزميلاً وصديقاًً باهراً خلال مراحلنا الدراسيَّة من الكتاب إلى الثانوي. كان أوَّل دفعتنا. وكان كثير التهذيب، فائق الرِّقة، مشبوب العاطفة، تطفر دمعته لدى أبسط موقف إنساني؛ ومع ذلك كان يعدُّ نفسه للالتحاق بالكليَّة الحربيَّة! وكان الإبن الوحيد لأم مصريَّة من طنطا، هي العمَّة نعيمة التي تشرف على صندوق ادِّخار صغير لنساء الحي، وأب نوباوي من قدامى مُسرَّحي قوَّة دفاع السودان، هو الخال محمود مرجان الذي اتخذ، بعد حياة الجنديَّة، لوري بدفورد يجوب آفاق الغرب، أغلب شهور السنة، حتى يبلغ نواحي أبَّشي وفورتلامي، يجلب إلى سوق أم درمان الأقمشة وفِرَك القرمصيص والعطور الباريسيَّة الأصليَّة، وقد يجلب، أحياناً، التمباك وعسل النحل وبعض المحاصيل. ولقد نعمنا بجيرتهم عُمراً بأكمله، فكانوا لنا أكثر من أهل، بل كانوا نعم الأولياء الحميمين.
    كان مورغان، رغم شغفه بالاطلاع، ورغم صداقتنا وتلازمنا الوثيقين في الحيِّ والمدرسة، ينأى بنفسه، على عكسي تماماً، من النشاط السياسي، وبالأخصِّ في المنظمات اليساريَّة السريَّة والعلنيَّة! لكنه، في ما عدا ذلك، كان نجماً في الكشافة، وجمعيَّة الرحلات، وجمعيَّة الموسيقى، والجمعيَّتين الأدبيَّتين العربيَّة والانجليزيَّة، وفرق المدرسة الرياضيَّة الأولى. وكان يبزنا في كلِّ شئ، كلِّ شئ .. من الأناقة إلى الثقافة، ومن السباحة إلى كرة القدم، ومن تنس الطاولة إلى سباق الدرَّاجات، مع براعة في الشطرنج، والدومينو، وألعاب الكتشينة أجمعها، والعزف والغناء على الجيتار الكلاسيكي، مثلما كان ساحراً في اجتذاب قلوب الحسان .. في الحيِّ كما في ثانويَّة البنات المجاورة لثانويَّتنا، نراهنَّ يتنافسن على كسب ودِّه بهداياهنَّ من طواقي المنسج، أو مناديل الحرير المشغولة الأطراف بالترتر الملوَّن، المثقوبة القلوب تقطر دماً، في أركانها، بسهام كيوبيد! لكن حياءه الفطريَّ كان يكاد يفقع مرارتنا غيظاً حين نراه يحول بينه وبين مجاراتهنَّ، فنروح نمصمص شفاهنا حسرة، ونتهامس على طريقة الأفلام المصريَّة: يدي الحلق للي مالوش ودان!
    كان بيتهم قائماً وسط بيوت الحي كما الربوة وسط السهل المنبسط، بطوبه الحراري، وبلاطه الأبيض والأسود، وفيرانداته الرحبة ذوات العُمَد، وسقفه القرميدي داكن الحُمرة، وشيش أبوابه ونوافذه غامق الخضرة، وأشجار النيم الكثيفة تحفُّ بأسواره العالية، وتقوم إلى جانبي بوَّابته الحديديَّة التي يتوسَّطها وجه أسد لأغراض طرقها. وكان يقوم على خدمتهم بإخلاص، مذ وعينا على الدنيا، بل منذ ما قبل ولادة مورغان بُعيد نهاية الحرب الثانية، الخال آدم اب اضان، وقد سُمِّي هكذا لبَرَص قديم في أذنه اليمنى.
    كنا نعجب كيف يجمع مورغان بين التفوِّق في الرياضيات، واللغات، وجغرافيا سيحون وجيحون والهلال الخصيب، وتاريخ حروب بسمارك ونابليون وهنري الخامس، وحفظ أسماء سائر أمراء وأرشيدوغات أوربا القديمة، وبين حفظ أغاني مشاهير مغنيي الجاز والبلوز، وتتبُّع سِيَرهم، من آرمسترونق إلى ري تشارلس، ومن أريثا فرانكلين إلى ستيف وندر، ومن توم جونز إلى جيمس براون، ومن أوتس ريدنق إلى أولاد جاكسون الخمسة مطالع سطوعهم، كما كان شغوفاً بنجوم هوليوود، يعرف آخر أخبارهم، ويروي لنا، في الأمسيات، وبشغف عجيب، قصص أفلامهم التي كان يحفظها عن ظهر قلب، من ريتا هيوارث إلى بيتر اتول إلى أنتوني كوين إلى صوفيا لورين إلى سبنسر تريسي إلى إليزابيث تيلور إلى مارلون براندو إلى رتشارد بيرتون، تغطي صورهم التي كان يأتي بها من بعض معارفه بالسينما الوطنيَّة جدران غرفته النظيفة، المرتبة دائماً، والمعطرة بصندل العمَّة نعيمة في كلِّ الأوقات، والثريَّة بمقتنياته من الكتب والمجلات والأسطوانات ومختلف الأجهزة والآلات الموسيقيَّة.
    (3)
    بقينا نتراسل قرابة السنتين بعد مغادرتي السودان. وقد أسفت حين أخبرني بأنه فشل في الالتحاق بالكليَّة الحربيَّة بلا سبب واضح! كما أسفت حين علمت، أيضاً، من رسائله باقتضاب، ومن رسائل الأصدقاء تفصيلاً، أنه تورَّط في زواج باكر عجول أحيط بثرثرة هامسة، بلا يقين؛ ثمَّ سرعان ما آل إلى فشل ذريع، فانهار بطلاق عجول، هو الآخر، في ذات الشهر، دون أن يُعرف السبب! الحقيقة الوحيدة التي باح لي بها في شأن كلِّ تلك الأحداث الجسام هي أنها أورثته إحبطاً مديداً، وعزوفاً عن مواصلة الدراسة بالسودان، فصار يقضي جُلَّ نهاراته إما في معاونة والده في تجارته، أو في السعي ما بين السفارة البريطانية والبريتش كاونصل، أملاً في الحصول على منحة لدراسة علم النفس بجامعة لندن. بعدها أخذت رسائله تخفت، تدريجياً، حتى تتلاشت، أو قل انقطعت نهائياً.
    في وقت لاحق أنبأني الأهل والأصدقاء بنبأ عجيب حزنت له طويلاً، وإن فسَّر سبب انقطاعه عن مراسلتي. فقد توفيت العمَّة نعيمة فجأة، ذات مساء، إثر أزمة قلبيَّة مباغتة. وبينما كانوا يجهِّزون جنازتها، انخرط الخال محمود، المريض بالضغط أصلاً، والذي لم يستطع تحمُّل صدمة رحيلها، في نحيب مرير، والرِّجال من حوله يحثونه على الاستغفار وطلب المغفرة لها. سوى أنه ما لبث، وسط نهنهاته، أن شهق شهقتين مفزعتين أسلم بعدهما الروح منكفئاً على فراش موتها!
    هكذا خرجت جنازتاهما معاً، إلى حيث ووريا الثرى، على ضوء الفوانيس الكابي، في قبرين متجاورين بمدافن حمد النيل!
    بعد أشهر من تلك الواقعة حملت إليَّ رسائل السودان ما فاقم من زعزعة طمأنينتي لهذه الحياة! لقد دخل مورغان في حالة من الذهول، فتكثف شعر رأسه، وانسدلت لحيته، وطالت أظافره، واتسخت، وصار يُرى هائماً على وجهه في طرقات المدينة وأسواقها، حافياً، رثاً، متسخ البدن، زريَّ الهيئة، تتدلى سبحة لالوب هائلة من عنقه إلى أسفل بطنه، يطارد الخيول والحمير والكلاب الضَّالة بطعام يتوهَّمه في يديه، بينما يطارده صبية الأحياء البعيدة، يحصبونه بالحجارة، والضحكات الساخرة، والأهازيج الجماعيَّة البذيئة!
    (4)
    زلزلت تلك الأحداث أعماقي بعنف. ثم جاءت إعدامات يوليو 1971م، ضغثاً على إبالة، لتقضي على ما تبقى من معنوياتي في غربتي الشاهقة تلك، خصوصاً وقد انقطعت مراسلات الأهل والأصدقاء، بمن فيهم، بطبيعة الحال، أسعد مورغان! لكن علاقة الصداقة التي ترسخت، مع كرِّ مسبحة الأيام، بيني وبين روبرت مورغان، أعانتني على محنتي شيئاً، وأزاحت عن كاهلي غير القليل من عبئها الباذخ.
    كنا نذهب إلى الكليَّة معاً، ونعود منها معاً، ونتناول وجباتنا معاً، وننجز واجباتنا الدراسيَّة معاً، ونتسكع في عطلات نهاية الأسبوع بجادَّة كريشاتيك معاً، ونغشى المسارح والمعارض والسينمات والمكتبات والمنتديات الأدبيَّة والفنيَّة معاً، مثلما كنا نقضي عطلتي الشتاء والصيف أيضاً معاً، إما بالسفر إلى هلسنكي أو برلين أو براغ أو لندن، أو في الراحة ببعض مصايف البحر الأسود، أو في العمل بمزارع العنب في بعض الريف الأكراني. باختصار لم نكن نفترق إلا ساعات النوم، أو حين تكون في البرنامج امرأة! لم يحدث، طوال تلك السنوات، وعلى العكس من سائر الطلاب الأفارقة بالذات، أن عرفت له صديقة، أو سمح بأن تتجاوز علاقته، حتى مع أيٍّ من اللائي يشاركننا السكن في النزل، حدود زمالة الدراسة! كنَّ، من جانبهنَّ، يصفنه بأنه مختلف، ويُحِلنَ الأمر إلى تهذيبه وحيائه الشديدين! أما هو فكان يلخِّص كلَّ من حاولت الاقتراب منه بعبارته الأثيرة: “ليست فنجان شاييَّ المفضَّل”!
    قلت له، مرَّة، عندما طفح الكيل:
    ـ “يبدو أن أوراق شايك هذه مزروعة في زحل”!
    فردَّ ضاحكاً:
    ـ “أبداً .. كلُّ ما هنالك أن سيِّدة روحي لم تولد بعد”!
    عددت عبارته تلك نوع غرور ونزق شاعري، ولم أناقشه، فذاك مزاجه الشخصي، وهو حُرٌّ فيه.
    في ما عدا ذلك كان زورق صداقتنا يمخر بأشرعة ملؤها صفاء لا يعكر من سلاسته سوى شئ واحد .. نوبات البكاء التي ليس نادراً ما كانت تباغت مورغان، في أيِّ مكان، وبدون أيَّة مقدِّمات، حتى يورم أنفه، وتنتفخ أوداجه، وتحمرَّ عيناه! في البداية كنت ألح عليه، إلحاحاً شديداً، لمعرفة السبب، وكان هو يصرُّ على التزام تكتم عنيد ليس نادراً ما كان يوقفنا على حواف مهاوي الخصام! لكنني، بعد أن لاحظت أن تلك النوبات كانت تريحه شيئاً، وأن تكرار إلحاحي أضحى يهدِّد صداقتنا بجديَّة، وطنت نفسي على تقبُّل الأمر على علاته، والتعايش معه بعاديَّة غير عاديَّة!
    كان يصرُّ على أن أترجم له تجاربي في الشعر من العربيَّة إلى الانجليزيَّة أو الروسيَّة. وكان يعجب بها رغم إحساسي، أنا نفسي، برداءة الترجمة! وكنت الوحيد الذي يسمح له بالاطلاع على تجاربه في السَّرد بإنجليزيَّته الناصعة. كان ينسخ قصصه الطويلة والقصيرة بخط جميل، وعناوين ملوَّنات، في دفتر بُنِّي الغلاف. وكانت قصصاً ممتعة، أبطالها محتشدون بالحياة حتى لتكاد تلمسهم بيدك؛ لكنه كان، لسبب ما، يدفعهم أجمعين إلى مصائر في غاية الغرابة، وإن لم يكن يحيد، في ذلك، عن سياقات الضرورة الفنيَّة قيد أنملة!
    سألته، ذات مساء، ونحن في غرفته، بعد أن أنهينا الإعداد لسمنار الغد، وجلسنا نحتسي القهوة بالحليب قبالة المدفأة، بينما الصقيع يقرقع على النافذة، وكتبه واسطواناته تنتثر حولنا في فوضى بديعة:
    ـ “مورغان .. لماذا لم تفكر في النشر .. ثمَّة دوريات كثيرة تهتمُّ بأدب الشباب”؟!
    صمت برهة، ثمَّ أجابني، بأخفض درجات صوته الأوبرالي، وهو مكبٌّ على جهاز راديو ضخم، يبحث فيه عن بعض المحطات:
    ـ “الخوف يا صديقي .. الخوف من الحرج الاجتماعي البدوي الأفريقي! فمعظم أبطال هذه القصص أحياء يرزقون في فريتاون، ومنهم أصدقاء وأقارب لي”!
    ـ “دعك من هذه الترهات! من قال لك إن أبطال تشينوا أشيبي، مثلاً، جميعهم من نسج خياله”؟!
    أطلق ضحكة مجلجلة، وقال، وسط قهقهاته، دون أن يحوِّل عينيه عن جهاز الراديو:
    ـ “أين أنا، يا صاحبي، وأين أشيبي”!
    وقبل أن أقول شيئاً مضى يسترسل، وأصابعه ما تزال مشغولة بتحريك مفتاح الموجات:
    ـ “عارف .. حين كنت صبياً كان لدينا في البيت جهاز كهذا؛ وعندما أطلقت ال######ة لايكا إلى السماء السابعة، ثرثر الجيران بأن الروس سيدهنون القمر، تلك الليلة، باللون الأحمر! كنت الإبن الوحيد لأبي وأمي، وكانا، ساعتها، خارج البيت، فلم أجد من أهرع إليه، لاهثاً، بالخبر، ليساعدني في تسلق السطح لرؤية المشهد البديع، سوى جدَّتي المتسلطة، القابعة في موقعها الأثير خلف ماكينة الحياكة! لكنها زجرتني قائلة، وهي تغلق عيناً، من وراء نظاراتها الطبيَّة، وتدقق النظر بالأخرى، كمن يحاول إدخال الجمل في سم الخياط: دع الكلام الفارغ والتفت لدروسك! ثمَّ ما لبثت، كعادتها حين تعلن عن امتعاضها، أن عوجت فمها، ومطت شفتيها، وكزَّت على أسنانها، وبصقت، وراحت تبرطم: عجيبة .. لم يبق غير أن تصدِّق كلَّ كفر يلغو به هذا الراديو اللعين”؟!
    إنتبهت، لأوَّل مرَّة، إلى حقيقة أنه الابن الوحيد لوالديه! ثمَّ علمت منه أن أباه ضابط متقاعد بالجيش السيراليوني، ويعمل، منذ حين، إدارياً بإحدى الشركات التجاريَّة، وأن أمَّه معاونة في جمعيَّة نسائيَّة لنشر الوعي بمضار تناول الحوامل لطين (وسو). أما حكايته مع جدَّته فقد بدت لي، للوهلة الأولى، خارج السياق، ومع ذلك أضحكتني. لكنه كان، في تلك اللحظة، قد استكمل ضبط الموجة على دقات بق بن، وولج، كعادته، في ما كان يسمِّيه (طقس البي بي سي) في مثل ذلك الوقت من المساء، فلم نعد لمواصلة الحديث.
    (5)
    مع إعجابي بكلِّ قصصه، إلا أن واحدة منها ظلت تشغلني على نحو خاص، ربَّما لأنها لم تكتمل حتى أنهينا دراستنا بالكليَّة. فلسبب ما لم يضع لها نهاية طوال تلك السنوات. كان بطلها، برنس مارغاي، شاباً سيراليونياً يشعُّ وسامة تقرب من الجمال، ويرتع، إلى ذلك، في ثروة طائلة آلت إليه، منذ صباه الباكر، باعتباره الوارث الوحيد لوالده الجنرال السابق في قوَّة حرس السواحل، خلال سنوات ما بعد الاستقلال، والذي كان قد شرع في تكديسها حتى قبل خروج الانجليز، على حدِّ همس الزوايا في فريتاون، وذلك بفضل قابليَّته الفطريَّة للفساد، وبعض خياناته الوطنيَّة هنا وهناك، وعلاقاته المشبوهة مع الادارة الاستعماريَّة ومهرِّبي الماس. وكان يبرِّر خبطاته تلك بالتواطؤ مع نفسه، في كلِّ مرَّة، موسوساً لها بأنه إن لم يفعل، فثمَّة كثيرون غيره جاهزون، على أيَّة حال، ليفعلوا في أيِّ وقت!
    لكن مارغاي، برغم وسامته وثروته الظاهرتين، كان يحتشد، في الباطن، بتعاسة فارهة، ويضرب على نفسه عزلة بلا ضفاف! كان، في الحقيقة، غريب الأطوار، يسكن عازباً في قلعة ضخمة، عالية الأسوار، كثيفة الأشجار، صمَّاء البوَّابات، مع طبَّاخة عجوز، وسائق أهتم، وبستاني ريفي، ولا يكاد يندُّ من عالمه الخفي ذاك سوى صوت بعيد لموسيقى غريبة! ولم يكن يُرى، حين يُرى، إلا واضعاً على عينيه نظارة سوداء، وملفوفاً، صيفاً وشتاءً، في ملابس صوفيَّة ثقيلة، وفارداً فوق رأسه، خريفاً وربيعاً، نهاراً وليلاً، شمسيَّة هائلة، داكنة اللون! وكان خلواً تماماً من الأصدقاء، وبالأخصِّ من الصديقات! وكان يبدو، عموماً، كمن يرزح تحت وطأة سرٍّ يحرص، كالغراب، على ألا ينكشف ولو ملمح خيط واهٍ من قماشة غموضه السميكة لكائن من كان!
    ولأن ذلك كله مِمَّا يستثير، في العادة، شهيَّة الأحاجي في تلك المدينة الأطلسيَّة، فقد أشرعت نوافذها على رياح شائعات تتلبَّس، كما في دارج الأسمار الأفريقيَّة، سمت العلم ببواطن الأمور؛ فمن قائل إن للأمر صلة بعلاقة غريبة بين أمِّه وأبيه! ومن زاعم أن مارغاي ليس غير الجنرال نفسه بُعث من موته على تلك الهيئة، كونه ينحدر من سلالة عُرفت بمثل تلك الأمور! ومن حالِفٍ بأن الجنرال كان، في الحقيقة، عقيماً، وأن مارغاي ذاك ليس، أصلاً، سوى صناعة غير مكتملة لسحرة مأجورين .. وهكذا!
    بعد خمسة أعوام من الدراسة الشَّاقة تخرَّجنا. وجاء موعد مغادرة مورغان إلى بلده سابقاً لموعد مغادرتي أنا بأيام ثلاثة، فأقمنا له، في ليلته الأخيرة، حفل وداع مشهود غنى فيه وعزف كما لم يغنِّ أو يعزف من قبل. فجر اليوم التالي رافقته إلى المطار، ولمَّا آن أوان عناقنا الأخير، فتح حقيبة يده، والدموع تترقرق في مآقيه، وأخرج الدفتر بُنِّي الغلاف يدسَّه في حقيبة يدي، قائلاً:
    ـ “لم أعُد أحتاجه. أعلم مدى شغفك به. ستجد فيه مفاجأة بانتظارك .. الفصل الأخير من مارغاي! كتبته ليلة البارحة بعد أن انفضَّ السامر؛ فقد عزَّ علي، إكراماً لك، أن أتركه بلا نهاية! وستجد أيضاً عنواني البريدي في فريتاون، فتذكر، عندما تكتب لي أوَّل رسالة أن تضمِّنها عنوانك في الخرطوم، وأعدك بسرعة الرد. سلام”!
    ……………………….
    ……………………….
    شغلت خلال الأيام الثلاثة التالية بإنهاء إجراءات سفري، وودَّعني الأصدقاء والزملاء بحفل آخر افتقدت فيه مورغان بشدَّة، حتى أن الدمع طفر من عينيَّ حين خطر لي أنني لن أراه ثانية.
    في مساء اليوم التالث توجَّهت إلى المطار. وما أن أقلعت طائرة الإيروفلوت حتى أخرجت الدفتر بُنِّيَّ الغلاف، وفتحته على الفصل الأخير من مارغاي، فألفيته، كما توقعت، مصاغاً بشكل مدهش، وإن كان لا يشفي غليلاً، برغم مآل مارغاي الفاجع، حيث انتهى، ذات خريف مدرار، قتيلاً، مفصول الرأس، تحت دغل صغير من أشجار كثيفة، ملتفة الأغصان، في ركن قصيٍّ من حديقة قلعته الواسعة!
    لم تكتشف الجثة الغارقة في الوحل إلا بعد عدة أيام انتفخت، خلالها، وتعفنت، وفاحت رائحتها، وحلقت جوارح المحيط فوقها! وإن هي إلا ساعة، أو بعض ساعة، حتى سرى الخبر في نواحي المدينة سريان النار في الهشيم. فهرعت إلى القلعة فيالق الشرطة بمصوِّريها المتخصِّصين، وكلابها المدرَّبة، وفرق من خبراء البصمات، والأطباء الشرعيين، ومحققي النائب العام، وقدامى أصدقاء الجنرال. ذرعوا المكان وما حوله طولاً وعرضاً، ووجَّهوا بضعة أسئلة مبدئيَّة للطباخة العجوز، وللسائق الأهتم، وللبستاني الريفي، قبل أن يقتادوهم، مخفورين، بعد أن وضعوا الجثة والرأس على نقالة غطوها بمفرش أبيض، وأودعوها جوف إسعاف استطاع بالكاد، رغم دويِّ بوقه، أن يشقَّ طريقه صوب مشرحة المستشفى العسكريِّ وسط الجموع التي تقاطرت من كلِّ فجٍّ لترابض أمام القلعة، تحت المطر الهطال، بعد أن منعوها من الدخول.
    من ذلك اليوم، وعلى مدى أشهر طوال، لم يعد لفريتاون من موضوع لأسمارها غير سيرة مقتل مارغاي. الكل ينسج ما يعنُّ له من تفاصيل، ثم ما يلبث أن يكون هو نفسه أوَّل من يصدِّقها، فينطلق يرويها من بيت إلى بيت، ومن شارع إلى شارع، ومن بار إلى بار! هكذا أطلقت المدينة أعنة الأخيلة الخصيبة تنافس بعضها في اختراع التصوُّرات الطازجة، غير المسبوقة، لما يمكن أن يسبر غور السِّر المكنون في حياة مارغاي وموته! كان يكفي أن يبدأ أحدهم بعبارة “هل سمعتم آخر الأخبار؟!” حتى يصبح قبلة الحاضرين، ليبدأ الحكي الذي لا أوَّل له ولا آخر!
    مع ذلك، وكالعادة، باخت، في النهاية، سائر الحكايات، وكسدت جميع الروايات، وفتر الحماس الشعبي للحادثة، وراح يذوي إلى حدَّ التلاشي، فكلُّ ما يمكن أن يُقال قد قيل، وكلُّ ما يمكن أن يُتصوَّر قد لاكته الألسن؛ وحيث لم يسفر التحقيق المبدئي المطوَّل عن شئ، دُفن البلاغ في الأضابير الرسميَّة ضد مجهول، وأطلق سراح المرأة والرَّجلين، فخرجوا يدوخون الدوخات السبع في مكاتب العمل ومحاكمه للحصول على فوائد ما بعد خدمتهم الطويلة من الحكومة التي استولت على ثروة القتيل الذي لم تثبت له قرابات على كثرة المدَّعين!
    ……………………….
    ……………………….
    وضعت الدفتر في جيب ظهر المقعد الأمامي، واستغرقتني، بفعل إرهاق الأيام الماضية، غفوة طويلة تخللتها بعض المرائي المشوَّشة لحفل عرس بحي الضباط بأم درمان يغني فيه روبرت مورغان، ويعزف خلفه أسعد مرجان، ويقود حلبة رقصه برنس مارغاي!
    (6)
    إستيقظت، بغتة، على أنوار الطائرة تخفت، وحركة الأقدام تنشط في الممرَّات، وصوت المضيفة تعلن أن الطائرة على وشك الهبوط، وتطلب من الجميع التزام مقاعدهم وربط الأحزمة. دعكت عينيَّ، ثمَّ مضيت أحدِّق من النافذة، فبدت لي الخرطوم بدويَّة حسناء تستحم تحت رذاذ صباح خريفي غائم.
    في الصالة استقبلني بعض أهلي وأصدقائي، وفي مقدِّمتهم أبي، عليه رحمة الله، بملابسه الرسميَّة، فقد كان ما يزال، وقتها، ضابطاً بالسلاح الطبي. إنخرطنا أجمعين في عناق طويل أسلنا خلاله دمعاً غزيراً على أكتاف وصدور بعضنا البعض. أحسست بأن ما ذرفت عيناي كان بعضه للفرح وبعضه للشجن، بينما خيِّل إليَّ أن كلَّ ما ذرفت أعينهم كان لفرحة التلاقي بعد طول غياب. غير أن الصاعقة القاصمة ما لبثت أن هوت على أمِّ رأسي حين اقتربنا من موقف سيارات الجمع في باحة المطار!
    إنتحى بي أبي جانباً ليقول لي بصوت متحشرج:
    ـ “شوف يا كمال يا ابني.. إنت طبعاً عارف انو الموت حق علينا كلنا، والخبر العايز أبلغك بيهو ده أنا حزين ليهو جداً، ومع كده أنا حبيت إنك تعرفو من هنا عشان ما تتفاجأ لما نصل الحلة، لأنو الدنيا هناك مقلوبة، و ..”!
    صحت جزعاً:
    ـ “أمي يا بوي”؟!
    قال وهو يزدرد ريقه، ويتحاشى أن تلتقي أعيننا:
    ـ “لا، أمك الله يديها طول العُمُر .. لكين صاحبك .. صاحبك أسعد .. إتلقى فجر الليلة مكتول، للأسف، تحت النيمة الكبيرة في بيتهم .. مضبوح من الأضان للأضان .. وراسو مفصول من باقي جسمو .. جبنا البوليس والإسعاف .. نقلناه عندنا في مشرحة المستشفى العسكري، ودلوقت خليناهم بيكمِّلوا في الإجراءات وجينا نقابلك ونرجع ندفن”!
    أحسست برأسي يدور، وبحلقي يجفُّ، وبلساني يتخشَّب، وبالرؤية ترتجُّ في عيوني، وبالرعدة تسري في فرائصي، وبالعرق يتفصَّد من ظهري، وبالأرض تميد من تحتي، وبساقيَّ لا تقويان على حملي!
    ……………………….
    ……………………….
    دفناه، ثمَّ قفلنا راجعين ننصب سرادقاً أمام بيتهم، ونقيم مأتماً من ثلاث ليال نعزي فيه بعضنا البعض، ونذرف الدَّمع السخين مرَّتين: مرَّة على شبابه الغضِّ، وذكائه الوقاد، وحيويَّته الدَّفاقة، وكلَّ ما ظللنا نتوهَّم أن مستقبلاً وضيئاً يبشِّر به، ومرَّة على مضيِّه المأساوي هكذا، بلا ولد، ولا أسرة، ولا مجرَّد أقارب بعيدين! حتى آدم اب اضان الذي كان أوَّل من عثر عليه، حين نهض لصلاة الصبح، غارقاً في الوحل تحت النيمة الكبيرة، مقطوع الرأس، مضرَّجاً بدمائه، فأطلق أوَّل صيحة ذعر في تاريخ حيِّنا الآمن، وركض بأرجل الرُّعب يستغيث من باب لباب، هذا الوفي المخلص الأمين الذي خدم هذا البيت قرابة ربع القرن، والذي حمل مورغان طفلاً في المهد، واجتهد في لمِّه من الطرقات شاباً ذاهلاً في أخريات أيامه، آدم اب اضان هذا كان هو أوَّل متهم في نظر الشرطة التي طعنته عميقاً في قلب فجيعته الانسانيَّة النبيلة حين انتزعته بلا رأفة من وسط ذلك الحزن العام، وقيَّدته بالسلاسل الغلاظ، لتقذف به، دون رأفة، على ظهر لوريها الشائخ، حتف أنف صرخات الاحتجاج التي أطلقها الجيران رجالاً ونساءً وأطفالاً، ليصبح الفقد فقدين!
    ……………………….
    ……………………….
    قبيل صلاة مغرب اليوم الثالث كفكفنا سرادق مورغان من الشارع، ليستقرَّ، مرَّة وللأبد، في أعماق القلوب. مع ذلك أفقنا على أن الحيَّ أبقى من الميِّت، فانقلبنا نولي اهتمامنا لآدم اب اضان، نزوره في حراسة القسم الجنوبي بانتظام، نحمل له المأكل والمشرب والملبس وأدوية السكري الذي أصابه في كهولته. وتولى قضيَّته، تطوُّعاً، أحد أشهر محاميي المدينة الأشداء، فخاض، لأشهر طوال، معركة قانونيَّة شرسة تكللت بنصر مؤزَّر يوم انتزع القرار النهائي بإخلاء سبيله لعدم كفاية الأدلة! فأقله من القسم بعربته الخاصَّة، ليطوف به أزقة الحيِّ، وسط الزغاريد والهتاف الدَّاوي: يحيا العدل!
    بعد زهاء الأسبوعين تبيَّنت أن خسارتي الشخصيَّة، فضلاً عن فقد أسعد مورغان، كانت كبيرة بحق. فقد أضعت، وسط كرنفال النواح الذي أقمناه بالمطار، يومذاك، بعض حقائبي ومتعلقاتي. لكنني لم أحزن عليها، بعد أن تأكدت من وجود الشهادات وألبوم الصور التذكاريَّة، قدر حزني على دفتر روبرت مورغان بغلافه البُنِّي، بما فيه عنوانه البريدي؛ فقد نسيته في جيب ظهر مقعد الطائرة! وكم كنت أتحرَّق للكتابة إليه، وسؤاله، بالأخص، عن سرِّ كلِّ تلك الموافقات (الصُّدفيَّة) التي نبَّهتني إليها، بقوَّة أشدِّ من أيِّ شئ آخر، وأكثر من أيِّ وقت مضى، فاجعة مقتل أسعد مورغان بأم درمان، بعد أقل من نصف أسبوع على اختياره هو، روبرت مورغان، بكييف، لفاجعة مقتل برنس مارغاي بفريتاون .. حدَّ التطابق!
    طرقنا أبواب الإيروفلوت، وإدارة المطار، ورئاسة الطيران المدني، لكن بلا جدوى، إذ كانوا يرفعون أك########م، حيثما يمَّمنا وجوهنا، ويقولون إننا تأخرنا كثيراً في التبليغ.
    (7)
    كانت قد مضت على تلك الأحداث قرابة الخمسة عشر عاماً حين تلقيت، كأمين عامٍّ لاتحاد الكتاب، دعوة للمشاركة في ندوة بفندق ماريوت بالقاهرة، بمناسبة إعادة إحياء رابطة كتاب آسيا وأفريقيا.
    وصلت القاهرة صباح اليوم السابق على الندوة، وتوجَّهت إلى الفندق. وعند الظهر تناولت غداءً خفيفاً، ثمَّ قصدت مكتب السكرتاريَّة بالطابق الأرضي لأطلع على قائمة المشاركين. رحَّبت بي الموظفة في لطف، وسلمتني إضبارة أنيقة بأوراق الندوة، وفيها القائمة المطلوبة. شكرتها وصعدت إلى غرفتي بالطابق الخامس لأراجعها على راحتي.
    كانت القائمة مرتبة بالأبجديَّة الإنجليزيَّة. وبعد أن تأكدت من ورود بعض الأسماء، كدت أغلق الإضبارة. لكنني قفزت، فجأة، كالملدوغ، وكدت أطير فرحاً، حين لمحت، في اللحظة الأخيرة، تحت الحرف (إس)، دولة سيراليون، واسم المشارك الثالث منها .. ديفيد روبرت مورغان ـ شاعر!
    قدَّرت أنهم ربَّما خلطوا في مجاله الإبداعي. لم أنتظر المصعد، بل أسرعت أركض على الدرج هبوطاً، مرَّة أخرى، إلى مكتب السكرتاريَّة، لكنني وجدته، هذه المرَّة، مغلقاً، فركضت إلى الاستقبال الذي حاول الاتصال هاتفياً بغرفته رقم 512 في نفس طابقي الخامس، بل إلى الجوار من غرفتي رقم 511، لكن بلا طائل، إذ لم يكن مورغان بالغرفة. فعدت أركض بين قاعة الطعام، والمقهى، والمقصف، والمصرف، وحوض السباحة، ومحلات الملبوسات، والنظارات، والساعات، والجواهر، والأناتيك، والصيدليَّة، ولعب الأطفال، أتفحَّص الوجوه الأفريقيَّة، الواقف منها والعابر، حتى اجتزت بوَّابة الزجاج الدائريَّة إلى الشارع، أطوف بدكاكين الجوار، وأكشاك السجاير، وأعدو على تلتوارات الشوارع، ومماشي الحدائق، لكن بلا جدوى.
    أخيراً، عدت إلى الفندق، وطلبت من موظف الاستقبال أن يبعث بمن يترك له مذكرة تحت بابه، ثمَّ صعدت إلى غرفتي أحاول الاتصال به هاتفياً، كلَّ دقيقتين، عساه يكون قد عاد. وعندما لا أجده أترك له، المرَّة تلو المرَّة، رسالة صوتيَّة ليتصل بي عندما يعود من أيِّ جحيم يكون قد ذهب إليه. لكنه لم يعُد حتى انتصف الليل، وبلغ بي الارهاق مبلغاً أسلمني إلى نوم مشوَّش متقطع بلا عشاء.
    نهضت في الصباح الباكر، وليس في ذهني سوى مورغان، فقفزت إلى التلفون. رنَّ الجرس ثلاثاً. فجأة رُفعت السماعة من الطرف الآخر، فانخلع قلبي، لكنها أعيدت إلى موضعها في التو! عاودت الاتصال سريعاً. رُفعت السماعة. لكن، في اللحظة التي بدأت أصرخ فيها: “ألو .. ألو، يا مورغان، لا تغلق الخط، هذا أنا كمال”، كانت السماعة قد أعيدت إلى موضعها في برود! عاودت الاتصال في لمح البصر، للمرَّة الثالثة، غير أن أعصابي احترقت تماماً عندما وجدت السمَّاعة معلقة! إنحشرت في بنطالي بسرعة البرق. فتحت باب غرفتي، ومرقت كالسهم صوب باب غرفته المجاورة. طرقته بعنف، ثمَّ بعنف أكثر، ثمَّ بعنف أشد. لم يثنني عن ذلك انفتاح جلِّ أبواب الطابق، وخروج الناس منها، منزعجين، بملابس النوم! خواجات وخليجيون وآسيويون يحدِّقون فيَّ بعشرات العيون الرجاليَّة والنسائيَّة المستهجنة! لكن ذلك ما زادني إلا عناداً، فلم أتوقف، قط، عن رفع وتيرة الطرق، وتصعيد عنفه، حتى دميت كفي، وكاد الباب ينخلع، بل زدت عليه أن بدأت أصرخ بأعلى صوتي:
    ـ “مورغاااان .. إفتح الباب، مورغاااان أرجوك أنا كماااال، مور ..”!
    لحظتها، فقط، إنفتح الباب، وأطلَّ صديقي القديم بذاته وصفاته، محمرَّ العيون، مقطب الجبين، مورَّم الأنف، منتفخ الأوداج! لم تتغيَّر ملامحه إلا من بعض شيب على الفودين، وقليل من التجاعيد على الجبين، ونظارة طبيَّة يحاول تثبيتها على عينيه بأصابع مرتبكة!
    وقفنا قبالة بعضنا البعض لا تفصل بيننا سوى بضعة سنتمترات. لكنه، لدهشتي، لم يرحِّب بي، لم يأخذني بالأحضان، لم يدعني للدخول، بل حتى لم تتهلل أساريره، أو يفترَّ ثغره ولو عن طيف ابتسامة! لم تكن وقفتنا تلك، في ساعتنا تلك، وقفة صديقين حميمين افترقا لأكثر من خمسة عشر سنة، إنما وقفة غريمين متحفزين للاشتباك في عراك يأخذ كلٌّ منهما فيه ثأراً ما من الآخر! وفاقم من دراماتيكيَّة المشهد أن من وقفوا أمام أبوابهم بدافع الاستهجان، واصلوا وقوفهم بدافع الفضول! وأن من كاد بابه يتحطم قبل لحظات، يكتفي، الآن، بالتحفز الصامت، أمام من كاد يحطمه! وأن الطابق كله استحال إلى ما يشبه متحف مدام توسو!
    أخيراً، وبعد مضي زمن خلته دهراً، قرَّر صديقي القديم، في ما يبدو، أن يغيِّر من أسلوبه، فقد انطرحت أساريره، فجأة، وراح يخاطبني بهدوء، وبأدب جم، وبذات صوته العميق الأجش الخارج من تجويف فونوغراف:
    ـ “نعم سيِّدي .. كيف أستطيع مساعدتك”؟!
    صار الأمر غامضاً، لكنني تمالكت نفسي، وهتفت كمن يوقظ، من على البعد، نائماً:
    ـ “مورغان .. روبرت ديفيد مورغان”!
    هزَّ رأسه مستفسراً، فازداد الأمر غموضاً، فصحت بالروسيَّة:
    ـ “قد يكون شكلي تغيَّر شيئاً .. لكن لا أظنُّ إلى الحدِّ الذي لا تستطيع معه التعرُّف على صديقك القديم كمال من السودان”!
    رفع كتفيه، وقال ببرود، وهو يضع كلتا يديه في جيبي قميص بيجامته:
    ـ “معذرة .. أنا لا أفهم لغتك، فأرجو أن تكلمني بالانجليزيَّة”!
    لم يكن ثمَّة مناص من أن أتمالك أعصابي، فأخذت نفساً عميقاً، وقلت له وأنا أتصنع الهدوء:
    ـ “ألست أنت روبرت ديفيد مورغان .. القاص من سيراليون”؟!
    ـ “نعم أنا روبرت ديفيد مورغان، ومن سيراليون، لكنني لست قاصَّاً .. أنا شاعر”!
    ـ “ألم يكن أبوك ضابطاً بالجيش والتحق، بعد التقاعد، إدارياً بشركة تجاريَّة في فريتاون”؟!
    ـ “حتى وفاته .. نعم”!
    ـ “أليست أمُّك معاونة في جمعيَّة نسائيَّة لنشر الوعي بمضار تناول الحوامل لطين وسو”؟!
    أجاب، وهو يجعِّد جبينه، ويضيِّق ما بين حاجبيه، كمن يستغرب، فعلاً، معرفتي بكلٍّ تلك التفاصيل:
    ـ “قبل وفاتها بفترة .. نعم”!
    ـ “وإذن، ألا تذكر أنك كنت تؤلف قصصاً بديعة، تنسخها بخط جميل، وعناوين ملوَّنات، في دفتر بُنيَّ الغلاف”؟!
    ـ “سيِّدي .. قلت لك أنا شاعر ولم أكتب قصَّة في حياتي”!
    ـ “ألا تذكر مارغاي، والقلعة، والطباخة العجوز، والسائق الأهتم، والبستاني الريفي”؟!
    بدأ يرنو إليَّ كالمتشكك في قواي العقليَّة:
    ـ “عفواً، سيِّدي، لكنني، في الحقيقة، لا أفهم عمَّ تتحدَّث”!
    ـ “حسناً .. ألا تذكرني؟! لقد تصادقنا طوال دراستنا للقانون الدولي بجامعة كييف”؟!
    ـ “كان ذلك سيشرفني حقاً، يا سيدي، لكن يؤسفني أن أقول إنك مخطئ تماماً، فأنا لم أزر هذه الكييف في حياتي، ولم أدرس لا القانون الدولي ولا القانون أصلاً. أنا إختصاصي في علم النفس، وقد درسته بجامعة لندن”!
    ……………………….
    ……………………….
    أحسست برأسي يدور، وبحلقي يجفُّ، وبلساني يتخشَّب، وبالرؤية ترتجُّ في عيوني، وبالرعدة تسري في فرائصي، وبالعرق يتفصَّد من ظهري، وبالأرض تميد من تحتي، وبساقيَّ لا تقويان على حملي!
    ……………………….
    ……………………….
    المفاجأة الأضخم كانت بانتظاري لدى عودتي من القاهرة! فقد هُرعت، فور وصولي، إلى الألبوم الذي يضمُّ بين سوليفانه مجموعة صورنا التذكاريَّة بكييف. لكنني، لدهشتي، وعلى قدر ما بحثت ودققت النظر، لم أقع، هذه المرَّة، للغرابة، ولو على مجرَّد شبيه بصديقي مورغان .. روبرت ديفيد مورغان .. القاص من سيراليون!

    نشر بتاريخ 30 أبريل 2009



    http://www.sudaneseonline.com/?p=76656
                  

02-02-2014, 05:19 PM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... يا حسين ملاسي (Re: بله محمد الفاضل)

    ميـلادِي فـيكَ يا وَطَـني يُـدَوِّنُـهُ حَـتْـفِـي
    and#1633;and#1632; تموز (يوليو) and#1634;and#1632;and#1632;and#1640;
    بقلم مُحمَّد زَيْن الشَّفيع أحْمَد







    جَرَتِ العادةُ أنْ يكونَ ميلادي وكسائرِ شبابِ قريْتي في اليَوْمِ الأوَّلِ

    مِنْ الشَّهْرْ، ولا أخفي نَفْسِي سِرًّا بأنِّي قدْ تَوَقَّفتُ عندَهُ كثيرًا مُنْدَهِشًا

    ومستغربًا وقائلًا لماذا بالذَّاتِ أنْ يكونَ ميلادي في الأوَّلِ مِنْ

    يوليو؟؟؟،

    وسُرْعَانَ ما زالَ استغرابي حينَ وجدتُ أنَّ غالبيَّةَ النَّاسِ في بلادي

    يكتبونَ ميلادَ أبنائِهِمْ في بدايةِ الشُّهورِ حتَّى وإنْ وُلِدوا في أواخِـرِها،

    فعلِمْتُ ضِمْنًـا أنَّهـا عادةٌ أكثرُ مِنْ كونِها حقيقة،،.

    عُموماً هيَ أنسبُ مِنْ أنْ يفقِدَ الإنسانُ تأريخَ وجودِهِ على الدُّنيـا،،

    وأذْكُرُ أنَّي سألتُ جَدِّي ( طَيَّبَ اللهُ ثَـراه بالرَّحمات ) ذاتَ مرَّةٍ :

    في أيِّ عامٍ وُلِدتَ يا جَدِّي..؟؟ وفي أيِّ سنةٍ كانَ ميلادُ والدي؟؟،.

    فقالَ لي بعدَ أنْ " تنحْنَحَ " وتَمْلَؤهُ الثِّقَـةُ : ( " أبوك وِلِدْناهو مع قيام

    المشْرُوع..!!، وانا وِلْدوني مع مِيتَةْ " وَدَّ الضَّوْ " آولَدِي !!!." )..

    وأظنُّهُ في إجابتِهِ الأولى كانَ يَقْصِدُ مشروعَ الجزيرةِ عندَنا، ويبدو

    من إجابتِهِ الثانية أنَّ " ودَّ الضَّوْ " هذا كانَ علَمًـا على رأسِهِ جَبَلٌ ونارُ

    والكُلُّ مِنْ شُهْرَتِهِ يعلمُهُ إلا أنا !! حَسْبِيَ أنِّيَ لمْ أحْضُرْ زمَنَهُ.

    ومعَ أنَّني لَمْ أستَفِدْ بِدِقَّةٍ مِنْ إجاباتِهِ تلك فقدْ أسرَرْتُها في نفسي،،

    لكنَّ رسالةً مَا وصلتْني من قَولِهِ ذاكْ، وهيَِ أنَّ النَّاسَ في عهدِهِ كانُوا

    يُدَوِّنُونَ وِلادةَ أبنائهم بموْتِ المشاهيرِ في ذاك الزَّمَانِ الغابرِ والبعيدِ

    أو ربطها بحدَثٍ هَـامٍّ كقيـامِ مشروعْ،

    فقَبِلْتُ بعدَها بأنَّ ميلادي هُوَ الواحدُ من يوليو بدلًا من فقدي لَهُ عبرَ

    وفاةِ شَخْصٍ تَعُزُّ عليَّ مفارقتُـهُ أوْ على أنغامِ مَشْرُوعٍ يُقَلِّلُ مِنْ

    أهميَّتي كَوَليدْ.. فإلَى مَتَى يا وطَني ونَحْنُ يَنْحَرُ بعضُنا بعضَاً؟،

    ويا حَضْرَةَ سيِّدي ( السَّلام ) هَلْ لا زِلْتَ تَمشي آلافَ السِّنين حافيًـا

    لِتَبْحَثَ فينا عَنْ حِذَاءْ؟؟، أمْ أنَّكَ تنتَعِلُ جِلْبَابَكَ الطَّويلَ مُوَدِّعًـا

    ومُلَوِّحًـا – بلا أيدي - وتُوصِـدُ دُونَـنـا أبوابَ الرَّجَـاءِ وتُعِيدُنَا

    إلى الوَرَاءِ القَهْقـرَى مُدَوِّنـًا مَوتي تأريخـًا

    لميـلادي..؟؟!؟؟.


    http://www.diwanalarab.com/spip.php?article14590
                  

02-17-2014, 08:19 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    هادئاً دخلتُ فانسابت فتنة الضوء
    نصار الصادق الحاج


    إلى بدور التركي




    من شرفةِ النَّبع
    وفتنةِ الضوء
    والتماثيل التي حفَرَتها يَدُ البدرِ
    خرجتُ بزهر العبور إلى آلهة اand#65271;‌غاريق
    وهمْ
    في الكمائن التي حفروها
    ينتظرونَ قُدومنا بمفاتيح الجنائن
    التي أزهرت تحت كمائن الحكايات
    وأثمرت على نقرات اand#65271;‌صابع التي
    دفقتها بنتُ الجبال على تُربة اand#65271;‌ساطير
    حينما
    كانت تقضي أيامها المشرقات في هضاب الحسن الخضراء
    مضيْنا على زغزغة العصافير
    وزلزال الراقصات تحت ظand#65276;‌ل اand#65271;‌شجار العالية
    طافت على خياand#65275;‌تنا
    موسيقى المغنيات الغجريات
    وعازفات الجاز اand#65271;‌فريقيات
    وصورُ النوافذِ التي عانقتِ اand#65271;‌مطارَ
    شاهدنا زيوس ورفاقه الميامين يعجنون صلصال اand#65271;‌ساطير
    يصنعون كائنات من طين الفتوحات المجيد
    يركضون نحو الفتنة العاصفة.
    وقرأنا عبر المسافاتِ أوفيد الذي قالَ
    أنَ فينوس قد علمتنا فنَّ المتعةِ والجسد
    والحرائق التي and#65275;‌يخمدها سوى النهر الذي عمدتهُ اand#65269;‌لهة
    بينما
    بجماليون
    اand#65271;‌كثر وحشةً من اand#65269;‌خرين
    جلسَ طويand#65276;‌ً
    يمرِّرُ شريطَ أحand#65276;‌مه وأمنياته
    يتأمَّل أوراقه السريِّة عن أنثاه التي هيَّأ أزهاره لتطلَّ عليها
    أنثاه التي ستغسل الوحشةَ عن أيامهِ الخاويات.

    قالتِ النار
    أن الحب أسطورةٌ خلقتها النساء
    كي يصرنَ آلهة المجون المقدسِ
    كلما بَذَرَتهُ رعشةُ النداء
    ينمو شجراً واسع الظand#65276;‌ل
    و تتوارى النار خجand#65276;‌ً من حرائقها التي and#65275;‌ تبعث اللذة.

    أذكرُ
    أنها أشعلت قناديلها
    على البوابةِ اand#65271;‌ولى من غرفةِ التصاوير
    ونادت وجوهَ الحُسنِ التي رأتها تتسكعُ على تand#65276;‌ل اand#65271;‌ناضول
    سمَّتها خضرةً وماءً ووجهاً حسناً من تلك البand#65276;‌د- البand#65276;‌دُ التي قاسَمَتْهَا مُوسيقى العائلة.

    كنتُ عائداً من غيابٍ طويل
    غريباً دخلتُ
    وهادئاً عبرتُ نحو المنحدراتِ التي خبَّأتْ على جدرانها زهراتِ الشغفِ
    خطوةً
    خطوةً
    تَنَامتْ أشجارُ الحكاياتِ على الفناء الذي أشرعتهُ خُطاها لand#65270;‌خرين
    وخصَّتني بثمرٍ and#65275;‌ يراهُ اand#65269;‌خرون.

    نصار الحاج
    أكتوبر 2011
                  

04-09-2014, 08:23 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    فهرس المناولة:


    1) مـُـــــــــــــــدُنْ...... في ..الظــــــــــــــلام(قصة قصيرة)
    هيثم علي الشفيع

    2) بلاد على المزاج.
    تماضر حمزة


    3) أغنية
    وضحى المسجن
    (البحرين)


    4) أقدام حافية تحت المطر
    أحمد باشا
    (سوريا)

    5) المُثقَّف والسِّياسِي
    صلاح ابوسريف
    (المغرب)

    6) الغائب الأخلاقي... التسامح
    عبدالله النغيمشي
    الأحد 24 مارس 2013

    7) مزالق الحوار
    النور أحمد علي

    8) بيان الحداثة
    1979- 1992
    أدونيس

    9) خمسُ أغنياتٍ لن تكفي أيضًا!
    سعد الياسري

    10) قِيامةُ التُّوليبِ آخرُ مَن يعيثُ بحُلْمِنا
    سعد الياسري

    11) الشاهقُ من بذرةٍ
    نصار الصادق الحاج

    12) كادت أن تبوح صبية...
    عزت الطيري

    13) تفاصيل صغيرة
    فاطمة الناهض

    14) فتحتَ المظروفَ الذي وصلكَ من كل مكان
    عبد العظيم فنجان

    15) التاريخ، نقيضاً للتاريخ
    أدونيس
    الخميس 5 سبتمبر 2013
    (دفتر يوميّات)

    16) فَنّ الكَلام
    الشاعر الأرجنتيني: خُورخِي لويس بورخيس
    ترجمة: الشاعر عادل أحمد العيفة ( تونس)

    17) موقف الغاوون: دونيَّة المثقف العربي
    العدد 56 - آب 2013

    18) صبوات المداد
    الشاعر د. محمد ولد عبدي

    19) الطائي
    شتيوي الغيثي
    الثلاثاء 10 سبتمبر 2013

    20) ميدان طلعت حرب
    أسامة الحداد

    21) كيف لاتسقط الأرض على السماء ؟
    مهدي النفري

    22) سبع قصائد إليها
    نهى العتيبي

    23) جثث تكـرر موتهـــــــا
    عباس مزهر السلامي

    24) إن جُثَّتِ الحركات
    شعر : أحمد ضيف الله العواضي

    25) قصة من أم درمان
    صلاح أحمد اٍبراهيم

    26) منزل مزدحم بالغائبين
    تمام التلاوي

    27) ( وآ شري ! جابو الإسعاف ! )
    سيد أحمد العراقي

    28) ويكيبيديا الصبابات
    موسى أحمد مروِّح

    29) يحرس فضائحه بجدارة
    إبراهيم زولي

    30) أُم شَبَتُو
    منعم الجزولي
    إلى معروف سند

    31) مجلة الدوحة لشهر سبتمبر تحتجزها الرقابة

    32) محاولة لتحطيم أنف العالم
    عبد العظيم فنجان

    33) لو أن ظلًا مرّ
    دخيل الخليفة

    34) إدواردو غاليانو
    التاريخ لا يقول وداعاً أبداً، التاريخ يقول سأراكم لاحقاً
    ترجمة: بثينة العيسى

    35) علي محمد الأمين
    وِحدةٌ تُشبهُني

    36) عبدالله بيلا
    نيلسون مانديلا

    37) علي سباع
    قراءةٌ في فلمٍ لم يعرض بعد .

    38) أحمد الصحيح
    كلما فتحت الباب انهال علي العالم

    39) الصِّفر، ذلك الجدُّ الأوّل
    (أدونيس)
    (4 أيلول 2013)

    40) في تحرير الانتماء
    محمد جميل أحمد

    41) كم أنت أجملُ في الحنين إليك
    شوقي بزيع

    42) رأيت رفاقي
    وديع سعادة

    43) نعيٌ مبّكر .. لموتٍ مؤجّلْ
    الطيب برير يوسف

    44) غائلة دار الفور . . و السودان بضرورة الحال
    الى عالم عباس
    النور عثمان أبكر

    45) لا تصالح
    أمل دنقل

    46) وطنٌ يُبَاعُ ويُشْتَرَى وهَلُمَّ جَرَّاً
    عالم عباس محمد نور

    47) بورتريه
    الرشيد إسماعيل محمود

    48) رسالة إلى شاعر
    أدونيس

    49) رجلٌ من ورق
    جنات بومنجل

    50) بعضُ عُيوبِها
    تمام التلاوي

    51) واقعة مؤلمة
    قصة قصيرة: جيمز جويس(1)
    ترجمة: مصطفى مدثر

    52) تارخ الشك
    تاج السر الملك

    53) حامل القات للسيِّدة
    شعر: أسامة الخوّاض

    54) من تقاطعات زمن الهجاء - البكاء
    عبدالعزيز المقالح

    55) الجُّرحُ والقَوْس: ;منظمات المجتمع المدني. كمال الجزولي

    56) الترجمة بوصفها تعرّفاً إلى الغريب
    محمود حيدر*

    57) بور تسودان... حتى تنام
    عالم عباس محمد نور

    58) وتخـــرجُ مِنك...إليكِ
    الطيب برير يوسف

    59) فيروز.. إسمٌ منح للقلب تفسيراً
    محمد حداد
    (البحرين)

    60) ثلاث قصائد: حافظ عباس عالم

    61) قصة الخلق
    حافظ خير

    62) تميمة الصمت
    محمد بهنس

    63) النور والتابوت
    محسن خالد

    64) صديـــقي العــزيـز.. من فضلك يجب أن تموت َ لكي أكتب عنك !
    أحمد أمين أحمد محمد

    65) السفينةُ الخشبية مائلةٌ وتحلمُ بالنار
    أحمد الملا

    66) الشاعران الحقيقي والافتراضي في حرب معلنة
    بانة بيضون (لبنان)

    67) من أخذ النظرة؟
    وديع سعادة

    68) الوردة الرصاصية
    قاسم حداد

    69) حرب النحور
    ثروت همت

    70) تداعيات
    يحيي فضل الله
    مصـل ضد الحياة

    71) نقوش على ملامح الغريق
    مأمون التلب

    72) صخرةٌ في جبل
    بشرى الفاضل

    73) أقرب إلى القلب: جمال إبراهيم
    أدَب الرّسَائلِ: مَا قالهُ لي مُصْطفَى سَـعيْد: مهداة إلى الأديب عبدالغني كرم الله

    74) ارتعاشات شتائية
    عبدالعزيز المقالح

    75) أنا ابنة دم الكتابة
    وضحى المسجن
    (البحرين)

    76) تحتَ لهاةِ الشَّمس
    إنجاز: نصار الحاج

    77) بريد السماء الافتراضي
    حوار مع الشاعر محمود درويش

    78) قصيدة «الصبح»
    علي الدميني

    79) تصعيد
    نجلاء عثمان التوم

    80) الشعر
    حامد بن عقيل

    81) مثل دوامة تجذب إعصارا
    حمدي إسماعيل

    82) عَجْرَفَةُ المُتجانِس
    (شكوكُ القُبَلِ وهواجسُها الموصولة)
    سليم بركات
    (سوريا/السويد)

    83) ثمّة ما لا يعود..!
    قيس شحاتة

    84) عن الشَّوقِ وباقي الأشياءِ العاديةِ
    سعد الياسري

    85) تغريبة الطائر الــ " جاهلي "
    حامد بن عقيل

    86) بغريزة ذئب وحيد في غابة ضائعة
    (نص شفاهي )
    فتحي أبو النصر

    87) رؤيا
    عبد الحكيم الفقيه

    88) تَجْمَعُ مَا نَسِيَتْهُ المَرَاكِبُ
    أحمد الشهاوي

    89) اشراقات طرفة بن الوردة
    قاسم حداد

    90) الحلاج
    عدنان الصائغ

    91) رِهانُ الشهَوات
    عصام عيسى رجب

    92) نصوص شعرية
    أمل مسلم حاتم

    93) إميليو بيكلو
    ترجمة: أحمد لوغليمي

    94) “الآفـة ”
    إدجار ألان ب
    ترجمة: هانية عَسوَد.

    95) أحـــفاد الـــــريــح
    خلف علي الخلف

    96) الحديد
    قاسم حداد

    97) قِيَامَةُ الزِّئْبَق! ..
    September 5, 2012
    بقلم: كمال الجزولي
    (فَصْلٌ مِن سِيرَةِ مَرْجَانْ مُورْغَانْ مَارْغَايْ)

    98) ميـلادِي فـيكَ يا وَطَـني يُـدَوِّنُـهُ حَـتْـفِـي
    بقلم مُحمَّد زَيْن الشَّفيع أحْمَد

    99) هادئاً دخلتُ فانسابت فتنة الضوء
    نصار الصادق الحاج

    (عدل بواسطة بله محمد الفاضل on 04-09-2014, 08:37 AM)

                  

04-13-2014, 08:18 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناولة... (Re: بله محمد الفاضل)

    على نحو مؤلم أتذكر
    وضحى المسجّن
    (البحرين)



    على نحو مؤلم أتذكر صوتك، صوتك المليء بالخفّة، بصدى كل ما أحببتُ وماكرهت، بهذيانات إنطباعي عنكَ، أتذكره وأتفاجىء كما لو أني ألمسه أو أقوله،
    ومن يوم لآخر ومن فرط المفاجأة أعاود إنتاجه في أوضاع متعددة:
    صوتك وقهوتي
    صوتك وموسيقى عُمر خيرت
    صوتك وملاك يرّف قريباً مني
    صوتك ولوحات غوستاف كليمت فنانك المفضل
    صوتك ورغبتك في أن يفوز ميلان كونديرا بجائزة نوبل
    صوتك والصراخ..وروحي مخدوشة بأظافرك الخشبية
    صوتك و.........
    ...المحبّة مجروحة...

    2

    على نحو مؤلم أتذكر جسدك، شبيهاً بعمل لمايكل أنجلو،ر وح تأخذني إلى روحي، لما هو معتكر وصافي، لضوضاء محتملة وهدوء أكيد، أغمض وأنا أتذكر جسدك، أرتبك ويفلت من يدي الكتاب الذي أقرأ، وأتفاجىء كما لو أني ألمسه أو أقوله، ومن يوم لآخر ومن فرط المفاجأة أعاود إنتاجه في أوضاع متعددة:

    جسدك وكلمة (أحبّكِ)
    جسدك وأنت الكائن الهش الذي يحترم هشاشته
    جسدك وقبلتك على جبيني
    جسدك وأنا طفلتك الأبديّة
    جسدك و (أخاف عليكِ من محبتي)
    جسدك و"الحب والجنس عالمان مختلفان"*
    جسدك و...............
    ....(أحبّك) صارت مهلهلة حين أفسدها الطارئون على الحُبّ.

    3

    على نحو مؤلم أتذكر روحي، روحي المزرّقة من برد خفيف في ديسمبر ، من وهج ذاكرتي ورحمي الوردي كلما قَتَلَ طفلاً، روحي التي أحبّتْ وكتبت، أتذكرها وأتفاجىء كما لو أني ألمسها أو أقولها، ومن يوم لآخر ومن فرط المفاجأة أعاود إنتاجها في أوضاع متعددة:

    روحي وأقراطي مهملة على المكتب
    روحي و (جمالكِ هادىء ومجنون ورزين)
    روحي وأغنية عبد الحليم ...أحضان الحبايب
    روحي وكلمة (أحبّكِ)
    روحي وقصائدك
    روحي و (أنا طفلك)
    روحي و.............
    .....لا شيء.........



    *ميلا ن كونديرا

    http://www.jehat.com/Jehaat/ar/ArabatAlnaar/Wadha4-12-2012.htm
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de