د. ناهد تدخل كهوف (تورا بورا) ! هاشم كرار

Quote: نادين البدير / أن أكون نحيلة ... كانت المرأة الممتلئة القوام هي المرأة المطلوبة في مراحل سابقة من التاريخ... وكان العرب لا يعدون المرأة امرأة حقيقية تحمل مقومات الأنوثة وشروطاً تؤهلها لتكون بطلة أبيات الشعر إن لم تملك قدا سمينا محشوا بأرطال الشحوم... ألم يأت في معلقة طرفة بن العبد: «وتقصير يوم الدجن والدجن معجب... ببهكنة (الشديدة السمنة) تحت الخباء المعمد». وفي رسومات المستشرقين وغير المستشرقين ومختلف المنحوتات تظهر المرأة المكتنزة، ممتلئة من جوانب عدة متباهية بذلك الاكتناز. كما اعتبر الامتلاء علامة ثراء. فوحدها الثرية باستطاعتها تناول ما لذ وطاب من المأكولات، وحدها التي لاتعمل بأشغال المنزل وتبقي جسدها حبيس الفراش كي لايهزل وتختفي ثناياه المتكتلة، فيما الفقيرة الكادحة التي تفتقد للطعام الكامل تبدو نحيلة هزيلة بعيدة عن الحسن والبهاء... - تعدى قياس مارلين مونرو الـ 16 وهو مقاس كارثي بمعايير اليوم. واليوم يتملك هاجس الخوف من السمنة وريثاتها في هوليوود اللواتي تطرفن في النحافة المنافسة على إظهار عظامهن بطريقة توحي بالمرض والأنوركسيا وأمراض عديدة تساهم بتعجيل الوفاة. بالطبع آخر من يفكر أن ينتمي لمعايير اليوم هن الممثلات العربيات اللواتي يتباهين بالتبختر لإظهار أكبر قدر من الامتلاء خصوصا في الأرداف... وممثلات الخليج يعكسن واقع نسائه اللواتي وصلن لمراحل متقدمة من السمنة بحسب الدراسات. ليس لأنهن لا يعرن الأناقة اهتماما بل على العكس هن أكثر النساء مجاراة للأسواق. لكنه الطلب كما يشاع، يفرض نفسه على العرض. إذ يقال ان نسبة كبيرة من رجال الخليج التقليديين يميلون للمرأة الممتلئة رغم أنني أزعم بأن أجيالا جديدة منهم يتمتعون بذائقة عالمية في تقييم الجمال والأناقة. ويشترك في الميل نحو المرأة السمينة بعض القبائل الأفريقية التي تجرى لنسائها عمليات جراحية في طفولتهن المبكرة بمنطقة المؤخرة كي تغدو ضخمة عجيبة حين يكبرن. قابلت سيدة اسمها فاطمة باركر ببرنامجي مساواة. كانت تدافع عن السمنة بشراهة، وتقول انها توصلت عبر دراساتها العديدة إلى أن داخل الرجل يميل للمرأة البدينة جداً (أي ذات وزن يتعدى الـمئة كيلوغرام أو المئة وخمسين). طبعا هذا القدر من الكيلوغرامات مبالغ به، لكن لو تحدثنا عن كتلة أخرى قد لا تصل لحجم المئة كغم إلا أنها تقع ضمن إطار السمنة... مثل هذه المرأة الممتلئة تجاري رجلا مات وانتهت قوانينه الجمالية منذ سنوات، فيما تهمل رجل عصرها و قانونه الذي ينص على وزن أقل ما يقال عنه انه معتدل طبيعي. - لقد أرادنا رجل العصور السابقة نساء ممتلئات. وكنا كذلك. ورجل العصر يريدنا نحيلات، وعلينا اتباعه. لأننا لو لم نفعل فسنخرج من منظومة الجمال الذي يحدده ويقدمه لنا الرجل مثلما نقدم له معايير الوسامة. وسنبقى ضمن إطار الشاذات اللواتي يرفضن الانصياع لأوامر الرجولة المذكرة باسم إهانة المرأة وسلبها سلطة التحكم بجسدها وتشويه أنوثتها التي لا يجب أن تكون مرسومة بريشة ذكورية... هكذا يقول كثير من الناشطات. وهذا برأيي عيب يشوب الحركات النسوية أو أولئك (الفيمنيست) اللواتي يهربن من الرجل إليه... يعتقدن أن المساواة وتحقيقها تعني التشبه بالرجل حتى في الشكل. ما يدل على خلو أفكارهن من أي مشروع خاص بالمرأة. وكأنهن منقادات منصاعات للرجل أكثر من ربة البيت الخانعة. يردن للمرأة أن تبدو كالرجل، تنزع فستانها الضيق وترتدي بزته وبنطاله لتثبت أنها امرأة عاملة نشيطة. تنزع الكعب كونه يعيق حركة التمرد. لا تضع مساحيق التجميل. تترك جسدها يسمن ويترهل. وتنكش شعرها وتدع الشيب يغزوه. باسم التحرر من قيود الماضي. باختصار هي تحارب قوانين مصممي الأزياء الذكور لكنها تقلد كل شبر في الذكور. وهذا الأمر يخيف النساء، إذ يدفعهن للربط بين الدعوة للمساواة وبين التحول إلى مخلوق خشن بشع. المطالبة بالمساواة شيء يتعلق بالقوانين والحقوق والواجبات، ولا علاقة له بإهمال جمال الأنوثة كدليل تحرر، أو بالمنافسة في الشكل. لأن الاختلاف الجسدي بارز بين المرأة والرجل. فلم عليها استخدام أدواته؟ لم تعجز عن منافسته بأدواتها؟ أم أنها لا تملك الأدوات؟ - المرأة تملك أداة كونية إعجازية هي الجسد الجميل، لا يقدره سوى الرجل... فليكمل نحته طالما أن النهاية ستكون علاقة مكتملة ترضي وتشبع الطرفين. في النهاية هو ليس عدوا. وأعتقد أن قليلا من المرونة لا يضر. فالرجل هو المعني بجمال المرأة وهو المتغني برشاقتها وهو الذي يسرد أبيات الشعر لها. لم أسمع عن امرأة تتغنى بجسد امرأة من قبل. لذا فإبراز الجمال يجب أن يكون لأجل عيون ذاك الشاعر لا عيون النساء. لا بد، في الأمور الجمالية، من الإنصات للرجل. فالسائر في الطريق لن يستفسر عن موسوعتنا المكتبية. والزوج أو الحبيب ستهمه بالتأكيد مسألة المقاربة الفكرية مع امرأته، لكنه لن يستغني مطلقا عن انجذابه الجسدي. واهتمامه وولعه بأن تحمل امرأته صورة المرأة العصرية الفاتنة. كاتبة وإعلامية سعودية [email protected] الراي الكويتية