مؤتمر لقيادات سودانيه (شابه) بمنتجع جبال الروكي كلورادو( صور)

Quote: السناتور روبرت كروقر: لا اؤمن بالتدخل العسكرى الامريكى فى درافور اجرى الحوار من جبال الروكى وترجمه للعربية: عبد الفتاح عرمان روبرت كروقر عضو الكونغرس و سفير امريكا السابق لدى بورندى، من الشخصيات التى لعبت دوراً مهماً فى انهاء العنف فى بورندى حيث تعرض لمحاولة اغتيال من قبل الجيش البورندى اثناء فترة عمله سفيراً لبلاده فى بورندى. زار بورندى فى العام الماضى و استقبله الرئيس البورندى ثم عقد البرلمان جلسة خاصة للترحيب به كصديقاً للشعب البورندى، الرجل رحب بى جداً عندما قلت له بان لدى رغبة فى اجراء حوار معه، و اهدانى نسخة من كتابه ( من انهر الدماء الى الامل فى بورندى)، فالى مضابط الحوار: * متى تلقيت نبأ تعينك سفيراً لدى بورندى؟ فى شهر اكتوبر من 1993 رن جرس الهاتف ورفعت زوجتى السماعة و كانت المكالمة من البيت الابيض، وندهت على زوجتى قائلة بان البيت الابيض على الخط، و اذكر وقتها اننى كنت مستغرباً لماذا يطلبنى البيت الابيض و عندما تحدثت اليهم قالوا لى بان الرئيس بيل كلينتون يود مقابلتى فى البيت الابيض، ذهبت اليه و اخبرنى بانه يريدنى ان اكون سفيراً و عرض على اسماء بعض الدول و اخبرنى بالوضع فى بورندى ولكنى قلت له بالرغم مما يحدث فى بورندى سوف اذهب للعمل هناك و قد كان. * لماذا فضلت بورندى على الرغم من علمك بخطورة الوضع هناك؟ لا ادرى لماذا اخترت بورندى، اعنى عندما عرضوا على بورندى من ضمن دول اخرى قلت لهم اعطونى اربعة و عشرين ساعة و ذهبت البيت و قلت لزوجتى بانى اخترت بورندى لان لدى احساس داخلى باننا لو ذهبنا لبورندى سوف نقوم بعمل الكثير هناك و اذا كنت لا تمانعين فسوف نذهب الى هناك ووافقتنى على الفكرة و ذهبنا الى بورندى. * عندما ذهبت الى بورندى كانت الاوضاع ماساوية حيث تمت مجازر كبيرة للهوتو من قبل التوتسى ولكن بالرغم من ذلك كنت السفير الغربى الوحيد الذى ذهب خارج العاصمة و صورت هذه المجازر و ارسلتها لوكالات الانباء العالمية.. لماذا فعلت ذلك؟ خمسة و تسعين فى المائة من السكان كانوا يعيشون خارج العاصمة و خمسة فى المائة فقط يعيشون فى العاصمة فعليه ايقنت بانه على الذهاب خارج العاصمة و زيارة القرى حتى اتعرف بالضبط على ما يجرى فى بورندى ولا تستطيع فهم اى بلد ما لم تذهب للقرى و تتحدث للناس و خصوصاً معظم سكان بورندى مزارعين و اذا اردت ان اعرف مشاكلهم كان لزاماً على ان اذهب اليهم فى قراهم و اتحدث اليهم حتى اعرف ما يحدث لهم و عندما ذهبت لتلك القرى رايت بام عينى ما يحدث للهوتو من ابادة جماعية و ما كان على ان اسكت عن تلك الجرائم فدافعى كان هو حماية المدنيين من القتل الذى يحدث لهم يومياً لمجرد انهم منحدرين من قبيلة معينة –و عندها دمعت عينا السفير كروقر- وقال لى بعد كل هذه السنين اشعر بان تلك المجازر و كانها حدثت الان و رائحة الجثث المتعفنة فى الطرقات و عمليات السحل و النهب هذه كلها لم تنمحى من ذاكرتى. * الا تتفق معى بان ما قمت به من مؤتمرات صحفية و ارسال صور القتلى لوكالات الانباء العالمية ليس من صميم عملك كسفير ؟ قيمت هذا الوضع و قلت لنفسى علاقاتنا الاقتصادية مع بورندى حوالى سبعة مليون دولار سنوياً و هذا المبلغ لا يعنى شىء لنا فعليه اذا قررت بورندى قطع علاقتها بنا فلن نخسر شيئاً هذا من الجانب الاقتصادى اما من الجانب السياسى كل ما اردت فعله هو المحافظة على الديمقراطية الوليدة فى بورندى و حماية حياة الناس العاديين و اذا لم افعل ذلك فما فائدة وجودى هناك، وشعرت باننا كدولة عظمى لا يمكننا السكوت عن تلك الجرائم و اذا لم اتحدث و اقول الحقيقة فمن الذى يفعل، و كان هذا كل ما دفعنى لفعل ما فعلت. * ولكن الحكومة البورندية كانت غاضبة منك و اشتكت الى وزارة خارجيتك فى واشنطن و تم استدعاؤك الى هناك؟ هذا صحيح و طلبت منى وزارة الخارجية انا لا اتدخل فى الشان البورندى و لكن هذا لم يعد شاناً بورندياً و يتعارض مع حقوق الانسان و قلت هذا لخارجيتنا ولكنهم لم يتفقوا معى و ذهبت للرئيس كلينتون و قلت له بانى لن اسكت عن ما يحدث فى بورندى و حصلت على تايده على ما اقوم به و بعد ذلك لم استمع لم تقوله الخارجية لانى حظيت بدعم الرئيس شخصياً لما اقوم به و عدت الى بورندى وواصلت مهمتى كالمعتاد. * تحدثت من قبل عن امكانية السلام المستدام من غير تقديم منتهكى حقوق الانسان للعدالة .. فكيف ذلك؟ هذا يعتمد على تعريفك للعدالة نفسها فعلى سبيل المثال لو قتلت زوجتى و انا قتلت زوجتك فهل هذه عدالة؟ وهل يستفيد اى منا؟ فى حالة بورندى 350 الف على الاقل قتلوا خلال التصفية العرقية فى عامى 1993 و 1994 واذا تحدثنا عن العدالة و محاكمة الجناة فسوف ندخل فى دائرة مفرغة و انا اؤمن بما حدث فى جنوب افريقيا حينما تم تكوين لجنة للحقيقة و المصالحة وهى ان يعترف الشخص بما ارتكب من جرائم شرطاً للعفو عنه ففى اعتقادى هذا هو النموذج الافضل لتحقيق العدالة، ونيلسون مانديلا نموذج كبير فى افريقيا و كان باستطاعته جلب جميع من اودعوه السجن للمحاكمة و لكنه رفض ذلك فهذا نموذج يحتذى به فانظر لجنوب افريقيا اليوم هى الان اكبر دولة ديمقراطية فى افريقيا و لديها اقتصاد قوى. * كيف تنظر لصمت المجتمع الدولى فى تلك الفترة؟ المجتمع الدولى كان على علم بما يحدث فى بورندى ولكنهم فضلوا الصمت و العالم دوماً لا يتحرك الا فى حالة وجود بترول او معادن اخرى بامكانه الحصول عليها من الدولة المعينة و لكن المجتمع الدولى لا يتحرك الا لحماية مصالحه و خصوصاً عندما يتعلق الامر بافريقيا ودعنى اقول شيئاً وهو حقيقة و لكنى لست فخوراً بها وهو العالم دوماً يتحرك عندما يتم قتل اصحاب البشرة البيضاء و لكنهم لا يتحركون عندما يقتل اصحاب البشرة السوداء و خصوصاً فى افريقيا و هذا الامر رايته بام عينى و اخبرت وزارة الخارجية وقتها بذلك. فالامم المتحدة كانت هناك ولكنها عجزت عن حماية المدنيين و ذلك لان قواتها لا تتحرك الا باذن من الجيش البورندى وسوف تظل الامم المتحدة عاجزة ما لم تكون لها قوة عسكرية خاصة بها تمكنها من التدخل السريع و ردع كل منتهكى حقوق الانسان فى اى منطقة فى العالم. * و لكنك فى نهاية الامر غادرت بورندى؟ هذا صحيح و ذلك تم بعد 21 اكتوبر 1993عندما قتل الجيش البورندى الذى يسيطر عليه التوتسى رئيس بورندى و اعضاء حكومته و تمت محاولة اغتيالى شخصياً و بالرغم من ذلك رفضت طلب خارجيتنا بمغادرتى بورندى وبقيت فيها حتى عام 1994 و ذلك عندما تاكد لخارجيتنا بان هنالك خطر حقيقى على حياتى و خصوصاً بعد نجاتى من محاولة الاغتيال الاولى وحتى الخارجية عندما استدعتنى قالوا لى لاجراء بعض المشاورات و حملت حقيبة صغيرة و عدت لواشنطن و عندما حضرت للخارجية اخبرونى بانه ليس بامكانى العودة لبورندى فخروجى من بورندى لم اكن ارغب فيه و تم من غير موافقتى عليه. * ما الذى جعل وسائل الاعلام العالمية وقتها تقف موقف المتفرج على الوضع فى بورندى ؟ وسائل الاعلام العالمية كانت مهمة للغاية و القتل سوف يكون افظع من ذلك لو لم اتحرك و اتصل ببعض القنوات مثل البى بى سى و السى إن إن و قنوات اخرى و لكن كان من الصعب جلب بعض الصحفيين لبورندى و تغطيتهم من الخارج كانت ضعيفة جداً و لسوء الحظ كان بعضهم يرى تغطية اخبار باريس هيلتون و بريتنى إسبيرز اهم من الذى يحدث فى بورندى ولكن علينا ان ناخذ بزمام المبادرة و اخبارهم عن الوضع فى بورندى و عندما يعلمون بالذى يحدث سوف ياتون وهذا بالطبع يعتمد علينا نحن بتعريفهم بخطورة الوضع هناك و هذا ما فعلته انا بالضبط ولكنى اتفق معك الكثير من وسائل الاعلام العالمية كانت تقف موقف المتفرج. * كيف ترى الوضع فى درافور الان؟ اعتقد بان الامم المتحدة و الولايات المتحدة يخشون من تسمية ما يحدث فى دارفور بالتصفية العرقية و ان فعلوا ذلك فهذا يترتب عليه ان يقوموا بواجبهم فى هذه الحالة و بالطبع هم لا يريدون فعل اى شىء و عندما كنت سفيراً لدى بورندى كنت اقول لخارجيتنا بان ما يحدث فى بورندى هو تصفية عرقية ولكنهم لم يريدون سماع ذلك و خصوصاً عندما كنت اصرح لوسائل الاعلام بذلك ولكنى لم اكن اهتم وذلك لان الرئيس كلينتون كان يتفق معى فى ذلك الامر وعلى كل انا ارى بان ما يحدث فى درافور هو تصفية عرقية. * من وجهة نظرك ما هو المطلوب عمله لجلب السلام لاقليم درافور؟ لم ازر درافور بعد، فعليه ليس لدى خبرة كبيرة فى كيفية حل المشكلة و لكنى اعتقد بانه قبل كل شىء يجب وقف العمليات العسكرية هناك ثم الضغط على الحكومة و الحركات المسلحة للجلوس لحل المشكلة عبر التفاوض و لا اؤمن بالتدخل العسكرى الامريكى فى درافور و غزونا للعراق اعتقد بانه كان خطأ جسيم من قبل ادراة الرئيس بوش و افقدنا الكثير من الاصدقاء حول العالم. * كلمة اخيرة لمن توجهها؟ كل الذى اود قوله هو بان الحكومة الرشيدة هى التى تنظر للفقراء و المحرومين و ليس لمصالح الاغنياء، و القيمة التى خرجت بها من كونى مسؤولاً فى الحكومة الامريكية هى مساعدة الفقراء و الوقوف الى جانبهم و الثروة و المال مثل لعب الاطفال بعد فترة بسيطة تكتشف بانه لا قيمة لهما وكما يقول الكتاب المقدس كلما كثر مالك كلما سئلت اكثر يوم القيامة.