مواقف وطرائف في عالم التدريس (صور)

Quote: إعلان حالة فرح آه ما اقسى الجدار حينما ينهض في و جه الشروق قد ننفق كل العمر كي ننقب ثغرة ليمر النور للأجيال مرة * * * * و لولا هذا الجدار ما عرفنا قيمة الضوء الطليق تتنازعني منذ أيام مشاعر مختلفة . . هي مزيج من الفرح الغامر الذي قلما طاف بي منذ فارقت قدماي أرض الوطن في رحلة الهجرة من أجل "كسرة خبز و بعض الكرامة" (و هي هجرة تكاد تكون مكتوبة على السواد الأعظم من السودانيين), و مزيج من الحزن على فراق عزيز سيغادر محيطاً طالما ملأه زخماً جميلاً احتملنا به وجع المكان. جاور مكتبي مكتبه ثماني سنوات طوال بطول المحبة التي جمعت بيننا . . توضأنا فيها بالصبر على المكاره و صلينا كل يوم صلاة الضارعين لأمر ٍ رشدا . . كنا نترقب فيها القادم بالفرح المأمول علـَّهُ يغير "المنظر" . . حتى صرنا جزءاً من هذا الأمل الجميل الذي دغدغ فينا أحلام الرجوع و هو اصطفاء طبيعي . . رجعنالك رجوع القمرا لي وطـن القـمـاري حتى جاء هدهد سبأ بالخبر اليقين . . أخيراً نزع عمر حميدة زفرة الكربة و صفع المخاوف و طلق الغربة طلاقاً بائناً بينونة كبرى . . إنه عائد إلى نفسه . . عائد إلى الجامعة يغني كما كان يغني حين يدخل إلى الفصول . . شرطاً يكون لبيس و من هيئة التدريس عائد يحدثهم حديث العارفين . . و الرجل أهلٌ لذلك . . و الشاهد كتاباته التي تنضح معرفة ( و تنـِزُّ علم مَقـَعَّـد ) . . قطعاً سيستفيد منه من يعرف قيمة العلم من طلابنا و هم كـُثـُر و لله الحمد, بعد أن أذن في مالطا لسنوات طوال لم يحصد فيها سوى النذر اليسير . . و كان حين يضيق به الحال يصرخ "الجمل ياكل الشوك" . . عبارة حفظها إخوتنا "العرب" بعد أن اجتهد في ترجمتها لهم . . فالرجل يتزين بفقره و ولعه بالقراءة التي هي مثار استغراب من حوله . . فما ذكر الكتاب إلا و ذكر عمر حميدة بعد أن يحمدوا الله الذي عافاهم مما ابتلى به عمر . . بل إن الكثيرين منهم يعزي فقره إلى القراية الكتيره اللي مالهاش لازمة. صلتي بعمر ابتدأت هنا في جدة و هي إحدى نعم هذه البلد علي . . ذهبنا في إحدى إجازاتنا إلى بلاد الهند فكان دليلي . . و كنت أحسب نفسي عارف البلد لأن أخي الصغر كان يدرس هناك و عدد لي الأماكن التي يجب زيارتها . . قرر عمر الذهاب معي في اللحظات الأخيرة دون سابق إعداد لهذه الرحلة . . فكان يدهشني في كل مدينة نذهب إليها بمعرفة دقيقة لكل المعالم التي يجب أن نزورها بل كان يعرف عن كل معلم ما لا يعرفه أهل البلد . . حتى ساورني الشك في أنه ربما زار هذه البلاد من قبل . . لكن "إمبراطوريات الرياح الموسمية" و كتب أخرى في الذاكرة كانت تعينه على معرفة ما يغفل عنه الناس . . حقاً لا حسد إلا في العلم . . فهو مثل نخلة "المشرقية النجيضة" "هبشه بس تديك ثمرها بأريحية و طيب خاطر. كان عمر سبباً في معرفتي بكوكبة الكسلاويين الذين أعطوا للغربة معنى آخر من خلال المنتدى المؤتلق . . الذي كلما مررت به غسلت أدراناً تتراكم و ارتويت من ظمئ ٍ . . مجبوره الروح على قعده بره تشابي و تحلم بس فد مره بي أحضان البلد الخيرو مدفِق بره يداوي شروخنا و يشفي جروحنا و يملى عروقنا الخاويه مسره بيني و بينك يا عمر: بعد ده . . اغرس خيمتك في أي شاطئ تحب و اتكئ . . و تنفس النسمة الحرة بكلياتك متى شئت. أخوك - وليد محجوب