مواقف وطرائف في عالم التدريس (صور)

Quote: الحلقة(1) بدأ مشواري مع التدريس عند تسلمي خطاب تعييني مدرسا بالمدارس الوسطى بالدرجة (جيهJ) بوزارة المعارف السودانية، كما كانت تسمى سابقا، وبراتب قدره 18.100 جنيه سوداني فقط لا غير (كانت تعادل حوالي 54 دولاراً أمريكياً) وذلك اعتبارا من أول سبتمبر 1960 لأبدأ رحلتي مع التدريس بمدرسة بربر الأميرية الوسطى. غادرت الخرطوم في صباح يوم الأحد الموافق 31 أغسطس 1960 بقطار اكسبريس حلفا الذي وصل إلى محطة بربر في الثالثة والنصف بعد الظهر. هرول إليّ أحد سائقي التاكسي، وبعد أن عرفته بهويتي أخذني إلى داخلية المدرسة الأميرية مقابل ريال واحد (عشرة قروش) وهو الأجر الذي كان يدفع عن أي مشوار داخل المدينة. كانت هذه الداخلية في الأصل مبنى لإحدى أول أربع مدارس حكومية وسطى فتحت في السودان، والتي تخرج فيها العديد من الشخصيات السودانية المرموقة، كما عمل بها الكثير من رواد التربية والتعليم المعروفين. ولحسن الحظ كان ضابطا الداخلية موجودين وكان أحدهما زميلا لي في الدراسة يسبقني بسنة بالمدرسة الثانوية، فرحبا بي واستقبلاني أحسن استقبال. في صباح اليوم التالي (1 سبتمبر 1960) ارتديت بنطلون الصوف الإنجليزي الأسود الوحيد، والقميص البوبلين الأبيض اللذين كان قد فصلهما لي أحد أعمامي في أم درمان، رحمه الله، وكنت أبدو فيهما بمنتهى الأناقة والشياكة؟!!، كما برّني بمبلغ150 قرشا كمصروف جيب. توجهت مع الزميلين إلى المدرسة حيث قدماني إلى بقية المعلمين. وبعد قليل وصل السيد ناظر المدرسة، وكان رجلا طويل القامة ومهاباً (شأن كل نظار المدارس في ذلك الزمن) فدخلت وسلمت عليه في مكتبه، وقدمت إليه شخصي بأنني المدرس الجديد بالمدرسة، فما كان منه إلا أن نهض من كرسيه، وسلّم عليّ بالأحضان، ثم جلس بجانبي على الكنبة، وعبر عن سروره البالغ بوصولي.

(عدل بواسطة عماد موسى محمد on 11-02-2008, 12:07 PM)