الشجرة... مدينتي التي احبها

قرأت سطورك العميقة عن وليد ( بيش ) ويالها من كلمات مست في دواخلي وترا ينبض إنتماءا ومحبة ... وأقول لك انك ( إنسان ) ( لماح ) فقبلها كتبت عن شخصية السني وأنا متأكد أن في مخيلتك شخصيات أخري تثير الإندهاش .... تعيش وسطنا ولا ننظر إليها بالعمق المطلوب .
وليد بيش إحدي علامات الشجرة البارزات صنع فيها السعادة والفرح بطريقته الخاصة فكلنا يحفظ في دواخله حدث أو موقف أو إنطباع عن هذا النبيل العميق البسيط .... كنت أتعجب من أين يستمد هذا (البيش ) الحضور والتألق والقدرة علي لفت الإنتباه والتساؤل وحيازة الإعجاب ... كان منتظما حتي في خروجه علي (المألوف ) الذي نفترضه نحن ..... كنت أسأل نفسي عمليا من أين حصل وليد علي هذه الكرافيتة ( الصفراء بالأسود ) وذلك المرجع في القانون الذي يحمله معه وهو يخطط اليوم وهو خارج من منزله ويقصد جامعة القاهرة الفرع ... وقبلها يستفزني السؤال هل إرتدي هذا الزي في المنزل أي من دولاب مخصص للملابس ؟ أم أنه إرتداه خارج المنزل وأين ؟ وهل رتب لكل ذلك قبل النوم مساءا مثلما يفعل الناس العاديين في تجهيز مستلزمات مشوار الغد من ملابس ومعدات ؟ وهل طريقته في التفكير وترتيب الأمور هي نفسها الطريقة المعتادة التي نرتب بها الأمور ونتخذ القرارات ؟ وهل وهل وهل .... كنت اتجاوز كل ذلك واحبه حبا في الله ولاتزال ترن في أذني صدي عبارته وهو ضاحكا ( جنابو ) ماركة مسجلة يمازحني بها الأصدقاء علي طريقته .
كنا مجموعة من الأصدقاء بابكر أبو شوك ... حمادة سيد وأشرف حاكم نلتقيه عند بقالة أسامة ( الزعيم ) بسوق الشجرة ونتبادل معة الحديث والونسة ويحاول بابكر استدراجه الي مناطق معينة فيسأله يا وليد انت لو عرست حا تعمل شنو ؟ يقو ليه حأعمل حفلة ... طيب وبعد الحفلة ؟ يقول ليه حانمشي الفندق... طيب قول وصلت الفندق... يقول ليه نخش الغرفة ... طيب بعد داك ؟ يقول نطفي النور .... قول طفيت النو ر تعمل شنو بعد داك ؟ يقول ليه نقعد نتونس وهنا ننفجر ضاحكين ( عليك الله ياوليد بيش الونسة دي دايرة ليها نور يطفوه ) فاكتشفنا أنه عفيف اللسان ... كذلك عفيف اليد لا يأخذ حتي يستـاذن ولا يطلب أكثر من حاجته ولايزال حمادة سيد يحفظ عبارته الدقيقة ( جيب خمسمية نقشط لبن ) فقط خمسمية ولغرض واضح وبكل شفافية يشتري امامك اللبن او الباسطة ويعزمك بكل أريحية ويلح عليك لتشاركه ...
له مقدرة فائقة علي معرفة الناس وتصنيفهم فهذا بخيل وهذا كريم وهذ شاطر وهذا وهذا ... يمثل مرآة للناس كذلك له مقدرة علي اختزان تفاصيل أي شخصية واخراجها في شكل عبارة أو إيماءة أو حركة تعرف منها من يقصد .. حتي علي المستوي السياسي كان يعرف عن الشجرة الكثير ودوما يكون مدخله للشخصية ينسجم مع طبيعتها ولا يجد صعوبة في ايجاد لغة مشتركة مع كل الاشخاص لثقافته الخاصة به .
كان شديد الإعجاب بالمرحوم عثمان طنون الذي هو قمين بالاحترام والاعجاب حتي ارتبط اسمه به فأصبح وليد (طني ) وكان أشد اعجابا به وهو يدير نادي الشجرة فكان كثيرا ما يجسد شخصيته وطريقته في الكلام الا ان جسده النحيل بخذله في اتمام الدور..

له علاقة مميزة مع الاوساط القانونية ( نيابة .. شرطة .. قضاء .. محامين ) وحتي انتسابه ( الخاص ) للجامعة ( الفرع ) كان تحت مظلة كلية الحقوق وكان ينطقها حتي أشفق علي حلقه لإخراجه لحرف القاف من منابعه الأصلية .. يجسد دور طالب الجامعة فتجده في الترحيل والكافتريات وكان هنالك يلوذ بالصمت فيثير حيرة الكثيرين هل هذا الذي يرتدي كارفيتة طالب أم أستاذ ؟....يعرف مصطلحات السمستر والقاب والتربيت وتجده أيام الإمتحانات مهموما مثله مثل الطلبة .
يعرف أخواني في البيت علاقتي الحميمة معه وكان يسأل عني حينما اكون خارج الخرطوم وأذكر يوم الحادث المشئوم أبلغوني متأثرين بالخبر ...
أخي أسامة هنالك الكثير والكثير عن الحبيب( بيش ) وشخصيته التي تستحق التذكار التكريم والإحترام والإحتفاء اشكرك لأنك حفزتني لأكتب ما احس تجاهه ويمكننا أن نتبني سويا مع آخرين مشروع صغير بأسمه عبارة عن سبيل ماء بنادي الشجرة عبارة عن مبرد ماء ( cooler ) في المكان الذي أحبه وارتبط به .