هنا فداسي

رجعة لعبد الله الطيب: في محبة فداسي – 5
استوقفني الأخ الدكتور / عبد المنعم الجاك في:

"وقد حبسنا دهرٌ حريصٌ على بقائنا بمعزل عنهم: نكاية وزراية".

يا أخي ليس وراء الكلمات معنى بعيد التصيد، بل إنها عبارة تكاد بكلماتها المحزونة لتعبر بجلاء عن عوامل الهدم أو القهر التي تداخل حيوات الناس وما يقاسون في أمرها، وفي الحقيقة أن كلمة " دهر حريص" أول ما صادفتني في مخطوطة للدكتور عبد الله الطيب أسماها: التجهيزي ، وهي مذكراته أثناء مرحلة التجهيزي بكلية غردون التذكارية. ويقيني أن هذه المخطوطة تعتبر من أمتع ما قرأت في شأن المذكرات الشخصية، فبقوة الإحساس والرصد الشفيف الذي ساق به عبد الله محفل الذكريات مررت معه على خبر وفاة لأحد خلصائه أو معارفه فأورد بيت بن دريد الشاعر العباسي* :
... أودى به دهر على هدم المعالي حريص
( وليصور لك فداحة الهدم، استخدم كلمة "الحرص " في صفة حال فعل الموت وكأنه لا يهدم غير المعالي، وذهاب الأفاضل بلا شك فقد كبير. وكذلك الشأن لي أن حبسني دهرٌ أو عذرٌ أو ظرف ٌ أن أصل خاصتي فما أشدها من عزلة وما أسوأ منقلباً أشبه بمن لا منزلة له بين القوم فهو زري وضيع والدهر يفتق فيه الجرح . وكلمتي " الزراية " و" النكاية" مما تكثر في كتب الدكتور منصور خالد وقد وقفت على العديد منها، وأرى أن الدهر قد أزرى به وحمله على العزلة المريرة: " كأحلك مما رأى الكاتب الكولمبي غارسيا في كتابه: Hundred Years of Solicitude ( مائة عام من العزلة)، أو الجزائري الراحل مالك بن نبي.
وسأدعك تقرأ ما كتب الشاعر العباسي المجيد بن دريد ومنه أخذنا : "... أودى به دهر على هدم المعالي حريص"، في كلمتين أخريين:

وَإِذا تَنَكَّـرَتِ الـبِـلادُ فَأَولِها كَنَـفَ البِعـادِ
وَاِجعَل مقامَكَ أَو مَقَـررَكَ جانِبَي بَركِ الغِمادِ
لَستَ اِبنَ أُمِّ القاطِنـينَ وَلا اِبنَ عَمٍّ لِلبِـلادِ
وَاِنظُر إِلى الشَمسِ الَّتي طَلَعَت عَلى إِرمٍ وَعـادِ
هَـل تُؤنِسَـنَّ بَقِـيَّـةً مِن حاضِرٍ مِنهُم وَبـادِ
كُلٌّ الذَخائِرِ غَيرَ تَـقوى ذي الجَلالِ إِلى نَفادِ

وهذه:

بِقَلبِـيَ لَـذعٌ مِـن هَـواكَ مُبَـرَّحٌ نَعَم دامَ ذاكَ اللَذعُ ما عِشـتَ لِلقَلـبِ
بِكَ اِستَحسَنَت نَفسي الصَبابَةَ وَالصِبا وَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ أزري عَلى الصَبِّ
بَذَلتُ لَهُ الدَمعَ الَّـذي كُنـتُ صائِنـاً لِأَدناهُ إِلّا في الجَليـلِ مِـنَ الخَطـبِ
بُليتُ بِبَعضِ الحُبِّ وَالحُبُّ مَوعِـدي مُجاوَرَةً بَعـدَ المَنِيَّـةِ فـي التُـربِ

فما رأيك في ابن دريد "أشعر العلماء وأعلم الشعراء»

* وترجمته كما أوردتها الويكيبيديا تقول عنه: أنه ابن دريدأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي البصري (223-321 هـ) هو عالم وشاعر وأديب عربي، كان يقال عنه: «ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء» ولد في البصرة وانتقل إلى عُمان ثم رحل إلى بلاد فارس بعد أن لبى طلب عبدالله بن محمد بن ميكال الذي ولاه الخليفة المقتدر -أبو الفضل جعفر- أعمال كور الأهوار، فلحق به لتأديب ابنه أبي العباس إسماعيل وهناك قدم له كتابه جمهرة اللغة وتقلد ابن دريد آنذاك، ديوان فارس فكانت كتب فارس لا تصدر إلا عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه وقد أقام هناك نحواً من ست سنوات [1]. مدح ابن دريد آل ميكال بقصيدته المشهورة المقصورة.
رجع إلى بغداد بعد إقامته في فارس، واتصل بالخليفة المقتدر العباسي، فأجرى عليه في كل شهر خمسين ديناراً، فأقام إلى أن توفي، فدفن في المقبرة المعروفة بالعباسية في بغداد.
كان ممن أخذ عنه: أبو الفرج الأصبهاني وأبو عبيد الله المرزباني وأبو علي القالي.
[تحرير] من مصنفاته
• الجمهرة في علم اللغة
• السرج واللجام
• كتاب الخيل الكبير
• كتاب الخيل الصغير
• كتاب السلاح
• كتاب الأنواء
• كتاب الملاحن
• الاشتقاق كتاب ضد الشعوبية وفيه يفسر اشتقاق الأسماء العربية.
• المقصور والممدود
• ذخائر الحكمة
• المجتنى
• السحاب والغيث
• تقويم اللسان
• أدب الكاتب
• الوشاح
• زوار العرب
• اللغات
ولكم مني التحية والود،،

محمد حسن خضر
الرياض
27 /2/2007م ( وعلى العهد سنكمل فبراير بالقول العذب لا المعذب، وليت الحظ منه غير يسير)

(عدل بواسطة محمد حسن خضر on 02-27-2007, 02:50 PM)
(عدل بواسطة محمد حسن خضر on 02-27-2007, 02:55 PM)