مواضيع توثقية متميزة

هنا فداسي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 09:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-24-2007, 08:32 AM

محمد حسن خضر

تاريخ التسجيل: 11-25-2006
مجموع المشاركات: 297

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا فداسي (Re: اسماء الأمين)




    دعوة!

    بلسان من أحمد ود الحاج ود معروف ( ود أم الحسن)
    وجبريل ود جبارة الله ود بلال ( البحر رايق والقعوي مضايق)
    وإبراهيم الكباشي وصاحبه الخواجة ( إبراهيم عبدله)
    والدعوة: عامة
    المكان : ديوان يوسف ود أبنعوف
    وذلك بمناسبة الاحتفال بصاحب المقامة الجاغميرية : السيد أبوبكر العاقب من قرية ود الحليو، وصحبه: ياسين عيون، فاطنة قشات ، صالح قيلاي، تلكي صالح، والحنفي المكي البكري.

    مع تحيات التجاني بدري وقسم الله إدريس،،

    هذا، وقد حدثتم من قبل في هذا المنبر، وفي الصفحة الثامنة من "هنا فداسي" بتاريخ 7/2/2007م، عن المقامة الجاغمرية، بقلم أبي بكر العاقب، ومنشؤها قرية ود حليو الأولى قبل أن تتحول إلى حاضرة وقبلة للزوار وقد أخذت بكل أسباب الحضارة وصارت من كبريات مدن المعمورة، والدعوة الآن لمتابعة ما صار إليه حال ود حليو بعد الطفرة البترولية؛ بعيون الأحبة وذكرهم لأوطانهم. ( محمد حسن 24/2/2007م) .

    - أرجو التنويه إلى طول المقال ومع الرفقة العذبة لا يمل الطريق.

    From: Abubekr Algadir Al Agib
    Sent: 21 February, 2007 09:42 ص
    To: Mohd Hassan Khadir

    Attachments: رحلة إلى ود الحليو.doc
    صباحات النور والسعادة،
    أولا يا شيخنا ، عايز أقول حاجة، ورد ذكر اسمي كثيرا في بوست "هنا فداسي" ولأسباب كثيرة لم أستطع أن أتداخل أو أشارك وأخشى أن يظن بي الناس سوءاً، حيث يجب على أن أتفاعل مع البوست وأضيف إليه ما استطعت إلى ذلك سبيلا، لكنني لسوء الحظ لم استطيع سبيلا إلى أي شيء ، حتى أضعف الإيمان (الاطلاع) ما استطعته ، على كلٍ، دونك الرحلة إلى ود الحليو ، وإن شئت فبالإمكان أن تسبقها بالتعليق التالي:

    " ود الحليو قرية صغيرة في شرق السوادن تقع على نهر سيتيت أحد روافد نهر عطبرة عند الحدود وأقرب المدن إليها هي مدينة القضارف. وهي القرية التي عشت فيها الجزء الأكبر من حياتي، تحيط بها الكثير من القرى التي تتباين ثقافة وأعراقاً مشكّلة مزيجا نادراً من السحنات والألسن وتفاصيل الحياة اليومية.
    هذه الرحلة عبارة عن محض خيال ، ربما هي ما أتمناه لتلك المنطقة من ازدهار ، وسوف يستشف القارئ الوضع الحالي لتلك المنطقة من الإشارات الواردة داخل النص، حيث أن المنطقة لم تختلف كثيرا عما كانت عليه ، لكنها أحلام اليقظة التي نعوذ بها عندما يفجأنا الواقع بما لا نطيقه.


    Best Regards,

    Abu Bekr Abdul Gadir Al-Agib
    Translation Pool,
    Consulting Center for Finance and Investment,
    Tel: +966 1 4782525 Ext. 248, 249
    Fax: +966 1 476 8021
    E-mail: [email protected]



    رحلة إلى ود الحليو

    تَسَاءَلْتُ بيني وبين نفسي ما الذي أتى بهذا الخواجة إلى هذه البقعة من العالم؟ ما ضره لو أنه بقي في دياره فمات هنالك بدلاً عن أن يموت في أرض لا يربطه بها رابط؟ ثم ما الذي دفعني إلى الإصرار عليه للحضور معي؟ وهل أكون قد تسببت في موته إن هوت هذه الطائرة؟ دارت في رأسي تلك الخواطر عندما ارتجت الطائرة واهتزت اهتزازا عنيفاً دون أن تكون لدينا أدنى فكرة عما يحدث فظن الكثيرون وأنا منهم أنها ستسقط وسنتحول إلى عنوان كبير في الصحف المحلية تسبقه الآية المعروفة من سورة البقرة.
    كنت آنئذٍ أعمل في منظمة دولية تعنى بالشئون الثقافية وكنت كثير الترحال رغم أن مقر عملي كان في مدينة جنيف السويسرية. وكان هذا الأمريكي، بيتر ماكفرسون، زميلي في العمل وربطتني به صداقة فيها عمق إذ لمست فيه ما شدني إليه من شهامة وصدق وقدرة فائقة على تقبل الحقيقة حتى لو كانت تضرب مصلحته في الصميم.
    كنت عندما يستبد بي الحنين إلى موطني أروِّح عن نفسي بالحديث عن دياري وأهلي وكان بيتر يبدي شغفاً غير مفتعل للاستماع إلى ما أقوله وكان في كثير من الأحيان يشير إلى رغبته في زيارة تلك المناطق مشيراً بلباقة إلى أنني قد شوّقته بتلك الحكايات لرؤية ذلك الجزء من العالم. كنت أحدثه عن تلك البلاد، كيف كانت في يوم من الأيام وكيف صارت وأحكي له عن التفاصيل الدقيقة لحياة الناس، أعمالهم وأنشطتهم الاجتماعية وقد كان شغوفاً بتلك التفاصيل وغالباً ما يستزيدني بالسؤال عن أشياء معينة في حياة الناس هناك.
    عندما عزمت على التمتع بإجازتي طرحت على بيتر فكرة أن يأتي معي واعتذر الرجل لكنني أحسست أن اعتذاره مدفوع برغبته في ألا يضايقني أو يثقل علي ولذلك فعلت كل ما بوسعي كي أقنعه أنني سأكون مسروراً لو أنه صحبني في هذه الإجازة وأنها ستكون فرصةً له ليرى جزءاً من العالم لم يره من قبل.
    عندما ارتجت الطائرة لم نفهم ما حدث لعدة دقائق كانت أشبه بدهر. لم أتعود في جميع رحلاتي أن يحدث مثل هذا الاهتزاز دون أن يليه توضيح فوري من قمرة القيادة مطمئناً المسافرين على متن الرحلة. بعد تلك الدقائق الطويلة جاء صوت الطيار من مكبرات الصوت "نود أن نطمئن السادة المسافرين بأن ما حدث سببه الظروف الجوية السيئة وسوف نضطر للهبوط في مطار عَبُّودة الإقليمي". التفتَ إلى بيتر سائلاً عن مطار عبُّودة وكان ذلك طبعه في استدراجي إلى الحديث فتواردت إلى ذهني العديد من الصور.
    قلت لبيتر أن عبودة كانت في يوم من الأيام قرية صغيرة بها مدرسة وشفخانة مبنيتان بالطوب والأسمنت وما عدا ذلك فإن جميع مبانيها من القش. تقع عبودة على الطريق المار من الشواك إلى ودالحليو وتمثل محطة هامة على ذلك الطريق البري غير المسفلت تقف عندها اللوريات المحملة بالركاب والبضائع للتفريغ والتحميل. كانت تلك اللوريات تحمل ما لا يخطر على بال فتجد فيها البشر والأغنام والدجاج وجوالات الذرة والسكر والبن وكراتين البضائع المختلفة والحطب ومواد البناء مثل ألواح الزنك وأكياس الأسمنت وغير ذلك. ويقع في المنطقة المحيطة بعبودة عدد من القرى مثل "أم علي" و "مَيْلَقا" و "كُبُّو قُرْمُو" التي تعتبر عبودة مركزا لها.
    كان ذلك منذ زمن ليس ببعيد. أما الآن فإن هذه الصورة أصبحت من الماضي الغابر وتغيرت المنطقة بحيث أنّ من لم يكن يعرفها من قبل لا يمكن له أن يتخيل صورتها مهما كانت قدرة الراوي على التصوير.
    عند إكتشاف المخزون الضخم من البوكسيت (خام الألمونيوم) في ذلك الجزء من البلاد دبت الحركة في المنطقة مثل مريض تعافى فجأة بمعجزة. تغير وجه الأرض وتغيرت حياة الناس وتغير كل شيء. اختفت تلك اللوريات المتهالكة وحلت محلها الشاحنات العملاقة والثلاجات المتحركة وخطوط السكة الحديد التي تنقل كميات كبيرة من البضائع. انتشرت شبكة الطرق المسفلتة وغطت المنطقة منهيةً بذلك عهداً كان فيه السفر جهنم نفسها وليس قطعة منها.
    كان الطريق الترابي الممتد من الشواك إلى ودالحليو رحلةً من العذاب في كل الفصول. في الصيف كان الطريق مترباً يثور فيه الغبار مع حركة السيارات وتشعر أن السيارة تقفز على الطريق بسبب الحفر الكثيرة وتتمايل بسبب عدم استواء الطريق في معظم أجزائه فيتأرجح الركاب داخل صندوق اللوري وهم متمسكون بالحديد الحامي. وتفعل الشمس فعلها بأشعتها الحارقة التي تسلطها على ركاب اللوري المكشوف فيتصبب العرق وتزيد عصبية الناس وقابليتهم للشجار.
    أما في الخريف فإن الحال يختلف مع تلك التربة الطينية (البادوبة) التي تتميز بها المنطقة حيث أن الطريق يتعرج بسبب مياه الأمطار التي تسده في بعض المواضع وتجعل السير فيه مستحيلاً. وفي مثل هذا الوقت فإن الطريق ينحرف بعد قرية عبودة ليدخل في منطقة ذات تربة مختلفة (عزازة) تغلب عليها المرتفعات المنخفضة (الكَرَب) مما يجعل حركة اللوري أشبه بحركة مركب في بحر متلاطم الأمواج. وعندما يتعرج الطريق يخرج عن مساره مما يجعله يمر بين أشجار الكِتِرْ والطلح التي تُعمِل أغصانها الشائكة في ملابس الركاب وجلودهم. وفي كثير من الأحيان يتعذر على اللوري الاستمرار في التعامل مع الطريق فيضطر الركاب إلى النزول أو حتى إلى تخفيف حمولة اللوري.
    ومع تغير مسار الطريق يفقد بعض الركاب ميزة مرور اللوري بقراهم فيضطرون إلى النزول في مواضع بعيدة لتكملة ما تبقى من الرحلة، طال أو قَصُر، سيراً على الأقدام.
    كان بيتر يستمع باهتمام بالغ وكانت الطائرة في هذه اللحظة قد بدأت تدور كأنها عائدة من حيث أتت. نظر بيتر من النافذة الصغيرة فرأي خلال الغبش الناتج عن الغبار أضواءاً وأبنيةً لا تبدو مثل بقية المباني في المنطقة فبادرني بالسؤال عن تلك المباني. نظرت من النافذة وابتسمت وأجبته أن هذا "مجمع ميلقا للصناعات الكيماوية".
    مرت إحدى المضيفات بجانبي فسألتها لماذا دارت الطائرة تلك الدورة فأجابت بأننا قد تجاوزنا مطار عبودة بسبب ارتفاع الطائرة ولذلك دارت الطائرة للعودة إلى المطار والهبوط بعد تخفيض ارتفاعها تدريجياً.
    قلت محدثاً بيتر أن ميلقا، تلك القرية التي كانت نسياً منسياً تغيرت كلياً. فقد كانت ميلقا في يوم من الأيام عددا من البيوت البائسة التي لا تتجاوز قبضة اليد وتفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية. لم تكن هنالك عيادة وإنما كان هنالك ممرض غير مرخص يمر على المنطقة بين الفينة والأخرى يحمل شنطة بلاستيكية مهترئة مليئة بأدوية مثل حبوب الكينا وحقن الكلوروكين للملاريا وبعض المراهم للجروح يبيعها بأسعار خيالية. ولم تكن هنالك مدرسة ومن رغب في التعليم فعليه أن ينتقل إلى عبودة بما يتضمنه ذلك من مشاق عدة. أما اللواري المسافرة من وإلى ودالحليو فلا تمر بميلقا إلا لماماً.
    بدأت الطائرة في الهبوط وعندما نظرت من النافذة بدت لي أضواء مدرج المطار باهتة في عتمة الغبار أما أضواء مدينة عبودة فقد كانت مثل الجمر الذي تغطيه طبقة خفيفة من الرماد فيتوهج في بعض المواضع ويخبو في أخرى.
    هذا هو مطار عبودة الإقليمي الذي يقوم على مساحة شاسعة من الأرض تغطيها أقسامه المختلفة التي تشمل صالات القدوم والمغادرة والصالات الخاصة وخدمات الشحن الجوي والمجمعات السكنية لموظفي المطار. عندما هبطنا في المطار أعلنت المضيفة عبر مكبر الصوت أنه غير مسموح للركاب بمغادرة المطار حيث أن الرحلة يمكن أن تقلع في أي لحظة إذا ما تحسنت الظروف الجوية.
    سألني بيتر عن المسافة المتبقية للوصول إلى ودالحليو فقلت له أن المسافة قريبة جداً فنظر إلي وابتسم ثم أردف باقتراح أن نكمل ما تبقى من الرحلة عن طريق أيٍ من وسائل السفر البرية. راقت لي الفكرة خصوصاً وأن هنالك أكثر من خيار منها القطار العادي والقطار الإكسبرس الكهربائي والبصات العادية إضافةً إلى سيارات الأجرة الخاصة. وعندما طرحت عليه تلك الخيارات قال لي أنه يفضل سيارات الأجرة الخاصة حيث أنها تتيح له مشاهدة ما حوله بحرّية إضافةً إلى إمكانية التوقف في أي لحظة.
    أكملنا إجراءات تخلفنا عن الرحلة بسرعة حيث أن ذلك الإجراء بسيط للغاية كما أن الموظف المسئول عن ذلك كان متعاوناً جداً وقد عرفت من الكلمات القليلة التي تبادلتها معه أنه من أبناء مدينة عبودة.
    استأجرنا سيارة مريحة واسعة وبدأنا رحلتنا التي لا تزيد على ثلث الساعة وطلبنا من السائق أن لا يسرع كثيراً حيث أننا نرغب في رؤية معالم الطريق واستكشافه.
    عندما خرجت السيارة من مدينة عبودة كان بيتر صامتاً ولعله عاد بخياله إلى نيويورك، مما أعطاني فرصةً للانغماس في سيل من الذكريات. مرت السيارة بخور صغير فتذكرت أنني كنت مسافراً يوماً على متن لوري من نوع انقرض اسمه (التيبر). كنت عائداً من الشواك التي كنت أدرس في مدرستها المتوسطة. وقد كان المطر غزيراً في ذلك الموسم وعندما وصلنا هذا الخور انغرزت إطارات اللوري في الوحل وتعذر خروجه رغم المناورات المتعددة التي قام بها السائق. وأخيراً هبط السائق وطلب من الركاب النزول لتخفيف الحمولة ومساعدته في جلب بعض أغصان الأشجار الجافة لوضعها تحت الإطارات.
    عندما أشرفنا على ودالحليو التفتَ إلىّ بيتر وفي عينيه نظرة معتذرة عن مقاطعته لأفكاري وسألني عن مبني يقوم على منطقة مرتفعة في أقصى غرب مدينة ودالحليو وفيه عدد من الأبراج العالية والأطباق الكبيرة. نظرت في الاتجاه الذي أشار إليه وقلت له أن هذا المبنى هو محطة دار الحِلّة للأقمار الصناعية.
    وأوضحت لبيتر أن دار الحلة هي الموقع الأصلي لقرية ودالحليو حيث تأسست هناك على منطقة مرتفعة ويبدو أن مؤسسيها رأوا في ما بعد أن الموقع ليس به مساحة مسطحة كافية لتَوسُّع القرية فانتقلوا إلى الموقع الذي تقوم عليه مدينة ودالحليو الحالية. وظلت دار الحلة مع ذلك مأهولة بعدد قليل من السكان لم يَرُقْ لهم أمر الإنتقال إلى الموقع الجديد.
    وبعد إزدهار المنطقة تمت تسوية مساحة واسعة من موقع دار الحلة وأُنشأت فيها محطة الأقمار الصناعية وتطورت المنطقة واتسعت حتى التحمت مع مدينة ودالحليو وأصبحت جزءاً منها فعاد الفرع إلى أصله.
    وصلت بنا السيارة إلى الميناء البري لمدينة ودالحليو الذي يمثل تجمعاً لكل وسائل النقل البري ويقع عند مدخل المدينة من الناحية الشمالية وحملتنا سيارة أجرة صغيرة إلى فندق باسلام في وسط المدينة حيث قمنا بالحجز لديهم عن طريق الإنترنت من مطار مدينة عبودة. كان الجناح الذي نزلنا فيه في الفندق مريحاً وكان ذلك أمراً متوقعاً إذ أن شركة ودالعاقب للفندقة وخدمات الضيافة وهي الشركة المالكة للفندق، تتمتع بموارد ضخمة وإدارة متميزة مما جعل الفندق يقفز خلال عشرة أعوام من تأسيسه إلى مصاف سلاسل الفنادق العالمية فئة الخمس نجوم وأثبت وجوده في عدد من كبريات المدن في العالم. سألت بيتر عما إذا كانت لديه الرغبة ليبدأ جولته في المدينة هذا المساء فقال أنه متشوق إلى ذلك لكنه لن يفعل ويفضل أن يرتاح في ما تبقى من هذا الليل ووافق ذلك هوىً في نفسي إذ أنني كنت أشعر ببعض التعب فدخلت غرفتي وأخذت حماماً بارداً وغرقت في نوم عميق.
    عندما استيقظ بيتر في الصباح وجدني جالساً أمام التلفاز أشاهد البرامج التي تبثها قناة ودالحليو السياحية وقد أعجب بيتر كثيراً بتلك البرامج وجودة تصميمها مما حفزه أكثر على زيارة الكثير من المواقع التي شاهدناها على الشاشة. تناولنا إفطاراً خفيفاً ونزلنا لنأخذ السيارة التي استأجرناها من شركة أبو صلاح لتأجير السيارات. لم يكن وسط المدينة مزدحماً بالسيارات مما أثار استغراب بيتر فأوضحت له أن شبكة الطرق والجسور في هذه المدينة تم تصميمها بواسطة أكبر شركة عالمية متخصصة في هذا المجال واضعةً في الاعتبار توفير العديد من المسارات الرئيسية والجانبية التي تجنب المنطقة الاختناقات المرورية. وتساهم شبكة قطار الأنفاق الحديثة التي تغطي المدينة بكاملها في تخفيف الضغط على الطرق.
    أخذْنا الطريق الدائري قاصدين جنوب غرب المدينة حتى وصلنا إلى خزان برناوي وهو سد ضخم أقيم في هذا الموقع لتوليد الطاقة الكهربائية من مياه نهر سيتيت ولتوفير المياه للري ويقابله سد آخر على نهر عطبرة. وتستخدم مياه السدين معاً لري المنطقة الواقعة بين النهرين والتي تحولت إلى مزرعة كبيرة لأشجار السنط تملكها شركة حسين العالمية للأدوية والمستحضرات الطبية والتي تستخدم إنتاج هذه الأشجار من القرض في إنتاج العديد من أنواع الأدوية. وقد ازدهرت أعمال هذه الشركة مع زيادة الوعي بأضرار الأدوية الكيماوية والتوجه نحو استخدام الأدوية المصنّعة من المواد الطبيعية مثل القرض والكركدي والسنامكّة والحرجل.
    توقفنا عند مدخل السد حيث كان هنالك عدد من الكافتيريات على جانبي الجسر واقترحت على بيتر أن نتناول مشروباً فوافق على ذلك. دخلنا إحدى الكافتيريات وجلسنا في إحدى الطاولات. كانت أرضية الكافتيريا من الزجاج المقوى بحيث تسمح للجالس بمشاهدة ماء النهر الذي يتدفق بعنف تحت الكافتيريا مثيراً كمية من الزبد. طلبت فنجاناً من القهوة وطلب بيتر عصير الجوافة الطازج.
    وعلى صوت خرير المياه حدثت بيتر أن خزان برناوي أخذ اسمه من قرية صغيرة تقع على الضفة الأخرى من النهر. كان موقع الخزان عبارة عن مُشْرَع يعبر منه الناس النهر. في الصيف يكون النهر شبه جاف فيعبره الناس على أقدامهم أما في فصل الأمطار حيث يفيض النهر فتُسْتخدم المراكب التقليدية ذات المجدافين في عبور النهر والتي تحمل الناس وأمتعتهم وماشيتهم.
    قررنا أنا وبيتر أن نعبر النهر إلى الضفة الأخرى لزيارة مدينة برناوي فقد أبدى بيتر رغبةً في رؤية مصنع الأسماك الذي أقيم في برناوي منذ فترة لتعليب الأسماك التي يتم تجميعها من نهري سيتيت وعطبرة.
    عندما دخلنا مدينة برناوي أبدى بيتر إعجابه بالتصميم المبتكر للمدينة فقد شيدت مدينة برناوي على شاطئ اصطناعي يمتد من اليابسة منحدراً باتجاه النهر حتى يلامس حافة النهر فينحدر مختفياً تحت الماء مشكلاً مرسىً جيداً للقوارب الصغيرة التي تجوب النهر صعوداً وهبوطاً خصوصاً في فصل الصيف حيث يدفع الجوُّ الحارُ الناسَ للجوء إلى النهر هرباً من حرارة الأسفلت والمباني الإسمنتية داخل المدينة.
    قمنا بزيارة مصنع الأسماك المزود بأحدث الآلات والمعدات الخاصة بمعالجة وتعبئة الأسماك والذي يشمل عدداً من خطوط الإنتاج المختلفة لتنويع منتجات الأسماك التي يتم بيعها في السوق المحلي وتصدير نسبة قليلة منها إلى بعض الأسواق العالمية.
    سألني بيتر عن المنطقة بين النهرين وعن المدن التي توجد بها فأخبرته أن بها عدداً من المدن الصغيرة التي نمت بسبب ازدهار الصناعات المتعلقة بالقرض والصمغ العربي ومن هذه المدن هنالك كعبر وكاراي وكازورو وبُنْْزا.
    بدأت الشمس تميل نحو الغرب فقررنا أن نعود إلى ودالحليو فاقترحت على بيتر أن نعود من طريق مختلف فوافق مبتهجاً بذلك. سلكنا الطريق المحاذي للنهر حتى وصلنا مدينة أوشام التي يوجد بها جسر كبير يربط بين مدينتي أوشام وودالحليو عبر نهر سيتيت الذي اتسع بسبب المياه التي يحتجزها سد برناوي. هذا الجسر تم بناؤه لربط مدينة ودالحليو بمنطقة الفشقة الزراعية والتي أصبحت أكبر مزرعة في العالم لإنتاج الحبوب الزيتية. وقد تم إنشاء خزانات ضخمة لتجميع مياه الأمطار ومن ثم استخدامها في ري المنطقة في دورة الزراعة الصيفية.
    عبرنا الجسر إلى مدينة ودالحليو التي دخلناها مع غروب الشمس ووصلنا إلى الفندق فتناولنا غداءنا ولجأنا إلى غرفنا لأخذ قسط من الراحة.


    أبوبكر عبد القادر العاقب
    الرياض، المملكة العربية السعودية
    يونيو 2006م

                  

العنوان الكاتب Date
هنا فداسي اسماء الأمين09-27-06, 05:14 PM
  Re: هنا فداسي فاروق حامد محمد09-27-06, 05:59 PM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 06:30 AM
      Re: هنا فداسي فاروق حامد محمد09-28-06, 10:23 AM
        Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-30-06, 08:30 AM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 05:57 PM
    Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين09-30-06, 05:52 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-27-06, 07:03 PM
    Re: هنا فداسي حيدر حسن ميرغني09-27-06, 07:20 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-27-06, 07:14 PM
    Re: هنا فداسي محمد عوض إبراهيم09-27-06, 11:29 PM
      Re: هنا فداسي عبد المنعم ابراهيم الحاج09-27-06, 11:37 PM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 06:41 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 06:43 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 06:59 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 07:20 AM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 03:33 PM
  Re: هنا فداسي مهدى الصادق السيد09-28-06, 09:32 AM
    Re: هنا فداسي Gafar Bashir09-28-06, 01:02 PM
      Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 03:57 PM
      Re: هنا فداسي khaleel09-28-06, 04:01 PM
        Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 05:20 PM
        Re: هنا فداسي الزنجي10-30-06, 01:51 AM
      Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 06:07 PM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-28-06, 04:59 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 05:22 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 05:40 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 05:53 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 06:41 PM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-30-06, 07:21 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-28-06, 07:22 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-29-06, 08:24 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-29-06, 08:56 AM
    العزيز سامي، وبدوري أنادي العلامة محمد حسن خضر ابي عزالدين البشري09-29-06, 09:17 AM
  هنا سامي .. هنا أسماء.. هنا الوفاء ابي عزالدين البشري09-29-06, 09:34 AM
    Re: هنا سامي .. هنا أسماء.. هنا الوفاء إسحاق بله الأمين09-30-06, 05:07 AM
      Re: هنا سامي .. هنا أسماء.. هنا الوفاء اسماء الأمين09-30-06, 07:21 PM
    Re: هنا سامي .. هنا أسماء.. هنا الوفاء اسماء الأمين09-30-06, 08:44 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-29-06, 06:46 PM
    Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين09-30-06, 08:47 AM
      Re: هنا فداسي Sana Khalid09-30-06, 10:12 AM
        Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-30-06, 03:40 PM
          Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-30-06, 06:10 PM
      Re: هنا فداسي اسماء الأمين09-30-06, 05:35 PM
      Re: هنا فداسي اسماء الأمين10-01-06, 09:09 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-30-06, 04:08 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-30-06, 05:59 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB09-30-06, 06:02 PM
    Re: هنا فداسي عبدالرحمن عزّاز09-30-06, 11:46 PM
  Re: هنا فداسي Sana Khalid10-01-06, 00:46 AM
  Re: هنا فداسي Sana Khalid10-01-06, 00:55 AM
    Re: هنا فداسي abuguta10-01-06, 02:23 AM
      Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين10-01-06, 07:17 AM
        Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين10-01-06, 08:35 AM
        Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين10-01-06, 09:03 AM
          Re: هنا فداسي مهاجر10-01-06, 03:16 PM
  الباشمهندس مكسب ابي عزالدين البشري10-01-06, 03:25 PM
  فداسي، محمد حسن، الطيب بشير ابي عزالدين البشري10-01-06, 03:47 PM
    Re: فداسي، محمد حسن، الطيب بشير اسماء الأمين10-01-06, 04:37 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-01-06, 07:45 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-01-06, 08:03 PM
    Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين10-02-06, 06:15 AM
  ما هي الخطوة القادمة؟ ابي عزالدين البشري10-02-06, 07:26 AM
    Re: ما هي الخطوة القادمة؟ إسحاق بله الأمين10-02-06, 09:16 AM
    Re: ما هي الخطوة القادمة؟ اسماء الأمين10-02-06, 04:53 PM
  Re: هنا فداسي Sana Khalid10-02-06, 08:51 AM
    Re: هنا فداسي ابوبكر الامين يوسف10-02-06, 10:22 AM
      Re: هنا فداسي اسماء الأمين10-02-06, 05:22 PM
      Re: هنا فداسي اسماء الأمين10-04-06, 08:51 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-02-06, 06:49 PM
    Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين10-03-06, 09:43 AM
      Re: هنا فداسي ابوبكر الامين يوسف10-03-06, 11:06 AM
        Re: هنا فداسي ابوبكر الامين يوسف10-03-06, 11:28 AM
          لا بد من هاتف وبريد مرجعي لهذا المشروع، أخت أسماء.. ابي عزالدين البشري10-03-06, 04:27 PM
            Re: لا بد من هاتف وبريد مرجعي لهذا المشروع، أخت أسماء.. اسماء الأمين10-03-06, 04:59 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-03-06, 04:00 PM
  نص للكاتب محمد حسن خضر ابي عزالدين البشري10-04-06, 01:29 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-04-06, 05:15 PM
  Re: هنا فداسي الرشيد حسن خضر10-05-06, 02:58 AM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين10-05-06, 03:49 PM
  Re: هنا فداسي نادر10-05-06, 04:49 AM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين10-05-06, 07:35 AM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين10-05-06, 06:26 PM
      Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين10-07-06, 09:42 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-07-06, 06:02 PM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-07-06, 06:06 PM
    صور لمدرسة أم هاجر بعد التجديد اسماء الأمين10-08-06, 06:14 AM
      محاولة شعرية اسماء الأمين10-08-06, 06:30 AM
        Re: محاولة شعرية إسحاق بله الأمين10-08-06, 08:44 AM
        Re: محاولة شعرية إسحاق بله الأمين10-08-06, 08:44 AM
        Re: محاولة شعرية إسحاق بله الأمين10-08-06, 08:44 AM
        Re: محاولة شعرية إسحاق بله الأمين10-08-06, 08:44 AM
          Re: محاولة شعرية إسحاق بله الأمين10-09-06, 03:20 AM
  Re: هنا فداسي MaxaB10-09-06, 03:43 PM
    Re: هنا فداسي اسماء الأمين10-10-06, 06:53 AM
  Re: هنا فداسي JAD10-10-06, 04:09 AM
    Re: هنا فداسي إسحاق بله الأمين10-10-06, 08:47 AM
      حذف الخبر والمزادات المعلقة اسماء الأمين10-11-06, 09:07 AM
        اللهم إرحم بابكر خضر اسماء الأمين10-11-06, 04:59 PM
          Re: اللهم إرحم بابكر خضر Elsamani A.Malik10-14-06, 04:50 AM
            Re: اللهم إرحم بابكر خضر اسماء الأمين10-14-06, 09:03 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de