تقرير لجنة د. علوب للتحقيق في 19 يوليو: الأصل و المنسوخ و الملخص

Quote: ووفقاً لتلك المباديء فإن ما تم بعد ظهر – ص 43 – يوم 19 يوليو 1971 من تحريك لوحدات من القوات المسلحة و إعتقال المسؤولين، ثم الاستيلاء على السلطة، يكون فعلاً غير مشروع وجريمة تعاقب عليها القوانين السائدة في السودان، كما يكون الإشتراك في ذلك الفعل بالتحريض عليه، أو المساعدة فيه، أو تسهيل وقوعه عن قصد، أو الدخول في إتفاق لتنفيذه، مؤامرة للاستيلاء على السلطة عن طريق القوة العسكرية. فهل وقع من الحزب الشيوعي السوداني ما يكون ذلك الإشتراك بمفهومه الذي أوردناه من قبل؟ يلزمنا أن نقرر مسألة أولية توصلنا إليها من قبل، وهي أنه منذ أكتوبر 1970 صار ما يصدر من السيد عبدالخالق محجوب والفئة المناصرة له في الحزب، من تصرفات، غير منسوبة إلى الفريق المعارض لهم في الرأي والذين تم إقصاؤهم منه قبل ذلك التاريخ ولذلك يلزمنا توخياً للدقة والإنصاف ونحن نتقصى دور الحزب الشيوعي في مؤامرة 19 يوليو، أن نستخدم تعبيراً مرناً يؤدي إلى حصر نطاق تلك المسؤولية في الشركاء، هذا مع ملاحظة أن موقف الفريق غير المناصر للسيد عبدالخالق وجماعته يوضح مدى ما بذلوه من جهد في إثنائهم عن موقفهم [الشاهد الأول ص 61 و 69]. ولذلك يلزمنا ونحن نحدد دور الحزب الشيوعي في مؤامرة 19 يوليو أن ننوه إلى أن استخدامنا لتعبير "الحزب الشيوعي السوداني" يقتصر نطاقه على المناصرين للسيد عبدالخالق محجوب مع التسليم بأن قرار حل الحزب الشيوعي السوداني يشمل الحزب كله بلا إستثناء. وقد استعرضنا من قبل موقف الحزب الشيوعي السوداني بمفهومه المحدود الذي أشرنا إليه، والذي بالإصرار على ما حدث في الخامس والعشرين من مايو 1969 على أنه انقلاب وليس ثورة، مع التشكيك في قدرة ذلك النظام الجديد على انجاز مرحلة التحول الاشتراكي ثم تطور موقف الحزب إلى نقد مغرض لكل ما يصدر عن السلطة حتى و لو كان القائمون به من أتباع الحزب فيها. ثم إنتهاء الأمر إلى معارضة صارخة لكل ما تتخذه السلطة من خطوات حتى إتخذت المعارضة صورة المواجهة و الجهر بالعداء منذ إجراءات 16 نوفمبر 1970. فتحولت المعارضة بعد ذلك إلى إثارة ضد السلطة و استعداء للجماهير عليها، و إلى دعوة للنضال ضد الوضع القائم، لتحقيق شعار سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية الذي رفعه الحزب. فمنذ مداولات [مستند أمن عام دفعة أولى رقم 12 ص 32 و 36] اللجنة المركزية للحزب في دورة مايو 1971، برزت الدعوة الصريحة لاستنهاض الجماهير وتصعيد أشكال العمل و الحركة الجماهيرية وطرح أشكال نضالية محددة لتحقيق ذلك الشعار. انطلاقاً من ذلك المفهوم بعد اعلان الثورة التنظيمية في العيد الثاني للثورة، أصدر الحزب الشيوعي منشوره المذكور من قبل في 30 مايو 1971 بعنوان "الحزب الشيوعي يرفض طريق الدكتاتورية و معاداة الشعب" و الذي اختتمه بدعوة الجماهير لتوحيد صفوفها و ابتكار الادوات و الاساليب الملائمة للنضال ضد النظام القائم و إقامة سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية [مستند أمن عام دفعة أولى رقم 10]. ففي محتويات – ص 44- هذا المنشور تحريض واضح و استعداء على مقاومة السلطة بكل الأساليب الممكنة لاقامة سلطة الجبهة التي طرحها الحزب. وأعقب ذلك إصدار الحزب الشيوعي منشوره الموضح بتاريخ 13/6/1971 [مستند رقم 22 للشاهد الأول] الذي أعلن فيه أن ثورته و فصائلها غنية و معطاءة وقادرة تماماً على إجتياز خط النهاية الذي توقفت عنده السلطة. و يقف هذا التحريض المعاصر للانقلاب قرينة على ما قام به التنظيم السري للضباط من انقلاب كان تنفيذ لما قرره الحزب ودعا إليه و على غير منأى من الاسلوب الذي حدده الحزب. و قد ثبت لنا من قبل، الحزب الشيوعي السوداني هو الذي رسم مؤامرة هروب السيد عبدالخالق محجوب و التي شارك اثنان من أعضاء التنظيم السري للضباط في تنفيذها، وهما السيدان هاشم العطا و محجوب إبراهيم، و في ذلك قرينة أخرى على حاجة التنظيم السري للضباط مسؤول الحزب عن العمل في القوات المسلحة، والذي هو السيد عبدالخالق محجوب، على تنسيق خطة الاستيلاء على السلطة والاشراف على تنفيذها. و مما يؤيد أن المـ### الذهني للضباط الذين شاركوا في تنفيذ الخطوات للانقلاب، كان يستند على أنهم يقومون بإرساء سلطة شيوعية، هو ما بدر من الملازم [الشاهد ###] الذي كان مكلفاً بتعطيل الاتصال الهاتفي بدار الهاتف بالخرطوم. فقد شهد اثنان [الشاهد 78 ص2، والشاهد 100 ص2] من موظفي تلك الدار بأن ذلك الملازم حينما سئل عن الحاصل بعد أن تم تعطيل الاتصال بناء على أمره، قام برفع غطاء رأسه ولوح به قائلاً لهم: "بقت حمراء زي دي". كما يؤيد تلك القرائن مشاركة بعض أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في الخطوات الأولى لتنظيم السلطة الجديدة، كالسيد جوزيف قرنق الذي أحضر حوالي الساعة الرابعة صباحاً من القيادة العامة من أحد المنازل الذي كان يتردد عليه السيد هاشم العطا منذ نجاح الانقلاب. وقد كان السيد جوزيف قرنق قبل احضاره يجلس امام طربيزة مع آخر في ذلك المنزل، وعليها ملف بعنوان "لجنة القوانين" كما كان السيد هاشم العطا يطلق على ذلك المنزل اسم "البرلمان" حينما كان يطلب من سائق العربة الذهاب إليه. وهو نفس المنزل الذي أحضر فيه هاشم العطا الأوراق التي أعد فيها خطابه الذي القاه في الاذاعة [الشاهد 63 ص 12، 13 و 63]. تلك هي القرائن التي تثبت اشتراك الحزب الشيوعي السوداني بمفهومه الذي حددناه من قبل في تلك المؤامرة، حتى إذا صرفنا النظر عن اقرارات صادرة من أقطاب ذلك الحزب في محاكمتهم. ورغم ذلك سنستعرض ما قاله السيد عبدالخالق محجوب في محاكمته، والتي استمعت اللجنة إلى تسجيلها بحضور العضو الممثل للقوات المسلحة في اللجنة والذي كان صديقاً للمتهم في تلك المحاكمة.