|
قناعات يجب أن تصحح
|
[B][email protected]
منذ نشأتنا رضعنا وترعرعنا على قناعات لم نحاول يوماً من الأيام اختبارها والتأكد من صحتها. ومن بين تلك القناعات أننا شعب متسامح آمن وأن العنف لن يدق على أبوابنا وإننا جبلنا على الكرم والشجاعة وإغاثة الملهوف وتربية اليتامى وغيرها من الخصال التي حبونا بها أنفسنا. قد يكون كل هذا صحيحاً. لكن هناك متغيرات طرأت على المجتمعات البشرية من بينها نحن. فكيف نصف أنفسنا بأننا شعب آمن والأسلاك الشائكة حول أسوارنا لا توجد حتى في قوانتانمو. وقبل أن نبنى المنزل نفكر في السلك الشائك ليحمينا. وأقول بكل طمأنينة واعتدال أنني قد زرت عدداً كبيراً من البلدان لم أجد أسلاك شائكة تشوه المعمار الحضاري كما هو موجود في عاصمتنا. وكيف ندعي أننا شعب متسامح ومن قبل فجر الإستقلال انخرطنا في حرب طاحنة في الجنوب واليوم نحن نخوض حرباً قاسية في دارفور ناهيك عن النزاعات القبلية التي تندلع من وقت لآخر في مكان ما وفي جهة ما؟ إلا إذا كنا نعني فئة بعينها (عندما نقول نحن) هي عنوان للتسامح والمحبة وهذه لا أعرفها. ولكن السودان على إطلاقه لا يمكن إلغاء كل تاريخه الدامي بمقولة نكتبها على كراسة الإنشاء تصفنا بأننا شعب متسامح. أثير هذه النقاط لأنبه الناس إلى عدم الإرتكان إلى مسلمات لا سند لها ستوردنا موارد التهلكة لا محالة إن أخذنا نرددها كالببغاوات. هل كنا نحتاج لكارثة بشعة مثل التي حدثت للأستاذ الشهيد محمد طه محمد احمد لنفيق ونحن نردد أن ما حدث دخيل علينا ولا يشبه السودان؟ هذا ليس دخيلاً علينا طالما أنه قد حدث هنا والعنف ليس له وجه محدد يشبه هذا القطر ولا يشبه ذلك القطر.. العنف هو العنف ومحصلته إزهاق الأرواح بأية صورة كانت. وعليه فيجب أن نتعامل مع ما يحدث بواقعية وأن كل شئ يمكن أن يحدث. وقديماً قيل: من مأمنه يؤتى الحذر. والعاقل من يتعظ بحادثة قابيل الذي هشم جمجمة أخيه هابيل. وسنكون من (الهبالة) بمكان أن نجلس ولا نفعل شيئاً حتى يطب علينا أخونا قابيل من مكان ما فيذبحنا أو يفجرنا أشلاءً مبعثرة. ويتوجب علينا أن نعرف كيف ندافع عن أنفسنا ولا ننتظر أن تدافع عنا الدولة لأنها ببساطة لا تستطيع مهما أوتيت من قوة. وليس هناك دولة استطاعت أن توفر الحماية الكاملة لأفراد شعبها. ألدو مورو رئيس وزراء ايطاليا، كاريرو بلانكو رئيس وزراء اسبانيا في عهد الجنرال فرانكو البابا يوحنا بولس الثاني تعرض لرصاصة وكذلك المستر ريجان وجون كيندي وأخوه روبرت كيندي وابراهام لينكولن وجون لينون... والقائمة طويلة وتطول وتطول.. ولذلك ليس من الحكمة أن نعتقد أننا خير من الشعوب الأخرى. وإنه ليس بالإمكان أفضل مما كان. هذا اعتقاد فوق خطأه ضار ومدمر. الخطر موجود وأقرب مما نتصور. وعلى المرء ألا يبيت على غفلة ولكن إذا جاء أمر الله فليكن ذلك من أجل أمر عظيم فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم. في هذه الأزمان العصرية لا أحد بمأمن.
آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا.
|
|
|
|
|
|
|
|
|