القصة الكاملة لأول سرقة بنك بالسودان والتي كان منفذها (عباس باركليز) !!

Quote: قصة دفع الله ود التوم كان الصبية في بلدتنا يطفشون لأبسط الأسباب وكانت وجهة الهاربين منطقة تسمى (الصعيد) لا اعرف حتى الآن أين يقع هذا الصعيد وظل هذا الاسم عند الصيبة الذين يفكرون في الهرب كلمة مليئة بالغموض والسحر ومعظم الذين نجعوا عادوا مرة أخرى والغريب أن معظمهم صادف نجاحا وأيسروا وأصبحوا من أصحاب الأملاك غير أن بعض هؤلاء الناجعين صار عبرة لمن اعتبر. من أشهر قصص النجيع عندنا قصة دفع الله ود التوم ,بعد أن قضي عامان في الخلوة بدا دفع الله حياته العملية في الساقية مع أخوه الأكبر وأبوه التوم ود أمحمد.. كانت حياته بسيطة وأحلامه متواضعة... ربي ثورين كان يحلم أن يبيعهما ويتزوج أم الحسن بت العوض ويعيش كما عاش آباؤه وأجداده..... وذات يوم نشب خلاف بينه وبين أخيه الأكبر فاحتكما إلى الأب فأنصف الأخ الأكبر, وفي فجر اليوم التالي غادر دفع الله البلدة... هلعت والدته ولم يهتم أبوه كثيرا ظنا منه أن سوف يعود بعد ساعات ولكن دفع الله لم يعد في ذلك اليوم ولا الذي يليه... ولا بعد عام ...وظلت أمه أعواما طوالا تزاور الطريق الترابي الذي يمر أعلى البلدة تتسقط أخباره لدى المسافرين سائقي اللواري القادمة من الصعيد ولكن لا احد رأى دفع الله أو سمع عنه. وذات أصيل وبعد أربعين عاما من هروب دفع الله كانت بخيتة بت النور (فازعة) تحتطب في أطراف البلدة التي توسعت كثيرا فإذا بشيخ يدنو منها قادما من مغرب الشمس, ويحمل (بقجة)على كتفه بسطت كفها اليمني ووضعتها أعلى عينيها لتخفف من أشعة الشمس فتبينت وجه القادم, شيخ طويل اللحية مهدم يجر رجليه جرا اقترب منها. - السلام عليكم - وعليك السلام. - دحين آ بت أعمي دي مي حلة ود العقيد؟؟ - بلحيل ياها. - الحمد لله... بدور بيت التوم ود أمحمد. آلاف الأسئلة دارت في ذهن بخيتة عن هذا الشيخ الغريب الذي يسال عن عمها التوم الله يرحمو.ردت عليه بسرعة: - وصلت آود أعمي,وأردفت بفضول... انت جاي من وين؟ - أنا جاي من بلدا بعيد أمشي وأسعل لمن وصلت باقي عندى أهلاً لي في الحلة دي ومطول منهن. - اهلك ناس منو؟ - أهلي ناس التوم ود أمحمد أنا دفع الله ود التوم. صمتت بخيتة دقيقة كاملة تتأمله وتذكرت دفع الله اليافع الذي كان يقف في الدلوكة ويختف شبالا من أم الحسن ويركز ليتعشى عشرة سيطان بالعنجاوي ولا يبالي بعد ذلك الشبال أين يقع السوط, دفع الله الذي هرب من القرية قبل عشرات السنين لا تدري عددها وانقطعت أخباره والآن هاهو ذا شيخ مهدم أمامها. - لا حولا ولا قوة إلا بالله.. عاد الحي بلاقي آد فع الله... أنا مان بخيتة بت النور ما عرفتني؟ - بخيتة كيفنك انك...وبابتسامة متعبة... مالك عجزتي كدي؟ ضحكت بخيتة عن أسنان لم يبقي منها كثير. - عاد عاجبني انت الما عجزتا... وين بلدك الزمن دا كلو؟ فأجابها بسؤال ملهوف... أمي وابوي حيين؟ - هي يا يابا..امك و ابوك الله يرحمن ميتين ليهم سنين ودنين. طفرت دمعة من الشيخ لم يبالي بمسحها واردفها بسؤال آخر... والسارة أختي واحمد اخوي وبلاله؟ - السارة وبلاله الله يرحمن ...علا احمد أخوك حي لكن تراهو يوما هنا ويوما هناك. - وأم الحسن؟؟ - أم الحسن الله يرحما ماتت قبال سنة ووليداتا ووليدات وليداتا رجال. سألته ما قت لي... وين بلدك وولادك وين؟؟. أجابها بحسرة ومرارة... - آبخيتة لا خليت الصعيد ولا خليت القضارف ولا خليت الحبشة ولا عندي مره ولا جنا ولا تنا. واستمر الشيخ يسأل من بين دموعه ومعظم الذين سال عنهم قد رحلوا عن الدنيا. قاطعت بخيتة أسئلته وقد عبرت غصة في صوتها: - انت آشقي الحال اسع الجابك شنو؟؟؟ ما كان تندمس في بكانك دا نامن تموت الجابرك شنو على جنس دا؟؟؟ بقي ذلك الشيخ في القرية عام أو بعضه في منزل أخيه احمد الذي لم يوليه كثير اهتمام وربما لم يشعر بعودته فقد كان في مرحلة خرف متقدمة وتوفي ودفن في ذات الأرض التي هجرها يافع وعاد إليها شيخا يحبو إلى القبر.