وداعـاً جـزيـرة تـوتـي ..!!

Quote: الأمين أحمد عبد الرحيم : حول توتي حــول ارتيـــاب أهل جـــزيرة توتـــي إزاء بنــاء الجســــر اقول: توجد بكاسي وركشات وبعض العربات الخاصة احياناً، وعربات حناطير للبضائع، أما السير على الاقدام فهو اختيار وتفضيل وليس جبراً. المعدية التي يقصدها (إدموند) هى العبَّارة الكبيرة حيث تعمل في نقل البضائع فقط وليس المواصلات: وهى مثل أي عبَّارة في السودان تعمل امام موقع تنمية ولا ارى شيئاً من الصدأ يقلل من قيمتها كوسيلة نقل. أما المواصلات النهرية لتوتي فهى مجموعة من قوارب صغيرة (فلوكات) إذ يمكنه ان يقول هى الرابط الوحيد بالمدينة التي يقصد بها الخرطوم، وليته اطال جولته حتى يعلم أن هناك مرسى آخر يربط توتي بالخرطوم بحري وثالثا يربط توتي بام درمان وتعمل فيهما عين هذه (الفلوكات)، ثم اتعجب لهذا (الخواجة) الذي ربما دخل توتي عن طريق الخرطوم نائماً.. إذ لم ير الفلوكات في المرسى بالرغم من كثرة عددها واختلاف احجامها. يقول (إدموند): ( ولكن سرعان ما سيكتمل إنشاء جسر معلق بطول 200 ياردة، وأن الطريق الجديد سيحمل شيئاً من العالم الحديث ربما يقضي على مقاومة توتي الشهيرة وذلكم الشيء هو المال) اقول: إن هذا المال المتمثل في الورق والسيولة التي تتوقع دخولها عبر الجسر ربما تنفع من ينتفع بها من اصحاب المشاريع الاستثمارية والعاملين تجاههم وذلك إذا صدقت التوقعات المخدومة بالدعاية، ولكن هذه السيولة مهما فعلت فلن تستطيع القضاء على إرث حضاري يبلغ من العمر 700 عام، وانت تشهد له بذلك في اقوالك الاولى. واقول ايضاً: ان هذه الفقرة التي صاغها (إدموند) تعتبر من الحديث الرسالي الذي أتى لاجله ليشكك المواطنين في المستقبل إن كانوا على حال البقاء. يقول (إدموند): ( ومواطنو توتي الذين كانوا ذات مرة يتحدثون وهم يقفون في شوارع توتي الضيقة المتسخة وفي أسواقها الصغيرة عن الزيجات القادمة في الجزيرة أو يفكرون حول الفيضانات الموسمية تجدهم الآن يتبادلون القصص حول أسعار الاراضي). أقول : تبادل القصص حول أسعار الاراضي ليس معمماً عند كل المواطنين بل هو حق مكفول لدى البعض الذين يهمهم هذا الامر وربما يصير هماً مؤقتاً عندهم ينتهي بعد افتتاح الجسر واتضاح الصورة النهائية لمستقبل توتي الاستثماري المدرج في علم الغيب، اما الحديث عن الزيجات والفيضانات الذي يعتبره هذا (الخواجة) صفحة مقلوبة فليعلم انه الصفحة اليومية الدائمة القراءة لمواطني توتي مهما طال الزمن وتلونت البيئة بالحداثة، لأنها الصفحة التي نما بها وجدان هذا المجتمع وكتب حضارته تاريخاً وإبداعاً، فصدق لو قلت لك أن هذه التقاليد والمواقف صارت روحاً لادب بعض كبار شعرائها مثل ( الشيخ/ بر محمد النور، والاستاذين/ الشيخ عمر الضو، والامين مصطفى خليفة). وأقول ايضاً: استعمل (إدموند) في هذه الفقرة عبارات لا تنطبق معانيها وصفاتها على هذا المجتمع (كالجزيرة الفقيرة)، كيف تكون كذلك ولا يوجد بها متسولون؟ وبحمد الله فإن تكافل الاسر في توتي يتحدى كل مظاهر الضعف. ويقول (إدموند): ( يتحدثون وهم يقفون في شوارع توتي المتسخة) اقول: إن هناك مواضع للنفايات ربما وجدت في بعض الأحياء، ولكن الشوارع كما وصفها ليست بهذه الصورة، ولماذا لم تلفت نظره المظاهر المشرقة لحقائب جمع النفايات المعلقة على معظم الاعمدة والجدران في كل الاحياء والتي قامت بإعدادها إدارة مسجد الشهيد/ محمد الطيب؟ أم أن عينه لا تبصر إلا ما كان هدفاً لإعلامه ورسالته الغامضة. يقول (إدموند) كانت اسعار الارض قبل 51 سنة اقل من 10 دولارات للمتر المربع أما اليوم فإنها تباع بمعدل 300 دولار حيث تبلغ الاسعار المطلوبة حالياً 650 دولارا وليتوقع المستثمرون بعد اكتمال الجسر هذا العام ان يبلغ سعر المتر 1000 دولار ربما يجعل الجزيرة في مصاف اغلى المناطق المجاو،رة لها في الخرطوم). اقول: لعدم إدراكي الجوانب الفنية البحتة في شأن أسعار الاراضي فقد قمت بالرجوع الى أحد العاملين في وساطة بيع وشراء الاراضي بتوتي لاعانتي بالمعلومات المذكورة أدناه:- 1/ تقديره للسعر قبل 51 عاماً صحيح. 2/ السعر الحالي للمتر المربع يبدأ من 57 دولاراً للادنى و521 دولاراً للمتوسط و571 دولاراً للاعلى. 3/ السعر المطلوب في الجروف يبدأ من 300 دولار للادنى 400 دولار للاعلى بيد انه صار اماني معلقة ولم يتحقق بعد. 4/ أما سعر المتر المربع الذي سوف يصل الى 1000 دولار بعد إفتتاح الجسر فيكون ذلك في علم الغيب. واقول (لإدموند) ايضاً: ما رأيك في هذه الأسعار التي يعمل بها احد خبراء وساطة البيع وشراء الاراضي في توتي. واقول له: أما العبارة ( مما يجعل الجزيرة في مصاف اغلى المناطق المجاورة لها في الخرطوم) ففيها ضرب من الدعاية ذات الاغراض الغامضة الموضوعة لتحريض المواطنين للقيام بالتنافس والتسابق الى تجهيز مستندات البيع. يقول (بروفيسور عبد الحميد احمد محمد): (لقد عاشت اسرتي 700 سنة فكيف لنا أن نغادرها) ويقول ايضاً اذا عرض عليه مبلغ 500 دولار للمتر المربع سيقبل العرض ويضيف قائلاً سوف يستغل المبلغ لشراء قطعة اخرى في الجزيرة، أو أنه سينتقل الى مكان آخر في الخرطوم ويبتاع مشروعاً تجارياً صغيراً). اقول : بروفيسور عبد الحميد له ملكة متقدمة في مزج ترتيب افكاره مع استغلال الذكاء، فقد كانت عبارته الاولى ( لقد عاشت اسرتي) من صميم استغلال هذه الملكة فهو يستعد لاسترسال الحيثيات التي بعدها المتمسكة بهذا الإرث التاريخي، ولكن دهاء ومكر الخواجة (إدموند) الرسالي الموجه لاهداف اخرى طرح عليه سؤالاً محفزاً خلق له شيئاً من الضبابية وجعله يستجيب للبيع ثم الشراء داخل توتي في مرحلة، وفي اخرى خارج توتي، وما اراده (إدموند) من طرح السؤال الثاني هو ضمان استسلام الطبقة المستنيرة من المواطنين لمبالغ البيع الخرافية المفترضة وهمياً والموافقة على الخروج من توتي بالرضاء ثم حث الغير على ذلك ويكون (إدموند) قد بلغ أهدافه دون مشقة، فهذا هو ديدن الخواجات حيث يفلحون مصالحهم المؤسسية في تربة النوايا الحسنة والحوارات البريئة ويراقبونها بالابتسامة البيضاء باسم منظمات تحمل أسماء خالية من أجندة الشك. يقول احمد عبد الحميد (شاب صغير): ( توتي جزيرة عظيمة لكنني اريد ان ارى أشياء جديدة) وأقول : كان على الخواجة (إدموند) ان يسأل الشاب الصغير احمد عن خلفية نشأته اولاً، حيث يجده قد عاش فترة طفولته وصباه في امريكا، لذلك يريد ان يرى أشياء جديدة، واقول لاحمد ربما لا ترى هذه الأشياء بنفس المستوى الموجود في امريكا لأنك كما تعلم انهم يعملون بنظام رأسمالي قوي، وكل دولار يصرف تجاه صناعة جماليات او زينة او إنشاءات معمارية لابد ان تسبقه دراسة اقتصادية دقيقة التفاصيل تعود بأرباح وضمانات لفائدة مستمرة قبل ان يبيت ضيفاً في ذاكرة الزوار السائحين. واقول لاحمد: هل يستطيع هؤلاء المستثمرون في جزيرة توتي مهما تمكنوا من زمام الثروة والمال ان يأتوا لك بأحلام تماثل ما رأيته في واقع القارة الامريكية؟ ولو اتوا بالقليل منه سوف لا يشبع رغبتك حتى لو كان جديداً على السودان وتوتي معاً. واقول له ايضاً: بما أنك شاب مستقيم تغلب عليك صفة التدين والثقافة الاسلامية الحميدة فالمطلوب منك الآن المساهمة في إدارة حوارات مع بقية الجيل من الشباب، لالتقاط وجني ثمار إيجابية تصلح لتقييم كل ما يستجد في الحضارة العصرية من الناحية الشمولية أو فرعياتها فالتقنية الحديثة خير رفيق لكم وذلك بدلاً من الاستسلام والتأمل ومشاهدة (هذه الأشياء الجديدة) المرتقبة. يقول (إدموند): ( وتجد توتي نفسها تقف على حافة اطمح مشروع بليونيري في الدولة، مجموعة من ناطحات السحاب والابراح المكتبية فعلى طرف المدينة نجد جسر توتي الجديد ينتهي عند أحد المعالم الاحدث للمدينة وهى فندق برج الفاتح ..الخ). اقول: ناطحات السحاب في السودان معدومة ولم يحن وقت وجودها حتى الآن، ولأن (إدموند) يخاطب كل العالم وليس اهل توتي فقط فهو يقوم بتقديم بطاقة دعوة تحمل معلومات غير صحيحة - للمستثمرين الذين لا يعرفون كثيراً عن السودان. أما (اطمح مشروع بليونيري) فهو في علم الغيب لأن الطموح رغبة حاضرة والنتائج تقييم مستقبلي، واحسب ان هذه العبارات هى مجرد راية مرفوعة تقوم بغرض إغراء المستثمرين وتشكيك مواطني توتي في اللحاق بقطار المستقبل اذا لم يستجيبوا لمثل هذه النداءات والدعايات، يقول (إدموند): (إن المخططين ينظرون لتوتي بإعتبارها منتزهاً للسياح والاثرياء من السودانيين لتستبدل ملاعب الغولف والكازينوهات وفنادق الخمسة نجوم والابراج المترفة ببساتين المانجو وارضها الرطبة، وستحول المشاريع التي تعد لإنشاء جسرين إضافيين هذه الجزيرة الى دائرة حركة مرورية عملاقة محدثة طرقاً مختصرة الى مدن الخرطوم الثلاث الكبيرة) اقول : هذا امتداد للدعاية السابقة، ثم من هم هؤلاء المخططون؟ ومن اين اتوا؟ هل هم سودانيون يعملون لصالح البلاد؟ ام لصالح مؤسسات اجنبية ترتبط بها مصالحهم الشخصية؟ أم هم أجانب يعملون لمصالحهم فقط؟، وهناك سؤال آخر لم يطرح، وهو إجانب يعملون لمصالح السودان، إذ هو لا يحتاج الى اجابة، فإن كان (إدموند) قد وضح في صياغ العبارة ما يغني عن هذه الاسئلة لكفانا شر التفكير في الغموض المزدوج، فالسؤال الذي ينبغي ان يطرحه كل سوداني هو ماذا خلف الستار؟ اقول ايضاً: واذا كان الهدف له موطئ قدم من ناحية جمالية لماذا لا تتم الاستفادة من وجود بساتين المانجو التي صاغت جمال هذه الجزيرة ومجتمعها بدلاً من استبدالها دون المشاركة، فتجربة الاستفادة من الطبيعة قد نجحت في قاعة الصداقة حيث استفاد المهندسون الصينيون من إبقاء عدد كبير من نخيل حديقة الاوقاف لتزيد من جمال حدائق القاعة الجديدة. اما الهموم عندما تكون استثماراً فقط فعلى الدنيا السلام .. واقول على العموم نحن نرحب بالكباري والجسور والحركة المرورية السريعة والمشاريع الاستثمارية اذا كان عائد كل ذلك متعلقاً بتنمية الوطن الكبير (السودان) والمجتمع الصغير (توتي) اما اذا كان لمصالح شخصية فقط فعلى الدنيا السلام كذلك. يقول الفاتح عبودة : بعد اقوال ادموند في الفقرة الماضية ..(هذه هي توتي الجديدة) اقول : رأيت الفاتح عبودة اكثر من مرة في مناسبات ومحافل متعددة داخل جزيرة توتي حيث يبدو انه شخص مهذب وهادئ الطبع مما جعله يتمتع ببعض علاقات وصداقات تارة فردية واخرى جماعية ، اما في أول تعقيب له علي حديث (ادموند) عبارة (هذه .. الخ) . فاقول : لا يجوز له ان يصرح بهذه العبارة لانه ليس الجهة او المؤسسة الرسمية التي تتحدث باسم توتي فله الحق في الحديث تجاه مشاريعه الاستثمارية وماحولها ، ويقول : عبودة عن نفسه : (إنه اكبر مالك أرض بجزيرة توتي حيث يمتلك 15% من عقارات الجزيرة) . اقول : ربما كان ذلك حقيقة ولكن التصريح بمثل هذا القول لصحافة عالمية او اعلام دولي لا يجوز لانه يعني ويعني الكثير ، فالزهد في هذا الامر مطلوب ، افلا يذكر قصة صاحب البستان في الآية الكريمة (انا اكثر منك مالاً وأعز نفراً) ماذا حدث له في الغد ؟ . واود ان اذكره ان كبار ملاك الاراضي في توتي عندما كانوا بالامس (حاج فلان وشيخ فلان وعم فلان من اهل توتي لم نسمع منهم ولا من اولادهم ولا من احفادهم مثل هذا التصريح لانهم يدركون تماماً أن المال والاستثمار ليس كل شئ وأن وقار المجتمع لهم هو الفيصل بين الكلمة والفعل). يقول (ادموند) حينما حاول وصف مكتب الفاتح عبودة مقارنة بالمنازل : (ففي مكتبه المصقول ذي الزجاج الازرق الذي يقف مغايراً لمنازل توتي المبنية من الطوب وذات الجدران الطينية ، تجد نماذج وخرائط للمشهد الجديد بالجزيرة). اقول : مباني المؤسسات والشركات في كل الامكنة لا تشابه مباني المنازل فيها لان خبراء المعمار على مر الدهور يقومون بتصميم الخرائط على حسب الاغراض ، فخرائط المنازل للسكن: والجملونات للمصانع والصالات الفارهة للاجتماعات او الترفيه او المكاتب. اما عبارات (ادموند) السابقة فقد وضعت لاداء مهام لها ادوار خلف الكواليس يكمن فيها الاستفزاز الموجه. يقول الفاتح عبودة ان سكان توتي كانوا متشككين، في البداية كان الأمر بالنسبة لهم استهانة حيث حاصر الدهماء مكتبه ومزقوا لوحة اعلانات شركته). اقول : هنالك وقفة قصيرة عند كلمة (Mobs) الواردة في نسخة اللغة الانجليزية للخواجة (إدموند) إذ تعني ثلاثة مترادفات في القاموس (غوغاء ـ رعاع ـ سوقة) كما تعني الحشد من الناس ، فأتمنى ان يكون قد اختار هذه الكلمة (ادموند) ، وإذا اختارها الفاتح عبودة أن يكون قد قصد بها المعني الرابع خارج الاقواس حتي نستطيع ان نبرئ اللسان السوداني من مثل هذا التعبير. اما عن موضوع اللافتة فأقول : إنها قامت على انقاض (دعاية الكولا) الكبيرة التي كانت منصوبة على الساحل الجنوبي للجزيرة اى يسار المرسى لتقرأ من قاعة الصداقة او من نافذة اى عربة مارة في شارع النيل علي طول حدود المنطقة الممتدة من المنتزه العائلي غرباً حتي ديوان المراجع العام شرقاً حيث كتبت عليها عبارة (توتي جزيرة الأحلام) بحجم كبير جداً مما جعل المواطنين يتحركون في موكب من مسجد توتي الكبير عقب صلاة الجمعة حيث قاموا بتمزيق مشمع (الفلكس) الذي يحمل عنوان اللافتة فقط ، ولم تمتد اياديهم لشئ آخر ، فأى استعلاء مثل هذا يوجه بغرض تهميش هوية مجتمع بأكمله ثم يتعجب لعجالة رد الفعل ؟ . اقول واكرر ان صاحب المشروع يملك 15% من مساحة الاراضي بالجزيرة (كما ذكر) ، ولكنه لا يملك كل الجزيرة بما فيها بقية العقارات والسيادة علي المواطنين حتي يتكرم بصياغة عنوان للجزيرة (توتي جزيرة الاحلام) الذي هو اشبه بعناوين كتب قصص الف ليلة وليلة ، يقول الفاتح عبودة : (لم احصل على الجنسية (التوتية) ولكنني مقبول لديهم) ، اقول : إن هذا الحديث الذي جاء علي صورة المزاح طيب للغاية يؤكد حقيقة الرغبة في نيل هذه الجنسية والمقصود بها الانتماء لتوتي ، واذكره بأن اكبر دول العالم تستطيع ان تمنح جنسيتها لغير مواطنيها في كثير من حالات الاقامة المستديمة ، او للجوء السياسي طويل الأمد ، او غير ذلك اذا توفرت مصالح اخري في الغالب سياسية مشتركة او عماله .