مفاجاة من العيار الثقيل : الناصريون والبعثيون يتوحدون مع المؤتمر الشعبي في كيان واحد !!

Quote: تقاربها المفاجيء مع «الشعبي» يثير التساؤلات! وحدة التيارات العروبية.. تكتيك مرحلي أم إحساس بالخطر؟ تقرير: مزدلفة محمد عثمان فجأة وبدون اي اشعار مسبق اكتشفت مجموعة القوى العروبية الحديثة بان هناك قواسم مشتركة تجمعها باكثر التيارات الاسلامية المثيرة للجدل وهو حزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، ويبدو ان التقارب المفاجيء بتلك الشاكلة اثار دهشة المراقبين ودفعهم للتساؤل عن ما اذا كانت دوافعه استراتيجية مسنودة بأجندة سياسية وفكرية ام هي خطوة تاكتيكية تفرضها متطلبات المرحلة بين اطراف عزلتها الاحداث السياسية وقذفت بها خارج دائرة الفعل السياسي، وتبدو الفرضية الثانية هي الاكثر ترجيحا لكن من منظور مختلف بعض الشيء فالتطورات التي تشهدها الساحة الداخلية تفرض على القوى السياسية كافة حتمية تناسي المرارات وتدفعها بقوة الى ضرورة التكتل والتوحد لمواجهة خطر التدخل الاجنبي الماثل عبر بوابتي دارفور وشرق السودان، وكما يقول الامين العام للحزب الاشتراكي الناصري مصطفى محمود الذي تصدى لقيادة مبادرة وحدة التيارات القومية، فان الخطر القادم يتهدد السودان ككل ويكاد يجزم في حديثه مع «الصحافة» بأن البلاد باتت على حافة احتلال اجنبي وبغض النظر عن مدى سيطرته على الاوضاع الا ان سياسة الحكومة كما يقول محمود تدفع بقوة الى اتجاه الاحتلال الكبير، ويشير الى ان القوى القومية العروبية تتجه فعليا الى اعلان توحدها بعد الشعور بأنها مستهدفة، ويؤكد ان تيارات البعث بمختلف اجنحتها والقوى الناصرية جميعها تنوي التوحد تحت مظلة واحدة تتسع بعدها لكل الاحزاب السياسية ويضيف محمود بأن الاتصالات لحشد التأييد لذلك التكتل ممتدة مع قوى التحالف الديمقراطي وتحديدا حزب الامة، ولكنها مع المؤتمر الشعبي اتخذت خطوات اكثر عمقا ـ وفقا لتعبيره ـ ويكشف عن ان التحالف بتلك الكيفية سيقود الى تكوين جسم قومي اسلامي لكنه منفتح على الجميع ما دام الكل يتفق على محوره الاساسي المتمثل في مواجهة المخططات الاجنبية. ويرى محمود ان حزب الترابي وبعد المفاصلة الشهيرة بينه والمؤتمر الوطني دفع باستحقاقه كاملا ونفض يده عن السلطة بل ساند بقوة اطروحات الديمقراطية والحرية والانفتاح. ويشير الى ان التيار الاسلامي في السلطة ـ في اشارة الى المؤتمر الوطني ـ مطالب بالتوحد مع القوى القادمة وتحمل مسؤولياته كحزب حاكم في تحقيق مناخ ديمقراطي مع التخلي عن الممارسات غير الرشيدة في الجامعات. ولكن يبدو ان دخول المؤتمر الشعبي في قائمة التيارات القومية العروبية لا تلقى مناصرة وتأييد كثير من القوى الحديثة التي لا زالت تتشكك في نوايا الحزب بوصفه يتحمل بشكل اساسي مجيء الانقاذ في العام 1989 بل قيادته الثورة على الحكومة الديمقراطية من خلف الواجهة العسكرية، ويعترف القيادي في حزب البعث السوداني محمد وداعة بوجود تحركات لتوحيد القوى العروبية ممثلة في تيارات البعث المختلفة والناصريين بجناحيهم. ولكنه يؤكد ان المؤتمر الشعبي لم يكن مضمنا في حلقة الاتصالات، بينما يكتفي حزبه بمحاورة المؤتمر الوطني ضمن منظومة التجمع الديمقراطي. ويرى وداعة في حديثه لـ «الصحافة» ان وحدة التيارات القومية لا زالت في طور النوايا الطيبة لمواجهة حالة الاستهداف الخارجي ونذر التدخل الاجنبي الذي من شأنه احالة السودان الى ما يشبه الصومال والعراق، ويعتقد ان المشروع القادم كبير ولا ينبغي تعريضه للمخاطر بالتعجل والعاطفة وانما تدارسه بنحو اكثر جدية.. وينبه الى ان حزب البعث بدوره يعيش مرحلة تجميع لتياراته المختلفة استعدادا لمتطلبات المرحلة وان الدعوات لتوحيد الصف البعثي انطلقت بقوة في اعقاب وفاة بدر الدين مدثر.عضو القيادة القطرية لحزب البعث.وتمنى وداعة ان تطرح الرؤى المتكاملة والجادة للقضايا تمهيدا لانجاز المشروع الجديد ويقطع بأن الصعوبات امام توحيد البعثيين تبدو منعدمة اذا خلصت النوايا سيما وان المعيقات تحتاج الى قدر متعمق من الحوار في مسائل الاولويات المتصلة بالديمقراطية والسلطة بجانب العلاقة مع القوى الوطنية فضلا عن العلائق الدولية وتحديدا سوريا والعراق. ويرهن وداعة النتائج الايجابية المرجوة من تلك التحركات بادارة حوار جاد قد يؤدي في نهاياته الى اتفاق يؤطر القضايا في خانة متقدمة اذا كان التوحد صعبا. ولكن الامين السياسي للمؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة يبدي قدرا اكبر من التفاؤل بالقول إن حزبه قاد حوارا متطورا مع القوى العروبية ويسمى الناصريين والبعثيين والتحالف الديمقراطي بقيادة عبد العزيز دفع الله والمؤتمر الوطني السوداني بزعامة ابراهيم الشيخ وحزب العدالة وغيره من القوى التي وصل معها الحوار الفكري كما يقول رحمة مراحل بعيدة وتكشف خلالها تطابق الرؤى في ان المد العربي والاسلامي يعتبر المكون الاساسي للحضارة السودانية الحديثة بجانب اتفاق الجميع على رفض الهيمنة الاجنبية والآحادية الممثلة في الامبريالية الغربية بقيادة امريكا وتوابعها بجانب التفاف كل تلك القوى حول افضلية النظام الفدرالي لحكم السودان واعتماد الحريات والديمقراطية اساسا للحكم الراشد ويؤكد ان التطابق بذات القدر في الرؤى ينعكس على حزب الامة القومي. اما الامين السياسي للحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري ساطع احمد الحاج فيؤكد الانهماك في تنظيم صفوف الحزب الداخلية لكنه يشير في حديث مع «الصحافة» الى ان حزبه لم يكن طرفا في الاتصالات الرامية لتكوين جبهة تنظيمية جديدة يشارك فيها الشعبي والقوى العروبية غير انه يستدرك بالقول ان المرحلة الحالية لا تستوجب المزيد من التفكك والانقسام ولكنها تقتضي تجميع القوى وعدم عزلها كما السابق، والخطوة الاهم بعد تجميع الصفوف كما يقول ساطع هي تكوين جبهة للقوى القومية. والملاحظ ان طرح الفكرة التوحيدية القادمة بتلك الكيفية اثارت قدرا غير متوقع من ردود الافعال المؤيدة والمستنكرة فالخطوة حال اكتمالها بالترتيب الذي تنشده التيارات القائدة للفكرة تلقى بحجر كبير في بركة السياسة السودانية بل قد تحدث انقلابا غير مسبوق على التحالفات القائمة حاليا فالمراقبون السياسيون يعتقدون في توحد العروبية والاسلاميين خطرا على فكرة السودان الجديد التي تتولاها الحركة الشعبية الشريك الرئيس في الحكم، وتناصر لاجلها الجنوح الى الافريقانية وترى في توجيه السودان صوب العروبة والاسلام ظلم للهوية الاخرى الممتدة جنوبا وغربا وتضع نصب عينها النموذج التنزاني حيث يقود تلك البلاد رئيس مسيحي برغم ان غالبية اهلها من المسلمين وفي المقابل فإن العروبيين والاسلاميين يرون الوقت الحالي مناسبا لاعلان توحدهم باعتبار انهم مستهدفون من امريكا والدول الاوربية. فالفكر الناصري قضى عليه في مصر وضربت مجموعة عدن فضلا عن ان محاولات ضرب سوريا بعد العراق الآن تبدو بائنة لمحاصرة الفكر العروبي اما الاسلاميين في السودان وايران وجنوب لبنان وتحديدا ممثلا في حزب الله فهم مستهدفون بقوة من امريكا واوربا. ولذا فان القواسم التي تجمع الاسلاميين بالقوميين العرب تبدو مميزة وكما يقول مسؤول سياسي رفيع تحدث لـ «الصحافة» فان العلاقة بين الاسلاميين والقوميين كانت ممتدة منذ اوائل التسعينات حيث كانت الخرطوم مقرا للمؤتمر الشعبي العربي والاسلامي بزعامة حسن الترابي وينوبه ابراهيم السنوسي بينما كان معلوما ان الحكومة الاسلامية في السودان ناصرت بلا مواربة وعلى عكس غالبية الدول العربية العراق في حرب الخليج. ويقول مصطفى محمود الامين العام للحزب الناصري ان التحالف في المشروع القادم قادر على قيادة خط المواجهة بغض النظر عن الانتماء التنظيمي ومع قوله ان الاحزاب التقليدية ممثلة في الامة والاتحادي ليست طرفا في ا لمشروع الجديد باعتبار انها قامت على الولاء لاشخاص مترددين ومتشككين في اي خطوات مشابهة الا انه اكد ان جماهير الحزبين تساند المشروع ولن تبخل بتأييدها عليه ويذهب محمود الى الابعد بالقول ان الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني لا يستوعبان الخطر الامريكي على السودان والحاجة الفعلية لمواجهته، ويشير الى ان الاستهداف الحقيقي مصوب نحن التيارات القومية والاسلامية بوصفها مشروعات معادية للغرب، ويؤكد ان الاعلان عن التحالف بشكله الجديد بات وشيكا وان الجسم الجديد سيعلن تحت لافتة ومسمى جديد لكنه منفتح على الآخرين ولا يستبطن اي نظرة عدائية للآخرين بنحو لا يمنع ان تتحالف كافة القوى مع بعضها بعيدا عن النظرة الاستعلائية. ويشير محمود الى ان التيار الاسلامي الموجود في الحكومة يعاني من قدر من التشكك والضبابية تجعله بعيدا عن الفكرة المطروحة بينما اعطى البعد عن كراسي السلطة للمؤتمر الشعبي قدرا من النقاء والمزيد من الانفتاح نحو الآخر.. ويضيف محمود بالقول ان الخطر الذي يواجه الكتلة التاريخية يستلزم ان تتوحد وتعلن تكاتفها قبل حلول مارس باعتباره التاريخ المرشح عالميا لان يشهد السودان تحولات جذرية على الارض. وتظهر مسألة التحالفات مع الآخرين قدرا من التباعد بين رؤى القوميين انفسهم فحزب البعث السوداني يرى على لسان محمد وداعة ان احزاب الامة والاتحادي من الاهمية بحيث لا يجب تجاوزها في المرحلة القادمة ويدعو لان يشمل الحوار كافة القوى الشمالية والجنوبية للثبات على مباديء الديمقراطية وحقوق الانسان مع التصدي للتدخل الاجنبي. ولكن وداعة يظهر يأسا من انضمام المؤتمر الوطني الى المنظومة ويتشدد على اهمية ان يتخلى عن هوايته في شق الاحزاب ويمارس مسؤولياته في كشف الفساد مع الاهتمام بتنفيذ اتفاقياته خاصة الموقعة مع التجمع في القاهرة.ويؤكد بشير آدم رحمة استعداد المؤتمر الشعبي للتحالف مع القوى الاخرى وفق المباديء الاساسية الخاصة باحترام الحريات وحقوق الانسان والديمقراطية ويؤكد ان حزبه لا يقدس الاسماء التنظيمية خاصة وان الحركة الاسلامية بدلت اسمها اكثر من مرة منذ ان كانت تنظيما للاخوان المسلمين ثم الميثاق الاسلامي الى الجبهة الاسلامية وبعدها المؤتمر الوطني ثم المؤتمر الشعبي الذي اتسع ليضم بدوره غير المسلمين. ويشير مراقبون الى ان وحدة التيارات العروبية القومية باتت مسألة وقت بالاستناد على ان خلافاتها السابقة كانت تنظيمية بحتة ولا تقوم على اساس فكري وان توحدهم تحت مظلة واحدة بات وشيكا طالما استشعروا ان الامر يستهدف وجودهم كعرب.